يتحدد اختصاص المحاكم التأديبية بالجزاءات الصريحة المحددة في القانون على سبيل الحصر - القرار الصادر بتنحية الطاعن عن رئاسة قسم الطب الطبيعي هو قرار إداري وليس جزءاً تأديبياً - أثر ذلك: عدم اختصاص المحاكم التأديبية بالطعن عليه .
الحكم كاملاً
مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثامنة والثلاثون - الجزء الثاني (من أول مارس سنة 1993 إلى آخر سبتمبر سنة 1993) - صـ 912
(95)
جلسة 10 من إبريل سنة 1993
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد محمود الدكروري - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ محمد مجدي محمد خليل وعويس عبد الوهاب عويس وعلي عوض محمد صالح وحسنى سيد محمد - نواب رئيس مجلس الدولة.
الطعن رقم 196 لسنة 37 القضائية
اختصاص - ما يخرج عن اختصاص المحاكم التأديبية - قرار تنحية عضو هيئة تدريس بالجامعة عن رئاسة القسم.
المادتان 72، 74 من القانون رقم 103 لسنة 1961 بشأن إعادة تنظيم الأزهر.
يتحدد اختصاص المحاكم التأديبية بالجزاءات الصريحة المحددة في القانون على سبيل الحصر - القرار الصادر بتنحية الطاعن عن رئاسة قسم الطب الطبيعي هو قرار إداري وليس جزءاً تأديبياً - أثر ذلك: عدم اختصاص المحاكم التأديبية بالطعن عليه - لا يغير من ذلك ما أثاره الطاعن من وجود ارتباط غير قابل للتجزئة بالقرار الصادر بمجازاته بعقوبة اللوم وقيام القرارين على أسباب واحدة - أساس ذلك: إن الارتباط بفرض وجوده لا يصلح سند للافتئات على قواعد الاختصاص الوظيفي لمحاكم مجلس الدولة - لكل محكمة ولاية مناطها موضوع المنازعة بصرف النظر عن الأسباب والدواعي المتصلة بها - تختص محكمة القضاء الإداري بالطعن على القرار المشار إليه - تطبيق.
إجراءات الطعن
في يوم السبت الموافق 1/ 12/ 1990 أودع الأستاذ/ سعد أبو عوف المحامي بصفته وكيلاً عن الدكتور........ بتوكيل رسمي عام رقم 4245/ أ 1985 توثيق الوايلي قلم كتاب الحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد برقم 196 لسنة 37 ق عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة الجزاءات) بجلسة 29/ 10/ 1990 في الدعوى رقم 6378 لسنة 39 ق المرفوعة من الطاعن ضد رئيس جامعة الأزهر بصفته والقاضي أولاً: بعدم اختصاصها بنظر طلب إلغاء قرار مجازاة المدعي بعقوبة اللوم وأمرت بإحالته إلى المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا بالقاهرة للاختصاص مع إبقاء الفصل في المصروفات عن هذا الطلب، ثانياً: بقبول الدعوى شكلاً بالنسبة لطلب إلغاء قرار تنحية المدعي عن رئاسة قسم الطب الطبيعي بكلية الطب جامعة الأزهر رقم 69 لسنة 1985 ورفضها موضوعاً مع إلزام المدعي بمصروفات هذا الطلب.
وطلب الطاعن للأسباب الواردة في التقرير الحكم أصلياً بإلغاء الحكم المطعون فيه بشقيه وبإحالة الدعوى برمتها إلى المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا للفصل في طلب إلغاء القرارين المطعون فيهما واحتياطياً بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضي به من رفض طلب إلغاء القرار الصادر بتنحيه الطاعن عن رئاسة قسم الطب الطبيعي وبإلغاء القرار المذكور مع إلزام المطعون ضده المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقد أعلن تقرير الطعن للمطعون ضده بتاريخ 17/ 12/ 1990.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني خلصت فيه إلى قبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً مع إلزام الطاعن المصروفات وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 23/ 12/ 1991 وتدوول نظره على النحو المبين بالمحاضر وبجلسة 8/ 6/ 1992 قررت الدائرة إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثانية) التي نظرته بجلسة 4/ 7/ 1992 وبالجلسات التالية حيث قدم الحاضر عن المطعون ضده بجلسة 2/ 1/ 1993 مذكرة بدفاعه وحافظة مستندات وبذات الجلسة دفع الحاضر مع الطاعن ببطلان التحقيقات التي أجريت مع الطاعن وبالتالي بطلان القرار الذي صدر بناء على هذه التحقيقات وبعد أن استمعت المحكمة إلى ما رأت لزوماً له من إيضاحات ذوي الشأن قررت إصدار الحكم بجلسة 20/ 2/ 1993 مع التصريح بالاطلاع وتقديم مذكرات خلال أسبوعين. وخلال الأجل قدم كل من الطرفين مذكرة بدفاعه وفي الجلسة المشار إليها قررت المحكمة إرجاء إصدار الحكم لجلسة 6/ 3/ 1993 ثم مدت أجل النطق به لجلسة اليوم حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة عن أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية فإنه يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن الوقائع تتلخص - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن في أن الطاعن أقام في 10/ 9/ 1985 الدعوى رقم 6378 لسنة 39 ق أمام محكمة القضاء الإداري (دائرة الجزاءات) ضد رئيس جامعة الأزهر بصفته وعميد كلية طب الأزهر بصفته طالباً الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار رئيس جامعة الأزهر رقم 69 لسنة 1985 بتنحيته عن رئاسة قسم الطب الطبيعي وكذلك إلغاء الأمر التنفيذي رقم 17 لسنة 1985 المؤرخ في 21/ 5/ 1985 الصادر من مدير عام الشئون الإدارية بجامعة الأزهر بتوقيع عقوبة اللوم عليه مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجامعة المصروفات، وقال شرحاً لدعواه أن الجامعة أصدرت القرار المشار إليه استناداً إلى أنه ارتكب عدة مخالفات هي سفرة كمرافق للزوجة مع ثبوت صورية العقد الذي حصلت عليه الزوجة وعدم حصوله على موافقة الجامعة للعمل بجهة أجنبية أو تصريح من الجهة المختصة واتفاقه مع آخرين على تقليد توقيعه واستخدام خاتمه في التوقيع على أوراق رسمية متعلقة بسير العمل بالقسم وارتكابه أفعالاً تخل بالقيم والمثل الجامعية حسبما أجمع على ذلك الشهود وسفره إلى السعودية بدون موافقة الجامعة في الفترة من 4/ 12/ 1984 حتى 5/ 1/ 1985.
وأضاف المدعي أنه تظلم من هذا القرار في 8/ 7/ 1985 إلا أن الجامعة رفضت تظلمه لذلك أقام دعواه مستنداً في طلبه إلغاء القرار المطعون فيه على ما يلي:
1 - بطلان القرار لقيامه على أسباب غير صحيحة ومخالفة للواقع وبناء على تحقيق قاصر.
2 - بطلان قرار تعين الدكتور....... عميد الكلية رئيساً للقسم لمخالفة هذا القرار لنص المادة 56 من القانون رقم 49 لسنة 1972 التي تحظر الجمع بين عمادة الكلية ورئاسة القسم.
3 - بطلان قرار التنحية لمخالفته المادة 57 من القانون رقم 49 لسنة 1972 لعدم ثبوت أي إخلال بواجباته الوظيفية أو إهمال أو تقصير وبذلك يكون القرار مخالفاً للقانون.
وردت الجامعة على الدعوى بمذكرة تناولت التعقيب على طلبات المدعي وانتهت فيها إلى أنها تتمسك بما جاء بمذكرة المستشار القانوني للجامعة المقدمة بمحافظة المستندات بجلسة 11/ 2/ 1985 وطلبت رفض الدعوى.
وبجلسة 29/ 10/ 1990 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه والمشار إليه بصدر هذا الحكم وشيدت قضاءها بالنسبة للشق الأول من الحكم الخاص بعدم اختصاصها. بنظر الطعن على قرار مجازاة المدعي بعقوبة اللوم على أن هذا القرار يعتبر جزاءً صريحاً وفقاً للجزاءات - المحددة في قانون جامعة الأزهر رقم 103 لسنة 1961 ومن ثم فإن الاختصاص بنظره ينعقد للمحاكم التأديبية باعتباره القضاء المختص بنظر الطعون في الجزاءات التأديبية وبالنسبة للشق الثاني من الحكم المطعون فيه والخاص بطلب إلغاء قرار تنحية المدعي عن رئاسة قسم الطب الطبيعي بكلية الطب فإن هذا القرار الصادر في 13/ 5/ 1985 استناداً إلى نص المادة 141 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 103 لسنة 1961 بشأن إعادة تنظيم الأزهر والمادة 57 من القانون رقم 49 لسنة 1972 بشأن تنظيم الجامعات.
وأشار الحكم إلى أنه تم إجراء تحقيق مع المدعي بمعرفة المستشار القانوني للجامعة لما نسب إليه من العمل بجهة أجنبية دون الحصول على موافقة الجامعة أو تصريح من الجهات المختصة وكذلك سفره إلى المملكة العربية السعودية بدون موافقة الجامعة في الفترة من 4/ 12/ 1984 حتى 5/ 1/ 1985 كما ثبت أنه عمل ذلك بمستشفى الدكتور عرفان العام بجده خلال الفترة من 4/ 2/ 1983 حتى 28/ 6/ 1984 وهو ما يعتبر إخلالاً منه بواجبات وظيفته الجامعية ويكفي ذلك سبباً لتنحيته عن رئاسة قسم الطب الطبيعي استناداً إلى نص المادة 57 من قانون الجامعات وبذلك يكون القرار المطعون فيه قد صدر سليماً قائماً على سببه ويكون طلب الإلغاء في غير محله متعيناً رفضه.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن ذلك الحكم صدر مشوباً بمخالفة القانون والفساد في الاستدلال للأسباب الآتية:
أولاً: عدم جواز تجزئة الدعوى لارتباط القرارين المطعون فيهما ارتباطاً لا يقبل التجزئة لقيامهما على أسباب واحدة ولأن الفصل فيهما يقوم على التحقق من صحة الأسباب التي قاما عليها مما يتعين معه إحالة الطلبين إلى المحكمة التأديبية.
ثانياً: حكم المحكمة برفض طلب إلغاء قرار تنحية الطاعن صدر بغير الثابت في الأوراق لأن مخالفة الطاعن بالعمل لدى جهة أجنبية بدون ترخيص جوزي عنها بعقوبة اللوم فقد كان متعيناً على الحكم المطعون فيه ألا يتصدى لها باعتبار أن ذلك يعتبر اعتداء على سلطة المحكمة التأديبية ويترتب عليه احتمال تعارض الأحكام إذا ما برأته المحكمة التأديبية من هذه المخالفة عند نظرها طلب إلغاء اللوم.
ثالثاً: واقعة العمل لدى جهة أجنبية خلال الفترة من 4/ 2/ 1983 حتى 28/ 6/ 1984 حدثت قبل تعيينه رئيساً لقسم الطب الطبيعي في سبتمبر 1984 والمفروض قانوناً ألا يساءل الطاعن إلا عن الإخلال الذي يقع منه بعد هذا التعيين ومن ثم فما كان يجوز تنحيته عن رئاسة القسم استناداً إلى ذلك.
رابعاً: إن عمل الطاعن في الفترة المشار إليها بمستشفى الدكتور عرفان بجدة كان خلال قيامه بأجازة بدون مرتب مرافقاً لزوجته التي تعمل بالمملكة العربية السعودية ثم مرضت فاضطر إلى العمل هناك لمواجهة تكاليف علاجها في الخارج.
ومن حيث إنه عن الوجه الأول من أوجه الطعن والخاص بارتباط طلبي إلغاء قرار مجازاة الطاعن بعقوبة اللوم وقرار تنحيته عن رئاسة قسم الطب الطبيعي ارتباطاً لا يقبل التجزئة ولقيامهما على أسباب واحدة مما يوجب إحالة الطلبين إلى المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا فإن القانون رقم 103 لسنة 1961 بشأن إعادة تنظيم الأزهر ينص في المادة (72) على أن: العقوبات التأديبية التي يجوز توقيعها على أعضاء هيئة التدريس هي:
1 - الإنذار 2 - توجيه اللوم 3 -.........
وتنص المادة 74 من القانون المشار إليه أن لرئيس الجامعة أن يوجه تنبيهاً..... وله توقيع عقوبتي الإنذار وتوجيه اللوم....... المنصوص عليهما في المادة (72).
ومن حيث إن قضاء المحكمة الإدارية العليا - الهيئة المنصوص عليها في المادة 54 مكرراً من القانون رقم 47 لسنة 1972 معدلاً بالقانون رقم 136 لسنة 1984...... قد انتهى إلى وجوب الالتزام في تحديد اختصاصات المحاكم التأديبية بالجزاءات الصريحة التي حددها القانون على سبيل الحصر وبالتالي ينعقد الاختصاص لهذه المحاكم إذا كان الطعن موجهاً إلى ما وصفه صريح نص القانون بأنه جزاء والتي حددها القانون على سبيل الحصر ولا ينبسط اختصاصها إلى ما عدا هذه الجزاءات التأديبية الصريحة.
ومن حيث إنه متى كان ذلك وكان القرار المطعون فيه رقم 17 لسنة 1985 بتوقيع عقوبة اللوم على الطاعن يتضمن توقيع عقوبة تأديبية من بين العقوبات المنصوص عليها في المادة 73 من القانون رقم 103 لسنة 1961 ومن ثم ينعقد الاختصاص بنظر طلب إلغاء هذا القرار للمحاكم التأديبية المنوط بها قانوناً لنظر الطعن في هذا القرار ولا يتجاوز اختصاصها ذلك ولا يمتد إلى عدا هذا القرار، بينما تختص محكمة القضاء الإداري بنظر الطعن على القرار الثاني رقم 69 لسنة 1985 الصادر بتنحية الطاعن عن رئاسة قسم الطب الطبيعي باعتباره قراراً إدارياً لا يتضمن بذاته جزاء تأديبياً صريحاً وبالتالي لا يدخل في اختصاص المحاكم التأديبية ولا يغير من ذلك ما يثيره الطاعن في أسباب طعنه من ارتباط القرارين ارتباطاً لا يقبل التجزئة لقيامهما على أسباب واحدة ليس ذلك لأن هذا الارتباط بفرض وجوده لا يصلح سنداً للافتئات على قواعد وحدود الاختصاص الوظيفي لمحاكم مجلس الدولة، ومخالفتها، فلكل محكمة ولاية، وكل ولاية مرهونة بمناطها في موضوع المنازعة التي تطرح أمام المحكمة، بصرف النظر عن الأسباب والدواعي التي تتصل بها المنازعة، ولما كان قانون مجلس الدولة يفصل بين اختصاص المحاكم التأديبية واختصاص المحاكم الإدارية ومحكمة القضاء الإداري فإنه لا يجوز لمحكمة القضاء الإداري أن تنظر موضوعاً من اختصاص المحاكم التأديبية كما لا يجوز للمحاكم التأديبية أن تنظر طعناً على قرار لا يشكل عقوبة تأديبية صريحة.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه أخذ بهذا النظر في الشق الأول من قضائه فمن ثم يكون قد صدر صحيحاً ومتفقاً مع أحكام القانون مما يتعين معه الالتفات عن هذا الوجه من أوجه الطعن.
ومن حيث إنه عن باقي أوجه الطعن بالنسبة لما قضى به الحكم المطعون فيه في شقه الثاني فإن الثابت من الاطلاع على القرار المطعون فيه رقم 69 لسنة 1985 أنه صدر بتنحية الطاعن عن رئاسة قسم الطب الطبيعي وكان ذلك لأسباب أشار إليها القرار مضمونها إخلاله بواجباته الجامعية وبمقتضيات مسئولياته الرئاسية على النحو الثابت من التحقيق الذي أجراه المستشار القانوني والمعتمد في 10/ 5/ 1985 وقد صدر هذا القرار وفقاً لنص المادة 57 من قانون تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 1972 المشار إليها وإذ الثابت بالأوراق أن جهة الإدارة وهي بصدد ممارستها اختصاصها المنوط بها في اختيار أفضل العناصر في رئاسة أقسام الطب بكلية طب جامعة الأزهر استخدمت سلطتها بتنحية من الطاعن من رئاسة قسم الطب الطبيعي في ضوء ما توفر إليها من أدلة ومستندات مفادها ومؤداها أن الطاعن سلك سلوكاً معيباً ينطوي على خروج على مقتضيات وظيفته الجامعية ومسئولياته الرئاسية وهذه مسألة يقدرها رئيس الجامعة طالما كان قراره بالتنحية ينبني على أسباب سائغة لها أصل في عيون الأوراق ومؤدية إلى النتيجة التي انتهى إليها القرار الماثل بالأوراق أن الطاعن عمل خلال فترة حصوله على أجازة خاصة لمرافقته زوجته بمستشفى الدكتور عرفان بجدة في الفترة من 4/ 2/ 1983 إلى 28/ 9/ 1984 دون إذن من الجامعة المطعون ضدها كما سافر إلى المملكة العربية السعودية في الفترة من 4/ 12/ 1984 حتى 5/ 1/ 1985 دون إذن من الجامعة ولما كان ذلك ثابتاً على ما هو مبين بالأوراق والمستندات المقدمة من الجامعة وما سلم به الطاعن في سياق صحيفة طعنه وهو ما يشكل إخلالاً منه بواجبات وظيفته الجامعية ويصلح سبباً لتنحيته عن رئاسة قسم الطب الطبيعي وفقاً لنص المادة 57 من قانون تنظيم الجامعات التي تنص على أن "..... يجوز تنحيه رئيس مجلس القسم عن الرئاسة حال إخلاله بواجباته أو بمقتضيات مسئولياته الرئاسية......." ومن ثم يكون القرار المطعون فيه بتنحية الطاعن لما نسب إليه من وقائع قائماً على سببه ومطابقاً للقانون ولا يغير من ذلك ما ساقه الطاعن من أن عمله لدى مستشفى عرفان بجدة دون إذن سابقاً على تعيينه رئيساً للقسم حيث لم تكتشف الجامعة ارتكابه هذه المخالفات وثبوتها في حقه إلا بعد تعيينه وخلال فترة رئاسته للقسم، ولا يجدي في هذا المقام قول الطاعن بأن مجازاته بعقوبة اللوم ثم إصدار قرار تنحيته يعد من قبيل تعدد الجزاء عن ذات المخالفة فذلك مردود بأن مجازاة الطاعن عن المخالفات المنسوبة إليه بعقوبة اللوم لا يغل يد الإدارة أو يسلبها حقها وصلاحياتها في إصدار قرارها بتنحية الطاعن عن رئاسة القسم استناداً لما هو منصوص عليه في القانون رقم 49 لسنة 1972 من أحكام خاصة بهذه المسالة ومستقلة تماماً عن موضوع المسئولية والعقوبات التأديبية إذ لكل منهما مجاله الخاص به ولا يسلب أي منهما حق الإدارة في إصدار قرارها الأخر بما لها من سلطة بمقتضى القانون في الأمرين معاً.
ومن حيث إن ما ذهب إليه الطاعن من بطلان التحقيق الذي أجرى معه لإسناد التحقيق إلى المستشار القانوني لرئيس جامعة الأزهر الذي يعمل في ذلك الوقت عضواً بهيئة تدريس كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر استند في هذا البطلان إلى المادة 67 من القانون رقم 103 لسنة 1961 بإعادة تنظيم الأزهر وهيئاته التي تنص على أنه إذا نسب إلى أحد أعضاء هيئة التدريس بالجامعة ما يوجب التحقيق معه طلب رئيس الجامعة إلى أحد أعضاء هيئة التدريس بإحدى الكليات أو طلب إلى النيابة الإدارية مباشرة التحقيق ويقدم عن التحقيق تقرير إلى رئيس الجامعة وإلى الوزير المختص إذا طلبه ويحيل رئيس الجامعة العضو المحقق معه إلى مجلس التأديب إن رأى محلاً لذلك وهذا الذي ذهب إليه الطاعن في دفعه ببطلان التحقيق، ودون التعريض لمدى سلامته أو القطع فيه، لا شأن له بقرار التنحية المطعون عليه فهو ليس قراراً تأديبياً حتى يتعرض للدفوع والمطاعن الخاصة بأمور التأديب وشئونه، والماثل أن المادة 67 المشار إليها تناول أحكاماً خاصة بأمور التأديب وقد وردت بالقانون رقم 103 لسنة 1961 في القسم الخاص بالتأديب بينما ذلك ليس شأن المادة 57 ولا موقعها وهي التي صدر استناداً لها قرار التنحية، ومن هنا فإن ذلك الدفع لا وجه له مع هذا القرار، ولا تثريب على رئيس الجامعة وهو في سبيل استخدام سلطته التي خولها له القانون في المادة 57 لتنحية رئيس أي قسم إذا تحقق من إخلاله بواجباته الجامعية أو بمقتضيات مسئولياته الرئاسية من أية أدلة أو شواهد تؤدي إلى النتيجة التي خلص إليها وله في سبيل ذلك الأخذ بما ينتهي إليه التحقيق الذي أجرى مع الطاعن أياً كانت صفة من قام به.
ومن حيث إنه ترتيباً على ما تقدم يكون القرار المطعون فيه رقم 69 لسنة 1985 بتنحية الطاعن عن رئاسة قسم الطب الطبيعي قد صدر صحيحاً وفي حدود السلة المقررة لمصدره وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى هذا المذهب فإنه يكون قد أعمل صحيح القانون ويكون الطعن عليه في غير محله خليقاً بالرفض.
ومن حيث إن من خسر الدعوى يتحمل بالمصروفات طبقاً للمادة 184 مرافعات لذا يتعين إلزام الطاعن بها.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الطاعن المصروفات.
ساحة النقاش