إذ ارتبط قرار النقل أو الندب بجزاء صريح من الجزاءات المنصوص عليها صراحةً وقام على ذات سبب قرار الجزاء وتحقق الارتباط بينهما فإن الاختصاص بنظر الطعن فيه ينعقد للمحاكم التأديبية.
الحكم كاملاً
مجلس الدولة - المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الأربعون - الجزء الثاني (من 7 مارس سنة 1995 إلى 26 أغسطس سنة 1995) - صـ 1785
جلسة 20 من مايو سنة 1995
(180)
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ فاروق عبد السلام شعت - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: محمد يسري زين العابدين، وأبو بكر محمد رضوان، وغبريال جاد عبد الملاك، وسعيد أحمد برغش - نواب رئيس مجلس الدولة.
الطعن رقم 2503 لسنة 36 القضائية
اختصاص المحاكم التأديبية بالطعن على قرار النقل أو الندب المرتبط بقرار الجزاء.
- إذ ارتبط قرار النقل أو الندب بجزاء صريح من الجزاءات المنصوص عليها صراحةً وقام على ذات سبب قرار الجزاء وتحقق الارتباط بينهما فإن الاختصاص بنظر الطعن فيه ينعقد للمحاكم التأديبية - أساس ذلك: أن قرار النقل أو الندب فرع من المنازعة في القرار التأديبي وأن قاضي الأصل هو قاضي الفرع - تطبيق.
إجراءات الطعن
بتاريخ 9/ 6/ 1990 (السبت) أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة عن محافظ قنا بصفته، قلم كتاب المحكمة، تقرير الطعن الراهن في حكم المحكمة التأديبية بمدينة أسيوط الصادر في الطعن رقم 11 لسنة 10 ق بجلسة 17/ 4/ 1990 والقاضي بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار.
وطلب الطاعن في ختام تقرير الطعن وللأسباب المبينة به قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع:
أولاً: بعدم اختصاص المحكمة التأديبية نوعياً بنظر الطعن بقرار النقل وبإحالته بحالته إلى محكمة القضاء الإداري دائرة الجزاءات للاختصاص.
ثانيا: بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من إلغاء القرار الصادر بمجازاة المطعون ضده بخصم خمسة أيام من راتبه وتأييد هذا القرار، ورفض طعنه الأصلي.
وبتاريخ 21/ 6/ 1990 تم إعلان تقرير الطعن إلى المطعون ضده وقد أعدت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه إلغاء الحكم الصادر في الطعن رقم 11 لسنة 10 ق.
وقد تم نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون التي قررت بجلسة 27/ 7/ 1994 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا "الدائرة الرابعة" وحددت لنظره جلسة 8/ 10/ 1994.
وتم تداول الطعن أمام المحكمة على النحو الموضح بمحاضر الجلسات حتى تقرر إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر وأودعت مسودته مشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانوناً.
من حيث إن الطعن أقيم خلال المواعيد القانونية، واستوفى سائر أوضاعه الشكلية الأخرى فمن ثم يكون مقبولاً شكلا.ً
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل في أنه بتاريخ 30/ 10/ 1982 كان المطعون ضده قد أقام ابتداء الطعن رقم 11 لسنة 10 ق أمام المحكمة التأديبية بمدينة أسيوط طالباً الحكم بإلغاء قرار مجازاته الصادر من رئيس الوحدة المحلية لمركز مدينة أرمنت في 27/ 6/ 1982 بخصم خمسة أيام من راتبه ونقله خارج نطاق مجلس قروي الرزيقات بحري، وذلك استناداً إلى أن القرار محل النزاع صدر لما نسب إليه من ترك محل عمله وتعديه على رئيس الوحدة المحلية لمركز ومدينة أرمنت بالقول، في حين أن ذلك القرار قد صدر نتيجة تحقيق قد شابه القصور وأنه لم يقع منه ما يرتب مسئوليته.
وبجلسة 9/ 6/ 1983 أصدرت المحكمة التأديبية بأسيوط حكمها في الطعن سالف الذكر بإلغاء القرار المطعون فيه بشقيه، وذلك استناداً إلى عدم تقديم الجهة الإدارية المستندات مما يقيم قرينة لصالح العامل.
وقد أقامت الجهة الإدارية ضد الحكم متقدم الذكر الطعن رقم 3170 لسنة 29 ق أمام المحكمة الإدارية العليا التي قضت فيه (بهيئة مغايرة) بجلسة 26/ 12/ 1987 بإلغاء الحكم المطعون فيه وإعادة الدعوى إلى المحكمة التأديبية بأسيوط للفصل فيها مجدداً من هيئة مغايرة أخرى، وذلك استناداً إلى توقيع مسودة الحكم من عضوين فقط في حين أن تشكيل المحكمة ثلاثي.
وقد أعيد الطعن إلى المحكمة التأديبية بمدينة أسيوط وأمامها أودعت الجهة الإدارية حافظة مستندات بجلسة 29/ 10/ 1989 طويت على أوراق التحقيق وملف التظلم.
وبجلسة 17/ 4/ 1990 صدر الحكم المطعون فيه بمنطوقه سالف الذكر مقيماً قضائه على أساس وجود تضارب في أقوال الشهود (....... و.......) حول زمن حدوث الواقعة مما لا تطمئن له المحكمة لما نسب إلى الطاعن (المطعون ضده) وكان سبباً في صدور القرار المطعون فيه فيما تضمنه من جزاء، أما فيما يتعلق بالنقل فإنه لم يكن للمصلحة العامة وإنما كان بمناسبة توقيع الجزاء مما يجعله يتضمن جزاءً مقنعاً.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه قد شابه الخطأ في تطبيق القانون وتأويله لعدم اختصاص المحكمة التأديبية بنظر قرارات الفصل التي تخرج عن اختصاصها وينعقد الاختصاص بشأنها لمحكمة القضاء الإداري كما أخطأ الحكم المطعون فيه أيضاً بالنسبة لما قضى به من إبقاء قرار الجزاء، ذلك أن الثابت من أقوال الشهود منهم ترك المطعون ضده مقر عمله دون إذن يوم 6/ 4/ 1982 وتوجهه إلى مجلس قروي الرزيقات بحري وتهجمه على موظفي المجلس ومنهم رئيس القرية ولا يغير من ذلك أنه جاء بأقوال رئيس القرية أن الواقعة حدثت الساعة 11.30 صباحاً بينما قرر محمود حنفي أن ذلك كان في حدود الساعة 9.30 صباحاً لأن تحديد الوقت كان تقريبياً، وأن الشهود أجمعوا على واقعة حدوث التهجم من المطعون ضده.
ومن حيث إن المستقر عليه أن رقابة القضاء الإداري لصحة الحالة الواقعية أو القانونية التي تكون ركن السبب في القرار التأديبي تجد حدها الطبيعي في التحقق مما إذا كانت النتيجة التي انتهى إليها القرار مستخلصة استخلاصاً سائغاً عن أصول تنتجها مادياً وقانونياً فإذا كانت النتيجة مستخلصة استخلاصاً سائغاً من أصول تنتجها مادياً وقانوناً فقد قام القرار على سببه وكان مطابقاً للقانون، ولا تعني الرقابة القضائية لقيام ركن السبب في القرار أن يحل القضاء الإداري نفسه محل جهة العمل فيما هو متروك للجهة الإدارية فيستأنف النظر بالموازنة والترجيح فيما قام لديها من دلائل وبيانات وقرائن أحوال إثباتاً ونفياً في خصوص الحالة الواقعية التي تكون ركن السبب طالما كانت النتيجة مستخلصة استخلاصاً سائغاً على النحو المتقدم إيضاحه.
ومن حث إن الثابت من الأوراق أن سكرتير الوحدة المحلية لقرية الرزيقات بحري تقدم بمذكرة تضمنت أنه بتاريخ 6/ 4/ 1982 حضر المطعون ضده الذي يعمل بالوحدة الصحية بالرزيقات بحري إلى مقر المجلس الساعة 11 صباحاً وترك عمله وقام بتهديد الموظف المختص بأعمال النظافة الذي كان قد حرر له محضر (مخالفة) نظافة وذلك بحضور كل من رئيس القرية ومشرف المشروعات وسكرتير مجلس قروي المحاميد بحري.
وقد أحيل الموضوع إلى الشئون القانونية بالوحدة المحلية لمركز أرمنت التي أجرت تحقيقاً فيه تم فيه سماع أقول الشهود ومواجهة المطعون ضده بما هو منسوب إليه بالمذكرة سالفة الذكر.
ومن حيث إنه بالرجوع إلى التحقيق الذي أجري في هذا الشأن يبين أن كلاً من/......... مشرف التنظيم، /........ رئيس الوحدة المحلية، /......... يبين أنهم أجمعوا على دخول المطعون ضده مكتب رئيس الوحدة المحلية وقام بالتهجم والتهديد لكل من الموظف المختص بقسم التنظيم ورئيس الوحدة المحلية وذلك بعد تحرير محضر مخالفة له، كما قرر الشاهد/........ الموظف بالوحدة المحلية المذكورة دخول المطعون ضده مكتب رئيس الوحدة المحلية وأورد أنه سيقوم باتخاذ الإجراءات اللازمة التي في عقله إذا بقي المحضر في حقه (محضر المخالفة).
ومن حيث إنه بناء على ما تقدم أعدت مذكرة بمعرفة الشئون القانونية انتهت فيها إلى ثبوت مسئولية المطعون ضده عما ورد بالمذكرة المقدمة ضده وارتأت مجازاته بخصم خمسة أيام من راتبه نظير ما نسب إليه.
وبعرض مذكرة الشئون القانونية على رئيس الوحدة المحلية لمركز أرمنت أشر بالموافقة مع إخطار السيد مدير الإدارة الصحية بالمركز بنقله خارج الوحدة المحلية للرزيقات وهكذا تم نقله ومجازاته.
ومن حيث إن المستفاد مما تقدم أن واقعة دخول المطعون ضده إلى مكتب رئيس الوحدة المحلية وتهديده وتهجمه على كل من الموظف المختص بقسم التنظيم ورئيس الوحدة المحلية قد أكدتها أقوال الشهود، ومن ثم تكون الجهة الإدارية إذ استندت إلى تلك الأقوال وانتهت إلى مجازاة المطعون ضده لما يشكله ذلك في حقه من إخلال بواجباته الوظيفية، تكون قد استخلصت النتيجة استخلاصاً سائغاً ومن أصول تنتجها مادياً وقانوناً وكيفتها تكييفاً صحيحاً، بما يجعل قرار الجزاء قد صدر صحيحاً وقائماً على سببه المبرر له.
ومن حيث أنه لا ينال مما تقدم أنه ورد بأقوال....... بأن مهاجمة المطعون ضده لمكتبه كانت الساعة 11.30 صباحاً ذكر/...... أن دخول المطعون ضده مكتب رئيس الوحدة المحلية كان في حدود الساعة 9.30 صباحاً ذلك أن الاختلاف في ساعة دخول المطعون ضده لمكتب رئيس الوحدة لا ينفي دخوله ذلك المكتب وارتكاب الواقعة المنسوبة إليه الأمر الذي اتفقت عليه أقوال الشهود فضلاً عن أن تحديد ساعة الدخول بمعرفة/...... إنما جاء تقريبياً بذكر أنها حوالي الساعة 9.30 وبالتالي فلا يجوز للمحكمة أن تستند إلى ذلك للقول بوجود تضارب في أقوال الشهود لا تطمئن معه إلى ثبوت الواقعة وتنتهي بذلك إلى إلغاء قرار الجزاء، إذ أن في ذلك تجاوزاً للسلطة المقررة للمحكمة في الرقابة على مشروعية القرار التأديبي وحلولاً محل السلطة التأديبية فيما هو متروك لها دون معقب عليها، ويكون الحكم المطعون فيه فيما انتهى إليه من إلغاء قرار الجزاء قد صدر على غير أساس صحيح قانوناً مستوجباً الإلغاء.
ومن حيث إنه عما قضى به الحكم المطعون فيه من إلغاء القرار محل النزاع فيما تضمنه من نقل المطعون ضده خارج الوحدة المحلية فإن المستقر عليه أنه إذا ارتبط قرار النقل أو الندب بجزاء صريح من الجزاءات المنصوص عليها صراحةً وقام على ذات سبب قرار الجزاء وتحقق الارتباط بينهما فإن الاختصاص بنظر الطعن فيه ينعقد للمحاكم التأديبية ذلك أن قرار النقل أو الندب فرع من المنازعة في القرار التأديبي وأن قاضي الأصل هو قاضي الفرع.
ومن حيث إن الثابت أن نقل المطعون ضده قد تم استناداً إلى نتيجة التحقيق الذي صدر من أجله الجزاء مدوناً على ذات المذكرة التي حملت النتيجة دون إفصاح عن الوظيفة المنقول إليها أو تحرى مدى احتياجات العمل المنقول إليه أو التناسب في الدرجة بين الوظيفة المنقول منها والوظيفة المنقول إليها فمن ثم فإن ذلك لا يعتبر في حقيقته نقلاً مكانياً وإنما يعتبر في الواقع جزاءاً تأديبياً صدر بسبب ما نسب إلى الطاعن من مخالفات وقصد به الإمعان في عقابه بتوقيع جزاء لم يرد صراحةً في الجزاءات المقررة قانوناً واستخدم النقل في غير الغرض الذي شرع من أجله وارتبط بالجزاء ارتباط الفرع بالأصل، فمن ثم تختص به المحكمة التأديبية، وتكون إذا انتهت إلى ذلك وقضت بإلغائه يكون حكمها في هذا الشق صدر صحيحاً ومطابقاً للقانون ويغدو ما يتمسك به الطاعن في هذا الشأن غير قائم على أساس صحيح من القانون بما يجعله مستوجباً الرفض.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه بإلغائه فيما قضى به من إلغاء القرار المطعون فيه بالنسبة لمجازاة المطعون ضده والقضاء برفض طلب إلغاء ذلك الجزاء, وتأييد الحكم المطعون فيه فيما قضى به من إلغاء قرار النقل.
ساحة النقاش