موقع المستشار/ البسيونى محمود أبوعبده المحامى بالنقض والدستورية العليا نقض جنائي- مدني- مذكرات- صيغ- عقود محمول01277960502 - 01273665051

رجوع المتبوع على تابعه بالتعويض المحكوم به للمضرور. شرطه أن يكون قد أداه للمضرور. للمتبوع -مع ذلك - أن يختصم تابعه في دعوى المضرور قبله وأن يطلب الحكم على تابعه بما قد يحكم به عليه. لحكم التعويض - في هذه الحالة - حجية قبل التابع.

الحكم كاملاً

أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 20 - صـ 199

جلسة 30 من يناير سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: السيد عبد المنعم الصراف، وعثمان زكريا، ومحمد صدقي البشبيشي، وعلي عبد الرحمن.

(33)
الطعن رقم 540 لسنة 34 القضائية

( أ ) مسئولية. "مسئولية تقصيرية". "مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه". "رجوع المتبوع على التابع". كفالة.
مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه غير المشروعة. مسئولية تبعية مقررة بحكم القانون لمصلحة المضرور أساسها فكرة الضمان القانوني. المتبوع في حكم الكفيل المتضامن كفالة مصدرها القانون لا العقد. للمتبوع الرجوع على التابع محدث الضرر بما أوفاه من تعويض. المادة 175 مدني لم تستحدث للمتبوع دعوى شخصية جديدة.
(ب) مسئولية. "مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه". تقادم. "تقادم مسقط". "قطع التقادم". كفالة.
مطالبة المضرور للمتبوع بالتعويض مطالبة قضائية. قطعها التقادم بالنسبة للمتبوع. ليس من شأنها قطع التقادم بالنسبة للتابع. المادة 292 مدني قررت هذه القاعدة بالنسبة للمدينين المتضامنين. ليس لقطع التقادم بالنسبة للكفيل ولو كان متضامناً أثر بالنسبة للمدين.
(ج) مسئولية. "مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه". "رجوع المتبوع على التابع". حكم. "حجية الحكم". تعويض.
رجوع المتبوع على تابعه بالتعويض المحكوم به للمضرور. شرطه أن يكون قد أداه للمضرور. للمتبوع - مع ذلك - أن يختصم تابعه في دعوى المضرور قبله وأن يطلب الحكم على تابعه بما قد يحكم به عليه. لحكم التعويض - في هذه الحالة - حجية قبل التابع.
(د) مسئولية. "مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه". "رجوع المتبوع على التابع". تقادم. "تقادم مسقط".
حق المتبوع في الرجوع على تابعه. نشوؤه من تاريخ الوفاء. شرط الرجوع ألا يكون التعويض الذي يوفى به قد سقط بالتقادم بالنسبة للتابع وتمسك بذلك التابع.
(هـ) حلول. "حلول قانوني". مسئولية. "مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه". كفالة. تقادم. "تقادم مسقط".
جواز رجوع المتبوع على تابعه بدعوى الحلول عند وفائه بالتعويض. م 326 و799 من القانون المدني. للمدين في دعوى الحلول التمسك في مواجهة الكفيل بالدفوع قبل الدائن. للتابع التمسك قبل المتبوع في هذه الحالة بالتقادم الثلاثي المقرر بالمادة 172 مدني إذا اختصم في الدعوى بعد اكتمال مدة التقادم. هذا التقادم يرد على حق الدائن الأصلي الذي انتقل بالحلول إلى المتبوع لا على حق المتبوع في الرجوع على التابع.
(و) مسؤولية." مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه".كفالة. إثراء بلا سبب. فضالة.
للمتبوع الرجوع على تابعه بالدعوى الشخصية. م 324 مدني. سواء أكان أساسها الإثراء بلا سبب أو الفضالة فلا محل للرجوع بها على التابع إذا كان حق الدائن المضرور قد سقط بالنسبة للتابع لأن الأخير لم يفد شيئاً من وفاء المتبوع بالتعويض. لا محل للاستناد إلى المادة 800 مدني: عدم جواز رجوع الكفيل المتبوع على المدين التابع بالدعوى الشخصية إذا كانت الكفالة لمصلحة الدائن وحده.
1 - مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه غير المشروعة هي مسئولية تبعية مقررة بحكم القانون لمصلحة المضرور وهي تقوم على فكرة الضمان القانوني، فالمتبوع يعتبر في حكم الكفيل المتضامن كفالة مصدرها القانون وليس العقد. ومن ثم فإن للمتبوع الحق في أن يرجع على تابعه محدث الضرر بما يفي به من التعويض للمضرور كما يرجع الكفيل المتضامن على المدين الذي كفله لأنه مسئول عنه وليس مسئولاً معه. وهذه القاعدة هي التي قننها المشرع في المادة 175 من القانون المدني التي تقضي بأن للمسئول عن عمل الغير حق الرجوع عليه في الحدود التي يكون فيها هذا الغير مسئولاً عن تعويض الضرر. ولم يقصد المشرع بتلك المادة أن يستحدث للمتبوع دعوى شخصية جديدة يرجع بها على تابعه [(
1)].
2 - مطالبة المضرور للمتبوع بالتعويض مطالبة قضائية وإن كانت تقطع التقادم بالنسبة للمتبوع إلا أنها لا تقطعه بالنسبة للتابع وذلك أخذاً بما نصت عليه المادة 292 من القانون المدني من أنه إذا انقطعت مدة التقادم بالنسبة إلى أحد المدينين المتضامنين فلا يجوز للدائن أن يتمسك بذلك قبل باقي المدينين. وإذا كان قطع التقادم بالنسبة إلى أحد المدينين المتضامنين لا يترتب عليه أثر بالنسبة لباقي المدينين فمن باب أولى لا يكون لقطع التقادم بالنسبة للكفيل ولو كان متضامناً مع المدين الأصلي أثر بالنسبة إلى هذا المدين.
3 - لئن كان لا يحق للمتبوع أن يرجع على تابعه بالتعويض المحكوم به للمضرور إلا إذا قام بأدائه للمضرور، إلا أن القضاء قد أجاز للمتبوع أن يختصم تابعه في الدعوى التي يرفعها المضرور على المتبوع وحده وأن يطلب المتبوع في هذه الدعوى الحكم على تابعه بما قد يحكم به عليه للمضرور وذلك لما للمتبوع من مصلحة في هذا الاختصام لأن مسئوليته تبعية لمسئولية التابع فإذا استطاع هذا درء مسئوليته وهو بطبيعة الحال أقدر من المتبوع على الدفاع عن نفسه، استفاد المتبوع من ذلك وانتفت بالتالي مسئوليته هو، وإذا لم يستطع التابع، كان حكم التعويض حجة عليه فلا يمكنه أن يعود فيجادل في وقوع الخطأ منه عندما يرجع عليه المتبوع بما أوفاه للمضرور من التعويض المحكوم به. وطبيعي أنه إذا حكم للمتبوع في تلك الدعوى على التابع بما حكم به للمضرور على المتبوع فإن تنفيذ الحكم الصادر للمتبوع على التابع يكون معلقاً على وفاء المتبوع بالتعويض المحكوم به عليه للمضرور.
4 - حق المتبوع في الرجوع على تابعه وإن كان لا ينشأ إلا من تاريخ الوفاء عملاً بالمادة 381 من القانون المدني إلا أنه يشترط لذلك ألا يكون التعويض الذي يوفى به قد سقط التقادم بالنسبة للتابع، ومن ثم فإذا تبين عند الفصل في الدعوى التي رفعها المضرور على المتبوع واختصم هذا فيها تابعه أن حق المضرور قبل التابع قد سقط بالتقادم وتمسك التابع بهذا التقادم فإنه لا يجوز أن يحكم عليه بشيء للمتبوع لأنه لا جدوى من حكم لا يمكن تنفيذه ولو حكم للمضرور على المتبوع بالتعويض بسبب رفع الأول الدعوى على الثاني قبل انقضاء مدة تقادمها. وهذه النتيجة أدى إليها ما أجازه القانون للمضرور من حق في الرجوع بالتعويض على المتبوع وحده إذا آثر المضرور ذلك دون حاجة إلى اختصامه التابع في الدعوى وما تقتضيه نصوص القانون من أن رفع الدعوى على المتبوع لا يقطع التقادم بالنسبة للتابع.
5 - دعوى الحلول التي يستطيع المتبوع - وهو في حكم الكفيل المتضامن - الرجوع بها على تابعه عند وفائه بالتعويض للدائن المضرور هي الدعوى المنصوص عليها في المادة 799 من القانون المدني والتي ليست إلا تطبيقاً للقاعدة العامة في الحلول القانوني المنصوص عليها في المادة 326 من القانون المذكور والتي تقضي بأن الموفي يحل محل الدائن الذي استوفى حقه إذا كان الموفي ملزماً بوفاء الدين عن المدين. وإذا كان للمدين في حالة الرجوع عليه بهذه الدعوى أن يتمسك في مواجهة الكفيل بالدفوع التي كان له أن يتمسك بها في مواجهة الدائن فإن من حق التابع أن يتمسك قبل المتبوع الذي أوفى التعويض عنه للمضرور بانقضاء حق هذا الدائن قبله بالتقادم الثلاثي المقرر في المادة 172 من القانون المدني لدعوى التعويض الناشئة عن العمل غير المشروع على أساس أن اختصامه في الدعوى تم بعد اكتمال هذا التقادم بالنسبة إليه وعلى أساس أن رفع المضرور الدعوى على المتبوع لا يقطع التقادم بالنسبة إليه (التابع). والتقادم هنا لا يرد على حق المتبوع في الرجوع على التابع وإنما على حق الدائن الأصلي الذي انتقل إلى المتبوع بحلوله محل الدائن (المضرور) فيه والذي يطالب به المتبوع تابعه ذلك بأن المتبوع حين يؤدي التعويض للدائن المضرور فإنه يحل محل هذا الدائن في نفس حقه وينتقل إليه هذا الحق بما يرد عليه من دفوع [(
1)].
6 - الدعوى الشخصية التي يستطيع المتبوع الرجوع بها على تابعه هي الدعوى المنصوص عليها في المادة 324 من القانون المدني التي تقضي بأنه إذا قام الغير بوفاء الدين كان له حق الرجوع على المدين بقدر ما دفعه. وهذه الدعوى سواء أكان أساسها الإثراء بلا سبب أو الفضالة لا يستطيع المتبوع الرجوع بها إذا كان قد أوفى التعويض للدائن المضرور بعد أن كان حق الدائن فيه قد سقط بالنسبة للتابع لأن هذا لم يفد شيئاً من هذا الوفاء. وليس للمتبوع أن يرجع على تابعه بالتعويض الذي أوفاه عنه بالدعوى الشخصية التي قررها القانون في المادة 800 من القانون المدني للكفيل قبل المدين، وذلك لما هو مقرر من عدم جواز رجوع الكفيل بهذه الدعوى إذا كانت الكفالة لمصلحة الدائن وحده، وضمان المتبوع لأعمال تابعه هو ضمان قرره القانون لمصلحة الدائن المضرور وحده [(
1)].


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المرحوم فرنسيس يعقوب مورث المطعون ضدهم الخمسة الأول أقام على وزارة العدل "المطعون ضدها الأخيرة" الدعوى رقم 1453 سنة 1960 مدني كلي القاهرة بصحيفتها المعلنة في 3 مارس سنة 1960 طالباً الحكم بإلزامها بأن تدفع له مبلغ 925 ج. وقال بياناً للدعوى إنه كان قد أقام على ورثة المرحوم ميشيل لكح والدكتور رياض حنين والسيدة ست البلد محمد علي الدعوى رقم 880 سنة 1950 مدني كلي القاهرة طالباً فيها الحكم بإلزامهم بأن يدفعوا له مبلغ 1500 ج وقد قضت محكمة القاهرة في تلك الدعوى بإلزام ورثة ميشيل لكح بأن يدفعوا له مبلغ 800 ج فلما استأنف هؤلاء الورثة ذلك الحكم قضت محكمة الاستئناف بإلغائه وبرفض الدعوى فطعن "فرنسيس يعقوب" في هذا الحكم بطريق النقض، وقيد طعنه برقم 196 سنة 24 ق وقد قام المحضر "عبد الحميد عبد الجواد" بإعلان ذلك الطعن إلى ورثة المرحوم ميشيل لكح مخاطباً مع أحدهم هو ريمون ميشيل لكح وسلمه صور الإعلانات الخاصة بباقي الورثة ولدى نظره أمام دائرة فحص الطعون دفعت النيابة العامة بعدم قبول الطعن شكلاً لبطلان إعلان تقرير الطعن لبعض الورثة لأن المحضر أثبت في ورقة الإعلان أنه خاطب ريمون ميشيل لكح وأنه سلمه الصور الخاصة بهم دون أن يبين السبب في عدم تسليمه صور الإعلان إلى الأشخاص المطلوب إعلانهم كما لم يذكر العلاقة بين ريمون وبينهم وهل يقيم معهم من عدمه. وقد أخذت دائرة فحص الطعون بمحكمة النقض بهذا الدفع وقضت في 22 أكتوبر سنة 1958 ببطلان الطعن وإلزام الطاعن بمصروفاته على أساس أن بطلان الإعلان بالنسبة لبعض الورثة يترتب عليه بطلان الطعن كله لأن الموضوع غير قابل للتجزئة. وقال فرنسيس يعقوب مورث المطعون ضدهم الخمسة الأول في صحيفة دعواه الحالية أنه إذ كان طعنه رقم 196 سنة 24 ق الذي قضت محكمة النقض ببطلانه مرجح الكسب وكان القضاء ببطلانه قد أقيم على أساس بطلان إعلان تقرير الطعن بسبب خطأ المحضر في إجراء الإعلان وكان هذا الخطأ قد وقع منه أثناء تأدية وظيفته وترتب عليه ضرر للمدعي يتمثل في بطلان طعنه وإلزامه بمصروفاته فإن وزارة العدل باعتبارها متبوعاً لهذا المحضر تكون مسئولة عن تعويض الضرر الذي أصابه بسبب خطأ تابعها. ومن ثم أقام الدعوى عليها بطلب هذا التعويض الذي قدره بمبلغ 925 ج. ولدى نظر الدعوى توفى المرحوم فرنسيس يعقوب فعجل ورثته الدعوى. وبإعلان تاريخه 24 أكتوبر سنة 1962 أدخلت وزارة العدل المحضر"الطاعن" في الدعوى طالبة الحكم عليه بما عساه أن يحكم به عليها للمدعين. وبتاريخ 16 ديسمبر سنة 1962 قضت محكمة القاهرة الابتدائية (أولاً) في الدعوى الأصلية بإلزام وزارة العدل بأن تدفع للمدعين تعويضاً قدره 925 جنيه (وثانياً) في دعوى الضمان الفرعية بإلزام المحضر عبد الحميد عبد الجواد "الطاعن" بأن يدفع لوزارة العدل مبلغ 925 جنيهاً. استأنفت وزارة العدل هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 331 سنة 80 ق كما استأنفه المحضر بالاستئناف رقم 332 سنة 80 ق، وتمسك في أسباب استئنافه بسقوط حق وزارة العدل في الرجوع عليه بدعوى الضمان بالتقادم الثلاثي تأسيساً على أن الوزارة اختصمته في الدعوى بتاريخ 24 أكتوبر سنة 1962، بعد أن انقضت أربع سنوات من تاريخ علم مورث المدعين بحدوث الضرر وبالشخص الذي أحدثه لأن هذا العلم قد تحقق بصدور حكم دائرة فحص الطعون في 22 أكتوبر سنة 1958. وبعد أن ضمت تلك المحكمة الاستئنافين قضت بتاريخ 17 يونيه سنة 1964 بتأييد الحكم المستأنف. طعن المحضر في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الطعن. وبالجلسة المحددة لنظره أمام هذه الدائرة تمسكت النيابة بهذا الرأي.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تأويله. وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك في أسباب استئنافه بسقوط حق وزارة العدل في الرجوع عليه بالتقادم الثلاثي تأسيساً على أنه وإن كان المضرور "المرحوم فرنسيس يعقوب" قد أقام دعواه بطلب التعويض على وزارة العدل قبل مضي ثلاث سنوات من تاريخ علمه بالضرر وبالشخص الذي أحدثه، ذلك العلم المستفاد من صدور حكم محكمة النقض في الطعن رقم 196 سنة 24 ق بتاريخ 22 أكتوبر سنة 1958. وذلك على أساس أنها مسئولة عن الضرر الذي أحدثه تابعها بعمله غير المشروع الواقع منه حال تأدية وظيفته وبسببها إلا أن تلك الوزارة لم ترفع عليه دعوى الضمان إلا بعد انقضاء أكثر من ثلاث سنوات من تاريخ هذا العلم إذ وجهت إليه هذه الدعوى بالإعلان المؤرخ 24 أكتوبر سنة 1962 بعد أن كانت دعوى المضرور قبله قد انقضت بالتقادم الثلاثي. ولكن الحكم المطعون فيه رفض هذا الدفع بمقولة إن دعوى رجوع المتبوع على تابعه لا تتقادم إلا طبقاً للقواعد العامة أي بمضي خمس عشرة سنة من تاريخ قيام المتبوع بدفع التعويض للمضرور. وهذا من الحكم خطأ في القانون لأن أساس دعوى المضرور قبل المتبوع هو مسئولية هذا المتبوع عن الغير، إذ هو لا يسأل إلا تبعاً لمسئولية تابعه وعلى ذلك فإنه إذا رفع المضرور دعواه ضد المتبوع وحده بعد انقضاء ثلاث سنوات من تاريخ علمه بالضرر وبمحدثه فإن المتبوع يستطيع أن يدفعها بالسقوط على أساس أن تابعه لم يعد مسئولاً وبالتالي لا يمكن مساءلته هو كمتبوع وإذا رفع المضرور دعواه ضد المتبوع وحده قبل انقضاء السنوات الثلاث المذكورة تعين على المتبوع إذا هو أراد أن يقتضي من تابعه التعويض الذي قد يحكم به عليه للمضرور أن يدخل تابعه في الدعوى ضامناً له قبل انقضاء الثلاث سنوات المقررة لسقوط دعوى المضرور، فإذا هو تراخى في إدخاله إلى ما بعد انقضائها تحمل وحده مسئولية التعويض قبل المضرور إذ أن للتابع أن يدفع دعوى رجوع المتبوع عليه بما كان يدفع به دعوى المضرور لو رفعت عليه.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أن مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه غير المشروعة هي مسئولية تبعية مقررة بحكم القانون لمصلحة المضرور، وهي تقوم على فكرة الضمان القانوني فالمتبوع يعتبر في حكم الكفيل المتضامن كفالة مصدرها القانون وليس العقد. ومن ثم فإن للمتبوع الحق في أن يرجع على تابعه محدث الضرر بما يفي به من التعويض للمضرور، كما يرجع الكفيل المتضامن على المدين الذي كفله لأنه مسئول عنه وليس مسئولاً معه. وهذه القاعدة هي التي قننها المشرع في المادة 175 من القانون المدني التي تقضي بأن للمسئول عن عمل الغير حق الرجوع عليه في الحدود التي يكون فيها هذا الغير مسئولاً عن تعويض الضرر، ولم يقصد المشرع بتلك المادة أن يستحدث للمتبوع دعوى شخصية جديدة يرجع بها على تابعه. ومتى تقرر ذلك وكانت مطالبة المضرور للمتبوع بالتعويض مطالبة قضائية وإن كانت تقطع التقادم بالنسبة للمتبوع إلا أنها لا تقطعه بالنسبة للتابع وذلك أخذاً بما نصت عليه المادة 292 من القانون المدني من أنه إذا انقطعت مدة التقادم بالنسبة إلى أحد المدينين المتضامنين فلا يجوز للدائن أن يتمسك بذلك قبل باقي المدينين. وإذا كان قطع التقادم بالنسبة إلى أحد المدينين المتضامنين لا يترتب عليه أثر بالنسبة لباقي المدينين، فمن باب أولى لا يكون لقطع التقادم بالنسبة للكفيل ولو كان متضامناً مع المدين الأصلي أثر بالنسبة إلى هذا المدين وكانت الدعوى الفرعية التي وجهتها وزارة العدل "المطعون ضدها الثانية" إلى تابعها المحضر "الطاعن" وطلبت فيها الحكم عليه بما عسى أن يحكم به عليها للمضرور، هذه الدعوى لا يمكن أن يكون أساسها إلا حق الوزارة كمتبوع في الرجوع على تابعها بما يحكم به عليها للمضرور، ولئن كان لا يحق للمتبوع أن يرجع على تابعه بالتعويض المحكوم به للمضرور إلا إذا قام بأدائه للمضرور، إلا أن القضاء قد أجاز للمتبوع أن يختصم تابعه في الدعوى التي رفعها المضرور على المتبوع وحده وأن يطلب المتبوع في هذه الدعوى الحكم له على تابعه بما قد يحكم به عليه للمضرور وذلك لما للمتبوع من مصلحة في هذا الاختصام لأن مسئوليته تبعية لمسئولية التابع فإذا استطاع هذا درء مسئوليته - وهو بطبيعة الحال أقدر من المتبوع على الدفاع عن نفسه - استفاد المتبوع من ذلك وانتفت بالتالي مسئوليته هو. وإذا لم يستطع التابع، كان حكم التعويض حجة عليه فلا يمكنه أن يعود فيجادل في وقوع الخطأ منه عندما يرجع عليه المتبوع بما أوفاه للمضرور من التعويض المحكوم به. وطبيعي أنه إذا حكم للمتبوع في تلك الدعوى على التابع بما حكم به للمضرور على المتبوع فإن تنفيذ الحكم الصادر للمتبوع على التابع يكون معلقاً على وفاء المتبوع بالتعويض المحكوم به عليه للمضرور. لما كان ذلك وكان حق المتبوع في الرجوع على تابعه وإن كان لا ينشأ إلا من تاريخ هذا الوفاء عملاً بالمادة 381 من القانون المدني إلا أنه يشترط لذلك ألا يكون التعويض الذي يوفى به قد سقط بالتقادم بالنسبة للتابع. ومن ثم فإنه إذا تبين عند الفصل في الدعوى التي رفعها المضرور على المتبوع واختصم هذا فيها تابعه أن حق المضرور قبل التابع قد سقط بالتقادم وتمسك التابع بهذا التقادم، فإنه لا يجوز أن يحكم عليه بشيء للمتبوع لأنه لا جدوى من حكم لا يمكن تنفيذه ولو حكم للمضرور على المتبوع بالتعويض بسبب رفع الأول الدعوى على الثاني قبل انقضاء مدة تقادمها. وهذه النتيجة أدى إليها ما أجازه القانون للمضرور من حق في الرجوع بالتعويض على المتبوع وحده إذ آثر المضرور ذلك دون حاجة إلى اختصام التابع في الدعوى، وما تقتضيه نصوص القانون من أن رفع الدعوى على المتبوع لا يقطع التقادم بالنسبة للتابع. ولما كان المتبوع - وهو في حكم الكفيل المتضامن - لا يستطيع الرجوع على تابعه عند وفائه بالتعويض للدائن المضرور إلا بإحدى دعويين الأولى دعوى الحلول المنصوص عليها في المادة 799 من القانون المدني والتي ليست إلا تطبيقاً للقاعدة العامة في الحلول القانوني المنصوص عليها في المادة 326 من القانون المذكور والتي تقضي بأن الموفي يحل محل الدائن الذي استوفى حقه إذا كان الموفي ملزماً بوفاء الدين عن المدين. وإذ كان للمدين في حالة الرجوع عليه بهذه الدعوى أن يتمسك في مواجهة الكفيل بالدفوع التي كان له أن يتمسك بها في مواجهة الدائن فإن من حق البائع أن يتمسك قبل المتبوع الذي أوفى التعويض عنه للمضرور بانقضاء حق هذا الدائن قبله بالتقادم الثلاثي المقرر في المادة 172 من القانون المدني لدعوى التعويض الناشئة عن العمل غير المشروع، على أساس أن اختصامه في الدعوى تم بعد اكتمال هذا التقادم بالنسبة إليه وعلى أساس أن رفع المضرور الدعوى على المتبوع لا يقطع التقادم بالنسبة إليه "التابع"، والتقادم هنا لا يرد على حق المتبوع في الرجوع على التابع وإنما على حق الدائن الأصلي الذي انتقل إلى المتبوع بحلوله محل الدائن "المضرور" فيه والذي يطالب به المتبوع تابعه، ذلك بأن المتبوع حين يوفي التعويض للدائن المضرور فإنه يحل محل هذا الدائن في نفس حقه وينتقل إليه هذا الحق بما يرد عليه من دفوع. والدعوى الثانية التي يستطيع المتبوع الرجوع بها على تابعه هي الدعوى الشخصية المنصوص عليها في المادة 324 مدني التي تقضي بأنه إذا قام الغير بوفاء الدين كان له حق الرجوع على المدين بقدر ما دفعه. وهذه الدعوى سواء كان أساسها الإثراء بلا سبب أو الفضالة فإن المتبوع لا يستطيع الرجوع بها إذا كان قد أوفى التعويض للدائن المضرور بعد أن كان حق الدائن فيه قد سقط بالنسبة للتابع، لأن هذا لم يفد شيئاً من هذا الوفاء وليس للمتبوع أن يرجع على تابعه بالتعويض الذي أوفاه عنه بالدعوى الشخصية التي قررها القانون في المادة 800 من القانون المدني للكفيل قبل المدين، وذلك لما هو مقرر من عدم جواز رجوع الكفيل بهذه الدعوى إذا كانت الكفالة لمصلحة الدائن وحده، وضمان المتبوع لأعمال تابعه هو ضمان قرره القانون لمصلحة الدائن المضرور وحده (وهو ما قررته هذه المحكمة بتاريخ 22 فبراير سنة 1968 في الطعن رقم 64 سنة 34 ق) ومتى تقرر ذلك وكان الثابت أن الطاعن قد اختصم في الدعوى بإعلان تاريخه 24 من أكتوبر سنة 1962 بعد أن كان قد انقضى أكثر من ثلاث سنوات على علم المضرور "مورث المطعون ضدهم الخمسة الأول" بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه، ذلك العلم الذي تحقق بصدور حكم دائرة فحص الطعون في 22 من أكتوبر سنة 1958، فإن حق المضرور قبل الطاعن يكون قد سقط بالتقادم قبل اختصام الطاعن في الدعوى. ولا أثر لرفع الدعوى الأصلية في قطع هذا التقادم على ما تقدم ذكره. وترتيباً على ذلك فإنه كان يتعين رفض الدعوى الفرعية المرفوعة من وزارة العدل على الطاعن. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى للوزارة في هذه الدعوى بطلباتها فإنه يكون مخطئاً في القانون بما يستوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للحكم فيه، ولما تقدم يتعين إلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به في الدعوى الفرعية المرفوعة من وزارة العدل على الطاعن ورفض هذه الدعوى.


 

[(1)] نقض 22 فبراير سنة 1968 مجموعة المكتب الفني س 19 ص 327.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 91 مشاهدة
نشرت فى 26 إبريل 2020 بواسطة basune1

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

5,119,047

الموقع الخاص بالاستاذ/ البسيونى محمود ابوعبده المحامى بالنقض والدستوريه العليا

basune1
المستشار/ البسيونى محمود أبوعبده المحامى بالنقض والدستورية العليا استشارات قانونية -جميع الصيغ القانونية-وصيغ العقود والمذكرات القانونية وجميع مذكرات النقض -المدنى- الجنائى-الادارى تليفون01277960502 -01273665051 العنوان المحله الكبرى 15 شارع الحنفى - الإسكندرية ميامى شارع خيرت الغندور من شارع خالد ابن الوليد »