المحاكم التأديبية تختص بالنظر فى مدى التزام العامل بالقطاع العام بما الزمته به الجهة الإدارية من مبالغ بسبب المخالفة التأديبية يستوى فى ذلك أن يكون طلب العامل فى هذا الخصوص قد قدم إلى المحكمة مقترناً بطلب إلغاء.
الحكم كاملاً
مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة والأربعون - الجزء الثانى (من أول مارس سنة 1998 إلى آخر سبتمبر سنة 1998) - صــ 1165
(126)
جلسة 19 من ابريل سنة 1998
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد يسرى زين العابدين نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ د. إبراهيم على حسن، وأحمد شمس الدين عبد الحليم خفاجى، وفتحى محمد محمد عبد الله، ومحمد رضا سليمان نواب رئيس مجلس الدولة.
الطعن رقم 6183 لسنة 42 قضائية عليا
اختصاص ما يدخل فى اختصاص المحاكم التأديبية - قرار تحميل عامل بشركة قطاع عام.
المحاكم التأديبية تختص بالنظر فى مدى التزام العامل بالقطاع العام بما الزمته به الجهة الإدارية من مبالغ بسبب المخالفة التأديبية - يستوى فى ذلك أن يكون طلب العامل فى هذا الخصوص قد قدم إلى المحكمة مقترناً بطلب إلغاء الجزاء التأديبى الذى تكون الشركة قد وقعته على العامل أو يكون قدم إليها على استقلال وبغض النظر عما إذا كان التحقيق مع العامل تمخض عن جزاء تأديبى أو لم يتمخض عن جزاء طالما كان السبب فى الزام العامل بأية مبالغ هو وقوع المخالفة التأديبية والادعاء بنسبتها إليه - إذا ما أقام العامل طعنه التأديبى أمام المحكمة التأديبية مقرنا بين الطعن على قرار الجزاء والطعن على قرار التحميل فإنه لا تثريب على المحكمة إذا ما رأت عدم قبول الطعن شكلاً على قرار الجزاء أن تنظر فى قرار التحميل وتفصل فيه - تطبيق.
إجراءات الطعن
إنه فى يوم الثلاثاء الموافق 27 من أغسطس سنة 1996 أودع الأستاذ .......... نيابة عن الاستاذة ......... المحامية عن الطاعن قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن فى الحكم الصادر من المحكمة التأديبية للصحة وملحقاتها فى الطعن التأديبى رقم 27 لسنة 27ق بجلسة 30من يونيه سنة 1996 والقاضى (أولاً) بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر طلب تخفيض تقدير كفاية الطاعن وإحالة هذا الطلب إلى محكمة شمال القاهرة الابتدائية - الدائرة العمالية للاختصاص (ثانيا) بعدم قبول الطعن شكلاً بالنسبة لطلب خصم أجر شهر من راتب الطاعن وقبوله بالنسبة لطلب التحميل، وفى الموضوع بإلغاء قرار رقم 2550 لسنة 1992 فيما تضمنه من تحميل الطاعن بمبلغ 4900 جنيه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
والتمس الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وفى الموضوع بإلغاء القرار رقم 2550 لسنة 1992 فيما تضمنه من تحميل الطاعن بمبلغ 4900 جنيه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وتم إعلان صحيفة الطعن إلى المطعون ضده فى الخامس من سبتمبر سنة 1996 وأعدت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى فى الطعن ارتأت فيه الحكم بقبوله شكلاً وإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من إلغاء القرار رقم 2550 لسنة 1992 فيما تضمنه من تحميل المطعون ضده بمبلغ 4900 جنيهاً والحكم برفض الطعن التأديبى رقم 37 لسنة 27ق موضوعاً مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وتم نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون للدائرة الثالثه ع بجلسة الرابع من يونيه لسنة1997 حيث حضر الطرفان وقررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة/ موضوع) وحددت لنظره أمامها جلسة 25 من نوفمبر سنة 1997 وفى هذه الجلسة قررت المحكمة إحالة الطعن إلى الدائرة الخامسة بالمحكمة الإدارية العليا لنظره بجلسة 14 من يونيه لسنة 1997 للاختصاص وقد نظرت هذه المحكمة الطعن وبجلسة 28 من ديسمبر سنة 1997 حضر الطرفان وقدم المطعون ضده حافظة مستندات فقررت المحكمة إصدار الحكم فى الطعن بجلسة 22 من فبراير سنة 1998 للاطلاع المستندات التى قدمت بجلسة 28 من ديسمبر سنة 1997 وفى الجلسة المذكورة حضر الطرفان فقررت المحكمة اصدار الحكم فى الطعن بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن أقيم خلال الميعاد المقرر واستوفى سائر أوضاعه الشكلية ومن ثم فهو مقبول شكلا.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل فى أن المطعون ضده أقام طعناً تأديبياً أمام المحكمة التأديبية للصناعة وملحقاتها فى الثالث من إبريل سنة 1993 طالبا فى ختام صحيفته بالحكم (أولاً) بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار الصادر بمجازاته شهر من راتبه (ثانيا) وفى الموضوع بإلغاء القرار الإدارى رقم 2550 لسنة 1992 الصادر فى 29 من أكتوبر سنة 1992.
وذكر الطاعن فى طعنه التأديبى أنه فى 17 من يونيه 1992 صدر قرار رئيس مجلس إدارة الشركة رقم 1151 لسنة 1992 بمجازاته بخصم عشرة أيام من راتبه بمقولة أنه مسئول عن القيام بتسليم قيمة مشمول أمر التوريد رقم 58 الصادر بتاريخ أول أغسطس سنة 1991 للمورد بمبلغ 17.500 جنيهاً رغم عدم تسليم المعدات المدرجة بأمر التوريد المذكور دون فحص. وبتاريخ 29 أكتوبر سنة 1992 صدر قرار عضو مجلس الإدارة المنتدب بالشركة رقم 2550 لسنة 1192 ناصا فى مادته الأولى على إلغاء القرار المشار إليه وفى مادته الثانية على مجازاة الطاعن فى الطعن التأديبى بخصم أجر شهر من راتبه مع تحميله بمبلغ 9800 جنيها مناصفة بينه وبين السيد/ .......... العامل بالشركة المذكورة كما تنص مادته الثالثة على تقرير كفايته عن الفترة من 1/ 1/ 1992 حتى 31/ 12/ 1991 بمرتبة ضعيف.
وأضاف الطاعن فى الطعن التأديبى أن القرار الأخير صدر على غير سند من الواقع والقانون وذلك لأنه بحكم وظيفته كمدير للمشتريات تنتهى مسئوليته عند إصدار أمر التوريد للمورد بعد اتخاذ الإجراءات اللائحية المقررة وأن التحقيق الذى أجرته الشركة معه فى هذا الشأن قد التفت كلية عن........ إلى مسئوليته وبالتالى يكون قد صدر على خلاف الواقع والقانون.
وتداولت المحكمة التأديبية نظر الطعن بالجلسات حتى أصدرت بجلسة 3 من يونيه سنة 1996 حكمها المطعون فيه وانتهت فيه إلى عدم اختصاصها ولائيا بنظر طلب الطاعن بإلغاء قرار تخفيض تقرير كفايته إلى مرتبة ضعيف وعدم قبول طلب إلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من خصم شهر من راتبه شكلاً لرفعه بعد الميعاد وبإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من تحميل الطاعن فى الطعن التأديبى بمبلغ 4900 جنيها.
وشيدت المحكمة قضاءها فى شأن التحميل وهو الشق المطعون عليه بالطعن الماثل على أن القرار صدر من العضو المنتدب بالشركة المطعون ضدها فى حين أن الطاعن يشغل الدرجة الأولى ولذلك كان يتعين أن يصدر قرار بمجازاته وتحميله من مجلس ادارة الشركة وفقا لأحكام قانون نظام العاملين بالقطاع العام رقم 48 لسنة 78 الأمر الذى يجعل القرار المطعون فيه معيباً واجب الإلغاء وإذ لم ترتض الشركة هذا الحكم فقد أقامت الطعن الماثل على أسانيد ثلاثة (الأول) أن الحكم وقد انتهى إلى عدم قبول الطعن شكلاً على الشق من القرار المطعون عليه والخاص بالجزاء التأديبى، فقد كان يتعين أن يقضى فى الشق الخاص بالتحميل بعدم الاختصاص ولائيا لأنه صار عار من الاستناد إلى شق تأديبى وأصبح مجرد نزاع فى راتب يختص به القضاء العادى. (الثانى) أن الحكم قد أخطأ إذ لم يقضى بعدم قبول الطعن فى الشق الخاص بالتحميل لعدم سابقة التظلم من قرار التحميل أمام اللجنة المشكلة بالمواد 62، 68، 77 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 137 لسنة 1981.
(الثالث) أن الحكم قد أخطأ إذ اعتبر القرار المطعون فيه صادراً من العضو المنتدب بالشركة فى حين أن القرار صدر من مجلس إدارة الشركة وكان دور العضو المنتدب هو إصدار القرار التنفيذى. ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المطعون ضده يعمل مدير إدارة المشتريات المحلية بالشركة الطاعنة من الدرجة الأولى، وقد نسبت له الشركة الطاعنة أنه قام بتسليم المورد/ ......... بمبلغ 17500 جنيهاً قيمة مشمول أمر التوريد رقم 58 المؤرخ فى الأول من يوليو سنة 1991 عن منشار تقطيع ألومنيوم ماسخه فى 20 من أغسطس سنة 1991 رغم عدم تسليمه المعدات المدرجة بأمر التسليم المشار إليه ودون فحصها عند تسليم القيمة مما أوجد فارقاً بين ما قام المورد بتوريده وبين مشمول أمر التوريد مقداره 9800 جنيهاً فصدر القرار رقم 2550 بتاريخ 29 من أكتوبر سنة 1992 من العضو المنتدب بالشركة بناء على موافقة مجلس إدارتها متضمناً مجازاة المطعون ضده وآخر بخصم شهر من راتب كل منهما مع تحميلهما مناصفة مبلغ مقداره 9800 جنيهاً.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد قضى بعدم قبول الطعن شكلاً بالنسبة لطلب خصم أجر شهر من راتب........ لإقامته بعد الميعاد وقضى فى الشق الخاص بالتحميل بإلغاء القرار المطعون عليه. ومن حيث إن وجه الطعن الأول للشركة الطاعنة أن الحكم وقد انتهى إلى عدم قبول الطعن شكلاً على الشق من القرار المطعون فيه والخاص بالجزاء التأديبى فقد كان يتعين أن يقضى فى الشق الخاص بالتحميل بعدم الاختصاص ولائياً لأنه صار عار من الاستناد إلى شق تأديبى وأصبح مجرد نزاع فى راتب يختص به القضاء العادى.
ومن حيث إن هذا الوجه من الطعن غير سديد لأن قضاء هذه المحكمة مستقر على أن تختص المحاكم التأديبية بالنظر فى مدى التزام العامل بالقطاع العام بما ألزمته به الجهة الإدارية من مبالغ بسبب المخالفة التأديبية وأنه يستوى فى ذلك أن يكون طلب العامل فى هذا الخصوص قدم إلى المحكمة التأديبية مقترناً بطلب إلغاء الجزاء التأديبى الذى تكون الشركة قد وقعته على العامل أو أن يكون قدم إليها على استقلال وبغض النظر عما إذا كان التحقيق مع العامل تمخض عن جزاء تأديبى أو لم يتمخض عن جزاء وذلك طالماً كان السبب فى إلزام العامل بأية مبالغ هو وقوع المخالفة التأديبية والادعاء بنسبتها إليه وعلى ذلك فإنه إذا ما أقام العامل طعنه التأديبى أمام المحكمة التأديبية مقرنا بين الطعن على قرار الجزاء والطعن على قرار التحميل فإنه لا تثريب على المحكمة إذا ما رأت عدم قبول الطعن شكلاً على قرار الجزاء أن تنظر فى قرار التحميل وتفصل فيه.
ومن حيث إن وجه الطعن الثانى للشركة الطاعنة إن الحكم قد أخطأ إذا لم يقض بعدم قبول الطعن فى الشق الخاص بالتحميل لعدم سابقة التظلم من قرار التحميل أمام اللجنة المشكلة بالمواد 62، 68، 72 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 132 لسنة 1981.
ومن حيث إن هذا الوجه من الطعن غير سديد كذلك وأن العاملين بشركات القطاع العام إنما يخضعون فى معاملتهم الوظيفية لأحكام نظام العاملين بالقطاع العام (قانون رقم 48 لسنة 1978) فى كل ما يتعلق بنواحى هذه العملية الوظيفية شاملة قواعده التأديبية وما يلحق به من قواعد التحميل بقيمة الأضرار التى تترتب على الخطأ التأديبى للعامل وهذه القواعد هى التى تحكم إجراءات الطعن فى قرار الجزاء وفى قرار التحميل مكملة بأحكام قانون مجلس الدولة فى شأن ميعاد إقامة الطعن أمام المحكمة التأديبية وهذه الأحكام من التكامل بحيث لا تحتاج الى الرجوع إلى أحكام قانون العمل لتكملها. ومن ثم فإنه ليس على العامل بالقطاع العام بأن يتظلم من قرار التحميل قبل الطعن عليه.
وهذا لا يحول دون اعتبار التظلم إذا لجأ إليه العامل قطعيا لميعاد إقامة الطعن أمام المحكمة التأديبية.
ومن حيث إن وجه الطعن الأخير للشركة الطاعنة فإن الحكم المطعون فيه قد أخطأ إذ اعتبر القرار المطعون فيه صادر من الشركة فى حين أنه صادر من مجلس إدارة الشركة، وكان دور العضو المنتدب هو إصدار القرار التنفيذى.
ومن حيث إن البادى من مطالعة الصورة الضوئية للقرار المطعون فيه والمودعة حافظة مستندات الشركة المقدمة أمام المحكمة التأديبية بجلسة العاشر من مارس 1996 أنه ورد بديباجته أنه صدر بناء على موافقة مجلس إدارة الشركة، فإن هذا الوجه من النعى يكون قد استند إلى صحيح الواقع متعين القبول.
ومن حيث إنه عن الموضوع فإنه لما كان المطعون ضده وهو المسئول عن تسليم المورد الشيك الصادر بقيمة السلع الموردة، قد قام بتسليم المورد........ شيكاً بقيمة مشمول أمر التوريد رقم 58 سالف الذكر دون التحقق من توريد هذا الشمول مطابقاً للمواصفات.
ومن حيث إن المطعون ضده لم يستطع أن يدفع عن نفسه هذا الاتهام فى التحقيقات.
ومن حيث إن المادتين 225، 226 من لائحة تنظيم المشتريات بالشركة (المودعة صورة ضوئية منها حافظة مستندات الشركة) توجيهات فحص الأصناف المتعاقد عليها بواسطة لجنة محددة التشكيل قبل أداء ثمن هذه الأصناف ومن حيث إن المطعون ضده قد قام بتسليم الشيك للمورد دون اتباع هذا الأجراء مما نجم عنه أن تسلمت الشركة الطاعنة صنفاً مغايراً للمتعاقد عليه مما ألحق الضرر المالى بالشركة ومن حيث إن المطعون ضده قد شاركه الخطأ السيد/ ......... الذى وقع إذن استلام للمورد بما يفيد أنه تم فحص الأصناف الموردة فقد بات قرار الشركة تحميل الطاعن وزميله مناصفة بقيمة الأصناف الموردة قائما على صحيح سببه بالنسبة للطاعن. ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد ذهب خلاف هذا المذهب فإنه يكون قد صدر معيباً واجب الإلغاء.
فلهذه الأسباب:
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون عليه فيما تضمنه من الغاء قرار الشركة رقم 2550 لسنة 92 فى الشق الخاص بتحميل الطاعن بمبلغ 4900 جنيها والقضاء فى هذا الشق برفض الطعن التأديبى عليه.
(*) يراجع الحكم رقم 1823 لسنة 38 قضائية المنشور بذات المجموعة والذى يتبنى وجهة نظر مخالفة للحكم الماثل.
ساحة النقاش