إن غرفة ناظر المدرسة ليست بطبيعتها محلاً عمومياً يعتبر السب الواقع فيها علناً إلا إذا كانت وقتئذ قد تحوّلت إلى محل عمومي بالصدفة. وإذاً فالسب الحاصل فيها أمام الناظر واثنين من المدرّسين لا يعتبر حاصلاً في علانية.
الحكم كاملاً
مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض والإبرام في المواد الجنائية - وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء الرابع (عن المدة من 2 نوفمبر سنة 1936 لغاية 30 أكتوبر سنة 1939) - صـ 83
جلسة 25 أكتوبر سنة 1937
برياسة سعادة مصطفى محمد باشا رئيس المحكمة وحضور حضرات: عبد الفتاح السيد بك وعلي حيدر حجازي بك ومحمد كامل الرشيدي بك وأحمد مختار بك المستشارين.
(101)
القضية رقم 1880 سنة 7 القضائية
سب:
( أ ) سب خادش للاعتبار. الضابط للتمييز بين الجنحة والمخالفة. العلانية.
(ب) غرفة ناظر المدرسة. ليست محلاً عمومياً بطبيعتها.
(المادتان 265 و347 ع = 306 و307 و308 و394)
1 - ليس الضابط المميز بين ما يعتبر من السب جنحة وما يعتبر منه مخالفة كون الأوّل يشتمل على إسناد عيب أو أمر معين، وكون الثاني يشتمل على مجرّد ما يخدش الناموس والاعتبار، بل إن العبرة في ذلك بالعلانية وعدمها. فكل سب خادش للشرف والاعتبار يعتبر جنحة متى وقع علانية ولو لم يكن مشتملاً على إسناد عيب أو أمر معين، وكل سب يقع في غير علانية فهو مخالفة وإن اشتمل على إسناد عيب معين.
2 - إن غرفة ناظر المدرسة ليست بطبيعتها محلاً عمومياً يعتبر السب الواقع فيها علناً إلا إذا كانت وقتئذ قد تحوّلت إلى محل عمومي بالصدفة. وإذاً فالسب الحاصل فيها أمام الناظر واثنين من المدرّسين لا يعتبر حاصلاً في علانية.
المحكمة
وحيث إن مبنى الوجه الأوّل من أوجه الطعن هو أن محكمة الموضوع بدرجتيها لم تنصف الطاعن لأنهما لم تسمعا شهود نفيه.
وحيث إن الثابت من محضر جلسة المحاكمة أمام المحكمة الاستئنافية أنها قررت بجلسة 20 يناير سنة 1937 فتح باب المرافعة ليعلن المتهم (الطاعن) شهوده، وقد سئل هؤلاء الشهود فعلاً بجلسة 3 فبراير سنة 1937، وإذاً يكون ما يشكو منه الطاعن في هذا الوجه غير صحيح.
وحيث إن محصل الوجه الثاني هو أن ألفاظ السب المنسوبة إلى الطاعن ليس فيها إسناد عيب معين ولا ما يخدش الناموس والاعتبار، ولذا يكون ما حصل منه مخالفة منطبقة على المادة 347 عقوبات.
وحيث إن السب سواء كان جنحة أو مخالفة يعدّ متوافراً إذا تضمنت ألفاظه إسناد عيب معين أو خدشاً للشرف والاعتبار بأي وجه من الوجوه. وبالرجوع إلى الحكم المطعون فيه يرى أن في الألفاظ التي صدرت من الطاعن خدشاً لشرف واعتبار المجني عليها - خلافاً لما يدعيه الطاعن - إذ جاء فيها أن الطاعن قال للمجني عليها هذه الألفاظ: (أنا عارفك وأنت عارفاني وأنت عارفه مشيك جنسه إيه وأخلاقك السيئة في الطريق وأنا مفهم الناظر عنك كل شيء). والضابط الوحيد للتمييز بين الجنحة والمخالفة هو العلانية، فإذا وقع السب علناً اعتبر جنحة وإلا فهو مخالفة.
وحيث إن محصل الوجه الثالث هو أنه مع التسليم بأن الألفاظ المقول بصدورها من الطاعن في حق المجني عليها مما يخدش الناموس والاعتبار، فإنه، لكي يعاقب عليها طبقاً للمادة 265 فقرة ثانية من قانون العقوبات، يجب حصول السب علناً أي في محل أو محفل عمومي، وتكون العلانية بأحد الطرق المنصوص عليها في المادة 148 عقوبات. والمفهوم مما قرره ناظر المدرسة أن الحادثة وقعت في غرفة الناظر عصراً أي بعد خروج التلاميذ وفي حضوره فقط، وأن زميلات المجني عليها لم يحضرن إلا بعد حصول الضجة. ولذا فشرط العلانية غير متوافر.
وحيث إن الحكم المطعون فيه رأى شرط العلانية متوافراً في هذه الدعوى "لحصول السب في غرفة ناظر المدرسة أمام المدرّسات والتلميذات وأوليائهن"، إلا أنه يبين مما أثبته الحكم نفسه في وقائع الدعوى أن السب حصل أمام زميلات المجني عليها وأمام الناظر فقط.
وحيث إن غرفة الناظر التي حصل فيها السب ليست محلاً عمومياً بطبيعته، ولا بالتخصيص، ولم تكن وقت الحادثة قد تحوّلت إلى محل عمومي بالصدفة لأن الحادثة لم يحضرها سوى الناظر والمدرّستين الشاهدتين، فتكون العلانية غير متوفرة، ويكون ما وقع من الطاعن سباً غير علني، وهو يعدّ مخالفة منطبقة على المادة 347 فقرة أولى من قانون العقوبات. ولذلك يتعين نقض الحكم بالنسبة لما قضى به في الدعوى الجنائية وتطبيق القانون على الواقعة الثابتة فيه.
ساحة النقاش