سن الإحالة للمعاش تحديد سن الإحالة إلى المعاش هو جزء من نظام الوظيفة العامة الذي يخضع له الموظف لدى دخوله الخدمة، وهو نظام قابل للتعديل باعتبار أن علاقة الموظف بجهة الإدارة هي علاقة تنظيمية تحكمها القوانين واللوائح - ليس للموظف من سبيل في تعيين الأسباب التي تنتهي بها خدمته.
الحكم كاملاً
مجلس الدولة - المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة والأربعون - (من أول أكتوبر سنة 1999 إلى آخر سبتمبر سنة 2000) - صـ 15
(2)
جلسة الأول من يونيو سنة 2000
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حنا ناشد مينا - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: د. عبد الرحمن عثمان عزوز ومحمد مجدي محمد خليل هارون ورائد جعفر النفراوي وجمال السيد دحروج ومحمد عبد الرحمن سلامة وعويس عبد الوهاب عويس وإسماعيل صديق محمد راشد ومحمد أحمد الحسيني مسلم وكمال زكي عبد الرحمن اللمعي ومحمد أبو الوفا عبد المتعال - نواب رئيس مجلس الدولة.
الطعن رقم 300 لسنة 39 قضائية عليا
تأمين اجتماعي - الإحالة إلى المعاش - تحديد السن - الاستفادة من ميزة البقاء في الخدمة حتى سن الخامسة والستين - مناطه.
المادة 15 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1979، المواد الثانية، 6، 164 من قانون التأمين الاجتماعي رقم 79 لسنة 1975، المادة 13 من القانون رقم 50 لسنة 1963 بإصدار قانون التأمين والمعاشات لموظفي الدولة ومستخدميها وعمالها المدنيين، المادة 19 من القانون رقم 36 لسنة 1960 بإصدار قانون التأمين والمعاشات لموظفي الدولة، المادة 20 من القانون رقم 37 لسنة 1960 بشأن التأمين والمعاشات لمستخدمي الدولة وعمالها المدنيين.
تحديد سن الإحالة إلى المعاش هو جزء من نظام الوظيفة العامة الذي يخضع له الموظف لدى دخوله الخدمة، وهو نظام قابل للتعديل باعتبار أن علاقة الموظف بجهة الإدارة هي علاقة تنظيمية تحكمها القوانين واللوائح - ليس للموظف من سبيل في تعيين الأسباب التي تنتهي بها خدمته ومن بينها تحديد سن الإحالة إلى المعاش، وإنما تحدد نظم التوظف هذه السن حسبما يوجب الصالح العام الذي قد يقتضي تقرير بعض الاستثناءات - المشرع بعد أن قرر أصلاً عاماً يسري على العاملين المخاطبين بأحكام القانون رقم 36 لسنة 1960 بإنهاء خدمتهم لدى بلوغهم سن الستين، استثنى الموظفين الموجودين بالخدمة في تاريخ العمل بأحكام القانون الذين تجيز قوانين توظفهم بقاءهم في الخدمة بعد هذا السن، فيحق لهم الاستمرار في الخدمة حتى بلوغهم السن المحددة لإنهاء خدمتهم في القوانين المعاملين بها في ذلك التاريخ - كما مد هذا الاستثناء ليسري على مستخدمي الدولة وعمالها الدائمين وذلك بمقتضى حكم الإحالة المنصوص عليها بالمادة (20) من القانون رقم 37 لسنة 1960 - فأضحت العبرة في الاستفادة من حكم هذا الاستثناء هي المراكز القانونية الثابتة في 1/ 3/ 1960 إن كان الأمر يتعلق بموظف، وفي 1/ 5/ 1960 إن كان الأمر يتعلق بعامل أو مستخدم - ثم صدر القانون رقم 50 لسنة 1963 مردداً ذات الحكم - هذا الاستثناء لا يسري على من كان وقت دخوله لأول مرة خاضعاً لأحد الأنظمة الوظيفية التي تقضي بإنهاء الخدمة في سن الخامسة والستين ثم انقضت هذه الخدمة ثم عاد إلى الخدمة من جديد أو نقل إلى جهة أخرى - أم أعيد تعيينه بوظيفة أخرى بذات جهة عمله أو جهة أخرى أي أنه في كل الأحوال تغير وضعه الوظيفي بخضوعه لنظام يخرجه من الخدمة ببلوغه سن الستين، ففي هذه الحالة يسري هذا النظام الجديد عليه متى كان هذا التغيير قبل 1/ 6/ 1963 - أما إذا ما لحق العامل هذا القانون وكان وقت العمل به ما زال على ذات وضعه الوظيفي ومركزه الذاتي الذي يخوله حق البقاء في الخدمة حتى سن الخامسة والستين حتى ولو تعدل أو تغير بعد 1/ 6/ 1963، فإنه يستمر مستفيداً بهذا الاستثناء في ظل العمل بالقانون رقم 50 لسنة 1963 ومن بعده القانون رقم 79 لسنة 1975 بشأن التأمين الاجتماعي والذي لا يشترط أن يستمر العامل بذات الصفة أي على ذات مركزه القانوني القائم وقت العمل بالقانون رقم 50 لسنة 1963 والذي أكسبه هذه الميزة دون تعديل أو تغيير وحتى صدور القانون رقم 79 لسنة 1975، والقول بغير ذلك يؤدي إلى إهدار هذا المركز دون سند من القانون بل ويتعارض مع وضوح قصد الشارع - يترتب على ذلك - أنه يشترط للاستفادة من ميزة البقاء في الخدمة حتى سن الخامسة والستين أن يستمر العامل بذات صفته ومركزه القانوني الذي كان عليه في تاريخ العمل بأي من القانونين رقمي 36، 37 لسنة 1960 - على حسب الأحوال - وكان يخوله هذه الميزة بدون تعديل أو تغيير حتى تاريخ العمل بالقانون رقم 50 لسنة 1963 في 1/ 6/ 1963، ولا يلزم للإفادة من هذه الميزة أن يستمر بذات صفته ومركزه بعد هذا التاريخ.
إجراءات الطعن
في يوم الثلاثاء الموافق 10/ 11/ 1992 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعن بصفته قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها العام تحت رقم 300 لسنة 39 ق عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة التسويات) بجلسة 28/ 9/ 1992 الذي قضى "أولاً: بعدم قبول الدعوى شكلاً بالنسبة للطلب الأصلي. ثانياً: بقبول الطلب الاحتياطي شكلاً وفي الموضوع بإلزام الجهة الإدارية المدعى عليها بأن تؤدي للمدعي تعويضاً قدره عشرة آلاف جنيه وإلزام الطرفين المصروفات مناصفة بينهما".
وطلب الطاعن في ختام تقرير الطعن وللأسباب الواردة فيه بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض الدعوى وإلزام المطعون ضده المصروفات.
وقد تم إعلان تقرير الطعن قانوناً للمطعون ضده على الوجه الثابت بالأوراق، وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن بصفته المصروفات.
وتداولت دائرة فحص الطعون - الدائرة الثالثة عليا - نظر الطعن على النحو المبين بمحاضر الجلسات إلى أن قررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا - الدائرة الثالثة/ موضوع التي نظرت الطعن على النحو الثابت بمحاضر الجلسات إلى أن قررت بجلسة 5/ 8/ 1997 إحالة الطعن إلى الدائرة المنصوص عليها في المادة 54 مكرراً من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة لوجود تعارض في الأحكام في الطعن رقم 2110 لسنة 31 ق. ع بجلسة 27/ 12/ 1988، والطعن رقم 2952 لسنة 34 ق. ع بجلسة 9/ 1/ 1990 بالتعارض مع الأحكام الصادرة في الطعون أرقام 1696 لسنة 33 ق. ع جلسة 7/ 5/ 1994، 73 لسنة 37 ق. ع بجلسة 24/ 2/ 1966، 3535 لسنة 36 ق. ع جلسة 10/ 5/ 1997 وقد أعدت هيئة مفوضي الدولة تقريراً ارتأت فيه إعادة الطعن إلى الدائرة الثالثة بالمحكمة الإدارية العليا للقضاء فيه لعدم وجود ثمة تعارض بين الأحكام المشار إليها في قرار الإحالة يستوجب العرض على دائرة توحيد المبادئ.
وقد تحدد لنظر الطعن أمام هذه الدائرة جلسة 5/ 2/ 1998 وتداولت نظره على الوجه المبين بمحاضر الجلسات إلى أن قررت المحكمة (دائرة توحيد المبادئ) حجز الطعن للحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الواقعة موضوع الطعن الماثل تتمثل في إنه بتاريخ 25/ 10/ 1990 أقام المدعي (المطعون ضده) الدعوى رقم 4676 لسنة 47 ق بإيداع عريضتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري (دائرة التسويات) طالباً في ختامها الحكم بقبولها شكلاً وبصفة مستعجلة بإيقاف قرار نهاية خدمته وإعادته إلى العمل وما يترتب على ذلك من آثار وفي الموضوع بإلغاء هذا القرار وما يترتب على ذلك من آثار وعودته إلى العمل حتى سن الخامسة والستين واحتياطياً: القضاء له بتعويض قدره 20840 جنيهاً مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقال المدعي شارحاً دعواه إنه عين بالمخابرات العامة بتاريخ 1/ 1/ 1959 بوظيفة عامل لاسلكي مهني وظل يعمل بها بموجب عقد عمل وذلك حتى 29/ 2/ 1960 وبتاريخ 1/ 3/ 1960 عين المدعي بذات الجهة (المخابرات العامة) بالفئة الثامنة المهنية خارج الهيئة وتدرج فيها حتى الفئة الثانية المهنية وبتاريخ 9/ 11/ 1971 نقل المدعي للعمل بوزارة النقل والمواصلات "هيئة المواصلات السلكية واللاسلكية" على وظيفة مكتبية من الفئة الثانية بالقرار الجمهوري رقم 2845 لسنة 1971 إلى أن نقل إلى جهاز التنمية الشعبية "مجمع الإصلاح الزراعي بالدقي" واستطرد المدعي قائلاً إنه من مواليد 6/ 4/ 1929 وحاصل على الشهادة الابتدائية عام 1944 وأنه كان ينطبق بشأنه قانون المعاشات رقم 37 لسنة 1960 طبقاً لما جاء بكتاب المخابرات العامة رقم 224 بتاريخ 14/ 12/ 1972 ورغم كونه معاملاً بأحكام هذا القانون الذي يقضي بالإحالة إلى المعاش - في سن الخامسة والستين وقد توافرت في حقه - الشروط المتطلبة لبقائه في الخدمة حتى هذه السن. فقد قامت جهة العمل بإحالته إلى المعاش في سن الستين وأنهت خدمته في 6/ 4/ 1989 وهو الأمر الذي يعد مخالفاً للقانون وبما نص عليه قانون التأمين الاجتماعي رقم 79 لسنة 1975 واختتم المدعي صحيفة دعواه بسابق طلباته المشار إليها.
وبجلسة 28/ 9/ 1992 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها المطعون فيه سالف الذكر وأقامت قضاءها على أن مستخدمي الدولة وعمالها الدائمين الموجودين بهذه الصفة في أول مايو وقت العمل بالقانون رقم 37 لسنة 1960 يحق لهم إذا ما نقلوا بعد ذلك إلى إحدى المجموعات الوظيفية البقاء في الخدمة حتى بلوغهم سن الخامسة والستين وأن حقهم المكتسب ومراكزهم الذاتية التي اكتسبوها تظل قائمة في ظل العمل بالقانون رقم 50 لسنة 1963 ومن بعده القانون رقم 79 لسنة 1975، وإذ أن المدعي كان يخضع لكادر عمال اليومية الذي يقضي بأن السن المقررة لانتهاء الخدمة 65 سنة وكان موجوداً بهذه الصفة في 1/ 5/ 1960 تاريخ العمل بالقانون رقم 37 لسنة 1960 فمن ثم يكون قد نشأ له حق ذاتي في البقاء في الخدمة حتى سن الخامسة والستين على الرغم من تعيينه في 9/ 11/ 1971 بوظيفة كتابية بعد نقله إلى هيئة المواصلات السلكية واللاسلكية ومن بعده إلى جهاز التنمية الشعبية "مجمع الإصلاح الزراعي بالدقي" إذ طالما كان موجوداً بهذه الصفة العمالية في 1/ 5/ 1960 تاريخ العمل بالقانون رقم 37 لسنة 1960 فمن ثم يكون قد نشأ له حق ذاتي في البقاء في الخدمة حتى سن الخامسة والستين وإذ أن الجهة الإدارية أنهت خدمته رغم ذلك في سن الستين بالقرار المطعون فيه الذي وإن كان قد تحصن إلا أن ذلك لا يحول دون الحكم له بالتعويض المناسب عن الأضرار التي أصابته والتي بينها تفصيلاً الحكم المطعون فيه وانتهت المحكمة إلى قضائها سالف البيان.
ولما كان هذا القضاء لم يلق قبولاً لدى الطاعن فقد نعى على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون والخطأ في تفسيره وتأويله ذلك أن البقاء في الخدمة حتى سن الخامسة والستين منوط بتوافر شرطين:
1 -أن يكون من موظفي الدولة أو مستخدميها أو عمالها الدائمين الموجودين بالخدمة بأي صفة من هذه الصفات في 1/ 3/ 1960 أو 1/ 5/ 1960 بالنسبة للقانونين رقمي 36 لسنة 1960، 37 لسنة 1960 وحتى تاريخ العمل بالقانون رقم 50 لسنة 1963 في 1/ 6/ 1963.
2 - أن تكون لوائح توظيفهم في التواريخ المشار إليها تقضي ببقائهم في الخدمة حتى سن الخامسة والستين.
إذ أن المطعون ضده ألحق بالعمل بالمخابرات العامة في 1/ 1/ 1960 بعقد عمل بوظيفة عامل لاسلكي حتى 29/ 2/ 1960 حيث عين في 1/ 3/ 1960 بالمخابرات العامة بالفئة الثانية (وظائف خارج الهيئة واستمر كذلك إلى أن نقل لوزارة النقل على وظيفة مكتبية وإذ أن لائحة توظيف المخابرات العامة تقضي بإحالة العاملين بها للمعاش في سن الستين فتكون الجهة الإدارية قد أصابت وجه الحق عندما أصدرت قرار إنهاء خدمة المدعي (المطعون ضده) في سن الستين وبالتالي تنتفي مسئولية الإدارة وينهار معه الحكم المطعون فيه فيما قضى به بالتعويض.
من حيث إن المادة 15 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 تنص على أن "تنتهي خدمة العامل ببلوغه سن الستين وذلك بمراعاة أحكام القانون رقم 79 لسنة 1975 بإصدار قانون التأمين الاجتماعي والقوانين المعدلة له ولا يجوز مد خدمة العامل بعد بلوغه السن المقررة".
وتنص المادة الثانية من مواد إصدار قانون التأمين الاجتماعي رقم 79 لسنة 1975 على أن "يحل هذا القانون محل التشريعات الآتية: ....... 1 - القانون رقم 50 لسنة 1963 بإصدار قانون التأمين والمعاشات لموظفي الدولة ومستخدميها وعمالها المدنيين".
وتنص المادة السادسة من ذات القانون على أن "يلغى كل حكم يخالف أحكام هذا القانون بالنسبة للمعاملين بأحكامه".
وتنص المادة 164 من قانون التأمين الاجتماعي المشار إليه على أنه "استثناء من المادتين الثانية والسادسة من قانون الإصدار يستمر العمل بالبنود أرقام (1، 2، 4) من المادة 13 من قانون التأمين والمعاشات لموظفي الدولة ومستخدميها وعمالها المدنيين الصادر بالقانون رقم 50 لسنة 1963....".
وتنص المادة (13) من القانون رقم 50 لسنة 1963 آنف البيان على أن "تنتهي خدمة المنتفعين بأحكام هذا القانون عند بلوغهم سن الستين ويستثنى من ذلك:
1 - المستخدمون والعمال الموجودون بالخدمة وقت العمل بهذا القانون الذين تقضي لوائح توظفهم بإنهاء خدمتهم عند بلوغهم سن الخامسة والستين.
ومن حيث إن القانون رقم 50 لسنة 1963 كان قد حل محل القانونين رقم 36 لسنة 1960 بإصدار قانون التأمين والمعاشات لموظفي الدولة ورقم 37 لسنة 1960 بشأن التأمين والمعاشات لمستخدمي الدولة وعمالها المدنيين.
ومن حيث إن المادة (19) من القانون رقم 36 لسنة 1960 - المعمول به اعتباراً من 1/ 3/ 1960 - تنص على أن "تنتهي خدمة الموظفين المنتفعين بأحكام هذا القانون عند بلوغهم سن الستين ويستثنى من ذلك:
1 - الموظفين الذين تجيز قوانين توظفهم استبقائهم في الخدمة بعد السن المذكورة...".
وتنص المادة (20) من القانون رقم 37 سنة 1960 - المعمول به اعتباراً من 1/ 5/ 1960 على أن "تسري على المستخدمين والعمال المنتفعين بأحكام هذا القانون سائر الأحكام الواردة في القانون رقم 36 لسنة 1960 المشار إليه فيما لم يرد به نص خاص في هذا القانون..".
ومن حيث إن تحديد سن الإحالة إلى المعاش هو جزء من نظام الوظيفة العامة الذي يخضع له الموظف لدى دخوله الخدمة، وهو نظام قابل للتعديل باعتبار أن علاقة الموظف بجهة الإدارة هي علاقة تنظيمية تحكمها القوانين واللوائح، وليس للموظف من سبيل في تعيين الأسباب التي تنتهي بها خدمته ومن بينها تحديد سن الإحالة إلى المعاش، وإنما تحدد نظم التوظف هذه السن حسبما يوجب الصالح العام الذي قد يقتضي تقرير بعض الاستثناءات لدى تحديد سن الإحالة إلى المعاش، وهو ما نهجه المشرع في القانونين رقمي 36، 37 لسنة 1960 المشار إليهما، إذ بعد أن قرر أصلاً عاماً يسري على العاملين المخاطبين بأحكام القانون رقم 36 لسنة 1960 بإنهاء خدمتهم لدى بلوغهم سن الستين، استثنى من الخضوع لهذا الأصل الموظفين الموجودين بالخدمة في تاريخ العمل بأحكام القانون الذين تجيز قوانين توظفهم بقاءهم في الخدمة بعد بلوغهم هذا السن، فيحق لهم الاستمرار في الخدمة بعدها وحتى بلوغهم السن المحددة لإنهاء خدمتهم في القوانين المعاملين بها في ذلك التاريخ، كما مد هذا الاستثناء ليسري على مستخدمي الدولة وعمالها الدائمين وذلك بمقتضى حكم الإحالة المنصوص عليها بالمادة (20) من القانون رقم 37 لسنة 1960 فأضحت العبرة في الاستفادة من حكم هذا الاستثناء هي بالمراكز القانونية الثابتة في 1/ 3/ 1960 إن كان الأمر يتعلق بموظف، وفي 1/ 5/ 1960 إن كان الأمر يتعلق بعامل أو مستخدم - ثم صدر القانون رقم 50 لسنة 1963 مردداً ذات الحكم فجعل الأصل في إنهاء خدمة المخاطبين بأحكامه ببلوغهم سن الستين مع استثناء الموظفين والمستخدمين والعمال الموجودين بالخدمة الذين استمروا بأي من هذه الصفات التي كانوا عليها في تاريخ العمل بالقانون رقم 36 لسنة 1960 أو 37 لسنة 1960 وحتى 1/ 6/ 1963 تاريخ العمل بأحكامه دون تعديل أو تغيير فأقر لهؤلاء حق البقاء في الخدمة حتى سن الخامسة والستين متى كانت لوائح توظفهم تقضي ببقائهم في الخدمة حتى بلوغ هذه السن ومن ثم يتولد لمن له حق البقاء حتى سن الخامسة والستين في ظل القانونين رقمي 36، 37 لسنة 1960 مركز قانوني ذاتي يستصحبه في ظل القانون رقم 50 لسنة 1963 متى استمر بذات صفته خاضعاً للائحة وظيفته تجيز له البقاء في الخدمة حتى بلوغ هذه السن في تاريخ العمل بالقانون الأخير (1/ 6/ 1963) دون تعديل أو تغيير أما إذا انقضت العلاقة الوظيفية القائمة على أساس هذه الصفة لأي سبب وقت العمل بالقانون المذكور (50 لسنة 1963) فكان حق الانتفاع بهذه الميزة يسقط بانقضاء هذه الصفة كما لو انتهت خدمة العامل لأي سبب والتحق بجهة أخرى أو أعيد تعيينه أو تغيرت صفته التي كان معيناً عليها كأن يعين في وظيفة كتابية أو فنية أو تخصصية بدلاً من وظيفته العمالية ولحقه القانون 50 لسنة 1963 وهو بهذا الوضع الوظيفي الجديد فإنه في هذه الحالة يخضع للنظام القانوني للجهة التي نقل إليها أو أعيد تعيينه فيها أو للوظيفة الجديدة التي تم تسوية حالته عليها فتنتهي خدمته ببلوغ سن انتهاء الخدمة المقرر في هذا النظام الجديد ولا يفيد من الميزة التي انقضت بانتهاء الخدمة أو إعادة التعيين أو تغيير الصفة التي كانت قائمة وقت تقريرها استثناء باعتبار أن الميزة وإن كانت ذاتية مرتبطة بالمركز القانوني الذاتي الذي كان قائماً عند تقريرها إلا أنها تنقضي بانقضائه ولا تعود إلى الوجود بعد تعديل المركز القانوني للعامل بأي شكل حيث إنها ليست ميزة شخصية ترتبط بالشخص يستفيد منها حتى لو انقضى المركز الذاتي الذي كان سبب تقريرها وإنما هي ميزة مقررة لهذا المركز الذاتي نفسه وبذلك فإن الاستثناء الوارد بالمادة 19 من القانون رقم 1960 والمادة 20 من القانون رقم 37 لسنة 1960 (بحكم الإحالة) ومن بعدها المادة 13 من القانون رقم 50 لسنة 1963 لا يسري على من كان وقت دخوله لأول مرة خاضعاً لأحد الأنظمة الوظيفية التي تقضي بإنهاء الخدمة في سن الخامسة والستين ثم انقضت هذه الخدمة ثم عاد إلى الخدمة من جديد أو نقل إلى جهة أخرى أو أعيد تعيينه بوظيفة أخرى بذات جهة عمله أو جهة أخرى أي أنه في كل الأحوال تغير وضعه الوظيفي بخضوعه لنظام يخرجه من الخدمة ببلوغه سن الستين ففي هذه الحالة يسري هذا النظام الجديد عليه متى كان هذا التغيير قبل 1/ 6/ 1963 وهو ما نصت عليه المادة 13 من القانون رقم 50 لسنة 1963، أما إذا ما لحق العامل هذا القانون وكان وقت العمل به ما زال على ذات وضعه الوظيفي ومركزه الذاتي الذي يخوله حق البقاء في الخدمة لسن الخامسة والستين حتى ولو تعدل أو تغير بعد ذلك أي بعد 1/ 6/ 1963 فإنه يستمر مستفيداً بهذا الاستثناء في ظل العمل بالقانون رقم 50 لسنة 1963 ومن بعده القانون رقم 79 لسنة 1975 بشأن التأمين الاجتماعي الذي أبقى للعاملين الذين استمروا بالخدمة حتى تاريخ العمل به حق الانتفاع بميزة البقاء في الخدمة حتى سن الخامسة والستين طبقاً للمادة 164 منه طالما توافرت في حقهم شروط تطبيق المادة 13 من القانون رقم 13 لسنة 1963 على النحو سالف البيان دون أن تضيف المادة 164 من القانون رقم 79 لسنة 1975 شروط أخرى بمعنى أنه لا يشترط في ظل العمل بالقانون الأخير (79 لسنة 1975) أن يستمر العامل بذات الصفة أي على ذات مركزه القانوني القائم وقت العمل بالقانون رقم 50 لسنة 1963 والذي أكسبه هذه الميزة دون تعديل أو تغيير وحتى صدر القانون رقم 79 لسنة 1975 فإن هذا الشرط لم تستلزمه المادة 164 منه حسبما ورد في صياغة هذه المادة كما أن في القول بغير ذلك إنما يقضي إلى إهدار هذا المركز دون ما سند من القانون بل ويتعارض مع وضوح قصد الشارع في سياقه لحكم المادة 164 من هذا القانون بعكس ما جاء في سياق المادة 13 من القانون رقم 50 لسنة 1963 التي تطلبت أن يكون العامل وقت العمل به محتفظاً بذات مركزه القانوني ومعاملاً بذات لائحته الوظيفية التي تقرر له هذا الاستثناء.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة أنه يشترط للاستفادة من ميزة البقاء في الخدمة حتى سن الخامسة والستين أن يستمر العامل بذات صفته ومركزه القانوني الذي كان عليه في تاريخ العمل بأي من القانونين رقمي 36، 37 لسنة 1960 - على حسب الأحوال - وكان يخوله هذه الميزة بدون تعديل أو تغيير حتى تاريخ العمل بالقانون رقم 50 لسنة 1963 في 1/ 6/ 1963، ولا يلزم للإفادة من هذه الميزة أن يستمر بذات صفته ومركزه القانوني بعد هذا التاريخ 1/ 6/ 1963 وأمرت بإعادة الطعن إلى الدائرة المختصة بالمحكمة للفصل فيه.
ساحة النقاش