الحكم بالتعويض المؤقت الحائز لقوة الأمر المقضي تستقر به المساءلة القانونية إيجاباً وسلباً. إرسائه لدين التعويض في أصله ومبناه. الدعوى اللاحقة باستكمال التعويض. نطاقها. تحديد الضرر في مداه والتعويض في مقداره.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 35 - صـ 1130
جلسة 29 من إبريل لسنة 1984
برياسة السيد المستشار/ إبراهيم فراج نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد العزيز فودة، وليم بدوي، محمد لطفي السيد وطه الشريف.
(216)
الطعن رقم 258 لسنة 50 القضائية
(1) حكم "ميعاد الطعن". إعلان. قوة الأمر المقضي.
الأصل في ميعاد الطعن بالمعارضة في الأحكام الجنائية الغيابية. ثلاثة أيام من تاريخ إعلانها.
الاستثناء فيها يتعلق بالعقوبة من تاريخ إعلان الحكم لشخص المتهم أو من تاريخ علمه م 398 إجراءات جنائية.
الحكم الصادر في الدعوى المدنية. خضوعه للأصل العام. مؤدى ذلك. صيرورة الحكم فيها نهائياً بإعلانه وفق قانون المرافعات وبانقضاء مواعيد الطعن المقررة دون إجرائه لا تلازم بينه وبين الحكم الصادر في الدعوى الجنائية.
(2، 4) تعويض. مسئولية "مسئولية تقصيرية". حكم "حجية الحكم".
2 - الحكم بالتعويض المؤقت الحائز لقوة الأمر المقضي تستقر به المساءلة القانونية إيجاباً وسلباً. إرسائه لدين التعويض في أصله ومبناه. الدعوى اللاحقة باستكمال التعويض. نطاقها. تحديد الضرر في مداه والتعويض في مقداره.
3 - تعيين عناصر الضرر التي تدخل في حساب التعويض. من مسائل القانون. التي تخضع لرقابة محكمة النقض.
4 - التعويض عن الضرر المادي. شرطه. التعويض عن الضرر المادي نتيجة وفاة آخر مناطه. ثبوت أن المتوفى كان يعول المضرور فعلاً وقت وفاته وعلى نحو مستمر وأن فرصة الاستمرار محققة.
1 - النص في المادة 398 من قانون الإجراءات الجنائية على أن "تقبل المعارضة في الأحكام الغيابية الصادرة في المخالفات والجنح من كل من المتهم والمسئول عن الحقوق المدنية في ظرف ثلاثة أيام التالية لإعلانه بالحكم الغيابي، ومع ذلك إذا كان إعلان الحكم لم يحصل لشخص المتهم فإن ميعاد المعارضة بالنسبة إليه فيما يختص بالعقوبة المحكوم بها يبدأ من يوم علمه بحصول الإعلان وإلا كانت المعارضة جائزة حتى تسقط الدعوى بمضي المدة قد دل على أن الأصل أن يكون الطعن بالمعارضة خلال الثلاثة أيام التالية لإعلان المتهم بالحكم الغيابي، إلا أن الشارع استثناءً من الأصل مد ميعاد المعارضة فيما يتعلق بالعقوبة فحسب، إذا لم يحصل إعلان الحكم لشخص المتهم مما مفاده أن الشارع أجاز رفع التلازم بين الدعويين المدنية والجنائية بالنسبة لإجراءات الإعلان فسوغ للمتهم الطعن في الحكم الصادر بالعقوبة خلال ثلاثة أيام من تاريخ إعلانه لشخصه أو من تاريخ علمه بحصول الإعلان إذا لم يكن قد أعلن لشخصه، بينما قصر حقه على الأصل العام فيما يتعلق بالحكم الصادر في الدعوى المدنية، وهو ما لازمه أن يصير الحكم في الدعوى المدنية نهائياً إذا أعلن وفقاً لقانون المرافعات وانقضت مواعيد الطعن المقررة دون إجرائه، بغير نظر لما يلابس الحكم الصادر في الدعوى الجنائية على النحو السالف تجليته.
2 - الحكم بالتعويض المؤقت - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - متى حاز قوة الأمر المقضي - وأن لم يحدد الضرر في مداه أو التعويض في مقداره - يحيط بالمسئولية التقصيرية في مختلف عناصرها ويرسي دين التعويض في أصله ومبناه مما تقدم بين الخصوم حجيته، إذ بها تستقر المساءلة وتتأكد الدينونة إيجاباً وسلباً، ولا يسوغ في صحيح النظر أن يقصر الدين الذي أرساه الحكم على ما جرى به المنطوق رمزاً له ودلالة عليه بل يمتد إلى كل ما يتسع له محل الدين من عناصر تقديره ولو بدعوى لاحقة يرفعها المضرور بذات الدين استكمالاً له وتعييناً لمقداره، فهي بهذه المثابة فرع لأصل حاز قوة الأمر المقضي فبات عنواناً للحقيقة.
3 - تعيين العناصر المكونة قانوناً للضرر والتي يجب أن تدخل في حساب التعويض وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - من مسائل القانون والتي تخضع لرقابة محكمة النقض.
4 - يشترط للحكم بالتعويض عن الضرر المادي الإخلال بمصلحة مالية للمضرور وأن يكون الضرر محققاً بأن يكون قد وقع بالفعل أو يكون وقوعه في المستقبل حتمياً، والعبرة في تحقيق الضرر المادي للشخص الذي يدعيه نتيجة وفاة شخص آخر هي ثبوت أن المتوفى كان يعوله فعلاً وقت وفاته على نحو مستمر ودائم وأن فرصة الاستمرار على ذلك كانت محققة، وعندئذ يقدر القاضي ما ضاع على المضرور من فرصة لفقد عائلة ويقضى له بالتعويض على هذا الأساس.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون ضدهم ما عدا الأخير أقاموا الدعوى رقم 848/ 1976 مدني كلي الجيزة بطلب الحكم بإلزام الشركة الطاعنة بدفع مبلغ خمسين ألف جنيه، وقالوا بياناً لدعواهم أنه بتاريخ 30/ 9/ 1973 كان المطعون ضده الأخير يقود السيارة رقم 17 ملاكي المنيا فصدم مورثهم وتسبب بذلك في وفاته، وقيدت الواقعة برقم 4689/ 1973 جنح بندر الجيزة وقضى فيها بتغريم المطعون ضده الأخير مائة جنيه وإلزامه بأن يدفع مبلغ 51 جنيهاً تعويضاً مؤقتاً، دفعت الشركة الطاعنة بسقوط الدعوى الجنائية بمضي مدة ثلاث سنوات من يوم وقوع الحادث لعدم إعلان الحكم الغيابي الصادر في الدعوى الجنائية لشخص المتهم قبل مضي هذه المدة ومن ثم يضحى الحكم عديم الأثر في إثبات وقوع الحادث. وبتاريخ 25/ 6/ 1978 قضت المحكمة بإلزام الطاعنة وقائد السيارة بالتضامن أن يدفعوا للمطعون ضدهم عدا الأخير مبلغ ثلاثة عشر ألفا من الجنيهات. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 5405 لسنة 95 ق س القاهرة وبتاريخ 7/ 1/ 1981 قضت المحكمة بتعديل التعويض المقضي به إلى 4700 طعنت الطاعنة على الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب ينعى الطاعن بالأربعة الأولى منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول أن الحكم أقام قضاءه على أساس أن الحكم الجنائي صار باتاً في حين أنه صدر غيابياً ولم يعلن لشخص المتهم وفقاً لأحكام قانون الإجراءات الجنائية ويترتب على ذلك أن السقوط يلحق الدعوى الجنائية، وقد رفع بسقوطها بالتقادم لعدم إعلان المتهم بالحكم الغيابي خلال ثلاثة سنوات من تاريخ وقوع الحادث وصار الحكم الجنائي في تلك الدعوى من بعد لا يصلح أن يتخذ دليلاً على مسئولية قائد السيارة في وفاة المجني عليه وبالتالي لا يسأل الطاعن عن تعويض الضرر، وإذ لم يأخذ الحكم المطعون فيه بهذا الدفاع واعتبر الحكم الجنائي نهائياً وباتاً واتخذه عماداً لقضائه فإنه يكون قد أخطأ فهم الواقع في الدعوى وجره ذلك إلى الخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن النعي مردود ذلك أن النص في المادة 398 من قانون الإجراءات الجنائية على أن "تقبل المعارضة في الأحكام الغيابية الصادرة في المخالفات والجنح من كل من المتهم والمسئول عن الحقوق المدنية في ظرف ثلاثة أيام التالية لإعلانه بالحكم الغيابي، ومع ذلك إذا كان إعلان الحكم لم يحصل لشخص المتهم فإن ميعاد المعارضة بالنسبة إليه فيما يختص بالعقوبة المحكوم بها يبدأ من يوم علمه بحصول الإعلان وإلا كانت المعارضة جائزة حتى تسقط الدعوى بمضي المدة قد دل على أن الأصل أن يكون الطعن بالمعارضة خلال الثلاثة أيام التالية لإعلان المتهم بالحكم الغيابي، إلا أن الشارع استثناءً من الأصل مد ميعاد المعارضة فيما يتعلق بالعقوبة فحسب، إذا لم يحصل إعلان الحكم لشخص المتهم مما مفاده أن الشارع أجاز رفع التلازم بين الدعويين المدنية والجنائية بالنسبة لإجراءات الإعلان فسوغ للمتهم الطعن في الحكم الصادر بالعقوبة خلال ثلاثة أيام من تاريخ إعلانه لشخصه أو من تاريخ علمه بحصول الإعلان إذا لم يكن قد أعلن لشخصه، بينما قصر حقه على الأصل العام فيما يتعلق بالحكم الصادر في الدعوى المدنية، وهو ما لازمه أن يصير الحكم في الدعوى المدنية نهائياً إذا أعلن وفقاً لقانون المرافعات وانقضت مواعيد الطعن المقررة دون إجرائه. بغير نظر لما يلابس الحكم الصادر في الدعوى الجنائية، على النحو السالف تجليته. لما كان ذلك وكان الحكم بالتعويض المؤقت - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - متى حاز قوة الأمر المقضي، وإن لم يحدد الضرر في مداه أو التعويض في مقداره يحيط بالمسئولية التقصيرية في مختلف عناصرها ويرسى دين التعويض في أصله ومبناه مما تقدم بين الخصوم حجيته، إذ بها تستقر المساءلة وتتأكد الدينونة إيجاباً وسلباً، ولا يسوغ في صحيح النظر أن يقصر الدين الذي أرساه الحكم على ما جرى به المنطوق رمزاً له ودلالة عليه بل يمتد إلى كل ما يتسع له محل الدين من عناصر تقديره ولو بدعوى لاحقة يرفعها المضرور بذات الدين استكمالاً له وتعييناً لمقداره، فهو بهذه المثابة فرع لأصل حاز قوة المقضي، فبات عنواناً للحقيقة. لما كان ما تقدم وكان الثابت من الأوراق أنه بتاريخ 30/ 2/ 74 صدر الحكم في الجنحة رقم 689/ 1973 بندر الجيزة وقضى غيابياً بتغريم المتهم مائة جنيه وإلزامه بأن يدفع مبلغ 51 جنيهاً تعويضاً مؤقتاً، وقد أعلن الحكم في 11/ 11/ 74 وسلم لرئيس نيابة الجيزة لإعلان المتهم بالطريق الدبلوماسي في مقر إقامته بالمملكة المتحدة وقد جرى بهذا الإعلان ميعاد المعارضة في الحكم الصادر في الدعوى المدنية، وكان الثابت من الشهادة المودعة بالأوراق المؤرخة 10/ 6/ 1978 أن المتهم لم يطعن على الحكم بأي طريق من طرق الطعن وكانت مواقيت الطعن في الحكم قد أنقضت ومن ثم صار الحكم في الدعوى المدنية نهائياً وحاز بذلك قوة الأمر المقضي ويكون قد أرسى مبدأ المسئولية في مختلف عناصرها ودين التعويض قي أصله ومبناه، ولا يبقى - للحكم المطعون فيه إلا أن يحدد قدره ومقداره وهو ما انتهى إليه في نتيجته، بما يكون تعييبه بمخالفة القانون أو القصور على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الخامس على الحكم المطعون فيه الخطأ فتطبيق القانون وفي بيان ذلك تقول أن دفاعها أمام محكمة الموضوع تضمن أن أرملة المجني عليه لم يلحقها ثمة أضرار مادية من وفاة زوجها ذلك أنه لم يكن عائلاً لها إذ كان شيخاً تجاوز السبعين من عمره، ولم يكن لديه مال يعول به نفسه وإذ قضى الحكم المطعون فيه بتعويض قدره ألفي جنيه على سند من أن الضرر المادي يتحقق لطالب التعويض طالما كان له على المتوفى حق النفقة ولو لم يكن قائماً بإعالته فإنه يكون معيباًً بمخالفة القانون.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أنه إذ كان تعيين العناصر المكونة قانوناً للضرر والتي يجب أن تدخل في حساب التعويض - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - من مسائل القانون والتي تخضع لرقابة محكمة النقض وكان يشترط للحكم بالتعويض عن الضرر المادي الإخلال بمصلحة مالية للمضرور وأن يكون الضرر محققاً بأن يكون قد وقع بالفعل أو يكون وقوعه في المستقبل حتمياً والعبرة في تحقيق الضرر المادي للشخص الذي يدعيه نتيجة وفاة آخر هي ثبوت أن المتوفى كان يعوله فعلاً وقت وفاته على نحو مستمر ودائم وأن فرصة الاستمرار على ذلك كانت محققة، وعندئذ يقدر القاضي ما ضاع على المضرور من فرصة بفقد عائلة ويقضي له بالتعويض على هذا الأساس، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد اعتنق أسباب الحكم المستأنف وكان هذا الحكم قد أورد في مدوناته أن الثابت من واقع الدعوى وما قدم من مستندات أن القتيل كان زوجاً للمدعية الأولى، ولا مراء من أنه كان العائل للمدعية الأولى والملزم بالإنفاق عليها باعتباره زوجاً لها فيكون ضرراً مادياً قد أصاب المدعية الأولى ولما كان ذلك يتحقق به عناصر التعويض دون النظر لما تزيد فيه الحكم المطعون فيه من أسباب ليس من شأنها النيل من هذا القضاء، ومن ثم يكون النعي عليه بمخالفة القانون على غير أساس. ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
ساحة النقاش