طلب التعويض مقابل تخطي العامل في ترقية هو يستحقها وما ينبني على ذلك من حرمانه من مرتب ومميزات الوظيفة التي تخطى منها
الحكم كاملاً
مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والعشرون - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1980 إلى آخر فبراير سنة 1981) - صـ 233
(34)
جلسة 27 من ديسمبر سنة 1980
برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد طاهر عبد الحميد نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد نور الدين العقاد ونبيل أحمد سعيد وعبد المعطي زيتون ومحمد فؤاد شعراوي - المستشارين.
الطعن رقم 605 لسنة 19 القضائية
قرار إداري - تعويض - تقادم - سقوط طلب التعويض.
طلب التعويض مقابل تخطي العامل في ترقية هو يستحقها وما ينبني على ذلك من حرمانه من مرتب ومميزات الوظيفة التي تخطى منها - سقوط طلب التعويض بمضي المدة المسقطة للمرتب وهي طبقاً لنص المادة 50 من القسم الثاني من اللائحة المالية للميزانية والحسابات خمس سنوات - أساس ذلك: أن التعويض عن الإخلال بالتزام هو من طبيعة الحق الناشئ عن هذا الالتزام لأنه المقابل المادي له فتسري بالنسبة للتعويض مدة التقادم التي تسري بالنسبة للحق الأصلي - تطبيق.
إجراءات الطعن
في يوم السبت الموافق 12 من مايو سنة 1973 أودع الأستاذ زكريا الجندي المحامي نيابة عن السيد نور الدين محمد جاويش قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 605 لسنة 19 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 18 من مايو سنة 1972 في الدعوى رقم 1127 لسنة 20 القضائية المقامة من الطاعن ضد الهيئة العامة للإصلاح الزراعي والذي قضى بسقوط حق المدعي في طلب التعويض وإلزامه المصروفات - وطلب الطاعن - للأسباب المبينة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم بطلبات الطاعن مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وعقبت هيئة مفوضي الدولة على الطعن بتقرير مسبب بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 19 من نوفمبر سنة 1979 وبجلسة 19 من مايو سنة 1980 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى) وحددت لنظره أمامها جلسة 11 من أكتوبر سنة 1980 - وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات ذوي الشأن قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الحكم المطعون فيه صدر بجلسة 18 من مايو سنة 1972، وقد تقدم المدعي بطلب لإعفائه من رسوم الطعن قيد برقم 378 لسنة 18 معافاة بتاريخ 16 من يوليو سنة 1972 ثم صدر القرار بقبول طلبه في 14 من مارس سنة 1973 فبادر بإيداع تقرير طعنه قلم كتاب المحكمة بتاريخ 12 من مايو سنة 1973 ومن ثم فإن الطعن يكون مقاماً في الميعاد القانوني ومستوفياً أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - على ما يبين من الأوراق - في أنه بعريضة مودعة قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بتاريخ 26 من مارس سنة 1966 أقام السيد/ نور الدين محمد جاويش الدعوى رقم 1127 لسنة 20 القضائية ضد الهيئة العامة للإصلاح الزراعي بعد حصوله على القرار رقم 1728 لسنة 19 القضائية في 16 من فبراير سنة 1966 بإعفائه من الرسوم القضائية - طالباً الحكم بأحقيته لدرجة وكيل قسم واستحقاقه الربط المالي (25/ 35 جنيهاً) اعتباراً من 4 من مارس سنة 1961 وتسوية حالته تبعاً لذلك مع صرف الفروق المالية - وقال المدعي شارحاً دعواه إنه حصل على بكالوريوس تجارة سنة 1956 وعين بالهيئة العامة للإصلاح الزراعي في 7 من مايو سنة 1957 بوظيفة مراجع حسابات بالربط المالي (15/ 25 جنيهاً) وبتاريخ 11 من مارس سنة 1962 صدر القرار الجمهوري رقم 951 لسنة 1962 بفصل محطة الدواجن - وهي الجهة التي كان يعمل بها - وموظفيها وعمالها من الهيئة العامة للإصلاح الزراعي وضمها لوزارة التموين ثم لوزارة الزراعة بمقتضى القرار الجمهوري رقم 3070 لسنة 1962.... وأضاف المدعي قوله إنه إبان عمله بالهيئة صدر بتاريخ 4 من مارس سنة 1961 قرار بترقية زميله السيد عبد الرحمن سليم عبد الرحمن إلى وظيفة وكيل قسم ذات الربط المالي (25/ 35 جنيهاً) رغم أنه قد عين بالهيئة في تاريخ لاحق لتاريخ تعيينه. ولما كان القانون رقم 210 لسنة 1951 بنظام موظفي الدولة واللائحة الخاصة بالهيئة العامة للإصلاح الزراعي تقضيان بأن تكون الترقيات إلى الدرجات الأعلى بالكادرين الفني العالي والإداري بالأقدمية المطلقة وكانت الهيئة لم تراع تلك القواعد وبالتالي يكون القرار الصادر بتاريخ 4 من مارس سنة 1961 بتخطيه في الترقية لدرجة وكيل قسم مخالفاً للقانون.
وردت الجهة الإدارية على الدعوى قائلة أن المدعي عين بالهيئة العامة للإصلاح الزراعي في 7 من مايو سنة 1957 بالربط المالي (15/ 25 جنيهاً) ونقل لوزارة التموين في 19 من مارس سنة 1962 ثم لوزارة الزراعة في أول يوليو سنة 1962 - أما زميله المطعون ضده السيد/ عبد الرحمن سليم عبد الرحمن فإنه حاصل على بكالوريوس الزراعة سنة 1952 وعين بالهيئة في 24 من أكتوبر سنة 1957 وأنه طبقاً لقواعد كادر الهيئة كان يؤخذ في الاعتبار عند الترقية الأقدمية في التخرج إلى جانب مدة الخدمة التي قضاها بالهيئة، وإعمالاً لذلك رقي المطعون ضده لدرجة وكيل قسم ذات الربط المالي (25/ 35) جنيهاً) في 4 من مارس سنة 1961 مراعاة لتاريخ تخرجه.
وبجلسة المرافعة المنعقدة في 18 من ديسمبر سنة 1969 أضاف الحاضر عن المدعي طلباً احتياطياً وهو الحكم له بتعويض مقداره 752 جنيهاً عما أصابه من ضرر وما فاته من كسب نتيجة القرار الخاطئ بتخطيه في الترقية - ثم بجلسة 30 من مارس سنة 1972 قرر الحاضر عن المدعي أنه يقصر طلباته على الحكم له بتعويض مؤقت مقداره قرش صاغ واحد.
وبجلسة 18 من مايو سنة 1972 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها المطعون فيه ويقضي بسقوط حق المدعي في طلب التعويض وألزمته المصروفات - وأقامت قضاءها على أن التعويض المترتب على إصدار الحكومة لقرارات مخالفة للقانون هو من طبيعة الحق الناشئ عن هذا القانون لأنه هو المقابل له فتسري بالنسبة للتعويض مدة التقادم التي تسري بالنسبة للحق الأصلي. ولما كان التعويض يفرض استحقاقه موضوعاً مطلوباً مقابل حرمان العامل من مرتبات الدرجة التي تخطى فيها بالقرار المطعون فيه والذي يزعم مخالفته للقانون، فقد سقطت دعوى التعويض بمضي المدة المسقطة للمرتب طبقاً للمادة 50 من اللائحة المالية للميزانية والحسابات، وإذا كان الثابت أن المركز القانوني للمدعي قد تحدد منذ صدور القرار المطعون فيه في 14 من مارس سنة 1961 فإنه من هذا التاريخ أو على أسوأ الفروض من تاريخ تقديم تظلمه في 2 من يوليو سنة 1964 يفتح أمامه ميعاد الطعن بالإلغاء في هذا القرار وإذ لم يسبق له طلب التعويض إلا في 18 من ديسمبر سنة 1969 فيكون قد فوت على نفسه المطالبة بالتعويض بانقضاء خمس سنوات من تاريخ نشوء هذا الحق.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم الطعين جانبه الصواب وخالف القانون ذلك أن الطاعن طالب بالحق الأصلي خلال المدة القانونية إذ أقام الدعوى بالطلب الأصلي في 22 من مارس سنة 1966 قبل انقضاء مدة التقادم، وعليه فإن المطالبة بالحق الأصلي تقطع مدة التقادم، وطالما أن الطلب الأصلي قدم خلال المدة القانونية فإن حق المدعي في طلب التعويض لم يسقط بالتقادم.
ومن حيث إن البادي من الأوراق أنه بتاريخ 4 من مارس سنة 1961 أصدرت الهيئة العامة للإصلاح الزراعي قراراً بترقية السيد/ عبد الرحيم سليم عبد الرحمن - وهو من العاملين بالهيئة - لوظيفة وكيل قسم ذات الربط المالي (25/ 35 جنيهاً) وبتاريخ 14 من يونيه سنة 1964 قدم المدعي تظلماً أوضح به أحقيته في الترقية لهذه الوظيفة إذ أنه معين بالهيئة في 7 من مايو سنة 1957 في حين أن زميله المذكور معين بها في 24 من أكتوبر سنة 1957 ولذا طلب ترقيته لهذه الوظيفة اعتباراً من تاريخ صدور القرار المطعون فيه مع صرف الفروق المالية المترتبة على ذلك. وإذ لم يتلق رداً على تظلمه قدم بتاريخ 25 من سبتمبر سنة 1965 طلباً للجنة المساعدة القضائية بمحكمة القضاء الإداري قيد برقم 1728 لسنة 19 القضائية طالباً إعفاءه من رسوم الدعوى بطلب الحكم بإلغاء القرار الصادر في 4 من مارس سنة 1961 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية لوظيفة وكيل قسم ذات الربط المالي (25/ 35 جنيهاً) مع ما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية. وعندما صدر قرار اللجنة في 16 من فبراير سنة 1966 بقبول طلبه بادر برفع دعواه بإيداع عريضتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري في 26 من مارس سنة 1966 طلباً الحكم بأحقيته في درجة وكيل قسم وتقرير أقدميته فيها اعتباراً من 4 من مارس سنة 1961 واستحقاقه الربط المالي (25/ 35 جنيهاً) وتسوية حالته تبعاً لذلك مع صرف جميع الفروق المالية المترتبة على ذلك ومع حفظ سائر الحقوق الأخرى.
ومن حيث إن القضاء الإداري جرى على أن تكييف الدعوى وبيان حقيقة وضعها إنما يخضع لرقابة القضاء باعتباره تفسيراً للنية الحقيقية التي قصدها المدعي في صحيفة دعواه، وأنه إذا كان تصوير طلبات الخصوم من توجيههم فإن الهيمنة على سلامة هذا التكييف من تصريف المحكمة إذ عليها أن تلتزم حكم القانون على واقع المنازعة، وفي ضوء هذه النظرية فإنه وإن كان المدعي - حسبما سلف البيان يطلب في دعواه الحكم بأحقيته في درجة وكيل قسم وتقرير أقدميته فيها اعتباراً من 4 من مارس سنة 1961 إلا أن الدعوى على هذه الصورة إنما تهدف في حقيقتها وواقع أمرها إلى الطعن في قرار الترقية الصادر في التاريخ المذكور فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية لدرجة وكيل قسم إذ لا سبيل إلى تحقيق قصده ومرماه إلا بالطعن في هذا القرار بطلب إلغائه فيما تضمنه من تخطيه في الترقية.
ومن حيث إنه لما كانت دعوى الإلغاء ترمي إلى اختصام القرار المطعون فيه وتكشف شوائبه وعيوبه فهي بهذه المثابة تمثل إلغاء مباشر للقرار على دعوى التعريض عن القرار المعيب والتي تمثل إلغاء غير مباشر له وإن كان الأساس القانوني فيهما واحد وهو مشروعية أو عدم مشروعية القرار المطعون فيه. وليس من جدل في أن طلب الإلغاء هو أوضح أثراً وأبلغ دلالة في النعي على القرار المطعون فيه فهو خطوة أبعد في الاعتراض على القرار..... وعلى هذا وإذ كان المدعي قد استهدف بدعواه منذ البداية إلغاء القرار المطعون فيه ثم قصرها في النهاية على تعويض مؤقت إلا أن طلباته في هذا الشأن والتي تتمثل في التظلم الإداري وفي طلب الإعفاء من الرسوم القضائية وفي صحيفة الدعوى وبالصيغة التي وردت بكل منها على النحو السابق إيضاحه قد حوت في طياتها وبين جنباتها طلب تعويض عن القرار المطعون فيه ذلك أن هذا الطلب هو - ولا ريب - المقابل المادي لدعوى الإلغاء وهو يطالب به - طبقاً للقانون - بصفة أصلية أو تبعية، كما أن الفصل فيه يقتضي بحكم اللزوم الوقوف على مدى مشروعية القرار المطعون فيه ذاته.
ومن حيث إنه لما كان التعويض عن الإخلال بالالتزام هو من طبيعة الحق الناشئ عن هذا الالتزام لأنه هو المقابل المادي له فتسري بالنسبة للتعويض مدة التقادم التي تسري بالنسبة للحق الأصلي فإذا كان التعويض مطلوباً مقابل تخطي العامل في ترقية هو يستحقها وما ينبني على ذلك من حرمانه من مرتب وميزات الوظيفة التي تخطى فيها سقط طلب التعويض بمضي المدة المسقطة للمرتب وهي - طبقاً لنص المادة 50 من القسم الثاني من اللائحة المالية للميزانية والحسابات - خمس سنوات.
ومن حيث إن القرار المطعون فيه قد صدر في 4 من مارس سنة 1961 وتظلم منه المدعي في 14 من يونيه سنة 1964 إذ لم يثبت نشر القرار أو إعلانه به في تاريخ سابق على تاريخ التظلم ومن ثم يكون هذا التاريخ الأخير هو التاريخ الذي يبدأ منه جريان ميعاد سقوط الحق لأنه تاريخ العلم اليقيني بالقرار المطعون فيه... ولما كان المدعي قد طلب إعفاءه من الرسوم القضائية في 25 من سبتمبر سنة 1965 وأجيب إلى طلبه في 16 من فبراير سنة 1966 ثم أقام دعواه في 26 من مارس سنة 1966 وكان من المقرر حسبما جرى عليه القضاء الإداري أن طلب الإعفاء من الرسوم القضائية يقوم مقام المطالبة القضائية في قطع مدة التقادم، ومن ثم يكون حق المدعي في طلب التعويض لم يسقط بعد.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه إذ قضى بغير هذا النظر فإنه يكون قد جانب صحيح حكم القانون مما يتعين معه القضاء بإلغائه.
ومن حيث إنه عن موضوع الدعوى فإنه لما كانت الدعوى مهيأة للفصل فيها فإن المحكمة تتصدى لنظر المنازعة.... والبين مما تقدم أن المدعي عين بالهيئة العامة للإصلاح الزراعي بتاريخ 7 من مايو سنة 1957 في وظيفة مراجع حسابات ذات الربط المالي (15/ 25 جنيهاً) ومكث بها إلى نقل لوزارة التموين في 19 من مارس سنة 1962 ثم من بعدها لوزارة الزراعة في أول يوليو سنة 1962. بينما عين زميله السيد/ عبد الرحمن سليم عبد الرحمن بالهيئة في تاريخ لاحق للمدعي وهو 24 من أكتوبر سنة 1957 ثم رقي لوظيفة وكيل قسم ذات الربط المالي (35/ 35 جنيهاً) بمقتضى القرار المطعون فيه الصادر في 4 من مارس سنة 1961.
ومن حيث إن المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية رقم 2271 لسنة 1960 باللائحة الداخلية للهيئة العامة للإصلاح الزراعي تنص على أن "يعمل باللائحة الداخلية للهيئة العامة للإصلاح الزراعي المرافقة لهذا القرار" وتنص المادة الثانية على أن "تلغى اللائحة الداخلية للهيئة العامة للإصلاح الزراعي المؤرخة في 11 من نوفمبر سنة 1954 وكل قرار يخالف أحكام اللائحة المرافقة" كما تنص المادة الثالثة على أن "يعمل بهذا القرار من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية" (وقد نشر القرار في العدد رقم 299 بتاريخ 29 من ديسمبر سنة 1960) وتنص المادة 20 من اللائحة المذكورة على أن "تسري على موظفي وعمال الهيئة العامة للإصلاح الزراعي فيما لم يرد بشأنه نص خاص في اللائحة التي تصدر بقرار من رئيس الجمهورية أحكام التشريعات واللوائح المنظمة للوظائف العامة" وإذا لم تصدر اللائحة التي أشارت إليها المادة 20 سالفة الذكر حتى تاريخ صدور القرار المطعون فيه بتاريخ 4 من مارس سنة 1961 ومن ثم فقد أضحى لزاماً إعمالاً لحكم هذه المادة تطبيق التشريعات واللوائح المنظمة لأحكام الوظائف العامة.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على القانون رقم 210 لسنة 1951 بنظام موظفي الدولة - والذي كان معمولاً به وقت صدور القرار المطعون فيه - أنه ينص في المادة 25 منه على أن "تعتبر الأقدمية في الدرجة من تاريخ التعيين..... وإذا كان التعيين متضمناً ترقية اعتبرت بالأقدمية على أساس الأقدمية في الدرجة السابقة....." كما تنص المادة 38 المعدلة بالقانون رقم 94 لسنة 1953 ثم بالقانون رقم 579 لسنة 1953 ثم بالقانون رقم 73 لسنة 1957 على أنه "تكون الترقيات إلى درجات الكادرين الفني العالي والإداري بالأقدمية في الدرجة، ومع ذلك تجوز الترقية بالاختيار للكفاية في حدود النسب الآتية:
20% للترقية من الدرجة السادسة إلى الدرجة الخامسة.
25% للترقية من الدرجة الخامسة إلى الدرجة الرابعة.
1/ 3 و33% للترقية من الدرجة الرابعة إلى الدرجة الثالثة.
50% للترقية من الدرجة الثالثة إلى الدرجة الثانية.
أما الترقيات من الدرجة الثانية إلى الأول ومن الأولى إلى ما يعلوها من درجات فكلها بالاختيار دون التقيد بالأقدمية "وواضح من نص المادة 38 أنه صريح الدلالة في أن الأصل في الترقية إلى الدرجات حتى الثانية هو أن تكون بالأقديمة، وأن الترقية بالاختيار - وفي حدود النسب المذكورة - جوازية فحسب تترخص فيها الجهة الإدارية بالأعمال أو الإغفال على هدي تقديرها لمقتضيات الصالح العام بما لا معقب عليها في ذلك ما دام اختيارها قد خلا من سوء استعمال السلطة والانحراف عن الجادة والجهة الإدارية وهي بصدد استعمال حقها في الترقية - في نطاق نسبة الاختيار - إنما تختار الأجدر والأصلح من بين المرشحين بحسب ما يتجمع لديها عنه من معلومات وما تلمس فيه من كفاية واستعداد للوظيفة المراد الترقية إليها - وعلى ذلك فلا يجوز في مجال الترقية بالأقدمية تخطي الأقدم وترقية الأحدث إلا إذا كان هذا الأخير هو الأجدر. وفي هذه الحالة يتعين على الجهة الإدارية صدور قرار بذلك التخطي تذكر فيه الأسباب الداعية والمبررة لإجرائه حتى تكون تحت نظر المحكمة لتتبين صحة الدافع إليها وأنها قائمة على أصول ثابتة في الأوراق تجيزها وتستند إليها.
ومن حيث إنه لما كان الثابت من الأوراق أن المدعي أسبق من زميله المطعون فيه في ترتيب الأقدمية إذ عين المدعي بالهيئة في 7 من مايو سنة 1957 بينما زميله في 24 من أكتوبر سنة 1957 ومن ثم فقد كان لزاماً على الهيئة أن تراعي تلك الأقدمية عند إجرائها الترقية التي تمت بمقتضى القرار الصادر في 4 من مارس سنة 1961 ما دام أنها لم تعمل سلطتها التقديرية في إجراء الترقية بالاختيار وفي حدود النسبة المذكورة في المادة 38 سالفة البيان... وتفريعاً على ذلك وإذ أغفلت الهيئة أقدمية المدعي فتخطته وقامت بترقية الأحدث منه كان قرارها معيباً مخالفاً للقانون وتحقق في شأنه طلب التعويض عنه.
ومن حيث إنه لا مقنع فيما تحاج به الهيئة من القول بأن ترقية المطعون ضده كان مردها أنه أقدم في التخرج من زميله المدعي إذ أنه المدعي إذ أنه حاصل على بكالوريوس الزراعة سنة 1952 بينما المدعي حاصل على بكالوريوس التجارة سنة 1956 ذلك لأن العبرة عند الترقية بالأقدمية طبقاً لصريح نص المادة 38 سالفة الذكر هي بالأقدمية في الدرجة، وهذه الأقدمية تحددت طبقاً للمادة 25 المشار إليها بتاريخ التعيين في الدرجة، وقد عين المدعي في 7 من مايو سنة 1957 على حين عين زميله في 24 من أكتوبر سنة 1957 فأضحى الأول أقدم في الدرجة من الثاني وحقت ترقيته إلى درجة وكيل قسم ذات الربط المالي 25/ 35 جنيهاً (وهي تعادل الدرجة الخامسة طبقاً للقانون رقم 120 لسنة 1951) ما دام لم يثبت من الأوراق من قريب أو بعيد أنه قام به سبب قانوني يحول دون ترقيته.
ومن حيث إن المدعي وقد طلب تعويضاً مؤقتاً مقداره قرش صاغ واحد فلا يسع المحكمة إلا إجابته لهذا الطلب، مع إلزام الهيئة المصروفات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبإلزام الهيئة العامة للإصلاح الزراعي بأن تدفع للمدعي مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت وألزمت الهيئة المصروفات.
ساحة النقاش