موقع المستشار/ البسيونى محمود أبوعبده المحامى بالنقض والدستورية العليا نقض جنائي- مدني- مذكرات- صيغ- عقود محمول01277960502 - 01273665051

المحكمة التأديبية تختص بالفصل في مدى التزام العامل بما ألزمته به جهة الإدارة من مبالغ وأعباء مالية بسبب المخالفة التأديبية، يستوي في ذلك أن يقضى العامل طلبه

الحكم كاملاً

مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الحادية والخمسون - الجزء الأول - من أول أكتوبر سنة 2005 إلى آخر مارس 2006 - صـ 469

(64)
جلسة 2 من مارس سنة 2006م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ منصور حسن علي غربي - نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ إدوارد غالب سيفين عبده، ومحمد الأدهم محمد حبيب، ومحمد لطفي عبد الباقي جوده، وعبد العزيز أحمد حسن محروس - نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ محمد ماهر عافية - مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ صبحي عبد الغني جوده - أمين سر المحكمة

الطعنان رقما 5110 لسنة 46 قضائية. عليا:
و6129 لسنة 47 قضائية. عليا:

(أ) اختصاص - ما يدخل في اختصاص المحكمة التأديبية - قرارات التحصيل المرتبطة بالجزاءات التأديبية.
المحكمة التأديبية تختص بالفصل في مدى التزام العامل بما ألزمته به جهة الإدارة من مبالغ وأعباء مالية بسبب المخالفة التأديبية، يستوي في ذلك أن يقضى العامل طلبه في هذا الخصوص إلى المحكمة التأديبية مقترنًا بطلب إلغاء الجزاء التأديبي الذي تكون جهة الإدارة قد وقعته عليه أو أن يقدمه إليها على استقلال وبغض النظر عما إذا كان التحقيق مع العامل قد تمخض عن جزاء تأديبي أو لم يتمخض عن جزاء ما - إلزام العامل بما تحملته جهة الإدارة بسبب التقصير المنسوب إليه وإن لم يكن في ذاته من الجزاءات التأديبية المقررة قانونًا إلا أنه يرتبط ارتباط الفرع بالأصل لقيامه على أساس المخالفة التأديبية المنسوبة إليه، وهو ذات الأساس الذي يقوم عليه قرار الجزاء عن هذه المخالفة فيما لو قدرت الجهة الإدارية إعمال سلطتها التأديبية وباعتبار أن قاضى الأصل هو قاضى الفرع - تطبيق.
(ب) موظف - تأديب - سقوط الدعوى التأديبية من النظام العام - أثر ذلك.
سقوط الدعوى التأديبية من النظام العام ويجوز للمحكمة التأديبية أن تقضى به من تلقاء نفسها، كما يجوز لصاحب الشأن أن يدفع به لأول مرة أمام المحكمة الإدارية العليا التي يجوز أن تقضى به من تلقاء نفسها ولو لم يدفع به الطاعن - تطبيق.


الإجراءات

في يوم الاثنين الموافق 10/ 4/ 2000 أودعت هيئة قضايا الدولة - نيابة عن محافظ المنوفية، ومدير عام مديرية الزراعة بالمنوفية، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرًا بالطعن قيد بجدولها برقم 5110 لسنة 46 ق. عليا في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بطنطا بجلسة 12/ 2/ 2000 في الطعن رقم 32 لسنة 28. ق، الذي قضى بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وطلب الطاعنان - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه فيما تضمنه من إلغاء القرار المطعون فيه، والقضاء بتأييد هذا القرار ورفض الطعن التأديبي رقم 32 لسنة 28 ق بشأنه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وأعلنت عريضة الطعن على النحو الثابت بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعًا.
وفي يوم الأربعاء الموافق 28/ 3/ 2001 أودعت هيئة قضايا الدولة - نيابة عن محافظ المنوفية، ومدير عام الزراعة بالمنوفية، ورئيس الجهاز المركزي للمحاسبات - قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرًا بالطعن قيد بجدولها برقم 6129 لسنة 47 ق. عليا في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بطنطا بجلسة 3/ 2/ 2001 في الطعن رقم 1204 لسنة 28 ق الذي قضى بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار، وطلب الطاعنون - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وبقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء أصليًا بعدم اختصاص المحكمة التأديبية بنظر الطعن التأديبي رقم 1204 لسنة 28 ق.
واحتياطيًا: برفض الطعن التأديبي رقم 1204 لسنة 28. ق، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وأعلن عريضة الطعن على النحو الثابت بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإعادة الطعن رقم 1204 لسنة 28، ق إلى المحكمة التأديبية بطنطا للفصل فيه من هيئة أخرى.
ونُظر الطعنان أمام هذه المحكمة بعد إحالتهما إليها من الدائرة الثامنة (فحص)، وذلك على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 22/ 12/ 2005 قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعنين بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعنين قد استوفيا أوضاعهما الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة محل الطعنين الماثلين تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 10/ 10/ 1999 أقام المطعون ضده الطعن التأديبي رقم 32 لسنة 28. ق بإيداع عريضته قلم كتاب المحكمة التأديبية بطنطا طالبًا الحكم بقبول الطعن شكلاً، وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه رقم 350 لسنة 1999 الصادر في 16/ 8/ 1999 فيما تضمنه من مجازاته بخصم شهرين من راتبه، وفي الموضوع بإلغائه وما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام جهة الإدارة بالمصروفات وشمول الحكم بالنفاذ المعجل بدون حاجة إلى إعلان.
وقال - شرحًا لطعنه - إنه بتاريخ 16/ 8/ 1999 صدر قرار محافظ المنوفية رقم 350 لسنة 1999 بمجازاته بخصم شهرين من راتبه لما نُسب إليه من أنه في الفترة من 1/ 2/ 1987 حتى 2/ 6/ 1998 لم يؤدِّ العمل المنوط به بالدقة الواجبة، ولم يحافظ على أموال وممتلكات الوحدة التي يعمل بها وخالف القواعد والأحكام المعمول بها، وخرج على مقتضى الواجب الوظيفي بأن أهمل في المحافظة على الصورة التنفيذية للحكم رقم 8086 لسنة 1996 جنح مستأنف شبين الكوم.
ونعى الطاعن على القرار المطعون فيه صدوره مشوبًا بانعدام السبب ومخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وإساءة استعمال السلطة ذلك أن الثابت أن الصورة التنفيذية المزعوم فقدها أعلنت للجمعية الزراعية في 9/ 2/ 1987 ولم يكن الطاعن هو المسئول عن ذلك في هذا التاريخ بل المسئول هو مهندس حماية الأراضي كما أن الطاعن في التاريخ المشار إليه لم يكن موجودًا بالجمعية الزراعية بل كان يشرف على حملات المقاومة وغيرها من المأموريات للإدارة والمديرية ولم يوقع باستلام الصورة التنفيذية المزعوم فقدها كما أن الثابت أنها تخص شخصًا آخر خارج نطاق دائرة عمله الوظيفي.
وبجلسة 12/ 2/ 2000 حكمت المحكمة التأديبية بطنطا بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وأقامت قضاءها على أن الثابت أن الطاعن كان يوم استلام الصورة التنفيذية للحكم رقم 8086 لسنة 1996 (جنح مستأنف شبين الكوم) في مأمورية وكلف آخر للقيام بعمله، كما أن الثابت أن الصورة التنفيذية للحكم المشار إليه لا تخص الاسم الوارد في القرار المطعون فيه وإنما لشخص آخر بدائرة قويسنا وليس دائرة بركة السبع التي يعمل فيها الطاعن، ومن ثم يكون ما نُسب إليه غير قائم في حقه لافتقاده الواقعة المبررة قانونًا لإصدار القرار المطعون فيه ويكون القرار الطعين قد صدر مخالفًا لأحكام القانون، خليقًا بالإلغاء.
ومن حيث إن أسباب الطعن رقم 5110 لسنة 46 ق. عليا تتحصل في أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله ذلك أن الثابت من التحقيقات في القضية رقم 14 لسنة 1999 أن المخالفة المنسوبة إلى المطعون ضده ثابتة في حقه على وجه القطع واليقين باعترافه بالتحقيقات باستلامه للصورة التنفيذية محل المخالفة، وكونه كان في مأمورية يوم 9/ 2/ 1987 لا ينفى استلامه لها قبل قيامه بتنفيذه المأمورية، وأن كون الصورة التنفيذية المشار إليها تخص شخصًا آخر لا ينفى مسئولية المطعون ضده عنها.
وبتاريخ 2/ 7/ 2000 أقام المطعون ضده الطعن التأديبي رقم 1204 لسنة 28. ق بإيداع عريضته قلم كتاب المحكمة التأديبية بطنطا طالبًا الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء تحميله بمبلغ عشرة آلاف جنيه ترتيبًا على قرار الجزاء رقم 350 لسنة 1999 الصادر له قرار التسوية رقم 916 وفقًا لتعليمات الجهاز المركزي للمحاسبات مع إلزام الجهة الإدارية بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقال - شرحًا لطعنه - إنه بتاريخ 16/ 8/ 1999 صدر قرار محافظ المنوفية رقم 350 لسنة 1999 بمجازاته بخصم شهرين من راتبه لما نُسب إليه من إهماله في المحافظة على الصورة التنفيذية للحكم رقم 8086 لسنة 1996 (جنح مستأنف شبين الكوم) ولما كانت الصورة التنفيذية المشار إليها قد تضمنت تغريم المتهم بمبلغ عشرة آلاف جنيه، فقد طلب الجهاز المركزي للمحاسبات تسوية هذا المبلغ على المتسبب، وقد أقام الطاعن الطعن التأديبي رقم 32 لسنة 28. ق، حيث قضت المحكمة التأديبية بطنطا بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار إلا أن جهة الإدارة قامت بتنفيذ الحكم بالنسبة لقرار الجزاء فقط دون الآثار المترتبة على ذلك وأهمها تسوية مبلغ الغرامة الوارد بالصورة التنفيذية المشار إليها، وقد فوجئ الطاعن بتحميله بمبلغ عشرة آلاف جنيه قيمة الغرامة المذكورة بناءً على تعليمات الجهاز المركزي للمحاسبات.
وبجلسة 3/ 2/ 2001 حكمت المحكمة التأديبية بطنطا بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وأقامت قضاءها على أن الثابت أن المحكمة ألغت قرار محافظة المنوفية رقم 350 لسنة 1999 فيما تضمنه من مجازاة الطاعن بخصم شهرين من أجره بموجب حكمها الصادر بجلسة 12/ 2/ 2000 في الطعن رقم 32 لسنة 28 ق لعدم صحة ما نُسب إليه ومن ثم فإنها تكون قد نفت الخطأ عن الطاعن ويتخلف بذلك أول أركان مسئوليته المدنية، الأمر الذي يكون معه قرار مديرية الزراعة بالمنوفية رقم 916 الصادر بتاريخ 7/ 10/ 1999 بتحميل الطاعن بمبلغ عشرة آلاف جنيه قد صدر فاقدًا لركن السبب مخالفًا للقانون خليقًا بالإلغاء.
ومن حيث إن أسباب الطعن رقم 6129 لسنة 47 ق. عليا تتحصل في أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله لما يلي: أولاً: عدم اختصاص المحكمة التأديبية بنظر الطعن التأديبي رقم 1204 لسنة 28 ق، حيث استقر قضاء المحكمة الإدارية العليا على قصر اختصاص المحاكم التأديبية بنظر الطعون في الجزاءات التأديبية، ولما كان الثابت أن المطعون ضده قد قصر طلباته على طلب إلغاء القرار الصادر بتحميله بمبلغ عشر آلاف جنيه، فإن المحكمة التأديبية تكون غير مختصة بنظر هذا الطعن.
ثانيًا الثابت بالأوراق والتحقيقات أن المطعون ضده قد ارتكب خطأ جسيمًا تمثل في عدم إرسال السند التنفيذي في الحكم رقم 8086 لسنة 1986 (جنح مستأنف شبين الكوم) الصادر ضد/ ........... إلى المديرية والمرسل من النيابة العامة بكتابها رقم 1822 في 9/ 2/ 1987، مما ترتب على ذلك عدم تنفيذ الحكم الصادر بتغريم المخالف بمبلغ عشرة آلاف جنيه، ومن ثم يتعين تحميل المطعون ضده ما ترتب على هذا الخطأ الجسيم من ضرر مادي للدولة تمثل في ضياع مبلغ عشرة آلاف جنيه على خزينة الدولة ويكون القرار الصادر بتحميله بهذا المبلغ مطابقًا للقانون.
ومن حيث إنه بالنسبة للدفع بعدم اختصاص المحكمة التأديبية بنظر الطعن التأديبي رقم 1204 لسنة 28. ق لتعلقه بطلب إلغاء القرار الصادر بتحميل المطعون ضده بمبلغ عشرة آلاف جنيه وأن اختصاص المحاكم التأديبية يقتصر على نظر الطعون في الجزاءات التأديبية، فذلك مردود بما تواتر عليه قضاء هذه المحكمة من أن المحكمة التأديبية تختص بالفصل في مدى التزام العامل بما ألزمته به جهة الإدارة من مبالغ وأعباء مالية بسبب المخالفة التأديبية، يستوي في ذلك أن يقدم العامل طلبه في هذا الخصوص إلى المحكمة التأديبية مقترنًا بطلب إلغاء الجزاء التأديبي الذي تكون جهة الإدارة قد وقعته على العامل أو أن يقدمه إليها على استقلال وبغض النظر عما إذا كان التحقيق مع العامل قد تمخض عن جزاء تأديبي أو لم بتمخض عن أي جزاء، وإلزام العامل بقيمة ما تحملته جهة الإدارة بسبب التقصير المنسوب إليه وإن لم يكن في ذاته من الجزاءات التأديبية المقررة قانونًا إلا أنه يرتبط بها ارتباط الفرع بالأصل لقيامه على أساس المخالفة التأديبية المنسوبة إلى العامل وهو ذات الأساسي الذي يقوم عليه قرار الجزاء عن هذه المخالفة فيما لو قدرت الجهة الإدارية إعمال سلطتها التأديبية وباعتبار أن قاضى الأصل هو قاضى الفرع، حاصل القول أن يكون السبب في إلزام العامل بأية مبالغ هو وقوع المخالفة التأديبية وادعاء نسبتها إليه حتى ينعقد اختصاص المحكمة التأديبية بنظر المنازعة سواء رفعت إليها مقترنة بطلب إلغاء جزاء تأديبي أو على استقلال.
ومن حيث إنه على هدى ما تقدم يغدو الدفع بعدم اختصاص المحكمة التأديبية بنظر الطعن التأديبي رقم 1204 لسنة 28. ق غير قائم على سند صحيح خليقًا بالرفض.
ومن حيث إن الثابت بالأوراق أن القرار رقم 350 لسنة 1999 الصادر بمجازاة المطعون ضده بخصم شهرين من راتبه والأمر الإداري رقم 916 لسنة 1999 بتحميله بمبلغ عشرة آلاف جنيه قد انبنى كل منهما على ما نُسب إليه في قضية النيابة الإدارية بشبين الكوم رقم 14 لسنة 1999 من أنه خلال الفترة من 9/ 2/ 1987 وحتى 2/ 6/ 1998 وبوصفه رئيس الوحدة الزراعية بهورين سابقًا وبدائرة عمله التابعة لمديرية الزراعة بالمنوفية لم يؤدِ العمل المنوط به بالدقة الواجبة ولم يحافظ على أموال وممتلكات الوحدة التي يعمل بها وخالف القواعد والأحكام المعمول بها وأتى ما من شأنه المساس بمصلحة مالية للدولة وخروج على مقتضى الواجب الوظيفي بأن أهمل في المحافظة على الصورة التنفيذية للحكم رقم 8086 لسنة 86 (جنح مستأنف شبين الكوم)؛ مما ترتب عليه عدم إرسالها إلى مديرية الزراعة، وبالتالي عدم تنفيذ الحكم وضياع حق الدولة في تحصيل الغرامة البالغ مقدراها عشرة آلاف جنيه.
ومن حيث إن المادة (91) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 المعدل بالقانون رقم 115 لسنة 1983 تنص على أن "تسقط الدعوى التأديبية بالنسبة للعامل الموجود بالخدمة بمضي ثلاث سنوات من تاريخ ارتكاب المخالفة، وتنقطع هذه المدة بأي إجراء من إجراءات التحقيق أو الاتهام أو المحاكمة... ومع ذلك إذا كون الفعل جريمة جنائية فلا تسقط الدعوى التأديبية إلا بسقوط الدعوى الجنائية".
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن المشرع قد قصد من ترتيب سقوط الدعوى التأديبية بعد أجل معين ألا يظل سيف الاتهام مسلطًا على متهم الأصل فيه البراءة، ويمثل ذلك ضمانه أساسية للعامل من ناحية وحث لجهة الإدارة على اتخاذ الإجراء القانوني اللازم خلال أجل معين قد يترتب على تجاوزه أن تضيع معالم المخالفة تختفي أدلتها من ناحية أخرى، وعلى هذا فإن سقوط الدعوى التأديبية من النظام العام، ويجوز للمحكمة التأديبية أن تقضي به من تلقاء نفسها، كما يجوز لصاحب الشأن أن يدفع به لأول مرة أمام المحكمة الإدارية العليا التي يجوز لها أن تقضى به من تلقاء نفسها ولو لم يدفع به الطاعن.
ومن حيث إنه على هدى ما تقدم وكان الثابت بالأوراق أن المخالفة المنسوبة إلى المطعون ضده سبب صدور قرار مجازاته بخصم شهرين من راتبه قد وقعت في غضون عام 1987 ولم تنشط جهة الإدارة إلى إجراء التحقيق في هذه المخالفة وإبلاغ النيابة الإدارية إلا في غضون عام 1998، ومن ثم تكون المخالفة المنسوبة إلى المطعون ضده قد سقطت بمرور أكثر من ثلاث سنوات على ارتكابها، بما لا يجوز معه لجهة الإدارة مجازاة المطعون ضده عنها، وينبني على ذلك بطلان الجزاء الصادر بسببها المبني على تحقيقات أجريت بعد انقضاء مدة التقادم وسقوط المخالفة بمضي المدة، ومن ثم يكون القرار المطعون فيه رقم 350 لسنة 1999 الصادر بمجازاة المطعون ضده بخصم شهرين من راتبه قد خالف صحيح حكم القانون خليقًا بالإلغاء.
وإذ ذهب الحكم المطعون فيه هذا المذهب - وإن كان لغير ذلك من الأسباب - فإنه يكون قد صادف صحيح حكم القانون فيما انتهى إليه ويغدو الطعن فيه غير قائم على سند صحيح من القانون خليقًا بالرفض.
ومن حيث إنه بالنسبة للأمر الإداري رقم 916 لسنة 1999 الصادر بتحميل المطعون ضده بمبلغ عشرة آلاف جنيه، فإن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن حق جهة الإدارة في الرجوع على العامل هو حق المضرور في الرجوع بالتعويض على من تسبب في إلحاق ضرر به وهو الحق الذي تنظمه المادة (163) من التقنين المدني التي تنص على أن "كل خطأ سبب ضررًا للغير يلزم من ارتكبه بالتعويض". وتجرى المطالبة بهذا الحق وفقًا لقواعد المسئولية التقصيرية بحسبان أن العامل لا يسأل مدنيًا إلا عن خطئه الشخصي، ومن ثم فإن هذه المسئولية التقصيرية للمطعون ضده في الحالة الماثلة إنما تخضع في حساب مدة تقادمها لحكم المادة (172) من التقنين المدني التي نصت على أن (1) تسقط بالتقادم دعوى التعويض الناشئة عن العمل غير المشروع بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي علم فيه المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه، وتسقط هذه الدعوى في كل حال بانقضاء خمس عشرة سنة من يوم وقوع العمل غير المشروع.....".
ومن حيث إنه على هدى ما تقدم وكان الثابت بالأوراق أن المخالفة المنسوبة إلى المطعون ضده التي انبنى عليها القرار الصادر بتحميله قد وقعت عام 1987 ولم يتصل علم جهة الإدارة بها إلا بموجب كتاب نيابة شبين الكوم الكلية رقم 13393 بتاريخ 4/ 6/ 1998 وقد نشطت جهة الإدارة إلى إجراء التحقيق في هذه المخالفة عام 1998 قبل أن ينقضي على علمها بها ثلاث سنوات أو ينقضي على وقوعها خمس عشرة سنة ومن ثم لا يكون حق جهة الإدارة في مطالبة المطعون ضده بالتعويض عما أصابها من ضرر قد سقط بالتقادم.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن المشرع قد جعل كل خروج على الواجب الوظيفي مرتبًا لمسئولية العامل التأديبية في حين لم يرتب المسئولية المدنية للعامل إلا إذا كان الخطأ الذي وقع منه شخصيًا فيسأل عنه في ماله الخص، ويعتبر الخطأ شخصيًا إذا كان الفعل الضار مصطبغًا بطابع شخصي يكشف عن الإنسان بضعفه ونزواته وعدم تبصره، أما إذا كان الفعل الضار ليس كذلك ويكشف عن مجرد موظف معرض للخطأ والصواب، فإن الخطأ في هذه الحالة يكون مصلحيًا، فالعبرة هي بنية الموظف وقصده فإذا كان تصرفه يهدف إلى تحقيق غايات الجهة الإدارية ومقاصدها فإن خطأه يندمج في أعمال الوظيفة ويعتبر خطأ مصلحيًا، أما إذا تبين أنه لا يعمل للصالح العام أو كان مدفوعًا بعوامل شخصية، أو كان خطؤه جسيمًا فإن الخطأ في هذه الحالة يعتبر خطأ شخصيًا يسأل عنه الموظف الذي وقع منه هذا الخطأ في ماله الخاص.
ومن حيث إنه على هدى ما تقدم وكان الثابت بالأوراق أن القرار الصادر بتحميل المطعون ضده بمبلغ عشرة آلاف جنيه قد انبنى على ما نُسب إليه من أنه بوصفه رئيس الوحدة الزراعية بهورين سابقًا قد أهمل في المحافظة على الصورة التنفيذية للحكم رقم 8086 لسنة 1986 (جنح مستأنف شبين الكوم) مما ترتب عليه عدم إرسالها إلى مديرية الزراعة، وبالتالي عدم تنفيذ الحكم وضياع حق الدولة في تحصيل الغرامة المحكوم بها ومقدارها عشرة آلاف جنيه.
ومن حيث إن الثابت من مطالعة التحقيقات التي أجرتها النيابة الإدارية بشبين الكوم في القضية رقم 14 لسنة 1999 أن ما نُسب إلى المطعون ضده ثابت في حقه باعترافه، إلا أن ما ثبت في حقه يكشف عن مجرد موظف مُعرَّض للخطأ والصواب؛ وحيث لم تكشف التحقيقات عن أنه كان مدفوعًا بعوامل شخصية أو أنه يعمل لغير الصالح العام، ومن ثم يكون خطؤه خطأ مصلحيًا لا يسأل عنه في ماله الخاص، الأمر الذي يغدو معه القرار الصادر بتحميله بمبلغ عشرة آلاف جنيه غير قائم على سند صحيح من القانون خليقًا بالإلغاء.
وإذ ذهب الحكم المطعون فيه هذا المذهب - وإن كان لغير ذلك من الأسباب - فإنه يكون قد صادف صحيح حكم القانون فيما انتهى إليه ويغدو الطعن فيه غير قائم على سند صحيح من القانون خليقًا بالرفض.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة

 

بقبول الطعنين شكلاً، ورفضهما موضوعًا.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 19 مشاهدة
نشرت فى 21 إبريل 2020 بواسطة basune1

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

5,120,366

الموقع الخاص بالاستاذ/ البسيونى محمود ابوعبده المحامى بالنقض والدستوريه العليا

basune1
المستشار/ البسيونى محمود أبوعبده المحامى بالنقض والدستورية العليا استشارات قانونية -جميع الصيغ القانونية-وصيغ العقود والمذكرات القانونية وجميع مذكرات النقض -المدنى- الجنائى-الادارى تليفون01277960502 -01273665051 العنوان المحله الكبرى 15 شارع الحنفى - الإسكندرية ميامى شارع خيرت الغندور من شارع خالد ابن الوليد »