اختصاص المحكمة التأديبية بمد مدة الموظف وتقرير صرف أو عدم صرف الباقي من مرتبه - لا يقيده صحة أو بطلان القرار الصادر بالوقف ابتداء - بطلان القرار الصادر بوقف الموظف عن العمل - لا يسلب المحكمة التأديبية اختصاصها.
الحكم كاملاً
مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة عشرة - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1967 إلى منتصف فبراير سنة 1968) - صـ 419
(57)
جلسة 13 من يناير سنة 1968
برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد موسى ومحمد طاهر عبد الحميد ويوسف إبراهيم الشناوي وعباس فهمي محمد بدر - المستشارين.
القضية رقم 727 لسنة 11 القضائية
محكمة تأديبية. "اختصاص". موظف "وقف عن العمل".
اختصاص المحكمة التأديبية بمد مدة الموظف وتقرير صرف أو عدم صرف الباقي من مرتبه - لا يقيده صحة أو بطلان القرار الصادر بالوقف ابتداء - بطلان القرار الصادر بوقف الموظف عن العمل - لا يسلب المحكمة التأديبية اختصاصها.
إن اختصاص المحكمة التأديبية بمد مدة وقف الموظف وتقرير صرف الباقي من مرتبه عن مدة الوقف مرده إلى حكم القانون الذي لم يقيد اختصاصها في هذا الشأن بصحة أو بطلان القرار الصادر من الجهة الإدارية بالوقف ابتداء، إذ أن هذا الأمر هو بذاته المعروض على المحكمة لتصدر حكمها فيه، فيتحدد على مقتضاه مركز الموظف الموقوف عن العمل، والقول بغير ذلك مؤداه أن يظل مركز هذا الموظف معلقاً وهو ما لا يتصور بداهة أن المشرع قد أراده بحال من الأحوال ومن ثم كان يتعين على المحكمة التأديبية أن تقضي في الطلب المعروض عليها موضوعياً بحسب ظروف الحالة المعروضة وملابساتها فتقرر قبول الطلب أو رفضه، لا أن تتسلب من ولايتها وتحكم بعدم اختصاصها بنظره.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من أوراق الطعن أنه بتاريخ 19/ 10/ 1964 أبلغ السيد/ أحمد جلال محمد يوسف سكرتير عام محافظة البحر الأحمر النيابة العامة عن اكتشاف واقعة تزوير واختلاس في إحدى العمليات الحسابية المنوطة بمراجع حسابات المحافظة السيد/ عبد السميع جودة عطية ذكرى - المطعون ضده - وبعد أن باشرت النيابة التحقيق قررت إخلاء سبيل الموظف المذكور وتشكيل لجنة لفحص أعماله من تاريخ تسلمه العمل بالمحافظة وتنفيذاً لهذا الأمر شكلت المحافظة لجنة للقيام بهذه المهمة وكان أن اكتشفت هذه اللجنة وقائع تزوير واختلاس أخرى ارتكبها هذا الموظف حيث بلغ جملة ما اختلس من مبالغ 149 جنيهاً و243 مليماً وعلى ضوء التقرير الذي تضمن هذه الوقائع الجديدة أعادت النيابة استجواب المتهم وأمرت بتاريخ 31/ 12/ 1964 بالقبض عليه وظل محبوساً على ذمة التحقيق حتى أفرج عنه في 28/ 1/ 1965 بضمان مالي قدره خمسون جنيهاً، وكان السيد محافظ البحر الأحمر قد أصدر على أثر اكتشاف الواقعة الأولى قراراً بتاريخ 19/ 10/ 1964 بوقفه عن العمل ولما عرض أمره على المحكمة التأديبية قررت بجلستها المنعقدة في 19/ 1/ 1965 رفض طلب مد مدة وقفه عن العمل واعتبار وقفه منتهياً في 18/ 1/ 1965 وصرف الباقي من مرتبه مدة الوقف عن العمل، ولما كان المتهم مقبوضاً عليه خلال المدة التي أمرت المحكمة فيها برفع الإيقاف عنه، وذلك نتيجة عدم عرض ما استجد من وقائع في شأنه عليها وهي التي اقتضت القبض عليه ونظراً إلى أنه لم يكن قد تسلم عمله بعد ورأت الجهة الإدارية أن مصلحة التحقيق تستوجب استمرار إبعاده عنه لذلك قرر السيد المحافظ إيقافه عن العمل اعتباراً من 18/ 2/ 1965 وأعادت النيابة الإدارية عرضه ثانية على المحكمة التأديبية للنظر في مد إيقافه والأمر بما يتبع في شأن نصف مرتبه فأصدرت المحكمة التأديبية قرارها المطعون فيه بجلستها المنعقدة في 20/ 4/ 1965 قاضياً بعدم اختصاصها بنظر الطلب المعروض عليها وأقامت المحكمة قضاءها على أن المعروض أمره حبس احتياطياً قبل انتهاء مدة وقفه الاحتياطي وبذلك تحول وقفه إلى وقف بحكم القانون، ومن ثم لا يجوز للجهة الإدارية أن تستصدر قراراً جديداً بوقفه بعد أن استنفذت سلطتها في الوقف عندما أصدرت قرارها الأول في 19/ 10/ 1964، وعرضت أمر مد الوقف على المحكمة ورأت المحكمة رفض طلبها هذا، فكان يتعين عليها في هذه الحالة إعادة الموظف إلى عمله فور الإفراج عنه تنفيذاً للقرار الصادر من المحكمة في هذا الشأن، فإذا هي استصدرت قراراً جديداً بالوقف الاحتياطي فإن قرارها يكون مشوباً بعيب عدم الاختصاص وإذ كان اختصاص المحكمة فيما يتعلق بالباقي من المرتب عن مدة الوقف وطلب مد مدة الوقف لا ينعقد إلا إذا كان القرار الصادر بالوقف ابتداء قد صدر من جهة مختصة بإصداره، فإنه يتعين التقرير بعدم اختصاصها بنظر الطلب. وقد طعن السيد/ رئيس هيئة مفوضي الدولة في هذا القرار تأسيساً على أن اختصاص المحكمة التأديبية بالنظر في أمر وقف العاملين وصرف مرتباتهم خلال مدة الوقف إنما شرع ضماناً للموظف ضد قرارات الإدارة المعيبة الصادرة بالوقف لما يترتب على الوقف من حرمان الموظف من مرتبه كله أو بعضه مما يؤثر في حياته وحياة من يعولهم، فإذا ما رأت المحكمة أن قرار الوقف باطل فإنه كان من المتعين عليها أن ترفض طلب مد مدة الوقف لا أن تقضي بعدم اختصاصها بنظر الطلب، ومن ثم يكون قد قام بقرارها الصادر بعدم اختصاصها بنظر الطلب حالة من حالات الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا.
ومن حيث إن المادة 64 من القانون رقم 46 لسنة 1964 بنظام العاملين المدنيين بالدولة تنص على أن للوزير أو وكيل الوزارة أو لرئيس المصلحة كل في دائرة اختصاصه أن يوقف العامل عن عمله احتياطياً إذا اقتضت مصلحة التحقيق معه ذلك لمدة لا تزيد على ثلاثة أشهر. ولا يجوز مد هذه المدة إلا بقرار من المحكمة التأديبية المختصة للمدة التي تحددها ويترتب على وقف العامل عن عمله وقف صرف نصف مرتبه ابتداء من اليوم الذي يحال فيه للمحكمة التأديبية، ويجب عرض الأمر فوراً على المحكمة التأديبية المختصة لتقرير صرف أو عدم صرف الباقي من مرتبه فإذا لم يعرض الأمر عليها خلال عشرة أيام من تاريخ الوقف وجب صرف المرتب كاملاً حتى تقرر المحكمة ما يتبع في شأن نصف مرتبه. وعلى المحكمة التأديبية أن تصدر قرارها خلال عشرين يوماً من تاريخ رفع الأمر إليها فإذا برئ العامل أو حفظ التحقيق أو عوقب بعقوبة الإنذار صرف إليه ما يكون قد أوقف صرفه من مرتبه. فإن عوقب بعقوبة أشد تقرر السلطة التي وقعت العقوبة ما يتبع في شأن المرتب الموقف صرفه.
ومن حيث إن مفاد هذه النصوص أن اختصاص المحكمة التأديبية بعد مدة وقف الموظف وتقرير صرف أو عدم صرف الباقي من مرتبه عن مدة الوقف مرده إلى حكم القانون الذي لم يقيد اختصاصها في هذا الشأن بصحة أو بطلان القرار الصادر من الجهة الإدارية بالوقف ابتداءه إذ أن هذا الأمر هو بذاته المعروض على المحكمة لتصدر حكمها فيه، فيتحدد على مقتضاه مركز الموظف الموقوف عن العمل، والقول بغير ذلك مؤداه أن يظل مركز هذا الموظف معلقاً وهو ما لا يتصور بداهة أن المشرع قد أراده بحال من الأحوال ومن ثم يتعين على المحكمة التأديبية أن تقضي في الطلب المعروض عليها موضوعاً بحسب ظروف الحالة المعروضة وملابساتها فتقرر قبول الطلب أو رفضه، لا أن تتسلب من ولايتها وتحكم بعدم اختصاصها بنظره، وإذ قضت المحكمة بقرارها المطعون فيه بعدم اختصاصها بنظر الطلب فإنه يتعرض لذلك إلغاء قرارها هذا وإعادة الأوراق إليها لتحكم في موضوعه.
"فلهذه الأسباب"
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وباختصاص المحكمة التأديبية بنظر الطلب وإعادته إليها للفصل فيه.
ساحة النقاش