المنازعة فى التحميل هى فى حقيقتها منازعة فى التعويض الذى سيتحمله العامل على أساس مسؤليته المدنية عن خطئه الشخصى.
الحكم كاملاً
مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والأربعون - الجزء الثالث (من يونيه سنة 2001 إلى آخر سبتمبر 2001) - صــ 2743
(320)
جلسة 30 من أغسطس سنة 2001
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ عادل محمود ذكى فرغلى نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الاساتذة/ على فكرى حسن صالح، وحسن كمال أبو زيد شلال، وأسامة محمود عبد العزيز محرم، وعبد المنعم أحمد عامر نواب رئيس مجلس الدولة.
الطعنان رقما 6059 لسنة 42 القضائية و3215 لسنة 43 القضائية
( أ ) اختصاص - المحاكم التأديبية - تختص بطلب التعويض عن المخالفات التأديبية
- المنازعة فى التحميل هى فى حقيقتها منازعة فى التعويض الذى سيتحمله العامل على أساس مسئوليته المدنية عن خطئه الشخصى، وتمتد ولاية المحكمة التأديبية إلى طلب التعويض عن الضرر الناتج عن المخالفات التأديبية بغض النظر عما إذا كان التحقيق مع العامل قد تمخفض عن جزاء تأديبى من عدمه.
- إلزام العامل بقيمة ما تحملته الجهة الإدارية بسبب الخطأ المنسوب إليه يقوم على أساس المخالفة التأديبية المنسوبة إليه وهو ذات الأساس الذى يقوم على قرار الجزاء عن هذه المخالفة - تطبيق.
(ب) مسئولية - المسئولية العقابية - مناط تحققها.
- من المبادئ الأساسية فى المسئولية العقابية سواء كانت جنائية أو تأديبية تحقق الثبوت اليقينى لوقوع الفعل المؤثم وأن يقوم ذلك على أدلة كافية لتكوين عقيدة المحكمة ويقينها. فلا يسوغ قانونا أن تقوم الإدانة على أدلة مشكوك فى صحتها أودلالتها وإلا كانت هذه الادانة مزعزعة الأساس متناقضة المضمون. كما لا يجوز أن تقوم الإدانة على أفعال غير محددة منسوبة للعامل إذ من المسلمات التأديبية أن يثبت قبل العامل فعل محدد يشكل مخالفة لواجباته الوظيفية - تطبيق.
إجراءات الطعن
فى يوم الأربعاء الموافق 2/ 8/ 1996 أودع الأستاذ ........... المحامى بصفته وكيلا عن رئيس مجلس إدارة بنك التنمية والائتمان الزراعى بالمنوفية قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير الطعن قيد بجدولها تحت رقم 5059 لسنة 42 ق.ع فى الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بطنطا بجلسة 22/ 6/ 1996 فى الطعن رقم 351 لسنة 24 ق المقام من المطعون ضده.
وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددا برفض الطعن التأديبى مع إلزام المطعون ضده المصروفات والأتعاب.
وتم إعلان تقرير الطعن إلى المطعون ضده على الوجه المبين بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريرا بالرأى القانونى ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا.
وفى يوم الاثنين الموافق 21/ 4/ 1997 أودع الأستاذ/ ......... المحامى بصفته وكيلا عن رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة الأزياء الحديثة "بنزايون، عدس، ريفولى" قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 3215 لسنة 43 ق المقام من المطعون ضده.
وطلب الطاعن بصفته الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددا برفض الطعن رقم 43 لسنة 30 ق. مع إلزام المطعون ضده المصروفات ومقابل أتعاب المحاماه عن الدرجتين.
وتم إعلان تقرير الطعن للمطعون ضده على الوجه المبين بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريرا بالرأى القانونى ارتأت فيه الحكم:
أولا: قبول الطعن شكلا ثانياً: وقبل الفصل فى الموضوع بندب مكتب خبراء وزارة العدل بالجيزة ليندب بدوره أحد خبرائه المختصين قانوناً تكون مهمته الانتقال إلى مقر عمل المطعون ضده والاطلاع على ملف خدمته ومعاينته مقر عمله وبيان البضائع التى تسلمها بموجب عمله عن الفترة الصادر عنها قرارات التحميل محل الطعن الماثل وكذا بيان قيمة العجز فيها إن وجد وبيان سببه وبيان ما إذا كان عجزا حقيقيا فى البضائع المسلمة إليه أم نتيجة خطأ حسابى وبيان سند الشركة الطاعنة فى استلام المطعون ضده لهذه البضائع وفى تحقيق ما نسب إليه من حجز وبيان ما إذا كان للمطعون ضده السيطرة الفعلية والمادية منفردا على مكان البضائع المسلمة إلهى أم يشاركه غيره....... إلخ، فأورد بالتقرير.
وجرى نظر الطعنين أمام الدائرتين الثالثة والخامسة بالمحكمة الإدارية العليا على النحو المبين بمحاضر الجلسات حتى تقرر إحالتهما لهذه الدائرة للاختصاص والتى قررت بجلسة 1/ 10/ 2000 ضم الطعنين ليصدر فيهما حكم واحد، وبجلسة 10/ 6/ 2001 قررت هذه الدائرة إصدار الحكم فى الطعنين بجلسة اليوم وفيها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن اطعنين استوفيا سائر أوضاعهما الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة فى الطعن الأول تخلص - حسبما يبين من الاطلاع على الأوراق فى أنه بتاريخ 26/ 3/ 1996 أقام/ ............ الطعن رقم 351 لسنة 24 ق بإيداع صحيفة قلم كتاب المحكمة التأديبية بطنطا (الدائرة الثانية) - مختصما رئيس مجلس بنك التنمية والائتمان الزراعى - طالبا فى ختامها الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء القرار رقم 54 لسنة 1994 فيما تضمنه من تحميله بمبلغ 40018.37 جنيها ومع ما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام المطعون ضده المصاريف.
وذكر شرحا لطعنه أن المطعون ضده أصدر القرار رقم 4 بتاريخ 27/ 8/ 89 بمجازاته بخصم ثلاثة أيام من راتبه لما نسب إليه من المخالفات المتمثلة فى مخالفة التعليمات المنظمة لمنح القروض ولقيامه بمنح قروض لمشروعات وهمية لعملاء خارج الفرع وكذا خارج دائرة المحافظة ولصرف قروض بدون ضمانات كافية ولعدم اتخاذ الإجراءات اللازمة لتحصيل المديونيات وأصدر القرار رقم 150/ 89 متضمنا نقله من وظيفة مدير فرع الشهداء بالربط 1440/ 2520 لوظيفة مراقب التنظيم والتدريب بالبنك وأصدر القرار رقم 37/ 1992 المتضمن رفع الجزاء الصادر به القرار رقم 4/ 1989 ثم أصدر القرار رقم 417 فى 12/ 11/ 1993 بتحميله بمبلغ 149.753.31 جنيها وأصدر القرار رقم 54 فى 14/ 5/ 1994 بتعديل قرار التحميل رقم 217/ 1993 إلى مبلغ 400018.37 جنيها. ونعى الطاعن على هذا القرار مخالفته للقانون والإجحاف بحقوقه.
وبجلسة 22/ 6/ 1996 أصدرت المحكمة التأديبية الحكم المطعون فيه والذى قضى:
أولا: برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الطعن.
ثانيا: بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من تحميل الطاعن بمبلغ 40018.37 مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وأقامت المحكمة قضاءها على أساس عدم اختصاص رئيس مجلس إدارة البنك الطاعن بإصدار القرار المطعون فيه بتحميل المطعون ضده المبلغ المذكور لكون شاغلا لوظيفة من الدرجة الأولى وبالتالى ينعقد الاختصاص بتوقيع هذا الجزاء عليه لمجلس إدارة البنك تطبيقا لحكم المادة 28/ د من لائحة التأديب والجزاءات للعاملين بالبنك الرئيسى وفروعه وبنوك التنمية الزراعية بالمحافظات والمعمول بها اعتبارا من 20/ 2/ 1988، وإن الاوراق قد خلت مما يفيد موافقة مجلس إدارة البنك المذكور على مجازاة الطاعن ومن ثم يكون القرار المطعون فيه قد صدر مخالفا لأحكام القانون مشوبا بعيب عدم الاختصاص متعينا إلغاؤه.
ويقوم الطعن الماثل على هذا الحكم تأسيسا على مخالفته لأحكام القانون لأن المحكمة التأديبية لا تختص بنظر الطعن فى قرار التحميل مستقلا عن قرار الجزاء كما هو الحال بالنسبة لقرار التحميل المطعون فيه والذى ينعقد الاختصاص بنظره للقضاء العادى مما كان يتعين معه القضاء بعدم اختصاص المحكمة التأديبية ولائيا هذا فضلا عن أن رئيس مجلس الإدارة يختص بإصدار القرار المطعون فيه بمقتضى التفويض الصادر له من مجلس الإدارة وفقا لما ورد بكتاب البنك الرئيسى بالقاهرة - إدارة ترتيب الوظائف - كتاب دورى رقم 41 المحرر فى 19/ 12/ 1990 لرؤساء مجالس إدارات بنوك المحافظات المتعين موافقة مجلس إدارة البنك الرئيس بجلسة 14/ 11/ 1990 على تعديل الفقرة من المادة 28 بلائحة التحقيق والتأديب والجزاءات يتضمنها ما يفيد حتى مجالس الإدارة المختصة فى تفويض رؤسائها صلاحية توقيع أى من الجزاءات المنصوص عليها فى المادة 27 من اللائحة، وفى هذا الشأن صدر كتاب البنك الرئيسى لإدارة ترتيب الوظائف رقم 4816 المحرر فى 14/ 3/ 91 بالإفادة بأن رئيس مجلس إدارة البنك الرئيسى وافق على تفويض رئيس مجلس إدارة البنك بالمنوفية فى سلطة توقيع الجزاءات على الربط المالى 1260/ 2340 وما يعلوها.
ومن حيث إنه عن وجه الطعن المتضمن عدم اختصاص المحكمة التأديبية بالفصل فى قرار التحميل المطعون فيه فهو مردود بما جرى عليه قضاء هذه المحكمة من أن المنازعة فى التحميل هى فى حقيقتها منازعة فى التعويض الذى سيتحمله العامل على أساس مسئوليته المدنية عن خطئه الشخصى، وتمتد ولاية المحكمة التأديبية إلى طلب التعويض عن الضرر الناتج عن المخالفات التأديبية بغض النظر عما إذا كان التحقيق مع العامل قد تمخض عن جزاء تأديبى من عدمه، وذلك إن إلزام العامل بقيمة ما تحملته جهة الإدارة بسبب الخطأ المنسوب إليه يقوم على أساس المخالفة التأديبية المنسوبة إليه وهو ذات الأساس الذى يقوم عليه قرار الجزاء عن هذه المخالفة فيما لو قدرت الجهة الإدارية سلطتها التأديبية باعتبار أن قاضى الأصل هو قاضى الفرع وفقا لما استقر عليه قضاء المحكمة الدستورية العليا فى هذا الشأن، وإذا كان للجهة الإدارية أن تستعمل أسلوب التنفيذ المباشر لاقتضاء مبلغ التعويض بالرجوع على العامل والخصم من مستحقاته لديها فإن لها أيضا أن تلجأ إلى المحكمة التأديبية طالبة الحكم بإلزام العامل بقيمة التعويض الناجم عن خطئه، وينعقد الاختصاص للمحكمة التأديبية بنظر المنازعة سواء كانت طعنا فى قرار جهة الإدارية بتحميل العامل بقيمة التعويض فى حالة استعمالها أسلوب التنفيذ المباشر أو كانت طلبا من الجهة الإدارية لإلزام العامل بقيمة التعويض وذلك باعتبار أن جوهر المنازعة لا يتغير فى الحالتين، وبالتالى يكون الحكم المطعون فيه قد أصاب وجه الحق فيما قضى به من رفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الطعن التأديبى على قرار التحميل المطعون فيه.
ومن حيث إنه لما كان الثابت بالأوراق أن المطعون ضده من العاملين شاغلى الدرجة الأولى عند صدور القرار المطعون فيه ومن ثم ينعقد الاختصاص بمجازاته لمجلس إدارة البنك تنفيذا لحكم المادة 84/ 4 من القانون رقم 48 لسنة 1978 بنظام العاملين بالقطاع العام التى تنص على أنه "لمجلس الإدارة بالنسبة لشاغلى وظائف الدرجة الثانية فما فوقها عدا أعضاء مجلس الإدارة المعنيين والمنتخبين وأعضاء مجلس إدارة التشكيلات النقابية توقيع أى من الجزاءات الواردة فى المادة 82 من هذا القانون.
ومن حيث إنه بناء على ما تقدم ولما كان الثابت من القرار المطعون فيه قد صدر من رئيس مجلس إدارة بنك التنمية والائتمان الزراعى بالمنوفية بتحميل المطعون ضده مبلغ 40018.37 جنيها رغم أنه كان يشغل وظيفة من الدرجة الأولى وبالتالى يكون هذا القرار مخالفا لأحكام القانون لصدوره من غير مختص ومن ثم يتعين القضاء بإلغائه إلغاء مجردا مع عدم الإخلال بحق الجهة الإدارية المختصة فى إصدار قرارها فى هذا الشأن طبقا للسلطة المخولة لها قانونا.
ولا يغير من ذلك ما أثاره الطاعن من اختصاص رئيس مجلس إدارة البنك بإصدار قرار التحميل المطعون فيه وذلك بموجب التفويض الصادر له فى هذا الشأن من مجلس الإدارة فهذا القول مردود بما جرى عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا فى تعليقها على مدلول تحديد الاختصاصات التأديبية طبقا لنص المادة 84 من القانون رقم 48 لسنة 1978 حيث انتهت إلى أن ولاية التأديب لا تملكها سوى الجهة التى ناط بها المشرع هذا الاختصاص فى الشكل الذى حدده لما فى ذلك من ضمانات لا تتحقق إلا بهذه الأوضاع من هذه الضمانات اعتبار شخص الرئيس المنوط به توقيع الجزاء وعليه لا يجوز التفويض فى مثل هذه الاختصاصات ذلك أن التفويض فى الاختصاص بتوقيع الجزاءات يتعارض مع تحديد هذا الاختصاص فى القانون على سبيل الحصر. ومن ثم فإن تفويض مجلس الإدارة لرئيس مجلس الإدارة فى بعض الاختصاصات لا يعنى أن يتطرق إلى الاختصاصات المتعلقة بتوقيع الجزاءات أو يتجاوزه إلى مخالفة النص الخاص بتوقيع الاختصاصات المتعلقة بالجزاءات بين رئيس مجلس الإدارة ومجلس الإدارة وإلا يكون قد أتى على مصدر تفويضه بالإلغاء.
وإذا ذهب الحكم المطعون فيه هذا المذهب وقضى بما تقدم فإنه يكون قد أصاب وجه الحق فى قضائه ويضحى الطعن عليه بغير سند خليقا بالرفض.
ومن حيث إنه بالنسبة للطعن الثانى المقام من رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة الأزياء الحديثة فتخلص عناصره فى أن........... (المطعون ضده) كان قد أقام الطعن رقم 43 لسنة 20 ق. بعريضة أودعت ابتداء قلم كتاب محكمة الجيزة الإبتدائية بتاريخ 24/ 1/ 93 ثم أحيلت إلى المحكمة التأديبية لوزارة المالية وملحقاتها للاختصاص، وقد طلب فى هذه الصحيفة الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء قرارات التحميل الآتية:
القرار رقم 1324 لسنة 92 بتحميله بمبلغ 8654.700 جنيها ورقم 1929 لسنة 92 بتحميله مبلغ 2165.600 جنيها ورقم 1371 لسنة 1992 بتحميله بمبلغ 1420.950 جنيها الصادرة ضده من شركة الأزياء الحديثة ورد ما تم خصمه منها مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وقال شرحا لطعنه أنه يعمل بالشركة المطعون ضدها بوظيفة بائع بقسم الجاهز وقد صدرت ضده قرارات التحميل المذكورة بالمخالفة لأحكام القانون لأنها مبنية على تحقيقات باطلة.
وبجلسة 23/ 2/ 1997 أصدرت المحكمة التأديبية الحكم المطعون فيه والذى قضى بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء قرارات التحميل المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وأقامت المحكمة قضاءها على أساس قرينة الإثبات السلبية لنكول الجهة الإدارية عن تقديم ما لديها من الأوراق اللازمة للفصل فى الطعن، بما يعتبر معه إدعاء الطاعن قائما على صحيح سببه ما يستوجب إلغاء القرارات المطعون فيها وما يترتب على ذلك من آثار.
ويقوم الطعن الماثل على أسبابه حاصلها:
أولا: الإخلال بحق الدفاع:
لأن دفاع الشركة الطاعنة طلب فى أكثر من جلسة إمهاله لاستكمال المستندات حتى يتمكن من إعداد دفاعه إلا أنه فوجئ بحجز الطعن لجلسة 23/ 2/ 97 التى صدر فيها الحكم المطعون فيه.
ثانيا: مخالفا الحكم المطعون فيه للقانون:
لأن المطعون ضده هو أحد أمناء العهد بفرع الشركة بمدينة الصف مسئول عما ظهر فى القسم عنده من عجز نتيجة إهماله وعدم إهماله وعدم المحافظة على ممتلكات الشركة وأموالها طالما لم يثبت أن هذا العجز يرجع إلى قوة قاهرة، ومن ثم يتعين بتحميله بقيمة هذا العجز على نحو ما انتهت إليه الشركة بإصدار القرارات المطعون فيها.
ومن حيث إن الثابت أن الحكم المطعون فيه استخلص من تقاعس جهة الإدارة عن تقديم الأوراق والمستندات اللازمة للفصل فى الطعن قرينة على صحة الأسباب التى استند إليها الطاعن ومن ثم اتهى إلى إلغاء القرار المطعون فيه باعتبار أن جهة الإدارة تكون بمسلكها السلبى قد عجزت عن أداء واجبها نحو إحقاق الحق وإرساء العدل.
ومن حيث إن الجهة الإدارية وإن كانت قد قدمت أمام، الدائرة الخامسة فحص بهذه المحكمة حافظة مستندات تضمنت صورا للقرارات المطعون فيها وكذلك أوراق التحقيق الإدارى الذى صدرت بناء عليه تلك القرارات إلا أنه بالاطلاع على تلك المستندات يبين أنها اشتملت على تضارب قيمة مبلغ العجز فى عهده المطعون ضده عند جردها فى 30/ 6/ 1990 حيث قدرها القطاع المالى (إدارة المخزون السلعى) التى راجعت هذا الجرد بمبلغ 1223.130 جنيها بينما انتهت مذكرة التصرف فى التحقيق بشأن هذا العجز إلى الآتى:
ثانيا: تحميل الأول (المطعون ضده) والثانية بمبلغ 1223.195 جنيها قيمة عجز جرد 30/ 6/ 1990 لقسم الجاهز والداخلى أولاد بالتساوى فيما بينهم، وتحميل الأول والثانية بمبلغ 111.500 جنيها قيمة عجز جرد 30/ 6/ 1990 عجز قسم السيدات.
ثالثا: تحميل الثالث بمبلغ 1420.950 جنيه قية عجز جرد 30/ 6/ 1990 قيمة عجز قسم الجاهز والداخلى رجالى.
هذا فى حين انتهى القرار رقم 1371 لسنة 92 إلى تحميل المطعون ضده وحده بهذا المبلغ الأخير وهو 1420.950 جنيها خلافا لما سبق أن خلص إليه التحقيق الإدارى المشار إليه مما يلقى بظلال من الشك حول صحة مبلغ العجز فى العهدة والمسئول عنه على وجه التحديد، ومما يؤكد ذلك الأوراق اشتملت كذلك على صورة لمذكرة الإدارة العامة للمراجعة (إدارة المخزون السلعى) للعرض على رئيس القطاع المالى وعضو مجلس الإدارة بشأن مراجعة الصورة الثانية لجرد 30/ 6/ 90 لفرع الصف (الذى يعمل به المطعون ضده) حيث انتهت هذه المذكرة إلى أن المراجعة أسفرت عن وجود عجز إجمالى بمبلغ 2404.760 (ألفين وأربعمائة وأربعة جنيهات و 670 مليما) منها مبلغ 1420.950 جنيها قيمة العجز بقسم الجاهز (أولاد وبنات) فى حين سبق أن ورد هذا المبلغ كعجز بقسم الجاهز والداخلى والرجالى مما يعكس التضارب والشيوع وعدم التحديد فيما تصمنته الأوراق من مبالغ العجز فى العهدة والمسئولين عنه.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن من المبادئ الأساسية فى المسئولية العقابية سواء كانت جنائية أو تأديبية (ومنها قرارات التحميل) هو تحقق الثبوت اليقينى لوقوع الفعل المؤثم وأن يقوم ذلك على أدلة كافية لتكوين عقيدة المحكمة ويقينها، فلا يسوغ قانونا أن تقوم الإدانة على أدلة مشكوك فى صحتها أو دلالتها وإلا كانت هذه الإدانة مزعزعة الأساس متناقضة المضمون، كما لا يجوز أن تقوم الإدانة على أفعال غير محددة منسوبة للعامل إذ من المسلمات التأديبية أن يثبت قبل العامل فعل محدد يشكل مخالفة لواجباته الوظيفية.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن قرارات التحميل المطعون فيها قد استندت إلى وجود عجز فى عهدة المطعون ضده فى حين جاءت تلك المستندات متناقضة فيما تضمنته من تحديد قيمة العجز والمسئول عند والقسم الذى ظهر به هذا العجز فضلا عن خلو التحقيقات الإدارية التى أجرتها الشركة الطاعنة من الرد على ما أثاره المطعون ضده من دفوع حول عدم إمكانه السيطرة على العهدة الموجودة بالقسم الذى يعمل به لأنه بغير أبواب مع عدم تواجده بصفة دائمة به أثناء الأجازات بأنواعها المختلفة بما يحول دون سيطرته الكاملة على العهدة الموجودة بالقسم الذى يشاركه العمل به زملاء أخرون - ومن ثم لا تكفى الأوراق والمستندات المقدمة من الشركة الطاعنة كدليل يقينى على ثبوت العجز المشار إليه فى جانب المطعون ضده وتكون القرارات المطعون فيه والحال هذه غير قائمة على سند يظاهرها من الأوراق خليقة بالإلغاء.
وإذ ذهب الحكم المطعون فيه وقضى بما تقدم - على خلاف فى الأسباب - فإنه يكون قد أصاب وجه الحق فى قضائه، ويضحى الطعن عليه بغير سبب خليقا بالرفض.
فلهذه الأسباب:
حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلا ورفضهما موضوعا.
ساحة النقاش