اختصاص المحاكم التأديبية بنظر طلبات إلغاء القرارات التى انطوت على عقوبة تأديبية مقنعة - يشترط لانعقاد الاختصاص لهذه المحاكم أن يكون القرار المطعون فيه من القرارات الفردية
الحكم كاملاً
مجلس الدولة - المكتب الفنى - المبادئ التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثامنة والعشرون (من أول أكتوبر سنة 1982 إلى آخر سبتمبر سنة 1983) - صـ 447
(67)
جلسة 29 من يناير سنة 1983
برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد هلال قاسم نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمود عبد العزيز الشربينى ونصحى بولس فارس وعادل عبد العزيز بسيونى وجمال السيد دحروج - المستشارين.
الطعن رقم 658 لسنة 24 القضائية
اختصاص - اختصاص المحاكم التأديبية بنظر طلبات إلغاء القرارات التى انطوت على عقوبة تأديبية مقنعة - يشترط لانعقاد الاختصاص لهذه المحاكم أن يكون القرار المطعون فيه من القرارات الفردية التى تتمتع فيه الجهة الادارية بسلطة تقديرية واسعة مثل قرارات النقل والندب والقرارات التنظيمية لا تصلح أداة للتستر لانزال العقاب - أساس ذلك اتسامها بصفة العمومية وتتنافى طبيعتها مع فكرة العقاب يتحدد الاختصاص تبعا للتكيف الذى يسبغه المدعى على القرار المطعون فيه - تطبيق.
اجراءات الطعن
فى يوم الخميس الموافق 20 من مايو سنة 1978 أودعت ادارة قضايا الحكومة نيابة عن جامعة الزقازيق قلم كتاب المحكمة الادارية العليا تقريرا بالطعن قيد برقم 658 لسنة 24 القضائية عن الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بالمنصورة فى الدعوى رقم 85 لسنة 5 القضائية المقامة من السيد/ ...... والقاضى برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى وبرفض الدفع بعدم قبولها وبالغاء كل من قرار رئيس جامعة الزقازيق رقم 59 لسنة 1977 ورقم 101 لسنة 1977 فيما تضمناه من تفويض الأمين المساعد للجامعة بالنسبة للادارة القانونية فى الجامعة ومن ندب المدعى الى الشئون القانونية فى مستشفيات الجامعة وما يترتب على ذلك من آثار والزام الجامعة بخمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة وطلبت ادارة قضايا الحكومة للأسباب الواردة فى تقرير الطعن الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه والغاء هذا الحكم بكافة مشتملاته والقضاء أصليا بعدم اختصاص المحكمة التأديبية بنظر الدعوى واحتياطيا برفضها مع الزام المطعون ضده المصروفات.
وأعلن تقرير الطعن الى المطعون ضده فى 17 من أغسطس سنة 1978 وقدم السيد مفوض الدولة تقريرا بالرأى القانونى فى الطعن انتهى فيه الى طلب الحكم برفض طلب وقف التنفيذ وبقبول الطعن شكلا وبرفضه موضوعا فيه يتعلق بطلب إلغاء القرار الادارى رقم 101 لسنة 1977 بندب المطعون ضده من وظيفة مراقب الشئون القانونية بالجامعة الى وظيفة بالشئون القانونية بالمستشفيات وتعديل الحكم المطعون فيه فيما قضى به من الغاء القرار رقم 59 لسنة 1977 الغاء مجردا والغاء القرار المذكور وكذلك القرار رقم 101 لسنة 1977 فيما تضمناه من اسناد سلطة التوجيه على المراقبة العامة للشئون القانونية بالجامعة الى أمين عام الجامعة المساعد.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 28 من أبريل سنة 1982 وبجلسة 8 من ديسمبر سنة 1982 قررت الدائرة احالة الطعن الى المحكمة الادارية العليا (الدائرة الرابعة) وحددت لنظره أمامها جلسة الأول من يناير سنة 1983 وبعد أن استمعت المحكمة إلى ما رأت لزوما لسماعه من ايضاحات ذوى الشأن قررت اصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات والمداولة.
من حيث أن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية بمراعاة أنه وان كان تقرير الطعن قد أودع قلم كتاب المحكمة الادارية العليا فى 20 من يوليه سنة 1978 أى فى اليوم الحادى والستين من تاريخ صدور الحكم المطعون فيه بجلسة 21 من مايو سنة 1978 إلا أنه باضافة ميعاد المسافة المقرر طبقا لنص المادة 16 من قانون المرافعات المدنية والتجارية اعتبارا بأن موطن الجامعة الطاعنة يقع فى مدينة الزقازيق التى تبعد عن مقر المحكمة الادارية العليا بالقاهرة لمسافة تزيد على خمسين كيلو مترا فان الطعن يكون مقدما فى الميعاد القانونى ومقبولا شكلا بالتالى.
ومن حيث أن عناصر هذه المنازعة تخلص فى أن السيد/.... أقام الدعوى رقم 85 لسنة 5 القضائية ضد جامعة الزقازيق بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة التأديبية بالمنصورة فى 26 من سبتمبر سنة 1977 طلب فى ختامها الحكم بالغاء القرارين رقمى 59، 101 لسنة 1977 الصادرين فى 4 من أبريل سنة 1977 وفى 29 من مايو سنة 1977 فيما تضمناه من تنزيل وظيفته وجعله مرؤسا مع ما يترتب على ذلك من آثار والزام الجامعة مقابل أتعاب المحاماة. وقال شرحا للدعوى أنه عين مراقبا عاما للشئون القانونية من الفئة 876/ 1440 جنيها بمجموعة الوظائف التخصصية بجامعة الزقازيق وذلك بالقرار رقم 11 لسنة 1977 الصادر من مدير الجامعة فى الأول من فبراير سنة 1977 وبتاريخ 4 من أبريل سنة 1977 أصدر رئيس الجامعة القرار رقم 59 بتفويض السيد/ .... أمين الجامعة المساعد فى الاشراف والتوجيه على المراقبة العامة للشئون القانونية (الادارة القانونية بالجامعة) وفى المتابعة اللازمة لسرعة إنجاز الأعمال وفى 29 من مايو سنة 1977 صدر قرار آخر برقم 101 لسنة 1977 تضمن تأكيدا للقرار السابق كما تضمن ندب المدعى للعمل بالشئون القانونية بقسم المستشفيات بالجامعة. ونعى المدعى على القرارين المذكورين أنهما وقعا مخالفين للقانون وانطويا على تنزيل له. وقال فى بيان ذلك أن القانون رقم 47 لسنة 1973 بشأن الادارات القانونية كفل لرئيس وأعضاء الادارات المذكورة استقلالا تاما ولم يخضعهم فى مباشرتهم لأعمالهم الفنية إلا لرؤسائهم المتدرجين وأنه اذا كانت الفقرة الثانية من المادة السادسة من القانون المذكورة قد خولت رئيس مجلس الادارة سلطة الاشراف والمتابعة لسرعة انجاز الأعمال. الا أن القانون المذكور لم يخوله سلطة تفويض غيره فى ممارسة هذا الاختصاص ومن ثم يكون القرار رقم 59 لسنة 1977 الصادر من رئيس الجامعة بتفويض الأمين المساعد للجامعة فى ممارسة سلطة الاشراف والتوجيه والمتابعة على المراقبة العامة للشئون القانونية بما ينطوى عليه ذلك من اخضاع المدعى لرئاسة الأمين المساعد للجامعة يكون قد وقع مخالفا للقانون وكذلك الحال فيما يتعلق بالقرار رقم 101 لسنة 1977 الصادر فى 29 من مايو سنة 1977 بندب المدعى للعمل بالشئون القانونية بقسم المستشفيات بالجامعة لما ينطوى عليه هذا القرار من تنزيل له من وظيفة مراقب عام الشئون القانونية التى تعادل مدير ادارة قانونية طبقا للجدول الملحق بالقانون رقم 47 لسنة 1973 سالف الذكر الى وظيفة لا يشغلها الا محام من درجة أقل. هذا فضلا عن أن القرار المذكور وقع مخالفا لنص المادة 20 من القانون رقم 47 لسنة 1973 سالف الذكر التى اشترطت موافقة اللجنة المنصوص عليها فى المادة 7 من ذات القانون قبل نقل أو ندب أحد مديرى الادارات القانونية اذا زاد الندب على ستة أشهر، ودفعت الجهة الادارية الدعوى بعدم اختصاص المحكمة التأديبية بنظرها استنادا الى أن القرارين المطعون فيهما من القرارات المتعلقة بتنظيم العمل فى الجامعة ولا يعتبران من القرارات التأديبية التى ينعقد للمحكمة التأديبية اختصاص الفصل بطلب الغائها، كما دفعت بعدم قبول الدعوى بحجة أنه أضحى من المتعذر اجابة المدعى إلى طلباته بعد إذ ألغيت الهياكل الوظيفية للادارة القانونية بالجامعة. وطلبت من باب الاحتياط الكلى رفض الدعوى موضوعا.
وبجلسة 21 من مايو سنة 1978 قضت المحكمة التأديبية برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى وبرفض الدفع بعدم قبولها وفى الموضوع بالغاء القرارين المطعون فيها وما يترتب على ذلك من آثار والزام الجامعة بمبلغ خمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. وأقامت قضاءها فيما يتعلق بالدفع بعدم الاختصاص على أن ما ينعى به الطاعن على القرارين المطعون فيهما يقوم فى لحمته وسداه على تكييفهما بأنهما انطويا على تأديب مقنع له ومن ثم ينعقد الاختصاص للمحكمة التأديبية بنظر الدعوى لأن اختصاصها ليس مقصورا على القرارات التأديبية التى تتضمن توقيع أحد الجزاءات التأديبية المحددة صراحة فى القانون وانما يمتد أيضا إلى القرارات الأخرى التى ينعى عليها المدعى انطواءها على عقوبة مقنعة. وقالت المحكمة فيما يتعلق بالدفع بعدم القبول أنه لا وجه لما تستند اليه الجامعة فى هذا الصدد من تعذر اجابة المدعى الى طلباته بعد أن زال القرارين المطعون فيهما بصدور قرارات رئيس الجامعة أرقام 37، 38، 39 فى 7 من فبراير سنة 1978 بالغاء الهياكل الوظيفية بادارة الشئون القانونية فى الجامعة بعد اذ تبين أن تحديد هذه الهياكل أصبح من اختصاص اللجنة المنصوص عليها فى القانون رقم 47 لسنة 1973 المشار اليه لا وجه لذلك لأنه أيا كان الرأى فى القرارات أرقام 37، 38، 39 سالفة الذكر فان مصلحة المدعى قائمة فى طلب الغاء القرارين المطعون فيهما بهدف ازالتهما منذ صدورهما. وأقامت المحكمة قضاءها فى موضوع الدعوى على أن المستفاد من استقراء أحكام المواد 1، 2، 6، 9 من قانون الادارات القانونية بالمؤسسات العامة والهيئات العامة والوحدات التابعة لها الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1973 أن المشرع أقام للادارة القانونية كيانا خاصا يكفل لها الاستقلال فى أعمالها داخل المؤسسة أو الهيئة فلم يكتف باتباعها للمؤسسة أو الهيئة محيلا إلى القواعد العامة فى تحديد اطار وحدود هذه التبعية وانما حرص على أن يخضعها من الناحية الفنية لادارة التفتيش الفنى التابعة لوزارة العدل واقتصرت فى اطار المؤسسة أو الهيئة العامة على مجرد الاشراف والمتابعة من جانب رئيس مجلس الادارة مما يكشف عن أن قصد الشارع قد انصرف الى قصر هذا الاختصاص على رئيس مجلس الادارة وحده باعتباره القائم على رأس المؤسسة أو الهيئة توفيقا بين ما يجب للادارة القانونية من استقلال وبين ما يقتضيه اعتبارها من بين الأجهزة العاملة فى المؤسسة أو الهيئة مما لا يصح معه قانونا أن يفوض رئيس مجلس الادارة غيره فى ممارسة هذا الاختصاص ويكون القرار رقم 59 لسنة 1977 المتضمن تفويض الأمين المساعد للجامعة فى ذلك قد وقع مخالفا للقانون فضلا عن أنه انطوى على تنصيب رئاسة على المدعى غير تلك المقررة عليه قانونا بوصفه على قمة الادارة القانونية للجامعة مما يضفى عليه صفة التأديب وكذلك انطوى القرار رقم 101 لسنة 1977 بندب المدعى إلى الادارة القانونية بقسم المستشفيات بالجامعة على تأديب مقنع له. ذلك لأنه وان كان المدعى قد احتفظ بدرجته المالية ومرتبه الا أن ندبه كان الى وظيفة أدنى ومحدد لها درجة أقل من درجة وظيفته السابقة أخذا فى الاعتبار أن جداول ترتيب وتوصيف الوظائف بالجامعة وقت صدور هذا القرار تضمنت تحديد الفئة الثانية 876/ 1440 جنيه سنويا لوظيفة مراقب عام الشئون القانونية والفئة الرابعة 540/ 1440 لقيمة وظيفة القانون فى مستشفيات الجامعة وهى وظيفة مدير الشئون القانونية.
ومن حيث أن الطعن يقوم على مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون سواء فيما قضى به من رفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة التأديبية بنظر الدعوى أو فيما قضى به من الغاء القرارين المطعون فيهما، ورددت الجهة الادارية بالنسبة للدفع بعدم الاختصاص ما سبق أن أثارته أمام المحكمة التأديبية من أن القرارين المطعون فيهما صدرا بمناسبة تنظيم العمل فى الجامعة دون أن يرتبطا بأى جزاء أو أن يقوما على سبب تأديبى مما يخرج من اختصاص المحكمة التأديبية الفصل فى طلب الغائها. وقالت فيما يتعلق بموضوع الدعوى أنه وان كانت المادة السادسة من القانون رقم 47 لسنة 1973 بشأن الادارات القانونية قد كفلت استقلال الادارة القانونية فى ممارستها لاختصاصاتها الفنية الا أن هذه المادة حرصت فى ذات الوقت على كفالة سلطة رئيس مجلس الادارة فى الاشراف على الادارة المذكورة ومتابعتها لسرعة انجاز الأعمال المحالة اليها. ومتى كان ذلك وكان القانون رقم 49 لسنة 1972 بشأن تنظيم الجامعات قد خول رئيس الجامعة الاختصاص بادارة شئون الجامعة العلمية والادارية والمالية كما خوله بالنسبة للعاملين من غير أعضاء هيئة التدريس جميع السلطات المخولة للوزير فمن ثم يكون لرئيس الجامعة الحق فى تفويض أمين الجامعة المساعد فى بعض اختصاصاته ويدخل فى ذلك اختصاصه بالاشراف على ادارة الشئون القانونية ومتابعة أعمالها عملا بنص المادة الثالثة من القانون رقم 42 لسنة 1967 فى شأن تفويض الوزراء ومن فى حكمهم أن يعهدوا ببعض اختصاصاتهم الى وكلاء الوزارات أو مديرى المصالح... الخ. واذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى خلاف ما تقدم فانه يكون مخالفا للقانون جديرا بالالغاء، وكذلك الحال بالنسبة للقرار رقم 101 لسنة 1977 بندب المدعى لقسم المستشفيات الجامعية، اذ أن هذا القرار لم يتضمن أى تنزيل لدرجة المدعى وإنما ظل المدعى بعد الندب بذات فئتة المالية وبذات مرتبه وميزاته المادية التى كانت له قبل الندب فضلا عن أن هذا القرار لم يمس مركزه القانونى كمحامى وكرئيس ادارة قانونية. ولما كان القرار المذكور قد صدر تحقيقا لحسن سير العمل وللمصلحة العامة فان الحكم المطعون فيه يكون قد وقع مخالفا للقانون من هذه الناحية كذلك فيما قضى به من الغاء هذا القرار.
ومن حيث أنه عن الدفع بعدم اختصاص المحكمة التأديبية بنظر الدعوى فانه ولئن كان حقا ما ذهب اليه الحكم المطعون فيه من اختصاص المحاكم التأديبية بالفصل فى طلبات الغاء القرارات التأديبية لا يقتصر فقط على ما كان من تلك القرارات متضمنا مجازاة العامل بأحد الجزاءات التأديبية المنصوص عليها صراحة فى القانون وانما يمتد الى ما عدا ذلك من القرارات التى ينعى عليها ذوو الشأن أنها انطوت على عقوبات تأديبية مقنعة على خلاف أحكام التأديب المقررة قانونا الا أن هذا النظر لا يصدق بطبيعة الحال الا على القرارات الفردية وحدها دون القرارات التنظيمية التى تتسم بالعمومية وتتنافى بطبيعتها من ثم مع فكرة العقاب. وأن ما جرى به قضاء هذه المحكمة الادارية العليا من أن اختصاص المحاكم التأديبية بالفصل فى طلبات الغاء القرارات التأديبية المقنعة يتحدد تبعا للتكييف الذى يسبغه المدعى على القرار المطعون فيه وما اذا كان قد انطوى على عقوبة مقنعة من عدمه بحيث يتعين على المحكمة أن تجيب المدعى الى طلب الغاء القرار اذا ما تحققت من سلامة هذا التكييف والا فانها تقضى برفض الدعوى. ان ما جرى به هذا القضاء انما يتعلق بقرارات النقل والندب وما فى حكمها من القرارات الفردية التى تتمتع جهة الادارة فى اصدارها بسلطة تقديرية واسعة والتى تبدو من ثم فى ظاهرها مبرأة من أى شبهة تمس سلامتها القانونية أخذا فى الاعتبار أن مثل هذه القرارات اذ يدق أمر الكشف عن حقيقة ما تنطوى عليه من نية العقاب هى وحدها التى تصلح أداة للتستر وراءها فى انزال العقاب بالموظف على خلاف أحكام القانون فى حين أن القرارات التنظيمية لا تصلح أداة لهذا التستر لأنها تتجافى بطبيعتها مع فكرة العقاب لانتفاء عنصر الفردية فيها على ما سلف القول. وكذلك الحال بالنسبة الى القرارات التى وان كانت قرارات فردية الا أنها تمس أحد المراكز القانونية التى ينظم القانون شروطها الموضوعية ويكفل حق الموظف فيها عند توافره على هذه الشروط، اذ يكون وجه مخالفة القانون - نصا أو روحا - فى هذه القرارات أمر ظاهر على نحو لا تصلح معه القرارات المذكورة أن تكون بدورها أداة لستر فكرة العقاب. ومتى كان ما تقدم فان مجرد النعى على القرار المطعون فيه - بأنه انطوى على عقوبة تأديبية مقنعة لا يكفى بذاته وفى جميع الأحوال لانعقاد اختصاص المحكمة التأديبية بنظر الدعوى وانما يلزم أن يكون هذا القرار من القرارات الفردية التى تتمتع فيها الجهة الادارية بسلطة تقديرية واسعة على غرار السلطة المخولة لها فى اصدار قرارات النقل والندب على ما سلف البيان.
ومن حيث أنه لما كان القرار رقم 59 لسنة 1977 المتضمن تفويض الأمين المساعد لجامعة الزقازيق فى الاشراف والتوجيه على الشئون القانونية بالجامعة - وفى المتابعة اللازمة لسرعة انجاز الأعمال يعد من القرارات التنظيمية التى تتأبى بطبيعتها عن أن تكون أداة للتأديب المقنع حسبما سلفت الاشارة اليه، كما أن طلب الغاء القرار المذكور لا يعتبر طلبا مرتبطا بطلب الغاء القرار رقم 101 لسنة 1977 الصادر بندب المدعى من وظيفة مراقب عام الشئون القانونية للجامعة للعمل بالشئون القانية بقسم المستشفيات، والذى انتهى الحكم المطعون فيه وبحق الى اختصاص المحكمة التأديبية بالفصل فى طلب الغائه، على نحو يعقد الاختصاص للمحكمة المذكورة بالفصل فى طلب الغاء القرار رقم 59 لسنة 1977 سالف الذكر أيضا استنادا الى هذا الارتباط. لما كان ما تقدم فان الحكم المطعون فيه اذ قضى برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة التأديبية ينظر الدعوى بطلب الغاء القرار رقم 59 لسنة 1977 المشار إليه يكون مخالفا للقانون متعينا الحكم بالغائه والقضاء بعدم اختصاص المحكمة التأديبية بالمنصورة بنظر الدعوى فيما يتعلق بطلب الغاء هذا القرار وباحالة الدعوى فى شأن هذا الطلب الى محكمة القضاء الادارى بالمنصورة المختصة بنظرها قانونا وفقا لأحكام القانون رقم 47 لسنة 1972 فى شأن مجلس الدولة بحسبان أن المدعى يعتبر من العاملين الشاغلين لاحدى وظائف المستوى الأول ذات الربط من 876/ 1440 جنيها سنويا الذين تختص محكمة القضاء الادارى بالفصل فى المسائل المنصوص عليها فى المادة (10) من القانون سالف الذكر بالنسبة اليهم.
ومن حيث أنه فيما يتعلق بالقرار رقم 101 لسنة 1977 المتضمن ندب المدعى المراقب العام للشئون القانونية بالجامعة من الفئة 876/ 1440 جنيها سنويا للعمل بالشئون القانونية بقسم المستشفيات فان الحكم المطعون فيه أصاب الحق فيما قضى به سواء من رفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة التأديبية بنظر الدعوى فى شأنه أو فيما قضى به من الغاء هذا القرار وذلك للأسباب التى أقام عليها الحكم المطعون فيه قضاءه فى هذا الخصوص والتى تقرها هذه المحكمة ذلك أن ما ينعى به المدعى على هذا القرار يقوم على أساس أنه انطوى على عقوبة تأديبية مقنعة بتنزيله من وظيفته وهو الأمر الذى استظهره الحكم المطعون فيه استظهارا شديدا لا مطعن عليه اذ الثابت من ذات القرار المطعون فيه أن المدعى يشغل وظيفة المراقب العام للشئون القانونية المحدد لها الفئة من 876 الى 1440 جنيها سنويا فى حين أن أعلى وظيفة قانونية بقسم المستشفيات الجامعية هى وظيفة مدير الشئون القانونية المحدد لها الفئة من 540 الى 1440 جنيها سنويا فضلا عن أن وظيفة المراقب العام للشئون القانونية بادارة الجامعة هى قمة الهرم الوظيفى لوظائف القانون بالجامعة وأن شاغلها يعتبر من ثم فى مركز رئاسى بالنسبة للعاملين بالشئون القانونية بقسم المستشفيات وهو الأمر الذى أخل به القرار المطعون فيه إخلالا ترتب عليه تنزيل للمدعى تشويه سمة العقاب المقنع لابتنائه على أساس ما نسب الى المدعى من أنه غير متعاون مع ادارة الجامعة على ما يستفاد من مذكرة الأمانة العامة للجنة العليا لشئون الادارة القانونية المؤرخة فى 26 من ابريل سنة 1978 والمقدمة من المدعى ضمن مستندات الدعوى.
ومن حيث انه لما كان ما تقدم فقد تعين الحكم بقبول الطعن شكلا وفى موضوعه بالغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من رفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة التأديبية بنظر الدعوى بالنسبة لطلب الغاء القرار رقم 59 لسنة 1977 الصادر فى 4 أبريل سنة 1977 بتفويض أمين جامعة الزقازيق المساعد فى الاشراف والتوجيه على الشئون القانونية بالجامعة المذكورة وفى المتابعة اللازمة لسرعة انجاز الأعمال وباختصاص محكمة القضاء الادارى بالمنصورة بنظر الدعوى فيما يتعلق بطلب الغاء القرار المذكور وباحالة الدعوى اليها للفصل فى هذا الطلب مع ابقاء الفصل فى مصاريف الطلب المذكور اليها، وبرفض الطعن فيما عدا ذلك.
فلهذه الأسباب:
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى موضوعه بالغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من رفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة التأديبية بنظر الدعوى بالنسبة - لطلب الغاء القرار رقم 59 لسنة 1977 الصادر فى 4 من أبريل سنة 1977 بتفويض أمين جامعة الزقازيق المساعد فى الاشراف والتوجيه على الشئون القانونية بالجامعة المذكورة وفى المتابعة اللازمة لسرعة إنجاز الأعمال وباختصاص محكمة القضاء الادارى بالمنصورة بالفصل فى الطلب المذكور وباحالة الدعوى اليها للفصل فيه مع ابقاء الفصل فى مصاريف هذا الطلب لتلك المحكمة وبرفض الطعن فيما عدا ذلك.
ساحة النقاش