حجية الحكم الجنائي أمام المحاكم المدنية. نطاقها. اقتصارها على المسائل التي كان الفصل فيها ضرورياً لقيامه. المادتان 456 إجراءات جنائية، 102 مدني. استبعاد الحكم الجنائي مساهمة المجني عليه أو الغير في الخطأ أو تقريره مساهمته فيه. لا حجية له في تقدير القاضي المدني للتعويض. علة ذلك.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 41 - صـ 379
جلسة 27 من يونيه سنة 1990
برئاسة السيد المستشار/ وليم رزق بدوي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ طه الشريف نائب رئيس المحكمة، أحمد أبو الحجاج، شكري العميري وعبد الرحمن فكري.
(236)
الطعن رقم 950 لسنة 56 القضائية
(1) حكم "حجية الحكم الجنائي". مسئولية. تعويض. إثبات.
حجية الحكم الجنائي أمام المحاكم المدنية. نطاقها. اقتصارها على المسائل التي كان الفصل فيها ضرورياً لقيامه. المادتان 456 إجراءات جنائية، 102 مدني. استبعاد الحكم الجنائي مساهمة المجني عليه أو الغير في الخطأ أو تقريره مساهمته فيه. لا حجية له في تقدير القاضي المدني للتعويض. علة ذلك.
(2) مسئولية "المسئولية التقصيرية". محكمة الموضوع. حكم.
إثبات مساهمة المضرور في الفعل الضار أو أن الضرر بفعله وحده. من مسائل الواقع التي يقدرها قاضي الموضوع. له استخلاص ما إذا كانت سرعة السيارة في ظروف معينة تعد عنصراً من عناصر الخطأ من عدمه.
(3) تعويض. استئناف. حكم. محكمة الموضوع.
تقدير التعويض. من إطلاقات محكمة الموضوع بحسب ما تراه مستهدية بكافة الظروف والملابسات في الدعوى. تعديل محكمة الاستئناف مبلغ التعويض فقط يوجب عليها ذكر الأسباب التي اقتضت هذا التعديل.
1 - مؤدى نص المادة 456 من قانون الإجراءات الجنائية والمادة 102 من قانون الإثبات أن الحكم الجنائي تقتصر حجيته أمام المحاكم المدنية على المسائل التي كان الفصل فيها ضرورياً لقيامه وهي خطأ المتهم ورابطة السببية بين الخطأ والضرر كما أن القاضي المدني يستطيع أن يؤكد دائماً أن الضرر نشأ من فعل المتهم وحده أو أن يقرر أن المجني عليه أو الغير قد أسهم في إحداث الضرر رغم نفي الحكم الجنائي هذا أو ذاك ليراعى ذلك في تقدير التعويض إعمالاً لنص المادة 216 من القانون المدني.
2 - إثبات مساهمة المضرور في الفعل الضار أو أن الضرر بفعله وحده من مسائل الواقع التي يقدرها قاضي الموضوع، كما أن استخلاص ما إذا كانت سرعة السيارة في ظروف معينة تعد عنصراً من عناصر الخطأ أو لا تعد هي مسألة تقديرية متروكة لمحكمة الموضوع بلا معقب.
3 - تقدير التعويض - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - من إطلاقات محكمة الموضوع بحسب ما تراه مناسباً مستهدية في ذلك بكافة الظروف والملابسات في الدعوى، وأن تعديل محكمة الاستئناف مبلغ التعويض فقط يوجب عليها ذكر الأسباب التي اقتضت هذا التعديل.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن بصفته أقام الدعوى رقم 1132 لسنة 1982 مدني كلي الفيوم على المطعون ضدهما بطلب الحكم بإلزامهما بالتضامن بأن يدفعا له بصفته مبلغ 7492.500 جنيه وقال شرحاً لذلك إنه حال قيادة المطعون ضده الثاني السيارة المملوكة للمطعون ضدها الأولى اصطدم بالسيارة الأتوبيس المملوكة للطاعن وقضي بإدانته وإذ لحقت به أضرار مادية من جراء الحادث تتمثل في التلفيات التي لحقت السيارة التابعة له فقد أقام الدعوى. كما أقامت المطعون ضدها الأولى دعوى ضمان فرعية على شركة التأمين والمطعون ضده الثاني للحكم عليهما بالتضامم بما عسى أن يحكم به عليها. قضت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق وبعد سماع شهود الإثبات قضت بعدم قبول الدعوى بالنسبة لشركة التأمين لرفعها على غير ذي صفة وإلزام المطعون ضدهما متضامنين بأن يؤديا للطاعن بصفته مبلغ 2867.500 مليمجـ. استأنفت المطعون ضدها الأولى هذا الحكم بالاستئناف رقم 641 لسنة 19 ق بني سويف "مأمورية الفيوم" كما استأنفه الطاعن بصفته بالاستئناف الفرعي رقم 118 لسنة 22 ق بني سويف "مأمورية الفيوم" وبتاريخ 25/ 2/ 1986 قضت المحكمة في الاستئناف الأصلي بتعديل الحكم إلى جعل التعويض مبلغ 750 جنيه وبرفض الاستئناف الفرعي. طعن الطاعن بصفته في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن بني على أربعة أسباب ينعى الطاعن بصفته بالسببين الأولين منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي الإسناد ومخالفة الثابت في الأوراق. وفي بيان ذلك يقول إنه لما كان قد قضى نهائياً بتغريم المطعون ضده الثاني عن التصادم الذي تسبب في وقوعه بخطئه الذي أسند إليه وحده بالمخالفة رقم 3301 لسنة 1982 قسم الفيوم، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد بأسبابه - وهو ما يمتنع عليه - أن تابع الطاعن بصفته قد ساهم بخطئه في وقوع الحادث مخالفاً بذلك الحكم الجنائي آنف الذكر ورتب على ذلك في قضائه إنقاص مبلغ التعويض الذي قضى به الحكم الابتدائي مما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول. ذلك أن مؤدى نص المادة
456 من قانون الإجراءات الجنائية والمادة 102 من قانون الإثبات أن الحكم الجنائي تقتصر حجيته أمام المحاكم المدنية على المسائل التي كان الفصل فيها ضرورياً لقيامه وهي خطأ المتهم ورابطة السببية بين الخطأ والضرر كما أن القاضي المدني يستطيع أن يؤكد دائماً أن الضرر نشأ من فعل المتهم وحده أو أن يقرر أن المجني عليه أو الغير قد أسهم في إحداث الضرر رغم نفي الحكم الجنائي هذا أو ذاك ليراعى ذلك في تقدير التعويض إعمالاً لنص المادة 216 من القانون المدني. وأن إثبات مساهمة المضرور في الفعل الضار أو أن الضرر بفعله وحده من مسائل الواقع التي يقدرها قاضي الموضوع، كما أن استخلاص ما إذا كانت سرعة السيارة في ظروف معينة تعد عنصراً من عناصر الخطأ أو لا تعد هي مسألة تقديرية متروكة لمحكمة الموضوع بلا معقب. لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص مساهمة تابع الطاعن بصفته في الخطأ مع المطعون ضده الثاني الذي أدى إلى وقوع الحادث من سرعة السيارة قيادته وعدم تأكده من خلو الطريق حال وقوف سيارة المطعون ضده الثاني - كما ثبت من محضر المعاينة وبها أنوار خلفية تعمل وانتهى إلى إنقاص مبلغ التعويض بأسباب سائغة لها أصلها الثابت في الأوراق وتكفي لحمل قضائه مما يضحى معه النعي بهذين السببين جدلاً موضوعاً لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إن الطاعن بصفته ينعى بالسببين الآخرين على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع وفي بيان ذلك يقول إنه طلب من محكمة الاستئناف - بناء على المستندات الرسمية المقدمة منه - القضاء له بمبلغ التعويض الوارد بصحيفة افتتاح الدعوى إلا أنها أنقصت مبلغ التعويض - دون بحث دفاعه - عن المبلغ المقضى من محكمة أول درجة ولم تراع التعويض الجابر للضرر كما لم تعين العناصر المكونة للضرر مما يعيب حكمها بالقصور والإخلال بحق الدفاع بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي بسببيه مردود. ذلك أن تقدير التعويض - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - من إطلاقات محكمة الموضوع بحسب ما تراه مناسباً مستهدية في ذلك بكافة الظروف والملابسات في الدعوى، وأن تعديل محكمة الاستئناف مبلغ التعويض فقط يوجب عليها ذكر الأسباب التي اقتضت هذا التعديل، لما كان ذلك وكان المبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه اقتصر على تعديل مبلغ التعويض المقضى به استناداً على الأسباب السائغة التي أوردها والتي تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها ومن ثم فإن النعي عليه بهذين السببين يكون على غير أساس.
ساحة النقاش