علاقة التبعية. قيامها كلما توافرت الولاية في الرقابة والتوجيه. وجوب أن يكون هناك سلطة فعلية في إصدار الأوامر للتابع بأداء عمل معين لحساب المتبوع وفي الرقابة عليه في تنفيذها ومحاسبته على الخروج عليها. لا يعد من هذا القبيل مجرد الإشراف العام على عمل التابع.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 41 - صـ 394
جلسة 28 من يونيه سنة 1990
برئاسة السيد المستشار/ درويش عبد المجيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد عبد المنعم حافظ نائب رئيس المحكمة، محمد خيري الجندي، عبد العال السمان ومحمد شهاوي.
(239)
الطعن رقم 2922 لسنة 58 القضائية
1 - مسئولية "مسئولية المتبوع". التزام. تعويض.
علاقة التبعية. قيامها كلما توافرت الولاية في الرقابة والتوجيه. وجوب أن يكون هناك سلطة فعلية في إصدار الأوامر للتابع بأداء عمل معين لحساب المتبوع وفي الرقابة عليه في تنفيذها ومحاسبته على الخروج عليها. لا يعد من هذا القبيل مجرد الإشراف العام على عمل التابع. ضرورة التدخل الإيجابي من المتبوع في تنفيذ هذا العمل وتسييره. مؤداه. م 174/ 2 مدني.
2 - جمعيات. أهلية. دعوى "الصفة" التمثيل القانوني. مسئولية.
الجمعيات التعاونية للبناء والإسكان. ماهيتها. القانون 14 لسنة 1981 اكتسابها الشخصية الاعتبارية بمجرد شهرها. يمثلها رئيس مجلس إدارتها في تصريف شئونها وتعمل لحساب نفسها وليس لحساب الهيئة الطاعنة. مؤدى ذلك. مسئوليتها عن التزاماتها وتعهداتها قبل الغير. لا يغير من ذلك رقابة وتوجيه الهيئة العامة للتعاونيات للبناء والإسكان. علة ذلك.
1 - مؤدى نص الفقرة الثانية من المادة 174 من القانون المدني - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن علاقة التبعية تقوم كلما توافرت الولاية في الرقابة والتوجيه بحيث يكون للمتبوع سلطة فعلية في إصدار الأوامر إلى التابع في طريقة أداء عمله وفي الرقابة عليه في تنفيذ هذه الأوامر ومحاسبته على الخروج عليها وبالتالي فلا يكفي أن يكون هناك مطلق رقابة أو توجيه بل لابد أن تكون هذه الرقابة وذلك التوجيه في عمل معين يقوم به التابع لحساب المتبوع، ولا يعد من هذا القبيل مجرد الإشراف العام على عمل التابع - حتى ولو كان فنياً - بل لابد من التدخل الإيجابي من المتبوع في تنفيذ هذا العمل وتسييره كما شاء وهو الأمر الذي تقوم به سلطة التوجيه والرقابة في جانب المتبوع ويؤدي إلى مساءلته عن الفعل الخاطئ الذي وقع من التابع.
2 - إذ كانت الجمعيات التعاونية للبناء والإسكان، طبقاً لنص المادة 16 من قانون التعاون الإسكاني رقم 14 لسنة 1981 - المنطبق على واقعة النزاع - منظمات جماهيرية تعمل على توفير المساكن لأعضائها وتضع لنفسها خطة نشاطها عن كل سنة مالية تحدد هي وسيلة تنفيذها وفقاً لنص الفقرة السابعة من المادة 18 من هذا القانون فإن هذه الجمعيات تكتسب بمجرد شهرها الشخصية الاعتبارية وطبقاً لنص المادة 39 منه يكون لكل جمعية مجلس إدارة يدير شئونها ويمثلها لدى الغير ومفاد هذا كله أن الجمعية المطعون ضدها الثانية لها شخصيتها الاعتبارية وتمثلها في تصريف شئونها رئيس مجلس إدارتها وأنها تعمل لحساب نفسها وليس لحساب الهيئة الطاعنة وأنها المسئولة عن التزاماتها وتعهداتها قبل الغير وعلى ذلك فلا يمكن القول بوجود أية سلطة فعلية للهيئة الطاعنة في رقابة وتوجيه على تلك الجمعية طبقاً لأحكام القانون رقم 14 لسنة 1981 تقوم بها علاقة التبعية بينهما بالمعنى المقصود بالمادة 174 من القانون المدني، ولا يغير من ذلك أن تكون نصوص قانون التعاون الإسكاني قد منحت الهيئة الطاعنة قسطاً من الرقابة على تلك الجمعيات بأن جعلت لها سلطة متابعة خططها من خلال التقارير التي يقدمها الاتحاد التعاوني لها وجعلت لها حق التفتيش والتوجيه ومراجعة القرارات الصادرة منها، وخولت لها بقرار مسبب أن توقف ما يصدر منها من قرارات مخالفة لأحكام القانون أو اللوائح الصادرة تنفيذاً له، وأباحت لها أن تقترح على الاتحاد التعاوني إسقاط العضوية عن أحد أعضاء مجلس الإدارة في حالات محددة وذلك على نحو ما ورد بنصوص المواد 85، 86، 87 من القانون آنف الذكر لأن المشرع لم يستهدف من هذه الرقابة سوى التحقق من مراعاة تلك الجمعيات للاشتراطات التي يتطلبها قانون إنشائها وعدم خروجها عن الغرض الذي أنشأت من أجله فحسب.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام على الطاعن والمطعون ضده الثاني الدعوى رقم 8609 لسنة 1981 أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية طالباً الحكم بتمكينه من الشقة رقم 49 من العمارة المبينة بالصحيفة واحتياطياً إذا استحال التنفيذ العيني إلزامهما متضامنين بأن يؤديا إليه مبلغ ستين ألف جنيه. وقال بياناً لذلك إنه التحق بعضوية الجمعية التعاونية التي يمثلها المطعون ضده الثاني بغية تملك إحدى وحداتها السكنية. وأدى مقدم ثمنها خلال الفترة من يناير سنة 1977 حتى يناير سنة 1979، وخصصت له الجمعية الشقة رقم 9 بإحدى عماراتها الثلاث التي أقامتها بحي مصر القديمة، ولكنه فوجئ بعد ذلك بعدم ورود اسمه من بين المنتفعين بمساكن هذا المشروع على سند من الإدعاء بعدم توافر شروط الانتفاع بهذه المساكن بالنسبة له، وإذ كانت الهيئة العامة لتعاونيات البناء التي يمثلها الطاعن هي جهة الإدارة المنوط بها قانوناً الرقابة والإشراف والتوجيه على الجمعيات التعاونية لبناء المساكن فإن المطعون ضدهما يلتزمان قبله بتنفيذ التزام تمكينه من الوحدة السكنية التي خصصت له وفي حالة استحالة تنفيذ الالتزام عيناً يلتزمان بأداء التعويض جبراً لما حاق به ضرر مادي وأدبي وهو ما يقدره بمبلغ ستين ألف جنيه ولذا فقد أقام الدعوى ليحكم بطلبها. ندبت المحكمة خبيراً. وبعد أن أودع تقريره أحالت الدعوى إلى التحقيق، وبعد أن استمعت إلى أقوال الشهود قضت بتاريخ 26 من يناير سنة 1986 بإخراج الطاعن من الدعوى بلا مصروفات وبإلزام المطعون ضده الثاني بأن يؤدي إلى المطعون ضده الأول مبلغ أربعة آلاف جنيه. استأنف المطعون ضده الأول الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 2609 لسنة 103 قضائية طالباً إلغاءه فيما قضى به من إخراج الطاعن من الدعوى بلا مصروفات وبإلزامه متضامناً مع المطعون ضده الثاني بالتعويض مع زيادته إلى القدر الذي يتناسب مع الضرر. وبتاريخ 11 من مايو سنة 1988 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من إخراج الطاعن وبإلزامه والمطعون ضده الثاني - متضامنين بأداء مبلغ التعويض المقضى به من محكمة أول درجة. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة المشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بالوجه الثاني من السبب الأول خطأه في تطبيق القانون - وفي بيان ذلك يقول إنه قضى بإلزامه بالتعويض بالتضامن مع الجمعية المطعون ضدها الثانية استناداً إلى أحكام مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه غير المشروعة المنصوص عليها في المادة 174 من القانون المدني بتقريره بأن هذه الجمعية تابعة له في حين أن علاقة التبعية طبقاً لهذا النص تستلزم وجود سلطة فعلية من المتبوع على التابع وأن نصوص قانون الإسكان التعاوني رقم 14 لسنة 1981 التي استند إليها الحكم المطعون فيه لا تخول للطاعن هذه السلطة على الجمعية المذكورة وعلى خلاف ذلك فإن هذه النصوص تدل على أن الرقابة التي تباشرها الهيئة عن تلك الجمعية بموجب نصوص القانون آنف الذكر لا تعدو أن تكون نوعاً من الوصاية الإدارية التي لا ترقى إلى مرتبة الرقابة التي تتحقق بها السلطة الفعلية للمتبوع على التابع لأنها قاصرة على متابعة الهيئة الطاعنة خطط الجمعيات وحق الإشراف العام والتفتيش ومراجعة القرارات الصادرة كشأن رقابة جهازي المحاسبات والتنظيم والإدارة على الجهات المنوط بها رقابتها، وليس للهيئة الطاعنة حق توقيع الجزاءات بل مجرد إبداء الرأي بشأنها. كما أن علاقة التبعية تستلزم أن يكون عمل التابع لحساب المتبوع في حين أن الجمعية المطعون ضدها الثانية لا تعمل لحساب الهيئة الطاعنة بل لحساب نفسها وأعضائها، الأمر الذي تنتفي معه علاقة التبعية. وإذ خالف الحكم المطعون فيه ذلك فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد. ذلك بأن مؤدى نص الفقرة الثانية من المادة 174 من القانون المدني - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن علاقة التبعية تقوم كلما توافرت الولاية في الرقابة والتوجيه بحيث يكون للمتبوع سلطة فعلية في إصدار الأوامر إلى التابع في طريقة أداء عمله وفي الرقابة عليه في تنفيذ هذه الأوامر محاسبته على الخروج عليها، وبالتالي فلا يكفي أن يكون هناك مطلق رقابة وتوجيه بل لابد أن تكون هذه الرقابة وذلك التوجيه في عمل معين يقوم به التابع لحساب المتبوع، ولا يعد من هذا القبيل مجرد الإشراف العام على عمل التابع - حتى ولو كان فنياً - بل لابد من التدخل الإيجابي من المتبوع في تنفيذ هذا العمل وتسييره كما شاء وهو الأمر الذي تقوم به سلطة التوجيه والرقابة في جانب المتبوع ويؤدي إلى مساءلته عن الفعل الخاطئ الذي وقع من التابع. لما كان ذلك، وكانت الجمعيات التعاونية للبناء والإسكان، طبقاً لنص المادة 16 من قانون التعاون الإسكاني رقم 14 لسنة 1981 - المنطبق على واقعة النزاع - منظمات جماهيرية تعمل على توفير المساكن لأعضائها.... وتضع لنفسها خطة نشاطها عن كل سنة مالية تحدد هي وسيلة تنفيذها - وفقاً لنص الفقرة السابقة من المادة 18 من هذا القانون فإن هذه الجمعيات تكتسب بمجرد شهرها - الشخصية الاعتبارية، وطبقاً لنص المادة 39 منه يكون لكل جمعية مجلس إدارة يدير شئونها ويمثلها لدى الغير وأمام القضاء. ومفاد هذا كله أن الجمعية المطعون ضدها الثانية لها شخصيتها الاعتبارية ويمثلها في تصريف شئونها رئيس مجلس إدارتها وأنها تعمل لحساب نفسها وليس لحساب الهيئة الطاعنة وأنها المسئولة عن التزاماتها وتعهداتها قبل الغير. على ذلك فإنه لا يمكن القول بوجود أية سلطة فعلية للهيئة الطاعنة في رقابة وتوجيه على تلك الجمعية طبقاً لأحكام القانون رقم 14 لسنة 1981 تقوم بها علاقة التبعية بينهما بالمعنى المقصود بالمادة 174 من القانون المدني، ولا يغير من ذلك أن تكون نصوص قانون التعاون الإسكاني قد منحت الهيئة الطاعنة قسطاً من الرقابة على تلك الجمعيات بأن جعلت لها سلطة متابعة خططها من خلال التقارير التي يقدمها الاتحاد التعاوني لها، وجعلت لها حق التفتيش والتوجيه ومراجعة القرارات الصادرة منها، وخولت لها بقرار مسبب أن توقف ما يصدر منها من قرارات مخالفة لأحكام القانون أو اللوائح الصادرة تنفيذاً له، وأباحت لها أن تقترح على الاتحاد التعاوني إسقاط العضوية عن أحد أعضاء مجلس الإدارة في حالات محددة وذلك على نحو ما ورد بنصوص المواد 85، 86، 87 من القانون آنف الذكر لأن المشرع لم يستهدف من هذه الرقابة سوى التحقق من مراعاة تلك الجمعيات للاشتراطات التي يتطلبها قانون إنشائها وعدم خروجها عن الغرض الذي أنشأت من أجله فحسب، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، وذهب إلى قيام علاقة التبعية بين الهيئة الطاعنة وبين الجمعية التعاونية للبناء والإسكان المطعون ضدها الثانية ورتب على ذلك مسئولية الهيئة الطاعنة عن إخلال هذه الجمعية بالتزاماتها قبل المطعون ضده الأول باعتبارها تابعة له فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه لهذا الوجه دون حاجة لبحث بقية الأوجه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم يتعين رفض الاستئناف بالنسبة للهيئة الطاعنة وتأييد الحكم المستأنف.
ساحة النقاش