الطعن على قرار لجنة الاعتراضات برفض اعتراض أحد المرشحين لانتخابات مجلس الشعب على تعديل صفته من فلاح إلى فئات - قرار لجنة الاعتراضات سالف الذكر يعد قراراً إدارياً من اللجنة بما لها من اختصاص طبقاً للقانون.
الحكم كاملاً
مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة والعشرون (من أول أكتوبر سنة 1981 إلى آخر سبتمبر سنة 1982) - صـ 8
(2)
جلسة 7 من نوفمبر سنة 1981
برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد نور الدين العقاد وكيل مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عبد المعطي علي زيتون وحسن عبد الوهاب عبد الرازق والدكتور محمد جودت الملط ومحمد أحمد البدري - المستشارين.
الطعن رقم 1538 لسنة 26 القضائية
( أ ) مجلس الشعب - الترشيح لانتخابات مجلس الشعب - قرار إداري - قرار لجنة الاعتراضات.
الطعن على قرار لجنة الاعتراضات برفض اعتراض أحد المرشحين لانتخابات مجلس الشعب على تعديل صفته من فلاح إلى فئات - قرار لجنة الاعتراضات سالف الذكر يعد قراراً إدارياً من اللجنة بما لها من اختصاص طبقاً للقانون - اختصاص محكمة القضاء الإداري في الفصل في الطعن عليه - لا يسوغ القول بأن اختصاص المحكمة بنظر المنازعة قد زال بسبب حصول واقعة الانتخاب وإعلان نتيجتها إذ أنه من شأن ذلك حرمان المدعي من الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي وفقاً لما تقضي به المادة 68 من الدستور - أساس ذلك: أن المادة 67 من الدستور تنص على أن يحدد القانون الهيئات القضائية واختصاصها وينظم طريقة تشكيلها - مقتضى ذلك أنه لا يجوز تعديل اختصاص إحدى الجهات القضائية أو إلغاؤه إلا بقانون - تطبيق.
(ب) قرار إداري - طلب وقف التنفيذ - حكم - حجية الأمر المقضى به.
قرار إداري - طلب وقف تنفيذه - حكم محكمة القضاء القضاء برفض طلب وقف التنفيذ - اعتبار الحكم الصادر في هذا الشأن حكماً قطعياً له مقومات الأحكام وخصائصها ويجوز حجية الأمر المقضى به بالنسبة إلى ما فصلت فيه المحكمة في خصوصية اختصاص المحكمة وقبول الدعوى - اعتبار قضاؤها ذلك نهائياً يقيدها عند نظر طلب الإلغاء - قضاء محكمة القضاء الإداري عند نظر الموضوع بعدم اختصاصها - حكمها في هذا الشأن يكون معيباً لمخالفته لحكم سابق حاز قوة الأمر المقضى فيه.
إجراءات الطعن
في يوم السبت الموافق 2 من أغسطس سنة 1980 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدول المحكمة برقم 1538 لسنة 26 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) بجلستها المعقودة في 3 من يونيو سنة 1980 في الدعوى رقم 1342 لسنة 33 قضائية المرفوعة من السيد حامد هشام أحمد ضد السيد/ وزير الداخلية والسيد رئيس لجنة الطعون الانتخابية بأسيوط والذي قضى بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى وإلزام المدعي بالمصروفات، وقد طلب الطاعن للأسباب الواردة في تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وباختصاص محكمة القضاء الإداري بنظر الدعوى وإعادة الدعوى إليها للفصل فيها مع إبقاء الفصل في المصروفات وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني - ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري للفصل فيها مع إبقاء الفصل في المصروفات.
وبعد اتخاذ الإجراءات القانونية نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة، حيث قررت بجلستها المعقودة في أول يونيه سنة 1981 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا "الدائرة الأولى" لنظره بجلسة 3 من أكتوبر سنة 1981 - حيث سمعت المحكمة ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات ذوي الشأن وقررت إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - على ما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 24 من مايو سنة 1979 أقام السيد/ حامد هشام أحمد هشام الدعوى رقم 1342 لسنة 33 قضائية أمام محكمة القضاء الإداري ضد السيد/ وزير الداخلية والسيد رئيس لجنة الانتخابات بأسيوط طالباً الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار لجنة الطعون الانتخابية برفض الاعتراض المقدم منه على صفة - فئات - في حين أن صفته "فلاح" وفي الموضوع بإلغاء هذا القرار وإلزام المدعى عليهما بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقال شرحاً للدعوى أنه تقدم للترشيح لعضوية مجلس الشعب عن دائرة ابنوب بصفته فلاحاً إلا أن اللجنة المشكلة طبقاً لأحكام القانون رقم 109 لسنة 1976 نسبت إليه وصف الفئات فقام بالطعن في قرارها أمام لجنة الطعون الانتخابية والتي رفضت الطعن بقرارها الصادر في 21 من مايو سنة 1979 فأقام دعواه بالطلبات المشار إليها مستنداً إلى أن حيازته وأولاده القصر منذ سنة 1969 وحتى سنة 1979 في حدود عشرة أفدنة مما يضفي عليه صفة الفلاح وقدم شهادة بهذا المضمون - وأنه لم يرشح نفسه لمجلس الشعب قبل 15 مايو سنة 1971 وأن الصفة التي رشح على أساسها بعد هذا التاريخ فرضت عليه ولم يكن القانون رقم 38 لسنة 1972 المعمول به في ذلك الحين - يرسم طريقاً للطعن في القرارات الصادرة من الاتحاد الاشتراكي وأنه يتعين الاعتداد بصفته الثابتة قبل 15 من مايو سنة 1971 وهي فلاح طبقاً لأحكام القانون رقم 109 لسنة 1976 وبجلسة 5 من يونيه سنة 1979 قضت محكمة القضاء الإداري في الشق المستعجل برفض طلب وقف التنفيذ وألزمت المدعي بالمصروفات.
وبجلسة 3 من يونيه سنة 1980 قضت محكمة القضاء الإداري - في طلب إلغاء القرار محل الطعن - بعدم اختصاصها بنظر الدعوى مع إلزام المدعي بالمصروفات وأقامت قضاؤها على أن اكتساب عضوية مجلس الشعب يمر بإجراءات تنقسم إلى مرحلتين:
الأولى: وتبدأ بتقديم طلب الترشيح للعضوية وتنتهي بإدراج أسماء ممن تتوافر فيهم شروط الترشيح بالكشف المعد لهذا الغرض.
الثانية: وهي مرحلة لاحقة على عملية الانتخاب وإعلان نتيجتها وأنه وإن كان مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري يختص بنظر الطعن في القرارات الإدارية الصادرة في المرحلة الأولى، إلا أنه إذا بدأت المرحلة الثانية وانتهت بانتخاب عضو مجلس الشعب خرج النظر في الطعن في هذه القرارات من اختصاص المحكمة لأن نظره ينطوي على التصدي لصحة عضوية من أسفرت الانتخابات عن فوزه الأمر الذي يختص به مجلس الشعب وحده طبقاً لأحكام المادة 93 من الدستور التي تنص على أن "يختص المجلس بالفصل في صحة عضوية أعضائه وقد نصت المادة 20 من قانون مجلس الشعب رقم 38 لسنة 1972 على أنه يجب أن يقدم الطعن بإبطال الانتخاب طبقاً للمادة 93 من الدستور إلى رئيس مجلس الشعب مشتملاً على الأسباب التي بني عليها، ومصدقاً على توقيع الطالب عليه، ومفاد ذلك اختصاص مجلس الشعب بالفصل في صحة العضوية به وما يتصل بها من طعون أياً كانت طبيعة هذه الطعون أو الأسباب التي بنيت عليها وسواء كانت هذه الأسباب سابقة أو معاصرة أو تالية لإعلان النتيجة لأن الفصل في الطعن في جميع الأحوال يؤثر بالضرورة على عضوية من أعلن فوزهم في الانتخاب وينطوي على طعن في صحة العضوية، ولما كانت الانتخابات التي تقدم المدعي للترشيح فيها وثار فيها الخلاف حول صفته بالفعل وأعلنت نتيجتها فإن المحكمة تكون غير مختصة بنظر طلب الإلغاء.
ويقوم الطعن الماثل على:
1 - إن الحكم محل الطعن يخالف حكماً صدر من المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 203 لسنة 31 قضائية في موضوع مماثل حيث قضت باختصاص القضاء الإداري.
2 - إن محكمة القضاء الإداري قضت باختصاصها عند نظر الشق العاجل من الدعوى وأن هذا الحكم يحوز حجية الأحكام القضائية ويتعين أن تلتزم به المحكمة عند الفصل في الموضوع.
3 - إن قرار لجنة الاعتراضات هو قرار إداري نهائي مما يختص به مجلس الدولة وأن إتمام الانتخابات ليس من شأنه أن يغل هذا الاختصاص لأن المدعي لا يطعن في نتيجة الانتخابات أو صحة العضوية.
واستناداً إلى ما تقدم فقد طلب الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري للفصل فيها مع إبقاء الفصل في المصروفات.
وحيث إن المادة 93 من دستور مصر الدائم تقضي باختصاص مجلس الشعب بالفصل في صحة عضوية أعضائه وتختص محكمة النقض بالتحقيق في صحة الطعون المقدمة إلى المجلس بعد إحالتها إليها من رئيسه وتعرض نتيجة التحقيق على المجلس للفصل في صحة الطعن خلال ستين يوماً من تاريخ عرض نتيجة التحقيق، ولا تعتبر العضوية باطلة إلا بقرار يصدر بأغلبية ثلثي أعضاء المجلس - كما تنص المادة 20 من القانون رقم 38 لسنة 1972 في شأن مجلس الشعب على أنه "يجب أن يقدم طلب الطعن بإبطال الانتخاب طبقاً للمادة 93 من الدستور إلى رئيس مجلس الشعب خلال الخمسة عشر يوماً التالية لإعلان نتيجة الانتخاب - ومن ناحية أخرى تقضي المادة الثانية من هذا القانون معدلاً بالقانون رقم 109 لسنة 1976 بأن يتولى فحص طلبات الترشيح والبت في صفة المرشح وإعداد كشوف المرشحين لجنة أو أكثر في كل محافظة برئاسة أحد أعضاء الهيئات القضائية من درجة رئيس محكمة وعضوية أحد أعضاء هذه الهيئات من درجة قاض يختارهما وزير العدل وممثل لوزارة الداخلية ويصدر بتشكيل هذه اللجان قرار من وزير الداخلية - كما تقضي المادة التاسعة منه بأن يعرض كشف المرشحين في الدائرة الانتخابية خلال الخمسة أيام التالية لقفل باب الترشيح، وتحدد في هذا الكشف أسماء المرشحين والصفة التي تثبت لكل منهم، ولكل مرشح لم يرد اسمه بالكشف المذكور أن يطلب من اللجنة المنصوص عليها في هذه المادة إدراج اسمه طوال مدة عرض الكشوف، كما أن لكل مرشح أن يعترض أمامها على إدراج اسم أي من المرشحين أو على اتباع صفة غير صحيحة أمام اسمه أو اسم غيره من المرشحين، وتفصل في هذه الاعتراضات لجنة أو أكثر تشكل بقرار من وزير الداخلية في كل محافظة برئاسة أحد أعضاء الهيئات القضائية من درجة مستشار وعضوية أحد أعضاء هذه الهيئات من درجة قاض يختارهما وزير العدل وممثل لوزارة الداخلية يختاره وزيرها.
ومن حيث إن المنازعة الماثلة ليست طعناً في صحة عضوية أحد أعضاء مجلس الشعب مما يختص مجلس الشعب بالفصل فيه طبقاً للمادة 93 من الدستور ووفقاً للإجراءات الواردة بها وبالمادة 20 من القانون رقم 38 لسنة 1972 المشار إليه، وليس فيما يسفر عنه وجه الحكم في هذه المنازعة ما يبطل عضوية أحد أعضاء المجلس، إذ أن إبطال العضوية لا يكون إلا بقرار من مجلس الشعب يصدر بأغلبية ثلثي أعضائه، وواقع الأمر أن المدعي إنما يطعن في قرار لجنة الاعتراضات بوصفها لجنة إدارية بحكم تشكيلها وطبيعة نشاطها - برفض طعنه في الصفة التي تم وضعه فيها "فئات" متمسكاً بأن صفته - فلاح. وليس من ريب هنا أن قرار اللجنة برفض اعتراضه على تعديل صفته من فلاح إلى فئات - وهو القرار محل الطعن - يعتبر قراراً إدارياً صادراً من اللجنة بما لها من اختصاص طبقاً للقانون - مما أسند الاختصاص بالتعقيب عليه إلى مجلس الدولة بحكم اختصاصه الأصيل في المنازعات الإدارية الثابت له بنص المادة 172 من الدستور وما خول بصريح نص المادة العاشرة من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة من اختصاص محاكم مجلس الدولة دون غيرها بالفصل في الطعون في القرارات الإدارية النهائية.
ومن حيث إن الدستور ينص في المادة 67 على أن "يحدد القانون الهيئات القضائية واختصاصها وينظم طريقة تشكيلها" فإن مقتضى ذلك أنه لا يجوز تعديل اختصاص إحدى الجهات القضائية أو إلغاؤه إلا بالقانون. ولما كان القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن تعديل مجلس الدولة قد حدد اختصاصات محاكم مجلس الدولة وقضي في المادتين 10، 12 بأنه من بين ما تختص به محكمة القضاء الإداري الفصل في الطعون التي ترفع عن القرارات الإدارية النهائية وهو ما ينطبق على القرار المطعون فيه في الطعن الماثل - على ما سلف البيان - فلا يسوغ كذلك مذهب الحكم المطعون فيه إلى أن اختصاص المحكمة بنظر هذه المنازعة قد زال بسبب حصول واقعة الانتخاب وإعلان نتيجتها - لا يسوغ ذلك لأنه فضلاً على أن تعديل اختصاص جهات القضاء لا يكون إلا بقانون فإن المدعي لم يطلب في دعواه التي صدر بشأنها الحكم محل الطعن - إبطال عضوية أحد أعضاء مجلس الشعب بل طلب إلغاء قرار مما يدخل في اختصاص المحكمة بنظر الدعوى للسبب الذي استند إليه في ذلك من شأنه أن يحجبها عن اختصاصها الذي عينه لها القانون وأن يحرم المدعي من الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي وفقاً لما تقضي به المادة 68 من الدستور.
يضاف إلى ما تقدم أن الثابت أن محكمة القضاء الإداري قد سبق لها أن أصدرت حكماً بجلستها المعقودة في 5 من يونيه سنة 1979 بالنسبة لطلب وقف تنفيذ القرار محل الطعن حيث قضت برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت المدعي بالمصروفات - وبذلك تكون قد قضت في اختصاصها وفي قبول الدعوى - والمسلم به أن الحكم الصادر بشأن وقف التنفيذ يعتبر حكماً قطعياً له مقومات الأحكام وخصائصها وأنه يحوز حجية الأمر المقضى فيه بالنسبة إلى ما فصلت فيه المحكمة في خصوصية اختصاص المحكمة وقبول الدعوى ويعتبر قضاؤها في ذلك نهائياً يقيدها عند نظر الطعن - طلب الإلغاء - ومتى كان ذلك - وكان الثابت أن المحكمة قد قضت عند نظر الموضوع بعدم اختصاصها وهو الحكم محل الطعن الماثل - فيكون حكمها معيباً لمخالفته لحكم سابق حاز قوة الأمر المقضى فيه.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله مما يتعين معه الحكم بإلغائه وبإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري للفصل فيها.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وباختصاص محكمة القضاء الإداري بنظر الدعوى وبإعادتها إليها للفصل فيها.
ساحة النقاش