تقدير التعويض. أمر موضوعي، بشرط إحاطة الحكم بعناصر المسئولية المدنية.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 19 - صـ 223
جلسة 19 من فبراير سنة 1968
برياسة السيد المستشار/ مختار مصطفى رضوان نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد الوهاب خليل، ونصر الدين عزام، ومحمد أبو الفضل حفني، وأنور أحمد خلف.
(40)
الطعن رقم 1841 لسنة 37 القضائية
( أ ) تعويض. مسئولية مدنية. "أركانها". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير التعويض".
تقدير التعويض. أمر موضوعي، بشرط إحاطة الحكم بعناصر المسئولية المدنية.
(ب) وصف التهمة. دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره".
تغيير المحكمة التهمة من سرقة إلى غش تجاري دون لفت نظر الدفاع. إخلال بحق الدفاع.
(ج) دعوى مدنية. "إجراءات نظرها". دعوى جنائية.
لا علاقة للمدعي بالحقوق المدنية بالدعوى الجنائية وليس له استعمال ما تخوله من حقوق.
1 - من المقرر أنه وإن كان تقدير التعويض من سلطة محكمة الموضوع تقضي بما تراه مناسباً وفقاً لما تبينته من مختلف ظروف الدعوى وأنها متى استقرت على مبلغ معين فلا تقبل المناقشة فيه، إلا أن هذا مشروط بأن يكون الحكم قد أحاط بعناصر المسئولية المدنية من خطأ وضرر وعلاقة سببية إحاطة كافية وأن يكون ما أورده الحكم في هذا الخصوص مؤدياً إلى النتيجة التي انتهى إليها.
2 - لا يخول القانون المحكمة أن تعاقب المتهم على أساس واقعة لم تكن مرفوعة بها الدعوى عليه دون أن تلفت الدفاع عنه إلى ذلك. ولما كانت الجريمة المنصوص عليها في المادة 318 من قانون العقوبات التي رفعت بها الدعوى الجنائية على الطاعن وجرت المحاكمة على أساسها تختلف في أركانها وعناصرها عن الجريمة التي دانته المحكمة بها بمقتضى المادة الأولى من القانون رقم 48 لسنة 1941، وكان التغيير الذي أجرته المحكمة في التهمة ليس مجرد تغيير في وصف الأفعال المسندة إلى الطاعن مما تملك المحكمة إجراءه بغير سبق تعديل في التهمة بل يجاوزه إلى إسناد واقعة جديدة إلى الطاعن وإلى تعديل في التهمة نفسها لا تملكه المحكمة إلا في أثناء المحاكمة وقبل الحكم في الدعوى وبشرط تنبيه المتهم إليه ومنحه أجلاً لتحضير دفاعه بناء على التعديل الجديد إذا طلب ذلك عملاً بالمادة 308 من قانون الإجراءات الجنائية. فإن الحكم المطعون فيه يكون قد بني على إجراء باطل مما يعيبه بما يوجب نقضه.
3 - لا يملك المدعي بالحقوق المدنية استعمال حقوق الدعوى الجنائية أو التحدث عن الوصف الذي يراه هو لها وإنما يدخل فيها بصفته مضروراً من الجريمة التي وقعت طالباً تعويضاً مدنياً عن الضرر الذي لحقه، فدعواه مدنية بحتة ولا علاقة لها بالدعوى الجنائية إلا في تبعيتها لها.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة........ بأنه في يوم 28 مارس سنة 1965 بدائرة بندر المنيا: سرقت كميات غاز الديزل وصفاً وقيمة بالمحضر والمملوكة لشركة القاهرة للأقطان. وطلبت عقابه بالمادة 318 من قانون العقوبات. وادعت شركة القاهرة للأقطان مدنياً بمبلغ 1500 ج تعويضاً قبل المتهم والمسئول عن الحقوق المدنية. ومحكمة بندر المنيا قضت حضورياً بتاريخ 18 من أبريل سنة 1965 عملاً بالمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية ببراءة المتهم من التهمة المسندة إليه ورفض الدعوى المدنية وألزمت المدعية بالحق المدني مصاريفها. فاستأنفت النيابة هذا الحكم، كما استأنفته المدعية بالحق المدني. ومحكمة المنيا الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بتاريخ 8 فبراير سنة 1967 بإجماع الآراء بقبول الاستئناف شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المستأنف وحبس المتهم شهراً مع الشغل وإلزامه أن يدفع خمسمائة جنيه على سبيل التعويض للمدعي بالحقوق المدنية مع المصروفات ومائة قرش مقابل أتعاب المحاماة بلا مصروفات جنائية. فطعن وكيل المدعية بالحق المدني والمحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
المحكمة
(أولاً) عن الطعن المقدم من شركة القاهرة "المدعية بالحقوق المدنية".
حيث إن مما تنعاه المدعية بالحقوق المدنية على الحكم المطعون فيه القصور والإبهام في التسبيب، ذلك بأن الشركة الطاعنة كانت قد طلبت إلزام المتهم والمسئولين عن الحقوق المدنية متضامنين بأن يدفعوا لها مبلغ 1500 ج منه 1009 ج و366 م يمثل قيمة غاز الديزل الذي احتسبه المتهم عليها دون حق والباقي يمثل قيمة الأضرار التي أصابتها نتيجة ما قام به المتهم من غش في وزن ذلك الغاز من أول مارس سنة 1961 حتى 28 فبراير سنة 1965 إلا أن المحكمة قضت بإلزام المتهم وحده بأن يدفع لها مبلغ خمسمائة جنيه على أن هذا المبلغ قد قدرته حسبما تراءى لها من ظروف الدعوى وملابساتها دون بيان للأساس الذي بنت عليه المحكمة تقديرها وعناصر الضرر الذي حاق بالطاعنة مع أنها لو عنيت ببحثها لتغير وجه رأيها في تقدير مبلغ التعويض المقضي بها مما يعيب الحكم بما يوجب نقضه.
وحيث إن الثابت من مطالعة الحكم المطعون فيه أن الشركة الطاعنة قد طلبت الحكم لها بمبلغ 1500 ج تعويضاً وأن المحكمة قضت بإلزام المتهم بأن يدفع لها خمسمائة جنيه فقط على سبيل التعويض النهائي دون أن تعني ببيان مقدار غاز الديزل الذي كان المتهم قد خدع الشركة الطاعنة في توريده لها وبيان ثمنه وما حاق بها من ضرر في هذا الشأن. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه وإن كان تقدير التعويض من سلطة محكمة الموضوع تقضي بما تراه مناسباً وفقاً لما تبينته من مختلف ظروف الدعوى وأنها متى استقرت على مبلغ معين فلا تقبل المناقشة إلا أن هذا مشروط بأن يكون الحكم قد أحاط بعناصر المسئولية المدنية من خطأ وضرر وعلاقة سببية إحاطة كافية وأن يكون ما أورده الحكم في هذا الخصوص مؤدياً إلى النتيجة التي انتهى إليها، وكان الحكم المطعون فيه قد قعد عن بحث ركن الضرر كما تحدثت عنه الشركة الطاعنة ومن ثم يكون قد قضي في الدعوى المدنية دون أن يحيط بعناصرها إحاطة كافية مما يعيبه ويوجب نقضه مع الإحالة.
(ثانياً) عن الطعن المقدم من المحكوم عليه:
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه دانه بجريمة الغش التجاري طبقاً للمادة الأولى من القانون رقم 48 لسنة 1941 على الرغم من أنه كان متهماً بجريمة السرقة دون أن تعني المحكمة بلفت نظر الدفاع عملاً بالمادة 308 من قانون الإجراءات الجنائية في حين أن كلاً منهما تقوم على عناصر خاصة بها، ولا يغني في هذا الصدد أن تكون المدعية بالحقوق المدنية قد تناولت ذلك التعديل في مذكرتها التي لم يطلع عليها الطاعن إذ لا صفة لها بالنسبة للدعوى الجنائية.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أنه تبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أن الدعوى الجنائية أقيمت على الطاعن بوصف أنه سرق كميات من غاز الديزل المملوكة لشركة القاهرة للأقطان وقد انتهى الحكم إلى إدانته بوصف أنه خدع الشركة في مقدار غاز الديزل الذي باعه لها الأمر المنطبق على المادة الأولى من القانون رقم 48 لسنة 1941 وبرر ذلك بقوله "إن للمحكمة الاستئنافية أن تغير وصف التهمة المطروحة عليها دون لفت نظر الدفاع ما دامت الوقائع المادية التي اتخذتها أساساً للوصف الجديد هي نفس الوقائع التي نسبت إلى المتهم وما دامت المحكمة لم تقض على الطاعن بعقوبة أشد من العقوبة المقررة قانوناً للجريمة الموصوفة بالوصف الأول وأنه لم يحدث تغيير في ذات الواقعة المسندة إليه وأنه كان على الدفاع أن يتناول الأوصاف التي يمكن أن توصف بها الواقعة خاصة وقد أثار الحاضر عن المدعية بالحقوق المدنية انطباق قانون التدليس والغش على الواقعة المسندة إلى الطاعن". وما انتهى إليه الحكم فيما تقدم غير سديد في القانون، ذلك أنه لما كانت الجريمة المنصوص عليها في المادة 318 من قانون العقوبات التي رفعت بها الدعوى الجنائية على الطاعن وجرت المحاكمة على أساسها تختلف في أركانها وعناصرها عن الجريمة التي دانته المحكمة بها بمقتضى المادة الأولى من القانون رقم 48 لسنة 1941، وكان التغيير الذي أجرته المحكمة في التهمة ليس مجرد تغيير في وصف الأفعال المسندة إلى الطاعن مما تملك المحكمة إجراءه بغير سبق تعديل في التهمة بل يجاوزه إلى إسناد واقعة جديدة إلى الطاعن وإلى تعديل في التهمة نفسها لا تملكه المحكمة إلا في أثناء المحاكمة وقبل الحكم في الدعوى وبشرط تنبيه المتهم إليه ومنحه أجلاً لتحضير دفاعه بناء على التعديل الجديد إذا طلب ذلك عملاً بالمادة 308 من قانون الإجراءات الجنائية. ولما كان ما أورده الحكم المطعون فيه من عدم لفت المحكمة نظر الدفاع إلى ما أجرته من تعديل هو بعينه الإخلال بحق الدفاع المنهي عنه في القانون وما ساقه الحكم تبريراً لهذا الإجراء لا يصلح سنداً لتبريره، ذلك أنه لم يبد في جلسة المحاكمة سواء من النيابة أو من الدفاع ما يدل صراحة أو ضمناً على الالتفات إلى ما استقرت عليه المحكمة أو انتهت إليه من تعديل للتهمة، والدفاع بعد غير ملزم بواجب الالتفات حيث تقعد المحكمة عن واجبها في لفت نظره. ولا يغني عن ذلك ما طلبته الشركة المدعية بالحقوق المدنية من طلب تعديل التهمة ذلك أن المدعي بالحقوق المدنية لا يملك استعمال حقوق الدعوى الجنائية أو يتحدث عن الوصف الذي يراه هو لها وإنما يدخل فيها بصفته مضروراً من الجريمة التي وقعت طالباً تعويضاً مدنياً عن الضرر الذي لحقه، فدعواه مدنية بحتة ولا علاقة لها بالدعوى الجنائية إلا في تبعيتها لها. لما كان ما تقدم، وكان القانون لا يخول المحكمة أن تعاقب المتهم على أساس واقعة لم تكن مرفوعة بها الدعوى عليه دون أن تلفت الدفاع عنه إلى ذلك، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد بني على إجراء باطل مما يعيبه بما يوجب نقضه والإحالة بغير حاجة إلى بحث الوجه الآخر من وجهي الطعن.
ساحة النقاش