المحكمة التأديبية تختص بالفصل في مدى التزام العامل بما ألزمته به جهة عمله من مبالغ بسبب المخالفة التأديبية.
الحكم كاملاً
مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والأربعون - الجزء الأول (من أول 15 أكتوبر سنة 2000 إلى آخر فبراير سنة 2001) - صـ 257
(34)
جلسة 10 من ديسمبر سنة 2000
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ عادل محمود ذكى فرغلى نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الاساتذة/ على فكرى حسن صالح، وأسامة محمود عبد العزيز محرم، وعبد المنعم أحمد عامر، وسعيد سيد أحمد نواب رئيس مجلس الدولة.
الطعن رقم 3098 لسنة 41 القضائية
اختصاص - ما يدخل فى اختصاص المحاكم التأديبية - ينعقد الاختصاص للمحكمة التأديبية بنظر المنازعة فى التحميل.
المحكمة التأديبية تختص بالفصل فى مدى التزام العامل بما ألزمته به جهة عمله من مبالغ بسبب المخالفة التأديبية - يستوى فى ذلك أن يقدم العامل طلبه فى هذا الخصوص إلى المحكمة التأديبية مقترنا بطلب إلغاء الجزاء التأديبى الذى تكون جهة الادارة قد أوقعته على العامل أو أن يقدم إليها على استقلال وبغض النظر عما إذا كان التحقيق مع العامل قد تمخض عنه جزاء تأديبى من عدمه - أساس ذلك - أن يكون السبب فى إلزام الجهة الإدارية للعامل بأية مبالغ هو وقوع المخالفة التأديبية وادعاء نسبتها إليه.
فى هذه الحالة يكون أساس إلزام الجهة الإدارية للعامل بهذه المبالغ هو ذاته أساس المخالفة التأديبية المنسوبة للعامل فيما لو قدرت الجهة الإدارية اعمال سلطتها التأديبية بمجازاته - أثر ذلك - ينعقد الاختصاص للمحكمة التأديبية بنظر المنازعة فى التحميل باعتبار أن قاضى الأصل هو قاضى الفرع - تطبيق.
إجراءات الطعن:
فى يوم الأحد الموافق 21/ 5/ 1995 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن محافظ القاهرة (بصفته) قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرا بالطعن قيد برقم 3098 لسنة 41ق.ع فى الحكم الصادر من المحكمة التأديبية لوزارة الصحة والإسكان بجلسة 26/ 3/ 1995 فى الطعن رقم 51 لسنة 25ق والقاضى بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء قرار مدير عام منطقة حلوان الطبية رقم 990 الصادر بتاريخ 23/ 9/ 1990 فيما تضمنه من تحميل الطاعن مبلغ (85432) مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة فى تقرير الطعن - الحكم بوقف تنفيذ ثم بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء أصليا بعدم اختصاص المحكمة التأديبية لوزارة الصحة والإسكان بنظر الطعن رقم 51 لسنة 25ق ، واحتياطيا: برفض الطعن المذكور.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالدائرة الرابعة/ عليا على النحو المثبت بمحاضر الجلسات إلى أن قررت بجلسة 8/ 7/ 1998 إحالته إلى دائرة الموضوع وحددت لنظره أمامها جلسة 10/ 10/ 1998 وتداول أمامها إلى أن قررت بجلسة 14/ 10/ 2000 إحالته إلى هذه الدائرة للاختصاص حيث نظر أمامها بجلسة 29/ 10/ 2000 وبها قررت إصدار الحكم فيه بجلسة اليوم وبها صدر وأودعت مسودته مشتملة على أسبابه لدى النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص فى أن المطعون ضده كان قد أقام الطعن رقم 51 لسنة 25ق بإيداع عريضته قلم كتاب المحكمة التأديبية لوزارة الصحة والإسكان بتاريخ 28/ 1/ 1991 - طالبا فى ختامها الحكم بإلغاء القرار رقم 990 الصادر بتاريخ 23/ 9/ 1991 فيما تضمنه من - تحميله مبلغ (85432 جنيها) مع ما يترتب على ذلك من آثار. وقال شرحا لطعنه - أنه من العاملين بمنطقة حلوان الطبية، وبمناسبة نقله من وظيفة أمين مخزن مستشفى الصحة النفسية بحلوان إلى وظيفة كاتب وأمين مخزن بعيادة حى أطلس بحلوان قام بتسليم عهدته بمعرفة لجنة تم تشكيلها لهذا الغرض وحصل على إخلاء طرف من عهدته مؤرخ 30/ 12/ 1987 ومعتمد من المدير العام بتاريخ 4/ 1/ 1988، وأضاف أنه رغم تنفيذه قرار النقل إلى حى أطلس بحلوان - بتاريخ 26/ 12/ 1987 فإن فوجئ بصدور القرار المطعون فيه بتاريخ 23/ 9/ 1990 بتحميله مبلغ 85432 جنيها قيمة العجز فى عهدته بمستشفى الصحة النفسية بحلوان ونعى على القرار المطعون فيه مخالفته للقانون لأنه صدر دون إجراء تحقيق من النيابة الإدارية كما أن الدعوى التأديبية كانت قد سقطت بمضى ثلاث سنوات على تاريخ تسليمه العهده، وبجلسة 26/ 3/ 1995 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من تحميل الطاعن مبلغ 58432 جنيها مع ما يترتب على ذلك من آثار، وشيدت المحكمة قضاءها وهى فى مقام الرد على الدفع المبدى من الجهة الإدارية بعدم اختصاصها نوعياً - بنظر الطعن - باعتبار أنه من قبيل - المنازعة فى راتب - على أن القرار المطعون فيه تحميل الطاعن المبلغ المشار إليه جاء مبنياً على ما نسب إليه من تسببه فى وجود عجز بعهدته ومن ثم تختص المحكمة بنظر الطعن وفقاً لما استقر عليه قضاء المحكمة الإدراية العليا فى هذا الخصوص، وأضافت المحكمة أنه كان يتعين إجراء تحقيق بمعرفة النيابة الإدارية مع الطاعن قبل إصدارها القرار المطعون فيه باعتبارها المختصة دون غيرها بإجراء التحقيق فى المخالفات المالية وفقاً لنص المادة 79 مكررا من القانون رقم 47 لسنة 1978 بإصدار نظام العاملين المدنيين بالدولة، ولما كانت النيابة الإدارية قد أجرت تحقيقاتها مع الطاعن بشأن ما نسب إليه من مخالفة بعد صدور القرار المطعون فيه فإن القرار المطعون فيه يكون مخالفا للقانون - فضلا عن أن المحكمة سبق لها أن قضت بحكمها الصادر فى الدعوى رقم 298 لسنة 33ق ببراءة الطاعن من مخالفة الإهمال فى المحافظة على عهدته نافية صلته بالعجز فى عهدة مستشفى الصحة النفسية بحلوان وهو ما كان يؤدى بحكم اللزوم إلى نفى مسؤوليته عن قيمة هذا العجز ويضحى معه قرار تحميله بهذه القيمة قائما على غير سند من صحيح حكم القانون.
وإذ لم يلق هذا القضاء قبولا لدى الجهة الإدارية فقد أقامت طعنها تأسيسا على أن الحكم المطعون فيه جاء مشوبا بالخطأ فى تطبيق القانون وتأويله ذلك أن اختصاص المحاكم التأديبية هو اختصاص استثنائى ومحدد على سبيل الحصر ولا يجوز التوسع فى تفسيره، وإذ كان قضاء المحكمة الإدارية العليا قد جرى على اختصاص المحاكم التأديبية بالفصل فى مدى إلزام العامل بما ألزمته به جهة الإدارة من مبالغ بسبب المخالفة التأديبية وبغض النظر عما إذا كان التحقيق مع العامل قد تمخض عن جزاء تأديبى من عدمه، فإن هذا القضاء يتعلق بقرارات التحميل التى يسبقها تحقيق إدارى فى حين أن القرار المطعون فيه لم يسبقه إجراء تحقيق إدارى، كما أن الحكم ببراءة المطعون ضده فى الطعن رقم 298 لسنة33ق، وحصوله على خلو طرف من جهة عمله السابقة لا يصلح دليلا على براءه ذمته من الديون الحكومية المقيدة عليه متى قامت دلائل موضوعية حقيقية على ثبوت هذه الديون.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن المحكمة التأديبية تختص بالفصل فى مدى التزام العامل بما ألزمته به جهة عمله من مبالغ بسبب المخالفة التأديبية، ويستوى فى ذلك أن يقدم العامل طلبه فى هذا الخصوص إلى المحكمة التأديبية مقترنا بطلب إلغاء الجزاء التأديبى الذى تكون جهة الإدارة قد أوقعته على العامل أو أن يقدمه إليها على استقلال وبغض النظر عما إذا كان التحقيق مع العامل قد تمخض عن جزاء تأديبى من عدمه، فالمهم من ذلك أن يكون السبب فى إلزام الجهة الإدارية للعامل بأية مبالغ هو وقوع المخالفة التأديبية وادعاء نسبتها إليه، ففى هذه الحالة يكون أساس إلزام الجهة الادارية للعامل بهذه المبالغ هو ذاته أساس المخالفة التأديبية المنسوبة للعامل فيما لو قدرت الجهة الإدارية إعمال سلطتها التأديبية بمجازاته، وفى هذه الحالة يعقد الاختصاص للمحكمة التأديبية بنظر المنازعة فى التحميل باعتبار أن قاضى الأصل هو قاضى الفرع.
ولما كان الثابت من الأوراق أن الواقعة سبب قرار التحميل المطعون فيه كانت محلا للتحقيق فى قضية النيابة الإدارية رقم 611 لسنة 1990 (صحة) حيث نسبت إلى المطعون ضده أنه أهمل فى المحافظة على عهدته المسلمة إليه بحكم وظيفته مما تسبب فى وجود عجز بها بلغت قيمته (58432.5) جنيها ومن ثم فإن المحكمة التأديبية تختص بالفصل فى المنازعة المتعلقة بقرار الجهة الإدارية بتحميل المطعون ضده المبلغ المشار إليه، وذلك باعتبار أن السبب فى إلزام الجهة الإدارية للمطعون ضده بهذا المبلغ هو وقوع المخالفة التأديبية وادعاء نسبتها إليه سواء كان التحقيق معه فى هذه الواقعة سابقا لقرار التحميل المطعون فيه أو لاحقا عليه إذ أنه يكفى لانعقاد الاختصاص للمحكمة التأديبية مجرد قيام قرار التحميل على ذات المخالفة التى ادعت الجهة الإدارية نسبتها للمطعون ضده حتى ولو تراخت الجهة الإدارية فى إحالة المطعون ضده إلى التحقيق إلى ما بعد إصدارها للقرار المطعون فيه بتحميله بالمبلغ المشار إليه.
ومن حيث أنه لما كان الثابت من مطالعة الحكم الصادر من المحكمة التأديبية لوزارة الصحة والإسكان فى الطعن رقم 298 لسنة33ق بجلسة 27/ 3/ 1994، إنه قضى ببراءة المطعون ضده من المخالفة التى نسبتها إليه النيابة الإدارية فى القضية رقم 611 لسنة 1990 (صحة) والمشار إليها آنفا وذلك استنادا إلى أن المطعون ضده كان قد قام بتسليم ما لدية من عهدة بتاريخ 20/ 12/ 1987 وصدر له إخلاء طرف بتاريخ 11/ 1/ 1988 بعد جرد عهدته وتسليمها لآخر، ومن ثم فإن المطعون ضده يكون بعد إخلاء طرفه قد زالت صلته بهذه العهدة بعد إخلاء طرفه باعتبار أنه فقد سيطرته عليها اعتبارا من ذلك التاريخ، ولا وجه لمساءلته عن العجز الذى تم اكتشافه بعد ذلك بتاريخ 24/ 10/ 1990 الأمر الذى ينفى عن المطعون ضده المخالفة المنسوبة إليه وهو ما يتعين معه القضاء ببراءته.
ومن حيث إنه بناء على الحكم المشار إليه ببراءة المطعون ضده من مخالفة الإهمال فى المحافظة على عهدته المسلمة إليه بحكم وظيفته مما تسبب فى وجود عجز بلغت قيمته (85432.5 جنيها) والذى أصبح باتا بعدم الطعن عليه وفقا للشهادة الرسمية التى قدمها المطعون ضده أمام محكمة أول درجة، فإن القرار المطعون فيه بتحميل المطعون ضده بالمبلغ المشار إليه يكون غير قائم على سبب صحيح من حكم القانون، الأمر الذى يتعين معه القضاء بإلغائه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أخذ بهذا النظر ومن ثم فإنه يكون متفقاً والتطبيق الصحيح لحكم القانون ويكون الطعن عليه فى غير محله حقيقا بالرفض.
فلهذه الأسباب:
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا.
ساحة النقاش