المادة 16 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 أناطت برئيس المحكمة التأديبية سلطة إصدار قرارات الفصل في طلبات الوقف وصرف المرتب كله أو بعضه أثناء مدة الوقف.
الحكم كاملاً
مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثلاثون - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1984 إلى آخر فبراير سنة 1985) - صـ 112
(22)
جلسة 24 من نوفمبر سنة 1984
برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمود عبد العزيز الشربيني - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة عبد العزيز أحمد سيد حمادة وثروت عبد الله أحمد عبد الله وجمال السيد دحروج وعادل محمود فرغلي - المستشارين.
الطعن رقم 563 لسنة 29 القضائية
عاملون مدنيون بالدولة - تأديب - المحاكمة التأديبية - قرارات الوقف وصرف المرتب.
المادة 16 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 أناطت برئيس المحكمة التأديبية سلطة إصدار قرارات الفصل في طلبات الوقف وصرف المرتب كله أو بعضه أثناء مدة الوقف - المادة 83 من قانون العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 أناطت هذا الاختصاص للمحكمة وليس لرئيسها - أساس ذلك: المشرع استهدف تحقيق ضمانة ذات شأن تتمثل في أن يزن الأمر ثلاثة أعضاء بدلاً من واحد فقط بما يكفل أكبر قدر من العدالة - بصدور القانون رقم 47 لسنة 1978 يكون قد نسخ ضمنا نص المادة 16 من قانون مجلس الدولة - القرار الذي يصدر في هذا الشأن من رئيس المحكمة وحده يكون قد صدر من شخص لا ولاية له قانوناً بإصداره ويضحى بهذه المثابة قراراً منعدماً - تطبيق.
إجراءات الطعن
في يوم السبت الموافق 22 من يناير سنة 1983 أودع السيد المستشار رئيس هيئة مفوضي الدولة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 563 لسنة 29 القضائية في القرار الصادر من رئيس المحكمة التأديبية بالمنصورة بجلسة 18 من نوفمبر سنة 1982 في الدعوى رقم 41 لسنة 11 القضائية المقامة من النيابة الإدارية والذي قرر صرف النصف الموقوف صرفه من راتب السيد..... طوال مدة الوقف. وطلب الطاعن، للأسباب المبينة بتقرير الطعن، والحكم بقبول الطعن شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وفي الموضوع بإلغائه وإعادة الطلب إلى المحكمة التأديبية المختصة للفصل فيه بهيئة مشكلة تشكيلاً صحيحاً وفقاً للقانون.
وبعد أن تم إعلان تقرير الطعن إلى ذوي الشأن على الوجه المبين بالأوراق، قدم السيد مفوض الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني في الطعن انتهى فيه إلى أنه يرى الحكم (بصفة أصلية) بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفض طلب وقف تنفيذه ورفض الطعن موضوعاً - "واحتياطياً" - بقبول الطعن شكلاً وفي موضوع الطلب رقم 41 لسنة 11 القضائية، ووفقاً لما يقدم من أوراق وإيضاحات تفويض المحكمة في القضاء بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، والقضاء مجدداً بما تراه في شأن هذا الطلب، وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 23 من فبراير سنة 1983، وبجلسة 23 من مايو سنة 1984 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا - دائرة رابعة - وحددت لنظره أمامها جلسة 27 من أكتوبر سنة 1984، وبعد أن استمعت المحكمة إلى ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات ذوي الشأن قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل، أخذاً من الأوراق، في أن الإدارة العامة للتفتيش والتحقيقات بمجلس الدولة أجرت تحقيقاً مع السيد...... سكرتير وحدة التحضير بالمحكمة الإدارية بالمنصورة فيما نسب إليه من مخالفات، وهي فقد أصول وأحكام ومسودات أحكام ومحاضر جلسات ورولات قضايا وأصول وعرائض الدعاوى وملفات الخدمة المودعة في بعض الدعاوى، وحوافظ ومستندات مودعة أيضاً، والإهمال في عمل قوائم الرسوم في بعض الدعاوى، وبعرض الموضوع على السيد المستشار أمين عام مجلس الدولة قرر في 13 من ديسمبر سنة 1982 وقف السيد المذكور عن عمله احتياطياً لصالح العمل ولمصلحة التحقيق. وذلك بمقتضى القرار رقم 768 لسنة 1982، وقد عرض الأمر على المحكمة التأديبية بالمنصورة للنظر في الطلب رقم 41 لسنة 11 القضائية المقدم من النيابة الإدارية بشأن صرف أو عدم صرف نصف المرتب الموقوف من راتب العامل المذكور، وبجلسة 18 من ديسمبر سنة 1982 قرر السيد المستشار رئيس المحكمة التأديبية أحقية السيد المذكور في صرف نصف راتبه الموقوف خلال مدة وقفه عن العمل.
ومن حيث إن حاصل أسباب الطعن أن القرار المطعون فيه صدر بالمخالفة الحكم المادة 83 من القانون رقم 47 سنة 1978 الصادر بنظام العاملين المدنيين بالدولة، والتي جعلت الاختصاص في وقف العامل عن العمل ومد الوقف وصرف أو عدم صرف المرتب الموقوف معقوداً للمحكمة التأديبية وليس لرئيس المحكمة.
ومن حيث إنه باستعراض النصوص القانونية التي حددت الجهة صاحبة الولاية في الفصل في طلبات وقف العاملين عن العمل احتياطياً وصرف مرتباتهم أثناء مدة الوقف يبين أن المادة 16 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 سنة 1972 تنص على أنه يصدر رئيس المحكمة قراراً بالفصل في طلبات وقف الأشخاص المشار إليهم في المادة السابقة عن العمل أو صرف المرتب كله أو بعضه أثناء مدة الوقف وذلك في الحدود المقررة قانوناً، وتضمنت المادة 15 من هذا القانون بيان الأشخاص الذين أشارت إليهم المادة 16 سالفة الذكر ومن بينهم العاملين المدنيين بالدولة - شأن المطعون ضده - ثم صدر بعد ذلك القانون رقم 47 سنة 1978 بنظام العاملين المدنيين بالدولة وقضت المادة 83 منه على أن للسلطة المختصة أن توقف العامل عن عمله احتياطياً إذا اقتضت مصلحة التحقيق معه ذلك لمدة لا تزيد على ثلاثة أشهر ولا يجوز مد هذه المدة إلا بقرار من المحكمة التأديبية المختصة للمدة التي تحددها ويترتب على وقف العامل عن عمله وقف صرف نصف أجره ابتداء من تاريخ الوقف ويجب عرض الأمر فوراً على المحكمة التأديبية المختصة لتقرر صرف أو عدم صرف الباقي من أجره فإذا لم يعرض الأمر خلال عشرة أيام من تاريخ الوقف صرف الأجر كاملاً حتى تقرر المحكمة ما يتبع في شأنه.
ومن حيث إن مفاد النصوص المتقدمة أن قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 كان يقضي باختصاص رئيس المحكمة التأديبية بالفصل في طلبات وقف العاملين المدنيين بالدولة احتياطياً عن عملهم وفي طلبات صرف مرتباتهم كلها أو بعضها أثناء مدة الوقف ثم ارتأى المشرع في القانون رقم 47 لسنة 1978 أن يكون هذا الاختصاص منوطاً بالمحكمة التأديبية وليس برئيس هذه المحكمة وحده، وقد استهدف المشرع ولا شك من هذا النص تحقيق ضمانة ذات شأن تتمثل في أن يزن الأمر ثلاثة أعضاء بدلاً من واحد فقط بما يكفل أكبر قدر من العدالة وإذ جاء نص المادة 83 من القانون رقم 47 لسنة 1978 متعارضاً على هذا النحو مع نص المادة 16 من القانون رقم 47 سنة 1972 السابق عليه فإنه يكون قد نسخه ضمناً عملاً بنص المادة 2 من القانون المدني التي تنص على أنه لا يجوز إلغاء نص تشريعي إلا بتشريع لاحق ينص على هذا الإلغاء أو يشتمل على نص يتعارض مع نص التشريع القديم وإذا كان الأمر كذلك فإن الفصل في طلبات وقف العاملين المدنيين بالدولة احتياطياً عن عملهم وصرف مرتباتهم مدة الوقف كما هو الشأن في المنازعة الماثلة - يصح منعقداً منذ تاريخ العمل بالقانون رقم 47 لسنة 1978 للمحكمة التأديبية المختصة بكامل هيئتها وليس لرئيسها الذي زالت كل ولاية له في هذا الشأن.
ومن حيث إنه متى كان الأمر كما تقدم وكان القرار المطعون فيه صادراً من رئيس المحكمة التأديبية وحده وليس من المحكمة التأديبية بكامل هيئتها، فمن ثم يكون قد صدر من شخص لا ولاية له قانوناً في إصداره ويضحى بهذه المثابة قراراً معدوماً.
ومن حيث إنه لما تقدم يتعين الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء القرار المطعون فيه، وبإعادة طلب النظر في أمر صرف نصف المرتب الموقوف - المقيد برقم 41 لسنة 11 القضائية - إلى المحكمة التأديبية بالمنصورة للفصل فيه بكامل هيئتها.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء القرار المطعون فيه وبإعادة طلب النظر في أمر صرف نصف مرتب العامل المذكور إلى المحكمة التأديبية بمدينة المنصورة للفصل فيه بكامل هيئتها.
ساحة النقاش