موقع المستشار/ البسيونى محمود أبوعبده المحامى بالنقض والدستورية العليا نقض جنائي- مدني- مذكرات- صيغ- عقود محمول01277960502 - 01273665051

ولاية المحاكم التأديبية تتناول الدعوى التأديبية المبتدأة كما تتناول الطعن فى أى إجراء تأديبى بطلب الغائه أو بطلب التعويض عنه

الحكم كاملاً

مجلس الدولة - المكتب الفنى - المبادئ التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثامنة والعشرون (من أول أكتوبر سنة 1982 إلى آخر سبتمبر سنة 1983) - صـ 363

(57)
جلسة 1 من يناير سنة 1983

برئاسة السيد الاستاذ المستشار محمد هلال قاسم نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمود عبد العزيز الشربينى ونصحى بولس فارس ومحمد عزيز أحمد على وعادل عبد العزيز بسيونى - المستشارين.

الطعنان رقما 676 و 733 لسنة 25 القضائية

( أ ) اختصاص - اختصاص المحاكم التأديبية بنظر الطعون فى الجزاءات التأديبية المقنعة - العبرة فى تحديد اختصاص المحاكم التأديبية بنظر الغاء قرارات نقل العاملين هى بتكييف المدعى لدعواه بأن قرار نقله ينطوى على عقوبة تأديبية - تطبيق (1).
(ب) اختصاص - اختصاص المحاكم التأديبية - ولاية المحاكم التأديبية تتناول الدعوى التأديبية المبتدأة كما تتناول الطعن فى أى إجراء تأديبى بطلب الغائه أو بطلب التعويض عنه - بيان ذلك - تطبيق - (
2).


اجراءات الطعن

فى يوم الأحد الموافق 6 من مايو سنة 1979 أودعت ادارة قضايا الحكومة نيابة عن السادة وزير المالية ووكيل أول وزارة المالية لشئون الموازنة العامة ومحافظ الاسكندرية ومدير عام مصلحة الجمارك فلم كتاب المحكمة الادارية العليا تقريرا بالطعن قيد برقم 676 لسنة 25 القضائية عن الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بالاسكندرية بجلسة 17 من مارس 1979 فى الدعوى رقم 107 لسنة 20 القضائية المقامة من السيد/ المطعون ضده ضد السادة المذكورين والقاضى بقبول الدعوى شكلا بالنسبة لطلب الغاء القرار الصادر من وكيل أول وزارة المالية لشئون الموازنة العامة رقم 79 لسنة 1977 وفى الموضوع بالغاء هذا القرار فيما تضمنه من نقل المدعى من موازنة مصلحة الجمارك إلى موازنة محافظة الاسكندرية وما يترتب على ذلك من آثار وبعد اختصاص المحكمة نوعيا بنظر ما عدا ذلك من طلبات وباحالة الدعوى بحالتها فى شأن الطلبات المذكورة الى محكمة القضاء الادارى دائرة الإسكندرية للاختصاص وطلبت ادارة قضايا الحكومة للأسباب الواردة فى تقرير الطعن الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وبقبول الطعن شكلا وفى موضوعه بالغاء الحكم المطعون فيه بكافة اشطاره والقضاء أصليا بعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة ولائيا بنظر الدعوى الغاء وتعويضا واحتياطيا بعدم اختصاص المحاكم التأديبية نوعيا بنظر الدعوى الغاء وتعويضا ومن باب الاحتياط الكلى برفض الدعوى بكافة أشطارها.
وأعلن تقرير الطعن الى المطعون ضده فى 4 من يوليه سنة 1979.
وفى يوم الثلاثاء الموافق 15 من مايو سنة 1979 أودع السيد الاستاذ المستشار/ رئيس هيئة مفوضى الدولة قلم كتاب المحكمة الادارية العليا تقريرا بالطعن فى ذات الحكم سالف الاشارة اليه , قيد برقم 733 لسنة 25 القضائية وطلب للأسباب الواردة به الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه وباعادة الدعوى الى المحكمة التأديبية بالاسكندرية للفصل فيها مجددا. وأعلن تقرير الطعن فى 21 من مايو سنة 1979.
وقدم السيد مفوض الدولة تقريرا بالرأى القانونى انتهى فيه الى طلب الحكم بالغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من عدم اختصاص المحكمة التأديبية بالاسكندرية بالفصل فى طلب التعويض وباختصاص المحكمة المذكورة بالفصل فى هذا الطلب واعادة الدعوى إليها لتفصل فى الطلب المذكور مجددا من هيئة أخرى ورفض ما عدا ذلك من الطلبات.
وعين لنظر الطعن رقم 676 لسنة 25 القضائية أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 9 من يونية سنة 1982 حيث قررت الدائرة ضم الطعن رقم 733 لسنة 25 القضائية إلى الطعن 676 لسنة 25 القضائية وبجلسة 14 من يولية سنة 1979 قررت الدائرة احالة الطعنين الى المحكمة الادارية العليا (الدائرة الرابعة) وحددت لنظرهما أمامها جلسة 6 من نوفمبر سنة 1982 وبعد ان استمعت المحكمة الى ما رأت لزوما لسماعه من ايضاحات ذوى الشأن قررت اصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

وبعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات والمداولة.
من حيث ان الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
ومن حيث أن عناصر هذه المنازعة تخلص فى أن السيد/ المطعون ضده أقام الدعوى رقم 107 لسنة 20 القضائية بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة التأديبية بالاسكندرية فى 11 من فبراير سنة 1978 ضد كل من السادة وزير المالية ووكيل أول وزارة المالية لشئون الموازنة العامة ومحافظ الاسكندرية ومدير عام مصلحة الجمارك طلب فى ختامها الحكم بالغاء القرار الصادر فى 4 من أكتوبر سنة 1977 من وكيل أول وزارة المالية لشئون الموازنة العامة برقم 79 لسنة 1977 بنقله من موازنة مصلحة الجمارك الى موازنة محافظة الاسكندرية وما يترتب على ذلك من آثار من بينها تعويضه عن الأضرار التى حاقت به من جراء القرار المطعون فيه. وقال شرحا للدعوى أنه فوجئ مع مائة وأحد عشر موظف أمن زملائه العاملين بمصلحة الجمارك بصدور القرار المطعون فيه متضمنا نقلهم من موازنة مصلحة الجمارك الى موازنات المحافظات حيث كان من نصيبه النقل الى محافظة الاسكندرية فتظلم هو وزملائه من هذا القرار فى 11 من أكتوبر سنة 1977 الى جميع الجهات الرئاسية والتنفيذية والى رئيس مجلس الشعب الذى أحال تظلمهم الى لجنة الشكاوى والاقتراحات التى عقدت جلسة استطلاع لفحص الموضوع فى 20 من أكتوبر سنة 1977 وثبت مما دار بها من مناقشات فى حضور كل من وزير المالية ومدير عام مصلحة الجمارك أن القرار المطعون فيه هو قرار نقل جماعى تأديبى لا يحمل أية أسباب تبرره وأنه قد ترتب عليه حرمان المتظلمين من مزايا مالية كانوا يحصلون عليها من عملهم فى قطاع الجمارك. وقد زعمت الجهة الادارية فى تبريرها لهذا القرار تارة بأنه صدر تنفيذا لمقتضيات الثورة الادارية رغم الفساد الظاهر لهذا التبرير، وتارة بأنه صدر تخلصا من العمالة الزائدة بمصلحة الجمارك فى الوقت الذى عينت فيه مئات العاملين الجدد بالمصلحة المذكورة. بل أن وزير المالية استشعارا منه بما انطوى عليه القرار من عنت واضح للمدعى وزملائه أقر أمام لجنة الشكاوى والاقتراحات بمجلس الشعب أنه لم يطلب سوى نقل 15 موظفا فقط، وعلل صدور القرار بالنسبة للباقين بأنه كان بناء على تقارير وردت من مجلس الوزراء ومن بعض الجهات الرقابية. واستطرد المدعى قائلا أن القرار المطعون فيه جاء مخالفا للقانون غير مستهدف الصالح العام فيما انطوى عليه من نقله الى وظيفة وهمية بمحافظة الاسكندرية بدليل أن المحافظة المذكورة رفضت تسليمه العمل بها لعدم حاجتها اليه وأفصحت عن ذلك صراحة بكتاب سكرتير عام المحافظة رقم 686/ 3 فى 15 من أكتوبر سنة 1977 الى وكيل أول وزارة المالية مصدر القرار وخلص المدعى الى القول بأن القرار المذكور افتقد كل أساس قانونى يبرره وانطوى على عقوبة تأديبية له دون وجه حق. وبجلسة 17 من مارس سنة 1979 قضت المحكمة التأديبية بالاسكندرية بالغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار وبعدم اختصاصها نوعيا بنظر طلب التعويض عنه وأمرت باحالة الدعوى بشأن هذا الطلب الى محكمة القضاء الادارى (دائرة الاسكندرية) للاختصاص وأقامت قضاءها بالغاء القرار على أنه بين من مطالعة الأوراق أن القرار المطعون فيه تضمن نقل المدعى بفئته المالية الى موازنة محافظة الاسكندرية كما تضمن نقل زملائه بفئاتهم المالية الى موازنات بعض المحافظات الأخرى وذلك للسنة المالية 1977 على أن يستمر الخصم بالفئات المنقولة من موازنة الجهة المنقولين منها حتى نهاية السنة المالية سنة 1977 وعلى أن ينفذ القرار من تاريخ صدوره فى 4 من أكتوبر سنة 1977. وأنه بتاريخ 15 من أكتوبر سنه 1977 أخطر سكرتير عام محافظة الاسكندرية وكيل أول وزارة المالية لشئون الموازنة العامة بأن المحافظة تعانى من العمالة الزائدة وأنها ليست فى حاجة إلى المدعى أو غيره ممن تقرر نقلهم اليها الأمر الذى ترتب عليه منع المدعى وزملائه أجازة انتهت فى 6 من يناير سنة 1978. واستطردت المحكمة قائلة أنه وان كان القرار المطعون فيه لم يتضمن سبب اصداره الا ان جهة الادارة أفصحت عن أن هذا السبب هو العمالة الزائدة فان السبب المذكور يخضع من ثم لرقابة المحكمة. ولما كان هذا السبب ليس الا سببا ظاهريا وصوريا وأنه ليس السبب الحقيقى لاصدار القرار بعد أن أفصح وزير المالية بجلسة الاستماع المنعقدة فى 20 من أكتوبر سنة 1977 بمجلس الشعب عن أن القرار المذكور صدر نتيجة التحريات التى أجرتها الجهات الرقابية استنادا الى تقارير وردت من مجلس الوزراء عن مسلكهم الوظيفى مما دفع الجهة الادارية الى التخلص منهم بابعادهم عن وظائفهم الأصلية بمصلحة الجمارك غير عابئة بأن التضحية بما اكتسبوه من خبرات فى هذه الوظائف يضر بمصلحة العمل وذلك فى الوقت الذى لا توجد به عمالة زائدة بمصلحة الجمارك على ما يبين من نشرة هذه المصلحة الصادرة سنة 1977 وكتابى مراقب شئون العاملين بالادارة العامة للجمارك بالاسكندرية المؤرخين فى 2 من أغسطس، 11 من سبتمبر سنة 1977 والموجهين الى مراقبة السكرتارية الفنية والمتابعة، بل وفى الوقت الذى تعانى فيه محافظة الاسكندرية ووحدات الحكم المحلى الأخرى من العمالة الزائدة بها على - ما كشفت عنه الأوراق. لما كان ما تقدم فان الجهة الادارية باصدارها القرار المطعون فيه تكون فى الواقع وحقيقة الأمر قد استهدفت معاقبة الطاعن وزملائه استنادا الى ما حوته التحريات والتقارير التى صدرت من بعض الجهات الرقابية فى حقهم على النحو الذى سلفت الاشارة اليه. وقد صاغت الجهة الادارية هذا العقاب فى صورة قرار بالنقل على خلاف مقتضى القانون الأمر الذى يصم هذا القرار بعيب اساءة استعمال السلطة ومخالفة القانون مما يتعين معه الحكم بالغائه. أما فيما يتعلق بطلب التعويض فقد قالت المحكمة عنه أنه لا يدخل ضمن المسائل التى تختص المحاكم التأديبية بنظرها وانما تختص بنظره نوعيا ومحليا محكمة القضاء الادارى بالاسكندرية.
ومن حيث أن الطعن المقدم من ادارة قضايا الحكومة يقوم على أساس أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله فيما قضى به من اختصاص محاكم مجلس الدولة ولائيا بنظر الدعوى الغاء وتعويضا ذلك لأن وكيل وزارة المالية أصدر القرار المطعون فيه بالتفويض استنادا لحكم المادة 27 من القانون رقم 58 لسنة 1971 بنظام العاملين المدنيين بالدولة التى خولت وزير المالية سلطة تقديرية واسعة فى اصدار قرارات نقل العاملين فئاتهم تخلصا من العمالة الزائدة بهدف اصلاح الادارة الحكومية وترشيد توزيع العاملين بين وحداتها المختلفة لحسن سير وانتظام المرافق العامة. وقد صدر هذا القرار بعد موافقة كل من وزير الحكم المحلى ورئيس الجهاز المركزى للتنظيم والادارة أعمالا للمادة (12) من التأشيرات العامة للموازنة الصادر بها القانون رقم 3 لسنة 1977. ولما كان مفاد أحكام المادتين 26، 27 من القانون رقم 58 لسنة 1971 أن الشارع قد ركز سلطة النقل للتخلص من العمالة الزائدة فى يد وزير المالية وأن هذا النقل يعتبر صحيحا طبقا لأحكام المادتين المذكورتين ولو ترتب عليه تفويت الدور على العامل فى الترقية بالأقدمية فان القرار المطعون فيه اذ صدر من وزير المالية اعمالا للرخصة سالفة الذكر مستهدفا الغرض الذى حدده الشارع وبعد اتباع الاجراءات التى نص عليها القانون لا يجوز النعى عليه لمجرد أنه فوت على العامل بعض المزايا المالية أو الأدبية. ومتى صدر القرار فى الحدود سالفة الذكر كما هو الشأن بالنسبة للقرار المطعون فيه فانه يكون صحيحا قانونا ولا يجوز للقضاء الادارى أن يتدخل بعدئذ - فى بحث ملائمة اصداره. ومن ثم يخرج عن ولاية محاكم مجلس الدولة الفصل فى طلب الغائه أو التعويض عنه طالما أنه لا يستر بين طياته قرارا مما تمتد اليه ولاية هذه المحاكم. ولما كان القرار المطعون فيه لا يعتبر من قبيل القرارات التى تستر جزاء مقنعا والتى تختص بها المحاكم التأديبية وأن النعى عليه بأنه قد صدر بقصد الاضرار بمن شملهم لا يعدو أن يكون نعيا عليه بعيب الانحراف بالسلطة لا يضفى عليه السمة العقابية، فمن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد خالف القانون فيما قضى به من اختصاص المحكمة التأديبية بالاسكندرية بالفصل فى طلب الغاء هذا القرار هذا فضلا عن أن هذا الطلب حتى مع التسليم باختصاص المحكمة التأديبية بنظره كان جديرا بأن تقضى المحكمة برفضه موضوعا.
ومن حيث أن مبنى الطعن المقدم من هيئة مفوضى الدولة أن الحكم المطعون فيه خالف القانون فيما قضى به من عدم اختصاص المحكمة التأديبية بنظر طلب التعويض عن القرار المطعون فيه ومن احالة الدعوى فى هذا الشق - منها الى محكمة القضاء الادارى للاختصاص ذلك لأن المحاكم التأديبية هى صاحبة الولاية العامة فى مسائل تأديبية العاملين سواء رفعت اليها الدعوى ابتداء أم فى صورة طعن فى قرار صادر من السلطات الرئاسية كما تختص بكل ما يتفرع أو يرتبط بهذه الدعاوى وتلك الطعون كما هو الشأن فى طلب التعويض عن القرار المطعون فيه الذى قضت المحكمة التأديبية بالغائه لما انطوى عليه من تأديب مقنع للمدعى.
ومن حيث أن قضاء هذه المحكمة جرى على أن العبرة فى تحديد اختصاص المحاكم التأديبية بالفصل فى طلبات الغاء القرارات الصادرة بنقل العاملين هى بتكييف المدعى لدعواه بحيث ينعقد الاختصاص للمحكمة التأديبية بالفصل فى الدعوى طالما كان المدعى قد كيف قرار النقل المطعون فيه بأنه انطوى على عقوبة تأديبية له اذ يكون على المحكمة التأديبية فى هذه الحالة أن تتصدى للفصل فى موضوع الدعوى حتى اذا ما تبين لها صحة التكييف الذى أسبغه المدعى على القرار قضت بالغائه والا فانها تقضى برفض الدعوى. ومتى كان ذلك وكان الثابت أن المدعى نعى على القرار المطعون فيه أنه انطوى على عقوبة تأديبية مقنعة فان الحكم المطعون فيه اذ قضى باختصاص المحكمة التأديبية بالفصل فى طلب الغاء هذا القرار يكون قد أصاب الحق فى قضائه ولا مطعن عليه من هذه الناحية مما يكون معه الدفع بعدم اختصاص المحكمة التأديبية بنظر الدعوى فى هذا الشق منها دفعا فى غير محله متعينا رفضه، كما يكون الدفع بعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة بنظر هذا الطلب قد جاء بدوره - ومن باب أولى - فى غير محله جديرا بالرفض أيضا.
ومن حيث أن هذه المحكمة سبق لها أن تصدت فى الطعون المماثلة المقامة من زملاء المطعون ضده ممن شملهم القرار رقم 79 لسنة 1977 الصادر من وكيل أول وزارة المالية لشئون الموازنة العامة مثار النزاع الماثل الى استظهار الظروف والملابسات التى صدر فيها هذا القرار وانتهت الى أنه قد انطوى فعلا وحقا على عقوبة تأديبية حاقت بالمدعى وزملائه المذكورين ذلك أن تقرير اللجنة المنبثقة عن لجنة الاقتراحات والشكاوى بمجلس الشعب أشار الى أن اللجنة المذكورة أجرت اتصالا بكل من السيد الدكتور.... وزير الدولة لشئون مجلس الشعب والسيد/ .... وزير القوى العاملة ثم طلبت الاجتماع بالسيد الدكتور وزير المالية الذى أوضح فى هذا الاجتماع أنه لم يطلب سوى نقل 15 شخصا فقط أما باقى من شملهم القرار المطعون فيه فقد وردت بشأنهم تقارير من مجلس الوزراء ومن بعض جهات الرقابة وأن السيد الوزير كلف المختصين بمكتبه وبالجمارك اطلاع اللجنة على هذه التقارير وأن اللجنة الفرعية عقدت اجتماعين متتاليين بمبنى وزارة المالية حضرهما أعضاء اللجنة بالاضافة الى السيد/ ... رئيس نقابة الجمارك كما حضرها من الوزارة كل من السيد... وكيل الوزارة لشئون الجمارك والسيد/ ...... وكيل الوزارة لشئون مكتب الوزير. وأنه على ضوء الأوراق والمستندات التى قدمها ممثلوا الوزارة وعلى ضوء المناقشات التى دارت بين أعضاء اللجنة وممثلوا الوزارة انتهت اللجنة الى اقتراح إعادة النظر فى القرار المطعون فيه الذى اتضح اللجنة أنه صدر نتيجة تحريات الجهات الرقابية وأن فكرة صدوره تخلصا من العمالة الزائدة قد انتفت بالتصريح الذى أدلى به الوزير بجلسة الاستماع بتاريخ 20 من أكتوبر سنة 1977 سالف الاشارة اليه فاذا أضيف الى ما تقدم أن محافظة الاسكندرية اعترضت على نقل المدعى اليها لعدم حاجتها الى خدماته بسبب وجود عمالة زائدة بها مما اقتضى منح المدعى وزملائه ممن تقرر نقلهم الى المحافظة المذكورة أجازة حتى 6 من يناير سنة 1978 وذلك فى الوقت الذى لم تكن به ثمة عمالة زائدة بمصلحة الجمارك على ما استظهره الحكم المطعون فيه ولم تجحده الجهة الادارية. لما كان ذلك فان القرار المطعون فيه لا يكون من ثم قد استهدف وجه المصلحة العامة وانما استهدف فى الوقع وحقيقة الأمر مجرد ابعاد المدعى وزملائه عن العمل فى مصلحة الجمارك كعقاب لهم عما قيل أن التقارير الرقابية قد تضمنته من مأخذ على سلوكهم الوظيفى، وهو الأمر الذى يصم هذا القرار بأنه انطوى على تأديب مقنع للمدعى وزملائه المذكورين لم تتبع فى شأنه اجراءات التأديب المرسومة قانونا ويكون الحكم المطعون فيه بالغاء هذا القرار بسبب ذلك قد أصاب الحق ولا مطعن عليه من هذه الناحية.
ومن حيث أن قضاء هذه المحكمة جرى على أنه بصدور القانون رقم 47 لسنة 1972 باصدار قانون مجلس الدولة الذى عمل به اعتبارا من الخامس من أكتوبر سنة 1972 أصبحت المحاكم التأديبية وهى فرع من القسم القضائى بمجلس الدولة هى الجهة القضائية المختصة بنظر الدعوى تأسيسا على أن النصوص الواردة فى قانون مجلس الدولة والتى نظمت اختصاص القسم القضائى بمسائل تأديب العاملين انما أوردت تنظيما وتفصيلا لما قررته المادة 172 من الدستور فى صيغة عامة مطلقة من أن مجلس الدولة يختص بالفصل فى المنازعات الادارية والدعاوى التأديبية وبذلك خلع الشارع على المحاكم التأديبية الولاية العامة للفصل فى مسائل تأديب العاملين. ومن ثم فان ولايتها تتناول الدعوى التأديبية المبتدأة التى تختص فيها المحكمة بتوقيع جزاء تأديبى كما تتناول الطعن فى أى جزاء تأديبى على النحو الذى فصلته نصوص قانون مجلس الدولة وان اختصاصها بالفصل فى هذه المطعون لا يقتصر على الطعن بالالغاء مباشرة بل يمتد الى غير ذلك من الطلبات المرتبطة بالطعن ومنها طلب التعويض عن الأضرار التى حاقت بالمدعى من جراء القرار المطعون فيه الذى لا يعدو أن يكون مخاصمة للقرار بطريق غير مباشر. ومتى كان ذلك فان الحكم المطعون فيه اذ قضى بعدم اختصاص المحكمة التأديبية بنظر الدعوى فيما يتعلق بطلب التعويض وباحالة الدعوى فى هذا الشق منها الى محكمة القضاء الادارى قد خالف القانون مما يتعين معه الحكم بإلغائه فى هذا الشق منه والقضاء باختصاص المحكمة التأديبية بنظر الدعوى فى الشق المذكور.
ومن حيث أنه لما كان ما تقدم فقد تعين الحكم بقبول الطعنين شكلا وفى موضوعهما بالغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من عدم اختصاص المحكمة التأديبية بنظر طلب التعويض وباختصاص المحكمة التأديبية بالاسكندرية بنظر هذا الطلب وباعادة الدعوى اليها للفصل فيه مجددا من هيئة أخرى ورفض الطعنين فيما عدا ذلك.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلا وفى موضوعهما بالغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من عدم اختصاص المحكمة بنظر طلب التعويض وباختصاص المحكمة التأديبية بالاسكندرية بنظر الدعوى بالنسبة لهذا الطلب واعادته اليها للفصل فيه مجددا من هيئة أخرى وبرفض الطعنين فيما عدا ذلك.


(1) هذا المبدأ تأكيدا لما سبق أن قضت به هذه المحكمة فى الطعن رقم 624 - 14 (2/ 12/ 1972) منشور بمجموعة المبادئ السنة 18 مبدأ رقم 7 صفحة 12 ويراجع الطعن 267/ 26 ق 6/ 11/ 1982 , والطعن 658/ 24 ق 29/ 1/ 1983.
() يراجع فى شأن الولاية العامة للمحاكم التأديبية فى الفصل فى مسائل تأديب العاملين فى الدولة وفى القطاع العام حكم المحكمة الدستورية العليا - الطعن رقم 9 لسنة 2 دستورية جلسة 4/ 11/ 1972.

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 41 مشاهدة
نشرت فى 21 إبريل 2020 بواسطة basune1

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

5,168,042

الموقع الخاص بالاستاذ/ البسيونى محمود ابوعبده المحامى بالنقض والدستوريه العليا

basune1
المستشار/ البسيونى محمود أبوعبده المحامى بالنقض والدستورية العليا استشارات قانونية -جميع الصيغ القانونية-وصيغ العقود والمذكرات القانونية وجميع مذكرات النقض -المدنى- الجنائى-الادارى تليفون01277960502 -01273665051 العنوان المحله الكبرى 15 شارع الحنفى - الإسكندرية ميامى شارع خيرت الغندور من شارع خالد ابن الوليد »