إن القرار الإداري تتوافر مقوماته وخصائصه إذا ما اتجهت الإدارة أثناء قيامها بوظائفها إلى الإفصاح عن إرادتها الذاتية الملزمة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح في الشكل الذي يتطلبه القانون بقصد إحداث أثر قانوني معين متى كان ذلك ممكناً وجائزاً قانوناً وكان الباعث عليه ابتغاء مصلحة عامة.
الحكم كاملاً
مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة عشرة - العدد الثاني (من منتصف فبراير سنة 1968 إلى آخر سبتمبر سنة 1968) - صـ 564
(76)
جلسة 24 من فبراير سنة 1968
برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عادل عزيز زخاري وعبد الستار عبد الباقي آدم ومحمد طاهر عبد الحميد ومحمد صلاح الدين محمد السعيد. المستشارين.
القضية رقم 930 لسنة 11 القضائية [(1)]
( أ ) قرار إداري. عمل مادي - تعريف القرار الإداري - التفرقة بينه وبين العمل المادي.
(ب) اختصاص "اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري". شهر عقاري.
حالة وقف شهر المحرر بعد أن تقررت صلاحيته للشهر - تخرج عن نطاق التظلم إلى قاضي الأمور الوقتية الذي رسمته المادة 35 من القانون رقم 114 لسنة 1946 - لا وجه للدفع بعدم اختصاص القضاء الإداري بالفصل في قرار وقف شهر المحرر.
(جـ) دعوى الإلغاء "شروط قبولها. عدم وجود طريق طعن مقابل". شهر عقاري. الطريق الذي رسمته المادة 35 من القانون رقم 114 لسنة 1946 للتظلم من بعض القرارات المتعلقة بالشهر العقاري أمام قاضي الأمور الوقتية - لا يعد طريقاً مقابلاً للطعن بالإلغاء مانعاً من اختصاص القضاء الإداري - أساس ذلك.
(د) شهر عقاري "شهر حق الإرث" القانون رقم 114 لسنة 1946 - طلب شهر حق الإرث طبقاً لأحكامه - يتعين أن يقترن بمستندات ملكية المورث للعقارات محل الطلب - من مقتضى ذلك أن تكون هذه المستندات مشهرة وقائمة قبل تقديم طلب الشهر طبقاً لحكم القانون.
(هـ) شهر عقاري "شهر المحررات" شهر المحررات التي تتعلق بتصرفات مالكي عقار معين - يتعين أن يكون على حدة وبترتيب صدورها عقداً عقداًَ وحلقة في أثر حلقة.
(و) شهر عقاري "شهر المحررات" تعريف المحرر في مفهوم الشهر العقاري.
(ز) شهر عقاري "إجراءات الشهر". عملية قانونية واحدة تمر بمرحلتين - بيان هاتين المرحلتين - اكتشاف مصلحة الشهر العقاري لمخالفة قانونية تشوب عملية الشهر قبل تمامها - للمصلحة أن توقف الشهر إلى أن يتم تصحيح هذه المخالفة.
1 - إن القرار الإداري تتوافر مقوماته وخصائصه إذا ما اتجهت الإدارة أثناء قيامها بوظائفها إلى الإفصاح عن إرادتها الذاتية الملزمة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح في الشكل الذي يتطلبه القانون بقصد إحداث أثر قانوني معين متى كان ذلك ممكناً وجائزاً قانوناً وكان الباعث عليه ابتغاء مصلحة عامة، ويفترق القرار الإداري بذلك عن العمل المادي الذي لا تتجه فيه الإدارة بإرادتها الذاتية إلى إحداث آثار قانونية وإن رتب القانون عليها آثاراً معينة لأن مثل هذه الآثار تعتبر وليدة الإرادة المباشرة للمشرع وليست وليدة إرادة الإدارة الذاتية.
2 - إن نص المادة 35 من القانون رقم 114 لسنة 1946 قد حدد على سبيل الحصر لا المثال حالتين اثنتين فقط لطلب إعطاء المحرر رقم شهر مؤقت وعرض الأمر على قاضي الأمور الوقتية بالمحكمة الابتدائية المختصة وهما حالة التأشير على طلب الشهر باستيفاء بيان لا يرى صاحب الشأن وجهاً له وحالة صدور قرار بسقوط أسبقية طلب الشهر وبذا تخرج حالة وقف شهر المحرر بعد أن تقررت صلاحيته للشهر عن نطاق التظلم الذي رسمه القانون في المادة 35 المذكورة ولا يخضع تبعاً لذلك أمر التظلم منه لقاضي الأمور الوقتية وبهذه المثابة ينتفي أساس الدفع بعدم اختصاص القضاء الإداري بالفصل في قرار وقف شهر المحرر الذي أقيم على حكم المادة المذكورة.
3 - إن الاختصاص الذي خوله القانون لقاضي الأمور الوقتية في المادة 35 وأجاز لصاحب الشأن الالتجاء إليه بصدده لا يمنع من عرض النزاع على القضاء الإداري مباشرة للفصل فيه إذا ما انطوى هذا النزاع على طلب إلغاء قرار إداري ذلك أن الطريق الذي رسمته المادة 35 ليس طريقاً مقابلاً للطعن بالإلغاء حتى يختص به قاضي الأمور الوقتية اختصاصاً مانعاً من ولاية محكمة القضاء الإداري، إذ الأصل، في قبول الطعن بالإلغاء أمام هذا القضاء ألا يكون ثمة طعن مقابل ومباشر أمام جهة قضائية أخرى تتوافر للطاعن أمامها مزايا قضاء الإلغاء وضماناته وبشرط ألا يكون قضاء هذه الجهة قضاء ولائياً لا يجد صاحب الشأن فيه مؤملاً حصيناً تمحص لديه أوجه دفاعه وهو ما لا يتوافر في طريق الطعن الذي رسمته المادة 35 المشار إليها أمام قاضي الأمور الوقتية، إذ قد يستغلق هذا الطريق ويمتنع عليه السير فيما إذا ما امتنع أمين مكتب الشهر العقاري عن إجابة صاحب الشأن إلى ما أوجبته هذه المادة عليه من رفع الأمر إلى قاضي الأمور الوقتية وهو فوق ذلك لا يكفي في حماية حقوق المتنازعين بصورة قاطعة ذلك أن قاضي الأمور الوقتية طبقاً لحكم المادة 35 لا يجرى قضاؤه في مواجهة الخصوم ولا تمحص فيه وسائل دفاعهم بل يصدر قراره الولائي على وجه السرعة وفي غير حضورهم ويكون قراره غير قابل للطعن.
4 - يبين من حكم المادة 49 من القانون رقم 114 لسنة 1946 الخاص بتنظيم الشهر العقاري سالفة الذكر أنه أوجب أن يقرن طلب شهر حق الإرث بمستندات ملكية المورث للعقارات محل الطلب المذكور، قصد إلى أن تكون هذه المستندات مشهرة طبقاً لحكم القانون وقائمة قبل تقديم طلب شهر حق الإرث حتى يمكن إرفاقها به الأمر الذي كان يتعين معه بادئ ذي بدء شهر عقود البيع المطلوب شهرها منفصلة عن طلب شهر حق الإرث وسابقة عليه وما كان يجوز تبعاً لذلك قبول طلب شهرها في ذات طلب شهر حق الإرث.
5 - إن منطق الأمور بالنسبة لشهر المحررات التي تتعلق بتصرفات مالكي العقار المذكور وتسلسلها أن يتم شهر كل محرر منها على حدة وبترتيب صدورها عقداً عقداً وحلقة في أثر حلقة باعتبار أن كل محرر يمثل في هذه الحالة مستند الملكية بالنسبة إلى المحرر التالي له والذي يجب شهره أولاً حتى يصبح بمثابة مستند ملكية في المحرر المطلوب شهره.
6 - إن كلمة المحرر التي جرى المشرع على استعمالها بصدد شهر المحررات تعني بداهة الوثيقة ذات الكيان المستقل من حيث محلها وأطرافها والتي تنطوي على إثبات تصرف ما يلزم شهره.
7 - لما كانت إجراءات الشهر في جملتها تكون في حقيقة الأمر عملية قانونية واحدة تمر بمرحلتين تمهد الأولى منها للثانية وتبدأ الأولى بتقديم طلب إلى المأمورية المختصة وتنتهي بتأشيرة هذه المأمورية على مشروع المحرر بصلاحيته للشهر وتبدأ المرحلة الثانية بتقديم المشروع إلى مكتب الشهر المختص بعد توثيقه وبعد التصديق على توقيعات ذوي الشأن فيه ولتنتهي هذه المرحلة بشهره فإذا ما بدأ لمصلحة الشهر العقاري بأجهزتها الفنية في أي مرحلة من مراحل الشهر وإلى ما قبل إتمامه فعلاً أنه قد شاب هذه العملية أية مخالفات قانونية حق لها أن توقف الشهر إلى أن يتم تصحيح هذه المخالفة ضماناً لسلامة عملية الشهر وما يترتب عليها من حقوق والتزامات ولا يستقيم منطقاً أن تقوم المصلحة بشهر محرر بالرغم مما ظهر لها من عيب فيه أو في الإجراءات التي صاحبته دون نص صريح بذلك.
المحكمة
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يبين من الأوراق في أن السيد/ محمد عبد المنعم محمد خليل الحسيني "المدعي" أقام الدعوى رقم 347 لسنة 17 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري ضد السيد/ وزير العدل بصفته طالباً الحكم بإلغاء القرار الصادر من مصلحة الشهر العقاري في 19 من نوفمبر سنة 1962 بوقف شهر العقود التي حرر عنها المشروع رقم 1642 لسنة 1962 مع شهر هذه العقود وإلزام الوزارة المدعى عليها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقال المدعي شرحاً لدعواه إن مورثه المرحوم محمد خليل الحسيني توفى عام 1956 عن ورثة هم هو وأخوته، وأنه قدم إلى مأمورية شهر الوايلي في 16 من ديسمبر سنة 1961 الطلب رقم 2898 لسنة 1961 لشهر حق الإرث عن كامل ملكية العقار رقم 19 حارة النوبي شياخة النوبي بباب الشعرية محافظة القاهرة. وهذا العقار وارد في تكليف حسن عبد الواحد محمد العطار الذي تملكه بعقد مسجل في عام 1904 وقد باع منه ثمانية قراريط إلى ابنته نفيسة بعقد ثابت التاريخ في سنة 1922، كما باع ستة قراريط إلى عبد العظيم حسن بعقد ثابت التاريخ في سنة 1922، وباع إلى زينب صالح قيراطين بعقد ثابت التاريخ في سنة 1921 ولما كانت هذه العقود ثابتة التاريخ قبل صدور قانون التسجيل وابتداء العمل به في سنة 1924 فقد اعتبرت ناقلة للملكية ووافق عليها مكتب القاهرة للشهر العقاري وأثبت ذلك في المشروع. وقد باعت نفيسة حسن الثمانية قراريط المملوكة لها وباع حسن عبد الواحد الثمانية قراريط الباقية في ملكيته إلى محمد شافعي ودسوقي السيد بعقد عرفي سنة 1923 وأثبت هذا العقد كمستند ملكية في التصرفات التالية المصدق عليها سنة 1924. ثم باع محمد شافعي ثمانية قراريط إلى علي مصطفى بعقد مصدق على التوقيعات فيه سنة 1924 وطلب (أي المدعي) من المصلحة شهره وباع علي مصطفى هذا القدر إلى يوسف عفيفي بعقد مصدق على التوقيعات فيه سنة 1924 وطلب "أي المدعي" من المصلحة شهره وباع يوسف عفيفي هذه الحصة أيضاً إلى حافظ حسين بعقد مصدق على التوقيعات فيه سنة 1924 وطلب "أي المدعي" من المصلحة شهره وباع دسوقي السيد إلى علي الخولي حصته في هذا المنزل وقدرها ثمانية قراريط بعقد مصدق على التوقيعات فيه سنة 1924 وطلب (أي المدعي) شهره ثم باع حافظ حسين ثمانية قراريط وعبد العظيم حسن ستة قراريط وزينب صالح قيراطين وعلي الخولي ثمانية قراريط إلى مورثه محمد خليل بعقد مصدق على التوقيعات فيه سنة 1924. وقد وافقت مأمورية الشهر العقاري على طلب الشهر وإشهار العقود المصدق على التوقيعات فيها وحرر المشروع رقم 1046 لسنة 1962 (وصحته 1643 لسنة 1962) وقبلته المأمورية وختم بخاتم صالح مع العقود المصدق عليها السالفة الذكر. ثم تقدم المدعي إلى مكتب القاهرة بالعقود حيث قدرت الرسوم المستحقة على العقود الخمسة المطلوب شهرها وبلغت 82 جنيهاً قام بسدادها بالإيصال رقم 905629/ 7 في 18 من نوفمبر سنة 1962 وأخذ رقم أسبقية 11055 في 19 من نوفمبر سنة 1962. غير أن المكتب أوقف شهر العقود المذكورة في 19 من نوفمبر سنة 1962 وأخطره بالكتاب المؤرخ في 21 من نوفمبر سنة 1962 بهذا الإيقاف على أساس أنه يجب تقديم العقود المذكورة عقداً عقداً. وأضاف المدعي أنه تقدم بتظلم إلى إدارة الشهر في 21 من نوفمبر سنة 1962 كما تقدم بتظلم آخر إلى السيد وكيل الوزارة لشئون الشهر العقاري ولم يخطر بما تم في شأنها إلا أنه رأى تأشيرة مرفقة بالعقود المودعة بالإدارة للسيد الأمين العام للشهر العقاري بعدم أحقيته في الشكوى.
وينعى المدعي على قرار مصلحة الشهر العقاري بوقف الشهر مخالفته القانون ويطعن فيه للأسباب الآتية:-
1 - إن إشهار العقود المذكورة يستند إلى نص المادة 55 من قانون الشهر التي تبيح شهر العقود المصدق عليها استثناء من أحكام المادة 23 إذا كانت مستندة في أصل الملكية إلى عقد عرفي يحمل تاريخاً قبل سنة 1924 وقد قامت المصلحة فعلاً بتصوير العقد المؤرخ في سنة 1923 واحتفظت بالصورة الفوتوغرافية كمستند ملكية كما هو موضح في أعلى العقد المذكور كما قامت بختم العقود المصدق عليها بأنها صالحة للشهر.
2 - إنه لا يوجد في قانون الشهر أو اللائحة التنفيذية ما يلزم شهر هذه العقود واحداًَ واحداً.
3 - إن دفع الرسوم لمكتب القاهرة كان بعد فحص هذه العقود بمعرفة الموظف المختص ولا يجوز تقدير الرسوم وسدادها ثم العدول عن شهر المحرر.
وقد تقدمت مصلحة الشهر العقاري بمذكرة بدفاعها مؤرخة في 15 من يناير سنة 1963 ضمنتها أن المادة 35 من القانون رقم 114 لسنة 1946 رسمت طريق التظلم من قرارات المصلحة وعقدت الاختصاص في ذلك لقاضي الأمور الوقتية دون غيره وإذ لم يسلك المدعي هذا الطريق فإنه يتعين القضاء بعدم اختصاص القضاء الإداري بنظر الدعوى.
وأشارت بالنسبة إلى موضوع الدعوى إلى أن القانون رقم 114 لسنة 1946 بين في المادتين 23، 49 منه المستندات التي تقبل لإثبات ملكية المورث في طلبات شهر الإرث وأن العقود المقدمة من المدعي والمصدق عليها سنة 1924 لا تعتبر منها ومن ثم فإنه لا يمكنه الاستناد إليها في إثبات ملكية المورث ويتعين شهرها أولاً حتى يمكنه الأخذ بها كمستند للملكية ويتبع ذلك ضرورة إخضاعها لجميع إجراءات الشهر الواردة في الباب الثالث من القانون في المواد 21 وما بعدها بتقديم طلب للشهر عن كل عقد من هذه العقود. وأن المادة 55 من القانون التي يستند إليها المدعي تأييداً لدعواه ليس المقصود منها قبول العقود المصدق عليها سنة 1924 قبل شهرها مستنداً لإثبات أصل الملكية وإلا لما نصت هذه المادة على شهرها. وإن الواضح أن الاستثناء الذي قررته هذه المادة من حكم المادة 23 هو قبول العقود العرفية التي تحمل تاريخاً سابقاً على سنة 1924 كمستند لإثبات أصل الملكية في العقود المصدق عليها أو الموثقة أو الصادر بشأنها حكم صحة تعاقد أو توقيع قبل سنة 1947 مع أن هذه العقود العرفية السابقة على سنة 1924 غير مقبولة بحكم المادة 23 إلا إذا كانت ثابتة التاريخ قبل سنة 1924 أو كانت قد أخذ بها قبل سنة 1947 في محررات تم شهرها أو نقل التكليف بمقتضاها ولذا يتعين شهر هذه العقود أولاً للأخذ بها كمستند لملكية المورث، وعلى ذلك يكون استناد المدعي قائماً على أساس خاطئ لا يتفق مع القانون وأضافت المصلحة أنه لا يجوز الاحتجاج بسداد الرسم لأن ذلك لا يمنع من أن تخضع جميع المحررات قبل شهرها إلى رقابة المكتب سواء من الناحية الفنية أو الناحية المالية ضماناً لسلامة الشهر. وبالنسبة للرسوم فإن التعليمات المالية تسمح إذا ما قام صاحب الشأن من جديد بشهر هذه المحررات سالكاً في ذلك الطريق الذي رسمه القانون فإنه لا يسدد رسوماً جديدة عن نقل هذه المحررات بل تسوى من حساب الرسوم السابق سدادها.
وخلصت المصلحة إلى أن قرارها مبني على أساس سليم من الواقع والقانون وفي حدود اختصاصها، وانتهت إلى طلب الحكم أصلياً بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى واحتياطياً برفضها مع إلزام المدعي بالمصروفات. وقدمت المصلحة التحقيق الذي أجراه مكتب القاهرة بشأن الأسبقية رقم 11055 لسنة 1962 مثار هذه المنازعة وحافظة بمستنداتها.
وعقب المدعي على دفاع المصلحة بمذكرة طلب فيها رفض الدفع بعدم الاختصاص أخذاً بما انتهى إليه حكم محكمة القضاء الإداري في الدعوى 12691 لسنة 8 الصادر في 2 من مايو سنة 1957. وأوضح بالنسبة للموضوع أن الطلب المقدم منه للمأمورية كما هو واضح في المشروع المختوم بصلاحيته للشهر هو طلب شهر عقود مصدق فيها وإشهار إرث أي أن الخطوة الأولى هي إشهار هذه العقود لكي تنتقل الملكية إلى مورثه ثم إشهار الإرث بعد ذلك، وأن كل ما هنالك هو أنه بدلاً من تقديمها إلى المأمورية عقداً عقداً قدمت دفعة واحدة لتسجيلها بأرقام متتابعة أو بإعطائها رقم تسجيل واحد. وأشار إلى أن سبب مراجعة هذه العقود دفعة واحدة هي أن القانون اشترط في المادتين 20، 21 منه أن تتم إجراءات الشهر بناء على طلب ذوي الشأن أو من يقوم مقامهم وأن يوقع طلب الشهر من المتصرف أو المتصرف له أو ممن يكون المحرر لصالحه وأنه باعتباره خلفاً عاماً لوالده له حق التقدم بهذه العقود لتنتقل الملكية إلى مورثه وهي بمثابة أحكام صحة تعاقد صادرة لصالح مورثه، وتساءل عن الكيفية التي يتم بها شهر هذه العقود واحداً واحداً ومن هو الذي يتقدم بطلب شهر كل عقد ومن الذي يوقع على الخلاف في المسطح الوارد بهذه العقود عما ورد في استمارة المساحة الذي يثبت رقم شهر كل عقد سابق على العقد المراد تسجيله في الحلقة التالية كأساس للملكية بعد أن قفل بالتصديق على التوقيعات فيه في سنة 1924 أمام المحكمة وذكر أنه لا يفهم الفرق بين تقديم العقود عقداً عقداً وتقديمها دفعة واحدة وتسجل أرقامها بالتتابع أو تسجل برقم واحد. وتمسك بما أوضحه السيد مأمور الشهر العقاري الذي وافق على المشروع وحقه بصلاحيته للشهر مع ختمه كل عقد وذلك بخصوص التكييف القانوني لهذه العقود وأنها كأحكام صحة التعاقد التي يحق لصاحب الشأن أن يتقدم بها لشهرها بطلب واحد حسبما هو متبع في المصلحة. وقدم المدعي حافظتين بمستنداته طواها على صورة عقدين مشهرين جرت فيها المصلحة على إشهار مثل هذه العقود في مشروع واحد برقم إشهار واحد، كما قدم حافظة أخرى ضمنها مشروع شهر العقود محل النزاع والعقود المذكورة.
وبجلسة أول يونيه سنة 1965 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها برفض الدعوى بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر الدعوى وباختصاصه بنظرها وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه الصادر بوقف شهر العقود التي حرر عنها المشروع رقم 1642 لسنة 1962 وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الجهة الإدارية المدعى عليها بالمصروفات. وأقامت المحكمة قضاءها بالنسبة للدفع بعدم الاختصاص على أن الطريق الذي رسمه القانون رقم 114 لسنة 1946 بتنظيم الشهر العقاري في المادة 35 منه ليس طريقاً محاذياً محققاً لمزايا الطعن بالإلغاء فضلاً عن أن القرار المطعون فيه غير وارد بصدد حالة من بين الحالتين المنصوص عليهما حصراً في المادة 35 المشار إليها مما يتعين معه القضاء برفض هذا الدفع وباختصاص المحكمة بنظر النزاع، وأقامت المحكمة قضاءها بالنسبة لموضوع الدعوى على أن المدعي قدم العقود أصلاً لشهرها أولاً كأي تصرف قانوني يتطلب القانون شهره لانتقال الملكية من البائع إلى المشتري ثم الاستناد إليه بعد ذلك في إثبات ملكية من شهرت لمصلحته إذ أن كل عقد مصدق عليه يتم شهره يكون في الحقيقة سنداً للملكية في العقد الذي يليه وهكذا حتى المشتري الأخير وهو مورث المدعي ولا تنتقل الملكية إلا بهذا الإشهار الجديد لكل عقد وعلى ذلك فلا يوجد ثمة فرق بهذه المثابة بين أنه تشهر هذه العقود عقداً عقداً بطلبات شهر متعددة أو أن تدمج جميعاً في طلب واحد واستناداً إلى ذلك قضت المحكمة بإلغاء القرار المطعون فيه.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن المادة 63 من القانون رقم 114 لسنة 1946 سالف الذكر قد أوردت على سبيل الحصر المحررات التي تقبل لإثبات أصل الملكية وأن العقود المقدمة لا تطابق أي حالة من الحالات المذكورة ولذلك لا يمكن الاستناد إليها في إثبات ملكية المورث ويتعين شهرها أولاً حتى يمكن الأخذ بها بعد شهرها كمستند للملكية، وأن المادة 55 التي يستند إليها المدعي تنص على حالة يمكن فيها شهر المحرر فقط لا إثبات أصل الملكية وأضاف الطعن أن إعطاء المحررات المختلفة رقم شهر واحد وأسبقية واحدة كما يذهب الحكم المطعون فيه أمر مخالف للإجراءات المنصوص عليها في قانون الشهر العقاري إذ أن ذلك يؤدي إلى عدم اتباع قواعد أسبقية شهر المحررات والعقود وأرقامها المتتالية مما يؤدي إلى الخلط بين تلك المحررات ويتعين أن يأخذ كل محرر رقماً مستقلاً عن غيره يتميز به عما عداه من المحررات وهو ما لا يتأتى في حالة شهر جملة محررات عن سلسلة من التصرفات مع إعطائها رقم أسبقية واحد ورقم شهر واحد حتى ولو كان محلها عقاراً واحداً، كما أن مقتضى المنطق القانوني أنه كل محرر من المحررات موضوع النزاع هو مستند الملكية في المحرر التالي ولكي يكتسب ذلك المحرر قوة مستندية وحجية المحرر المشهر يتعين أن يتم شهره أولاً حتى يمكن الاستناد إليه عند شهر التصرف المترتب عليه ببحثه وتطبيقه على العقار محل التصرف وذلك سواء بالانتقال في الطبيعة وإجراء التطبيق الهندسي اللازم أو التطبيق النظري على الخرائط والمراجع الهندسية وذلك حتى يمكن الأخذ به كمستند للملكية في المحرر الذي يستند إليه والذي يتم شهره بناء عليه. وإذا كان الحكم المطعون فيه قد أخذ بغير هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون ويتعين إلغاؤه.
ومن حيث إن هيئة مفوضي الدولة قدمت تقريراً وذهبت فيه إلى أن اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري وارد على سبيل الحصر والقرار الإداري الذي يكون محلاً للإلغاء ليس من الأعمال المادية التي لا يقصد بها تحقيق آثار قانونية وإن رتب القانون عليها آثاراً معينة لأن مثل هذه الآثار مصدرها إرادة المشرع مباشرة لا إرادة الإدارة والإجراءات التي تتخذها الإدارة مستهدفة فيها تنفيذ حكم القانون حتى وإن غم عليها تفسيره الصحيح لا تكون موضوعاً لدعوى الإلغاء وقد تصلح موضوعاً لدعوى التضمينات في القضاء الكامل إن توافرت عناصر المسئولية التقصيرية. ولما كانت الإجراءات التي ناط بها قانون الشهر العقاري محددة تحديداً دقيقاً في القانون والآثار التي تترتب عليها وليدة حكم القانون والأعمال الصادرة منها في هذا الشأن من قبيل الأعمال المادية التي لا يقصد بها تحقيق مراكز قانونية ولا تتوافر فيها مقومات القرار الإداري وبالتالي تختص بها المحاكم العادية مما يتعين معه القضاء بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر دعوى المطعون ضده. ولا وجه إزاء ذلك لما استند إليه قضاء محكمة القضاء الإداري من أن الحالة المعروضة لم يتضمنها نص المادة 35 من القانون رقم 114 لسنة 1949 المشار إليه والتي يختص بها قاضي الأمور الوقتية لأن عدم اختصاص قاضي الأمور الوقتية مؤداه اختصاص القضاء العادي بكافة ما يترتب على قانون الشهر العقاري لا القضاء الإداري. ورأت هيئة مفوضي الدولة احتياطياً بالنسبة للموضوع إلغاء القرار المطعون أخذاً بوجهة نظر الحكم المطعون فيه.
ومن حيث إن المطعون ضده عقب على تقرير الطعن وتقرير هيئة مفوضي الدولة بمذكرتين أضاف فيهما أن مكتب الشهر العقاري ليس له الحق في إيقاف المشروع بعد ختمه بصلاحيته للشهر حسبما ذهبت إلى ذلك إدارة الفتوى والتشريع بمجلس الدولة في فتواها رقم 107/ 4/ 727 بتاريخ أول يناير سنة 1957 وأن العقود المصدق عليها والمقدمة للتسجيل بمثابة أحكام صحة التعاقد ويصلح الاثنان مبرراً للتسوية بينهما في جعلها أداة صالحة لتسجيل ما يترتب عليه من أثر أصيل "نقض مدني 13/ 5/ 48" وطبقاً للفقرة الخامسة من المادة 185 من تعليمات الشهر العقاري يمكن إشهار حلقات البيع المتتالية في أحكام صحة التعاقد برقم واحد ويكتفي في هذه الحالة بتحصيل رسوم الشهر عن كل حلقة من حلقات السلسلة مما يتعين معه انطباق هذه القاعدة على الحالة المعروضة وصمم على طلباته.
أولاً: عن الدفع بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر الدعوى.
من حيث إن من المقرر أن القرار الإداري تتوافر مقوماته وخصائصه إذا ما اتجهت الإدارة أثناء قيامها بوظائفها إلى الإفصاح عن إرادتها الذاتية الملزمة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح في الشكل الذي يتطلبه القانون بقصد إحداث أثر قانوني معين متى كان ذلك ممكناً وجائزاً قانوناً وكان الباعث عليه ابتغاء مصلحة عامة، ويفترق القرار الإداري بذلك عن العمل المادي الذي لا تتجه فيه الإدارة بإرادتها الذاتية إلى إحداث آثار قانونية وإن رتب القانون عليها آثاراً معينة لأن مثل هذه الآثار تعتبر وليدة الإرادة المباشرة للمشرع وليست وليدة إرادة الإدارة الذاتية، ولما كانت مصلحة الشهر العقاري قد أفصحت في قرارها المطعون فيه عن وقف شهر عقود البيع الخمسة محل المنازعة وما يترتب على ذلك من عدم شهر حق الإرث بعد أن سارت إجراءات الشهر في مراحلها الممهدة لشهرها وحرر عنها المشروع رقم 1642 لسنة 1962 وذلك استناداً إلى أن المدعي لم يتقدم بطلب شهر هذه العقود عقداً عقداً، فإن المصلحة بذلك تكون قد أفصحت عن إرادتها الملزمة بقصد إحداث أثر قانوني يتمثل في عدم الاعتداد بالإجراءات التي سار فيها طلب الشهر منذ البداية وفي إلزام المدعي بالبدء في اتخاذ إجراءات الشهر طبقاً لأساس آخر يتقدم فيه بطلب مستقل عن كل من هذه العقود لشهره مصحوب برسم جديد بما مؤداه عدم انتقال ملكية العقار إلى مورث المدعي والحيلولة بين الورثة وشهر تصرفهم فيه وذلك إلى أن تتم إجراءات الشهر على الأساس الجديد.
وهذه الآثار ليست وليدة إرادة المشرع مباشرة وإنما هي في الواقع من الأمر وليدة القرار المطعون فيه ذلك أن القانون رقم 114 لسنة 1946 المشار إليه لم ينطو على إنشاء مراكز قانونية فردية ذاتية تطبق بحكم القانون بمجرد إجراء تنفيذي، وإنما هو ينشئ في هذا الشأن مجرد مراكز قانونية موضوعية يستدعي إنزال مقتضاها على الأفراد أن تتدخل الإدارة بإرادتها الملزمة وبسلطتها المستمدة من هذا القانون بإصدار القرارات الفردية المنشئة للمراكز القانونية الفردية الذاتية، هذه المراكز المتميزة عن المراكز القانونية العامة الموضوعية من حيث وجوب تعلقها بشخص معين أو أشخاص معينين على وجه التحديد بأشخاصهم لا بصفاتهم. ومن مقتضى ذلك أن يحدد القرار الفردي - كما هو الشأن في الحالة الماثلة - ابتداء مجال انطباق القاعدة القانونية وتوافر شروطها ومدى التزام الإجراءات المرسومة وذلك بصدد حالة معينة لشخص معين مما يضفي على القرار الفردي في هذه الحالة صفة القرار الإداري وينفي عنه صفة الإجراء التنفيذي ومن ثم يختص القضاء الإداري بالفصل في طلب إلغائه.
ومن حيث إن المادة 35 من القانون رقم 114 لسنة 1946 سالف الذكر تنص على أنه "لمن أشر على طلبه باستيفاء بيان لا يرى وجهاً له ولمن تقرر سقوط أسبقية طلبه بسبب ذلك أن يتقدم بالمحرر نفسه أو بالمحرر مصحوباً بالقائمة على حسب الأحوال وذلك خلال عشرة أيام من وقت إبلاغ قرار الاستيفاء أو السقوط إليه ويطلب إلى أمين المكتب إعطاء هذا المحرر أو القائمة رقماً وقتياً بعد أداء الرسم وتوثيق المحرر أو التصديق على التوقيعات فيه إن كان من المحررات العرفية وبعد إيداع كفالة قدرها نصف في المائة من قيمة الالتزام الذي يتضمنه المحرر على ألا يزيد مقدار هذه الكفالة على عشرة جنيهات ويجب أن تبين في الطلب الأسباب التي يستند إليها الطالب. وفي هذه الحالة يجب على أمين المكتب إعطاء المحرر أو القائمة رقماً وقتياً في دفتر الشهر المشار إليه في المادة 31 ودفاتر الفهارس وأن يرفع الأمر إلى قاضي الأمور الوقتية بالمحكمة الابتدائية التي يقع المكتب في دائرتها. ويصدر القاضي قراره على وجه السرعة بإبقاء الرقم الوقتي بصفة دائمة وبإلغائه تبعاً لتحقيق أو تخلف الشروط التي يتطلب القانون توافرها لشهر المحرر أو القائمة. ولا يجوز الطعن في القرارات التي تصدر على هذا الوجه بأي طريق". ومفهوم هذا النص أنه حدد على سبيل الحصر لا المثال حالتين اثنتين فقط لطلب إعطاء المحرر رقم شهر مؤقت وعرض الأمر على قاضي الأمور الوقتية بالمحكمة الابتدائية المختصة وهما حالة التأشير على طلب الشهر باستيفاء بيان لا يرى صاحب الشأن وجهاً له وحالة صدور قرار بسقوط أسبقية طلب الشهر وبهذا تخرج حالة وقف شهر المحرر بعد أن تقرر صلاحيته للشهر عن نطاق التظلم الذي رسمه القانون في المادة 35 المذكورة ولا يخضع تبعاً لذلك أمر التظلم منه لقاضي الأمور الوقتية وبهذه المثابة ينتقي أساس الدفع بعدم اختصاص القضاء الإداري بالفصل في قرار وقف شهر المحرر الذي أقيم على حكم المادة المذكورة.
ومن حيث إنه رغماً عن ذلك فإن الاختصاص الذي خوله القانون لقاضي الأمور الوقتية في المادة 35 وأجاز لصاحب الشأن الالتجاء إليه بصدده لا يمنع من عرض النزاع على القضاء الإداري مباشرة للفصل فيه إذا ما انطوى هذا النزاع على طلب إلغاء قرار إداري ذلك أن الطريق الذي رسمته المادة 35 ليس طريقاً مقابلاً للطعن بالإلغاء حتى يختص به قاضي الأمور الوقتية اختصاصاً مانعاً من ولاية محكمة القضاء الإداري، إذ أن الأصل في قبول الطعن بالإلغاء أمام هذا القضاء ألا يكون ثمة تخصص مقابل ومباشر أمام جهة قضائية أخرى تتوافر للطاعن أمامها مزايا قضاء الإلغاء وضماناته وبشرط ألا يكون قضاء هذه الجهة قضاء ولائياً لا يجد صاحب الشأن فيه موئلاً حصيناً تمحص لديه أوجه دفاعه وهو ما لا يتوافر في طريق الطعن الذي رسمته المادة 35 المشار إليها أمام قاضي الأمور الوقتية إذ قد يستغلق هذا الطريق ويمتنع عليه السير فيه إذا ما امتنع أمين مكتب الشهر العقاري عن إجابة صاحب الشأن إلى ما أوجبته هذه المادة عليه من رفع الأمر إلى قاضي الأمور الوقتية وهو فوق ذلك لا يكفي في حماية حقوق المتنازعين بصورة ناجعة ذلك أن قاضي الأمور الوقتية طبقاً لحكم المادة 35 لا يجرى قضاؤه في مواجهة الخصوم ولا تمحص فيه وسائل دفاعهم بل يصدر قراره الولائي على وجه السرعة وفي غير حضورهم ويكون قراره غير قابل للطعن.
ومن حيث إن حاصل ذلك أن قرار مصلحة الشهر العقاري المطعون فيه قرار إداري وليس من شأن الاستناد إلى المادة 35 من القانون رقم 114 لسنة 1946 إخراجه من نطاق اختصاص القضاء الإداري ويصبح الدفع المثار في هذا الصدد غير قائم على سند من القانون ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى برفضه قد التزم صحيح القانون بما لا وجه للنعي عليه.
ثانياً: عن الموضوع
ومن حيث إنه يبين من استقراء أوراق الطعن أن مورث المدعي اشترى أرض وبناء المنزل رقم 19 حارة النوبي قسم باب الشعرية محافظة القاهرة من كل من السيدة/ زينب صالح علي والسادة عبد العظيم حسن عبد الواحد وعلي الخولي إسماعيل وحافظ حسين علي بعقد غير مسجل مصدق عليه بمحضر تصديق بمحكمة الموسكي الأهلية في 2 سبتمبر سنة 1924، وقد تملك كل من السيد/ زينب صالح علي والسيد/ عبد العظيم حسن عبد الواحد حصتهما في هذا العقار بعقد بيع ثابت التاريخ في سنة 1922، أما السيد/ علي الخولي إسماعيل فقد اشترى الحصة التي باعها في هذا العقار من السيد/ دسوقي السيد شرف الدين بعقد عرفي غير مسجل مصدق عليه بمحضر تصديق بمحكمة عابدين الجزئية الأهلية في 29 من إبريل سنة 1924 وقد تلقى البائع له ملكية هذه الحصة بعقد عرفي غير مسجل في سنة 1923، وقد اشترى السيد/ حافظ حسين علي الحصة التي باعها إلى مورث الدعوى من السيد/ السيد يوسف عفيفي الوقاد بعقد بيع عرفي مصدق عليه من محكمة الخليفة الأهلية في سنة 1924 الذي اشتراها بدوره من السيد/ علي مصطفى أبو زيد بعقد مصدق عليه أيضاً في سنة 1924 وقد اشترى الأخير هذه الحصة من السيد/ محمد شافعي عبد السلام بعقد عرفي غير مسجل في سنة 1923. وتقدم المدعي بالطلب رقم 2898 لسنة 61 إلى مكتب الشهر العقاري بالوايلي لشهر عقود البيع الخمسة الصادرة لكل من السادة علي الخولي إسماعيل وعلي مصطفى أبو زيد والسيد يوسف عفيفي وحافظ حسين علي ومورث المدعي السيد/ محمد خليل الحسيني وشهر حق الإرث وقد قبل هذا الطلب وحرر عنه المشروع رقم 1642 لسنة 1962 وأشر عليه من المأمورية المختصة بصلاحيته للشهر. وقدم المدعي هذا المشروع إلى مكتب القاهرة لشهره وبعد إتمام مراجعته سدد الرسوم المستحقة لذلك شاملة الرسوم الخاصة بكل عقد من العقود الخمسة المشار إليها وأعطى له رقم أسبقية 11055 في 19 من نوفمبر سنة 1962 وفي هذا التاريخ أوقف قلم المراجعة هذا المشروع وأخطر المدعي بالإيقاف تأسيساً على أنه يجب تقديم هذه العقود عقداً عقداً.
ومن حيث إن القانون رقم 114 لسنة 1946 آنف الذكر حدد في الباب الثاني منه المحررات التي يجب شهرها ومن بينها التصرفات التي من شأنها إنشاء حق من الحقوق العينية الأصلية أو نقله على ما جرت به المادة التاسعة وكذلك حق الإرث طبقاً لمقتضى المادة الثالثة عشرة. ونظم القانون في الباب الثالث منه إجراءات الشهر ونص في المادة 20 منه على أن تتم إجراءات الشهر بناء على طلب ذوي الشأن أو من يقوم مقامهم وبين في المادة 21 كيفية تقديم هذه الطلبات ثم فصل في المادة 32 البيانات التي يجب أن يشتمل عليها طلب الشهر وجرى نص المادة 49 على أنه "يجب أن يقرن طلب شهر حق الإرث بالأوراق الآتية:..... (4) سندات ملكية المورث للعقارات المذكورة على أن يراعى في شأنها حكم المادة الثالثة والعشرين...." ونصت المادة 23 على أنه "لا يقبل من المحررات فيما يتعلق بإثبات أصل الملكية والحق العيني وفقاً لأحكام المادة السابقة "22" إلا (1) المحررات التي سبق شهرها (2) المحررات التي تتضمن تصرفاً مضافاً إلى ما بعد الموت تم قبل العمل بأحكام هذا القانون (3) المحررات التي ثبتت تاريخها قبل سنة 1924 من غير طريق وجود توقيع أو ختم لإنسان متوفى (4) المحررات التي تحمل تاريخاً سابقاً على سنة 1924 إذا كان قد أخذ بها قبل العمل بأحكام هذا القانون في محررات ثم شهرها! ونقل التكليف بمقتضاها لمن صدرت لصالحه" وقضت المادة 55 بأنه "استثناء من حكم المادة 23 تقبل للشهر المحررات التي تم توثيقها أو التصديق على توقيعات المتعاقدين فيها أو التي صدرت في شأنها أحكام بصحة التعاقد أو التوقيع قبل العمل بأحكام هذا القانون وكانت تستند في إثبات أصل الملكية أو الحق العيني لمحررات عرفية تحمل تاريخاً سابقاً على سنة 1924".
ومن حيث إن مؤدى هذه النصوص أن القانون حدد على سبيل الحصر المحررات التي تقبل لإثبات أصل الملكية أو الحقوق العينية محل التصرف المطلوب شهره ونص على أربع حالات منها بصفة أصلية في المادة 23 وأورد في المادة 55 استثناء من هذا الأصل حالة أباح بمقتضاها طلب شهر المحرر الذي تم توثيقه أو التصديق على توقيعات المتعاقدين فيه أو صدر في شأنه حكم بصحة التعاقد أو التوقيع قبل العمل بأحكام هذا القانون في أول يناير سنة 1947 وذلك إذا كان هذا المحرر يستند في إثبات أصل الملكية أو الحق العيني إلى مجرد محرر عرفي يحمل تاريخاً سابقاً على سنة 1924. ووجه الاستثناء في هذه المادة ليس في الاعتداد بهذا المحرر الموثق أو المصدق على توقيعات المتعاقدين فيه على النحو السالف لإثبات أصل الملكية محل التصرف المطلوب شهره في ظل القانون رقم 114 لسنة 1946 ويأخذ بذلك حكم المحررات التي انطوت عليها المادة 23، ولكن الاستثناء هو في إباحة شهر المحرر الموثق أو المصدق على توقيعات المتعاقدين فيه المذكورة بالرغم من استناده في إثبات أصل الملكية إلى محرر يحمل مجرد تاريخ سابق على سنة 1924 - دون أن يشترط لذلك ثبوت هذا التاريخ على ما تقضي به المادة 23 المشار إليها - ولما كان مورث المدعي قد اشترى العقار محل المنازعة بعقود بعضها مصدق على توقيعات المتعاقدين فيها في سنة 1924 واستندت في إثبات أصل الملكية إلى مجرد عقد سابق التاريخ على سنة 1924 فإن المحررات التي قدمها المدعي تكون صالحة للشهر لانتقال ملكية هذا العقار إلى المورث وعندئذ تعتبر مستندات الملكية في حكم المادة 23 والتي يتعين أن تكون بطلب شهر حق الإرث وفقاً لحكم المادة 49 آنف الذكر وقد تقدم المدعي بطلب واحد لشهر هذه العقود ولشهر حق الإرث دون منازعة منه في وجوب شهر هذه العقود ولكن ثار النزاع حول مدى جواز شهر جميع هذه المحررات بناء على طلب واحد بهذا الشهر.
ومن حيث إنه يتبين من حكم المادة 49 من القانون رقم 114 لسنة 1946 الخاص بتنظيم الشهر العقاري سالفة الذكر أنه إذا وجب أن يقرن طلب شهر حق الإرث بمستندات ملكية المورث للعقارات محل الطلب المذكور، قصد إلى أن تكون هذه المستندات مشهرة طبقاً لحكم القانون وقائمة قبل تقديم طلب شهر حق الإرث حتى يمكن إرفاقها به الأمر الذي كان يتعين معه بادئ ذي بدء شهر عقود البيع المطلوب شهرها منفصلة عن طلب شهر حق الإرث وسابقة عليه وما كان يجوز تبعاً لذلك قبول طلب شهرها مع ذات طلب شهر حق الإرث.
ومن حيث إن منطق الأمور بالنسبة لشهر المحررات التي تتعلق بتصرفات مالكي العقار المذكور وتسلسلها أن يتم شهر كل محرر منها على حدة وبترتيب صدورها عقداً عقداً وحلقة في إثر حلقة باعتبار أن كل محرر يمثل في هذه الحالة مستند الملكية بالنسبة إلى المحرر التالي له والذي يجب شهره أولاً حتى يصبح بمثابة مستند ملكية في المحرر.
وهكذا يؤكد هذا المنطق أن القانون وهو بصدد تحديد البيانات التي أوجب توافرها في طلب شهر المحرر حظر في المادة 23 قبول المحررات التي تثبت أصل الملكية أو الحق العيني ما لم تكن قد سبق شهرها أو تلك التي قضى القانون باعتبارها في حكم المشهرة على الوجه السالف البيان فسبق شهر المحررات إذن أمر واجب لشهر المحررات التالية لها.
ومن حيث إن المشرع حسبما يبين من نصوص القانون رقم 114 لسنة 1946 استهدف بصفة أصلية شهر المحررات كل على حدة فكلمة المحرر التي جرى على استعمالها بصفة شهر المحررات تعني بداهة الوثيقة ذات الكيان المستقل من حيث محلها وأطرافها والتي تنطوي على إثبات تصرف ما يلزم شهره، وقد حرص المشرع في الباب الثالث منه الخاص بإجراءات الشهر على أن يورد لفظ المحرر بصيغة الفرد فنص في المادة 21 منه على أن تقدم طلبات الشهر موقعاً عليها.. ممن يكون المحرر لصالحه وقضى في الفقرة رابعاً من المادة 23 على أن تشمل طلبات الشهر موضوع المحرر المراد شهره ونص في المادة 24 على أن يتم شهر المحرر خلال سنة وهكذا مما يقطع في أن إرادة المشرع اتجهت إلى شهر المحررات محرراً محرراً... كما أوجب القانون أيضاً في المادة 25 منه أن تدون طلبات الشهر على حسب تواريخ وساعات تقديمها بالدفاتر المعدة ونص في المادة 31 بأن يثبت في دفتر الشهر المحررات وقوائم القيد على حسب الأحوال بأرقام متتابعة وفقاً لتواريخ وساعات تقديمها وكل هذا لا يتأتى ما لم يقدم كل محرر بطلب شهر على حدة وقد تغيا المشرع من وراء ذلك كله ضبط السجلات والفهارس على نحو يتحقق معه تنظيم إجراءات الشهر ومراعاة قواعد أسبقية شهر المحررات وما إليها وإعطاء صورة واضحة لا يعتورها لبس أو قصور لطلبات الشهر المقدمة والمحررات المشهرة يسهل معها الرجوع إليها لاستنباط البيانات التي يطلبها أصحاب الشأن وذلك استمساكاً بأسباب التمهيد لإدخال نظام السجلات العينية وهو الأمر الذي عنى المشرع بسببه بدفاتر الشهر ودفاتر الفهارس وتنظيمها.
ومن حيث إنه لا ينال من هذا النظر أن ثمة صعوبات ستثور عند طلب شهر العقود محل المنازعة عقداً عقداً لأن التساؤل الذي أبداه المدعي بصدد الكيفية التي يتم بها شهر هذه العقود واحداً واحداً ومن الذي يتقدم بطلب شهر كل عقد ويوقع عليه ومن الذي يوقع على الخلاف في المسطح الوارد بهذه العقود فإنه ليس من شأنه إهدار القاعدة القانونية التي تتمسك بها مصلحة الشهر العقاري والتي ينبغي وضع الحلول لها. وإذا كانت المصلحة قد أخلت بهذه القاعدة في بعض الحالات فليس في ذلك ما يسقط القاعدة أو يلغي العمل بها.
ومن حيث إن المدعي ينعى على القرار المطعون فيه أنه ما كان يجوز العدول عن شهر المحرر بعد فحص هذه العقود وأداء الرسوم، ولما كانت إجراءات الشهر في جملتها تكون في حقيقة الأمر عملية قانونية واحدة تمر بمرحلتين الأولى منهما تمهد للثانية وتبدأ الأولى بتقديم طلب إلى المأمورية المختصة وتنتهي بتأشير هذه المأمورية على مشروع المحرر بصلاحيته للشهر وتبدأ المرحلة الثانية بتقديم المشروع إلى مكتب الشهر المختص بعد توثيقه وبعد التصديق على توقيعات ذوي الشأن فيه وتنتهي هذه المرحلة بشهره فإذا ما بدأ لمصلحة الشهر العقاري بأجهزتها الفنية في أي مرحلة من مراحل الشهر وإلى ما قبل إتمامه فعلاً أنه قد شاب هذه العملية أية مخالفة قانونية حق لها أن توقف الشهر إلى أن يتم تصحيح هذه المخالفة ضماناً لسلامة عملية الشهر وما يترتب عليها من حقوق والتزامات ولا يستقيم منطقاً أن تقوم المصلحة بشهر محرر بالرغم مما ظهر لها من عيب فيه أو في الإجراءات التي صاحبته دون نص صريح بذلك.
ومن حيث إنه وقد تبين عدم سلامة الإجراءات التي سار فيها طلب الشهر رقم 2898 لسنة 1916 موضوع النزاع فإن قرار المصلحة يكون قد صادف الحقيقة ويكون الحكم المطعون فيه إذ أخذ يغير هذا النظر جديراً بالإلغاء مما يتعين معه قبول الطعن شكلاً وفي موضوعه إلغاء الحكم المطعون فيه ورفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده بالمصروفات.
"فلهذه الأسباب"
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وألزمت المدعي بالمصروفات.
[(1)] قارن حكم المحكمة الإدارية العليا الصادر في القضية رقم 1142 لسنة 9 ق بجلسة 12/ 2/ 1966 والمنشور بمجموعة السنة الحادية عشرة المبدأ رقم 54.
ساحة النقاش