موقع المستشار/ البسيونى محمود أبوعبده المحامى بالنقض والدستورية العليا نقض جنائي- مدني- مذكرات- صيغ- عقود محمول01277960502 - 01273665051

authentication required

خطابات الضمان مقابل تسليم سند شحن نظيف. لا حجية لها قبل الغير حامل السند. هذه الخطابات لا مخالفة فيها لمعاهدة بروكسل طالما لم تتضمن اتفاقاً بإعفاء الناقل من المسئولية أو لم تكن مشوبة بالغش.

الحكم كاملاً

أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 26 - صـ 1247

جلسة 23 من يونيه سنة 1975

برياسة السيد المستشار محمود العمراوي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد فتحي مرسي، ومصطفى الأسيوطي، ودكتور مصطفى كيره، وأحمد سيف الدين سابق.

(239)
الطعن رقم 339 لسنة 40 القضائية

(1) محكمة الموضوع. حكم. دعوى.
إجابة طلب إعادة الدعوى إلى المرافعة بعد حجزها للحكم. من إطلاقات محكمة الموضوع.
(2) تقادم "تقادم مسقط" "نقل بحري".
الدعوى بطلب تسليم البضاعة. تقادمها بانقضاء سنة من تاريخ وصول السفينة. عدم سريان هذا التقادم على غير الدعاوى الموجهة ضد الناقل البحري الناشئة عن إخلاله بالتزامه بالتسليم.
(3) إثبات. تعويض. مسئولية. نقل بحري.
خطابات الضمان مقابل تسليم سند شحن نظيف. لا حجية لها قبل الغير حامل السند. هذه الخطابات لا مخالفة فيها لمعاهدة بروكسل طالما لم تتضمن اتفاقاً بإعفاء الناقل من المسئولية أو لم تكن مشوبة بالغش.
(4) نقل بحري "الإكراه". نقض "السبب الجديد".
تمسك الشاحن بأنه كان واقعاً تحت إكراه عند توقيعه على خطاب الضمان للناقل. عدم جواز إبدائه لأول مرة أمام محكمة النقض.
1 - إعادة الدعوى إلى المرافعة بعد حجزها للحكم، وبعد إتاحة المجال لأطرافها لإبداء دفاعهم فيها هو من إطلاقات محكمة الموضوع، ولا تثريب عليها إن هي رفضت الاستجابة لهذا الطلب، متى رأت أنه لم يقصد به سوى إطالة أمد الخصومة وتأخير الفصل في الدعوى.
2 - التقادم الوارد في المادة 271 من قانون التجارة البحري والتي تقضي بأن "الدعاوى المتعلقة بتسليم البضائع يسقط الحق فيها بعد وصول السفينة بسنة" إنما شرع لحماية الناقل البحري من المطالبات المتأخرة بشأن تسليم البضاعة رغبة من المشرع في إنهاء المنازعات الناشئة عن عقد النقل البحري خشية ضياع معالم الإثبات، ومن ثم فلا يسري هذا التقادم على غير الدعاوى الموجهة ضد الناقل البحري والناشئة عن إخلاله بالتزامه بالتسليم. وإذ كانت الدعوى موضوع الطعن ليست موجهة إلى الناقل البحري ولا تستند إلى التزامه بالتسليم وإنما هي مقامة من الناقل البحري ضد الشركة الطاعنة (الشاحنة) يطالبها فيها بالتعويض الذي دفعه إلى المرسل إليه استناداً إلى خطاب الضمان الذي أصدرته هذه الشركة مقابل حصولها على سند شحن نظيف وخال من التحفظات فإن هذه الدعوى لا تعتبر من دعاوى تسليم البضاعة التي تخضع للتقادم المنصوص عليه في المادة 271 من قانون التجارة البحري.
3 - خطابات الضمان التي يثبت فيها الشاحن التحفظات التي طلب الناقل إدراجها في سند الشحن ولكنها لم تدرج به استجابة لرغبة الشاحن، والتي يتعهد الشاحن بمقتضاها بضمان كافة النتائج التي تترتب على عدم مطابقة البضاعة عند التسليم للبيانات الواردة في سند الشحن إذا ما تعرض الناقل للمطالبة من قبل الغير بالتعويض وذلك مقابل أن يسلمه الناقل سند الشحن نظيفاً وخالياً من هذه التحفظات فيسهل للشاحن التعامل على البضاعة بسند الشحن والحصول بمقتضاه على الائتمان من البنوك، هذه الخطابات - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة [(
1)] - باعتبارها حجة على عاقديها وحدهما - الشاحن والناقل - ولا يجوز الاحتجاج بها على الغير من حاملي سندات الشحن، لا مخالفة فيها لمعاهدة سندات الشحن الموقعة في بروكسل طالما أن المقصود بها دحض قرينة الإثبات المستمدة من سند الشحن في العلاقة بين الناقل والشاحن، ولم تتضمن اتفاقاً على إعفاء الناقل من المسئولية ولم تكن مشوبة عند إصدارها بقصد إيهام الغير وإدخال الغش عليه عند تداول سند الشحن.
4 - إذ كانت الشركة - الشاحنة - تثير أنها كانت واقعة تحت إكراه عند توقيعها على خطاب الضمان - للناقل - ولم يثبت من الأوراق أنها تمسكت بهذا الدفاع أمام محكمة الموضوع، فلا يقبل منها إبداؤه لأول مرة أمام محكمة النقض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الشركة المطعون ضدها الأولى بوصفها وكيلة عن الباخرة "هيردس تورم" وملاكها بمصر أقامت الدعوى رقم 829 سنة 1965 تجاري كلي الإسكندرية ضد الشركة الطاعنة طالبة القضاء بإلزامها بأن تؤدي إليها مبلغ 15303 جنيهات استرلينية و4 بنسات أو ما يقابله بالعملة المصرية والفوائد بواقع 5 %، وأسست دعواها على أنها تعاقدت مع الشركة الطاعنة على نقل كمية من البطاطس قدرها 20025 صندوق من الإسكندرية إلى لندن على الباخرة "هيروس تورم" وعند قيام الشركة الطاعنة بشحن هذه الرسالة أعطى ضابط أول السفينة عن الكمية إيصالاً غير نظيف يحتوي على تحفظات "بأن جميع الصناديق مكسورة وبعضها تم إصلاحه وعدد 92 صندوق عجز". ولما أراد ربان السفينة إثبات هذه التحفظات في سند الشحن ورأت الشركة الطاعنة أن ذلك في غير صالحها، إذ قد يرفض البنك المفتوح عليه الاعتماد قبول سند شحن غير نظيف، عرضت على ربان السفينة أن يصدر سند شحن نظيفاً وخالياً من التحفظات في مقابل إعطائه خطاب ضمان تعهدت فيه الطاعنة بتحمل المسئولية المترتبة على عدم إثبات هذه التحفظات في مواجهة المرسل إليهم وتسوية أي نزاع ينشأ بهذا الخصوص معهم مباشرة وفي مقابل خطاب الضمان المذكور وسلم وكيل السفينة إلى الشركة الطاعنة سندي شحن نظيفين وفي 14/ 5/ 1963 وصلت السفينة الناقلة إلى لندن، وعند تفريغ البضاعة اكتشف المرسل إليهم أن تلفاً كبيراً قد أصابها فعهدوا إلى خبراء رسميين بمعاينتها وثبت من تقريرهم أن الصناديق التي عبئت فيها البطاطس ضعيفة للغاية وأن عدداً كبيراً منها كان مكسوراً ومفككاً تماماً وأن البطاطس قد تسربت من تلك الصناديق وشمعت مما جعل جانباً كبيراً منها غير صالح للاستهلاك الآدمي وأن سبب التلف لا يمكن أن يرجع إلى أي خطأ أو فعل من الناقل خلال الرحلة البحرية لأن البضاعة كانت مرصوصة في عنابر السفينة رصاً محكماً وفق الأصول الفنية وفي أول أغسطس سنة 1963 تسلمت الشركة صاحبة السفينة من المرسل إليهم ومن المؤمنين مطالبة بمبلغ 24576 جك و15 شلن و2 بنس قيمة التعويض عن التلف والعجز الذي أصاب البضاعة فبادرت الشركة المطعون ضدها الأولى بإخطار الشركة الطاعنة وطلبت إليها الاتصال بمشتري البضاعة في لندن لتسوية النزاع معهم مباشرة وفقاً لتعهدها في خطاب الضمان إلا أن الشركة الطاعنة لم تقبل أية تسوية وانتهى الأمر إلى أن رفع هؤلاء المشترون ومؤمنو البضاعة دعوى على الشركة المطعون ضدها الأولى أمام محكمة لندن العليا بقيمة التعويض المطالب به، فبادرت الشركة المطعون ضدها الأولى بإنذار الشركة الطاعنة في 8/ 12/ 1964 بتسوية الخلاف أو التدخل في الدعوى، وفي أثناء ذلك حدثت اتصالات بين المرسل إليهم والمؤمنين وبين الشركة صاحبة السفينة، وانتهت إلى اتفاق بتسوية النزاع في الدعوى مقابل مبلغ 15000 ج فقامت الشركة المطعون ضدها الأولى بوصفها وكيلة عن ملاك السفينة بإخطار الشركة الطاعنة بهذا العرض، ونبهت عليها بأنها إذا لم تبلغها خلال عشرة أيام بتعهد صريح تلتزم بموجبه بالتدخل في الدعوى، فإنها سوف تقبل العرض، إلا أن الشركة الطاعنة أجابتها بخطاب في 18/ 2/ 1968 أنكرت فيه صلتها بالنزاع، ونتيجة لذلك لم تر الشركة مالكة السفينة بداً من تسوية النزاع صلحاً فقامت بسداد مبلغ 15304 جنيهات استرلينية و4 بنسات شاملة الفوائد كتسوية نهائية للنزاع. وأنه لما كانت الشركة الطاعنة مسئولة عن هذا المبلغ طبقاً لخطاب الضمان الصادر منها في 7/ 5/ 1963 فقد أقامت الشركة المطعون ضدها الأولى هذه الدعوى بطلباتها السابقة. وفي خلال سير الدعوى وجهت الشركة الطاعنة دعوى ضمان إلى المطعون ضدهم من الثاني إلى الرابع طالبة القضاء بإلزامهم بما يحكم به عليها في الدعوى الأصلية بوصفهم موردي كميات البطاطس موضوع النزاع. وفي 6/ 2/ 1968 قضت محكمة الإسكندرية الابتدائية (أولاً) برفض الدفع بسقوط لدعوى المبدى من الشركة الطاعنة وبإلزامها بأن تدفع للشركة المطعون ضدها الأولى بصفتها مبلغ 18742 ج و503 م والفوائد بواقع 5 %، (ثانياً) برفض دعوى الضمان المقامة من الشركة الطاعنة. استأنفت الشركة الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 214 سنة 24 ق تجاري، ومحكمة استئناف الإسكندرية قضت في 25/ 2/ 1970 بتأييد الحكم المستأنف، طعنت الشركة الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبعة أسباب تنعى الطاعنة بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه القصور لإغفاله دفاعاً جوهرياً، وفي بيان ذلك تقول إنها تقدمت بعد حجز الدعوى للحكم وأثناء الأجل المحدد لتقديم المذكرات بمذكرة أوضحت فيها أن الشركة المطعون ضدها الأولى سحبت مستنداً بحجة عدم تعلقه بالنزاع الراهن وهو عبارة عن تقرير خبير عاين البضاعة عند وصولها لميناء لندن، ورد به أن سبب العجز والتلف الذي أصاب البضاعة يرجع إلى خطأ الناقل أثناء الرحلة البحرية بسبب سوء الرص وسرقة عدد من الصناديق، وطلبت الطاعنة إعادة الدعوى للمرافعة لإيداع هذا المستند، ولتقديم مستند آخر عبارة عن شهادة من شركة المراجعة بمصر تثبت أن البضاعة كانت معبأة في صناديق جديدة وسليمة إلا أن المحكمة لم تستجب لهذا الطلب، مما يجعل حكمها مشوباً بالقصور والإخلال بحق الدفاع.
وحيث إن هذا النعي في غير محله. ذلك أن إعادة الدعوى إلى المرافعة بعد حجزها للحكم وبعد إتاحة المجال لأطرافها لإبداء دفاعهم فيها هو من إطلاقات محكمة الموضوع ولا تثريب عليها إن هي رفضت الاستجابة لهذا الطلب متى رأت أنه لم يقصد به سوى إطالة أمد الخصومة وتأخير الفصل في الدعوى، ولما كان الثابت من الحكم المطعون فيه أن الطاعنة تقدمت، بعد حجز الدعوى للحكم بطلب إعادتها للمرافعة لإيداع التقرير الذي ذكرت أن الشركة المطعون ضدها الأولى قد سحبته بحجة أن هذا التقرير قد تضمن أن سبب التلف يرجع إلى خطأ الناقل فلم تجبها المحكمة إلى طلبها لما رأته من أن "ما تثيره الطاعنة في هذا الشأن لا دليل عليه ويقصد به مجرد المطل والتسويف إذ لو صح أمره لما غاب عن الطاعنة التمسك به أمام محكمة الدرجة الأولى، ولما سكتت عن ترديده في صحيفة الاستئناف." لما كان ذلك فإن ما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه من قصور وإخلال بالدفاع يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسببين الثاني والخامس على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك تقول إن الواضح من صحيفة الدعوى التي أقامتها الشركة المطعون ضدها الأولى أن المبلغ الذي قامت بسداده لمشتري البضاعة وقدره 15304 جك و4 بنسات كان تسوية نهائية وكاملة لكافة المطالبات الناشئة عن العجز والتلف الذي أصاب البضاعة ومؤدى ذلك أن هذا المبلغ لم يكن نتيجة للتحفظات الواردة في خطاب الضمان فحسب، وإنما يشمل كذلك الأضرار التي أصابت الرسالة بإهمال الناقل والتي يدل عليها تقرير الخبير الذي سحبته الشركة المطعون ضدها الأولى، ويؤيد ذلك أن التقرير البحري الذي قدمته المطعون ضدها الأولى أمام محكمة الاستئناف واستندت إليه المحكمة في قضائها قد أثبت أن عملية إصلاح الصناديق وفرز وإعادة تعبئة البضاعة قد تكلفت 5998.12.8 جك وهو المبلغ الذي كان ينبغي على المحكمة القضاء به ضد الطاعنة إن صح ما جاء بهذا التقرير، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه - إذ قضى على الطاعن بكامل المبلغ المطالب به -، قد جاء مشوباً بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أن المبلغ المقضى به لم يكن مقابل عملية إصلاح الصناديق وإعادة فرز وتعبئة البضاعة بعد وصولها إلى لندن والتي أثبت الحكم أنها تكلفت وحدها 5998 جك، وإنما كان مقابل ما أصاب الرسالة من عجز وتلف بسبب التغليف الرديء وعدم كفايته وهو ما تسأل عنه الشركة الطاعنة بمقتضى خطاب الضمان وما ورد به من تحفظات وأنه ثبت من الإيصال المؤرخ 26/ 2/ 1965 أن الشركة الناقلة قامت بدفع مبلغ 15304 جك و4 بنسات كتعويض عن العجز والتلف. ومن ثم يكون ما تنعاه الطاعنة في هذا الشأن على غير أساس أما ما تثيره الطاعنة بصدد ما ورد في التقرير الذي ذكرت أن الشركة المطعون ضدها الأولى قد سحبته، فإن الثابت أنها لم تثر هذا الدفاع خلال نظر الدعوى أمام محكمة الموضوع، وإنما أشارت إليه في طلب إعادة الدعوى للمرافعة الذي رفضته المحكمة للأسباب السائغة التي أوردتها، ومن ثم فإن النعي الذي يستند إلى ما ورد بهذا التقرير لا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون. وفي بيان ذلك تقول إنها دفعت أمام محكمة الموضوع بسقوط الحق في إقامة الدعوى تطبيقاً لنص المادة 271 من القانون البحري التي تقضي بأن جميع الدعاوى المتعلقة بتسليم البضاعة يسقط الحق فيها بعد وصول السفينة بسنة إلا أن الحكم المطعون فيه قضى برفض هذا الدفع استناداً إلى أن الدعاوى المقصودة بهذا النص هي الدعاوى التي يرفعها الشاحن أو المرسل إليه على الناقل نتيجة إخلاله بالتزامه بالتسليم دون الدعاوى التي يرفعها الناقل ضد الشاحن أو المرسل إليه وهو من الحكم خطأ في القانون، ذلك أن المادة 271 لم تحدد نوعاً خاصاً من الدعاوى بل جاءت شاملة لكل دعوى متعلقة بتسليم البضاعة سواء كانت مرفوعة من الشاحن على الناقل أو من الناقل على الشاحن، ولما كان الثابت من خطاب الضمان الصادر من الطاعنة أنه خاص بضمان ما يترتب على مطالبة الناقل بتعويضات قد تنشأ عن تسليم البضاعة في ميناء الوصول، فإن موضوع هذه الدعوى يدخل في نطاق الحالات التي نصت عليها المادة 271 من القانون البحري.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن التقادم الوارد في المادة 271 من قانون التجارة البحري والتي تقضي بأن الدعاوى المتعلقة بتسليم البضائع يسقط الحق فيها بعد وصول السفينة بسنة، إنما شرع لحماية الناقل البحري من المطالبات المتأخرة بشأن تسليم البضاعة رغبة من المشرع في سرعة إنهاء المنازعات الناشئة عن عقد النقل البحري خشية ضياع معالم الإثبات، ومن ثم فلا يسري هذا التقادم على غير الدعاوى الموجهة ضد الناقل البحري والناشئة عن إخلاله بالتزامه بالتسليم، ولما كانت الدعوى موضوع الطعن ليست موجهة إلى الناقل البحري ولا تستند إلى التزامه بالتسليم وإنما هي مقامة من الناقل البحري ضد الشركة الطاعنة (الشاحنة) يطالبها فيها بالتعويض الذي دفعه إلى المرسل إليه استناداً إلى خطاب الضمان الذي أصدرته هذه الشركة مقابل حصولها على سند شحن نظيف وخال من التحفظات فإن هذه الدعوى لا تعتبر من دعاوى تسليم البضاعة التي تخضع للتقادم المنصوص عليه في المادة 271 من قانون التجارة البحري وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر في قضائه، فإن لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.
وحيث إن مبنى السبب الرابع مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك تقول الطاعنة إن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أخطأ إذ اعتبر خطاب الضمان المؤرخ 7/ 5/ 1963 غير متضمن إعفاء الناقل من المسئولية الذي تحرمه المادة 3/ 6 من معاهدة سندات الشحن وأنه لم ينطو على غش ذلك أن المادة الثالثة من هذه المعاهدة تقضي بإلزام الناقل بأن يسلم إلى الشاحن سند شحن يتضمن بالإضافة إلى البيانات المعتادة الواردة بهذه المادة البيان الخاص بحالة البضاعة وشكلها الظاهري ويترتب على مخالفة هذه المادة البطلان المطلق. ولما كان الثابت من أوراق الدعوى أن ضابط أول السفينة كان قد أصدر إيصالاً غير نظيف يتضمن بعض التحفظات بشأن حالة البضاعة وإزاء إصرار الربان على إثبات هذه التحفظات في سند الشحن اضطرت الشركة الطاعنة مكرهة لتحرير خطاب الضمان للحصول على سند شحن نظيف فإن مؤدى ذلك أن الربان لم يثبت في سند الشحن حالة البضاعة الظاهرة مقابل خطاب الضمان الذي أصدرته الطاعنة مخالفاً بذلك نص المادة الثالثة من المعاهدة مما يجعل هذا الخطاب باطلاً بطلاناً مطلقاً لانطواء الواقعة على الغش ولما يحمله الخطاب من معنى إعفاء الناقل من المسئولية أو على الأقل تخفيفها، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه إذ ألزم الطاعنة بالمبلغ المقضى به استناداً إلى هذا الخطاب الباطل قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن خطابات الضمان التي يثبت فيها الشاحن التحفظات التي طلب الناقل إدراجها في سند الشحن ولكنها لم تدرج به استجابة لرغبة الشاحن، والتي يتعهد الشاحن بمقتضاها بضمان كافة النتائج التي تترتب على عدم مطابقة البضاعة عند التسليم للبيانات الواردة في سند الشحن إذا تعرض الناقل للمطالبة من قبل الغير بالتعويض وذلك مقابل أن يسلمه الناقل سند الشحن نظيفاً وخالياً من هذه التحفظات فيسهل للشاحن التعامل على البضاعة بسند الشحن والحصول بمقتضاه على الائتمان من البنوك هذه الخطابات - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - باعتبارها حجة على عاقديها وحدهما - الشاحن والناقل - ولا يجوز الاحتجاج بها على الغير من حاملي سندات الشحن، لا مخالفة فيها لمعاهدة سندات الشحن الموقعة في بروكسل طالما أن المقصود بها دحض قرينة الإثبات المستمدة من سند الشحن في العلاقة بين الناقل والشاحن، ولم تتضمن اتفاقاً على إعفاء الناقل من المسئولية، ولم تكن مشوبة عند إصدارها بقصد إيهام الغير وإدخال الغش عليه عند تداول سند الشحن وإذ كان ذلك، وكان الثابت من الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أن الشركة المطعون ضدها الأولى وهي الشركة الناقلة إنما تتمسك بخطاب الضمان موضوع النزاع في دعواها قبل الشاحن، وكان هذا الخطاب قد سلمته الطاعنة إلى الشركة المطعون ضدها الأولى حتى لا تدرج التحفظات التي أرادت إثباتها في سند الشحن عن حالة البضاعة من أن صناديقها مكسورة وبها عجز، ولم يتضمن الخطاب إعفاء من المسئولية الذي تحرمه المادة 3/ 6 من معاهدة سندات الشحن. فإن نعي الشركة الطاعنة على هذا الخطاب بالبطلان يكون على غير أساس سليم. أما ما تثيره الشركة الطاعنة من أنها كانت واقعة تحت إكراه عند توقيعها على هذا الخطاب، فإنه لم يثبت من الأوراق أنها تمسكت بهذا الدفاع أمام محكمة الموضوع ومن ثم فلا يقبل منها إبداؤه لأول مرة أمام محكمة النقض.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب السادس على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وفي بيان ذلك تقول إنها تمسكت أمام محكمة الاستئناف بأن الشركة المطعون ضدها الأولى قامت بتسوية النزاع بينها وبين مشتري البضاعة في الدعوى المقامة عليها بلندن بطريق الصلح، دون أن تتخذ الإجراءات لاختصام الطاعنة في هذه الدعوى مما يجعل هذا الصلح غير حجة عليها. وإذ أغفل الحكم المطعون فيه الرد على هذا الدفاع الجوهري فإنه يكون قاصر التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود بما أورده الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه من "أن المدعية (المطعون ضدها الأولى) قد أخطرت الشركة الطاعنة بمغايرة البضاعة عما هو ثابت في سند الشحن، وطلبت إليها التدخل في تلك الدعوى ، فأجابت الشركة الطاعنة بإرسالها مندوبين لتسوية النزاع ولكنها لم تفعل، ثم بادرت الشركة المطعون ضدها الأولى بإخطار الشركة الطاعنة بمفاوضات الصلح ولكنها تقاعست فلم تحرك ساكناً أو تتدخل في الدعوى المذكورة لدفع ما وجهه المرسل إليه للشركة المطعون ضدها الأولى من طلبات" وهذا الذي قرره الحكم يتضمن الرد الكافي على دفاع الطاعنة في هذا الشأن، ومن ثم يكون ما تنعاه على الحكم المطعون فيه من قصور في التسبيب لإغفاله الرد على دفاعها في هذا الصدد على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب السابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه استند في قضائه برفض دعوى الضمان إلى أن الثابت من تقرير الخبير البحري أن ما أصاب البضاعة من تلف يرجع إلى سوء حالة الصناديق ذاتها، وعدم ملاءمة الخشب المصنوعة منه، وإذ كانت هذه الصناديق مسلمة من الطاعنة للخصوم المدخلين، وكان الشحن قد تم في حضورها بدليل إصدارها خطاب الضمان بما يحمله من تحفظات، ودون اتخاذ أي إجراءات تثبت حقها قبل المدخلين مما يعد إقراراً ضمنياً بأن الخطأ يرجع إليها بتسليمها صناديق غير سليمة....... وهذا الذي قرره الحكم لا سند له من الأوراق ذلك أن الثابت أن مندوب الشركة وقع خطاب الضمان في 7/ 5/ 1963 أي قبل تمام عملية الشحن كما أنه لا دليل على أن الأخشاب التي سلمت من الشركة الطاعنة للمدخلين كانت من نوع غير صالح لتعبئة هذا النوع من البضاعة وإلا لاعترضوا على ذلك ورفضوا استلامها، فضلاً عن أن من الجائز أن يكونوا أثناء عملية التعبئة قد غيروا نوع الأخشاب التي سلمتها إليهم الشركة الطاعنة... يضاف إلى ذلك أن مسئوليتهم عن البيع فوب لا تنتهي إلا بتسليم البضاعة على ظهر السفينة في حالة جيدة.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه يبين من الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه برفض دعوى الضمان الموجهة إلى الخصوم المدخلين (المطعون ضدهم من الثاني إلى الرابع) على ما أورده من "أن الثابت من العقود التي تستند إليها الطاعنة أن المدعى عليهم في دعوى الضمان هم الذين قاموا بتوريد البطاطس وشحنه وإن الطاعنة هي التي قامت بتسليم موردي البضاعة الصناديق والأكياس المخصصة لتعبئتها. كما أن الثابت بخطاب الضمان المؤرخ 7/ 5/ 1963 أن التحفظات التي أبداها ربان الباخرة والمدرجة في هذا الخطاب تخلص في أن الصناديق جميعها مكسورة وأن صيانتين قد سقطتا في البحر. ولما كان المدعى عليهم في دعوى الضمان غير مسئولين عن الصناديق التي سلمتها الطاعنة لهم لتعبئة البطاطس، فضلاً عن عدم مساءلتهم عن العجز أو الصيانتين اللتين سقطتا في البحر. وإذا أضيف إلى ذلك أن البيع قد تم فوب حيث تنتهي مسئوليتهم بتسلم البضاعة على ظهر السفينة فتكون دعوى الضمان على غير أساس سليم." كما أضاف الحكم المطعون فيه "أن سوء حالة الصناديق في حد ذاتها وعدم ملاءمة الخشب المصنوعة منه تضمنها تقرير الخبير البحري وإذ صح أن الشحن قد تم في حضور الطاعنة بدليل صدور خطاب الضمان منها بما يحمله من تحفظات ودون أي إجراء ضد الخصوم المدخلين مثبت لما تدعيه من حق لها يعد إقراراً ضمنياً بأن الخطأ إنما يرجع إليها بتسليمها صناديق غير سليمة، يضاف إلى ذلك أن ما سقط في البحر من صيانتين لم تكشف الأوراق عن إمكان نسبته إلى خطأ أي منهم أثناء عملية الشحن" ولما كان يبين من ذلك أن الحكم المطعون فيه قد انتهى في نطاق سلطته الموضوعية إلى أن سبب التلف هو سوء التغليف الذي يرجع إلى عدم ملاءمة خشب الصناديق الذي قدمته الشركة الطاعنة إلى البائعين، وكان فيما أورده الحكم من أسباب سائغة لها مصدرها الثابت في الأوراق ما يكفي لحمل قضائه في هذا الشأن، فإن ما تثيره الطاعنة في سبب النعي لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا يقبل أمام محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم جميعه يكون الطعن على غير أساس ويتعين لذلك رفضه.


[(1)] نقض 22/ 3/ 1966 مجموعة المكتب الفني السنة 17 ص 627.

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 131 مشاهدة
نشرت فى 26 إبريل 2020 بواسطة basune1

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

4,958,620

الموقع الخاص بالاستاذ/ البسيونى محمود ابوعبده المحامى بالنقض والدستوريه العليا

basune1
المستشار/ البسيونى محمود أبوعبده المحامى بالنقض والدستورية العليا استشارات قانونية -جميع الصيغ القانونية-وصيغ العقود والمذكرات القانونية وجميع مذكرات النقض -المدنى- الجنائى-الادارى تليفون01277960502 -01273665051 العنوان المحله الكبرى 15 شارع الحنفى - الإسكندرية ميامى شارع خيرت الغندور من شارع خالد ابن الوليد »