المادة 61 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة رقم 58 لسنة 1971 - طلب صرف نصف المرتب الموقوف صرفه أثناء حبس العامل احتياطياً بسبب اتهامه في جناية قضى فيها ببراءته - لا يعتبر منازعة في راتب.
الحكم كاملاً
مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة والعشرون - العدد الثاني (من أول مارس سنة 1984 إلى آخر سبتمبر سنة 1984) - صـ 1327
(208)
جلسة 24 من يونيه سنة 1984
برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد صالح الساكت نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة يوسف شلبي يوسف ويحيى عبد الفتاح سليم البشري وعبد الفتاح محمد إبراهيم صقر ومحمد فؤاد عبد الرازق الشعراوي - المستشارين.
الطعن رقم 658 لسنة 27 القضائية
اختصاص - اختصاص المحاكم التأديبية - ما يدخل في اختصاص المحاكم التأديبية.
المادة 61 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة رقم 58 لسنة 1971 - طلب صرف نصف المرتب الموقوف صرفه أثناء حبس العامل احتياطياً بسبب اتهامه في جناية قضى فيها ببراءته - لا يعتبر منازعة في راتب - هو منازعة في قرار نهائي من سلطة تأديبية في مسألة من مسائل التأديب من حيث أصل الواقعة المنشئة للمسئولية وما رتبه القانون عليها من آثار منها الحرمان في حالة ثبوت مسئولية العامل تأديبياً عن الوقائع التي كانت سبباً في حبسه إذا توافرت عناصرها وأركانها - هو قرار فيه معنى الجزاء لو صحت مساءلة العامل تأديبياً - الحرمان من المرتب تابع للمسئولية التأديبية وناشئ عنها ومتعلق بموجباتها وآثارها ويتصل لزوماً بأصلها وأساسها - لا يغير من الأمر اكتفاء السلطات التأديبية بتقرير عدم صرف نصف المرتب الموقوف دون توقيع جزاء تأديبي - النظر على أنها منازعة في مرتب يخرجها عن طبيعتها ويجعلها متعلقة بما ليس متنازعاً فيه أساساً - الأثر المترتب على ذلك: اختصاص المحاكم التأديبية - تطبيق.
إجراءات الطعن
في يوم السبت الموافق 28 من مارس سنة 1981 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 658 لسنة 27 القضائية، في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري، بالقاهرة، بهيئة استئنافية بجلسة 28 من يناير سنة 1981 في الاستئناف رقم 67 لسنة 11 ق المرفوع من رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي بصفته ضد علي عبد الفتاح إبراهيم، القاضي بقبوله شكلاً ورفضه موضوعاً، وطلب للأسباب الواردة بالتقرير إلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بإحالة الدعوى إلى المحكمة التأديبية المختصة للفصل فيها، وأعلن الطعن على الوجه المبين بالأوراق، وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً أيدت فيه طعنها. وعرض على دائرة فحص الطعون، فقررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا "الدائرة الثانية" وهذه المحكمة نظرته على ما هو موضح بمحاضر جلساتها وقررت إرجاء الحكم إلى جلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع تخلص على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - في أن علي عبد الفتاح إبراهيم أقام الدعوى رقم 16 لسنة 24 ق أمام المحكمة الإدارية لوزارتي المالية والزراعية، في 22/ 11/ 1976 طالباً إلغاء القرار رقم 85 الصادر في 1/ 6/ 1976 من الهيئة العامة للإصلاح الزراعي، التي يعمل بها، والقاضي بحرمانه مما أوقف صرفه من مرتبه عن مدة حبسه الاحتياطي من 27/ 11/ 1971 حتى 17/ 12/ 1974 والبالغ 308 جنيهات وما يترتب على ذلك من آثار، تأسيساً على أن وقفه عن العمل بسبب حبسه خلال هذه المدة كان لاتهامه وآخرين في الجناية رقم 5 لسنة 1971 جنايات أمن دولة عليا "ببا" بارتكابهم جناية قتل مقترن بجناية سرقة بالإكراه، وأنه قضى ببراءته منها بحكم محكمة جنايات بني سويف الصادر في 17/ 4/ 1974، فلا محل لحرمانه من نصف مرتبه عن تلك المدة وبجلسة 13/ 2/ 1978 قضت المحكمة برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة وباختصاصها بنظرها وبرفض الدفع بعدم قبولها وبقبولها وفي موضوعها بأحقية المدة في صرف نصف الراتب الموقوف عن هذه الفترة، تأسيساً على أن الدعوى منازعة في مرتب مبناها أثر قرار الوقف في الحرمان منه، ولا تتقيد بميعاد الستين يوماً تبعاً، وإن من حق المدعي صرف نصف المرتب الموقوف، لأنه وقفه تم بسبب حبسه احتياطياً كإجراء قضائي لمصلحة التحقيق الجنائي والمحاكمة ولا يترتب عليه بذاته حرمان العامل من مرتبه عن مدة الحبس متى أسفرت الإجراءات عن عدم إدانته وفي هذا الحكم طعنت إدارة قضايا الحكومة بالاستئناف رقم 67 لسنة 11 ق. س طالبة إلغاءه والقضاء أصلياً بعدم اختصاص المحكمة الإدارية بنظر الدعوى وإحالتها إلى المحكمة التأديبية، واحتياطياً عدم قبولها شكلاً ومن باب الاحتياط الكلي رفضها موضوعاً. وبجلسة 28 يناير سنة 1981 قضت محكمة القضاء الإداري بالقاهرة بهيئة استئنافية بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً، وأقامت قضاءها على أن الدعوى مطالبة بنصف الراتب الموقوف، الذي يستمد المدعي حقه فيه من المادة 61 من القانون رقم 58 لسنة 1971 تأسيساً على عدم ثبوت المسئولية التأديبية ضده - فتعتبر من دعاوى الاستحقاق، وتختص بها المحاكم الإدارية ولا تظلم في مثلها قبل إقامتها، وأنه وقد برئ من الجناية التي أتهم فيها على أساس عدم صحة الاتهام فلا تثبت مسئوليته التأديبية، ويكون حرمانه من صرف نصف مرتبه غير مستخلص استخلاصاً سائغاً، فيقع باطلاً وفي هذا الحكم طعنت هيئة مفوضي الدولة طالبة إلغاءه والقضاء بعدم اختصاص المحكمة الإدارية بنظر الدعوى وإحالتها إلى المحكمة التأديبية المختصة.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن مفاد ما نصت عليه المادة 61 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الذي يحكم الواقعة، إن كل عامل يحبس احتياطياً أو تنفيذاً لحكم جنائي يوقف عن عمله مدة حبسه ويوقف صرف نصف أجره في حالة حبسه احتياطياً، أو تنفيذاً لحكم جنائي غير نهائي، ويحرم من كامل أجرة في حالة حبسه تنفيذاً لحكم جنائي نهائي، ويعرض الأمر عند عودة العامل إلى عمله على السلطة المختصة لتقرير ما يتبع في شأن مسئولية العامل التأديبية، فإذا اتضح عدم مسئوليته صرف له نصف أجره الموقوف". ذلك أن حق العامل في صرف نصف مرتبه الموقوف صرفه حالة حبسه احتياطياً رهين بثبوت عدم مسئوليته تأديبياً، وهو أمر موكول للسلطة المختصة، ويقصد بها السلطة التأديبية فهي التي تقرر مدى مسئوليته، وفي ضوء ذلك مدى حقه في صرف نصف المرتب الموقوف، ومتى كان ذلك وكان الفصل في طلب المدعي يتوقف أساساً على مدى ثبوت مسئوليته، فإن هذا الطلب وبوصفه متفرعاً عن المساءلة التأديبية ومرتبطاً بها ارتباطاً لا ينفصم عنها، ينعقد الاختصاص بنظره، بحكم اللزوم، للمحكمة التأديبية المختصة باعتبار أن قاضي الأصل هو قاضي الفرع يظاهر ذلك ما سبق أن قضت به المحكمة الإدارية العليا من أن الشارع خلع على المحاكم التأديبية الولاية العامة في الفصل في الدعوى التأديبية وفي الطعون في الجزاءات التأديبية، وأنها تشمل الدعوى التأديبية وما يتفرع عنها ويرتبط بها من طلبات.
ومن حيث إن طلب المدعي صرف نصف مرتبه الذي أوقف صرفه إليه طيلة مدة حبسه احتياطياً من 27/ 11/ 1971 حتى 1/ 12/ 1974 بسبب اتهامه في جناية القتل المقترن بالسرقة في قضية النيابة العامة رقم 5 لسنة 1971 ببا ورقم 118 لسنة 1971 والتي قضى فيها ببراءته بحكم محكمة جنايات بني سويف بتاريخ 17/ 12/ 1974 تأسيساً على عدم صحة قرار رئيس هيئة الإصلاح الزراعي التي يعمل بها خفيراً، بعدم صرفه إليه، لما اتضح له من مسئوليته التأديبية، ليس إلا منازعة من المدعي في هذه المسئولية مبناها انتفاؤها، وهي على هذا الوجه، ليست إلا منازعة منه في هذه المسئولية التأديبية لا أكثر من ذلك ولا أقل، ومناط تقرير الحرمان من نصف المرتب الموقوف هو ثبوت المسئولية على ما نصت عليه المادة 61 من قانون نظام العاملين المدنيين رقم 58 لسنة 1971 صراحة، ومنازعة المدعي في صحة ما انتهى إليه رأي رئيس الجهة التي يتبعها بما له من اختصاص في هذا الشأن بحكم وضعه الوظيفي وأحكام وإجراءات تأديبية هي منازعة منه في قرار نهائي من سلطة تأديبية في مسألة من المسائل المتعلقة بالتأديب، من حيث أصل الواقعة المنشئة للمسئولية التأديبية وما رتبه القانون عليها في المادة 61 المشار إليها من أثار منها هذا الحرمان في حالة ثبوت مسئولية العامل تأديبياً عن الوقائع التي كانت سبباً في حبسه إذا توافرت عناصرها وأركانها، وهو قرار في معنى الجزاء عما صح لدى مصدره من أن في هذه الوقائع ما يسوغ مؤاخذته تأديبياً عما تشتمل عليه من مخالفة تأديبية يصح مساءلته عنها إذ الحرمان من المرتب تبع لثبوت هذه المسئولية ومن ثم فهو ناشئ عنها، متعلق بموجباتها وآثارها، ولا يعدو أن يكون فرعاً منها تبعاً لها يتصل لزوماً بأصلها وأساسها، ولذلك يثير المنازعة فيه كل ما تعلق بها، وهي بطبيعتها من مسائل التأديب. والنظر إليها على أنها منازعة في مرتب، يخرج بها عن طبيعتها، ويجعلها متعلقة بما ليس متنازعاً فيه أساساً فيها، ولا يغير من الأمر اكتفاء السلطات التأديبية - في واقعة الدعوى - بتقرير عدم صرف نصف المرتب الموقوف دون توقيع جزاء تأديبي عن الأمر الموجب لمساءلته تأديبياً، إذ يصح منها ذلك، وهو كما تقدم في حكم الجزاء ومعناه. ولا يترتب على مسلكها اعتبار قرارها منفصلاً عن المسألة التي يتعلق بها أصلاً ويتفرع عنها إذ يبقى فرعاً منها "فهو تابع لها، ويبقى كذلك حتى في هذه الحالة، إذ لا تأثير لذلك على طبيعته وصورته أو الاختصاص بالفصل فيه.
ومن حيث إنه على مقتضى ما سبق، تكون المنازعة في الدعوى التي أقامها المدعي. هي كما وجهها في صحيفة دعواه ومذكراته متعلقة بقرار نهائي لسلطة تأديبية، فتختص بنظرها باعتبارها طعناً من المدعي فيه المحكمة التأديبية لدخوله في عموم القرارات النهائية للسلطات التأديبية المنصوص عليها في البند تاسعاً من المادة 10 من قانون مجلس الدولة، إذ هذه المحكمة تختص على ما نصت عليه المادة 15 إلى جانب الدعاوى التأديبية بنظر الطعون المنصوص عليها في البندين تاسعاً وعاشراً من المادة 10 من قانون مجلس الدولة الصادر به القانون رقم 47 لسنة 1972 ومن أجل ذلك تكون المحكمة الإدارية التي رفعت إليه الدعوى غير مختصة بنظرها وقد أخطأت في تقريرها غير ذلك بحجة أنها منازعة في مرتب إذ أنها ليست كذلك أساساً وفي قولها كما تقدم بعد بالدعوى عن موضوعها وطبيعة ومثار المنازعة فيها، وتبعاً يكون حكم محكمة القضاء الإداري بهيئة استئنافية بتأييد حكم المحكمة الابتدائية المشار إليه غير صحيح. ويتعين لذلك إلغاؤه والحكم بعدم اختصاص المحكمة الإدارية بالنظر في الدعوى وإحالتها إلى المحكمة التأديبية لوزارة الزراعة والإصلاح الزراعي للاختصاص.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبإلغاء الحكم المطعون فيه، وبعدم اختصاص المحكمة الإدارية بنظر الدعوى، وأمرت بإحالتها بحالتها إلى المحكمة التأديبية لوزارتي الزراعة والإصلاح الزراعي للاختصاص.
ساحة النقاش