نشوء الضرر عن خطأين يوجب توزيع التعويض عنه بنسبة كل من الخطأين ولو كان أحد هذين الخطأين صادراً من المضرور مخالفة الحكم هذا النظر وإلزام المتهم والمسئول بالحقوق المدنية عنه بكامل التعويض دون إنقاصه بمقدار ما يجب أن يتحمله المضرور بسبب خطته الذي ساهم في إحداث الضررمخالف للقانون.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 20 - صـ 248
جلسة 11 من فبراير سنة 1969
برياسة السيد المستشار/ محمد صبري، وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد المنعم حمزاوي، ونور الدين عويس، ونصر الدين عزام، ومحمد أبو الفضل حفني.
(54)
الطعن رقم 1383 لسنة 38 القضائية
(أ) قتل خطأ. إصابة خطأ. خطأ. حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب".
عدم كشف الحكم عن نوع الخطأ ومداه. قصور في التسبيب.
(ب) دعوى مدنية. مسئولية مدنية. خطأ. ضرر. تعويض. رابطة السببية. نقض. "حالات الطعن. مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه". قتل خطأ. إصابة خطأ.
نشوء الضرر عن خطأين. يوجب توزيع التعويض عنه بنسبة كل من الخطأين ولو كان أحد هذين الخطأين صادراً من المضرور. مخالفة الحكم هذا النظر وإلزام المتهم والمسئول بالحقوق المدنية عنه بكامل التعويض دون إنقاصه بمقدار ما يجب أن يتحمله المضرور بسبب خطئه الذي ساهم في إحداث الضرر. مخالف للقانون.
(ج) نقض. "الطعن بالنقض. نطاق الطعن". "الخصوم في الطعن".
متى يحكم بنقض الحكم بالنسبة للمسئول بالحقوق المدنية المتهم الذي لم يقرر بالطعن؟
1 - إذا كان الحكم الابتدائي - الذي اعتنق الحكم المطعون فيه أسبابه - قد حصر الخطأ في المتهم وحده، فإن استطراد الحكم المطعون فيه إلى القول بإسهام المجني عليه في الخطأ بغير أن يكشف عن نوع هذا الخطأ ومداه، يكون معيباً بالقصور في التسبيب.
2 - إن الحكم المطعون فيه إذ أسند وقوع الحادث إلى خطأ المتهم والمجني عليه معاً ثم ألزم المتهم والمسئول المدني عنه بكامل التعويض المقضي به ابتدائياً على الرغم من أن الحكم الأخير قد حصر الخطأ في جانب المتهم وحده، يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون ذلك بأن المادة 163 من القانون المدني وإن نصت على أن "كل خطأ سبب ضرر للغير يلزم من ارتكبه بالتعويض" إلا أنه إذا كان المضرور قد أخطأ أيضا وساهم هو الآخر بخطئه في الضرر الذي أصابه، فإن ذلك يجب أن يراعى في تقدير التعويض المستحق له، فلا يحكم له على الغير إلا بالقدر المناسب لخطأ هذا الغير، لأن كون الضرر الذي لحق المضرور ناشئاً عن خطأين: خطؤه وخطأ غيره، يقتضي توزيع مبلغ التعويض بينهما بنسبة خطأ كل منهما، وبناء على عملية تشبه عملية المقاصة ولا يكون الغير ملزماً إلا بمقدار التعويض عن كل الضرر منقوصاً منه ما يجب أن يتحمله المضرور بسبب الخطأ الذي وقع منه، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر والتفت عن استظهار ما قرره في أسبابه من خطأ المجني عليه وبيان أثره في مقدار التعويض وقضى بإلزام المسئول المدني به كاملاً دون أن ينقص منه ما يوازي نصيب المجني عليه في هذا الخطأ، فإنه يكون فضلاً عن قصوره قد خالف القانون بما يوجب نقضه فيما قضى به في الدعوى المدنية.
3 - إن نقض الحكم بالنسبة إلى المسئول عن الحقوق المدنية يقتضي نقضه بالنسبة إلى المتهم - وإن لم يقرر بالطعن - إذا ما اتصل وجه الطعن به وذلك إعمالاً للمادة 42 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام النقض.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن..... بأنه في يوم 20 مارس سنة 1964 بدائرة قسم مصر القديمة محافظة القاهرة: (أولاً) تسبب خطأ في قتل عبد الحفيظ أبو زيد مرزوق. (ثانياً) تسبب في إصابة على محمود عطية ومحمود أحمد علي وكان ذلك ناشئاً عن إهماله ورعونته وعدم إتباعه القوانين والقرارات بأن قاد سيارة بسرعة ينجم عنها الخطر بطريق آهل بالمارة فصدم المجني عليهم وأحدث بهم الإصابات المبينة بالتقرير الطبي والتي أودت بحياة الأول. (ثالثاً) قاد سيارة بسرعة ينجم عنها الخطر على حياة الجمهور. وطلبت عقابه بالمادتين 238/ 1 و244/ 1 من قانون العقوبات ومواد القانون رقم 449 لسنة 1955. وادعت مدنياً فاطمة عثمان محمد عن نفسها وبصفتها وصية على أولادها قصر المرحوم عبد الحفيظ أبو زيد وطلبت القضاء لها قبل المتهم والمسئولة عن الحقوق المدنية (هيئة النقل العام لمدينة القاهرة) متضامنين بمبلغ عشرة آلاف جنيه على سبيل التعويض مع المصاريف وأتعاب المحاماة. ومحكمة مصر القديمة الجزئية قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام مع تطبيق المادة 32/ 1 من قانون العقوبات (أولاً) في الدعوى الجنائية بحبس المتهم ستة شهور مع الشغل وكفالة عشرة جنيهات لوقف التنفيذ عن التهم الثلاث المسندة إليه بلا مصاريف جنائية. (ثانياً) وفي الدعوى المدنية بإلزام المتهم والمسئول عن الحقوق المدنية بصفته أن يؤديا إلى المدعية بالحق المدني عن نفسها وبصفتها مبلغ ثلاثة آلاف جنيه لها منه مبلغ 500 ج ولأولادها مبلغ 2500 ج للذكر منهم ضعف حظ الأنثى والمصاريف المدنية المناسبة لمبلغ التعويض المحكوم به ومبلغ خمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات. فاستأنف كل من المتهم والمسئولة عن الحقوق المدنية هذا الحكم. ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئنافين شكلاً وفي الموضوع (أولاً) بالنسبة إلى الدعوى الجنائية بتعديل الحكم المستأنف إلى تغريم المتهم ثلاثين جنيهاً (ثانياً) فيما يتعلق بالدعوى المدنية برفض الاستئنافين وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المستأنفين المصروفات المدنية الاستئنافية. فطعن النائب بإدارة قضايا الحكومة عن هيئة النقل العام لمدينة القاهرة في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
المحكمة
حيث إن حاصل ما تنعاه هيئة النقل العام - المسئولة عن الحقوق المدنية - على الحكم المطعون فيه هو أنه إذ قضى في الدعوى المدنية بتأييد الحكم الابتدائي الذي دان تابعها بجريمة القتل الخطأ وحصر الخطأ في جانبه وحده وألزمه متضامناً معها بالتعويض، قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله، ذلك بأنه خلص في أسبابه إلى أن المجني عليه - مورث المدعية بالحق المدني - قد ساهم بخطئه في وقوع الحادث ورتب على ذلك تخفيف مسئولية تابع الطاعنة من الناحية الجنائية إلا أنه قضي بكامل التعويض الذي قرره الحكم المستأنف دون أن ينقصه بما يوازي ما أسهم به المضرور في الخطأ وفقاً للمادة 216 من القانون المدني الذي يعيبه بما يوجب نقضه.
وحيث إن الدعوى الجنائية رفعت على المتهم..... (أولاً) تسبب خطأ في قتل عبد الحفيظ أبو زيد مرزوق (ثانياً) تسبب خطأ في إصابة محمود عطية ومحمود أحمد علي وكان ذلك ناشئاً عن إهماله ورعونته وعدم إتباعه القوانين والقرارات بأن قاد سيارة بسرة ينجم عنها الخطر في طريق آهل بالمارة فصدم المجني عليهم وأحدث بهم الإصابات المبينة بالتقرير الطبي والتي أودت بحياة الأول (ثالثاً) قاد سيارة بسرعة ينجم عنها الخطر على حياة الجمهور - وطلبت النيابة العامة عقابه بالمادتين 238 و244 من قانون العقوبات وأحكام القانون رقم 449 لسنة 1955. وقد ادعت فاطمة محمد عثمان عن نفسها وبصفتها وصية على أولادها قصر المرحوم عبد الحفيظ أبو زيد مدنياً قبل المتهم وطلبت القضاء بإلزامه وهيئة النقل العام لمدينة القاهرة بصفتها مسئولة عن الحقوق المدنية بأن يدفعا لها متضامنين مبلغ عشرة آلاف من الجنيهات على سبيل التعويض، وبتاريخ 9/ 6/ 1967 قضت محكمة مصر القديمة الجزئية حضورياً (أولاً) في الدعوى الجنائية بحبس المتهم ستة شهور مع الشغل وكفالة 10 ج لوقف التنفيذ عن التهم الثلاث (ثانياً) وفي الدعوى المدنية بإلزام المتهم والمسئول عن الحقوق المدنية بصفته بأن يؤديا للمدعية بالحق المدني عن نفسها وبصفتها مبلغ ثلاثة آلاف جنيه لها منه خمسمائة جنيه ولأولادها مبلغ 2500 ج للذكر ضعف حظ الأنثى والمصاريف المدنية المناسبة لمبلغ التعويض المحكوم به ومبلغ خمسة جنيهات أتعابا للمحاماة. فاستأنف كل من المتهم والمسئولة عن الحقوق المدنية هذا الحكم وبتاريخ 8/ 11/ 1967 قضت محكمة القاهرة الابتدائية حضورياً بقبول الاستئنافين شكلاً وفي الموضوع (أولاً) بالنسبة للدعوى الجنائية بتعديل الحكم المستأنف إلى تغريم المتهم ثلاثين جنيهاً (ثانياً) فيما يتعلق بالدعوى المدنية برفض الاستئنافين وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المستأنفين المصروفات المدنية الاستئنافية. لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد استند في قضائه بالإدانة إلى توافر ركن الخطأ في حق المتهم وانتهى إلى تقدير ما أصاب المدعية بالحقوق المدنية عن نفسها وبصفتها من أضرار مادية وأدبية - جميعاً بمبلغ ثلاثة آلاف من الجنيهات، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه عرض لموضوع الاستئناف بقوله "وحيث إن الحكم المستأنف في محله للأسباب الواردة به والتي تأخذ بها هذه المحكمة، إلا أن المحكمة ترى أن هناك خطأ من جانب المجني عليه وهو عدم احتياطه احتياطاً كاملاً، إلا أن الخطأ لا يجب خطأ المتهم بل يخفف من مسئوليته، ومن ثم ترى تعديل الحكم المستأنف إلى تغريم المتهم طبقاً لما هو وارد بمنطوق الحكم". لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي - الذي اعتنق الحكم المطعون فيه أسبابه - قد حصر الخطأ في المتهم وحده، فإن استطراد الحكم المطعون فيه إلى القول بإسهام المجني عليه في الخطأ بغير أن يكشف عن نوع الخطأ ومداه، يكون معيباً بالقصور في التسبيب. ومن ناحية أخرى فإن الحكم المطعون فيه إذ أسند وقوع الحادث إلى خطأ المتهم والمجني عليه معاً ثم ألزم المتهم والطاعنة متضامنين بكامل التعويض المقضي به ابتدائياً على الرغم من أن الحكم الأخير قد حصر الخطأ في جانب المتهم وحده يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن المادة 163 من القانون المدني وإن نصت على أن "كل خطأ سبب ضرراً للغير يلزم من ارتكبه بالتعويض" إلا أنه إذا كان المضرور قد أخطأ أيضاً وساهم هو الآخر بخطئه في الضرر الذي أصابه فإن ذلك يجب أن يراعي في تقدير مبلغ التعويض المستحق له، فلا يحكم له على الغير إلا بالقدر المناسب لخطأ هذا الغير. لأن كون الضرر الذي لحق المضرور ناشئاً عن خطأين: خطؤه هو وخطأ غيره، يقتضي توزيع مبلغ التعويض بينهما بنسبة خطأ كل منهما. وبناء على عملية تشبه المقاصة لا يكون الغير ملزما إلا بمقدار التعويض المستحق عن كل الضرر منقوصاً منه ما يجب أن يتحمله المضرور بسبب الخطأ الذي وقع منه. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر والتفت عن استظهار ما قرره في أسبابه من خطأ المجني عليه وبيان أثره في مقدار التعويض وقضى بإلزام الطاعنة به كاملاً دون أن ينقص منه ما يوازي نصيب المجني عليه في هذا الخطأ، فإنه يكون فضلاً عن قصوره قد خالف القانون بما يوجب نقضه فيما قضى به في الدعوى المدنية والإحالة مع إلزام المطعون ضدها المصروفات المدنية. لما كان ذلك، وكان نقض الحكم بالنسبة إلى المسئولة عن الحقوق المدنية يقتضي نقضه بالنسبة إلى المتهم - وإن لم يقرر بالطعن - لاتصال وجه الطعن به إعمالا للمادة 42 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.
ساحة النقاش