اختصاص المحاكم التأديبية بالفصل في الطعون على قرارات الجزاءات التي توقع على العاملين بالقطاع العام لا يقتصر اختصاص المحاكم على الطعن بإلغاء الجزاء.
الحكم كاملاً
مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والثلاثون - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1990 إلى آخر فبراير سنة 1991) - صـ 519
(55)
جلسة 22 من يناير سنة 1991
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ عبد العزيز أحمد حمادة نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الاساتذة/ حنا ناشد مينا حنا والدكتور: أحمد مدحت على ومحمد عبد الرحمن سلامة والدكتور: أحمد محمود جمعة المستشارين.
الطعن رقم 1239 لسنة 33 القضائية
اختصاص - اختصاص المحاكم التأديبية - ما يدخل فى اختصاصها - التعويض عن قرار الجزاء (عامل بالقطاع العام).
اختصاص المحاكم التأديبية بالفصل فى الطعون على قرارات الجزاءات التى توقع على العاملين بالقطاع العام - لا يقتصر اختصاص المحاكم على الطعن بإلغاء الجزاء وهو الطعن المباشر بل يتناول طلبات التعويض عن الأضرار المترتبة على الجزاء وهى طعون غير مباشرة - اختصاص المحاكم التأديبية بالطلبات الأصلية وغيرها من الطلبات المرتبطة بها - أساس ذلك: أن كلا الطعنين يستند إلى أساس قانونى واحد يربط بينهما هو عدم مشروعية القرار الصادر بالجزاء - اختصاص المحاكم التأديبية فى هذا المجال يستند إلى قاعدة أن قاضى الأصل هو قاض الفرع - الغاء قرار الجزاء كاف فى حد ذاته لجبر أى ضرر مادى أو أدبى ينتج عنها - تطبيق(1).
إجراءات الطعن
فى يوم الخميس الموافق 5/ 3/ 1987 أودعت محامية الشركة المصرية للحوم والدواجن والتوريدات الغذائية قلم كتاب المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 1239 لسنة 33 ق عليا، فى حكم المحكمة التأديبية بالإسكندرية الصادر فى الدعوى رقم 195 لسنة 28 ق بتاريخ 10/ 1/ 1987، المقامة من المطعون ضده، ضد رئيس الشركة الطاعنة، والذى قضى بإلزام الشركة بأن تؤدى للمدعى مبلغ خمسمائة جنيه على سبيل التعويض، وطلبت الشركة الطاعنة للأسباب الواردة بتقرير طعنها الحكم بقبوله شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه مع إلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتى التقاضى.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى مسبباً انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا مع إلزام الشركة الطاعنة المصروفات.
وحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 7/ 1/ 1991، التى قررت إحالته إلى هذه المحكمة لنظره بجلسة 26/ 6/ 1990، حيث تدوول نظره على النحو الوارد بمحاضر الجلسات، وبجلسة 20/ 11/ 1990 قررت حجزه للحكم بجلسة 15/ 1/ 1991، ثم مد أجل النطق به إلى جلسة اليوم، وفيه أودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الحكم المطعون فيه صدر بتاريخ 10/ 1/ 1987، وطعنت فيه الشركة الطاعنة بتاريخ 5/ 3/ 1987، ولما كان الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية، ومن ثم فإنه يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن وقائع الموضوع تخلص فى أن المطعون ضده أقام فى 13/ 4/ 1982 الدعوى رقم 589 لسنة 336 ق أمام محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية ضد رئيس الشركة المصرية للحوم والدواجن والتوريدات الغذائية بصفته، طالباً الحكم له بتعويض قدره أربعة آلاف جنيه جبرا للأضرار المادية والأدبية التى أصابته من جراء القرارات التى صدرت بمجازاته مع إلزام الشركة المدعى عليها المصروفات. وفى 2/ 1/ 1986 اصدرت المحكمة حكمها بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وإحالتها إلى المحكمة التأديبية حيث قيدت الدعوى برقم 195 لسنة 28 ق وصدر حكمها بإلزام الشركة المذكورة بأن تدفع للمدعى خمسمائة جنيه على سبيل التعويض عن الأضرار التى لحقته من قرارات الجزاءات التى صدرت ضد المدعى وحكم بإلغائها فى 6/ 12/ 1980 فى الطعن رقم 311 لسنة 15 ق من المحكمة التأديبية بالإسكندرية.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المطعون ضده كان يعمل بالشركة المشار إليها، وقد أصدر رئيس الشركة فى 28/ 3/ 1973 القرارات أرقام 65 لسنة 1973 بمجازاته بخصم يومين من أجره، و66 لسنة 1973 بمجازاته بخصم خمسة عشر يوماً من أجره، و67 لسنة 1973 بمجازاته بخصم يومين من أجره، و176 لسنة 1973 بمجازاته بخصم ثلاثة أيام من أجره فطعن فى هذه القرارات أمام المحكمة التأديبية بالإسكندرية حيث قيد الطعن برقم 311 لسنة 15 ق، والتى قضت بإلغاء هذه القرارات وما ترتب عليها من آثاره فأقام المطعون ضده دعوى أمام محكمة القضاء الإدارى طالباً تعويضه عن الأضرار التى لحقت به بسبب هذه القرارات الملغاة وأحيلت الدعوى إلى المحكمة التأديبية للاختصاص، والتى قضت بالحكم المطعون فيه على نحو ما سبق عرضه.
ومن حيث إنه بالنسبة لما أثارته الشركة الطاعنة فى طعنها من أن المحكمة التأديبية وجميع محاكم مجلس الدولة كله، غير مختصة بنظر دعاوى التعويض عن قرارات الجزاءات التى توقعها شركات القطاع العام على العاملين بها.
ومن حيث إن المادة العاشرة من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة تنص على اختصاص محاكم مجلس الدولة دون غيرها بالفصل فى المسائل الآتية: -
((ثالث عشر) الطعون فى الجزاءات الموقعة على العاملين بالقطاع العام فى الحدود المقررة قانوناً. وتنص المادة الخامسه عشرة على أن تختص المحاكم التأديبية بنظر الدعاوى التأديبية عن المخالفات المالية والإدارية التى تقع من...........، كما تختص هذه المحاكم بنظر الطعون المنصوص عليها فى البندين التاسع والثالث عشر من المادة العاشرة والبند الأخير خاص بالطعون فى الجزاءات الموقعة على العاملين بالقطاع العام.
ومن حيث إن مبنى الطعن: -
أولاً - أن الشركة الطاعنة سبق أن أبدت أمام المحكمة المطعون فى حكمها دفعاً بسقوط حق المطعون ضده فى المطالبة بالتعويض لمضى سنة إعمالاً لحكم المادة 698 من القانون المدنى، باعتبار أن أساس المطالبة بالتعويض هو المسئولية العقدية وليس المسئولية المدنية، وهو ما رفض الحكم المطعون فيه التسليم به، بل رفض هذا الدفع الذى لا زالت تتمسك به الطاعنة.
ثانياً - أن المطعون ضده لم يلحقه ثمة ضرر من قرارات الجزاءات المشار إليها، إذ أن الحكم بإلغائها كاف لتعويضه، كما أنه لم يتخلف عن أقرانه فى الأقدمية بسبب هذه القرارات كذلك فإن المطعون ضده لم يقدم ما يفيد أصابته بضرر مادى أو أدبى نتيجة ذلك وإذا كان قد نقل من الشركة إلى وزارة التربية والتعليم فإن ذلك تم بناءً على رغبته بعد حصوله على مؤهل أعلى وعدم ملاءمة هذا المؤهل مع طبيعة العمل بالشركة.
ثالثاً - أن المحكمة التأديبية غير مختصة ولائياً بنظر دعوى التعويض المطعون فى حكمها على أساس أن المادة العاشرة من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 لم تخول مجلس الدولة الاختصاص بنظر الدعوى التى رفعت من المطعون ضده، لتعويضه عن قرارات الجزاءات المحكوم بإلغائها.
رابعاً - ليس كل قرار جزاء يتم إلغاؤه يكون مستوجباً للتعويض.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن اختصاص المحكمة التأديبية بالفصل فى الطعون على قرارات الجزاءات التى توقع على العاملين بالقطاع العام، لا يقتصر على الطعن بإلغاء الجزاء وهو الطعن المباشر، بل يتناول طلبات التعويض عن الأضرار المترتبة على الجزاء، فهى طعون غير مباشرة، وكذلك غيرها من الطلبات المرتبطة به، إذ أن كلا الطعنين يستند إلى أساس قانونى واحد يربط بينهما هو عدم مشروعية القرار الصادر بالجزاء، فاختصاص المحاكم التأديبية فى هذا المجال ينصب على كل ما يرتبط بالطعن على قرار الجزاء أو يتفرغ عنه باعتبار أن قاضى الأصل هو قاضى الفرع.
ومن حيث إنه وفقاً لهذا القضاء فإن ما تستند إليه الشركة الطاعنة فى تقرير الطعن من عدم اختصاص المحكمة التأديبية بنظر دعوى التعويض عن قرارات الجزاءات سالفة الذكر، غير صحيح مما يتعين معه إهداره.
ومن حيث إن الشركة الطاعنة تذهب إلى أنه قد سقط حق المطعون ضده فى المطالبة بتعويض عن الأضرار التى لحقته بسبب قرارات الجزاءات التى وقعت عليه والتى حكم بإلغائها، لمضى سنة طبقاً لنص المادة 698 من القانون المدنى.
ومن حيث إن هذه المادة تنص على أن تسقط بالتقادم الدعاوى الناشئة عن عقد العمل بانقضاء سنة تبدأ من وقت انتهاء العقد.
ومن حيث إن الدعوى الماثلة غير ناشئة عن عقد عمل، وإنما هى ناشئة عن قرارات جزاء غير مشروعة حكم بإلغائها، وقد استندت الشركة الطاعنة فى توقيعها إلى أحكام قانون العاملين بالقطاع العام السارى فى تاريخ إصدارها وهو القانون رقم 61 لسنة 1971، وبالتالى لا محل لسريان الحكم المنصوص عليه فى المادة المشار إليها من القانون المدنى، ويتعين الالتفات أيضاً عن هذا السبب من أسباب الطعن.
ومن حيث إن الشركة الطاعنة تستند أيضاً فى طعنها إلى أنه لم يلحق المطعون ضده، أى ضرر من قرارات الجزاء المحكوم بإلغائها، سواء كان ضرراً مادياً أو أدبياً، كما أنه ليس كل قرار جزاء يلغى يستوجب التعويض عنه.
ومن حيث إن إلغاء قرارات الجزاء التى وقعت على المطعون ضده، كاف فى حد ذاته لجبر أى ضرر مادى أو أدبى ينتج عنها، هذا فضلاً عن أن المطعون ضده لم يقدم دليلاً واحداً على أنه قد لحقه أى نوع من أنواع الضرر من جراء هذه القرارات، وبالتالى فإنه لا يستحق أى تعويض عنها، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى غير ذلك، فإنه يكون قد جانب الصواب، مما يتعين معه الحكم بالغائه.
فلهذه الأسباب:
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض دعوى المطعون ضده.
(1) راجع الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا بجلسة 16/ 3/ 1991 طعن رقم 3147 لسنة 32 ق الذى قضى باختصاص المحكمة التأديبية بطلب التعويض عن الأضرار الناجمة عن قرار نقل مرتبط بجزاء تأديبى.
ساحة النقاش