طلب العامل الموقوف عن العمل صرف مرتبه الموقوف كله أو بعضه - انعقاد الاختصاص بالفصل في هذا الطلب للمحكمة التأديبية المختصة بنظر الدعوى التأديبية أساس ذلك أن هذا الطلب يرتبط بالدعوى التأديبية ويتفرع عنها ومن ثم تختص به المحكمة التأديبية باعتبار أن قاض الأصل هو قاضي الفرع.
الحكم كاملاً
مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة العشرون (من أول أكتوبر سنة 1974 إلى آخر سبتمبر سنة 1975) - صـ 465
(138)
جلسة 28 من يونيه سنة 1975
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ علي محسن مصطفى رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ الدكتور أحمد ثابت عويضه ومحمد صلاح الدين السعيد وعباس فهمي بدر ومحمود طلعت الغزالي المستشارين.
القضية رقم 983 لسنة 19 القضائية
أ - عاملون مدنيون بالدولة - تأديب - وقف عن العمل - مرتب - اختصاص.
طلب العامل الموقوف عن العمل صرف مرتبه الموقوف كله أو بعضه - انعقاد الاختصاص بالفصل في هذا الطلب للمحكمة التأديبية المختصة بنظر الدعوى التأديبية أساس ذلك أن هذا الطلب يرتبط بالدعوى التأديبية ويتفرع عنها ومن ثم تختص به المحكمة التأديبية باعتبار أن قاض الأصل هو قاضي الفرع وما دام أن القانون لم يسلب المحكمة ولاية الفصل فيما يتفرع عن الدعوى التأديبية من منازعات.
ب - عاملون مدنيون بالدولة وقف عن العمل - مرتب.
مرتب العامل الموقوف عن العمل مدة الوقف - وجوب التفرقة في الحكم بين الفترة السابقة على أول يوليه سنة 1964 وتلك اللاحقة لها - أساس ذلك أن الأصل في ظل أحكام قانون نظام موظفي الدولة رقم 210 لسنة 1951 والقانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة وتنظيم النيابة الإدارية كان حرمان الموظف من المرتب مدة الوقف والاستثناء هو صرفه كله أو بعضه حسبما تقرره السلطة التأديبية أو المحكمة التأديبية المختصة وبعد العمل بالقانون رقم 46 لسنة 1964 انتهج المشرع نهجاً آخر مفاده إلزام الجهة الإدارية وبقوة القانون صرف نصف مرتب العامل الموقوف أو مرتبه كاملاً حسب الأحوال دون تطلب التجاء العامل الموقوف للقضاء في هذا الشأن - يترتب على ذلك التزام جهة الإدارة بحكم القانون بصرف نصف مرتب العامل ابتداء من تاريخ وقفه ومن 1/ 7/ 1964 (تاريخ العمل بالقانون رقم 46 لسنة 1964 المشار إليه) إعمالاً لأثره المباشر وذلك بالنسبة للعامل الموقوف في تاريخ سابق على تاريخ نفاذ هذا القانون كما تلتزم بصرف مرتب العامل الموقوف كاملاً إذا لم تعرض أمر صرف أو عدم صرف الباقي من مرتبه على المحكمة التأديبية خلال عشرة أيام من تاريخ الوقف.
1 - إن النعي بعدم اختصاص المحكمة التأديبية بنظر الدعوى مثار الطعن بدعوى أن المحكمة التأديبية لا تختص وفقاً لأحكام قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 72 إلا بإلغاء القرارات النهائية للسلطات التأديبية وأنه إذ لم يصدر ثمة قرار إداري نهائي للسلطات التأديبية في شأن وقف صرف مرتب المدعين المطالب به وكان هذا الوقف تنفيذ الحكم القانون فإن المحكمة التأديبية لا يكون لها اختصاص بنظر الدعوى، أن هذا النعي مردود ذلك أن طلب العامل الموقوف عن العمل صرف مرتبه الموقوف كله أو بعضه يرتبط بالدعوى التأديبية ويتفرع عنها، ويستتبع ذلك بحكم اللزوم انعقاد الاختصاص بالفصل في هذا الطلب للمحكمة التأديبية المختصة بنظر الدعوى التأديبية باعتبار أن قاضي الأصل هو قاضي الفرع، وذلك ما دام أن القانون لم يسلب المحكمة ولاية الفصل فيما يتفرع عن الدعوى التأديبية من منازعات ويؤكد ذلك أن المشرع ناط بالمحكمة التأديبية في المادة 64 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 46 لسنة 1964 والمادة 60 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1971 تقرير ما يتبع في شأن أجر العامل الموقوف صرفه عند الفصل في الدعوى التأديبية، كما خول المشرع في المادة 16 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 لرئيس المحكمة التأديبية الفصل في طلبات وقف أو مد وقف العاملين عن العمل أو صرف المرتب كله أو بعضه أثناء مدة الوقف، وهي الطلبات التي أوجب القانون على السلطات المختصة عرضها في المواعيد المقررة على المحكمة التأديبية، ومؤدى هذه الأحكام أن المشرع ناط بالمحاكم التأديبية ولاية التأديب وما يتفرع عنها بما لا يسوغ معه النعي بعدم اختصاص المحكمة التأديبية بالفصل في الطلبات المقدمة من العاملين الموقوفين عن العمل بطلب صرف مرتباتهم الموقوف صرفها بالمخالفة لأحكام القانون، ويكون الدفع المثار والأمر كذلك على غير أساس سليم من القانون جديراً بالرفض.
2 - ومن حيث إن المدعيين يطالبان بصرف مرتبهما بصفة مستعجلة مؤقتة عن مدة وقفهما احتياطياً عن العمل منذ 22 من فبراير سنة 1956 بالنسبة للأول و15 من أغسطس سنة 1956 بالنسبة للثاني إلى أن ينتهي الفصل في الدعوى التأديبية المقامة ضدهما مع خصم ما صرفه المدعي الأول من مستحقاته.
ومن حيث إنه يبين من استقراء التشريعات التي صدرت في شأن مرتب العامل الموقوف عن العمل مدة وقفه والتي تحكم هذا النزاع، أن الأصل في ظل أحكام قانون نظام موظفي الدولة رقم 210 لسنة 1951 والقانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية كان حرمان الموظف من المرتب مدة الوقف والاستثناء هو صرفه كله أو بعضه حسبما تقرره السلطة التأديبية أو المحكمة التأديبية المختصة، وكانت المادة 18 من القانون رقم 165 لسنة 1955 في شأن تنظيم مجلس الدولة والمادة 21 من القانون رقم 55 لسنة 1959 الذي حل محل القانون السابق ينصان على جواز القضاء باستمرار صرف مرتب العامل المفصول من الخدمة والموقوف عن العمل كله أو بعضه حتى لا ينقطع عن الموظف مورد الرزق الذي كان يقيم الأود إن كان المرتب هذا المورد. ثم انتهج المشرع نهجاً آخر، في القانون رقم 46 لسنة 64 بإصدار قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة والقانون الذي حل محله رقم 58 لسنة 1971 مفاده على ما تضمنته المادة 64 من النظام الأول - مفسرة بالمادة الثانية من التفسير التشريعي رقم 4 لسنة 1965 والمادة 60 من النظام الثاني، وقف صرف نصف مرتب العامل الموقوف ابتداء من تاريخ الوقف، ووجوب عرض الأمر فوراً على المحكمة التأديبية المختصة لتقرير صرف أو عدم صرف الباقي من مرتبه فإذا لم يعرض الأمر عليها خلال عشرة أيام من تاريخ الوقف وجب صرف المرتب كاملاً حتى تقرر المحكمة ما يتبع في شأن نصف مرتبه، ومؤدى ذلك أن المشرع عالج أمر صرف مرتب العامل الذي يوقف عن العمل على أساس افتراض أن مرتبه هو مورد رزقه الذي يقيم أودة، فأوجب كل من القانونين سالفي الذكر على الجهة الإدارية وبقوة القانون، صرف نصف مرتب العامل الموقوف أو مرتبه كاملاً مدة الوقف حسب الأحوال، دون تطلب التجاء العامل الموقوف للقضاء في هذا الشأن، واتساقاً مع هذا العلاج التشريعي صدر قانون مجلس الدولة الجديد رقم 47 لسنة 1972 وأجاز للمحكمة المختصة في المادة 49 منه أن تحكم باستمرار صرف مرتب الموظف المفصول كله أو بعضه مؤقتاً مغفلة بذلك حالة وقف العامل عن العمل. وترتيباً على ذلك تلتزم جهة الإدارة بحكم القانون بصرف نصف مرتب العامل ابتداء من تاريخ وقفه أو من أول يوليه سنة 1964 تاريخ العمل بالقانون رقم 46 لسنة 1964 المشار إليه إعمالاً لأثره المباشر وذلك بالنسبة للعامل الموقوف في تاريخ سابق على تاريخ نفاذ هذا القانون، كما تلتزم بصرف مرتب العامل الموقوف كاملاً إذا لم تعرض أمر صرف أو عدم صرف الباقي من مرتبه على المحكمة التأديبية خلال عشرة أيام من تاريخ الوقف، فإذا ما أخلت جهة الإدارة بالتزاماتها هذه كان للعامل الموقوف الحق في اقتضاء هذه الحقوق قضاء دون ثمة ترخيص في هذا الشأن.
ومن حيث إنه بالبناء على ما تقدم فإنه يتعين بالنسبة للمنازعة الماثلة التفرقة في الحكم بين الفترة السابقة على أول يوليه سنة 1964 وتلك اللاحقة لها فبالنسبة للفقرة الأولى فالأصل فيها أن العامل الموقوف يحرم من مرتبه مدة الوقف، وإذ كان الأمر كذلك وكان المدعيان قد تراخيا في طلب استمرار صرف مرتبهما كله أو بعضه مؤقتاً حتى تاريخ إقامة الدعوى مثار هذا الطعن في الأول من مارس سنة 1972 فإن هذا التراخي دليل على أنهما لم يعولا على مرتبهما في إقامة أودهما، بما ينتفي معه ركن الاستعجال الموجب لاستمرار صرف مرتبهما كله أو بعضه بصفة مؤقتة عن هذه الفترة. ولا غناء في أن المدعي الأول استصدر حكماً من المحكمة الإدارية لوزارة الحربية في الدعوى رقم 54 لسنة 7 القضائية بإلغاء القرار الوزاري الصادر في 16 من إبريل سنة 1956 بوقفه عن العمل مع ما يترتب على ذلك من آثار، ذلك أن جهة الإدارة استصدرت قراراً آخر من مجلس التأديب في الأول من إبريل سنة 1957 بوقفه هو والمدعي الثاني عن العمل كما أصدر وزير الحربية قراراً تالياً في 24 من يونيه سنة 1957 برقم 655 بوقفهما عن العمل مع عدم صرف مرتبهما ولم يطعن فيهما. أما عن الفترة الثانية التي تبدأ من أول يوليه سنة 1964 فالثابت من الأوراق أن السلطات المختصة قد خالفت أحكام القانون وأهملت تطبيقه على نحو صارخ ليس فقط بعد أو يوليه سنة 1964 ولكن قبله أيضاً، إذ لم تلتزم بما قضت به المادة 95 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة والمادة العاشرة من القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية من عدم جواز زيادة مدة الإيقاف على ثلاثة أشهر إلا بقرار من مجلس التأديب أو المحكمة التأديبية، فلم تتخذ أي إجراء على ما سلف بيانه منذ تاريخ صدور قرار وزارة الحربية رقم 655 في 24 من يونيه سنة 1957 بوقف المدعيين عن العمل مع عدم صرف مرتبهما إليهما، وظلت كذلك في ظل العمل بأحكام القانونين 46 لسنة 1964 و58 لسنة 1971 أنف الذكر، فلم تلتزم أيضاً بما نصا عليه من عدم جواز مد مدة الإيقاف لمدة تزيد على ثلاثة أشهر إلا بقرار من المحكمة التأديبية المختصة. ولقد كان من المتعين وفقاً لأحكام القانونين المذكورين أن تصرف جهة الإدارة للمدعين نصف مرتبهما اعتباراً من أول يوليه سنة 1964 ولكنها لم تمتثل لذلك كما لم تمتثل لما أقر به هذان القانونان من وجوب عرض الأمر فوراً على المحكمة التأديبية المختصة لتقرير صرف أو عدم صرف الباقي من مرتبهما رغم أن الأثر القانوني المترتب على عدم العرض خلال عشرة أيام من تاريخ الوقف هو وجوب صرف المرتب كاملاً حتى تقرر المحكمة ما يتبع في شأن نصف مرتب العامل الموقوف. ولما كان الأمر كذلك وكانت الجهة الإدارية لم تصرف للمدعيين نصف مرتبهما اعتباراً من أول يوليه سنة 1964 تاريخ العمل بالقانون رقم 46 لسنة 1964 المشار إليه ولم تعرض إلى الآن أمر صرف أو عدم صرف النصف الآخر من مرتبهما على المحكمة التأديبية فإنه لا محيص والأمر كذلك من استحقاقهما لصرف مرتبهما كاملاً اعتباراً من أول يوليه سنة 1964 وذلك حتى يتم عرض أمر صرف أو عدم صرف نصف مرتب المدعيين على المحكمة التأديبية ويصدر رئيس المحكمة بالتطبيق لحكم المادة 16 من قانون مجلس الدولة القائم سالف الذكر قراره فيما يتبع في شأن نصف مرتبهما المذكور أما عن المرتب الموقوف صرفه فإن تقرير ما يتبع في شأنه منوط بالمحكمة التأديبية بعد الفصل في الدعوى التأديبية المقامة ضد المدعيين.
ومن حيث إنه لما تقدم من أسباب يكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون، ومن ثم يتعين الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بأحقية المدعيين في صرف أجرهما كاملاً اعتباراً من أول يوليه سنة 1964 حتى تقرر المحكمة التأديبية ما يتبع في شأنه وفقاً لأحكام القانون وإلزام الحكومة المصروفات.
ساحة النقاش