القاعدة أن العبرة في تحديد اختصاص المحكمة التأديبية بالمستوى الوظيفي للعامل وقت تقديمه للمحاكمة وإقامة الدعوى التأديبية ضده.
الحكم كاملاً
مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة والثلاثون - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1991 إلى آخر فبراير سنة 1992) - صـ 504
(50)
جلسة 28 من ديسمبر سنة 1991
برئاسة السيد المستشار/ د عبد المنعم جيرة - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ رأفت محمد يوسف ومحمد مجدي محمد خليل وأحمد إبراهيم عبد العزيز ومحمد عزت السيد - (نواب رئيس المجلس).
الطعن رقم 319 لسنة 37 القضائية
المحكمة التأديبية - ما يخرج عن اختصاصها - صيرورة المحال عضواً بهيئة التدريس بإحدى الجامعات.
المادة (17) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972. القاعدة أن العبرة في تحديد اختصاص المحكمة التأديبية بالمستوى الوظيفي للعامل وقت تقديمه للمحاكمة وإقامة الدعوى التأديبية ضده - مؤدى ذلك: أن نقل العامل إلى مستوى وظيفي مغاير بعد تقديمه للمحاكمة لا يؤثر في ولاية المحكمة التأديبية واستمرارها في نظر الدعوى - يستثنى من هذه القاعدة حالة نقل العامل إلى جهة يختلف فيها نظام التأديب كما هو الحال إذا نقل عضواً بهيئة التدريس بإحدى الجامعات - عندئذ ينعقد الاختصاص للسلطة التأديبية المختصة بالجامعة - أساس ذلك: أن نقل العامل إلى جهة ذات نظام تأديبي مغاير من شأنه أن ينشئ له مركزاً قانونياً جديداً مغايراً لمركزه الوظيفي السابق – تطبيق[(1)]
إجراءات الطعن
في يوم الثلاثاء الموافق 25/ 12/ 1990 أودع الأستاذ/ محمد عبد المجيد الشاذلي المحامي بصفته وكيلاً عن الدكتور........ قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 319 لسنة 37 ق في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بطنطا بجلسة 18/ 11/ 1990 في الدعوى رقم 1034 لسنة 17 ق المقامة من النيابة الإدارية ضد الطاعن والقاضي بمجازاته بالوقف عن العمل لمدة ثلاثة أشهر مع صرف نصف الأجر.
وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه فيما قضى به من بمجازاة الطاعن بعقوبة الوقف عن العمل لمدة ثلاثة أشهر مع صرف نصف راتبه وإلغاء الحكم المطعون فيه كلية وما يترتب على ذلك من آثار.
وأعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضده بصفته في 1/ 1/ 1990.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
وحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 27/ 2/ 1991 وتدوول بالجلسات على النحو المبين بالمحاضر وبجلسة 26/ 6/ 1991 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا - الدائرة الرابعة - موضوع وحددت لنظره أمامها جلسة 20/ 7/ 1991 ونظر الطعن أمام هذه المحكمة بتلك الجلسة وبجلسة 26/ 10/ 1991 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يبين من الأوراق في أنه بتاريخ 6/ 11/ 1988 أودعت النيابة الإدارية قلم كتاب المحكمة التأديبية بالمنصورة أوراق الدعوى التي قيدت بسجلات المحكمة تحت رقم 65 لسنة 17 ق وتضمنت هذه الأوراق تقرير اتهام ضد الدكتور....... أخصائي أمراض متوطنة بمستشفى المنزلة من الدرجة الثالثة لأنه في 3/ 7/ 1988 بمقر عمله بدائرة محافظة الدقهلية خرج على مقتضى الواجب الوظيفي وسلك في تصرفاته مسلكاً لا يتفق والاحترام الواجب بأن أرسل خطاباً للسيد رئيس المحكمة التأديبية بالمنصورة ضمنه عبارات غير لائقة تنطوي على إهانة لهيئة المحكمة ورئيسها والسيد الأستاذ/......... رئيس النيابة الإدارية وذلك بسبب صدور حكم تلك المحكمة في الدعوى رقم 4 لسنة 16 ق بمعاقبته بخصم عشرة أيام من راتبه وارتأت النيابة الإدارية أن المخالف يكون قد ارتكب المخالفة الإدارية المنصوص عليها في المادة 76/ 3 من القانون رقم 47 لسنة 1978 بشأن نظام العاملين المدنيين بالدولة المعدل بالقانون رقم 115 لسنة 1983.
وطلبت النيابة المعنية محاكمته طبقاً للمواد 78/ 1، 80، 82 من القانون سالف الذكر والمادة 14 من القانون رقم 117 لسنة 1958 بشأن إعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية المعدل بالقانون رقم 171 لسنة 1981 والمادتين رقمي 15/ 1، 19/ 1 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة المعدل بالقانون رقم 136 لسنة 1984.
وفي 10/ 5/ 1989 صدر قرار السيد المستشار نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحاكم الإدارة والتأديبية رقم 4 لسنة 1989 ويقضي بإحالة الدعوى سالفة الذكر - رقم 65 لسنة 17 ق - والمحدد لنظرها جلسة 20/ 6/ 1989 أمام المحكمة التأديبية بالمنصورة إلى المحكمة التأديبية بطنطا لنظرها بجلسة 25/ 6/ 1989 وذلك بناء على كتاب السيد المستشار رئيس المحكمة التأديبية بالمنصورة المؤرخ 2/ 5/ 1989 بشأن وجود مانع لدى هيئة المحكمة من نظر الدعوى رقم 65 لسنة 17 ق.
وأحيلت أوراق الدعوى التأديبية المنوه عنها إلى المحكمة التأديبية بطنطا حيث قيدت بسجلاتها تحت رقم 1034 لسنة 17 ق - وفي 18/ 11/ 1990 أصدرت هذه المحكمة حكمها في الدعوى ويقضي بمجازاة........ بالوقف عن العمل لمدة ثلاثة أشهر مع صرف نصف الأجر وأقامت المحكمة قضاءها على ثبوت الاتهام المسند إلى المتهم....... ثبوتاً يقينياً في حقه واعترافه في التحقيقات مما يتعين معه توقيع أقصى العقوبات عليه لجرأته وتطاوله على هيئة المحكمة التأديبية بالمنصورة ورئيسها وكذلك رئيس النيابة الإدارية بالمنصورة إلا أن المحكمة تضع في اعتبارها عند تقديرها الجزاء ما قرره المتهم أمام المحكمة التأديبية بالمنصورة في الدعوى بمحضر جلسة 19/ 3/ 1989 من أنه لا يقصد إهانة هيئة المحكمة والنيابة الإدارية وأنه يعتذر مما بدر منه إذ في تراجعه واعتذاره ما يدعو المحكمة إلى تخفيف الجزاء عما كان يتعين مجازاته به لو أنه أصر على موقفه وعناده.
ومن حيث إن مبنى الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وتأويله وصدور الحكم غصباً لسلطة مجلس تأديب أعضاء هيئة التدريس بجامعة المنيا ذلك إنه في الحكم الماثل ولو أن تقرير الاتهام كان قد أودع كتاب المحكمة التأديبية قبل أن يضحى الطاعن عضو هيئة التدريس فمن ثم فلا غبار على إجراء التحقيق معه بمعرفة النيابة الإدارية وهذا التحقيق يتفق وصحيح حكم القانون بيد أنه وقد عين الطاعن مدرساً في ديسمبر سنة 1988 فمن ثم فإن محاكمته تصبح من اختصاص مجلس تأديب أعضاء هيئة التدريس عملاً بحكم المادة (109) من قانون تنظيم الجامعات وينحسر الاختصاص بهذه المحاكمة عن المحكمة التأديبية - ولو جاوزنا هذا القرار وسلمنا باختصاص المحكمة التأديبية وهو ما لا يتفق وصحيح حكم القانون فإن المحكمة التأديبية تلتزم طبقاً لنص المادة (19) من قانون تنظيم مجلس الدولة بألا تخرج عن الجزاءات المنصوص عليها في قانون تنظيم الجامعات حصراً في المادة (110) وإذ نص الحكم المطعون فيه بتوقيع عقوبة الوقف مع صرف نصف المرتب لمدة ثلاثة أشهر فيكون قد قضى بعقوبة غير منصوص عليها بالنسبة للطاعن.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن النيابة الإدارية كانت قد انتهت في مذكرتها المؤرخة 13/ 9/ 1987 إلى إحالة الطاعن الذي يعمل طبيباً بمستشفى المنزلة العام إلى المحاكمة التأديبية لأنه خلال عام 1987 ثبت في حقه أنه ادعى على غير سند من الحقيقة أو الواقع ببرقياته التلغرافية المرسلة منه إلى كل من السيد رئيس الجمهورية والسيد رئيس مجلس الوزراء والسيد وزير الصحة واتهم مدير الشئون الصحية بالدقهلية بإهدار القانون والاعتداء على حقه وتعريض حياة المواطنين للخطر - وقيدت الأوراق في المحكمة التأديبية بالمنصورة تحت رقم 4 لسنة 16 ق - وفي 28/ 2/ 1988 حكمت المحكمة المعنية بمجازاة الطاعن بخصم عشرة أيام من راتبه وفي 3/ 7/ 1988 وصل خطاب من الطاعن إلى السيد رئيس المحكمة التأديبية بالمنصورة وقد أقر الطاعن بتحريره هذا الخطاب والتوقيع عليه - تضمن عبارات غير لائقة تمس هيئة المحكمة وأيضاً رئيس النيابة الإدارية بالمنصورة - حيث ذكر ما نصه "وكان بودي أن أكون واحداً من الناس الذين يحمدون للقضاء المصري أمانته ونزاهته لولا ذلك الموقف المزعوم الذي وقفته مني النيابة الإدارية بالمنصورة وجرت على هواها محكمتكم وهيئتها التي هان عليها أمر العدل وضربت بذلك مثلاً لا يحتذى حينما أصدرت حكماً نهائياً في قضية لم تقرأ مستنداتها أو لم تفهم ما جاء فيها فكان بذلك الظلم والهوان" واستطرد الطاعن قائلاً: أن السيد/....... وكيل النيابة لسلوكياته أثناء التحقيق وتضليله في الادعاء ورفضه لمناقشة أوراقي يعتبر عدواً للشعب. ثم أضاف الطاعن قائلاً "أولاً: إنني صاحب حق وحقي ثابت بين أوراقي التي لم تقرءوها وأن الظلم مازال قائماً حتى اليوم 14/ 5/ 1988 ثانياً: إن الحكم الجائر صدر عن محكمة غير متخصصة: ثالثاً: إن هيئة المحكمة كانت برئاسة مستشار فماذا بعد ذلك من هوان. يا سيادة المستشار كيف بكم تستقبلون ربكم وأنتم تحملون على أكتافكم ظلم العباد" وقد أحال السيد المستشار رئيس المحكمة التأديبية بالمنصورة هذا الخطاب إلى النيابة الإدارية للتحقيق فيما تضمنه من ألفاظ خارجة ضد هيئة المحكمة والنيابة الإدارية وقامت الجهة الأخيرة بالتحقيق مع الطاعن الذي أقر بصدور الخطاب عنه بناء عليه قدمته للمحاكمة وصدر في شأنه الحكم المطعون فيه من المحكمة التأديبية بطنطا بتاريخ 18/ 11/ 1990 في الدعوى التأديبية رقم 1034 لسنة 17 ق.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق ومن الصورة طبق الأصل من قرار رئيس جامعة المنيا رقم 590 بتاريخ 30/ 11/ 1988 أن الطاعن قد عين في وظيفة مدرس بقسم المجتمع والبيئة وطب الصناعات بكلية الطب جامعة المنيا اعتباراً من 29/ 11/ 1988 تاريخ موافقة مجلس الجامعة على هذا التعيين.
ومن حيث إنه ولئن كانت القاعدة المقررة التي نصت عليها صراحة المادة 17 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة تقضي بأن العبرة في تحديد المحكمة التأديبية المختصة بالمستوى الوظيفي للعامل وقت تقديمه للمحاكمة وإقامة الدعوى التأديبية ضده، مؤدى ذلك أن نقل العامل إلى مستوى وظيفي مخالف بعد تقديمه للمحاكمة لا يؤثر في ولاية المحكمة التأديبية في الاستمرار في نظر الدعوى التأديبية، وكان من المقرر أيضاً أن توقيع الجزاء التأديبي في النصاب المقرر للسلطة الرئاسية يدخل في اختصاص الجهة الإدارية التي وقعت فيها المخالفة والتي كان العامل يتبعها وقت ارتكابها ولا يغير من هذه القاعدة نقل العامل إلى جهة أخرى إلا إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أنه يستثنى من تلك القواعد حالة نقل العامل إلى جهة يختلف فيها نظام التأديب كلية إذ في تلك الحالة ينعقد الاختصاص للجهة المنقول إليها ومرد هذا الاستثناء أن نقل العامل إلى جهة ذات نظام تأديبي مغاير من شأنه أن ينشئ له مركزاً قانونياً جديداً مغايراً لمركزه السابق وبذلك ينعقد الاختصاص بمساءلته تأديبياً للسلطة التأديبية طبقاً للنظام التأديبي على العاملين بالجهة المنقول إليها.
ومن حيث إنه وقد عين الطاعن في وظيفة مدرس بالجامعة أثناء محاكمته تأديبياً وقبل صدور الحكم التأديبي عليه ومن ثم تنحسر ولاية المحاكم التأديبية عن النظر في الدعوى التأديبية المقامة ضده وتنعقد الولاية بنظر تلك الدعوى لمجلس التأديب المختص بالنظر في الدعاوى التأديبية لأعضاء هيئة التدريس بالجامعة طبقاً لنص المادة 109 من قانون تنظيم الجامعات ويكون استمرار المحكمة التأديبية في نظر الدعوى التأديبية ضد الطاعن رغم تغير مركزه الوظيفي وخضوعه لنظام تأديبي مغاير وقيام المحكمة تبعاً لذلك بتوقيع الجزاء التأديبي عليه فيه مخالفة صارخة لقواعد توزيع الولاية مما يصم الحكم المطعون فيه بالبطلان ويجعله خليقاً بالإلغاء دون أن يؤثر ذلك على حق الإدارة في إحالة الطاعن إلى مجلس التأديب المختص لإجراء محاكمته تأديبياً على ما هو منسوب إليه وتوقيع الجزاء التأديبي.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه.
[(1)] المبدأ الوارد بالحكم ينطوي على استثناء من قاعدة أخرى هي أن توقيع الجزاء التأديبي يدخل في اختصاص الجهة الإدارية التي وقعت فيها المخالفة والتي كان العامل يتبعها وقت ارتكابها - في هذه الحالة ينعقد الاختصاص للجهة المنقول إليها ما دام المشرع قد أخضع العاملين بها لنظام تأديبي مغاير.
ساحة النقاش