موقع المستشار/ البسيونى محمود أبوعبده المحامى بالنقض والدستورية العليا نقض جنائي- مدني- مذكرات- صيغ- عقود محمول01277960502 - 01273665051

محكمة تأديبية  ولايتها واختصاصها سلطتها فى تقدير الجزاء التأديبى يجب على المحكمة وهى تقدر العقوبة أن تأخذ في اعتبارها دور السلطة الرئاسية ومقدار ما ساهمت به من خلل بإدارة المرفق.

الحكم كاملاً

مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة الرابعة والثلاثون - الجزء الأول (من أول أكتوبر سنة 1988 إلى آخر فبراير سنة 1989) - صـ 225

(34)
جلسة 3 من ديسمبر سنة 1988

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد حامد الجمل نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عبد اللطيف أحمد أبو الخير ويحيى السيد الغطريفي وإسماعيل صديق راشد وأحمد شمس الدين خفاجى المستشارين.

الطعن رقم 2015 لسنة 31 القضائية

( أ ) عاملون مدنيون بالدولة - الواجبات الوظيفية والمخالفات التأديبية - القانون رقم 47 لسنة 1978 بإصدار قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة.
من أهم واجبات العامل الانتظام في أداء الوظيفة المنوطة به - يعتبر الانقطاع إخلالاً بهذا الواجب يرتب المساءلة التأديبية - لا يسوغ للعامل أن ينقطع عن عمله وقتما شاء بحجة أن له رصيداً من الإجازات - تطبيق.
(ب) عاملون مدينون بالدولة - تأديب - الدعوى التأديبية - سلطة تقدير الجزاء - سوء تنظيم المرفق - حدود سلطة المحكمة التأديبية في تقدير الجزاء التأديبي - يجب على المحكمة وهى تقدر العقوبة أن تأخذ في اعتبارها دور السلطة الرئاسية ومقدار ما ساهمت به من خلل بإدارة المرفق - من أبرز مظاهر هذا الخلل: تجميع المخالفات والإعلان عنها دفعة واحدة في صورة حزمة من الاتهامات المختلفة في حين كان يجب عليها إتباع إجراءات التحقيق وتوقيع الجزاء في حينه ردعاً للعامل المخالف وزجراً لغيره - عدم توافر حسن الإدارة من قبل السلطة الرئاسية التي تشرف على الطاعن قد أسهم في وقوع ما وقع من مخالفات عديدة وجسيمة - الخلل في حسن إدارة المرفق يعتبر ظرف من الظروف الموضوعية الملابسة للوقائع محل الاتهام والتي ينبغي مراعاتها عند تقدير الجزاء التأديبي على العامل - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الخميس الموافق الثاني من مايو سنة 1985 أودع السيد الأستاذ.... بصفته وكيلاً عن السيد/ ..... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 2015 لسنة 31 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بأسيوط بجلسة الرابع من مارس سنة 1985 في الدعوى رقم 58 لسنة 11 القضائية المقامة من النيابة الإدارية ضد الطاعن، و القاضي بمجازاة الطاعن بخصم شهرين من راتبه.
وطلب الطاعن للأسباب الموضحة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وببراءته مما أسند إليه.
وأعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضده على الوجه المبين بالأوراق وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإعادة تقدير الجزاء المناسب لما هو ثابت في حق الطاعن.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 11 من مايو سنة 1988، وبجلسة 22 من يونيو سنة 1988 قررت إحالة الطعن إلى هذه المحكمة فنظرته بجلسة 22 من أكتوبر سنة 1988. وبجلسة 12 من نوفمبر سنة 1988 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم 3/ 12/ 1988 وفيها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة والمداولة.
من حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق في أنه بتاريخ السابع من ديسمبر سنة 1983 أقامت النيابة الإدارية الدعوى التأديبية رقم 58 لسنة 11 القضائية بإيداع أوراقها قلم كتاب المحكمة التأديبية بأسيوط منطوية على تقرير باتهام السيد/ ..... لأنه خلال المدة من 1/ 12/ 1979 حتى 20/ 7/ 1983 بإدارة تموين نجع حمادي خالف القواعد المنظمة للأجازات ولم ينفذ أوامر الرؤساء بدقه وأمانه وخرج على مقتضى الواجب الوظيفي بأن:
1 - انقطع عن العمل دون إذن وفي غير الأحوال المرخص بها قانوناً يوم 29/ 11/ 1982 والمدة من 22/ 1 حتى 26/ 1/ 1983 وأيام 15/ 2، 3/ 3، 3/ 4، 4/ 4، 11/ 5، 6/ 7/ 1973 وذلك على النحو المبين تفصيلاً بالأوراق.
2 - تأخر عن مواعيد العمل الرسمية أيام 27/ 2، 28/ 2، 5/ 3، 9/ 3، 14/ 3/ 1983.
3 - رفض التوقيع بدفتر الحضور والانصراف اعتبارا من 1/ 12/ 1979 على النحو المفصل بالأوراق.
4 - رفض التوقيع على خطوط سير بعض العاملين بإدارة تموين نجع حمادي على التفصيل الوارد بالأوراق.
5 - لم يخطر مدرية التموين والتجارة الداخلية بقنا بجدول حصص التدريس القائم به بمعهد نجع حمادي الأزهري وذلك على التفصيل المبين بالأوراق.
6 - قام بإلقاء مكتب كل من... و.... مفتشي التموين خارج الحجرة المخصصة لذلك يوم 9/ 3/ 1983 وبدون إبداء أية أسباب.
ورأت النيابة الإدارية أن الطاعن بذلك يكون قد ارتكب المخالفات الإدارية المنصوص عليها في المواد 62، 76/ 1، 8، 78/ 1 من القانون 47 لسنة 1978 بشأن نظام العاملين المدنيين بالدولة، المعدل بالقانون رقم 115 لسنة 1983، وطلبت محاكمته بهذه المواد والمادتين 80، 82 من ذات القانون والمادة 14 من القانون رقم 117 لسنة 1958 بشأن إعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية المعدل بالقانون رقم 171 لسنة 1981 وبالمادتين 15، 19 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة.
وبجلسة الرابع من مارس سنة 1985 أصدرت المحكمة التأديبية بأسيوط حكمها المطعون فيه بمجازاة المتهم..... بخصم شهرين من راتبه.
وأقامت المحكمة قضاءها على عدم ثبوت التهمة الخامسة في حق المتهم وثبوت باقي الاتهامات في حقه على النحو التالي:
عن التهمة الأولى المتمثلة في انقطاعه عن العمل دون إذن خلال الأيام المشار إليها في تقرير الاتهام، فهي ثابتة في حقه باعترافه وشهادة... رئيس الشئون المالية والإدارية بإدارة تموين نجع حمادي.
وعن التهمة الثانية المشتملة في تأخره عن مواعيد العمل الرسمية خلال الأيام الخمسة المشار إليها بتقرير الاتهام، فهي ثابتة في حقه من الاطلاع على دفتر خط السير لكل من ..... و.... مفتشي التموين بالإدارة حيث تأشر على خطوط السير بما يفيد حضوره متأخراً عن مواعيد العمل الرسمية في هذه الأيام.
وعن التهمة الثالثة المتمثلة في رفضه التوقيع بدفتر الحضور والانصراف منذ 1/ 12/ 1979، فأنها ثابتة في حقه باعترافه وبالرغم من صدور الأمر الإداري رقم 21 لسنة 1983 في 28/ 5/ 1983 من مديرية التموين والتجارة الداخلية بقنا بضرورة توقيع من في الدرجة الثانية بالدفتر المذكور.
وعن التهمة الرابعة المتمثلة في رفضه التوقيع على خطوط سير بعض العاملين بالإدارة، فإنها ثابتة في حقه بشهادة.... مدير الإدارة والذي قرر بأن المتهم رفض التوقيع على خطوط السير الخاصة بكل من..... و..... مفتشي التموين بالإدارة وأنه قام بتوقيعها بدلاً منه بالرغم من أن المتهم هو الموظف المختص بذلك.
وعن التهمة السادسة والمتمثلة في قيام الطاعن بإلقاء مكتب كل من..... و..... مفتشي التموين خارج الحجرة المخصصة لهما، فإن هذه التهمة ثابتة في حقه بشهادة كل من.... مدير الإدارة و..... مفتش التموين بالإدارة.
وذكرت المحكمة التأديبية بحكمها المطعون فيه أن ما أتاه المتهم يعد إخلالاً منه بواجبات وظيفته وخروجاً على مقتضياتها، الأمر الذي يستوجب مساءلته تأديبياً.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه قد صدر مشوباً بالقصور وفساد الاستدلال وعدم الملائمة الظاهرة على النحو التالي:
لم يتعرض الحكم التأديبي المطعون فيه للحياة الوظيفية للطاعن، تلك الحياة التي تمثلت في نحو ربع قرن من الأداء الممتاز في مجال البحث العلمي دون تعرض لأية جزاءات. بالنسبة للتهمة الأولى المتمثلة في انقطاع الطاعن عن العمل فإن هذا الانقطاع قد كان يوماً واحداً خلال عام 1982 وعشرة أيام خلال عام 1983، وعلى ذلك فقد كان واجباً اعتباراً انقطاع يوم في عام 1982 أجازة عارضة واعتباراً انقطاع عشرة أيام خلال عام 1983 إجازة اعتيادية حيث يسمح رصيد أجازاته بذلك.
وبالنسبة للتهمة الثانية المتمثلة في التأخير عن مواعيد العمل الرسمية، فقد كان ذلك خلال أيام ثلاثة وهو ما لا يبرر المساءلة التأديبية.
وبالنسبة للتهمة الثالثة والمتمثلة في عدم التوقيع في دفتر الحضور والانصراف اعتباراً من 1/ 12/ 1979 فالثابت أنه حضر ولم يوقع ومن ثم تمثل المخالفة في تخلف إجراء مادي وهو ما لا ينبغي أن يؤثم من في مثل المستوى الوظيفي للطاعن.
وبالنسبة للتهمة الرابعة والمتمثلة في رفض الطاعن التوقيع على خطوط سير بعض العاملين، فقد كان تقديراً منه لاعتبارات الصالح العام وهو ما يترخص فيه الرئيس الإداري.
وبالنسبة للتهمة السادسة والمتمثلة في إلقاء مكتبي موظفين خارج الحجرة التي يشغلها الطاعن فهي واقعة غير صحيحة ويؤكد عدم صحتها ما ثبت من أنه لم يفقد من المكتب أي مستند مما يتنافى مع فعل الإلقاء.
لا يتناسب الذنب الإداري المقول بأنه وقع من الطاعن مع العقوبة القاسية المغالى فيها التي وقعت عليه.
ومن حيث إن حكم المحكمة التأديبية المطعون فيه قد استند في قضائه بمجازاة المتهم...... بخصم أجر شهرين من راتبه لما ثبت في حقه من إدانته في المخالفات المنسوبة إليه وهى الاتهام تشمل الأول والثاني والثالث والرابع والسادس المنسوبة من النيابة الإدارية للطاعن في تقرير الاتهام.
وحيث إنه عن الاتهام الأول الموجه للطاعن والمتمثل في أنه انقطع عن العمل دون أذن وفي غير حدود الأحوال المرخص بها قانوناً يوم 29/ 11/ 1982 والمدة من 22/ 1 حتى 26/ 1/ 1983 وأيام 15/ 2، 3/ 3، 3/ 4، 4/ 5، 11/ 5، 6/ 11/ 1983، فإن الطاعن قد اعترف بذلك في التحقيق وشهد بذلك رئيس الشئون المالية والإدارية بإدارة تموين نجع حمادي، كما لم يذكر الطاعن وقوع هذه المخالفة منه في صحيفة طعنه. وإنما طلب اعتبار فترات انقطاعه بمثابة إجازات عارضة أو اعتيادية، ومن حيث إن قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 ينص في المادة 76 منه على أن الوظائف العامة تكليف للقائمين بها هدفها خدمة المواطنين تحقيقاً للمصلحة العامة طبقاً للقوانين واللوائح والنظم المعمول بها ويجب على العامل مراعاة أحكام هذا القانون وتنفيذها وعليه:
1 - أن يؤدى العمل المنوط به بنفسه بدقة وأمانة وأن يخصص وقت العمل الرسمي لأداء واجبات وظيفته ويجوز تكليف العاملين بالعمل في غير أوقات العمل الرسمية علاوة على الوقت المعين إذا اقتضت مصلحة العمل ذلك.
2 - ......
3 - ......
4 - المحافظة على مواعيد العمل وإتباع الإجراءات التي تحددها اللائحة الداخلية للوحدة في حالة التغيب عن العمل أو التأخير في المواعيد... إلخ.
كما نص في المادة (62) منه أنه لا يجوز للعامل أن ينقطع عن عمله إلا لأجازه يستحقها في حدود الإجازات المقررة.... ومن حيث أنه يبين من هذه النصوص مع غيرها من النصوص المنظمة للإجازة التي تمنح للعاملين أن أهم واجب وأول فريضة على الموظف العام أن يؤديها بناء على علاقة الوظيفة العامة - الانتظام في أداء واجبات الوظيفية المنوطة به في المواعيد الرسمية المحددة للعمل بمعرفة السلطات المختصة حيث يقوم الموظف العام بالأعمال المنوطة بوظيفته مع زملائه ورؤسائه في أداء الخدمة العامة أو العمل الإنتاجي العام الذي تقوم عليه وبسببه الوزارة أو المصلحة أو الهيئة أو المؤسسة التي يعمل بها إذ هو الغاية والهدف من وجود تلك الوحدة الإدارية التي التحق العامل بجهازها وهذه الغاية وذلك الهدف يتعين أن يتحقق دواماً بواسطة العاملين بالوحدة الإدارية ومن نظامها الإداري بانتظام واضطراد ودون توقف ومعنى ذلك أنه إذا انقطع العامل عن عمله دون حصوله على أجازة مرخص له بها فإنه يكون قد أخل بأهم وأول واجب من واجبات وظيفة لإخلال ذلك بحسن سير وانتظام الجهة الإدارية التي يعمل بها في أداء غاياتها وتحقيق أهداف وجودها مما يرتب مسئوليته التأديبية حتى ولو كان له رصيد من الإجازات السنوية لأن الأجازة أنما تمنح - بناء على ما سبق - بناء على طلب العامل وموافقة جهة الإدارة وفقا لحاجات العمل ومقتضياته ومن ثم لا يسوغ لعامل أن ينقطع عن عمله وقتما شاء بحجة أن له رصيداً من الإجازات.
وحيث إنه بناء على ذلك فإن الاتهام الأول المنسوب للطاعن ثابت في حقه واقعاً وقانوناً على نحو لا يكون معه ثمة طعن على الحكم المطعون فيه بشأنه.
ومن حيث إنه عن الاتهام الثاني الموجه للطاعن والمتمثل في أنه تأخر عن مواعيد العمل الرسمية خلال الأيام الخمسة الواردة في تقرير الاتهام، فإنه ثابت مما تحرر على أوراق سير كل من.... و..... مفتشي التموين بالإدارة بما يفيد حضور الطاعن متأخراً عن مواعيد العمل الرسمية خلال هذه الأيام ولم ينكر الطاعن ذلك بل زعم أن هذا الخطأ اليسير لا يبرر المساءلة التأديبية حيث أنه طبقاً لما سلف بيانه من ضمان انتظام العامل في أداء عمله في المواعيد المقررة وهذا الذي يدعيه الطاعن من شأنه إهدار واجب الانضباط في أداء العمل الوظيفي باعتباره عمل جماعي منظم ومنسق من العاملين موجهة تحت إشراف ورقابة السلطات الرئاسية المختصة لتحقيق أهداف وغايات الوحدة الإدارية في الخدمات والإنتاج بانتظام واضطراد في خدمة الشعب طبقا لأحكام القانون والأخذ بما يقوله يعنى أباحة التسيب والانفراد به في أداء العمل الوظيفي وعدم إتباع القواعد التنظيمية الواجبة الاحترام، وهو ادعاء يتعارض مع ما يفرضه القانون والنظام العام الإداري على الموظف العام من نظاميه والتزام ومن أجل ذلك فإن هذا الوجه من الطعن على الحكم المطعون فيه غير قائم على أساس، متعين الرفض.
ومن حيث إنه عن الاتهام الثالث المنسوب للطاعن، والمتمثل في أنه رفض التوقيع بدفتر الحضور والانصراف اعتباراً من 1/ 12/ 1978، فإنه ثابت من اعترافه في التحقيقات وفي صحيفة الطعن وإنما رفع الطاعن مسئوليته عن ذلك بأن حقيقة المنسوب إليه مجرد تخلف إجراء مادي، إذ الثابت أنه حضر ولم يوقع وأنه لا ينبغي أن يؤثم ممن في مثل المستوى الوظيفي للطاعن وأنه لا يوقع في هيئة الطاقة الذرية المنتدب فيها وحيث أن هذا الذي رفع به الطاعن مسئوليته لا سند له من القانون طالما أن القواعد الإدارية التنظيمية القائمة والمعمول بها بجهة عمله المنتدب إليها تستوجب على من في درجته الوظيفية التوقيع بدفتر الحضور والانصراف - ذلك أن القواعد التنظيمية التي تضع إجراءات واجبة الإتباع في شأن من شئون إدارة الوظيفة العامة تكون واجبة الاحترام والمراعاة شأنها في ذلك شأن القواعد التي تنظم موضوعياً ممارسة أعمال واختصاصات الوظيفة. لأن واجبات الموظف تستوجب منه مراعاة الأحكام الإجرائية لممارسة العمل شأن مراعاة الأحكام الموضوعية سواء بسواء حيث يتشكل من كلا هذين النوعين من الأحكام والقواعد التنظيمية العامة، القواعد الأساسية للنظام العام الإداري فإذا أغفل الموظف الالتزام بحكم قاعدة إجرائية منظمة لسير العمل فإنه يكون قد ارتكب مخالفة تأديبية ولم يخرج على أية قاعدة موضوعية، وبناء على ذلك فإن حضور الموظف لمقر عمله وممارسته لواجبات وظيفته لا يغنى عن التزامه بوجوب التوقيع في دفتر الحضور والانصراف وتحقيق القواعد التنظيمية في جهة عمله تستوجب منه ذلك أنه فضلاً عن أن رفض الالتزام بهذا الواجب الإجرائي يتضمن إعلان عدم الاحترام للنظام الإداري والاستهانة بالسلطة الرئاسية فإنه يعوق مباشرة هذه السلطة لاختصاصاتها في التوجيه والقيادة والمتابعة لحسن أداء العاملين التابعين لإشرافها لواجباتهم واتخاذ ما يلزم من التدبير لمواجهة أي انقطاع من إفراد قوة العمل لأي سبب بما تكفل حسن سير وانتظام العمل ومؤدى ما تقدم صحة ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من إدانة الطاعن عما ثبت في حقه من رفض التوقيع في دفتر الحضور والانصراف.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بالاتهام الرابع المنسوب للطاعن، والمتمثل في أنه رفض التوقيع على خطوط سير بعض العاملين، فقد أنكر الطاعن في التحقيقات حدوث ذلك منه وأشار إلى أن هذا كان مجرد ادعاء ادعاه عليه رئيسه ومرؤوسوه، ومن حيث أوراق التحقيق تكشف عن أن ثمة علاقة غير طيبة قائمة بين الطاعن وبين رئيسه ومرؤوسيه، فإن شهادة هؤلاء وحدها لا تصلح دليلاً على أن الطاعن كان يرفض التوقيع على خطوط سير بعض العاملين تحت رئاسته تعسفاً من جانبه وإنما يحصل الأمر على أحد فرضين، إما أن يكون هذا الرفض من جانب الطاعن لم يحدث أصلاً وإنما كان المرؤوسون يصورون ذلك لرئيس الطاعن تشويهاً لصورته، وإما أن يكون هذا الرفض قد كان لأسباب موضوعية قدرها الطاعن بسلطته الرئاسية حسبما ورد في عريضة طعنه ومن ثم فقد كان يتعين على رئيسه أن يحيل الأمر إلى الطاعن ليبين ما إذا كان حقيقة قد وقع منه ما نسب إليه مرؤوسيه ولبيان أسباب وواقع تصرفه وذلك حتى يبين مدى حقيقة ما فعله وقدر مسئوليته عنه في ضوء متابعة وتوجيهات رئاسية وحيث أن الأوراق قد خلت من ذلك وقد خلت من دليل تطمئن إليه المحكمة غير مجرد الأقوال سالفة الذكر و التي يحيط بها الشك لما يوجد من نزاع بين الشهود والطاعن ومن ثم فإنه لا يكون ثمة مخالفة تأديبية ثابتة ثبوتاً يقينياً قبل الطاعن تبرر المؤاخذة والمساءلة الأمر الذي يكون معه ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص غير قائم على صحيح سببه ويكون الطعن عليه في محله.
ومن حيث إنه في شأن الاتهام السادس المنسوب للطاعن والمتمثل في أنه ألقى مكتبي موظفين خارج الحجرة التي يشغلها الطاعن فقد ثبت ذلك بشهادة...... مفتش التموين..... الذي قرر في تحقيقات النيابة الإدارية بأنه فور علمه بهذه الواقعة اتهم الطاعن بأن هذا التصرف خطأ وحيث إن هذا الفعل الثابت قبل الطاعن ممثل سلوكاً عدوانياً على النظام الإداري وعلى حقوق وشعور زملاؤه في التعاون معهم في أداء واجباتهم وعدم المساس بحقهم وفقاً للنظام الإداري في التواجد في مكاتبهم حيث حددت مواقعها السلطة الرئاسية المختصة وفقاً لما اقتضاه تنظيم العمل بين العاملين من توزيع لأماكن تواجدهم ولا يحول دون ذلك إنكار الطاعن مستنداً في نفى هذه الواقعة بأنه لم يفقد من المكتب أي مستند لأن نقل المكتب من مكانه بدون إذن أو موافقة السلطة الرئاسية يعد مخالفة مسلكية تخل بنظام العمل وتستوجب العقاب التأديبي ولا يستلزم تأثيم هذا الفعل أو ثبوته قبل المتهم لا يستلزم بالضرورة أن تفقد ما بالمكتب من مستندات.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم جميعه أنه قد ثبت في حق الطاعن الاتهامات الأول والثاني والثالث والسادس حسبما وردت في تقرير الاتهام ومن ثم فإنه يكون الحكم المطعون فيه قد أصاب وجه الحق وطبق صحيح حكم القانون فيما أثبته فعله وإدانة فيه فيما عدا ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أثبات ارتكاب الطاعن لما ورد بالاتهام الرابع وحيث أنه بناء على ذلك كانت العقوبة التي وقعها ذلك الحكم على الطاعن غير مبينة على قدر ما ثبت في حقه صدقاً وعدلاً من اتهامات بل أضاف إليها الاتهام الرابع الأمر الذي يكون معه الحكم واجب الإلغاء.
ومن حيث إنه فضلاً عن ذلك فإنه كان يتعين في تقدير العقوبة الواجب مجازاة الطاعن بها عما هو ثابت في حقه من اتهامات أن تأخذ المحكمة في اعتبارها ما هو ظاهر وثابت من أوراق الدعوى التأديبية وبصفة خاصة تقرير الاتهام ص 10، 11 حيث تكشف عن أن جهة الإدارة قد استخدمت حيال الطاعن أسلوب تجميع المخالفات وتكشيفها ثم الإعلان عنها دفعة واحدة في صورة حزمة من الاتهامات المختلفة بينما مقتضيات حسن الإدارة تفرض على السلطة الرئاسية المواجهة السريعة الحاسمة لأي إخلال بنظام العمل أو حسن سيرة من أحد العاملين وذلك بإتباع الإجراءات التي خولها إياها القانون من التوجيه والنصح والإحالة والتحقيق وتوقيع الجزاء ولو كانت جهة الإدارة قد واجهت العامل بوقائع الاتهام الأول الذي ارتكبه في حينه ومساءلته عنه على النحو الذي تقتضيه المصلحة العامة ردعاً للعامل وزجراً لغيره كان في ذلك ما يمنع الطاعن عن ارتكاب المخالفات التالية. ذلك أن عدم اتخاذ الجهة الإدارية الرئاسية للطاعن إجراءاتها ضده لفترة طويلة رغم علمها بما بدر منه من مخالفات منها استمراره في الانقطاع المتكرر عن العمل وعدم التوقيع في دفتر الحضور والانصراف، قد أدى إلى تماديه في سلوكه غير المنضبط وارتكابه ما هو ثابت قبله من مخالفات تأديبية على النحو سالف البيان وحيث إنه بناء على ذلك فإن عدم توافر حسن الإدارة من قبل السلطة الرئاسية التي تشرف على الطاعن قد أسهم في واقع ما وقع من مخالفات عديدة وجسيمة فيه وهذا الخلل في حسن إدارة... المرفق يعتبر ظرفاً من الظروف الموضوعية الملابسة للوقائع محل الاتهام والتي ينبغي مراعاة قدرها عند تقدير الجزاء التأديبي على العامل.
ومن حيث إنه طبقاً لما سلف بيانه من تحديد لحقيقة ما هو ثابت في حق الطاعن واقعاً وقانوناً من مخالفات تأديبية وبمراعاة الظروف الموضوعية التي ارتكبت فيها تلك المخالفات وبصفة خاصة ما هو ثابت من خلل في حسن إدارة المرفق العام الذي يخدم فيه فإن المحكمة تقدر أن الجزاء المناسب للطاعن هو خصم أجر المستحق عن مدة شهر.
وحيث إن هذا الطعن معفى من الرسوم طبقاً لأحكام المادة (90) من القانون رقم (47) لسنة 1978 سالف الذكر.

فلهذه الأسباب

 

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبمجازة الطاعن بخصم أجره المستحق عن شهر واحد.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 27 مشاهدة
نشرت فى 21 إبريل 2020 بواسطة basune1

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

5,119,725

الموقع الخاص بالاستاذ/ البسيونى محمود ابوعبده المحامى بالنقض والدستوريه العليا

basune1
المستشار/ البسيونى محمود أبوعبده المحامى بالنقض والدستورية العليا استشارات قانونية -جميع الصيغ القانونية-وصيغ العقود والمذكرات القانونية وجميع مذكرات النقض -المدنى- الجنائى-الادارى تليفون01277960502 -01273665051 العنوان المحله الكبرى 15 شارع الحنفى - الإسكندرية ميامى شارع خيرت الغندور من شارع خالد ابن الوليد »