تقادم دعوى التعويض عن العمل غير المشروع. قيام دعوى جنائية عن ذات العمل الضار. أثره. سريان مدة تقادم هذه الدعوى متى كانت أطول من مدة تقادم الدعوى المدنية مثال. بشأن جريمة اختلاس أموال أميرية.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 26 - صـ 1221
جلسة 17 من يونيه سنة 1975
برياسة السيد المستشار أحمد حسن هيكل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم السعيد ذكرى، وعثمان حسين عبد الله، ومحمد صدقي العصار، ومحمود عثمان درويش.
(233)
الطعن رقم 31 لسنة 41 القضائية
(1) مسئولية "مسئولية تقصيرية". تقادم "تقادم مسقط". تعويض.
تقادم دعوى التعويض عن العمل غير المشروع. قيام دعوى جنائية عن ذات العمل الضار. أثره. سريان مدة تقادم هذه الدعوى متى كانت أطول من مدة تقادم الدعوى المدنية مثال. بشأن جريمة اختلاس أموال أميرية.
(2) تقادم "تقادم مسقط". حكم "تسبيب الحكم".
الدفع بالتقادم. وجوب بحث المحكمة من تلقاء نفسها ما يعترض مدة التقادم من انقطاع متى استبانت من أوراق الدعوى قيام سببه.
1 - النص في المادة 172 من القانون المدني يدل - وعلى ما أفصحت عنه الأعمال التحضيرية للقانون المذكور - على أن دعوى التعويض الناشئة عن العمل غير المشروع تسقط بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي يعلم فيه المضرور بالضرر الحادث ويقف على شخص من أحدثه فإذا لم يعلم بالضرر الحادث أو لم يقف على شخص من أحدثه فلا يبدأ سريان هذا التقادم القصير ولكن تسقط دعوى المضرور على أي حال بانقضاء خمس عشرة سنة على وقوع العمل غير المشروع وإذ استتبع العمل الضار قيام دعوى جنائية إلى جانب الدعوى المدنية وكانت الدعوى الجنائية تتقادم بانقضاء مدة أطول سرت هذه المدة في شأن تقادم الدعوى المدنية ولما كان يبين مما قرره الحكم أن الطاعن يطالب بتعويض عن عمل غير مشروع وهو بالوصف الوارد به يرشح لتوافر أركان جريمة الاختلاس المنصوص عليها في المادة 112 من قانون العقوبات، وكانت مدة انقضاء الدعوى الجنائية في مواد الجنايات وهي عشر سنوات لا تبدأ في جرائم اختلاس الأموال الأميرية طبقاً لما نصت عليه المادة 119 مكرراً من قانون العقوبات إلا من تاريخ انتهاء الوظيفة ما لم يبدأ التحقيق فيها قبل ذلك، ولما كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى قبول الدفع بالتقادم الثلاثي تأسيساً على أن الطاعن لم يرفع دعواه بالتعويض إلا بعد أن مضت مدة تزيد على ست سنوات من تاريخ علمه بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه، وإذ كان الثابت أن دعوى التعويض على الصورة التي أوردها الحكم قد نشأت عن جريمة ولم يعرض الحكم لبحث وصف هذه الجريمة وللإجراءات التي اتخذتها النيابة العامة بعد أن أحيلت إليها الأوراق من النيابة الإدارية وأثرها على تقادم الدعوى المدنية طبقاً لما تقضي به المادة 172/ 2 من القانون المدني على ما سلف بيانه، لما كان ذلك. فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وعاره قصور يبطله.
2 - حسب المحكمة أن يدفع أمامها بالتقادم حتى يتعين عليها - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة [(1)] - أن تبحث شرائطه القانونية ومنها المدة بما يعترضها من انقطاع إذ أن حصول الانقطاع يحول دون اكتمال مدة التقادم مما يقتضي التثبت من عدم قيام أحد أسباب الانقطاع ومن ثم يكون للمحكمة ولو من تلقاء نفسها أن تقرر بانقطاع التقادم إذا طالعتها أوراق الدعوى لقيام سببه.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 468 لسنة 1968 مدني المنصورة الابتدائية ضد المطعون عليهما بصحيفة قدمت إلى قلم المحضرين في 9/ 4/ 1968 طالباً الحكم بإلزامهما متضامنين بأن يدفعا له مبلغ 283 ج و349 م، وقال بياناً لدعواه إن المطعون عليه الأول كان يعمل صرافاً بناحية منية مجاهد مركز دكرنس، وفي غضون سنة 1957 تسلم منه المبلغ سالف الذكر لحساب الأموال الأميرية المستحقة عليه غير أنه لم يقم بتوريده مما ترتب عليه توقيع الحجز الإداري على أمواله، فقدم شكوى إلى مصلحة الأموال المقررة التي قامت بتشكيل لجنة فنية لفحص أعماله وأسفر التحقيق عن صحة شكواه فأحالته المصلحة إلى النيابة الإدارية بالمنصورة، ولما تبين أن ما نسب إلى المطعون عليه الأول يكون جريمة فقد أحالت الأوراق إلى النيابة العامة التي تولت التحقيق وقيدت التحقيقات برقم 498 سنة 1965 إداري دكرنس وصدر فيها قرار بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية، وإذ كان هذا القرار لا يحوز أية حجية أمام القضاء المدني، وأصابه ضرر يتمثل في الإساءة إلى سمعته وحبس المبلغ عنه مدة أكثر من عشر سنوات وكانت وزارة الخزانة - المطعون عليها الثانية - مسئولة عن هذا الضرر الذي أحدثه تابعها المطعون عليه الأول بعمله غير المشروع فقد أقام الدعوى بطلباته. أقامت المطعون عليها الثانية دعوى ضمان فرعية ضد المطعون عليه الأول طلبت فيها الحكم بإلزامه بأن يدفع لها ما عسى أن يحكم به عليها. وبتاريخ 21/ 12/ 1969 حكمت المحكمة في الدعوى الأصلية وفي دعوى الضمان الفرعية بالطلبات. استأنف المطعون عليه الأول هذا الحكم بالاستئناف رقم 35 سنة 22 ق مدني المنصورة، وبتاريخ 9/ 11/ 1970 حكمت المحكمة برفض الدعويين الأصلية والفرعية. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة المشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، ويقول في بيان ذلك إن الحكم قضى بقبول الدفع وبسقوط دعوى التعويض بالتقادم الثلاثي وفق المادة 172/ 1 من القانون المدني تأسيساً على أنه قد انقضت أكثر من ثلاث سنوات منذ أن علم الطاعن بالضرر ومحدثه من تحقيقات النيابة الإدارية في سنة 1962 حتى تاريخ رفع الدعوى في سنة 1968، في حين أن المطعون عليه الأول يعمل صرافاً ونسب إليه أنه اختلس مبلغ 283 ج و349 م قيمة الأموال الأميرية المستحقة على الطاعن والتي تسلمها بسبب وظيفته لتوريدها للخزانة العامة، وهذا الفعل يكون جناية الاختلاس المعاقب عليها بالمادة 112 من قانون العقوبات، ومن ثم فإن دعوى التعويض الناشئة عنه لا تسقط بالتقادم إلا بسقوط الدعوى الجنائية طبقاً للفقرة الثانية من المادة 172 من القانون المدني، وإذ تنص المادة 119 مكرراً من قانون العقوبات على أنه لا تبدأ المدة المسقطة للدعوى العمومية في جرائم اختلاس الأموال الأميرية والغدر إلا من تاريخ انتهاء الوظيفة ما لم يبدأ التحقيق فيها قبل ذلك، وكانت مدة العشر سنوات المقررة لانقضاء الدعوى الجنائية في الجنايات لا تحسب إلا من 2/ 6/ 1965 تاريخ صدور قرار النيابة العامة في التحقيقات بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية وأقام الطاعن دعواه بالتعويض عن جريمة الاختلاس في سنة 1968 وقضى الحكم المطعون فيه بسقوط هذه الدعوى بالتقادم الثلاثي طبقاً للفقرة الأولى من المادة 172 من القانون المدني فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن النص في المادة 172 من القانون المدني على أنه "تسقط بالتقادم دعوى التعويض الناشئة عن العمل غير المشروع بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي علم فيه المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه، وتسقط هذه الدعوى في كل حال بانقضاء خمس عشرة سنة من يوم وقوع العمل غير المشروع. على أنه إذا كانت هذه الدعوى ناشئة عن جريمة، وكانت الدعوى الجنائية لم تسقط بعد انقضاء المواعيد المذكورة في الفقرة السابقة فإن دعوى التعويض لا تسقط إلا بسقوط الدعوى الجنائية"، يدل - وعلى ما أفصحت عنه الأعمال التحضيرية للقانون المذكور - على أن دعوى التعويض الناشئة عن العمل غير المشروع تسقط بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي يعلم فيه المضرور بالضرر الحادث ويقف على شخص من أحدثه فإذا لم يعلم بالضرر الحادث أو لم يقف على شخص من أحدثه فلا يبدأ سريان هذا التقادم القصير ولكن تسقط دعوى المضرور على أي حال بانقضاء خمس عشرة سنة على وقوع العمل غير المشروع، وإذ استتبع العمل الضار قيام دعوى جنائية إلى جانب الدعوى المدنية، وكانت الدعوى الجنائية تتقادم بانقضاء مدة أطول سرت هذه المدة في شأن تقادم الدعوى المدنية، ولما كان الحكم المطعون فيه قد أورد في أسبابه أن الثابت من أوراق النزاع أن التعويض المطلوب بسبب سداد المستأنف عليه الأول - الطاعن - ضرائب مستحقة عليه عن سنتي 1956 و1957 للمستأنف - المطعون عليه الأول - باعتباره صرافاً لناحية..... ولم يقم برصدها في الدفاتر الرسمية وأنه تقدم ضده بشكوى للمصلحة...... وقد اتهمه فيها باختلاس المبالغ موضوع الدعوى التي أقامها مطالباً بالتعويض استناداً إلى المسئولية التقصيرية وكان يبين مما قرره الحكم أن الطاعن يطالب بتعويض عن عمل غير مشروع وهو بالوصف الوارد به يرشح لتوافر أركان جناية الاختلاس المنصوص عليها في المادة 112 من قانون العقوبات، وكان حسب المحكمة أن يدفع أمامها بالتقادم حتى يتعين عليها - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن تبحث شرائطه القانونية ومنها المدة بما يعترضها من انقطاع إذ أن حصول الانقطاع يحول دون اكتمال مدة التقادم مما يقتضي التثبت من عدم قيام أحد أسباب الانقطاع، ومن ثم يكون للمحكمة ولو من تلقاء نفسها أن تقرر بانقطاع التقادم إذ طالعتها أوراق الدعوى بقيام سببه، وكانت مدة انقضاء الدعوى الجنائية في مواد الجنايات وهي عشر سنوات لا تبدأ في جرائم اختلاس الأموال الأميرية طبقاً لما نصت عليه المادة 119 مكرراً من قانون العقوبات إلا من تاريخ انتهاء الوظيفة ما لم يبدأ التحقيق فيها قبل ذلك، ولما كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى قبول الدفع بالتقادم الثلاثي طبقاً للمادة 172/ 1 من القانون المدني تأسيساً على أن الطاعن لم يرفع دعواه بالتعويض إلا بعد أن مضت مدة تزيد على ست سنوات من تاريخ علمه بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه، وكان الثابت أن دعوى التعويض على الصورة التي أوردها الحكم قد نشأت عن جريمة ولم يعرض الحكم لبحث وصف هذه الجريمة وللإجراءات التي اتخذتها النيابة العامة بعد أن أحيلت إليها الأوراق من النيابة الإدارية وأثرها على تقادم الدعوى المدنية طبقاً لما تقضي به المادة 172/ 2 من القانون المدني على ما سلف بيانه، لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وعاره قصور يبطله بما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
[(1)] نقض 3/ 12/ 1964 مجموعة المكتب الفني س 15 ص 1106.
ساحة النقاش