بيان الحكم أن الجريمتين اللتين ارتكبهما الطاعن وقعتا لغرض واحدومعاقبته بالعقوبة المقررة للجريمة الأشد إعمالاً للمادة 32 عقوبات . لا ينال منه إغفال ذكر الجريمة الأشد .
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 45 - صـ 776
جلسة 20 من سبتمبر سنة 1994
برئاسة السيد المستشار/ محمد حسين لبيب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ رضوان عبد العليم ووفيق الدهشان وبدر الدين السيد نواب رئيس المحكمة وطه سيد قاسم.
(121)
الطعن رقم 19724 لسنة 61 القضائية
(1) مواد مخدرة. تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". استدلالات.
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش. موضوعي. عدم جواز المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض.
(2) مواد مخدرة. تفتيش "بياناته". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إغفال إثبات ساعة إصدار الإذن. لا يؤثر في صحته. ما دام الحكم أثبت حصول التفتيش بعد الإذن وقبل نفاذ أجله.
(3) دفوع "الدفع ببطلان التفتيش". مواد مخدرة. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". بطلان.
إثارة أساس جديد للدفع ببطلان القبض والتفتيش لأول مرة أمام النقض غير مقبولة. علة ذلك؟
(4) تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". بطلان. نيابة عامة. اختصاص "الاختصاص المكاني". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم إيجاب ذكر الاختصاص المكاني والوظيفي لوكيل النيابة مصدر إذن التفتيش.
(5) تزوير. قبض. استدلالات. إجراءات "إجراءات المحاكمة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي بتزوير محضر التحريات والقبض لأول مرة أمام محكمة النقض. غير مقبول. علة ذلك؟
(6) مأمورو الضبط القضائي. استجواب. تحقيق. مواد مخدرة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حق مأمور الضبط القضائي سؤال المتهم عن التهمة دون استجوابه. المادة 29 إجراءات. الاستجواب المحظورة. ماهيته؟
(7) إثبات "بوجه عام" "شهود". بطلان. مأمورو الضبط القضائي. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
من يقوم بإجراء باطل. لا تقبل منه الشهادة عليه.
ثبوت عدم بطلان الإجراءات التي قام بها الضابط. مفاده. صحة الأخذ بها.
(8) إثبات "بوجه عام". مواد مخدرة. قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إحراز المخدر بقصد الاتجار واقعة مادية. استخلاصها موضوعي ما دام سائغاً.
ضآلة كمية المخدر أو كبرها من الأمور النسبية التي تقدرها المحكمة.
(9) إثبات "بوجه عام". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
أخذ الحكم بدليل احتمالي. لا يعيبه. ما دام قد أسس الإدانة على اليقين.
مثال.
(10) مواد مخدرة. قصد جنائي. عقوبة "العقوبة المبررة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "المصلحة في الطعن".
انتفاء مصلحة الطاعن في تعييب الحكم بخصوص قصد الاتجار. ما دام قد أوقع عليه عقوبة تدخل في حدود العقوبة المقررة لإحراز المخدر من القصود.
(11) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغاً.
(12) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
أخذ المحكمة بأقوال شاهد. مفاده: إطراح جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
(13) مواد مخدرة. سلاح. قصد جنائي. عقوبة "عقوبة الجريمة الأشد". ارتباط. حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
بيان الحكم أن الجريمتين اللتين ارتكبهما الطاعن وقعتا لغرض واحد. ومعاقبته بالعقوبة المقررة للجريمة الأشد إعمالاً للمادة 32 عقوبات. لا ينال منه إغفال ذكر الجريمة الأشد.
(14) دستور. محكمة دستورية. قانون "تطبيقه". مواد مخدرة. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
قضاء المحكمة الدستورية بأن نصوص القانون رقم 122 لسنة 1989 لا تنطوي مخالفة لأي حكم في الدستور. أثره؟
1 - من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت - وعلى ما سلف بيانه - بتوافر مسوغات إصدار هذا الأمر فلا تجوز المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض.
2 - من المقرر أن إثبات ساعة إصدار الإذن لازمه فقط عند احتساب ميعاده لمعرفة أن تنفيذه قد تم بعد صدور الإذن وفي خلال الأجل المصرح بإجرائه فيه، وما دام أن الحكم قد أورد أن التفتيش قد تم في الساعة الخامسة والنصف من مساء يوم....... أي بعد صدور الإذن وقبل نفاذ أجله فلا يؤثر في صحة الإذن عدم اشتماله على ساعة صدوره.
3 - من المقرر أن لا يصح إثارة أساس جديد للدفع ببطلان القبض والتفتيش أمام محكمة النقض، ما دام أنه في عداد الدفوع القانونية المختلطة بالواقع، ما لم يكن قد أثير أمام محكمة الموضوع، أو كانت مدونات الحكم ترشح لقيام هذا البطلان، لما كان ذلك، وكان الطاعن لم يتمسك ببطلان التفتيش لهذا السبب فإنه لا يقبل منه إثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض.
4 - من المقرر أن أنه ليس في القانون ما يوجب ذكر الاختصاص المكاني والوظيفي مقروناً باسم وكيل النيابة الذي أصدر الإذن بالتفتيش، ولم يزعم الطاعن أن وكيل النيابة ذلك لم يكن مختصاً وظيفياً أو مكانياً بإصدار الإذن، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد.
5 - لما كان الثابت من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة أن أياً من الطاعن أو المدافع عنه لم يثر شيئاًًً بشأن تزوير تاريخ وساعة تحرير محضر التحريات أو تاريخ وساعة إجراء القبض، وكان هذان المحضران إجراءين سابقين على المحاكمة فإنه لا يقبل من الطاعن إثارة أمر تزويرهما لأول مرة أمام محكمة النقض ما دام أنه لم يدفع به أمام محكمة الموضوع.
6 - من المقرر أن لمأمور الضبط القضائي عملاً بالمادة 29 من قانون الإجراءات الجنائية أن يسأل المتهم عن التهمة المسندة إليه دون أن يستجوبه تفصيلاً. وكان الاستجواب المحظور هو الذي يواجه فيه المتهم بأدلة الاتهام التي تساق عليه دليلاً ليقول كلمته فيها تسليماً بها أو دحضالها، وكانت أقوال الضابط..... كما أوردها الحكم تفيد أنه واجه الطاعن بما أسفر عنه تفتيشه فأقر له وللضابط...... بإحرازه للمخدر المضبوط بقصد الاتجار وهو ما لا يعد استجواباً محظوراً عليه.
7 - الأصل أن من يقوم بإجراء باطل لا تقبل منه الشهادة عليه ولا يكون ذلك إلا عند قيام البطلان وثبوته ومتى كان لا بطلان فيما قام به الضابط من مواجهة الطاعن بما أسفر عنه تفتيشه فأقر له بإحرازه للمخدر المضبوط بقصد الاتجار فإنه لا تثريب على المحكمة إن هي عولت على أقواله ضمن ما عولت عليه في إدانة الطاعن ويكون النعي على الحكم في هذا الصدد غير قويم.
8 - إن إحراز المخدر بقصد الاتجار هو واقعة مادية يستقل قاضي الموضوع بالفصل فيها طالما أنه يقيمها على ما ينتجها، وكانت ضآلة كمية المخدر أو كبرها من الأمور النسبية التي تقع في تقدير المحكمة.
9 - من المقرر أنه لا يعيب الحكم أخذه بدليل احتمالي غير قادح فيه ما دام قد أسس الإدانة على اليقين، وإذ كانت المحكمة قد اقتنعت في حدود سلطتها في تقدير أدلة الدعوى والتي لا تخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي بأن إحراز كمية المخدر المضبوط كان بقصد الاتجار فإنه ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون سديداً.
10 - من المقرر أنه لا مصلحة للطاعن مما ينعاه على الحكم بالنسبة لقصد الاتجار ما دام البين من مدوناته أنه أوقع على الطاعن عقوبة تدخل في حدود العقوبة المقررة لإحراز المخدر مجرداً من القصود.
11 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق.
12 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكاًً لتقدير محكمة الموضوع بغير معقب ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الضابطين وبصحة تصويرهما للواقعة، فإن ما يثيره الطاعن في ذلك إنما ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل، وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض.
13 - لما كان الحكم قد بين الجريمتين اللتين ارتكبهما الطاعن والمستوجبتين لعقابه وأنهما ارتكبتا لغرض واحد بما يوجب الحكم عليه بعقوبة واحدة هي المقررة لأشد هاتين الجريمتين، وكان الحكم قد قضي عليه بعقوبة واحدة عملاً بالمادة 32 من قانون العقوبات فإنه يكون قد أعمل حكم هذه المادة ولا يؤثر في سلامته أنه أغفل ذكر الجريمة الأشد.
14 - لما كانت المحكمة الدستورية العليا التي خصها الشارع دون غيرها بالفصل في دستورية القوانين واللوائح قد انتهت في حكمها الصادر في القضية رقم 44 لسنة 12 قضائية دستورية بتاريخ السابع من ديسمبر سنة 1991 إلى أن نصوص القانون 122 لسنة 1989 لا تنطوي على مخالفة لأي حكم في الدستور فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون مقبولاً.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: أولاً: أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً "حشيش" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. ثانياً: أحرز بغير ترخيص سلاحاً من الأسلحة البيضاء "مطواة" وأحالته إلى محكمة جنايات المنيا لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 7/ 1، 32/ 1، - أ، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانونين 61 لسنة 1977، 122 لسنة 1989 والبند رقم (57) من القسم الثاني من الجدول رقم (1) الملحق والمواد 1/ 1، 25/ 1 مكرراً، 30/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978 ، 165 لسنة 1981 والبند رقم 10 من الجدول رقم واحد الملحق مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبته بالأشغال الشاقة لمدة ست سنوات وتغريمه مائة ألف جنيه ومصادرة المضبوطات.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض....... إلخ.
المحكمة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي إحراز جوهر مخدر (حشيش) بقصد الاتجار، وسلاح أبيض (مطواة) بغير ترخيص قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وأخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه رد على الدفع ببطلان إذن التفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية، ولعدم النص فيه على ساعة صدوره بما لا يصلح رداً، ولم يفطن إلى بطلان الإذن لخلوه من بيان الاختصاص الوظيفي والمكاني لمصدره وقيام الشرطة بتزوير تاريخ وساعة تحرير محضر التحريات وكذا تاريخ وساعة إجراء القبض، وعول الحكم فيما يتعلق بإثبات قصد الاتجار على أقوال العقيد..... من أنه بمواجهة المتهم أقر بإحرازه المخدر بقصد الاتجار مما يعد استجواباً للطاعن وهو من إجراءات التحقيق المحظور عليه اتخاذها، فضلاً عن أن كمية المخدر المضبوطة وقدرها 5.5 جرام لا توفر قصد الاتجار لدى الطاعن، وأن الحكم حينما أورد قوله أن المبلغ النقدي المضبوط قد يكون من حصيلة بيع المادة المخدرة يكون قد أقام استظهاره لذلك القصد على دليل احتمالي، هذا إلى أن الحكم دان الطاعن بالرغم من عدم معقولية تصوير الواقعة، وأعمل في حقه حكم المادة 32 من قانون العقوبات وأوقع عليه عقوبة الجريمة الأشد دون أن يفصح عن أي الجريمتين اللتين دانه بهما هي الأشد، كما أعمل في حقه أحكام القانون رقم 122 لسنة 1989 رغم عدم دستوريته لصدوره عن مجلس الشعب تكوينه باطل. مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به جميع العناصر القانونية لجريمتي إحراز جوهر الحشيش بقصد الاتجار، وسلاح أبيض (مطواة) بغير ترخيص اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة مستمدة من أقوال شاهدي الإثبات، وتقرير المعامل الكيماوية وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لما ينعاه الطاعن من بطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات، وعدم ذكر الساعة التي صدر فيها، ورد على هذا الدفع بشقيه في قوله (وحيث إنه عن الدفع بعدم جدية التحريات فالمقرر أن تقدير جديتها وكفايتها لإصدار الإذن مسألة موضوعية تخضع لسلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع والمحكمة يطمئن وجدانها إلى جدية تحريات الدعوى سيما وقد أسفر الضبط والتفتيش عن ضبط الجريمة المتحرى عنها) ثم استطرد الحكم المطعون فيه قائلاً (وحيث إنه عن الدفع ببطلان إذن النيابة العامة لعدم بيان تاريخ صدوره وما إذا كان صباحاً أو مساءاً فالثابت من الأوراق أن محضر التحريات حرر بتاريخ 16/ 11/ 1991 الساعة 11.45 صباحاً وقد صدرا الإذن بالتفتيش بذات التاريخ الساعة 1.35 وقد أذن فيه بتنفيذه خلال 48 ساعة وقد تم الضبط خلال هذا الأجل بتاريخ 17/ 11/ 1991 الساعة 5.30. ومن ثم فلا بطلان ولا عيب في الإجراءات ذلك أن إثبات ساعة إصدار الإذن إنما تلزم عند احتساب ميعاده لمعرفة أن تنفيذه كان خلال الأجل المصرح بإجرائه فيه وما دام التفتيش قد تم بعد صدور الإذن وقبل نفاذ أجله فلا يؤثر في صحة الإذن عدم اشتماله على ساعة صدوره بالإضافة إلى أن أدلة الدعوى قد حملت تاريخ وساعة صدوره وأن إغفال كلمة مساءاً بعد 1.35 كان من قبيل الخطأ المادي وهو المفهوم من التاريخ والساعة المذكورة بالإذن ولذا يكون هذا الدفع غير سديد جديراً بالرفض). وما قاله الحكم من ذلك صحيح في القانون. ويصح الاستناد إليه في رفض الدفع إذ أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت - وعلى ما سلف بيانه - بتوافر مسوغات إصدار هذا الأمر فلا تجوز المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض. أما إثبات ساعة الإذن فلازمه فقط عند احتساب ميعاده لمعرفة أن تنفيذه قد تم بعد صدور الإذن وفي خلال الأجل المصرح بإجرائه فيه، وما دام أن الحكم قد أورد أن التفتيش قد تم في الساعة الخامسة والنصف من مساء يوم 17 من نوفمبر سنة 1991 أي بعد صدور الإذن وقبل نفاذ أجله فلا يؤثر في صحة الإذن عدم اشتماله على ساعة صدوره. لما كان ذلك فإن منعى الطاعن ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات وعدم النص فيه على ساعة صدوره يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان ما ينعاه الطاعن من بطلان التفتيش بمقولة أن الإذن الصادر به خلا من إثارة مصدره فيه إلى اختصاصه الوظيفي والمكاني، مردود بما هو مقرر من أنه لا يصح إثارة أساس جديد للدفع ببطلان القبض والتفتيش أمام محكمة النقض، ما دام أنه في عداد الدفوع القانونية المختلطة بالواقع، ما لم يكن قد أثير أمام محكمة الموضوع، أو كانت مدونات الحكم ترشح لقيام هذا البطلان، لما كان ذلك، وكان الطاعن لم يتمسك ببطلان التفتيش لهذا السبب فإنه لا يقبل منه إثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض، فضلاً عن أنه ليس في القانون ما يوجب ذكر الاختصاص المكاني والوظيفي مقروناً باسم وكيل النيابة الذي أصدر الإذن بالتفتيش، ولم يزعم الطاعن أن وكيل النيابة ذلك لم يكن مختصاً وظيفياً أو مكانياً بإصدار الإذن، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الثابت من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة أن أياً من الطاعن أو المدافع عنه لم يثر شيئاً بشأن تزوير تاريخ وساعة تحرير محضر التحريات أو تاريخ وساعة إجراء القبض، وكان هذان المحضران إجراءين سابقين على المحاكمة فإنه لا يقبل من الطاعن إثارة أمر تزويرهما لأول مرة أمام محكمة النقض ما دام أنه لم يدفع به أمام محكمة الموضوع. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمأمور الضبط القضائي عملاً بالمادة 29 من قانون الإجراءات الجنائية أن يسأل المتهم عن التهمة المسندة إليه دون أن يستجوبه تفصيلاً، وكان الاستجواب المحظور هو الذي يواجه فيه المتهم بأدلة الاتهام التي تساق عليه دليلاً ليقول كلمته فيها تسليماً بها أو دحضالها، وكانت أقوال الضابط..... كما أوردها الحكم تفيد أنه واجه الطاعن بما أسفر عنه تفتيشه فأقر له وللضابط.... بإحرازه للمخدر المضبوط بقصد الاتجار وهو ما لا يعد استجواباً محظوراً عليه وكان الأصل أن من يقوم بإجراء باطل لا تقبل منه الشهادة عليه ولا يكون ذلك إلا عند قيام البطلان وثبوته ومتى كان لا بطلان فيما قام به الضابط من مواجهة الطاعن بما أسفر عنه تفتيشه فأقر له بإحرازه للمخدر المضبوط بقصد الاتجار فإنه لا تثريب على المحكمة إن هي عولت على أقواله ضمن ما عولت عليه في إدانة الطاعن ويكون النعي على الحكم في هذا الصدد غير قويم. لما كان ذلك، وكان إحراز المخدر بقصد الاتجار هو واقعة مادية يستقل قاضي الموضوع بالفصل فيها طالما أنه يقيمها على ما ينتجها، وكانت ضآلة كمية المخدر أو كبرها من الأمور النسبية التي تقع في تقدير المحكمة، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أخذه لدليل احتمالي غير قادح فيه ما دام قد أسس الإدانة على اليقين، وإذ كانت المحكمة قد اقتنعت في حدود سلطتها في تقدير أدلة الدعوى والتي لا تخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي بأن إحراز كمية المخدر المضبوط كان بقصد الاتجار فإنه ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون سديداً. هذا فضلاً عن أنه لا مصلحة للطاعن مما ينعاه على الحكم بالنسبة لقصد الاتجار ما دام البين من مدوناته أنه أوقع على الطاعن عقوبة تدخل في حدود العقوبة المقررة لإحراز المخدر مجرداًً من القصود. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكاً لتقدير محكمة الموضوع بغير معقب ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الضابطين وبصحة تصويرهما للواقعة، فإن ما يثيره الطاعن في ذلك إنما ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل، وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض، لما كان ذلك، وكان الحكم قد بين الجريمتين اللتين ارتكبهما الطاعن والمستوجبتين لعقابه وأنهما ارتكبتا لغرض واحد بما يوجب الحكم عليه بعقوبة واحدة هي المقررة لأشد هاتين الجريمتين، وكان الحكم قد قضي عليه بعقوبة واحدة عملاً بالمادة 32 من قانون العقوبات فإنه يكون قد أعمل حكم هذه المادة ولا يؤثر في سلامته أنه أغفل ذكر الجريمة الأشد. لما كان ذلك، وكانت المحكمة الدستورية العليا التي خصها الشارع دون غيرها بالفصل في دستورية القوانين واللوائح قد انتهت في حكمها الصادر في القضية رقم 44 لسنة 12 قضائية دستورية بتاريخ السابع من ديسمبر سنة 1991 إلى أن نصوص القانون 122 لسنة 1989 لا تنطوي على مخالفة لأي حكم في الدستور فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون مقبولاً. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ساحة النقاش