اختصاص المحكمة التأديبية دون سواها يشمل كل ما يتصل بالتأديب أو يتفرع عنه ومنه النعى بأن القرار ساتر العقوبة.
الحكم كاملاً
مجلس الدولة - المكتب الفنى - المبادئ التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثامنة والعشرون (من أول أكتوبر سنة 1982 إلى آخر سبتمبر سنة 1983) - صـ 489
(73)
جلسة 19 من فبراير سنة 1983
برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد هلال قاسم نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمود عبد العزيز الشربينى ونصحى بولس فارس وعادل عبد العزيز بسيونى وجمال السيد دحروج - المستشارين.
الطعن رقم 965 لسنة 19 القضائية
عامل بالقطاع العام - تأديب - نقل - جزاء مقنع - اختصاص المحكمة التأديبية.
( أ ) اختصاص المحكمة التأديبية دون سواها يشمل كل ما يتصل بالتأديب أو يتفرع عنه ومنه النعى بأن القرار ساتر العقوبة.
(ب) نقل العامل من مكان الى آخر مناطه تحقيق المصلحة العامة وضمان حسن سير العمل وانتظامه - يستوى فى ذلك أن يتم النقل بسبب أو بمناسبة اتهام العامل بجرم يخل بواجبات وظيفته فى الجهة التى يعمل بها أو فى غير هذه الحالات - لا يسوغ القول بأن مجرد اجراء النقل بسبب أو بمناسبة اتهام العامل ينطوى بحكم اللزوم على تأديب مقنع - النقل فى هذه الحالة لا يدل بذاته على أنه يستهدف التأديب ما لم يثبت الموظف الدليل على ذلك - تطبيق.
اجراءات الطعن
فى يوم الخميس الموافق 26 من يولية 1973 أودعت هيئة مفوضى الدولة قلم كتاب المحكمة الادارية العليا تقرير طعن قيد بجدول المحكمة تحت رقم 965 لسنة 19 القضائية فى الحكم الصادر بجلسة 27 من مايو سنة 1973 من المحكمة التأديبية للعاملين بوزارة الصناعة فى الدعوى رقم 110 لسنة 7 القضائية المقامة من السيد/ ..... وآخرين ضد السيد/ رئيس مجلس ادارة شركة المحلات الصناعية للحرير والقطن (اسكو) والدعوى رقم 116 لسنة 7 القضائية المقامة من السيد/ ..... وآخر ضد السيد/ رئيس مجلس ادارة الشركة المذكورة والذى قضى بانتهاء الخصومة فيما يتعلق بطلب الغاء جزاء الخصم عشرة أيام وبعدم اختصاص المحكمة بنظر طلب الغاء أوامر نقل المدعيين الى الجهات التى نقلوا اليها.
وطلبت هيئة مفوضى الدولة للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه فى شقه الخاص بعدم اختصاص المحكمة التأديبية بنظر طلب إلغاء أوامر نقل المدعيين وباختصاصها بنظر هذا الطلب موضوعا.
وبعد اعلان تقرير الطعن الى الشركة المدعى عليها عقبت هيئة مفوضى الدولة على الطعن بتقرير ارتأت فيه الحكم بالطلبات الواردة بتقرير الطعن. وقد عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 26 من فبراير سنة 1979 بعد اعلان تقرير الطعن الى المدعى عليهم قررت المحكمة بجلسة 22 من ديسمبر سنة 1982 احالة الطعن الى المحكمة الادارية العليا (الدائرة الرابعة) لنظره بجلسة 15 من يناير سنة 1983 وبتلك الجلسة قررت المحكمة اصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث أن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن أن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من أوراق الطعن - فى أن المدعين السادة/ .... و..... و.... و.... و.... أقاموا الدعوى رقم 110 لسنة 7 القضائية ضد السيد رئيس مجلس ادارة شركة المحلات الصناعية للحرير والقطن (اسكو) بعريضة أودعت سكرتارية المحكمة التأديبية بوزارة الصناعة فى 8 من فبراير سنة 1973 طلبوا فيها الغاء قرار الشركة المدعى عليها بمجازاة كل منهم بخصم عشرة أيام من مرتبه والغاء قرار الشركة المذكورة رقم 86 الصادر فى 18 من يناير سنة 1973 بنقلهم الى جهات متفرقة فى محافظات الوجه القبلى والبحرى. وقالوا بيانا للدعوى أن الشركة أوقفتهم عن العمل غير أن المحكمة التأديبية أمرت بصرف راتبهم فأصدرت الشركة قرارا بنقلهم الى جهات أخرى فى محافظات متفرقة، ثم أصدرت قرارها بمجازاة كل منهم بخصم عشرة أيام من راتبه وأضاف المدعون أنهم يقيمون ببهتيم - قليوبية وأن أسرهم تحتاج للرعاية والعطف كما أن مرتباتهم ضئيلة لا تتحمل مشاق السفر. وقالوا أن النقل الذى أجرته الشركة كان جزاء تعسفت الشركة فى توقيعه لعدم تناسب الجزاء مع المخالفة المنسوبة اليهم فى التحقيق الادارى الذى أجرى معهم فى 10 من أكتوبر سنة 1972. وفى 12 من فبراير سنة 1973 أقام السيدين.... و.... الدعوى رقم 116 لسنة 7 القضائية أمام المحكمة التأديبية للعاملين بوزارة الصناعة ضد السيد رئيس مجلس ادارة شركة المحلات الصناعية للحرير والقطن طلب فيها الغاء قرار الشركة رقم 86 الصادر فى 18 من يناير سنة 1973 بنقلهما الى شركة الوجه القبلى للغزل المتوسط بالفيوم اذ أن هذا النقل يتضمن جزاء تأديبيا أوقعته الشركة عليهما دون ذنب أو جريرة.
وبجلسة 21 من ابريل سنة 1973 قررت المحكمة ضم الدعوى رقم 116 لسنة 7 القضائية الدعوى رقم 110 لسنة 7 القضائية وبذات الجلسة قررت الحاضرة عن الشركة المدعى عليها بأن الشركة قامت بالغاء قرار الجزاء بالخصم من المرتب ولم تقم بتنفيذه ودفعت بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر طلب الغاء قرار نقل المدعيين اذ أن النقل ليس من الجزاءات التأديبية التى يجوز الطعن فيها أمام المحكمة التأديبية وقد أقر المدعون بالغاء قرار الجزاء المشار اليه.
وبجلسة 27 من مايو سنة 1973 حكمت المحكمة بانقضاء الخصومة فيما يتعلق بطلب الغاء جزاء الخصم من المرتب وبعدم اختصاصها بنظر طلب الغاء أوامر نقل المدعيين الى الجهات التى نقلوا اليها وأقامت قضاءها بعدم اختصاصها بنظر طلب الغاء أوامر النقل على أن نقل العاملين جائز الى وظائف من ذات مستوى وظائفهم سواء فى داخل المؤسسة أو الوحدة الاقتصادية أو لهيئة عامة أو لجهة حكومية مركزية أو محلية أو خارجها بقرار من رئيس مجلس الادارة بالنسبة للوظائف حتى المستوى الأول وذلك طبقا لنص المادة 26 من القانون رقم 61 لسنة 1971 ومن ثم فهو رخصة تتمتع بها جهة الادارة والشركات أرباب العمل بغية تمكينها من تسيير العمل واستهداف تحسينه واعلاء مستواه وزيادة انتاجه ويظل هكذا رخصة نائية عن رقابة القضاء طالما لم يكن نقلا تعسفيا مصبوغا بصبغة عقابية ناطقة بالمخالفة للقانون وأضافت المحكمة أن الملاحظ من طلبات وقف صرف راتب المدعيين أن دافع النقل هو المحافظة على الأمن داخل مصانع الشركة ببهتيم وابعاد عناصر التحريض على الأحزاب والاعتصام فى داخل محل العمل بما يعطل سير الانتاج ويعوق تحسينه مما يضر ضررا بليغا بالصالح العام فهو قرار بالنقل صدر من رب العمل وبموافقة الوزير المختص لتحقيق صالح جوهرى وحساس وشديد الأهمية وأن هذا النقل قد قام على سبب صحيح واستهدف غاية سديدة هى حسن سير العمل وتأمينه ضد معسكرات الأحزاب أو التحريض عليه مع الاعتصام وقالت المحكمة أنه لما كانت النقل الصحيح ينأى عن الرقابة بما يخرجه من ذات حظيرة الاختصاص فان الأولى فى شأنه هو الحكم بعدم الاختصاص بدلا من الرفض موضوعا.
ومن حيث أن الطعن يتناول قضاء الحكم المطعون فيه بعدم اختصاص المحكمة بنظر طلب الغاء أوامر نقل المدعيين ويقوم على أن الحكم المذكور ينطوى فى هذا الشق على مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله ذلك لأن المحكمة التأديبية وقد مارست رقابتها القانونية على العمل محل الطعن واستبان لها موافقته التامة للصالح العام وبراءته من أى تعسف فى استعمال السلطة فانه كان يتعين الحكم برفض الدعوى لا بعدم اختصاص المحكمة بها.
ومن حيث أن اختصاص المحكمة التأديبية على جرى عليها قضاء هذه المحكمة يشمل كل ما يتصل بالتأديب أو يتفرع عنه وبهذه المثابة يندرج فى اختصاصها بالفصل فى قرارات النقل اذا كان جوهر النعى عليها أنها تنطوى على جزاء تأديبى مقنع واذ كان الأمر كذلك وكان المدعون ينعون على قرار الشركة المدعى عليها رقم 86 الصادر فى 18 من يناير سنة 1973 بنقلهم الى جهات أخرى خارج الشركة أنه قرار ساتر لعقوبة ويتضمن جزاء تأديبيا، فان المحكمة التأديبية ينعقد لها الاختصاص بالفصل فى هذه المنازعة دون سواها.
ومن حيث أن الحكم المطعون فيه وان كان قد انتهى فى منطوقه الى الحكم بعدم اختصاص المحكمة بنظر طلب الغاء أوامر نقل المدعيين، الا أنه تطرق فى أسبابه الى موضوع الدعوى فى هذا الشق وأوغل فيها كقضاء مختص على نحو يقضى الى القضاء برفض الدعوى موضوعا وهو بهذه المثابة يكون قد قضى فى حقيقة الأمر فى موضوع الدعوى وليس فى أمر يتعلق بالاختصاص، بما يتعين معه الغاء قضاء الحكم المطعون فيه فى هذا الشق والتصدى بموضوع الدعوى فيه وحسمه دون ثمة وجه لاعادة الدعوى الى المحكمة التأديبية بعد أن قالت كلمتها فى موضوعها.
ومن حيث أنه لما كان المستفاد من أوراق الطعن أن الشركة المدعى عليها أجرت تحقيقا مع المدعيين لما نسب اليهم من التحريض على الأحزاب والاعتصام بمكان العمل وقد انتهى التحقيق الى مجازاتهم بخصم عشرة أيام من مرتب كل منهم ثم أصدرت الشركة قرارها رقم 86 فى 18 من يناير سنة 1973 بنقل كل منهم الى وحدات أخرى خارج الشركة، غير أن الشركة قامت بالغاء قرار الجزاء بالخصم من المرتب وأبقت على قرار النقل المشار اليه غير أن المدعيين طلبوا الحكم بالغاء هذا القرار بمقولة أن نقلهم يتضمن جزاء مقنعا.
ومن حيث أن الاختصاص بنقل العامل من مكان الى آخر مناطه كأصل عام تحقيق المصلحة العامة وما تتطلبه من ضمان حسن سير العمل وانتظامه دون ثمة معقوقات وبهذه المثابة فان مبررات ممارسة هذا الاختصاص تتوافر كلما دعت اعتبارات المصلحة العامة الى وجوب التدخل لاجرائه يستوى فى ذلك أن يتم النقل بسبب أو بمناسبة اتهام العامل بجرم يخل بواجبات وظيفته فى الجهة التى يعمل بها أم فى غير هذه الحالة ولا يسوغ والأمر كذلك التحدى بأن اجراء النقل بسبب أو بمناسبة اتهام العامل ينطوى بحكم اللزوم بجزاء تأديبى مقنع، ذلك أن النقل فى هذه الحالة فضلا عن أنه قد تتحقق به مقومات المصلحة العامة شأن نقل العامل البرىء الذى لم تلاحقه الاتهامات والجزاءات سواء بسواء فان هذه النقل قد يكون أجرى فى تحقيق المصلحة العامة ودواعيها من أى اجراء آخر قد يتخذ حيال العالم المسىء ومؤدى ذلك أن النقل بسبب الاتهام أو بمناسبته لا يدل بذاته على أن مصدر القرار يستهدف به التأديب المقنع ما لم يقم الدليل على ذلك من الأوراق صدقا وعدلا والقول بغير ذلك من شأنه أن يصبح العالم المسىء فى وضع أكثر تميزا من العامل البرىء الذى يجوز نقله وفقا لمقتضيات المصلحة العامة بينما يمتنع ذلك بالنسبة للعامل المسىء وهو ما يتأبى مع كل منطق سليم.
ومن حيث أنه لما كان النقل المطعون فيه لم يتضمن تنزيلا فى وظيفة المدعيين أو اعتداء على حقوقهم القانونية وهو ما لم يذهب اليه المدعون كما خلت الأوراق مما يدل عليه وكان هذا النقل قد استهدف على ما يبين من الأوراق مصلحة العمل فانه لا يعدو أن يكون نقلا مكانيا لا شبهة للتأديب فيه ولا ينال من ذلك أن النقل تم بمناسبة ما نسب الى المدعين طالما أن الجهة الادارية قد راعت فى اجرائه وجه المصلحة العامة ابتغاء البعد عن كل ما يمس حسن سير العمل وانتظامه وإذا كان الأمر كذلك فان الجهة الادارية تكون قد مارست سلطتها التقديرية فى نقل العاملين دون ثمة انحراف ولا ينطوى الأمر على ثمة جزاء ومن ثم يكون النعى على قرار النقل المطعون قائما على غير أساس سليم من الواقع أو القانون واجب الرفض.
ومن حيث أنه لما تقدم من أسباب فانه يتعين الحكم بقبول الطعن شكلا وفى موضوعه بالغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من عدم اختصاص المحكمة التأديبية بنظر طلب الغاء أوامر نقل المدعيين وباختصاص المحكمة التأديبية بنظر هذا الطلب وبرفضه موضوعا.
فلهذه الأسباب:
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من عدم اختصاص المحكمة التأديبية بنظر طلب الغاء أوامر نقل المدعيين، وباختصاصها بنظره وبرفض هذا الطلب موضوعا.
ساحة النقاش