موقع المستشار/ البسيونى محمود أبوعبده المحامى بالنقض والدستورية العليا نقض جنائي- مدني- مذكرات- صيغ- عقود محمول01277960502 - 01273665051

إن حكم المادة 309 من قانون العقوبات يتناول فيما يتناوله ما يبديه الخصم في عريضة الدعوى، إذ المقصود من الإعفاء الوارد في هذه المادة هو إطلاق حرية الدفاع للمتقاضين في حدود ما تقتضيه المدافعة عن حقوقهم أمام المحاكم.

الحكم كاملاً

مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض والإبرام في المواد الجنائية
وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء الخامس (عن المدة من 6 نوفمبر سنة 1939 لغاية 26 أكتوبر سنة 1942) - صـ 22

جلسة 10 يونيه سنة 1940

برياسة سعادة مصطفى محمد باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات: عبد الفتاح السيد بك ومحمد كامل الرشيدي بك وسيد مصطفى بك وحسن زكي محمد بك المستشارين.

(122)
القضية رقم 1171 سنة 10 القضائية

قذف وسب. حكم المدة 309 ع. يتناول ما يبديه الخصم في عريضة الدعوى. الإعفاء الوارد في هذه المادة. المقصود منه.

(المادة 266 ع = 309)

إن حكم المادة 309 من قانون العقوبات يتناول فيما يتناوله ما يبديه الخصم في عريضة الدعوى، إذ المقصود من الإعفاء الوارد في هذه المادة هو إطلاق حرية الدفاع للمتقاضين في حدود ما تقتضيه المدافعة عن حقوقهم أمام المحاكم. ولما كانت عريضة الدعوى من الأوراق الواجب أن تبين فيها طلبات الخصوم وأوجه دفاعهم فهي لذلك تدخل في نطاق الإعفاء. ولا يردّ على ذلك بأن الدعوى وقت إعلان عريضتها لا تكون مطروحة بالفعل أمام القضاء فإن نظر الدعوى أمام المحكمة إنما يكون بناءً على ما جاء في عريضتها.


المحكمة

 

وحيث إن الطعن مبني على وجهين: الأوّل أن المحكمة قصرت في تسبيب الحكم المطعون فيه مما يعيبه ويوجب نقضه، وفي شرح ذلك يقول الطاعن: (أوّلاً) إنه أسس دعواه على أن المتهمين حررا عريضة الدعوى الشرعية مع آخرين وتعمدا فيها أن يقذفا في حقه علناً فنسباً إليه وقائع لو صحت لاستوجبت ليس فقط عزله من نظارة الوقف، بل تعريضه للمحاكمة الجنائية، وإنه قدّم للمحكمة الاستئنافية اثنين وعشرين مستنداً تقطع بأن المطعون ضدّهما هما اللذان توليا كتابة عريضة الدعوى الشرعية لا المحامي عنهما، ولكن المحكمة رغم هذا الدفاع والأسانيد التي قدّمها مرت عليه مروراً دون أن ترد على ما أبداه من الوقائع التي تثبته والمستندات التي تقطع بصحته. (وثانياً) إن الحكم المطعون فيه خلا من الأسباب كله فيما يتعلق بالمطعون ضدّه الثاني إذ لم يرد به أية إشارة إليه، كما أن الحكم لم يعتمد حتى أسباب محكمة أوّل درجة بالنسبة إليه.
وحيث إن وجه الطعن المشار إليه إنما يتضمن المناقشة في كفاية الأدلة التي قدّمها الطاعن للمحكمة الاستئنافية لإثبات أن المطعون ضدّهما هما اللذان قاما بتحرير عريضة الدعوى الشرعية، والاعتراض على عدم أخذ المحكمة بالمستندات المقدّمة منه لإثبات هذا الأمر، وهذا يدخل ضمن المسائل الموضوعية التي لمحكمة الموضوع السلطة المطلقة في تقديرها بلا رقابة عليها من محكمة النقض ما دامت قد بينت في الحكم المطعون فيه الأسباب المقبولة التي جعلتها تعتقد بأن العريضة المذكورة لم يحرّرها المطعون ضدّهما وأن المحرّر لها هو المحامي عنهما، ويكون في قضائها برفض دعوى الطاعن المدنية على هذا الأساس الرد الضمني على أن المستندات والوقائع التي تقدّم بها غير مجدية في إثبات ما يدعيه.
وحيث إن الوجه الثاني يتلخص في أن المحكمة أخطأت في تطبيق القانون إذ ذهبت إلى أن المطعون ضدّهما مع التسليم باشتراكهما في تحرير عريضة الدعوى فإن الألفاظ الواردة بها لا تخرج عما يبيحه القانون في المادة 309 عقوبات الخاصة بافتراء الخصوم على بعضهم مع أنه واضح من العبارات التي تضمنتها العريضة الشرعية أن ما أسند إلى الطاعن يخرج عن حالة الافتراء. وفضلاً عن أن الاستناد على المادة المذكورة يستلزم أن يحصل الافتراء أثناء المرافعة أمام المحكمة، لا أن يكون في عريضة الدعوى، إذ هي لم تكن قائمة وقت أن أعلنت لأنها لا تقوم إلا بقيدها في جدول المحكمة، والافتراء الذي يحصل يجب أن يكون بعد قيام الدعوى لا قبله، فإن الطاعن دلل بمستندات صحيحة على أن غرض المطعون ضدّهما لم يكن إلا كتابة هذه العريضة ونسخ صور رسمية منها وتقديمها في قضايا أخرى وإرسال صور منها إلى المصلحة التابع إليها الطاعن نكاية به. وعلاوة على ذلك فإن الخصم الحاصل منه الافتراء لا يعفى تطبيقاً للمادة 309 عقوبات من التعويض المدني، ولكن المحكمة أهملت هذه الحقيقة وقضت برفض الدعوى المدنية أيضاً مستندة إلى أن الألفاظ التي احتوت عليها العريضة المشار إليها وردت في بعض كتب الشرع والأحكام الشرعية. وقد يكون من الجائز وصف عمل الناظر شرعاً بالخيانة متى ثبت ذلك، ولكنه يكون من غير المفهوم أن يباح للخصم أن ينسب إلى آخر واقعة اختلاس معينة في ظروف محدودة بحجة أن ذلك يدخل في نطاق المادة 309 عقوبات. الأمر الذي لم تقطن له المحكمة، وكان من نتيجة ذلك أن أخطأت في تطبيق القانون.
وحيث إن دعوى المدّعي المدني لم تؤسس - كما يتضح من صحيفتها التي اطلعت عليها هذه المحكمة - إلا على ما نسبه إلى المطعون ضدّهما من أنهما قذفاً في حقه علناً بالألفاظ الواردة في عريضة الدعوى الشرعية التي رفعاها ضدّه، ولم تتناول ما أورده الطاعن في وجه الطعن من أن القذف وقع أيضاً بحصول المطعون ضدّهما على صور رسمية من العريضة المذكورة وتقديم بعضها في قضايا أخرى وإرسال البعض الآخر إلى المصلحة التابع إليها الطاعن نكاية به. كما أن الحكم الابتدائي الذي أدان المطعون ضدّهما وألزمهما بتعويض مدني للطاعن أوضح أن أساس الاتهام يرجع إلى ما وجهه الطاعن إلى المطعون ضدّهما من أنهما قذفا في حقه علناً بالألفاظ الواردة في صحيفة افتتاح الدعوى الشرعية التي أقاماها متحدين نكاية بالطاعن وسعياً وراء عزله. وقد سارت المحكمة الاستئنافية على هذا الأساس الذي لم يكن في وسعها أن تحيد عنه فلم يتناول الحكم المطعون فيه سوى واقعة القذف الواردة في صحيفة الدعوى التي كانت مقامة أمام المحكمة الشرعية دون غيرها مما يقول الطاعن إن القذف حصل بواسطته من المطعون ضدّهما. وإذن فلا يحق للطاعن أن يعيب على الحكم المطعون فيه عدم ردّه على هذه الوقائع الجديدة.
وحيث إن ما يثيره الطاعن بشأن عدم سريان حكم المادة 309 عقوبات على عريضة الدعوى مردود. لأن الغرض من الاستثناء الوارد في المادة المذكورة هو إطلاق حرية الدفاع للمتقاضين بالقدر الذي تقتضيه مرافعتهم عن حقوقهم أمام المحاكم. ولا شك أن عريضة الدعوى هي من الأوراق المعدّة ليبدي الخصوم فيها طلباتهم وأوجه دفاعهم، وهي على هذا الاعتبار يشملها النص المشار إليه. ولا يؤثر في ذلك كون الدعوى وقت إعلان عريضتها لم تكن مطروحة أمام القضاء إذ الإعلان هو السبيل الممهد لتحقيق رغبة المدّعي في إيصال دعواه إلى القضاء. ومتى تقرر ذلك فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا محل له ما دامت الدعوى قد طرحت بالفعل أمام المحكمة الشرعية.
وحيث إن الحكم المطعون فيه فيما يتعلق بتقدير مرمى الألفاظ الواردة بصحيفة الدعوى الشرعية ومدلولها قال ما يأتي: "وحيث إنه مع التسليم جدلاً بأن المتهم قد اشترك في تحرير عريضة الدعوى فإن الألفاظ الواردة بها لا تخرج عما يبيحه القانون في المادة 309 عقوبات من جواز افتراء الخصوم على بعضهم في الدفاع الشفوي أو الكتابي أمام المحاكم، ولأن كلمتي الاختلاس والاغتيال لا تخرج عن حد التعبيرات الشرعية التي يستعملها الفقهاء لبيان مركز الناظر أمام المحكمة ولتوجيه التهم الشرعية التي ارتكبها والتي بني عليها طلب العزل، وقد ورد مثل هذه الألفاظ في كتاب المرحوم قدري باشا "العدل والإنصاف في القضاء على مشكلات الأوقاف" وهو المعتبر دستوراً في أحكام الشريعة فيما يتعلق بالوقف. فذكر في المادة 223 منه أنه إذا ادعى الناظر أمراً بكذبه الظاهر فيه تزول أمانته وتظهر خيانته. والتعبير بالخيانة في هذه المادة أعم ويدخل فيه معنى الاختلاس والاغتيال. وكثيراً ما تستعمل المحاكم الشرعية هذه الألفاظ وألفاظ الغش والتزوير للتعبير عن تلاعب الناظر واستئثاره بريع الوقف دون المستحقين". ثم بنى الحكم على ذلك أن التهمة الموجهة إلى المطعون ضدّه الأوّل في غير محلها، وأن الدعوى المدنية الموجهة ضد المطعون ضدّهما لا أساس لها. وفي هذا الذي أثبته الحكم ما يفيد أن المحكمة اقتنعت بأن ما أسنده المطعون ضدّهما للطاعن في عريضة الدعوى كان من مستلزماتها ولم تخرج عن حدود دفاعهما فيها. ورأت بناءً على ذلك عدم مساءلتهما جنائياً ومدنياً. وإذ كان تقدير كل ذلك من شأن محكمة الموضوع وحدها فلا يجوز المجادلة فيه أمام محكمة النقض.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 55 مشاهدة
نشرت فى 24 إبريل 2020 بواسطة basune1

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

5,126,975

الموقع الخاص بالاستاذ/ البسيونى محمود ابوعبده المحامى بالنقض والدستوريه العليا

basune1
المستشار/ البسيونى محمود أبوعبده المحامى بالنقض والدستورية العليا استشارات قانونية -جميع الصيغ القانونية-وصيغ العقود والمذكرات القانونية وجميع مذكرات النقض -المدنى- الجنائى-الادارى تليفون01277960502 -01273665051 العنوان المحله الكبرى 15 شارع الحنفى - الإسكندرية ميامى شارع خيرت الغندور من شارع خالد ابن الوليد »