لما كان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يثر بها شيئاً من وجوب إعمال أحكام المادة 32 من قانون العقوبات لوجود ارتباط بين جناية المخدرات التي تنظرها المحكمة - موضوع الطعن الماثل .
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 45 - صـ 584
جلسة 21 من إبريل سنة 1994
برئاسة السيد المستشار/ محمد يحيى رشدان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ صلاح البرجى ومجدي الجندي وحسين الشافعي نواب رئيس المحكمة وإبراهيم الهنيدى.
(90)
الطعن رقم 10374 لسنة 62 القضائية
(1) تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". دفوع "الدفع ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات". مواد مخدرة. استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير جدية التحريات". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش. موضوعي.
عدم بيان سن الطاعن ومهنته واسم الشخص مالك السيارة المضبوطة فيها المخدر ومكان تخزين المخدرات التي ضبطت والإفصاح عن مصدر التحريات في محضر الاستدلالات. غير قادح في جدية التحريات.
(2) تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". مواد مخدرة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". دفوع "الدفع ببطلان إذن التفتيش".
إثبات الحكم صدور إذن التفتيش بعد أن دلت التحريات على أن الطاعن يحوز ويحرز مواد مخدرة. مفهومه صدوره لضبط جريمة تحقيق وقوعها بالفعل لا لضبط جريمة مستقبله.
(3) مأمورو الضبط القضائي "اختصاصهم". استدلالات. دفوع "الدفع بأن الجريمة تحريضية". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
كل إجراء يقوم به مأمورو الضبط القضائي ومرؤوسيهم بالتحري عن الجرائم بقصد اكتشافها صحيح ولو اتخذت التخفي وانتحال الصفات.
مثال لتسبيب سائغ للرد على الدفع بأن الجريمة تحريضية.
(4) تفتيش "إذن التفتيش. تنفيذه". دفوع "الدفع ببطلان التفتيش". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حرمة السيارة الخاصة مستمدة من اتصالها بشخص صاحبها أو حائزها.
وجود السيارة في حيازة الطاعن وتحت سيطرته قبيل الضبط. يجعل له صفة أصلية عليها ويضحى تفتيشها سليماً في القانون.
(5) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفوع "الدفع بشيوع التهمة".
مثال لتسبيب سائغ للرد على دفاع الطاعن بعدم سيطرته على السيارة المضبوطة بها المخدر وقت الضبط.
(6) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". مواد مخدرة.
تقصي العلم بحقيقة المخدر. موضوعي. المجادلة في ذلك أمام النقض. غير جائزة.
(7) إثبات "بوجه عام". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
عدم التزام محكمة الموضوع بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي. اطمئنانها إلى الأدلة التي عولت عليها. مفاده: إطراحها الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
(8) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "خبرة". مواد مخدرة. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
اطمئنان المحكمة إلى أن العينة المضبوطة هي التي أرسلت إلى التحليل وأخذها بالنتيجة التي انتهى إليها. مجادلتها في ذلك. غير جائز.
مثال لتسبيب سائغ للرد على ما أثاره الطاعن في شأن الخلاف في وزن المخدر بين ما ورد في محضر الضبط وتحقيقات النيابة.
(9) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها. ولم تر هي حاجة لإجرائه. غير جائز.
مثال.
(10) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "شهود". مواد مخدرة قصد جنائي. حكم "ما لا يعيبه الحكم في نطاق التدليل" "تسبيبه. تسبيب غير معيب". استدلالات.
اطمئنان محكمة الموضوع لتحريات وأقوال الضابط كمسوغ لإصدار الإذن بالتفتيش دون أن ترى فيها ما يقنعها بأن هذا الإحراز كان بأحد القصود الخاصة. لا تناقض.
مثال لتسبيب سائغ للتدليل على عدم اقتناع المحكمة بتوافر قصد الاتجار في المخدر لدى الطاعن.
(11) نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
ورود النعي على جريمة لم تكن معروضة على المحكمة ولم تفصل فيها. لا يقبل.
(12) ارتباط. سلاح. مواد مخدرة. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إثارة الدفع بالارتباط لأول مرة أمام النقض. لا يقبل. علة ذلك؟
1 - من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، وكانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن فإنه لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون ولما كانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات رداً سائغاً وكافياً، وكان عدم بيان سن الطاعن، ما دام لا يدعي أنه حدث، ومهنته واسم الشخص الذي تبين فيما بعد أنه يمتلك السيارة التي ضبط فيها الطاعن والمخدر، ومكان تخزين المخدرات التي ضبطت وعدم الإفصاح عن مصدر التحريات في محضر الاستدلالات - لا يقدح بذاته في جدية ما تضمنه من تحريات فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد لا يكون سديداً.
2 - لما كان الحكم قد عرض لدفع الطاعن ببطلان إذن التفتيش لصدوره عن جريمة مستقبلة وأطرحه في قوله ". . . . وعن الدفع ببطلان الإذن لصدوره عن جريمة مستقبلة فهو مردود عليه أيضاً بما أثبته العقيد/. . . . . بمحضر التحريات وما شهد به من أن المتهم كان مستمراً في حيازته وإحرازه للمواد المخدرة وأنه يحضرها من الإسماعيلية إلى القاهرة بالسيارة المشار إليها بالمحضر، وأن مراقبته المتهم قد أكدت ذلك الاستمرار على نحو يتبين معه أن جريمة إحراز وحيازة المتهم للمخدر قد وقعت بالفعل وتقع بصفة دائمة ومستمرة، ولما تحقق من ذلك استصدر إذناً من النيابة العامة بالضبط والتفتيش ومن ثم فإن صدور الإذن في هذه الحالة يعتبر قد صدر صحيحاً وفق القانون لأنه إنما صدر بضبط جريمة وقعت وتقع من المتهم بصفة مستمرة الأمر الذي يضحى معه هذا الدفع ظاهر الفساد ولا يستقيم وصحيح القانون متعين الإطراح" وكان ما أورده الحكم فيما سلف كافياً وسائغاً للقول بأن الإذن صدر لضبط جريمة واقعة بالفعل ترجحت نسبتها إلى المأذون بتفتيشه وليس عن جريمة مستقبلة، فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون على غير سند من القانون.
3 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن من أن الجريمة تحريضية وأطرحه بقوله ". . . . . أنه عن القول بأن الواقعة جريمة تحريضية يبطل معها الدليل المستمد منها، فهو قول مردود عليه بأن الجريمة التحريضية هي التي يكون ذهن المتهم خالياً منها ويكون هو بريئاً من التفكير فيها ثم يحرضه عليها مأمور الضبط القضائي بأن يدفعه دفعاً إلى ارتكابها وتتأثر إرادته بهذا التحريض فيقوم باقترافها كنتيجة مباشرة لهذا التحريض وحده، أما إذا كانت الجريمة ثمرة تفكير المتهم وحده ونتاجاً لإرادته الحرة، وإنما يقتصر دوره على تسهيل الإجراءات المؤدية إلى وقوعها بعد أن كانت قد اختمرت في نفس المتهم إثماً وتمت بإرادته فعلاً فإنها لا تكون جريمة تحريضية، لما كان ذلك، وكان الثابت من وقائع الدعوى التي اقتنعت بها المحكمة والأدلة التي اطمأنت إليها أن الجريمة وقعت من جانب المتهم وحده فلم يحرضه مأمورو الضبط القضائي عليها ولم يؤثر على إرادته لاقترافها وإنما اقتصر دوره على متابعة المرشد السري الذي كان يبلغه باتفاقه مع المتهم وبأن الأخير قد أحضر المخدر وحدد له موعداً ومكاناً لمقابلته واتجه الضابط بعد ذلك لضبط المتهم في المكان والزمان اللذين أبلغه بهما مرشده السري فإن الجريمة لا تكون جريمة تحريضية بحال، ومن ثم فإن هذا الدفع يضحى عاطل الأساس وعلى غير ركاز من القانون خليقاً بالالتفات عنه" وكان هذا الرد من الحكم كافياً وسائغاً لإطراح دفاع الطاعن الذي أثاره في هذا الخصوص، لما هو مقر من أنه لا تثريب على مأمورو الضبط القضائي ومرؤوسيهم فيما يقومون به من التحري عن الجرائم بقصد اكتشافها ولو اتخذوا في سبيل ذلك التخفي وانتحال الصفات حتى يأنس الجاني لهم ويأمن جانبهم، فمسايرة رجال الضبط للجناة بقصد ضبط الجريمة يقارفونها لا يجافي القانون ولا يعد تحريضاً منهم للجناة ما دام أن إرادة هؤلاء تبقى حرة غير معدومة وما دام أنه لم يقع منهم تحريض على ارتكاب هذه الجريمة.
4 - من المقرر أن حرمة السيارة الخاصة مستمدة من اتصالها بشخص صاحبها أو حائزها وقد أثبت الحكم أن السيارة كانت في حيازة الطاعن وأنه كان يقودها قبيل ضبط المخدر في حقيبتها بعد وقوفه بها مباشرة، ومن ثم يكون للطاعن صفة أصلية على السيارة هي حيازته لها وفي أن يوجه إليه الإذن في شأن تفتيشها، وبهذا يكون الإذن قد صدر سليماً من ناحية القانون وجرى تنفيذه على الوجه الصحيح مما يجعل ما أسفر عنه التفتيش دليلاً يصح الاستناد إليه في الإدانة، ومن ثم فإن منعى الطاعن على الحكم في هذا الشأن يكون غير سديد.
5 - لما كان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن بعدم سيطرته على السيارة ورد عليه في قوله "إن ما أثاره الدفاع عن المتهم من عدم سيطرته الكاملة على السيارة محل الضبط لاستعمال غيره لها فإنه مردود بأن مالك السيارة قطع لدى مناقشته بجلسة المحاكمة أنه ناظر حقيبة السيارة منذ أسبوع سابق على الضبط وكانت خالية وأن أحداً لم يستعملها هذه الفترة وحتى افترضها منه المتهم يوم الضبط وذلك فإن المتهم كان له السيطرة والسلطة الكاملة على السيارة منذ تسلمها من مالكها وحتى تم ضبطه وأثناء قيادته لها محتفظاً بمفتاحها معه" وكان هذا الرد كافياً وسائغاً في الرد على دفاع الطاعن - فإن منعاه في هذا الشأن لا يكون سديداً.
6 - تقصي العلم بحقيقة الجوهر المخدر هو من شئون محكمة الموضوع وحسبها في ذلك أن تورد من الوقائع والظروف ما يكفي في الدلالة على توافره بما لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي وإذ كانت المحكمة قد استظهرت من ظروف الدعوى وملابساتها علم الطاعن بحقيقة المخدر المضبوط - فإنه لا يجوز مصادرتها في عقيدتها ولا المجادلة في تقديرها أمام محكمة النقض.
7 - من المقرر أنه لا على المحكمة إن هي التفتت عن دفاع الطاعن في هذا الشأن ولم تورده أو ترد عليه إذ أنه لا يعدو أن يكون دفاعاً موضوعياً لا تلتزم المحكمة بتتبعه والرد عليه، واطمئنانها إلى الأدلة التي عولت عليها يدل على إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
8 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لما أثاره الطاعن في شأن الخلاف في وزن المخدر وأطرحه بقوله ". . . . . ما أثاره الدفاع عن شبهة العبث بالحرز الذي وضع فيه كمية المخدر المضبوط بعد أخذ عينات منها تصل إلى 94 جراماً فإنه لا يقوم على سند صحيح من الأوراق والقانون وآية ذلك أن السيد وكيل النيابة المحقق قام بتحريز المخدر المضبوط بعد أخذ العينات التي أرسلها لمصلحة الطب الشرعي بأن وضعها داخل جوال بلاستيك وجمع عليه بالجمع الأحمر بخاتم. . . . . . . . . وكيل النيابة بجلسة التحقيق يوم 5/ 7/ 1991 ولم يشأ وزنها اكتفاء بالوزن السابق وقدره 27. 250 كجم وبتاريخ 4/ 8/ 1991 أثبت السيد وكيل النيابة المحقق أن الإدارة العامة لمكافحة المخدرات أعادت الحرز لوضعه داخل صندوق خشبي ولفه بالخيش وليس بالبلاستيك، وبعد أن تحقق السيد وكيل النيابة من سلامة أختام الحرز عنه عرضه عليه أعاد تحريزه بأن وضعه داخل صندوق من الخشب ولفه بالخيش ثم جمع عليه بالجمع الأحمر بالخاتم السابق وقام بوزن الحرز قائماً بميزان غير حساس فبلغ وزنه 35 كيلو جراماً والواضح من ذلك أن زيادة الوزن إنما ترجع إلى وضع المضبوطات داخل صندوق خشبي وهو ما يمثل الفرق بين الوزن بغير الصندوق كما حدث إبان التحريز الأول والوزن بالصندوق الخشبي بعد إعادة التحريز، ومفاد جماع ما تقدم أن التحريز تم بمعرفة المحقق في حضور المتهم وأثبت عليه أولاً الوزن الصافي ولما أعيد تحريزه تم بمعرفة ذات المحقق وضع داخل صندوق خشبي وزن قائماً فارتفع الوزن من 27. 15 كجم صافياً إلى 35 كيلو جراماً قائماً والمحكمة تطمئن تماماً إلى سلامة التحريز وأن فرق الوزن كما سلف القول يمثل وزن الصندوق الخشبي الذي حرزت به المخدرات المضبوطة في المرة الأخيرة وبالتالي فإنه لا عبرة بأي دفع يتصل بالحرز المضبوط طالما أن المحكمة تطمئن تماماً إلى أن ما ضبط مع المتهم هو ما تم تحريزه وجمع عليه خاتم وكيل النيابة ومن ثم فإن المحكمة لا ترى أي عوار حقيقي في إجراءات التحريز ولا تقوم شبهه في نفس المحكمة على أن يوجد اختلاف بين المضبوط مع المتهم وما تم تحريزه بالفعل" وكان قضاء هذه المحكمة - محكمة النقض - قد استقر على أنه متى كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أن العينة المضبوطة هي التي أرسلت للتحليل وصار تحليلها واطمأنت كذلك إلى النتيجة التي انتهى إليها التحليل - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فلا تثريب عليها إن هي قضت في الدعوى بناء على ذلك، ويكون ما أورده الحكم فيما تقدم كافياً وسائغاً في الرد على ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص والذي لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً في مسألة واقعية يستقل قاضي الموضوع بحرية التقدير فيها طالما أنه يقيمها على ما ينتجها.
9 - لما كان البين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يطلب من المحكمة إجراء تحقيق ما، حول المدة التي ظل فيها مقيد الحرية لدى ضبطه مشتبها فيه، أو بشأن الخلاف في وزن الحرز فإنه لا يكون له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي من جانبها حاجة لإجرائه.
10 - من المقرر أنه ليس هناك ما يمنع المحكمة - محكمة الموضوع - بما لها من سلطة تقديرية من أن ترى في تحريات وأقوال الضابط ما يسوغ الإذن بالتفتيش ويكفي لإسناد واقعة إحراز الجوهر المخدر للمتهم ولا ترى فيها ما يقنعها بأن هذا الإحراز كان بقصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي دون أن يعد ذلك تناقضاً في حكمها، وكان الحكم قد أورد ما قصد إليه من اقتناعه بعدم توافر قصد الاتجار في قوله "وحيث إنه عن قصد المتهم من حيازة المخدر المضبوط فإن الأوراق قد خلت من دليل يقنع المحكمة بتوافر قصد الاتجار كما ذهبت إلى ذلك النيابة العامة ذلك أن التحقيقات لم تكشف عن توافر هذا القصد أو أي قصد آخر ومن ثم ترى المحكمة أخذ المتهم بالقصد المجرد ولا يقدح في ذلك ما أسفرت عنه التحريات في هذا الشأن فهي مجرد قرينة لم تتأكد بدليل كاف في هذا الخصوص، فضلاً عن أن ضخامة الكمية المضبوطة لا تعتبر بذاتها دليلاً على توافر قصد الاتجار خاصة وأن المتهم لم يضبط معه أدوات مما يستعملها التجار عادة كما لم يضبط وهو يبيع أو يتجر في المخدر المضبوط وتخلص المحكمة من كل ذلك إلى أخذ المتهم بالقصد المجرد". وكان ما أورده الحكم - فيما تقدم، يحمل ما قصد إليه وينفى التناقض في أسبابه فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون سديداً.
11 - لما كان ما يثيره الطاعن بشأن اطمئنان المحكمة إلى ضبط السلاح الناري والذخيرة مع الطاعن ينصب على جريمة لم تكن معروضة على المحكمة ولم تفصل فيها - فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون وراداً على غير محل.
12 - لما كان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يثر بها شيئاً من وجوب إعمال أحكام المادة 32 من قانون العقوبات لوجود ارتباط بين جناية المخدرات التي تنظرها المحكمة - موضوع الطعن الماثل وجناية إحراز السلاح الناري والذخائر بغير ترخيص فلا يقبل منه أن يثير ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض لما يتطلبه ذلك من تحقيق موضوعي لا يصح أن يطالب محكمة النقض بإجرائه. وفضلاً عن ذلك فإنه لا ارتباط بين الجنايتين.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: حاز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً (حشيش) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً وأحاله إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 38، 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبند رقم 57 من الجدول الأول الملحق به بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة خمسة عشر عاماً وبتغريمه مبلغ مائة ألف جنيه ومصادرة المخدر المضبوط. باعتبار أن إحراز المخدر كان مجرداً من القصود.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.
المحكمة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة حيازة جوهر الحشيش المخدر بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي، قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وإخلال بحق الدفاع وخطأ في الإسناد وتناقضه، كما خالف الثابت في الأوراق وأخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه دفع ببطلان إذن التفتيش لقيامه على تحريات غير جدية بدلالة خلو محضرها من بيان سن الطاعن ومهنته واسم مالك السيارة التي قيل بأنه يستخدمها في نقل المخدر ومكان تخزينه واسم المرشد فضلاً عن أن مكتب مخدرات القاهرة - وهو متخصص - ليس لدية معلومات عن هذا النشاط المزعوم للطاعن الذي سبق ضبطه على سبيل التحري في 26/ 6/ 1991 وحفظ المحضر إدارياً. إلا أن المحكمة أطرحت هذا الدفع برد قاصر وغير سائغ، قبل تحقيق واقعة ضبط الطاعن لتحديد المدة التي ظل فيها مقيد الحرية - على ذمة محضر التحري وهي مدة تدخل في مدة المراقبة التي حددها الشاهد الأول. كما دفع بصدور الإذن لضبط جريمة مستقبله لم تقع بعد وأن الجريمة تحريضية إلا أن المحكمة أطرحت كلا الدفعين برد قاصر وغير سائغ. وأطرح الحكم دفعه ببطلان تفتيش السيارة، قبل الحصول على إذن بذلك من القاضي الجزئي المختص بحسبان أنها مملوكة لغير المتهم المأذون بتفتيشه - برد غير سائغ - وأطرح الحكم دفاعه بشيوع التهمة ومنازعته في حيازة المخدر إذ لم تكن يده مبسوطة على ما بداخل حقيبة السيارة التي يمتلكها آخر ويستعملها معه آخرون برد قاصر وغير سائغ. والتفت الحكم عن دفعه بانتفاء علمه بما يحويه الجوال المضبوط، ولم يورده أو يرد عليه وأحال في بيان شهادة الشاهد الثاني....... إلى ما أورده من شهادة الشاهد الأول رغم اختلاف أقوالهما إذ أن الثاني لم يذكر بأقواله أنه اشترك في إجراء التحريات مع الأول ونازع الطاعن في سلامة حرز المخدرات بدلالة اختلاف وزنه عند الضبط عن وزنه عند إعادة الوزن بمعرفة النيابة العامة إلا أن المحكمة أطرحت هذا الدفاع برد قاصر وغير سائغ قبل أن تجرى تحقيقاً في هذا الأمر تقضى فيه على حقيقته، واستخلص الحكم من أقوال مالك السيارة أن الطاعن له السيطرة على السيارة - على خلاف ما أدلى به المالك بمحضر جلسة المحاكمة وعول الحكم في إدانته. من بين ما عول عليه. على أقوال الشاهد الأول في شأن ضبط المخدر ثم عاد وأطرح أقواله في شأن القصد من إحراز المخدر ولم يبين الحكم سبب اطمئنانه إلى ضبط المسدس والذخيرة مع الطاعن وليس بدرج السيارة ولم تأمر المحكمة بضم جناية إحراز السلاح الناري والذخائر التي أسندت إلى الطاعن إلى جناية المخدرات - المطعون في حكمها للارتباط وليصدر فيهما حكم واحد. مع أنها نظرتهما ثم حكمت فيهما في يوم واحد مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
من حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان بها الطاعن وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من شهادة العقيد/........ مفتش مباحث فرقة مصر الجديدة والمقدم/....... الضابط بقسم مكافحة المخدرات بالقاهرة ومما ثبت من تقرير المعامل الكيماوية وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، وكانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن فإنه لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون ولما كانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات رداً سائغاً وكافياً، وكان عدم بيان سن الطاعن، ما دام لا يدعي أنه حدث، ومهنته واسم الشخص الذي تبين فيما بعد أنه يمتلك السيارة التي ضبط فيها الطاعن والمخدر، ومكان تخزين المخدرات التي ضبطت وعدم الإفصاح عن مصدر التحريات في محضر الاستدلالات - لا يقدح بذاته في جدية ما تضمنه من تحريات فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد لا يكون سديداً. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لدفع الطاعن ببطلان إذن التفتيش لصدوره عن جريمة مستقبله واطرحه في قوله "....... وعن الدفع ببطلان الإذن لصدوره عن جريمة مستقبلة فهو مردود عليه أيضاً بما أثبته العقيد/........ بمحضر التحريات وما شهد به من أن المتهم كان مستمراً في حيازته وإحرازه للمواد المخدرة وأنه يحضرها من الإسماعيلية إلى القاهرة بالسيارة المشار إليها بالمحضر، وأن مراقبته للمتهم قد أكدت ذلك الاستمرار على نحو يتبين معه أن جريمة إحراز وحيازة المتهم للمخدر قد وقعت بالفعل وتقع بصفة دائمة ومستمرة، ولما تحقق من ذلك استصدر إذناً من النيابة العامة بالضبط والتفتيش ومن ثم فإن صدور الإذن في هذه الحالة يعتبر قد صدر صحيحاً وفق القانون لأنه إنما صدر بضبط جريمة وقعت وتقع من المتهم بصفة مستمرة الأمر الذي يضحى معه هذا الدفع ظاهر الفساد ولا يستقيم وصحيح القانون متعين الإطراح" وكان ما أورده الحكم فيما سلف كافياً وسائغاً للقول بأن الإذن صدر لضبط جريمة واقعة بالفعل ترجحت نسبتها إلى المأذون بتفتيشه وليس عن جريمة مستقبله، فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون على غير سند من القانون. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن من أن الجريمة تحريضية وأطرحه بقوله "...... أنه عن القول بأن الواقعة جريمة تحريضية يبطل معها الدليل المستمد منها، فهو قول مردود عليه بأن الجريمة التحريضية هي التي يكون ذهن المتهم خالياً منها ويكون هو بريئاً من التفكير فيها ثم يحرضه عليها مأمور الضبط القضائي بأن يدفعه دفعاً إلى ارتكابها وتتأثر إرادته بهذا التحريض فيقوم باقترافها كنتيجة مباشرة لهذا التحريض وحده، أما إذا كانت الجريمة ثمرة تفكير المتهم وحده ونتاجاً لإرادته الحرة، وإنما يقتصر دوره على تسهيل الإجراءات المؤدية إلى وقوعها بعد أن كانت قد اختمرت في نفس المتهم إثماً وتمت بإرادته فعلاً فإنها لا تكون جريمة تحريضية، لما كان ذلك، وكان الثابت من وقائع الدعوى التي اقتنعت بها المحكمة والأدلة التي اطمأنت إليها أن الجريمة وقعت من جانب المتهم وحده فلم يحرضه مأمور الضبط القضائي عليها ولم يؤثر على إرادته لاقترافها وإنما اقتصر دوره على متابعة المرشد السري الذي كان يبلغه باتفاقه مع المتهم وبأن الأخير قد أحضر المخدر وحدد له موعداً ومكاناً لمقابلته واتجه الضابط بعد ذلك لضبط المتهم في المكان والزمان اللذين أبلغه بهما مرشده السري فإن الجريمة لا تكون جريمة تحريضية بحال، ومن ثم فإن هذا الدفع يضحى عاطل الأساس وعلى غير ركاز من القانون خليقاً بالالتفات عنه" وكان هذا الرد من الحكم كافياً وسائغاً لإطراح دفاع الطاعن الذي أثاره في هذا الخصوص، لما هو مقرر من أنه لا تثريب على مأمورو الضبط القضائي ومرؤوسيهم فيما يقومون به من التحري عن الجرائم بقصد اكتشافها ولو اتخذوا في سبيل ذلك التخفي وانتحال الصفات حتى يأنس الجاني لهم ويأمن جانبهم، فمسايرة رجال الضبط للجناة بقصد ضبط الجريمة يقارفونها لا يجافى القانون ولا يعد تحريضاً منهم للجناة ما دام أن إرادة هؤلاء تبقى حرة غير معدومة وما دام أنه لم يقع منهم تحريض على ارتكاب هذه الجريمة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن بشأن بطلان تفتيش السيارة واطرحه في قوله ".... ما أثاره الدفاع من القول ببطلان تفتيش السيارة لأنها مملوكة لغير المتهم وكان يتعين استصدار إذناً بذلك من القاضي الجزئي فمردود بأن شاهد الواقعة مجرى التحريات لم يكن يعلم مالك السيارة فضلاً عن أن السيارة كانت في حيازة المتهم وقت التفتيش الأمر الذي يضحى معه تفتيشه السيارة قد تم صحيحاً وفق القانون وتنفيذاً لإذن النيابة العامة الصادر بتفتيشها لأن الأعمال الإجرائية تجرى في حكم الظاهر ولا تبطل من بعد نزولاً على ما ينكشف عن أمر واقع بعد تنفيذها، وإذ كان اسم مالك السيارة التي كان يستقلها المتهم ويستخدمها في حيازته للمخدر المضبوط لم ينكشف إلا بعد الضبط فإن الإذن الصادر بتفتيشها وإن كانت غير مملوكة للمتهم يظل صحيحاً لأن اسم المالك لم يكنه معلوماً للشاهد الأول عندما استصدر هذا الإذن ومن ثم يضحى هذا الدفع على ما غير ركاز من الواقع والقانون" وكان هذا الرد من الحكم كافياً وسائغاً لما هو مقرر أن حرمة السيارة الخاصة مستمدة من اتصالها بشخص صاحبها أو حائزها وقد أثبت الحكم أن السيارة كانت في حيازة الطاعن وأنه كان يقودها قبيل ضبط المخدر في حقيبتها بعد وقوفه بها مباشرة، ومن ثم يكون للطاعن صفة أصلية على السيارة هي حيازته لها وفي أن يوجه إليه الإذن في شأن تفتيشها، وبهذا يكون الإذن قد صدر سليماً من ناحية القانون وجرى تنفيذه على الوجه الصحيح مما يجعل ما أسفر عنه التفتيش دليلاً يصح الاستناد إليه في الإدانة، ومن ثم فإن منعى الطاعن على الحكم في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن بعدم سيطرته على السيارة ورد عليه في قوله "إن ما أثاره الدفاع عن المتهم من عدم سيطرته الكاملة على السيارة محل الضبط لاستعمال غيره لها فإنه مردود بأن مالك السيارة قطع لدى مناقشته بجلسة المحاكمة أنه ناظر حقيبة السيارة منذ أسبوع سابق على الضبط وكانت خالية وأن أحداً لم يستعملها هذه الفترة وحتى اقترفها منه المتهم يوم الضبط وذلك فإن المتهم كان له السيطرة والسلطة الكاملة على السيارة منذ تسلمها من مالكها وحتى تم ضبطه وأثناء قيادته لها محتفظاً بمفتاحها معه" وكان هذا الرد كافياً وسائغاً في الرد على دفاع الطاعن - فإن منعاه في هذا الشأن لا يكون سديداً. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم في رده السابق - نقلاً عن مالك السيارة يرتد إلى أصل ثابت بأقوال هذا الشاهد بجلسة المحاكمة، ولم يحد الحكم فيما عول عليه منها عما أنبأت به أو فحواه، فإن منعى الطاعن في هذا الخصوص يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان تقصي العلم بحقيقة الجوهر المخدر هو من شئون محكمة الموضوع وحسبها في ذلك أن تورد من الوقائع والظروف ما يكفي في الدلالة على توافره بما لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي وإذ كانت المحكمة قد استظهرت من ظروف الدعوى وملابساتها علم الطاعن بحقيقة المخدر المضبوط - فإنه لا يجوز مصادرتها في عقيدتها ولا المجادلة في تقديرها أمام محكمة النقض، ولا على المحكمة إن هي التفتت عن دفاع الطاعن في هذا الشأن ولم تورده أو ترد عليه إذ أنه لا يعدو أن يكون دفاعاً موضوعياً لا تلتزم المحكمة بتتبعه والرد عليه، واطمئنانها إلى الأدلة التي عولت عليها يدل على إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه بعد أن أورد مضمون أقوال الشاهد الأول بما يفيد أنه أجرى التحريات بنفسه بينما قام بالضبط والتفتيش صحبه الشاهد الثاني - أحال في بيان أقوال الشاهد الثاني إلى مضمون ما شهد به الأول في شأن واقعة الضبط والتفتيش دون واقعة إجراء التحريات التي انفرد بها الأول فإن منعى الطاعن على الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لما أثاره الطاعن في شأن الخلاف في وزن المخدر وأطرحه بقوله ".... ما أثاره الدفاع عن شبهة العبث بالحرز الذي وضع فيه كمية المخدر المضبوط بعد أخذ عينات منها تصل إلى 94 جراماً فإنه لا يقوم على سند صحيح من الأوراق والقانون وآية ذلك أن السيد وكيل النيابة المحقق قام بتحريز المخدر المضبوط بعد أخذ العينات التي أرسلها لمصلحة الطب الشرعي بأن وضعها داخل جوال بلاستيك وجمع عليه بالجمع الأحمر بخاتم....... وكيل النيابة بجلسة التحقيق يوم 5/ 7/ 1991 ولم يشأ وزنها اكتفاء بالوزن السابق وقدره 27. 250 كجم وبتاريخ 4/ 8/ 1991 أثبت السيد وكيل النيابة المحقق أن الإدارة العامة لمكافحة المخدرات أعادت الحرز لوضعه داخل صندوق خشبي ولفه بالخيش وليس بالبلاستيك، وبعد أن تحقق السيد وكيل النيابة من سلامة أختام الحرز عنه عرضه عليه أعاد تحريزه بأن وضعه داخل صندوق من الخشب ولفه بالخيش ثم جمع عليه بالجمع الأحمر بالخاتم السابق وقام بوزن الحرز قائماً بميزان غير حساس فبلغ وزنه 35 كيلو جراماً والواضح من ذلك أن زيادة الوزن إنما ترجع إلى وضع المضبوطات داخل صندوق خشبي وهو ما يمثل الفرق بين الوزن بغير الصندوق كما حدث إبان التحريز الأول والوزن بالصندوق الخشبي بعد إعادة التحريز، ومفاد جماع ما تقدم أن التحريز تم بمعرفة المحقق في حضور المتهم وأثبت عليه أولاً الوزن الصافي ولما أعيد تحريزه تم بمعرفة ذات المحقق وضع داخل صندوق خشبي وزن قائماً فارتفع الوزن من 27. 15 كجم صافياً إلى 35 كيلو جرام قائماً والمحكمة تطمئن تماماً إلى سلامة التحريز وأن فرق الوزن كما سلف القول يمثل وزن الصندوق الخشبي الذي حرزت به المخدرات المضبوطة في المرة الأخيرة وبالتالي فإنه لا عبرة بأي دفع يتصل بالحرز المضبوطة طالما أن المحكمة تطمئن تماماًً إلى أن ما ضبط مع المتهم هو ما تم تحريزه وجمع عليه بخاتم وكيل النيابة ومن ثم فإن المحكمة لا ترى أي عوار حقيقي في إجراءات التحريز ولا تقوم شبهة في نفس المحكمة على أن يوجد اختلاف بين المضبوط مع المتهم وما تم تحريزه بالفعل" وكان قضاء هذه المحكمة - محكمة النقض - قد استقر على أنه متى كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أن العينة التي انتهى إليها التحليل - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فلا تثريب عليها إن هي قضت في الدعوى يناء على ذلك، ويكون ما أورده الحكم فيما تقدم كافياً وسائغاً في الرد على ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص والذي لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً في مسألة واقعية يستقل قاضي الموضوع بحرية التقدير فيها طالما أنه يقيمها على ما ينتجها. لما كان ذلك، وكان يبين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يطلب من المحكمة إجراء تحقيق ما، حول المدة التي ظل فيها مقيد الحرية لدى ضبطه مشتبها فيه، أو بشأن الخلاف في وزن الحرز فإنه لا يكون له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي من جانبها حاجة لإجرائه. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه ليس هناك ما يمنع المحكمة - محكمة الموضوع - بما لها من سلطة تقديرية من أن ترى في تحريات وأقوال الضابط ما يسوغ الإذن بالتفتيش ويكفي لإسناد واقعة إحراز الجوهر المخدر للمتهم ولا ترى فيها ما يقنعها بأن هذا الإحراز كان بقصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي دون أن يعد ذلك تناقضاً في حكمها، وكان الحكم قد أورد ما قصد إليه من اقتناعه بعدم توافر قصد الاتجار في قوله "وحيث إنه عن قصد المتهم من حيازة المخدر المضبوط فإن الأوراق قد خلت من دليل يقنع المحكمة بتوافر قصد الاتجار كما ذهبت إلى ذلك النيابة العامة ذلك أن التحقيقات لم تكشف عن توافر هذا القصد أو أي قصد آخر ومن ثم ترى المحكمة أخذ المتهم بالقصد المجرد ولا يقدح في ذلك ما أسفرت عنه التحريات في هذا الشأن فهي مجرد قرينة لم تتأكد بدليل كاف في هذا الخصوص، فضلاً عن أن ضخامة الكمية المضبوطة لا تعتبر بذاتها دليلاً على توافر قصد الاتجار خاصة وأن المتهم لم يضبط معه أدوات مما يستعملها التجار عادة كما لم يضبط وهو يبيع أو يتجر في المخدر المضبوط وتخلص المحكمة من كل ذلك إلى أخذ المتهم بالقصد المجرد". وكان ما أورده الحكم - فيما تقدم، يحمل ما قصد إليه وينفى التناقض في أسبابه فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون سديداً، لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن بشأن اطمئنان المحكمة إلى ضبط السلاح الناري والذخيرة مع الطاعن ينصب على جريمة لم تكن معروضة على المحكمة ولم تفصل فيها - فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون وراداً على غير محل. لما كان ذلك، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يثر بها شيئاً من وجوب إعمال أحكام المادة 32 من قانون العقوبات لوجود ارتباط بين جناية المخدرات التي تنظرها المحكمة - موضوع الطعن الماثل وجناية إحراز السلاح الناري والذخائر بغير ترخيص فلا يقبل منه أن يثير ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض لما يتطلبه ذلك من تحقيق موضوعي لا يصح أن يطالب محكمة النقض بإجرائه. وفضلاً عن ذلك فإنه لا ارتباط بين الجنايتين. لما كان ذلك، وكان باقي ما يثيره الطاعن لا يعدو أن يكون منازعة في صورة الدعوى كما استقرت في وجدان المحكمة بالدليل الصحيح وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ساحة النقاش