العبرة فى تحديد المحكمة التأديبية المختصة هو بمكان وقوع المخالفة - الدفع بعدم الاختصاص المحلى من الدفوع المتعلقة بالنظام العام التى تثار فى أية حالة كانت عليها الدعوى
الحكم كاملاً
مجلس الدولة - المكتب الفنى - المبادئ التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثامنة والعشرون (من أول أكتوبر سنة 1982 إلى آخر سبتمبر سنة 1983) - صـ 699
(104)
جلسة 30 من ابريل سنة 1983
برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد هلال قاسم نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمود عبد العزيز الشربينى ومحمد عزيز أحمد على وعادل عبد العزيز بسيونى وجمال السيد دحروج - المستشارين.
الطعن رقم 501 لسنة 23 القضائية
اختصاص - اختصاص المحاكم التأديبية.
العبرة فى تحديد المحكمة التأديبية المختصة هو بمكان وقوع المخالفة - الدفع بعدم الاختصاص المحلى من الدفوع المتعلقة بالنظام العام التى تثار فى أية حالة كانت عليها الدعوى - للمحكمة من تلقاء نفسها أن تبحث اختصاصها ولو لم يطلبه الخصوم - لا يجوز لأطراف الخصومة ولو باتفاقهم صراحة أو ضمنا الخروج على قواعد توزيع الاختصاص - لا مجال لاعمال نص المادة (62) من قانون المرافعات والتى تتعلق بالاختصاص بين محاكم القضاء العادى لتعارضها مع نظام توزيع الاختصاص من المحاكم التأديبية - تطبيق.(1)
اجراءات الطعن
فى يوم الاثنين الموافق 9 من مايو سنة 1977 أودع الأستاذ صادق حسن المحامى قلم كتاب المحكمة الادارية العليا بالنيابة عن السيد (الطاعن) تقرير طعن قيد بجدول المحكمة تحت رقم 501 لسنة 43 القضائية فى الحكم الصادر بجلسة 15 من مارس سنة 1977 فى الدعوى رقم 105 لسنة 10 القضائية المقامة من الطاعن ضد شركة الأهرام للمجمعات الاستهلاكية والذى قضى بعدم قبول الدعوى شكلا لرفعها بعد الميعاد. وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلا وفى موضوعه بالغاء الحكم المطعون فيه وبالغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار والزام الشركة المطعون ضدها المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وبعد اعلان تقرير الطعن عقبت هيئة مفوضى الدولة على الطعن بتقرير بالرأى القانونى مسببا ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا. وقد عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 9 من يونيه سنة 1982 وبجلسة 9 من مارس سنة 1983 قررت الدائرة احالة الطعن الى المحكمة الادارية العليا (الدائرة الرابعة) لنظره بجلسة 19 من مارس سنة 1983 وبتلك الجلسة سمعت المحكمة ما رأت لزوما لسماعه من ايضاحات على النحو المبين بمحضر الجلسة، ثم ارجات اصدار الحكم لجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث ان الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث ان عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يخلص من الأوراق - فى أن المدعى السيد (الطاعن) أقام الدعوى رقم 105 لسنة 10 القضائية ضد شركة الأهرام للمجمعات الاستهلاكية، بعريضة أودعت سكرتارية المحكمة التأديبية لوزارة التموين فى 13 من مايو سنة 1976 طلب فيها الحكم بقبول الدعوى شكلا وفى موضوعها بالغاء القرار المطعون فيه رقم 45 الصادر فى 15 من يناير سنة 1976 وعدم الاعتداد به مع ما يترتب على ذلك من آثار قانونية ورد ما يكون قد سبق خصمه من مرتبه دون وجه حق - وقال بيانا للدعوى أن الشركة أجرت معه تحقيقا فيما نسب اليه من أنه قام ببيع الحلاوة الطحينية جملة بالسوق السوداء وبيع كميات الأسماك الواردة للمجمع الذى يرأسه فى 30 من يوليه سنة 1975 بطريقة مخالفة للتعليمات وتلاعبه فى حافظة المبيعات يوم 31 من أغسطس سنة 1975 بقصد اخفاء العجز لديه. وقال الطاعن أن السيد رئيس مجلس ادارة الشركة المدعى عليها أصدر فى 15 من يناير سنة 1976 القرار رقم 45 بمجازاته بخفض وظيفته من رئيس مجمع بالفئة السابعة من المستوى الثانى الى وظيفة مشرف حسابى بالفئة الثامنة من المستوى الثالث مع خفض مرتبه بمقدار جنيهين شهريا. ولما كان هذا القرار قد صدر مجحفا بحقوقه ومخالفا للقانون والواقع فقد تظلم منه فور اخطاره بالجزاء غير أن الشركة أخطرته فى 4 من مارس سنة 1976 بما يفيد رفض تظلمه وعدم العدول عن الجزاء لمناسبته للوقائع المسندة اليه. وينعى المدعى على القرار المطعون فيه مخالفته للمادة 49 من نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 61 لسنة 1971 ذلك لأن الشركة قامت بتنفيذ القرار المذكور بعد اعتماد موافقة رئيس مجلس الادارة بغير تصديق عليه من سلطة أعلى. كما أن الجزاء الموقع عليه لا يتناسب مع ما نسب اليه من مخالفات بفرض ثبوتها وهى غير ثابتة.
ودفعت الشركة المدعى عليها بعدم قبول الدعوى شكلا لرفعها بعد الميعاد. وطلبت احتياطيا رفض الدعوى لقيام القرار المطعون فيه على سببه. وأضافت الشركة ان القرار المطعون فيه صدر فى ظل أحكام القانون رقم 111 لسنة 1975 الذى ألغى المؤسسات العامة ونقل اختصاصات رؤساء مجالس ادارة المؤسسات الى رؤساء مجالس ادارة الشركات، واذ صدق رئيس مجلس ادارة الشركة على القرار المطعون فيه فانه يكون قد صدر متفقا مع أحكام القانون.
وبجلسة 15 من مارس سنة 1977 حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى شكلا لرفعها بعد الميعاد وأقامت قضاءها على أن المدعى وقد أخطر برفض تظلمه فى 4 من مارس سنة 1976 فقد كان عليه أن يقيد دعواه خلال الثلاثين يوما التالية، غير أنه لم يرفعها الا فى 13 من مايو سنة 1976 ومن ثم فانها تكون قد أقيمت بعد الميعاد، ولما كان القرار المطعون فيه قد صدر ممن يملكه قانونا مستوفيا لأوضاعه الشكلية فان النعى عليه بالانعدام توصلا لعدم تحصنه يكون فى غير محله.
ومن حيث أن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد صدر من محكمة غير مختصة ذلك أن الطاعن كان يعمل رئيسا لمجمع الخدمة الذاتية بمدينة بنها وانه كان يقيم فى ميت غمر ومن ثم فان الاختصاص بنظر دعواه يكون للمحكمة التأديبية بطنطا وليس للمحاكم التأديبية بالقاهرة، كذلك يقوم الطعن على أن القرار المطعون فيه صادر من غير مختص وهو عيب ينحدر به الى الانعدام مما يجيز الطعن فيه دون التقيد بمواعيد دعوى الالغاء. فضلا عن صدور القرار المذكور فاقدا الركن السبب. وقد عقبت الشركة المدعى عليها على الطعن وطلبت الحكم أصليا الحكم بعدم جواز الطعن فى الحكم المطعون فيه واحتياطيا برفض الطعن والزام الطاعن المصروفات والأتعاب.
ومن حيث ان الثابت ان المدعى السيد/ (الطاعن) كان يعمل رئيسا لمجمع الخدمة الذاتية بمدينة بينها ثم نسبت اليه ثلاث مخالفات هى قيامه ببيع كمية من الحلاوة الطحينية وكمية من الأسماك بالجملة وعلى خلاف التعليمات وتلاعبه فى حافظة المبيعات وبعد اجراء التحقيق فيما اسند الى المدعى اصدرت الشركة قرارها رقم 45 فى 15 من يناير سنة 1976 بمجازاته بخفض وظيفته من الفئة السابعة بالمستوى الثانى الى وظيفة مشرف حسابى من الفئة الثامنة بالمستوى الثالث مع خفض مرتبه بواقع جنيهين شهريا. وقد تظلم المذكور من هذا القرار وأخطر برفض تظلمه فى 4 من مارس سنة 1976 فأقام دعواه مثار هذا الطعن فى 13 من مايو سنة 1976 بطلب الغاء القرار المذكور أمام المحكمة التأديبية لوزارة التموين بالقاهرة التى أصدرت الحكم المطعون فيه بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد..
ومن حيث ان المادة 8 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة تقضى بأن يكون مقار المحاكم التأديبية للعاملين من مستوى الادارة العليا فى القاهرة والاسكندرية، ويكون مقار المحاكم التأديبية للعاملين من المستويات الأول والثانى والثالث فى القاهرة والاسكندرية ويجوز بقرار من رئيس مجلس الدولة انشاء محاكم تأديبية فى المحافظات الأخرى ويبين القرار عددها ومقارها ودوائر اختصاصها بعد أخذ رأى مدير النيابة الادارية. وتنص المادة 18 من القانون المذكور على أن تكون محاكمة العاملين المنسوبة اليهم مخالفة واحدة أو مخالفات مرتبطة ببعضها ومجازاتهم أمام المحكمة التى وقعت فى دائرة اختصاصها المخالفة أو المخالفات المذكورة. فاذا تعذر تعيين المحكمة عينها رئيس مجلس الدولة بقرار منه. ومفاد ذلك ان قانون مجلس الدولة جعل المناط فى تحديد دائرة اختصاص كل من المحاكم التأديبية بمكان وقوع المخالفة أو المخالفات المنسوبة الى العامل أو العاملين المحالين الى المحكمة التأديبية، ومن ثم فان المعول عليه قانونا فى تحديد المحكمة المختصة بنظر الدعوى هو مكان وقوع المخالفة أو المخالفات، وهذا الضابط يتفق مع طبائع الأشياء وحسن سير المصلحة العامة، باعتبار ان الجهة التى وقعت فيها المخالفة تستطيع ان تقدم ما قد تطلبه المحكمة من بيانات أو مستندات فى وقت ملائم يساعد على سرعة الفصل فى الدعوى.
ومن حيث ان قرار رئيس مجلس الدولة رقم 127 لسنة 1973 بانشاء محكمة تأديبية بمدينة طنطا، قضى بأن اختصاص هذه المحكمة بالدعاوى التأديبية والطعون الخاصة بالعاملين فى محافظات الغربية وكفر الشيخ والقليوبية والمنوفية ووحدات الحكم المحلى فى هذه المحافظات وعلى أن تبدأ هذه المحكمة أعمالها اعتبارا من 27 من مايو سنة 1973.
ومن حيث ان المدعى - على ما سلف بيانه - كان رئيسا لمجمع الخدمة الذاتية بمدينة بنها ثم نسب اليه بهذه الصفة ارتكاب المخالفات التى صدر القرار المطعون فيه بمجازاته عنها ومن ثم فان نظر الطعن فى القرار المذكور يكون من اختصاص المحكمة التأديبية بطنطا طالما أن العبرة فى تحديد المحكمة التأديبية المختصة - كما سلف ذكره - وهو بمكان وقوع المخالفة واذا أقام المدعى دعواه أمام المحكمة التأديبية للعاملين بوزارة التموين، فقد كان من المتعين على المحكمة أن تقضى بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وباحالتها الى المحكمة التأديبية بطنطا باعتبار ان الدفع بعدم الاختصاص المحلى لمحاكم مجلس الدولة - على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - من الدفوع المتعلقة بالنظام العام التى تثار فى أية حالة كانت عليها الدعوى، بل وللمحكمة من تلقاء نفسها ان تبحث فى اختصاصها فان ثبت لها عدم وجوده، فعليها ان تقضى بعدم اختصاصها من تلقاء نفسها، ولا حجة فيما ذهبت اليه الشركة المدعى عليها فى مجال التعقيب على الطعن الماثل - ان المدعى وقد أقام دعواه امام المحكمة التأديبية للعاملين بوزارة التموين بالقاهرة ولم تدفع الشركة بعدم اختصاص هذه المحكمة بنظر النزاع، فانها تكون قد اتفقت مع المدعى على اختصاص هذه المحكمة اعمالا لنص المادة 62 من قانون المرافعات المدنية والتجارية. لا حجة فى ذلك لأن قواعد توزيع الاختصاص بين المحاكم التأديبية وفقا لأحكام قانون مجلس الدولة على نحو ما تقدم ذكره من النظام العام الذى لا يجوز معه لأى من أطراف الخصومة أو جميعهم - صراحة أو ضمنا، أو للمحكمة ذاتها الخروج على قواعد توزيع الاختصاص هذه - وبهذه المثابة لا يسوغ اعمال حكم المادة 62 من قانون المرافعات سالف الذكر والتى تتعلق بالاختصاص بين محاكم القضاء العادى - لتعارضه مع نظام توزيع الاختصاص بين المحاكم التأديبية.
ومن حيث ان الحكم المطعون فيه وقد ذهب غير هذا المذهب، وفصل فى موضوع الدعوى فانه يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تأويله وتطبيقا ويتعين والأمر كذلك الحكم بقبول الطعن شكلا وفى موضوعه بالغاء الحكم المطعون فيه وباختصاص المحكمة التأديبية بطنطا بنظر الدعوى وباحالتها اليها للفصل فيها.
فلهذه الأسباب:
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى موضوعه بالغاء الحكم المطعون فيه، وباختصاص المحكمة التأديبية بطنطا بنظر الدعوى وباحالتها اليها للفصل فيها.
(1) مثل هذا المبدأ فتوى الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع رقم 349 فى 28/ 4/ 1971 مجموعة مبادئ الجمعية العمومية السنة 25 مبدأ 95 ص 755.
ساحة النقاش