وقف العامل عن العمل لاتهامه بتزوير وتلاعب - تحفظ النيابة العامة على المستندات - عدم وجود خشية على مصلحة التحقيق - سلامة قرار إنهاء الوقف عن العمل - عدم جواز صرف نصف المرتب عن مدة الوقف ما دام التحقيق لم ينته بعد.
الحكم كاملاً
مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة العشرون (من أول أكتوبر سنة 1974 إلى آخر سبتمبر سنة 1975) - صـ 359
(100)
جلسة 26 من إبريل سنة 1975
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ علي محسن مصطفى رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ محمد صلاح الدين السعيد، عباس فهمي بدر، محمود طلعت الغزالي، محمد نور الدين العقاد المستشارين.
القضية رقم 5 لسنة 20 القضائية
وقف عن العمل - عاملون بالدولة - تأديب - محاكم تأديبية.
وقف العامل عن العمل لاتهامه بتزوير وتلاعب - تحفظ النيابة العامة على المستندات - عدم وجود خشية على مصلحة التحقيق - سلامة قرار إنهاء الوقف عن العمل - عدم جواز صرف نصف المرتب عن مدة الوقف ما دام التحقيق لم ينته بعد - بيان ذلك - مثال.
إن البادي من الأوراق أن النيابة العامة شرعت في تحقيق الاتهامات المسندة إلى المطعون ضده وزملائه في غضون سنة 1971 وأنها في سبيل ذلك كلفت إدارة الخبراء بوزارة العدل بفحص سجلات الشركة الطاعنة لكشف ما قد يكون وقع فيها من تزوير أو تلاعب، وقد أفصحت إدارة الخبراء بكتابها المؤرخ 6 من أكتوبر سنة 1973 عن أنها قاربت الانتهاء من المهمة المسندة إليها تمهيداً لإعداد تقرير عنها، ولما كان المستفاد من ذلك أنه وإن كان التحقيق لم ينته بعد، إلا أن النيابة قد تحفظت على السجلات والمستندات التي قد تكون محلاً للجريمة وتسلمتها إدارة الخبراء لفحصها، ولما كان المطعون ضده يشغل وظيفة عامل شراب بالفئة العاشرة حسبما جاء بأوراق الشركة الطاعنة، فإنه إزاء هذه الاعتبارات لا تكون ثمة خشية على مصلحة التحقيق من إنهاء وقف المطعون ضده وإعادته إلى عمله، ومن ثم يكون القرار المطعون فيه قد أصاب فيما قرره من عدم الموافقة على طلب مد وقف المطعون ضده، إلا أنه في الوقت ذاته قد خالف القانون فيما ذهب إليه من تقرير صرف مرتبه عن مدد الوقف السابقة منذ بدايتها على خلاف ما صدرت به قرارات مد الوقف السابقة عليه، إذ أن هذه القرارات تظل منتجة لأثرها فيما تضمنته من عدم صرف نصف المرتب إلى أن يتم التصرف في الاتهام المنسوب إلى العامل تبرئته منه أو بإدانته، وعندئذ تقرر السلطة وفقاً لحكم المادة 57 من قانون نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 61 لسنة 1971 ما يتبع في شأن صرف المرتب الموقوف صرفه - ومن ثم فإن ما يترتب على قرار رفض طلب مد الوقف هو استحقاق المطعون ضده مرتبه كاملاً من اليوم الذي انتهى فيه وقفه بناءً على هذا القرار أي بعد نهاية مدة الوقف السابقة عليه وليس قبل ذلك، ومن ثم يتعين إلغاء هذا الشق من القرار المطعون فيه لمخالفته القانون.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
عن الدفع بعدم جواز الطعن:
ومن حيث إن مبنى هذا الدفع الذي أبداه المطعون ضده في مذكرات دفاعه أن القرار المطعون فيه قرار نهائي للمحكمة التأديبية طبقاً لحكم المادة 49 من القانون رقم 61 لسنة 1971 بنظام العاملين بالقطاع العام، وأنه فضلاً على ذلك قرار ولائي صدر من رئيس المحكمة التأديبية بسلطته الولائية المقررة بالمادة 16 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972، ومن ثم فإنه على أي من الحالين لا يجوز الطعن فيه أمام المحكمة الإدارية العليا.
ومن حيث إن هذه المحكمة سبق أن قضت - في الطعن رقم 1117 لسنة 19 القضائية بجلسة 13 من إبريل سنة 1974 - بأن من مقتضى أحكام قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 أنه أصبح جائزاً الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا في جميع الأحكام الصادرة من المحاكم التأديبية ومن ذلك الأحكام التي كان الطعن فيها ممنوعاً بحكم المادة 49 من القانون رقم 61 لسنة 1971 بنظام العاملين بالقطاع العام، كما قضت أيضاً بأن أحكامها قد استقرت من قبل العمل بالقانون رقم 47 لسنة 1972 المشار إليه على اختصاصها بنظر الطعون في القرارات التي تصدرها المحاكم التأديبية في الطلبات الخاصة بمد وقف العاملين عن العمل، وبصرف الجزء الموقوف من المرتب بسبب الوقف، باعتبار أن هذه الطلبات ترتبط بالدعوى التأديبية ارتباط الفرع بالأصل، ولأنها قرارات قضائية - وليست ولائية - تستمد المحكمة التأديبية اختصاص البت فيها من اختصاصها الأصيل بنظر الدعوى التأديبية، وأنه لا يغير من اختصاص المحكمة الإدارية العليا بنظر الطعون في القرارات الصادرة في الطلبات المشار إليها ولا من الصفة القضائية لهذه القرارات أن اختصاص البت فيها قد أسند إلى رئيس المحكمة التأديبية منفرداً طبقاً لحكم المادة 16 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972، إذ أن الأمر لا يعدو أن يكون تعديلاً إجرائياً استهدف التخفيف عن المحاكم التأديبية، فلا يترتب عليه زوال الصفة القضائية عن تلك القرارات ولا يؤدي من ثم إلى عدم جواز الطعن فيها أمام هذه المحكمة. وعلى ذلك يكون الدفع بعدم جواز الطعن غير قائم على أساس سليم من القانون متعين الرفض.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل على ما يبين من أوراق الطعن في أنه خلال سنة 1971 أبلغت الشركة الطاعنة، النيابة العامة أن مدير مصنعها بأسيوط وبعض العاملين به، ومن بينهم المطعون ضده، قد ارتكبوا تزويراً في أوراقها واختلسوا أموالها وأن المطعون ضده - الذي يعمل مراقباً لبوابة المصنع - شارك في ذلك بأن أغفل قيد المنتجات المختلسة في سجل البوابة وسمح لشركائه بإخراجها من المصنع دون ترخيص. وقد أمرت النيابة العامة بحبس المطعون ضده وزملائه حبساً مطلقاً استمر مدة شهر ثم أفرج عنهم بالضمان المالي. وكانت الشركة قد أصدرت قراراً في 28 من يوليه سنة 1971 بوقف المطعون ضده وغيره من المبلغ ضدهم عن العمل، واستصدرت قرارات متوالية من المحكمة التأديبية. بمد الوقف مع عدم صرف النصف الموقوف من المرتب، إلا أنها عندما تقدمت بطلب المد رقم 598 لسنة 15 القضائية، فأصدر فيه السيد رئيس المحكمة التأديبية القرار المطعون فيه بجلسة 26 من أغسطس سنة 1973.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن القرار المطعون فيه خالف القانون، لأن اختصاص رئيس المحكمة في طلب مد الوقف مقصور على قبوله أو رفضه، دون أن يتعدى ذلك إلى تقرير صرف المرتب عن مدد الوقف السابقة لأنه أمر غير مثار في الطلب المعروض، فضلاً عن أن تقرير صرف الجزء الموقوف صرفه من المرتب بناءً على قرارات مد الوقف السابقة إنما ينعقد الاختصاص به للمحكمة التأديبية عند الفصل في الدعوى التأديبية وأضاف الطعن أن القرار المذكور لا يقوم على سبب من الواقع أو القانون، لأنه قرر إنهاء وقف المطعون ضده مع استمرار قيام السبب الذي بنيت عليه قرارات مد الوقف السابقة، وهو الحفاظ على مصلحة التحقيق الذي لا يزال جارياً وعلى سلامة مهمة إدارة الخبراء بفحص المستندات التي وقع فيها منه التزوير، وهي المهمة التي كلفتها بها النيابة العامة القائمة بالتحقيق، وقدمت الطاعنة تأييداً لذلك كتاباً صادراً من إدارة الخبراء بوزارة العدل في 6 من أكتوبر سنة 1973 يفيد أنها بصدد الانتهاء من الفحص وإعداد تقرير بنتيجته.
ومن حيث إن المطعون ضده عقب على الطعن بمذكرتين محصلهما أنه يعمل مراقب بوابة بالدرجة العاشرة ولا يتصور أن يكون لإعادته للعمل تأثير على التحقيق الذي تجريه النيابة العامة وأن الشركة سبق أن نفذت القرارات الصادرة بإنهاء وقف زملائه، وأن المحكمة التأديبية بأسيوط أصدرت قراراً في 26 من أغسطس سنة 1974 بإنهاء وقف/..... مدير مصنع أسيوط، وقدم صورة فوتوغرافية من هذا القرار.
ومن حيث إن البادي من الأوراق أن النيابة العامة شرعت في تحقيق الاتهامات المسندة إلى المطعون ضده وزملائه في غضون سنة 1971 وأنها في سبيل ذلك كلفت إدارة الخبراء بوزارة العدل بفحص سجلات الشركة الطاعنة لكشف ما قد يكون وقع فيها من تزوير أو تلاعب، وقد أفصحت إدارة الخبراء بكتابها المؤرخ 6 من أكتوبر سنة 1973 عن أنها قاربت الانتهاء من المهمة المسندة إليها تمهيداً لإعداد تقرير عنها، ولما كان المستفاد من ذلك أنه وإن كان التحقيق لم ينته بعد، إلا أن النيابة قد تحفظت على السجلات والمستندات التي قد تكون محلاً للجريمة وتسلمتها إدارة الخبراء لفحصها، ولما كان المطعون ضده يشغل وظيفة عامل شراب بالفئة العاشرة حسبما جاء بأوراق الشركة الطاعنة، فإنه إزاء هذه الاعتبارات لا تكون ثمة خشية على مصلحة التحقيق من إنهاء وقف المطعون ضده وإعادته إلى عمله، ومن ثم يكون القرار المطعون فيه قد أصاب فيما قرره من عدم الموافقة على طلب مد وقف المطعون ضده، إلا أنه في الوقت ذاته قد خالف القانون فيما ذهب إليه من تقرير صرف مرتبه عن مدد الوقف السابقة منذ بدايتها على خلاف ما صدرت به قرارات مد الوقف السابقة عليه، إذ أن هذه القرارات تظل منتجة لأثرها فيما تضمنته من عدم صرف نصف المرتب إلى أن يتم التصرف في الاتهام المنسوب إلى العامل بتبرئته منه أو بإدانته، وعندئذ تقرر السلطة وفقاً لحكم المادة 57 من قانون نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 61 لسنة 1971 ما يتبع في شأن صرف المرتب الموقوف صرفه. ومن ثم فإن ما يترتب على قرار رفض طلب مد الوقف هو استحقاق المطعون ضده مرتبه كاملاً من اليوم الذي انتهى فيه وقفه بناءً على هذا القرار أي بعد نهائية مدة الوقف السابقة عليه وليس قبل ذلك، ومن ثم يتعين إلغاء هذا الشق من القرار المطعون فيه لمخالفته القانون.
ومن حيث إنه لما تقدم من أسباب يتعين الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بتعديل القرار المطعون فيه، وذلك برفض طلب مد وقف المطعون ضده وما يترتب على ذلك من آثار على النحو المبين آنفا وبإلغائه فيما عدا ذلك.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بتعديل الحكم المطعون فيه وذلك برفضه مد وقف السيد/.... وما يترتب على ذلك من آثار وبإلغاء الحكم فيما عدا ذلك.
ساحة النقاش