استقلال محكمة الموضوع في تقدير التعسف والغلو في استعمال المالك لحقه وفي تقدير التعويض الجابر للضرر الناشئ عن هذا الغلو متى أبان الحكم العناصر المكونة له.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 20 - صـ 317
جلسة 13 من فبراير سنة 1969
برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: عثمان زكريا، وسليم راشد أبو زيد، ومحمد سيد أحمد حماد، وعلي عبد الرحمن.
(51)
الطعن رقم 19 لسنة 35 القضائية
( أ ) إثبات. "القرائن". محكمة الموضوع. "سلطتها في استنباط القرائن".
لمحكمة الموضوع السلطة التامة في استنباط القرائن. حقها في التعويل على ما جاء بأسباب حكم سابق. لا يمنع من ذلك انحسار الحجية عن الحكم السابق لاختلاف الدعويين موضوعاً وسبباً.
(ب) حق. "التعسف في استعمال المالك لحقه". تعويض. محكمة الموضع. مسئولية. "عناصر المسئولية".
استقلال محكمة الموضوع في تقدير التعسف والغلو في استعمال المالك لحقه وفي تقدير التعويض الجابر للضرر الناشئ عن هذا الغلو متى أبان الحكم العناصر المكونة له.
1 - قضاء المحكمة برفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى تأسيساً على اختلاف الموضوع والسبب في كلتا الدعويين وإن كان يقتضي ألا يكون للحكم الصادر في الدعوى السابقة حجية ملزمة في الدعوى اللاحقة، إلا أن ذلك لا يمنع المحكمة بما لها من السلطة التامة في استنباط القرائن من أي مصدر تراه وفي تقدير الدليل الجائز الأخذ به أن تعتمد ما جاء بأسباب الحكم السابق الذي كان من بين أوراق الدعوى.
2 - تقدير التعسف والغلو في استعمال المالك لحقه هو من شئون محكمة الموضوع كما أن تقدير التعويض الجابر للضرر الناتج عن هذا التعسف هو مما تستقل به محكمة الموضوع متى كان القانون لا يلزمها باتباع معايير معينة في شأنه.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 600 سنة 1955 كلي القاهرة على المطعون ضده طالباً إلزامها بأن تدفع له تعويضاً قدره ألف جنيه. وقال في بيان دعواه إنه يمتلك كامل أرض وبناء المنزل رقم 4 بشارع قلعة الروضة قسم مصر القديمة بحكم مرسى مزاد وقد تضمن عقد تمليك سلفه المنزوع ملكيتها "استر عبد النور" التزامات وقيود اشترطتها شركة توحيد الأراضي المصرية البائعة لها من بينها التزام المشترية بترك ثلاث أمتار فضاء على الأقل من الحد الشرقي ومترين من باقي الحدود ولقد راعى هو والمالكة الأصلية تنفيذ هذه الشروط إلا أن المطعون ضدها المالكة للقطعتين رقمي 6 و8 بطريق الشراء من نفس الشركة بعقد تضمن ذات القيود والاشتراطات شرعت في منتصف سنة 1948 في تشييد مبان على القطعة رقم 6 التي تقع في الناحية البحرية من ملكه على مسافة 1.20 متر من حده فرفع الدعوى رقم 1643 سنة 1948 مستعجل مصر ضدها بطلب إيقاف أعمال البناء وحكم في هذه الدعوى ابتدائياً واستئنافياً بإيقاف تلك الأعمال على أن ترفع دعوى الموضوع في بحر شهر من تاريخ إعلانه بالحكم إلا أن المطعون ضدها عادت وأقامت مباني الواجهة على الصامت ولم تترك مسافة الثلاثة أمتار كما أنشأت خارجة بمقدار 1.20 متر سدت المنفذ البحري لملكه وحبست عنه النور والهواء وخارجة بمقدار 80 سم في الشقة القبلية ولم تترك مسافة المترين وأنشأت مرحاضاً بحديقة منزلها في الفضاء المتروك والبالغ مسطحه متران ملاصقاً لملكه، وإذ كان قد لحقه من إنشاء هذا المرحاض وأعمال البناء الأخرى المخالفة لشروط وقيود البناء الواردة في عقد شراء المطعون ضدها أضراراً جسيمة منها إعراض المستأجرين عن السكنى في عمارته مما أدى إلى نقص غلتها فقد أقام هذه الدعوى بطلب تعويضه عن هذه الأضرار. دفعت المطعون ضدها بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في القضية رقم 3284 سنة 1948 كلي مصر التي أقامها عليها الطاعن بطلب إزالة ما أقامته من مبان بالمخالفة لشروط الشركة البائعة والتي قضى برفضها تأسيساً على أن الطاعن ومن عداه من الملاك المجاورين خالفوا تلك الشروط وتنازلوا عنها. وبتاريخ 20/ 4/ 1957 قضت محكمة أول درجة برفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها وبجواز نظرها تأسيساً على اختلاف الموضوع والسبب في الدعويين، وقبل الفصل في الموضوع بندب خبير لمعاينة ملك المطعون ضدها وأداء المأمورية المبينة بمنطوق هذا الحكم. وقدم الخبير تقريراً بين فيه أعمال البناء التي أجرتها المطعون ضدها في عمارتها بالمخالفة لشروط وقيود البناء المنصوص عليها في عقد شرائها للأرض من شركة توحيد الأراضي المصرية وقدر الأضرار التي لحقت الطاعن بسبب هذه الأعمال وإنشاء المرحاض بمبلغ 400 جنيه إذا لم تعدل المرحاض الذي أقامته في مواجهة مدخل منزله وشرفاته وبمبلغ 240 جنيه إذا قامت المطعون ضدها بتعديل مباني المرحاض على النحو الذي اقترحه الخبير في تقريره. وفي 13 مايو سنة 1961 عدل الطاعن مبلغ التعويض المطالب به إلى 2000 جنيه. وبتاريخ 13/ 4/ 1963 قضت محكمة أول درجة بإلزام المطعون ضدها بأن تدفع الطاعن مبلغ 400 جنيه ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات. استأنفت المطعون ضدها هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 1194 سنة 80 ق طالبة إلغاءه والحكم برفض الدعوى. كما استأنفه الطاعن لدى ذات المحكمة الاستئناف رقم 1282 سنة 80 ق طالباً تعديل مبلغ التعويض المحكوم به إلى 2000 جنيه. وبتاريخ 3/ 11/ 1963 قررت محكمة الاستئناف ضم الاستئناف الثاني للأول للارتباط ثم قضت في 14/ 11/ 1964 في موضوع الاستئناف رقم 1282 سنة 80 ق برفضه وفي موضوع الاستئناف رقم 1194 سنة 80 ق بتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام المطعون ضدها بدفع مبلغ 160 جنيهاً. وبتقرير تاريخه 10 من يناير سنة 1965 طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وصممت على هذا الرأي بالجلسة المحددة لنظره.
وحيث إن الطعن بني على أربعة أسباب يتحصل أولها في أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون نتيجة خطئه في فهم الواقع في الدعوى، ذلك أنه استند في قضائه برفض دعوى التعويض المرفوعة من الطاعن إلى ما أثبته الحكم الصادر في الدعوى رقم 3284 سنة 1948 كلي مصر من أن شروط وقيود البناء التي اشترطتها الشركة البائعة في عقود البيع الصادر منها لم تعد ملزمة للمشترين لتنازلهم عنها ضمناً وأنه لذلك فلا يجوز أن تكون مخالفتها أساساً لدعوى التعويض، وهذا الذي استندت إليه محكمة الاستئناف في حكمها المطعون فيه يخالف ما قضت به محكمة أول درجة من رفض الدفع بعدم قبول الدعوى لسبق الفصل فيها في الدعوى رقم 3284 سنة 1948 المشار إليها وما قضت به في منطوق حكمها من إلزام المطعون ضدها بالتعويض كما يخالف القانون والاتفاق لأن القيود والشروط الواردة في سند تمليك المشترين وقد وصفت بأنها حقوق ارتفاق فإنه يجب احترامها والأخذ بها. ويتحصل السبب الثاني في أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون ذلك أنه على الرغم من تسليمه بأن حكم المادة الخامسة من القانون المدني القائم التي تتحدث عن إساءة استعمال الحق وحكم المادة 807 من نفس القانون التي تحرم عن المالك الغلو في استعمال حقه إلى حد الإضرار بملك الجار كانا مقررين من قبل صدور ذلك القانون فإن الحكم المطعون فيه رأى بغير سند من القانون أن القاعدة الواردة في المادة الأخيرة لا تنطبق إلا على المرحاض الذي أنشأته المطعون ضدها في ملكها بحالة تضر ضرراً فاحشاً وغير مألوف بالجار مع أن مخالفة المطعون ضدها لقيود البناء الواردة في عقد تمليكها يعتبر خطأ منها ترتب عليه ضرر بالطاعن ومن ثم يستوجب مسئوليتها عن التعويض طبقاً للمادة 151 من القانون المدني القديم المنطبق على واقعة الدعوى لأن الشخص وإن كان حراً في كيفية الانتفاع بملكه إلا أن هذا مشروط بألا يضر هذا الانتفاع بحق الغير.
وحيث إن النعي بهذين السببين غير سديد، ذلك أن الواقع في الدعوى كما يبين من أوراقها أن الطاعن أقام أولاً الدعوى رقم 3284 سنة 1948 كلي القاهرة على المطعون ضدها طالباً إزالة جميع المباني والإنشاءات المقامة على الحد القبلي لملكها لمسافة قدرها متران وأسس الطاعن دعواه تلك على أن هذه المباني والإنشاءات التي يطلب إزالتها مخالفة لقيود البناء الواردة في عقد تمليك المطعون ضدها وهو عقد البيع الصادر إليها من نفس الشركة البائعة لسلفه وقد قضي ابتدائياً واستئنافياً في الدعوى المذكورة برفضها، تأسيساً على ما ثبت من تقرير الخبير المعين فيها من أن الطاعن نفسه قد خالف هذه القيود والاشتراطات ببنائه في الجهة القبلية من منزله على مسافة تقل عن مترين من ملك الجار مخالفاً بذلك البند الخامس من شروط الشركة البائعة كما أحدث خارجة بطول متر على الشارع كما أن أغلب الملاك في الشارع قد خالفوا ما فرضته هذه الشركة عليهم من قيود دون أن تقوم هي من جانبها أو يقوم أحد ممن فرضت هذه القيود لمصلحتهم بالتمسك بها، واستخلصت المحكمة من ذلك كله أن هذه القيود قد سقطت بالتنازل الضمني ورتبت على ذلك أن المطعون ضدها كان لها العذر في عدم التقيد بها. وإذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد رفض الدفع الذي أبدته المطعون ضدها بعدم جواز نظر الدعوى الحالية المقامة من الطاعن لسبق الفصل فيها في الدعوى 3284 سنة 1948 كلي القاهرة المشار إليها تأسيساً على اختلاف الموضوع والسبب في الدعويين وكان الحكم قد أقام قضاءه في الدعوى الحالية برفض التعويض المطالب به من الطاعن عن مخالفة المطعون ضدها لقيود البناء الواردة في عقد تمليكها على "أن هذه القيود التي اشترطتها الشركة البائعة لم تعد ملزمة للمشترين لأنهم تنازلوا عنها ضمناً وذلك على ما أثبته الحكم الذي صدر في الدعوى رقم 3284 سنة 1948 بين الطرفين وأنه لهذا فلا يجوز أن تكون مخالفة هذه الشروط على اعتبار أنها حقوق ارتفاق أساساً لدعوى التعويض وأنه من ذلك يتضح خطأ محكمة أول درجة في بناء حكمها على مخالفة شروط البناء المنصوص عليها في عقود الملكية". ثم عرض الحكم بعد ذلك للأساس الآخر الذي أقام عليه الطاعن طلب التعويض وهو إساءة الجار استعمال حقه في الانتفاع بملكه والغلو في استعمال هذا الحق إلى حد الإضرار بملك الجار ضرراً غير مألوف، والاستناد في ذلك إلى المادتين 5، 807 من القانون المدني القائم. وذكر الحكم المطعون فيه أن القاعدة الواردة في هاتين المادتين كانت مقررة من قبل صدور هذا القانون ثم قال "وبما أن هذه المحكمة ترى أن هذه القاعدة لا تشمل سوى إنشاء المرحاض بحالة تضر ضرراً فاحشاً غير مألوف بالجار وأن المستأنف ضدها (المطعون ضدها) لم تقم باتخاذ الإجراءات الكافية - كما أثبت ذلك الخبير - لمنع هذا الضرر وأن المحكمة ترى في تقدير التعويض عن هذا التصرف الأخذ بما جاء في تقرير الخبير الذي عينته محكمة أول درجة للأسباب التي بني عليها والتي تأخذ بها، وبما أن الخبير قدر التعويض عن إنشاء المرحاض بالشكل المعيب الذي بينه في تقريره بمبلغ 160 ج فإنه يتعين بالحكم به" ويبين من هذا أنه لا تناقض بين ما قضت به المحكمة من رفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها في الدعوى رقم 3284 سنة 1948 كلي القاهرة وبين ما قررته في حكمها المطعون فيه من أن مخالفة قيود البناء الواردة في عقد شراء المطعون ضدها على اعتبار أنها حقوق ارتفاق لا يجوز أن تكون أساساً لطلب التعويض لثبوت تنازل الطاعن وباقي المشترين من شركة توحيد الأراضي المصرية عن هذه القيود، ذلك أنه وإن كان قضاء المحكمة برفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى تأسيساً على اختلاف الموضوع والسبب فيها عنهما في الدعوى السابقة رقم 3284 لسنة 1948 يقتضي ألا يكون للحكم الصادر في تلك الدعوى السابقة حجية ملزمة في الدعوى الحالية إلا أن ذلك لا يمنع المحكمة بما لها من السلطة التامة في استنباط القرائن من أي مصدر تراه في تقدير الدليل الجائز الأخذ به، من أن تعتمد ما جاء بأسباب الحكم السابق، الذي كان من أوراق الدعوى، من ثبوت تنازل المشترين عن قيود البناء الواردة في عقود البيع الصادرة إليهم من الشركة المالكة الأصلية للأراضي وتتخذ من هذا التنازل سنداً لقضائها برفض طلب التعويض عن مخالفة هذه القيود إذ أن استنادها إليه لا يكون على اعتبار أن لذلك الحكم حجية تلزمها وإنما لاقتناعها بصحة النظر الذي أخذ به، وهذا هو ما يجب أن يحمل عليه مسلك الحكم. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه لم يخالف أيضاً القانون أو العقد لأنه لم ينكر اشتمال هذا العقد على قيود البناء تلك وإنما قضى بعدم جواز طلب التعويض على أساس مخالفتها لحصول التنازل عنها من الطاعن وباقي الملاك في الحي الذي يقع فيه ملكه وملك المطعون ضدها - ولا مخالفة في ذلك للقانون أو العقد - فإذا كان ذلك وكان تقدير التعسف والغلو في استعمال المالك لحقه من شئون محكمة الموضوع وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى أن إقامة المطعون ضدها لمبانيها على مسافة من ملك الطاعن تقل عن المسافة المشروطة في عقد شرائها لا يعتبر إساءة منها لاستعمال حقها أو غلواً منها في استعمال هذا الحق وكان هذا الذي انتهى إليه الحكم المطعون فيه سائغاً لأن التزام هذه المسافات لا تكون إلا باتفاق أو بنص في القانون وما دام الحكم قد انتهى إلى أن الطاعن قد تنازل عن هذه المسافات بل خالفها هو نفسه، فإنه لا يكون له بعد ذلك أن يعتبر عدم التزام المطعون ضدها لها خطأ منها أو غلواً في استعمال حقها كمالكة، وإذ كان الحكم المطعون فيه لم يقم قضاءه بالتعويض عن الضرر الناشئ من المرحاض الذي أنشأته المطعون ضدها على أنه مخالف لقيود البناء وإنما على أن إنشاءه بالصورة التي أنشئ بها يعتبر غلواً منها في استعمال حقها كمالكة إلى حد قد أضر بملك جارها الطاعن ضرراً يجاوز مضار الجوار المألوفة، فإن النعي بالسببين السابقين يكون في جميع ما تضمنه على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسببين الثالث والرابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في الإسناد والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه لم يرد على أسباب استئنافه ولم يعن ببحثها فيما تضمنته في بيان قيمة الأضرار المادية والأدبية التي حاقت به من جراء إساءة المطعون ضدها استعمال حقها، إذ أن الطاعن أوضح في السبب الأول من أسباب استئنافه أن التقدير الصحيح التعويض وفقاً لذات القواعد التي رسمها الخبير هو مبلغ 1120 ج وذلك قبل أن تتضاعف الأضرار بإقامة المطعون ضدها الدورين الثالث والرابع وهو الأمر الذي اضطر الطاعن من أجله إلى زيادة التعويض المطالب به إلى مبلغ ألفي جنيه، لكن المحكمة الابتدائية لم تدخل في تقديرها الضرر الناشئ عن إنشاء هذين الدورين واكتفت بما أورده الخبير في تقريره الأول المقدم قبل إنشائهما، ولم يرد الحكم المطعون فيه على المطاعن التي وجهها إلى تقرير الخبير وخاصة فيما تضمنه من إغفاله الضرر الناشئ عن عدم ترك المطعون ضدها للمسافات الواجب عليها تركها بين مبانيها واكتفى بتقدير التعويض عن الضرر الناشئ عن إقامة المرحاض بمبلغ 160 ج مقرراً أنه أخذ في ذلك بما جاء في تقرير الخبير مع أن هذا الخبير قد بين أن هناك أضراراً دائمة مستمرة تنتج من إقامة المرحاض بالصورة التي صورها في تقريره، وبهذا جاء تقدير الحكم المطعون فيه لهذه الأضرار غير متناسب معها كما أنه لم يقض بتعويض الضرر الذي أصاب الطاعن بسبب مخالفة المطعون ضدها الشروط والقيود الواردة في عقد تمليكها على الرغم من ثبوت هذا الضرر في تقرير الخبير الذي أخذ به الحكم الابتدائي، ولم يعرض الحكم المطعون فيه لأسباب هذا الحكم ولم يرد عليها.
وحيث إن هذا النعي مردود بما سبق الرد به على السببين السابقين من أن الحكم المطعون فيه لم ير تقدير أي تعويض عن مخالفة المطعون ضدها للمسافات وباقي قيود البناء الواردة في عقد تمليكها وذلك للأسباب التي استند إليها بحق على ما سلف بيانه في الرد على ذينك السببين، وإذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد تولى الرد على أسباب الحكم الابتدائي وبين علة مخالفته له كما أنه أخذ بتقدير الخبير للضرر الناشئ عن إقامة المرحاض ولم ينقص عنه وكان تقدير التعويض الجابر للضرر هو مما تستقل به محكمة الموضوع متى كان القانون لا يلزمها باتباع معايير معينة في شأنه، وكان ما يعيبه الطاعن على حكم محكمة أول درجة غير مقبول لأن الحكم المطعون فيه لم يأخذ به ولم يحل إلى أسبابه وكان ما قرره الحكم المطعون فيه يحمل الرد على جميع ما أثاره الطاعن في أسباب استئنافه مما يستأهل رداً، فإن النعي بهذين السببين يكون أيضاً على غير أساس ويتعين لما تقدم رفض الطعن.
ساحة النقاش