تعويض الأجر عن إصابة العمل. شرطه. استحقاقه معاش العجز المستديم بثبوت العجز ونسبته وليس من تاريخ الإصابة رقم 49، 52 ق 79 لسنة 75.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 41 - صـ 585
جلسة 29 من أكتوبر سنة 1990
برئاسة السيد المستشار/ منصور حسين عبد العزيز نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد السعيد رضوان، حماد الشافعي، عزت البنداري ومحمد عبد العزيز الشناوي.
(267)
الطعن رقم 595 لسنة 58 القضائية
(1 - 4) تأمينات اجتماعية: إصابة عمل. تعويض. معاش "معاش العجز المستديم". عمل. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل" مسائل الواقع. نقض.
(1) تقدير توافر شروط وقواعد اعتبار الإصابة الناتجة عن الإجهاد أو الإرهاق إصابة عمل من سلطة محكمة الموضوع.
(2) اعتبار الإصابة إصابة عمل. واقع لقاضي الموضوع تقديره عدم خضوعه في ذلك لرقابة محكمة النقض متى كان استخلاصه سائغاً.
(3) تعويض الأجر عن إصابة العمل. شرطه. استحقاقه معاش العجز المستديم بثبوت العجز ونسبته وليس من تاريخ الإصابة رقم 49، 52 ق 79 لسنة 75.
(4) معاش العجز أو الوفاة. حسابه من تاريخ ثبوت العجز أو الوفاة م 19 ق 79 لسنة 75.
1 - من المقرر أن أحكام قرار وزير التأمينات رقم 239 لسنة 1977 بشأن شروط وقواعد اعتبار الإصابة الناتجة عن الإجهاد والإرهاق من العمل إصابة عمل، والصادر استناداً إلى المادة 5/ هـ من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 فيما أورده من إجراءات لا يعدو أن يكون تقريراً لقواعد تنظيمه للتيسير على العامل في اقتضاء حقوقه مما يدخل بحث مدى توافر شروطها في نطاق سلطة محكمة الموضوع في تقدير الدليل.
2 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن تقدير ما إذا كانت الإصابة إصابة عمل من عدمه. هو مما يتعلق بفهم الواقع في الدعوى فلا يخضع فيه قاضي الموضوع لرقابة محكمة النقض، متى كان استخلاصه سائغاً وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه باعتبار إصابة المطعون ضده إصابة عمل على ما جاء بتقرير الطبيب الشرعي، من أن الإصابة نتجت عن تكليف المطعون ضده بالإعداد للمعرض الدولي للكتاب، وجرد الكتب الجامعية وتسوية حسابات مؤلف الكتب. علاوة على عمله الأصلي كأمين مكتبة وأن النوبة القلبية فاجأته أثناء قيامه بحمل جهاز عرض أفلام خاص بالمكتبة، وصعوده به السلم الموصل بين طابقي المكتبة وأنه لم يسبق علاجه من حالة مرضية بالقلب أو الأوعية الدموية وانتهى التقرير من ذلك إلى اعتبار الإصابة إصابة عمل، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب ينحل في حقيقته إلى جدل موضوعي في سلطة المحكمة في فهم واقع الدعوى وتقدير الدليل فيها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
3 - مفاد النص في المادتين 49، 52 من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 أن تعويض الأجر يصرف للعامل إذا حالت الإصابة بينه وبين أداء عمله ولحين شفائه أو ثبوت العجز المستديم أو حدوث الوفاة، أما معاش العجز الجزئي المستديم يستحق للعامل بثبوت العجز ونسبته وليس من تاريخ حدوث إصابته.
4 - المقصود بالنسبة الأخيرة في نطاق إعمال نص الفقرة الثانية من المادة 19 من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 75 المعدلة بالقانون رقم 25 لسنة 77. السنة التي نهايتها تاريخ ثبوت العجز أو حصول الوفاة باعتبار أن هذا التاريخ هو تاريخ استحقاق المعاش.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده الأول، أقام الدعوى رقم 6 سنة 1984 عمال كلي الإسكندرية على الطاعنة "الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية" والمطعون ضدها الثانية. وطلب الحكم باعتبار إصابته التي حدثت بتاريخ 10/ 7/ 1979 إصابة عمل وما يترتب على ذلك من أثار، وقال بياناً لها إنه يعمل لدى المطعون ضدها الثانية منذ 17/ 10/ 1968، وأثناء عمله بمكتبه يوم 10/ 7/ 1979 أصيب بهبوط مفاجئ نقل على أثره إلى المستشفى وشخصت حالته بأنها جلطة بالقلب وهبوط به، وقد قدم للطاعنة المستندات الدالة على أن إصابته كانت نتيجة لإرهاقه وإجهاده في العمل الإضافي المكلف به إلا أنها رفضت اعتبار إصابته إصابة عمل مما حدا به إلى إقامة الدعوى بطلباته السالفة البيان. وبتاريخ 15/ 11/ 1984 ندبت المحكمة الطبيب الشرعي لأداء المهمة المبينة بمنطوق الحكم، وبتاريخ 19/ 12/ 1985 ندبت خبيراً لأداء المهمة المبينة بمنطوق الحكم، وبعد أن قدم الخبير تقريره، حكمت المحكمة بتاريخ 12/ 3/ 1987 باعتبار حالة المطعون ضده الأول إصابة عمل، وبأحقيته لمعاش إصابة مقداره 97.680 مليمجـ من تاريخ الإصابة في 10/ 7/ 1979. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 207 لسنة 43 ق الإسكندرية. وبتاريخ 22/ 12/ 1987 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب تنعى الطاعنة بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم اعتبر إصابة المطعون ضده إصابة عمل أخذاً بتقرير الطبيب الشرعي في حين أن القرار الوزاري رقم 239 لسنة 1977 في شأن شروط وقواعد اعتبار الإصابة الناتجة عن الإرهاق والإجهاد إصابة عمل يشترط أن يكون الإرهاق والإجهاد بسبب بذل جهد إضافي يفوق الجهد العادي للمصاب، وأن يكون ناتجاً عن تكليفه بعمل معين في وقت محدد، وقد قررت اللجنة المختصة أن حالة المطعون ضده لا تعتبر إصابة عمل، وإذ لم يشر الحكم المطعون فيه إلى تكليف المطعون ضده بعمل إضافي، وعلاقة هذا العمل بالإصابة فإنه يكون مشوباً بالقصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن أحكام قرار وزير التأمينات رقم 239 لسنة 1977 بشأن شروط وقواعد اعتبار الإصابة الناتجة عن الإجهاد والإرهاق من العمل إصابة عمل، والصادر استناداً إلى المادة 5/ هـ من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 فيما أورده من إجراءات لا يعدو أن يكون تقريراً لقواعد تنظيمية للتيسير على العامل في اقتضاء حقوقه مما يدخل بحث مدى توافر شروطها في نطاق سلطة محكمة الموضوع في تقدير الدليل. وكان من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن تقدير ما إذا كانت الإصابة إصابة عمل من عدمه. هو مما يتعلق بفهم الواقع في الدعوى، فلا يخضع فيه قاضي الموضوع لرقابة محكمة النقض، متى كان استخلاصه سائغاً، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه باعتبار إصابة المطعون ضده إصابة عمل على ما جاء بتقرير الطبيب الشرعي، من أن الإصابة نتجت عن تكليف المطعون ضده بالإعداد للمعرض الدولي للكتاب، وجرد الكتب الجامعية وتسوية حسابات مؤلفي الكتب، علاوة على عمله الأصلي كأمين مكتبة وأن النوبة القلبية فاجأته أثناء قيامه بحمل جهاز عرض أفلام خاص بالمكتبة، وصعوده به السلم الموصل بين طابقي المكتبة، وأنه لم يسبق علاجه من حالة مرضية بالقلب أو الأوعية الدموية، وانتهى التقرير من ذلك إلى اعتبار الإصابة إصابة عمل، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب ينحل في حقيقته إلى جدل موضوعي في سلطة المحكمة في فهم واقع الدعوى وتقدير الدليل فيها، وهو ما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثاني من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم قضى للمطعون ضده بمعاش العجز اعتباراً من تاريخ حدوث إصابته في 10/ 7/ 1979، وجمع له بذلك بين تعويض الأجرة عن المرض، والمعاش المستحق عن العجز الجزئي المستديم، في حين أنه طبقاً لنص المادتين 49، 78/ 1 من قانون التأمين الاجتماعي يستحق تعويض الأجر حتى تاريخ ثبوت العجز، ولا يستحق معاش العجز إلا من تاريخ ثبوت العجز، وهو ما كان يتعين معه على الحكم المطعون فيه حساب معاش العجز من تاريخ تقديم الطبيب الشرعي في 23/ 10/ 1985 وليس من تاريخ حدوث الإصابة.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن النص في المادة 49 من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 على أنه "إذا حالت الإصابة بين المؤمن عليه وبين أداء عمله، تؤدي الجهة المختصة بصرف تعويض الأجر خلال فترة تخلفه عن عمله بسببها عن أجر يعادل أجره المسدد عنه الاشتراك، ويصرف هذا التعويض للمصاب في مواعيد صرف الأجور بالنسبة لمن يتقاضون أجورهم بالشهر وأسبوعياً بالنسبة لغيرهم، ويستمر صرف ذلك التعويض خلال مدة عجز المصاب عن أداء عمله، أو حتى ثبوت العجز المستديم أو حدوث الوفاة....." والنص في المادة 52 منه على أنه "إذا نشأ عن الإصابة عجز جزئي مستديم تقدر بنسبة 35% فأكثر استحق المصاب معاشاً يساوي نسبة ذلك العجز من المعاش المنصوص عليه بالمادة 51....." مفاده أن تعويض الأجر يصرف للعامل إذا حالت الإصابة بينه وبين أداء عمله ولحين شفائه أو ثبوت العجز المستديم أو حدوث الوفاة، أما معاش العجز المستديم فيستحق للعامل بثبوت العجز ونسبته، وليس من تاريخ حدوث إصابته. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أيد الحكم المستأنف فيما قضى به من استحقاق معاش العجز الجزئي المستديم للمطعون ضده من تاريخ حدوث إصابته في 10/ 7/ 1979 وليس من تاريخ ثبوت عجزه ونسبته في 23/ 10/ 1985 فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه نقضاً جزئياً في خصوص ما جاء بهذا السبب من أسباب الطعن.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثالث من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم قضى بحساب المعاش المستحق للمطعون ضده على أساس أجره في السنة السابقة على تقرير الطبيب الشرعي المثبت للعجز. في حين أن معاش العجز الجزئي المستديم يحسب على أساس الأجر المستحق للمصاب في السنة السابقة على تاريخ الإصابة، وهو ما يعيب الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن الفقرة الثانية من المادة 19 من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 المعدلة بالقانون رقم 25 لسنة 1977 تنص على أنه ".... وفي حالات طلب صرف المعاش للعجز أو الوفاة يسوى المعاش على أساس المتوسط الشهري للأجور التي أديت على أساسها الاشتراكات خلال السنة الأخيرة من مدة الاشتراك في التأمين أو مدة الاشتراك في التأمين إن قلت عن ذلك." وكان المقصود بالسنة الأخيرة في نطاق إعمال هذا النص السنة التي نهايتها تاريخ ثبوت العجز أو حصول الوفاة باعتبار أن هذا التاريخ هو تاريخ استحقاق المعاش على نحو ما سبق بيانه في الرد على السبب الثاني من أسباب الطعن، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون قد التزم صحيح القانون، ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الموضوع فيما نقض فيه الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً صالح للفصل فيه. ولما تقدم، يتعين الحكم في موضوع الاستئناف رقم 207 سنة 43 ق الإسكندرية بتعديل الحكم المستأنف في خصوص تاريخ استحقاق معاش العجز الجزئي المستديم إلى 23/ 10/ 1985.
ساحة النقاش