موقع المستشار/ البسيونى محمود أبوعبده المحامى بالنقض والدستورية العليا نقض جنائي- مدني- مذكرات- صيغ- عقود محمول01277960502 - 01273665051

إن عزل الموظف من وظيفته كنتيجة لصدور حكم جنائي ضده هو عقوبة بكل ما في هذه الكلمة من معنى لأن هذا الفصل إن هو إلا جزاء لما اقترفه من أثم يعد جناية أو جنحة مخلة بالشرف والعقوبة ما هي إلا جزاء.

الحكم كاملاً

مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثامنة - الجزء الثاني (من أول فبراير سنة 1962 إلى آخر سبتمبر سنة 1963) - صـ 784

(69)
جلسة 23 من فبراير سنة 1963

برياسة السيد/ الإمام الإمام الخريبي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة مصطفى كامل إسماعيل وحسن السيد أيوب والدكتور ضياء الدين صالح ومحمد مختار العزبي المستشارين.

القضية رقم 1348 لسنة 8 القضائية

( أ ) موظف - عزله من وظيفته كنتيجة لصدور حكم جنائي ضده - هو عقوبة بكل ما في هذه الكلمة من معنى - أساس ذلك أن هذا الفصل جزاء لما اقترفه من جناية أو جنحة مخلة بالشرف، والعقوبة ما هي إلا جزاء.
(ب) موظف - فصله - الحكم عليه في جناية مع وقف التنفيذ لمدة محددة من تاريخ النطق بالحكم، على أن يكون الوقف شاملاً لجميع الآثار الجنائية المترتبة على الحكم - نص المادة 59 عقوبات على اعتبار هذا الحكم كأن لم يكن بعد انقضاء مدة الوقف دون صدور حكم بإلغاء الوقف خلالها - أثره - اعتبار القرار الإداري الصادر بفصل المحكوم عليه بعد انقضاء مدة الوقف على هذا الوجه فاقداً ركن السبب.
1 - إن عزل الموظف من وظيفته كنتيجة لصدور حكم جنائي ضده هو عقوبة بكل ما في هذه الكلمة من معنى لأن هذا الفصل إن هو إلا جزاء لما اقترفه من أثم يعد جناية أو جنحة مخلة بالشرف والعقوبة ما هي إلا جزاء.
2 - تنص المادة 59 عقوبات على أنه "إذا انقضت مدة الإيقاف ولم يكن يصدر خلالها حكم بإلغائه فلا يمكن تنفيذ العقوبات المحكوم بها ويعتبر الحكم بها كأن لم يكن" وظاهر هذا النص واضح في أن الحكم بعد انقضاء مدة الإيقاف يعتبر كأن لم يكن بما اشتمل عليه من عقوبات بمدلولها الواسع، أي سواء أكانت عقوبات أصلية أو تبعية وبمعنى آخر، يزول كل أثر لهذا الحكم..
وعلى ما تقدم فإذا مضت المدة التي أمر الحكم بوقف تنفيذ العقوبة خلالها على تاريخ صدور الحكم المطعون عليه، قبل أن يصدر القرار الإداري بفصله من الخدمة، فإن هذا القرار يكون قد صدر مستنداً إلى حكم يعتبره القانون بعد انقضاء هذه المدة كأنه لم يكن وغير ممكن تنفيذ العقوبات المقضى بها، ومن ثم يكون القرار المذكور - بحسب الظاهر - قد صدر فاقداً للسبب الذي قام عليه.


إجراءات الطعن

في 4 من يوليه سنة 1962 أودع السيد رئيس إدارة القضايا عريضة طعن سكرتيرية هذه المحكمة في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة التربية والتعليم بجلسة 5/ 5/ 1962 في القضية رقم 621 لسنة 8 القضائية المرفوعة من السيد/ الحسيني أحمد عبد السلام ضد وزارة التربية والتعليم، والقاضي "باستمرار صرف راتب المدعي من تاريخ صدور قرار فصله مع الأمر بإحالة الدعوى إلى مفوض الدولة لإعداد تقرير في موضوعها" وطلب السيد رئيس إدارة القضايا للأسباب التي أوردها في عريضة طعنه "قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض دعوى المطعون ضده مع إلزامه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين".
وقد أعلن هذا الطعن إلى طرفي الخصومة ثم حدد لنظره جلسة أمام دائرة فحص الطعون أخطر بها الطرفان، وهذه أحالته إلى المحكمة الإدارية العليا التي بعد أن نظرته قررت إرجاء النطق بالحكم فيه لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من الأوراق تتحصل في أن المدعي أقام دعواه بعريضة أودعها سكرتيرية المحكمة الإدارية في 27 من سبتمبر سنة 1961 طالباً الحكم "أولاً بصفة مستعجلة بصرف مرتبه إلى حين الفصل في موضوع الدعوى وثانياً: وفي الموضوع بإلغاء القرار الصادر بفصله من منطقة المنصورة التعليمية المنوه عنه بصلب هذه الصحيفة مع إلزام الوزارة المدعى عليها بالمصروفات والأتعاب".
وقال المدعي شرحاً لدعواه إن منطقة التعليم بالمنصورة أخطرته في 22/ 6/ 1961 عن طريق المدرسة التي يعمل مدرساً بها بقرار فصله من الخدمة اعتباراً من 21/ 1/ 1958 للحكم عليه في الجناية رقم 492 لسنة 1956 كلي المنصورة..... مع إيقاف صرف ماهيته اعتباراً من شهر يونيه سنة 1961...، ويعيب المدعي على هذا القرار مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، ذلك أن الحكم الذي استند إليه قرار الفصل قد نص فيه على إيقاف التنفيذ لمدة ثلاث سنوات على أن يكون الإيقاف شاملاً لجميع الآثار الجنائية المترتبة عليه، وقد صدر هذا الحكم في 21/ 1/ 1958 وبعد فوات أكثر من ثلاث سنوات على صدوره صدر قرار الفصل في 22/ 6/ 1961، وتنص المادة 59 من قانون العقوبات على أنه "إذا انقضت مدة الإيقاف ولم يكن صدر في خلالها حكم بإيقافه فلا يمكن تنفيذ العقوبة المحكوم بها ويعتبر الحكم بها كأنه لم يكن" أي أنه إذا مضت ثلاث سنوات من تاريخ صدور الحكم يعتبر كأنه لا وجود له ولا يبقى له أي كيان، وقد صدر هذا الحكم بالتطبيق لحكم المادة 55 من قانون العقوبات التي لم توضع عبثاً وإنما قد وضعت لمثل هذه الحالة، لأن الحكمة التي ارتآها المشرع من وضع تلك المادة هي اعتبار الحكم كإنذار للمحكوم عليه بأن يسلك سلوكاً مستقيماً في مدة معينة حددها وهي ثلاث سنوات من تاريخ صدور الحكم الذي له طابع خاص يختلف به عن باقي الأحكام.... ويقول الدكتور السعيد مصطفى السعيد في كتابه الأحكام العامة في قانون العقوبات الطبعة الثالثة ص 735 "إذا انقضت مدة الوقف هذه ولم يكن قد صدر خلالها حكم بإلغائه فلا يمكن تنفيذ العقوبة المحكوم بها ويعتبر الحكم بها كأن لم يكن (مادة 59) وهذا يعتبر بمثابة إعادة اعتبار بقوة القانون لا يحتاج المحكوم عليه بعده إلى طلب إعادة اعتباره إليه من السلطة القضائية، بل مجرد مضي الثلاث سنين بغير أن يصدر حكم بإلغاء الوقف تسقط العقوبة التي كان تنفيذها معلقاً ويزول كل ما يترتب عليها من وجوه عدم الأهلية والحرمان من الحقوق سواء في ذلك ما كان مقرراً في قانون العقوبات وما نص عليه في قوانين خاصة".
ومن ثم فإن ما نصت عليه المادة 107 من قانون الموظفين في فقرتها السابعة لم يعد له أي تأثير على مركز المدعي القانوني بعد أن أصبح الحكم الجنائي كأن لم يكن ولا وجود له - .... وقد نصت الفقرة الثالثة من المادة 6 من قانون نظام الموظفين على أنه "يشترط فيمن يعين في إحدى الوظائف ألا يكون قد سبق الحكم عليه في جناية أو في جريمة مخلة بالشرف ما لم يكن قد رد إليه اعتباره في الحالتين" أي أن هذه المادة تجيز تعيين الموظف إذا كان قد رد إليه اعتباره والنتيجة الحتمية لذلك هي أنه إذا كان الموظف قد صدر عليه حكم ثم رد إليه اعتباره فإنه يبقى في وظيفته ما دام القانون يجيز توظيفه في مثل هذه الحالة، وتفريعاً على ما تقدم فإن المدعي قد رد إليه اعتباره بقوة القانون بفوات الثلاث سنوات المنصوص عليها في الحكم واعتبار هذا الحكم كأن لم يكن طبقاً لحكم المادة 59 عقوبات وبالتالي يكون فصله جاء مخالفاً للقانون، ولا يغير من ذلك كون قرار الفصل قد نعى فيه على اعتبار الفصل من 21/ 1/ 1958 إذ أنه لا يجوز أن يكون لقرار الفصل أثر رجعي خاصة إذا ما كان قد صدر بعد أن أصبح الحكم كأنه لم يكن وبعد أن رد اعتبار الطالب له بقوة القانون...".
أجابت الوزارة المدعى عليها على الدعوى بأن المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة تنص على أن "خدمة الموظف تنتهي لأحد الأسباب الآتية.... وجاء في القفرة الثامنة منها أن الحكم على الموظف في جناية أو جريمة مخلة بالشرف كسبب من هذه الأسباب...." وقد حكم على المدعي في جناية ومن ثم فإنه يعتبر مفصولاً بقوة القانون رقم 210 لسنة 1951 المشار إليه ولا يغير من وجهة النظر هذه أن الحكم صدر مشمولاً بإيقاف التنفيذ لأن إيقاف التنفيذ لا يتعدى الآثار الجنائية وبذلك تظل الآثار الإدارية قائمة ونافذة المفعول وهذا المبدأ مستقر بحكم المحكمة الإدارية العليا ولم يشترط القانون أن تتدخل الإدارة بإدارتها الملزمة لإحداث هذا الأثر القانوني، فإذا صدر مثل هذا القرار فإنه لا يعدو أن يكون عملاً تنفيذياً محضاً للقانون لا قراراً إدارياً منشأ لمركز قانوني في حق الموظف، وسيان في ذلك أن يصدر القرار التنفيذي فور تحقق الواقعة المرتبة لحكم القانون أو أن يتراخى إلى ما بعد ذلك بوقت طويل أو قصير، وسواء كان الحكم الجنائي مشمولاً بإيقاف التنفيذ أو غير مشمول - فإن حكم القانون واقع في جميع الحالات من تلقاء نفسه، وقد تواترت أحكام مجلس الدولة على ذلك من جميع جهات القضاء الإداري وتوج بحكم من المحكمة الإدارية العليا كما تقدم.
وبجلسة 5 من مايو سنة 1962 قضت المحكمة الإدارية المذكورة في الطلب المستعجل باستمرار صرف راتب المدعي من تاريخ صدور قرار فصله "بانية قضاءها هذا على أن الدعوى المستعجلة يجب أن تقوم على ركنين حتى تعتبر مقبولة قانوناً أولهما ركن الاستعجال وثانيهما ركن المشروعية والركن الأول من الشهادة المقدمة من المدعي بأنه لا يملك سوى راتبه وبالتالي فإن حرمانه من راتبه يعتبر خطراً على معيشته إذ أنه يعتمد عليه في قيام أوده أو عيشه.... وأما بالنسبة للركن الثاني فإنه يتعين أن يكون هناك احتمال حسب ظاهر الأوراق ودون مساس بأصل الدعوى أو موضوعها - لكسب الدعوى موضوعاً، ويبين من مساق الوقائع في هذه الدعوى أن المدعى عليها لم تصدر قراراً إدارياً إلا بعد فوات مدة على انتهاء مدة وقف التنفيذ والتي يترتب عليها اعتبار الحكم كأن لم يكن ويزول جميع آثاره سواء كانت جنائية أو إدارية (م 59 عقوبات). وقرار الفصل وقد صدر متأخراً فقد صدر منعدماً لوروده على غير محل إذ أن المدعي قد رد إليه اعتباره بصيرورة الحكم الجنائي منعدماً وكأن لم يكن... ومن ثم يكون هذا الطب قد توافر له ركن الجدية أي صفة المشروعية وذلك كله دون مساس بالموضوع...".
ومن حيث إن الطعن يقوم على ما قضت به المحكمة الإدارية العليا من وجوب التفرقة بين العزل كعقوبة جنائية تبعية أو تكميلية أي سواء أكان عزلاً نهائياً أم عزلاً لمدة مؤقتة تقع بالتطبيق لقانون العقوبات، وبين إنهاء خدمة الموظف وقطع رابطة التوظف نهائياً سواء بالتطبيق للفقرة الرابعة من المادة (107) من قانون التوظف أي كجزاء تأديبي بعد محاكمة تأديبية أو بطريق العزل الإداري أي بقرار جمهوري بالتطبيق للفقرة السادسة أو بقوة القانون ونتيجة للحكم على الموظف في جناية أو في جريمة مخلة بالشرف وفقاً للفقرة الثامنة من تلك المادة وكل أولئك أسباب قانونية لإنهاء خدمة الموظف تطبق كل منهما في مجاله متى قام موجبه واستوفى أوضاعه وشرائطه.... ولا يجوز تعطيل أحكام قانون نظام موظفي الدولة في إنهاء الخدمة بأي سبب من الأسباب المشار إليها متى توافرت الشروط القانونية إذ لكل من العزل كعقوبة جنائية بالتطبيق لأحكام قانون العقوبات والعزل تأديبياً كان أم إدارياً بالتطبيق لأحكام قانون موظفي الدولة لكل مجاله وشروطه وأحكامه الخاصة به في التطبيق، وأنه ليس ثمة تلازم بينهما في كل الأحوال وإن كان توقع التلاقي في تحقيق الأثر في بعض الأحوال فلا يجوز إذن تعطيل أحكام قانون التوظف في مجال تطبيقها متى قام موجبها واستوفت أوضاعها وشروطها. وفي ضوء ما تقدم يتضح خطأ ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن فصل الموظف طبقاً لنص المادة 107 فقرة 8 لا يترتب بقوة القانون بل يشترط أن تفصح الإدارة عن ذلك بحسب تقديرها - وكما سبق أن توضح فإن إنهاء الخدمة يترتب حتماً وبقوة القانون على الحكم على الموظف في جناية أو جريمة مخلة بالشرف دون أن يكون لجهة الإدارة أي سلطة للترخص في هذا الشأن، وأن قرار الفصل لا يعدو أن يكون من قبيل الإجراءات اللازمة لتنفيذ القانون الذي جعل إنهاء الخدمة أثراً حتمياً في هذه الحالة، ولا يؤثر في صحة النتيجة المتقدمة وقف تنفيذ العقوبة المحكوم بها في الجناية بالتطبيق للمادة 55 من قانون العقوبات تطبيقاً لما استقر عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا من أن "وقف تنفيذ الآثار المترتبة على الأحكام الجنائية بالتطبيق للمادة 55 من قانون العقوبات وما بعدها لا يشمل إلا العقوبة التبعية والآثار الجنائية المترتبة على الحكم فلا يتعداها إلى الآثار الأخرى سواء أكانت هذه الآثار من روابط القانون الخاص أم من روابط القانون العام، أي سواء أكانت مدنية أو إدارية (حكم المحكمة الإدارية طعن رقم 5 لسنة 4 القضائية)، ويؤيد هذا النظر أحكام محكمة النقض العديدة التي تجمع على أن وقف التنفيذ لا يتعدى العقوبات الأصلية أو التبعية وحدها فقضت بأن "وقف التنفيذ لا يكون بحسب صريح النصوص التي وضعت لها في القانون إلا بالنسبة للعقوبات فهو إذن لا يجوز في التعويضات أو الرد بجميع صوره" كما قضت بأن "المادة 55 حين نصت على جواز وقف تنفيذ العقوبة عند الحكم في جناية أو جنحة بالغرامة أو الحبس إنما عنت العقوبات الجنائية بالمعنى الحقيقي سواء أكانت هذه العقوبات أصلية أو تبعية أم الجزاءات الأخرى والتي - وإن كان فيها معنى العقوبة ولكنها ليست عقوبة بحتة - فإنه لا يجوز الحكم بوقف التنفيذ فيها" وتقول الوزارة إن الحكم المطعون فيه قد أخطأ أيضاً فيما ساقه دليلاً على انعدام القرار المطعون فيه من القول بأن جهة الإدارة لم تفصح عن إرادتها في فصل المطعون ضده إلا بعد انتهاء مدة وقف التنفيذ التي يترتب عليها القانون اعتبار الحكم كأن لم يكن وزوال جميع آثاره سواء كانت جنائية أم إدارية أي بعد أن رد إلى المطعون ضده اعتباره بصيرورة الحكم الجنائي منعدماً - فهذا القول مردود عليه بأن جهة الإدارة لا تملك أن تترخص في إبقاء الموظف أو إقصائه في الحالة المنصوص عليها في الفقرة الثامنة من المادة 107 من قانون نظام الموظفين إذ أن خدمة الموظف تنتهي بقوة القانون كأثر حتمي للحكم عليه في جناية أو جنحة مخلة بالشرف... والواقع أن من وجهين الوجه الأول يتعلق بتفسير نص المادة 59 من قانون العقوبات التي تنص على أنه "إذا انقضت مدة الإيقاف ولم يصدر في خلالها حكم بإلغائه فلا يمكن تنفيذ العقوبة المحكوم بها ويعتبر الحكم بها كأن لم يكن" هذا الذي ذهب إليه الحكم المطعون فيه ينطوي على خطأ في فهم القانون، فقد خلط الحكم المطعون فيه بين الحكم الصادر في الجريمة وبين العقوبة المحكوم بها والموقوف تنفيذها، فالذي يعتبر كأن لم يكن هو الحكم بالعقوبة الموقوف تنفيذها دون سائر العقوبات الأخرى التي لم تحكم بإيقاف تنفيذها، يؤكد ذلك نص المادة 55 من قانون العقوبات والتي تنص "بأنه يجوز للمحكمة عند الحكم في جناية أو جنحة بالغرامة أو بالحبس مدة لا تزيد على سنة أن تأمر في نفس الوقت بإيقاف تنفيذ العقوبة.... ويجوز أن تجعل الإيقاف شاملاً لأية عقوبة تبعية ولجميع الآثار الجنائية المترتبة على الحكم" وعلى ذلك وطبقاً لكل ما تقدم، ولما كان الشارع لم يتطلب لانتهاء الخدمة وفقاً لحكم المادة 107 فقرة 8 من قانون التوظف سوى صدور حكم في جناية أو جنحة مخلة بالشرف فإن صدور هذا الحكم كاف لتحقق سبب إنهاء الخدمة ولو صدر الحكم في الجناية بغير عقوبة الجناية أو صدر الحكم مع وقف تنفيذ العقوبة أو لم تنفذ العقوبة الموقوفة بسبب مضي ثلاث سنوات على حكم وقف التنفيذ واعتبار الحكم بالعقوبة كأن لم يكن....
ومن حيث إن موضوع الطعن الحالي خاص بما قضت به المحكمة من استمرار صرف مرتب المطعون ضده الذي بنى طلبه هذا على توافر ركن الاستعجال والمشروعية وهو ما أخذ به الحكم المطعون فيه وقوام الطعن في هذا الحكم أنه قد بني على أسباب لا يساندها ظاهر النصوص القانونية التي ارتكزت عليها... وبداهة أن طلب صرف المرتب هو إجراء وقتي لا يؤثر القضاء فيه على أصل الحق أو الموضوع المتفرع عنه هذا الطلب فالقاضي وهو ينظره إنما يستمد العناصر المكونة لعقيدته فيه من ظاهر الأوراق وما توحي إليه ظاهر النصوص القانونية وذلك بالقدر الذي يسمح باتخاذ إجراء وقتي متى وجدت الظروف المبررة لهذا...
ومن حيث إنه على الأساس المتقدم، وسواء ما يدل عليه ظاهر الأوراق أو يشير إليه ظاهر النصوص القانونية المتعلقة بنقطة النزاع، فإن فصل المطعون ضده من الخدمة وتنحيته عن وظيفته إنما كان إعمالاً لقرار صدر من مدير التربية والتعليم لمنطقة المنصورة التعليمية في 22/ 6/ 1961 لصدور حكم على المطعون ضده من محكمة جنايات المنصورة في القضية رقم 442 لسنة 1956 كلي المنصورة بجلسة 21 من يناير سنة 1958 قضى بحبسه سنة مع الشغل بوقف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ صيرورة الحكم نهائياً، وقد أرجع القرار تاريخ الفصل إلى تاريخ صدور هذا الحكم.... ويبين من الاطلاع على الحكم المذكور أن التهمة التي حوكم من أجلها المطعون عليه إنما يرجع تاريخها إلى 7 إبريل سنة 1953 منذ كان طالباً وقبل التحاقه بخدمة الوزارة في سنة 1956 والتهمة التي وجهت إليه هي أنه اعتدى على ثلاثة من الطلبة أحدث بأحدهم عاهة مستديمة وبعد أن استعرضت محكمة الجنايات ظروف الدعوى وملابسات الاعتداء رأت استعمال الرأفة مع المتهم عملاً بنص المادة 17 عقوبات، وقالت المحكمة في تبرير ذلك "إن أخلاق المتهم والظروف التي ارتكبت فيها الجريمة تبعث على الاعتقاد بأنه لن يعود إلى مخالفة القانون لذلك ترى المحكمة الأمر بوقف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات من تاريخ النطق بهذا الحكم (21 يناير سنة 1958) على أن يكون الإيقاف شاملاً لجميع الآثار الجنائية المترتبة على الحكم" وقد تنازل المجني عليه الذي تخلفت عنده العاهة المستديمة عن دعواه المدنية التي كان قد أقامها ضد المطعون عليه محافظة منه على الصلات الودية بينهما....
ومن حيث إن عزل الموظف من وظيفته كنتيجة لصدور حكم جنائي ضده هو عقوبة بكل ما في هذه الكلمة من معنى لأن هذا الفصل إن هو إلا جزاء لما اقترفه من أثم يعد جناية أو جنحة مخلة بالشرف والعقوبة ما هي إلا جزاء.
ومن حيث إن المادة 59 عقوبات تنص على أنه "إذا انقضت مدة الإيقاف ولم يكن صدر في خلالها حكم بإلغائه فلا يمكن تنفيذ العقوبات المحكوم بها ويعتبر الحكم بها كأن لم يكن" وظاهر هذا النص واضح في أن الحكم بعد انقضاء مدة الإيقاف يعتبر كأن لم يكن بما اشتمل عليه من عقوبات بمدلولها الواسع، أي سواء أكانت عقوبات أصلية أو تبعية وبمعنى آخر يزول كل أثر لهذا الحكم....
ومن حيث إنه على ما تقدم وقد مضت ثلاث سنوات على تاريخ صدور الحكم المطعون عليه قبل أن يصدر القرار الإداري بفصله من الخدمة فإن هذا القرار يكون قد صدر مستنداً إلى حكم يعتبره القانون بعد انقضاء هذه المدة كأنه لم يكن وغير ممكن تنفيذ العقوبات المقضى بها، ومن ثم يكون القرار المذكور - بحسب الظاهر - قد صدر فاقداً للسبب الذي قام عليه.
ومن حيث إنه لذلك يكون الحكم المطعون فيه قد أصاب وجه الحق والصواب في النتيجة التي انتهى إليها مما يتعين معه رفض الطعن وإلزام الوزارة بمصروفات هذا الطلب.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً، وألزمت الحكومة بمصروفات هذا الطلب.

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 217 مشاهدة
نشرت فى 19 إبريل 2020 بواسطة basune1

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

5,119,857

الموقع الخاص بالاستاذ/ البسيونى محمود ابوعبده المحامى بالنقض والدستوريه العليا

basune1
المستشار/ البسيونى محمود أبوعبده المحامى بالنقض والدستورية العليا استشارات قانونية -جميع الصيغ القانونية-وصيغ العقود والمذكرات القانونية وجميع مذكرات النقض -المدنى- الجنائى-الادارى تليفون01277960502 -01273665051 العنوان المحله الكبرى 15 شارع الحنفى - الإسكندرية ميامى شارع خيرت الغندور من شارع خالد ابن الوليد »