المخالفات التأديبية المتعلقة بالعاملين على السفن التجارية القانون رقم 38 لسنة 1982 في شأن المؤهلات وإعداد الربابنة وضباط الملاحة والمهندسين البحريين.
الحكم كاملاً
مجلس الدولة - المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية والأربعون - الجزء الثاني (من أول مارس سنة 1997 إلى آخر سبتمبر1997) - صــ1347
(140)
جلسة 15 من يوليو سنة 1997
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حنا ناشد مينا حنا - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: فاروق على عبد القادر, وعلى فكرى حسن صالح, ود. حمدي محمد أمين الوكيل, ومحمد إبراهيم قشطه - نواب رئيس مجلس الدولة.
الطعن رقم 3133 لسنة 38 قضائية عليا
اختصاص - ما يخرج عن اختصاص المحاكم التأديبية - المخالفات التأديبية المتعلقة بالعاملين على السفن التجارية.
القانون رقم 38 لسنة 1982 في شأن المؤهلات وإعداد الربابنة وضباط الملاحة والمهندسين البحريين، قانون التجارة البحرية رقم 8 لسنة 1990، القانون رقم 167 لسنة 1961 في شأن الأمن والنظام والتأديب في السفن.
المحكمة الدستورية العليا قضت بخروج المنازعات التأديبية المتعلقة بالعاملين على السفن التجارية عن ولاية المحاكم التأديبية ودخولها ولاية القضاء العادي، وذلك تأسيساً على أن المشرع نظم أوضاع رجال البحر والبحارة على وجه يكفل انضباطهم وضمان طاعتهم لآراء رؤسائهم، كما حرص على ضمان تأهيل المسئولين عن السفن تأهيلاً فنياً كافياً - القانون خول ربان السفينة في مواجهة الأشخاص الموجودين بها السلطة التي يقتضيها ضبط نظامها وأمنها وسلامة الرحلة البحرية دون ما تفرقة بين السفن من حيث ملكيتها وطبيعة العلاقة التي يكون البحار مرتبطاً بها قبل تعلق عمله بخدمة السفينة - المشرع نظم عقد العمل الخاص باعتباره من عقود القانون الخاص الأمر الذي يقتضى عدم سريان أحكام التأديب الواردة بالقانون رقم 48 لسنة 1978 بشأن نظام العاملين بالقطاع العام على المخالفات التي تقع من البحارة الذين يعملون على أحد السفن التي تحمل جنسية جمهورية مصر العربية ويستوجب سريان أحكام القانون رقم 167 لسنة 1961 بشأن الأمن والنظام والتأديب في السفن على تلك المخالفات - أثر ذلك - أن الجهة القضائية المختصة بنظر تلك المنازعات هي جهة القضاء العادي - تطبيق.
إجراءات الطعن
بتاريخ 8/7/1992 - أودع الأستاذ/................. المحامى نيابة عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً قيد برقم 3133 لسنة 38 ق وذلك طعناً على الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بالإسكندرية بجلسة 9/5/1992 في الطعن رقم 235 لسنة 33 ق الذي قضى برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الطعن وباختصاصها ورفض الدفع بعدم قبول الطعن لرفعه بعد الميعاد وبقبوله شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من مجازاة المطعون ضده بخصم شهر من راتبه وببطلان تحميله بما يعادل 500 فلورين هولندي مع ما يترتب على ذلك من آثار، وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم له بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض الطعن رقم 235 لسنة 33 وإلزام المطعون ضده المصروفات، وقد أعلن الطعن للمطعون ضده على الوجه المبين بالأوراق، وبعد تحضير الطعن أعدت هيئة مفوضي الدولة تقريراً في موضوعه انتهى لأسبابه إلى قبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً، وقد نظرت دائرة فحص الطعون بالدائرة الثالثة بالمحكمة الإدارية العليا الطعن على الوجه المبين بمحاضر الجلسات وبجلسة 5/6/1996 قررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة موضوع) وحددت لنظره أمامها جلسة 30/7/1996، وقد نظرت الدائرة الأخيرة الطعن على الوجه المبين بمحاضر الجلسات إلى أن قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه قد صدر بجلسة 9/5/1992 وكان الطعن أقيم في 8/7/1992 فإنه يكون مقام خلال الميعاد المحدد بالمادة 44 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 للطعن أمام المحكمة الإدارية العليا وإذ استوفى الطعن سائر أوضاعه الشكلية فانه يكون مقبول شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص وفقاً للثابت بالأوراق في أنه بتاريخ 7/2/1991 - أقام المطعون ضده الطعن التأديبي رقم 235 لسنة 33 ق أمام المحكمة التأديبية بالإسكندرية للحكم له أصلياً بسقوط الإجراءات التأديبية المتخذة ضده بمضي سنة من تاريخ علم رئيسه المباشر بالمخالفة، واحتياطياً بإلغاء القرار رقم 1487 لسنة 1990 الصادر في 9/12/1990 بمجازاته بخصم شهر من راتبه وتحميله بقيمة الغرامة الموقعة على السفينة مريوط وأوضح المطعون ضده أنه يشغل وظيفة كبير مهندسين بحريين وأثناء رسو السفينة مريوط المعين بطاقمها بميناء روتردام الهولندي طلبه بوليس الميناء لمعاينة بقعة زيت اشتبه في خروجها من السفينة وبعد اقتناع السلطات المختصة بالميناء بعدم صدور البقعة من السفينة صرح لها بالإبحار دون أية إجراءات خاصة، وبعد أن عادت السفينة إلى الوطن في شهر يونيه سنة 1989 وفى أعقاب عودته من رحلة أخرى في 3/9/1990 اكتشفت وجود خصم من مرتبه خلال الفترة من مارس 1990 حتى سبتمبر سنة 1990 مقداره 707 جنيه وتبين أن سببه يرجع إلى صدور حكم من محكمة روتردام بهولندا بإدانته في واقعة تسرب الزيت - سالفة الذكر وأن الغرامة التي قضى بها الحكم خصمت من مرتبه، وفى 9/12/1990 فوجئ بصدور القرار رقم 1487 من رئيس مجلس إدارة الشركة بمجازاته بخصم شهر من راتبه لعدم مباشرته الاختصاصات اللازمة لحسن سير العمل أثناء رحلة الباخرة، وأضاف المطعون ضده أنه تظلم من هذا القرار في 22/12/1990 وأن الشركة حفظت تظلمه في 10/1/1991، وقد دفعت الشركة أثناء المرافعة بعدم اختصاص المحكمة وبعدم قبول الطعن التأديبي شكلاً لرفعه بعد الميعاد، وبجلسة 9/5/1992 - أصدرت المحكمة الحكم المطعون فيه برفض الدفعيين وبإلغاء قرار الجزاء وبطلان التحميل بمبلغ الغرامة، واستندت في رفض الدفع بعدم الاختصاص إلى أنها تختص بنظر الطعون التي ترفع من العاملين على السفن إذا لم تندرج مخالفاتهم ضمن المخالفات الانضباطية التي حددتها المادة الثانية من القانون رقم 167 لسنة 1960 في شأن الأمن والنظام والتأديب على السفن والتي تختص بتوقيع الجزاءات عنها جهات إدارية حددتها المادة الرابعة من هذا القانون، وإذا لم تندرج في عداد المخالفات الفنية التي يترتب عليها وقوع حادث بحري والتي تختص بنظرها مجالس التأديب طبقاً لنص المادة السادسة من القانون المشار إليه، وأن المخالفة المنسوبة للمطعون ضده وهى عدم مباشرته لاختصاصاته اللازمة لحسن سير العمل على السفينة مريوط أثناء الرحلة (3 ع) لا تندرج في عداد أي من نوعى المخالفات السالف بيانها الأمر الذي يقتضى اختصاص المحكمة التأديبية بنظر الطعن طبقاً لحكم البند 13 من المادة 10 وحكم المادة 15 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 كما استندت المحكمة في رفض الدفع بعدم قبول الطعن إلى أن القرار المطعون فيه صدر في 26/11/1990 وأن المطعون ضده تظلم منه في 25/12/1990 ثم أقام طعنه التأديبي في 7/2/1991 خلال الميعاد المحدد قانوناً لإقامته، ورفضت المحكمة في أسباب حكمها طلب الحكم بسقوط الدعوى التأديبية لمضى سنتين من تاريخ علم الرئيس المباشر بوقوع المخالفة استناداً إلى نص المادة 93 من قانون العاملين بالقطاع العام رقم 48 لسنة 1978 ولأن رباب السفينة وهو الرئيس المباشر للمطعون ضده لم يعلم بحدوث المخالفة المنسوبة للمطعون ضده حال وقوعها في 22/5/89 ولأن الثابت بأقوال الربان في التحقيق أنه بعد يومين من اتهام السلطات الهولندية السفينة بأحداث التلوث حضر وكيل الشركة وأخبره بأن موضوع التلوث قد انتهى، ولأن مخالفة التلوث المنسوبة للمطعون ضده لم يعلم بها أحد من المسئولين بالشركة إلا بعد أن أخطرهم وكيل الشركة بهولندا في 21/12/1989 بسداده مبلغ 500 فلورين هولندي قيمة الغرامة المحكوم بها ضد الشركة ولأن التحقيق الذي أجرته الشركة مع المطعون ضده بدأ في 21/8/1990 قبل مضى عام من تاريخ علم الشركة بالتلوث كما صدر القرار بمجازاته في 16/11/1990، واستند الحكم في قضائه بإلغاء قرار الجزاء إلى أن الأوراق والتحقيقات المودعة ملف الطعن خلت من دليل يفيد ارتكاب المطعون ضده المخالفة المنسوبة إليه، وأن توقيع عقوبة الغرامة على الشركة بالحكم الصادر من المحكمة الهولندية لا يعد دليلاً على ارتكاب المطعون ضده تلك المخالفة، وأن الشركة افترضت مسئوليته عن واقعة التلوث باعتباره كبير المهندسين والمسئول الفني عن السفينة، وأن هذا الافتراض لا يصح في مجال المسئولية التأديبية، وأن ذلك يستتبع بطلان تحميله بقيمة الغرامة التي حكمت بها المحكمة الهولندية.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن المحكمة التأديبية لا تختص بنظر الطعن المقام أمامها من المطعون ضده لأنه يعد من العاملين على السفن التجارية البحرية ولا يخضع لأحكام قانون العاملين بالقطاع العام رقم 48 لسنة 1978 وإنما يخضع لقانون عقد العمل البحري وقانون التجارة البحري والقانون رقم 167 لسنة 1960 الخاص بالتأديب، وأنه يعتبر من العاملين الخاضعين لكادر خاص , وأن قانون مجلس الدولة يسري فقط على العاملين الخاضعين لأحكام القانون رقم 47 لسنة 1978 وأحكام القانون رقم 48 لسنة 1978، وأن طعن المطعون ضده أمام المحكمة التأديبية غير مقبول شكلاً - لصدور قرار الجزاء في 9/12/90 ولتقديم التظلم فيه في 25/12/1990 ولإقامة الطعن أمام المحكمة التأديبية بعد الميعاد المحدد في قانون مجلس الدولة في 17/8/1991، وأن قرار الجزاء التأديبي قام على سببه لأن المطعون ضده بصفته كبيراً للمهندسين ورئيساً لقسم الماكينات على السفينة أحدث تلوثاً بميناء روتردام في 22/5/1989 مما أدى إلى الحكم على الشركة بالغرامة سالفة الذكر ولأن المطعون ضده لم يثبت عدم مسئوليته عما أصاب الميناء الأجنبي من تلوث.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بدفع الطاعن بعدم اختصاص المحاكم التأديبية بنظر طعون أفراد أطقم السفن التجارية البحرية فأنه لما كانت المحكمة الدستورية العليا قد قضت في حكمها الصادر 21/1/95 في الدعوى رقم 4 لسنة 94 تنازع بخروج المنازعات التأديبية المتعلقة بالعاملين على السفن التجارية عن ولاية المحاكم التأديبية ودخولها ولاية القضاء العادي وذلك تأسيساً على أن المشرع ينظم أوضاع رجال البحر والبحارة على وجه يكفل انضباطهم وضمان طاعتهم لآراء رؤسائهم، كما حرص على ضمان تأهيل المسئولين عن السفن تأهيلاً فنياً كافياً وذلك بالقانون رقم 38 لسنة 1982 في شأن المؤهلات وإعداد الربابنة وضباط الملاحة والمهندسين البحريين الذي فصل الشهادات البحرية اللازمة لإدارة السفينة والسيطرة على آلاتها وصيانتها، كما أن قانون التجارة البحرية رقم 8 لسنة 1990 نص صراحة في المادة الأولى من مواد إصداره على أن يعمل بالأحكام التي تضمنها دون إخلال بالقوانين الخاصة وأن المادة الأولى من القانون رقم 167 لسنة 1960 في شأن الأمن والنظام والتأديب في السفن خولت ربان السفينة في مواجهة الأشخاص الموجودين بها السلطة التي يقتضيها ضبط نظامها وأمنها وسلامة الرحلة البحرية دون ما تفرقه بين السفن من حيث ملكيتها وطبيعة العلاقة التي يكون البحار مرتبطاً بها قبل تعلق عمله بخدمة السفينة وأن المشرع نظم في المواد (113) إلى 134 من قانون التجارة البحرية عقد العمل البحري باعتباره من عقود القانون الخاص، الأمر الذي يقتضى عدم سريان أحكام التأديب الواردة بالقانون رقم 48 لسنة 1978 بشأن نظام العاملين بالقطاع العام على المخالفات التي تقع من البحارة الذين يعملون على إحدى السفن التي تحمل جنسية جمهورية مصر العربية ويستوجب سريان الأحكام الواردة بالقانون رقم 167 لسنة 1961 بشأن الأمن والنظام والتأديب في السفن على تلك المخالفات وذلك إعمالاً للقاعدة الأصولية التي توجب تقيد العام بالخاص.
ومن حيث إنه بناء على ما تقدم فانه لما كانت المخالفة المنسوبة للمطعون ضده قد وقعت أثناء عمله على ظهر السفينة مريوط ونسبت إليه بوصفه كبيراً للمهندسين ورئيساً لقسم الماكينات بالسفينة التجارية مريوط، فان القانون رقم 167 لسنة 1960 سالف الذكر يكون هو القانون الواجب التطبيق على المنازعة التأديبية التي تثيرها تلك المخالفة دون القانون رقم 48 لسنة 1978 وتكون الجهة القضائية المختصة بنظر تلك المنازعة هي جهة القضاء العادي، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب فانه يكون قد خالف حكم القانون الأمر الذي يستوجب الحكم بإلغائه.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم اختصاص المحكمة التأديبية بنظر الطعن رقم 235 لسنة 33ق - وإحالته إلى محكمة الإسكندرية الابتدائية للاختصاص
ساحة النقاش