موقع المستشار/ البسيونى محمود أبوعبده المحامى بالنقض والدستورية العليا نقض جنائي- مدني- مذكرات- صيغ- عقود محمول01277960502 - 01273665051

القانون ترك لجهة الإدارة أن تترخص في اعتبار الموظف المنقطع عن عمله دون إذن مدة خمسة عشر يوماً متتالية مستقيلاً من الخدمة طبقاً لما تراه محققاً للمصلحة العامة.

الحكم كاملاً

مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الرابعة عشرة - العدد الثاني (من منتصف فبراير سنة 1969 إلى آخر سبتمبر سنة 1969) - صـ 514

(66)
جلسة 22 من مارس سنة 1969

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور أحمد موسى - وكيل مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة عادل عزيز زخاري ومحمد طاهر عبد الحميد ويوسف إبراهيم الشناوي وعلي لبيب حسن - المستشارين.

القضية رقم 873 لسنة 11 القضائية

( أ ) - دعوى. رسوم قضائية. قرار الإعفاء من الرسوم.
قرار الإعفاء من الرسوم وإن لم يشمل سوى طلب إلغاء القرار المطعون عليه إلا أنه يشمل بآثاره الطلب الجديد بالتعويض عن ذات القرار، أساس ذلك.
(ب) - موظف "انتهاء الخدمة، أسبابها". "الاستقالة".
القانون ترك لجهة الإدارة أن تترخص في اعتبار الموظف المنقطع عن عمله دون إذن مدة خمسة عشر يوماً متتالية مستقيلاً من الخدمة طبقاً لما تراه محققاً للمصلحة العامة.
1 - إن كان قرار إعفاء المدعية من الرسوم لم يشمل سوى طلب إلغاء القرار المطعون عليه، إلا أنها وقد قامت بعد ذلك بتعديل طلباتها مستبدلة بطلب الإلغاء طلب التعويض عن ذات القرار المطعون فيه، فإن قرار الإعفاء يشمل بآثاره الطلب الجديد، ذلك أن كلاً من طلب إلغاء القرار غير المشروع وطلب التعويض عنه، يقومان على أساس قانوني واحد، هو عدم مشروعية القرار الإداري، وإن الطعن بالإلغاء هو طعن فيه بالبطلان بالطريق المباشر، وطلب التعويض عنه هو طعن فيه بالبطلان بطريق غير مباشر، ومتى كان الأمر على هذا النحو يكون هذا السبب من أسباب الطعن غير مستند إلى أساس سليم من القانون.
2 - إذا ما انقطع الموظف عن عمله دون إذن لمدة خمسة عشر يوماً متتالية جاز اعتباره مستقيلاً من الخدمة، بمعنى أن القانون ترك لجهة الإدارة المختصة أن تترخص في إعمال هذا الحكم في حق الموظف إذا ما توافر مناط تطبيقه، طبقاً لما تراه محققاً للمصلحة العامة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانوناً.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل، حسبما يبين من الأوراق، في أن المطعون ضدها كانت قد أقامت الدعوى رقم 532 لسنة 10 القضائية، بعد أن حصلت على قرار من لجنة المساعدة القضائية بجلسة 16 يناير سنة 1963 بإعفائها من الرسوم القضائية في الطلب المقدم منها بر قم 1012 لسنة 9 القضائية إعفاء، وقد أودعت صحيفة افتتاح دعواها قلم كتاب المحكمة الإدارية لوزارة الصحة في 2 من إبريل سنة 1963، قالت فيها إنها التحقت بخدمة وزارة الصحة بوظيفة تمورجية في سنة 1950 بمصلحة الطب العلاجي ونقلت إلى مستشفى المنصورة العام في فبراير سنة 1953 ثم إلى مستشفى السنبلاوين في سنة 1955 وفي يوم 15 أغسطس وفي أثناء فترة راحتها الأسبوعية توجهت إلى المنصورة لزيارة أقاربها فأصابها مرض مفاجئ أقعدها عن العودة إلى استلام عملها بعد انتهاء الراحة، فخابرت المستشفى طالبة توقيع الكشف الطبي عليها للمرض، فورد إليها الخطاب المؤرخ 19 أغسطس سنة 1958 بالتوجه إلى القومسيون الطبي بالمنصورة يوم 21 أغسطس سنة 1958، وتم توقيع الكشف الطبي عليها وكلفها الكاتب المختص بالتوجه لاستلام عملها يوم السبت الموافق 23 أغسطس سنة 1958 ولكن كاتب المستشفى بالسنبلاوين رفض تسليمها العمل، وقدمت شكوى إلى مفتش صحة المديرية في 24 أغسطس سنة 1958، وأن المنطقة الطبية بالمنصورة استدعتها في سبتمبر سنة 1959 لإجراء تحقيق في شكواها، وأنها منذ ذلك التاريخ وهي لا تدري من أمرها شيئاً، وأنها عندما لجأت بدعواها طالبة إعفاءها من رسوم الدعوى، أجابت الوزارة على صحيفة الالتماس بمعلومات بعيدة كل البعد عن الحق والواقع، إذ أن المستشفى في سبيل تبرير مسلكها لجأت إلى الرد بمعلومات تدحضها الحقائق وتنفيها الأوراق، إذ قالت أنها انقطعت عن عملها بدون إذن في المدة من 2 يونيه سنة 1958 حتى أول سبتمبر سنة 1958 - في حين أنه ينفي ذلك الخطاب الذي تلقته الطالبة من المستشفى بتكليفها بالتوجه إلى القومسيون الطبي بالمنصورة في 21 أغسطس سنة 1958 للكشف عليها، وأنه لا صحة فيما تذكره الإدارة من أنها أعلنت المطعون ضدها بقرار فصلها من الخدمة في 21 أكتوبر سنة 1958، ولا صحة أيضاً فيما تقول به الإدارة من أن المطعون ضدها قدمت استقالتها من الخدمة في 9 يونيه سنة 1958، ثم قرر القومسيون الطبي لياقتها للخدمة في 21 أغسطس سنة 1958، وأوضحت المدعية تقول إنه ثابت أنها صرفت مرتبها عن شهري يونيه ويوليه سنة 1958، مما ينفي واقعة انقطاعهما عن المستشفى بدون إذن في الفترة الواقعة من 2 يونيه سنة 1958 إلى أول سبتمبر سنة 1958، وانتهت المدعية إلى طلب الحكم أولاً: بأحقيتها في استمرار صرف مرتبها بصفة مؤقتة حتى الفصل في طلب إلغاء القرار الصادر بفصلها من الخدمة. ثانياً: وفي الموضوع بإلغاء القرار الصادر بفصلها من الخدمة لبطلانه وانعدام سببه القانوني وما يترتب على ذلك من الآثار - مع إلزام الوزارة المصروفات في الحالين ومقابل أتعاب المحاماة.
وأجابت وزارة الصحة على الدعوى بأن المطعون ضدها كانت قد أخطرت مستشفى السنبلاوين في 3 إبريل 1958 بأنها مريضة وملازمة الفراش بمنزلها، وطلبت توقيع الكشف الطبي عليها، وبعد الكشف عليها منحت إجازة مرضية مدتها خمسة أيام من 10 إبريل سنة 1958 وفي 14 إبريل سنة 1958 طلبت توقيع الكشف الطبي عليها لمرضها، فتوقع الكشف عليها في 4 مايو سنة 1958 ومنحت إجازة مرضية مدتها خمسة عشر يوماً اعتباراً من 15 إبريل سنة 1958 امتداداً للإجازة السابقة التي كانت تنتهي في 14 إبريل سنة 1958 وعادت إلى عملها يوم 10 مايو سنة 1958 عقب انتهاء الإجازات المرضية السابقة، إلا أنها في 11 مايو سنة 1958 أخطرت بمرضها فتوقع الكشف الطبي عليها في 18 مايو سنة 1958 وتقرر عودتها إلى العمل وتسوية المدة من 11 مايو سنة 1958 إلى 17 مايو سنة 1958 إدارياً، مع اعتبار يوم 18 مايو سنة 1958 يوم عمل تحت تصرف القومسيون وبتاريخ 9 يونيه سنة 1958 ورد إلى مستشفى السنبلاوين طلب استقالة منها وقبولها من تاريخ انقطاعها عن العمل، فرفعت الاستقالة إلى صحة مديرية الدقهلية ومعها بيان بأن المطعون ضدها انقطعت عن العمل اعتباراً من 2 يونيه سنة 1958 - ثم ورد طلب إلى مستشفى السنبلاوين في 16 يونيه سنة 1958 بأنها مريضة ولا يمكنها الحضور للعمل، وطلبت توقيع الكشف الطبي عليها فأحيلت إلى القومسيون الطبي بالدقهلية، وبجلسة 24 يوليه سنة 1958 قررت بأنها تطلب الكشف عليها لتقرير عدم لياقتها للبقاء في الخدمة، وفي 21 أغسطس سنة 1958 وقع الكشف الطبي عليها فتقرر أنها لائقة للخدمة - وفي 11 سبتمبر سنة 1958 وافق مدير عام مصلحة المستشفيات العامة على فصلها من الخدمة لانقطاعها عن العمل بدون إذن 15 يوماً متتالية من 2 يونيه سنة 1958 ولم تقدم عذراً مقبولاً خلال الخمسة عشر يوماً التالية، وأبلغت بقرار فصلها بالخطاب المسجل رقم 758 بتاريخ 21 أكتوبر سنة 1959 - وكانت قد قدمت شكوى إلى النيابة الإدارية في 26 سبتمبر سنة 1959 وقد سمعت أقوالها في 11 أكتوبر سنة 1959 حيث قررت بأنها لا تعلم شيئاً عن نتيجة الكشف الطبي عليها واتضح من التحقيق عدم صحة شكواها وحفظت، وأخطرتها النيابة الإدارية في 3 نوفمبر سنة 1959 بنتيجة التحقيق، إلا أن خطاب النيابة الإدارية أعيد لعدم تواجدها في عنوانها - ثم تظلمت بتاريخ 10 يوليه سنة 1960 من قرار فصلها من الخدمة إلى مدير المنطقة الطبية بالدقهلية فتقرر حفظ التظلم - وقد خلصت جهة الإدارة إلى أن قرار فصلها كان قد صدر من 11 سبتمبر سنة 1958 وأخطرت به في 21 أكتوبر سنة 1959 وتظلمت منه في 10 يوليه سنة 1960 وقدمت طلب الإعفاء في 30 مايو سنة 1962 وتقرر قبوله في 16 يناير سنة 1963 إلا أنها لم تقم الدعوى إلا في 2 إبريل سنة 1963 وأنه سواء اعتبر تاريخ العلم اليقيني بقرار الفصل من تاريخ إخطار المطعون ضدها به في 21 أكتوبر سنة 1959 أو من تاريخ تظلمها منه في 10 يوليه سنة 1960، فإنه كان يتعين عليها رفع الدعوى خلال الستين يوماً التالية للقرار الحكمي برفض التظلم، كما أن قرار الإعفاء من الرسوم صدر في 16 يناير سنة 1963، ولم تقم الدعوى الموضوعية إلا في 2 إبريل سنة 1963، وأنه لذلك تعتبر دعوى الإلغاء الموضوعية غير مقبولة شكلاً، وبالتالي فلا مجال لنظر طلب استمرار صرف المرتب ما دامت دعوى الإلغاء غير مقبولة شكلاً، ويكون من المتعين الحكم برفضه.
أما عن موضوع طلب الإلغاء - فقد قالت جهة الإدارة أنه يسرى في حق المطعون ضدها حكم المادتين 117، 112 من القانون رقم 210 لسنة 1951 باعتبارها من المستخدمات الخارجات عن الهيئة، وقد انقطعت عن العمل من 2 يونيه سنة 1958 ثم قدمت طلباً بقبول استقالتها وعدلت عنه قبل قبوله وطلبت توقيع الكشف الطبي، وقد وقع عليها الكشف الطبي، بمعرفة القومسيون الطبي بالدقهلية في 21 أغسطس سنة 1958 حيث قرر لياقتها للبقاء في الخدمة وإخطرها المستشفى في 9 يونيه سنة 1958 بضرورة عودتها إلى العمل وإلا اعتبرت مفصولة لغيابها مدة خمسة عشر يوماً إلا أنها قد استمرت في انقطاعها عن العمل عقب توقيع الكشف الطبي عليها في 21 أغسطس سنة 1958 الذي كان قد قرر لياقتها للبقاء في الخدمة، وظلت منقطعة دون عذر مقبول حتى تاريخ صدور قرار فصلها في 11 سبتمبر سنة 1958 طبقاً لحكم المادة 112 من القانون رقم 210 لسنة 1951 - وأوضحت جهة الإدارة تقول أن هذا القرار قد قام على سببه المبرر له قانوناً، ممن يملك سلطة إصداره، وبناءً على وقائع صحيحة وثابتة، ومن ثم يكون سليماً ومطابقاً للقانون، ومن ثم تكون الدعوى غير قائمة على أساس سليم من القانون، وطلبت الإدارة الحكم برفض الدعوى وإلزام المدعية بالمصروفات.
وبجلسة 3 يونيه سنة 1963 قضت المحكمة في الطلب المستعجل باستمرار صرف المرتب لحين الفصل في الإلغاء، برفضه - وبإحالة الدعوى إلى المفوض للنظر في الطلب الثاني من الدعوى وقد أقامت المحكمة هذا القضاء على أساس أنه تقرر قبول طلب الإعفاء المقدم من الطاعنة في 16 يناير سنة 1963، إلا أنها لم تقم الدعوى إلا في 2 إبريل سنة 1963، بعد فوات مواعيد الطعن بالإلغاء ومن ثم يكون الدفع بعدم قبول الدعوى الموضوعية شكلاً صحيحاً وفي محله ويتعين لذلك قبوله، وتكون دعوى الإلغاء الموضوعية غير محتملة الكسب لعدم قبولها شكلاً.
وبجلسة 15 مارس سنة 1964 أثناء تحضير الدعوى أما مفوض الدولة قرر الدفاع عن المدعية تعديل طلباتها إلى الحكم لها بتعويض مؤقت قدره قرش صاغ. إلا أن الوزارة دفعت - "بخطاب إدارة الشئون القانونية رقم 987 في 17 مارس سنة 1964" بعدم قبول الطلبات المعدلة لأن قرار طلب الإعفاء من الرسوم يختلف موضوعه عن هذه الطلبات المعدلة.
وقدم مفوض الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الدعوى انتهى فيه لما أبداه من أسباب إلى أنه يرى الحكم بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بأحقية المدعية في أن تتقاضى تعويضاً مؤقتاً عما أصابها من أضرار نتيجة فصلها المخالف للقانون مع إلزام الوزارة المدعى عليها بالمصروفات.
وعقبت الوزارة على تقرير مفوض الدولة، فقالت أن انقطاع المطعون ضدها عن العمل اعتباراً من 2 يونيه سنة 1958 قد لحقه تقديمها طلب الاستقالة من الخدمة في 9 يونيه سنة 1958 ثم قدمت طلباً لإحالتها إلى القومسيون الطبي العام بالقاهرة بتاريخ 16 يونيه سنة 1958 لتقرير عدم لياقتها للبقاء في الخدمة - وأنها كررت ذات الطلب أمام القومسيون الطبي العام بالدقهلية في 24 يوليه سنة 1958 مما يفصح عن رغبتها في طلب الاستقالة، وأنه بذلك يكون ما افترضه المشرع بشأن المادة 112 من القانون رقم 210 لسنة 1951 من قيام قرينة قيام الاستقالة قد تأيد من جانب المدعية، ومن ثم يكون القرار الصادر بفصلها استناداً إلى المادة 112 سالفة الذكر قد قام على سببه وصدر ممن يملك سلطة إصداره، وفي حدود اختصاصه إذ استخلص النتيجة التي انتهى إليها استخلاصاً سائغاً من أصول تنتجها مادياً وقانونياً، وأنه لذلك يكون القرار المذكور صحيحاً ومطابقاً للقانون - وخلصت الإدارة إلى طلب الحكم برفض الدعوى وإلزام المدعية بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وبجلسة 3 مايو سنة 1965 صدر الحكم المطعون فيه قاضياً برفض الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً في طلبها المعدل، وبقبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع بأحقية المطعون ضدها في تعويض مؤقت قدره قرش صاغ بسبب فصلها المخالف لصحيح حكم القانون، وإلزام الوزارة المدعى عليها بالمصروفات وأقامت المحكمة قضاءها على أساس أن طلب التعويض مرتبط بطلب الإلغاء ويستمد سببه من واقعة الفصل محل القرار المطعون فيه، وأن الهدف من الطلبين هو إنزال حكم الشرعية على القرار الذي أصدرته الإدارة في حق المدعية، وأنه لذلك يكون الدفع بعدم قبول الطلب البديل بحجة مخالفته للطلب الأصلي بالإلغاء غير مستند إلى أساس سليم من القانون، وأنه يتعين لذلك الحكم برفضه وبقبول الدعوى في شكلها المعدل - وأقامت المحكمة حكمها في موضوع الدعوى على أساس أن انقطاع المدعية عن العمل اعتباراً من 2 يونيه سنة 1958 كان بسبب المرض، وأنها قدمت طلب الاستقالة عندما ضاقت ذرعاً بطلب الإحالة للكشف الطبي، وأنها بعد أن قدمت طلب الاستقالة عادت فكشفت عن السبب الحقيقي لانقطاعها، وهو المرض، وقد طلبت إحالتها إلى القومسيون الطبي العام لتقرير وتأكيد مرضها، وليس لتقرير لياقتها أو عدم لياقتها للخدمة، وأنه بعد أن تأكدت لياقتها للخدمة في 21 أغسطس سنة 1958 عادت الإدارة فلم تمكنها من العودة إلى العمل، وفي 11 سبتمبر سنة 1958 صدر قرار مدير عام مصلحة المستشفيات بفصلها من الخدمة لانقطاعها بدون إذن أكثر من خمسة عشر يوماً ولعدم تقديمها العذر المقبول في الخمسة عشر يوماً التالية - وذلك طبقاً لحكم المادة 112 من القانون رقم 210 لسنة 1951، وأوضحت المحكمة تقول أن استناد الوزارة إلى حكم المادة 112 سالفة الذكر هو استناد خاطئ، لأن شرط تطبيق حكم هذه المادة أن تمتنع المدعية عن تقديم عذر مقبول عن الانقطاع خلال الخمسة عشر يوماً التالية لمدة الانقطاع، بحيث تستفاد الاستقالة الضمنية من تصرفها - إلا أنه ثابت أن المدعية قدمت طلباً من 14 يونيه سنة 1958 قالت فيه بأنها مريضة، ولا يمكنها الحضور، وطلبت إحالتها إلى القومسيون الطبي العام بالقاهرة، فإنها تكون بذلك قد أبلغت الإدارة عن العذر المانع لها من مواصلة عملها، وإن الإدارة تكون قد أخطأت عندما طلبت من القومسيون الطبي أن يقرر لياقتها للخدمة أو العكس بدلاً من أن تطلب منه تقرير ما إذا كانت مريضة، وما إذا كان مرضها يبرر عدم عودتها للعمل. وقالت المحكمة في الحكم المطعون فيه أنه يبدو من الأوراق مبلغ تمسك المدعية بوظيفتها، وأن الإدارة لم ترتب على الاستقالة أثرها بل أتت من الإجراءات التالية على تقديمها ما يؤكد رعايتها للمدعية، وعدم اعتدادها بالاستقالة، لا سيما عندما أظهرت أن سبب امتناعها عن العمل هو المرض، ومن ثم يكون القرار الصادر بفصلها باعتبارها مستقيلة لانقطاعها عن العمل بدون إذن أكثر من 15 يوماً يكون والحالة هذه قد صدر بالمخالفة لأحكام القانون، وأبانت المحكمة في حكمها المذكور أن هذا القرار قد سبب للمدعية أضراراً تتمثل في حرمانها من وظيفتها بما ترتبه لها من دخل ومزايا، كما أن علاقة السببية قائمة بين خطأ الإدارة والضرر الذي لحق بالمدعية، وأنه بذلك تكون أركان مسئولية الوزارة عن قرارها المطعون فيه قد اكتملت، وخلصت المحكمة من ذلك إلى الحكم للمطعون ضدها بتعويض مؤقت قدره قرش صاغ واحد مع إلزام الوزارة بالمصروفات.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله وذلك على النحو التالي:
أولاً: في وجوب استبعاد الدعوى من الرول لعدم سداد الرسوم:
وذلك على أساس أن المطعون ضدها أقامت دعواها بدون سداد رسوم بناءً على القرار الصادر بإعفائها من الرسوم في الطلب رقم 1012 لسنة 9 القضائية - وأن هذا القرار صدر بإعفائها من الرسوم الخاصة بالدعوى التي تزمع رفعها "بإلغاء قرار فصلها" وأنها بتنازلها عن طلب الإلغاء وتعديل طلباتها إلى طلب الحكم لها بتعويض مؤقت قدره قرش صاغ واحد فإن هذا الطلب الجديد يكون خارجاً عن نطاق قرار الإعفاء ومن ثم تستحق عليه رسوم قضائية، وإذ لم تقم المطعون ضدها بسداد تلك الرسوم فإنه كان يتعين على المحكمة أن تقضي باستبعاد الدعوى من الرول لعدم سداد الرسوم المستحقة قانوناً وقد استندت الوزارة الطاعنة في ذلك إلى قانون الرسوم رقم 90 لسنة 1940.
ثانياً: أما عن الموضوع:
فقد أوضحت الطاعنة أن الحكم المطعون فيه قد خلص إلى أن تطبيق الوزارة لنص المادة 112 من قانون موظفي الدولة رقم 210 لسنة 1951 في حق المطعون ضدها جاء مخالفاً للقانون بمقولة أن المدعية عقب انقطاعها في 2 يونيه سنة 1958 وعقب تقديم استقالتها في 7 يونيه سنة 1958 قامت بالتحرير إلى الوزارة بحقيقة حالتها، وبأنها مريضة وكان ذلك في 14 يونيه سنة 1958، وأنها طلبت في خطابها هذا إحالتها إلى القومسيون العام بالقاهرة حتى يتضح صدق قولها، وأن المحكمة قد استنتجت من تلك الوقائع أن نص المادة 112 سالفة الذكر غير متحقق في جانب المدعية، إذ يشترط لانطباقه أن تمتنع المدعية طيلة مدة غيابها عن إبداء عذر لتغيبها، وأنه لما كانت المدعية قد أخطرت الوزارة عدة مرات بعذرها خلال الخمس عشرة يوماً التالية للانقطاع - وهو المرض إلى أن وقع عليها الكشف الطبي في 21 أغسطس سنة 1958 وتقرر لياقتها للخدمة، وما دامت المدعية قد أخطرت بعذرها على هذا النحو فإنه لا يتحقق في جانبها معنى الانقطاع بغير عذر مقبول الذي يعتبر قرينة قانونية على الاستقالة طبقاً لنص المادة 112 المشار إليها - إلا أن الوزارة الطاعنة أوضحت أن هذا التكييف من جانب الحكم المطعون فيه جاء تكييفاً مخالفاً للحقيقة ومؤدياً إلى عكس ما تفصح عنه الأوراق وتؤكده، إذ أن المطعون ضدها كانت في الحقيقة تنوي ترك الوظيفة لسبب أو لآخر، فظلت تحصل على إجازات مرضية متلاحقة منذ إبريل سنة 1958، فكلما كثرت هذه الإجازات، تبين لها أن ثمة استحالة في إجازات أخرى قبل ترك العمل، فعادت إلى العمل وظلت به حتى أول يونيه سنة 1958 ثم انقطعت عنه اعتباراً من 2 يونيه سنة 1958 حيث كانت قد اعتزمت ترك العمل بالاستقالة وفعلاً قدمت استقالتها في 7 يونيه سنة 1958 وذكرت في كتاب الاستقالة أنها "لأسباب عائلية". وأنه لما أرادت المطعون ضدها أن تقرن الاستقالة بالحصول على بعض المزايا، قدمت طلباً في 14 يونيه سنة 1958 تقرر فيه أنها طلبت الاستقالة لسبب المرض، وطلبت توقيع الكشف الطبي لتقرير عدم لياقتها للخدمة، ولا يعتبر هذا عذراً يبرر الانقطاع عن العمل - وأنه قد تم توقيع الكشف الطبي عليها في 21 أغسطس سنة 1958 حيث تقرر لياقتها للخدمة، إلا أنها استمرت في انقطاعها عن العمل إلى أن صدر في 11 سبتمبر سنة 1958 القرار بفصلها من الخدمة، وأبانت الطاعنة أن كل تلك الوقائع قاطعة في توافر الأدلة القانونية التي أوردتها المادة 112 على الانقطاع، وهي تثبت أن المطعون ضدها قد استقالت استقالة فعلية وأنه على ذلك لا يكون الحكم المطعون فيه على حق فيما قضى به من أن المطعون ضدها قدمت أعذاراً تبرر بها انقطاعها عن العمل، إذ لم يكن طلب المطعون ضدها توقيع الكشف الطبي عليها بقصد إبراز عذرها، بل كان يقصد تقرير عدم لياقتها للخدمة، وهو ما تأكد من عدم عودتها للعمل حتى تاريخ صدور قرار الفصل، وأنه في الدعوى المعروضة انقطعت المطعون ضدها عن العمل بغير عذر مقبول ثم قدمت طلباً لقبول استقالتها واستمرت منقطعة عن العمل ثم وقع عليها الكشف الطبي في 21 أغسطس سنة 1958 فثبتت لياقتها الصحية للخدمة ومع ذلك فقد استمرت المطعون ضدها منقطعة عن العمل حتى صدر القرار بفصلها من الخدمة في 11 سبتمبر سنة 1958، وقد اكتملت المدة السابقة على الفصل التي تقدم فيها الأعذار التي تبرر الانقطاع عن العمل، كما أن المطعون ضدها لم تبد أي عذر عن غيابها كما أن عذر المرض قد ثبت فساده بقرار القومسيون الطبي المختص، ومن ثم يكون القرار الصادر بفصل المطعون ضدها من الخدمة قائماً على سببه ومطابقاً للقانون، ويكون الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه فيما قضى به من الحكم للمطعون ضدها بتعويض مؤقت قدره قرش صاغ واحد، إذ بان أن القرار المطعون فيه مشروع ومطابق للقانون، وانتهت الوزارة الطاعنة إلى طلب الحكم بقبول هذا الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبصفة أصلية استبعاد الدعوى من الرول واحتياطياً رفض الدعوى مع إلزام المدعية بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
ومن حيث إنه لا حجة فيما ذهبت إليه الوزارة الطاعنة في صحيفة الطعن من طلب استبعاد الدعوى من الجدول استناداً إلى أن قرار إعفاء المطعون ضدها من رسوم دعوى الإلغاء، لا يشمل إعفاءها من رسوم دعوى التعويض، وإذ لم تقم بأداء الرسم المستحق على طلب التعويض، فكان يتعين على المحكمة استبعاد الدعوى من الجدول - لا حجة في ذلك، لأنه وإن كان قرار إعفاء المدعية من الرسوم لم يشمل سوى طلب إلغاء القرار المطعون عليه، إلا أنها وقد قامت بعد ذلك بتعديل طلباتها مستبدلة بطلب الإلغاء طلب التعويض عن ذات القرار المطعون فيه، فإن قرار الإعفاء يشمل بآثاره الطلب الجديد، ذلك أن كلاً من طلب إلغاء القرار غير المشروع وطلب التعويض عنه، يقومان على أساس قانوني واحد، هو عدم مشروعية القرار الإداري، وأن الطعن بالإلغاء هو طعن فيه بالبطلان بالطريق المباشر، وطلب التعويض عنه هو طعن فيه بالبطلان بطريق غير مباشر، ومتى كان الأمر على هذا النحو، يكون هذا السبب من أسباب الطعن غير مستند إلى أساس سليم من القانون.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بالوجه الثاني من الطعن فإن المادة 112 من القانون رقم 210 لسنة 1951 المطبقة على واقعة الدعوى تنص على أنه:
"يعتبر الموظف مستقيلاً في الحالتين الآتيتين:
1 - إذا انقطع عن عمله بدون إذن خمسة عشر يوماً متتالية، ولو كان الانقطاع عقب إجازة مرخص له فيها، ما لم يقدم خلال الخمسة عشر يوماً التالية ما يثبت أن انقطاعه كان لعذر مقبول... وإذا لم يقدم الموظف أسباباً تبرر الانقطاع أو قدم هذه الأسباب ورفضت، اعتبرت خدمته منتهية من تاريخ انقطاعه عن العمل".
ومؤدى هذا النص أنه إذا ما انقطع الموظف عن عمله دون إذن لمدة خمسة عشر يوماً متتالية جاز اعتباره مستقيلاً من الخدمة، بمعنى أن القانون ترك لجهة الإدارة المختصة أن تترخص في أعمال هذا الحكم في حق الموظف إذا ما توافر مناط تطبيقه، طبقاً لما تراه محققاً للمصلحة العامة.
ومن حيث إنه ثابت من الأوراق أن المطعون ضدها، وهي من المستخدمات الخارجات عن الهيئة فتخضع لحكم المادة 112 سالفة الذكر كانت قد حصلت على إجازات مرضية مشروعة اعتباراً من 10 إبريل سنة 1958 ثم عات إلى عملها بوظيفة خادمة بمستشفى السنبلاوين فتسلمته في 10 مايو سنة 1958 ثم أخطرت بمرضها في 11 مايو سنة 1958، فقرر القومسيون الطبي عودتها إلى العمل بعد توقيع الكشف الطبي عليها مع تسوية المدة من 11 مايو سنة 1958 إلى 17 مايو سنة 1958 إدارياً، وحساب يوم 18 مايو سنة 1958 يوم عمل تحت تصرف القومسيون الطبي - وعادت المطعون ضدها إلى العمل ثم انقطعت عنه اعتباراً من يوم 2 يونيه سنة 1958 ثم قدمت طلباً في 9 يونيه سنة 1958 لقبول استقالتها، إلا أن الإدارة أخطرتها بضرورة العودة إلى العمل إلى أن يبت في طلب الاستقالة، وإلا اعتبرت منقطعة عن العمل بدون إذن، وبتاريخ 16 يونيه سنة 1958 اعتذرت المطعون ضدها عن الحضور للعمل بدعوى المرض وطلبت إحالتها إلى القومسيون الطبي بالقاهرة، وتم توقيع الكشف الطبي عليها في 21 أغسطس سنة 1958 فقرر لياقتها للخدمة، وفي 10 سبتمبر سنة 1958 وافق مدير القسم العلاجي على فصل المطعون ضدها، وفي 11 سبتمبر سنة 1958 قرر مدير عام مصلحة المستشفيات العامة فصلها من الخدمة لانقطاعها عن العمل بدون إذن خمسة عشر يوماً متتالية اعتباراً من 2 يونيه سنة 1958 وعدم تقدمها بعذر مقبول في الخمسة عشر يوماً التالية - عملاً بحكم المادة 112 من القانون رقم 210 لسنة 1951 سالفة الذكر.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن المطعون ضدها قد انقطعت عن العمل فعلاً اعتباراً من 2 يونيه سنة 1958 وقد استمر انقطاعها ما يزيد على خمسة عشر يوماً، مما يعتبر قرينة قانونية على الاستقالة، وقد دعمت هذه القرينة بتقديمها طلباً لقبول استقالتها في 9 يونيه سنة 1958 - وأنها وإن كانت قد طلبت في 16 يونيه سنة 1958 إحالتها إلى القومسيون الطبي واعتذرت عن العودة للعمل بدعوى المرض فإن هذا الطلب لا يعتبر عذراً مقبولاً، إذ كان رداً منها على تكليفها بالحضور إلى العمل، وإلا فصلت من الخدمة، لانقطاعها أكثر من المدة المقررة للانقطاع بدون إذن سابق، ومما يؤكد ذلك ما أثبته الكشف الطبي الذي وقع عليها في 21 أغسطس سنة 1958 من أنها لائقة للخدمة، إلا أنها رغم ذلك استمرت في انقطاعها عن العمل إلى أن صدر قرار مدير عام مصلحة المستشفيات العامة في 11 سبتمبر سنة 1958 بفصلها من الخدمة طبقاً لحكم المادة 112 سالفة الذكر ويبين من ذلك أن المطعون ضدها استمرت منقطعة عن العمل دون إذن سابق من 2 يونيه سنة 1958 إلى 21 أغسطس سنة 1958، ومن ذلك التاريخ حتى صدر قرار فصلها من الخدمة في 11 سبتمبر سنة 1958 ولم تقدم ما يثبت أن غيابها كان لعذر مقبول - ومن ثم يكون القرار الصادر بفصلها من الخدمة قد قام على السبب المبرر له قانوناً، وبني على وقائع صحيحة وتؤدي إليه وتنتجه قانوناً - ويكون طلب المطعون ضدها الحكم لها بالتعويض عن الأضرار التي لحقت بها من جراء فصلها من الخدمة في غير محله لانتفاء خطأ الإدارة في إصدارها قرار الفصل، ومن ثم لا تكون الشروط الموجبة للتعويض قد تكاملت في حق الوزارة الطاعنة.
ومن حيث إنه متى كان الأمر على النحو السالف الذكر، يكون القرار الصادر بفصل المطعون ضدها قد صدر مطابقاً للقانون، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه إذ قضى للمطعون ضدها بالتعويض المؤقت قد صدر على غير حق ومخالفاً حكم القانون، حقيقاً بالإلغاء، مما يتعين الحكم بإلغائه، ورفض دعوى المطعون ضدها مع إلزامها بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وألزمت المدعية بالمصروفات.

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 24 مشاهدة
نشرت فى 19 إبريل 2020 بواسطة basune1

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

5,120,286

الموقع الخاص بالاستاذ/ البسيونى محمود ابوعبده المحامى بالنقض والدستوريه العليا

basune1
المستشار/ البسيونى محمود أبوعبده المحامى بالنقض والدستورية العليا استشارات قانونية -جميع الصيغ القانونية-وصيغ العقود والمذكرات القانونية وجميع مذكرات النقض -المدنى- الجنائى-الادارى تليفون01277960502 -01273665051 العنوان المحله الكبرى 15 شارع الحنفى - الإسكندرية ميامى شارع خيرت الغندور من شارع خالد ابن الوليد »