المعادلة بين درجات الكادرات الخاصة وبين درجات الكادر العام لا يقتصر فيها على المعايير المالية وحدها بل يجب مراعاة المزايا الوظيفية الأخرى .
الحكم كاملاً
مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ الإدارية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة - العدد الثالث (من أول يونيه سنة 1960 إلى آخر سبتمبر سنة 1960) - صـ 1183
(124)
جلسة 2 من يوليه سنة 1960
برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس المجلس وعضوية السادة الإمام الإمام الخريبي وعلي بغدادي ومصطفى كامل إسماعيل وعبد المنعم سالم مشهور المستشارين.
القضية رقم 900 لسنة 4 القضائية
موظف - كادر - نقل الموظف من كادر خاص إلى الكادر العام - المعادلة بين درجات الكادرات الخاصة وبين درجات الكادر العام - لا يقتصر فيها على المعايير المالية وحدها بل يجب مراعاة المزايا الوظيفية الأخرى كذلك - نقل وكيل نيابة من الدرجة الثانية إلى وظيفة في الكادر العام - وضعه في الدرجة الخامسة يعتبر تنزيلاً له يخالف نص المادة 47 من قانون نظام موظفي الدولة - إجراء التعادل في هذا الخصوص يقتضي وضعه في الدرجة الرابعة.
إن المعادلة بين درجات الكادرات الخاصة كالجدول الملحق بقانون استقلال القضاء أو مجلس الدولة وبين درجات الكادر العام لا ينبغي أن تقوم على المعايير المالية وحدها، وبوجه خاص إذا لوحظ أن بدايات الدرجات المالية ونهايات تفترق في الكادر الواحد عن الآخر، وفي مواعيد العلاوات الدورية ومقاديرها فبينما درجة وكيل النيابة من الدرجة الثانية كانت وقت صدور قرار النقل محل النزاع بدايتها 360 جنيهاً ونهايتها 480 جنيهاً بعلاوة 36 جنيهاً كل سنتين، فإن الدرجة الخامسة في الكادر الفني العالي والإداري بدايتها 300 جنيه ونهايتها 420 جنيهاً بعلاوة 24 جنيهاً كل سنتين إلى أن يصل المرتب إلى 372 جنيهاً ثم 36 جنيهاً كل سنتين لغاية نهاية الدرجة. هذا إلى أن الترقية من الدرجة الخامسة إلى الدرجة الرابعة كانت مقيدة ببقاء الموظف ثلاث سنوات سواء أكانت الترقية بالأقدمية أم بالاختيار، بينما الترقية في الكادر القضائي غير مقيدة بأي مدة وظاهر من ذلك اختلاف الوضعين تماماً عند الموازنة بين هاتين الدرجتين، بحيث لا يمكن القول بأن درجة وكيل النيابة من الدرجة الثانية في عموم مزاياها تعادل الدرجة الخامسة في الكادر الفني العالي والإداري، بل هي بلا مراء أعلى منها، ويكون وضع وكيل النيابة من الدرجة الثانية في الدرجة الخامسة هو تنزيل له حتماً مما يخالف المادة 47 من القانون رقم 210 لسنة 1951. أما الدرجة الرابعة الإدارية فلئن كانت بدايتها 420 جنيهاً ونهايتهاً 540 جنيهاً وعلاوتها 42 جنيهاً كل سنتين أي بما يجاوز حدود درجة وكيل النيابة من الدرجة الثانية في هذا الخصوص، إلا أنه يجب ألا يغرب عن البال أن الترقية من هذه الدرجة مقيدة بوجوب البقاء ثلاث سنوات سواء أكانت الترقية بالاختيار أم بالأقدمية، بينما هي مطلقة بغير قيد زمني في الكادر القضائي، هذا إلى جانب المزايا الوظيفية الأخرى والضمانات التي يتميز بها رجال القضاء والنيابة طبقاً لقانون استقلال القضاء سواء من ناحية فرصة الترقية مستقبلاً في الوظائف القضائية في الكادر الخاص باعتبار أن النيابة والقضاء صنوان في هذا الكادر أو من ناحية مميزات المعاش والمكافأة أو عدم القابلية للعزل مستقبلاً إذا ما انتقل وكيل النيابة إلى وظائف القضاء واستوفي الشرائط القانونية في هذا الشأن أو من حيث ضمانات التحقيق والمحاكمة أو غير ذلك من المزايا الخاصة التي يتميز الكادر بها رجال القضاء بحكم وظائفهم، فيكون ما جرى عليه ديوان الموظفين في الموازنة بين درجات رجال القضاء والنيابة وغيرهم من الكادرات الخاصة وبين درجات الكادر العام الملحق بقانون موظفي الدولة من مراعاة المزايا الوظيفية الخاصة في الكادرات الخاصة سليم لا غبار عليه، وما انتهى إليه في المعادلة بين درجة وكيل النيابة من الدرجة الثانية بدرجتها في الكادر الخاص وبين الدرجة الرابع في الكادر العام واعتبار أقدمية وكيل النيابة من الدرجة الثانية المنقول إلى الدرجة الرابعة في الكادر العام من يوم تعيينه في وظيفته الأولى.
إجراءات الطعن
في 28 من أغسطس سنة 1958 أودع السيد رئيس هيئة المفوضين عريضة طعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 10 من يوليه سنة 1958 في الدعوى رقم 224 لسنة 10 ق، المرفوعة من إبراهيم محمد مصطفى رسمي ضد وزارة المالية (ديوان الموظفين)، والقاضي "برفض الدفع بعدم قبول الدعوى وبقبولها، وفي الموضوع برفضها، وبإلزام المدعي المصروفات" وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين للأسباب الواردة في عريضة طعنه "الحكم بقبول الطعن شكلاً ، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإلغاء القرار رقم 75 الصادر من رئيس ديوان الموظفين في 11 من مايو سنة 1950 فيما تضمنه من ترقية السيد/ نجيب محمود عزب إلى الدرجة الثالثة الإدارية وإلزام الحكومة بالمصروفات".
وقد أعلن الطعن إلى الحكومة في 10 من نوفمبر، 22 من ديسمبر سنة 1958، وإلى الخصم في 4 من ديسمبر سنة 1958، وعين لنظره أمام دائرة فحص الطعون جلسة 30 من يناير سنة 1960، حيث أحيل إلى المحكمة الإدارية العليا لجلسة 12 من مارس سنة 1960، ثم أرجئ إصدار الحكم لجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، حسبما يبين من الأوراق، تتحصل في أن المدعي أقام دعواه طالباً الحكم بإلغاء القرار رقم 75 الصادر في 11 من مايو سنة 1955 فيما تضمنه من ترقية السيد/ نجيب محمود عزب إلى الدرجة الثالثة الإدارية وترقيته هو بدلاً منه.
وقال شرحاً لدعواه أنه في 18 من أغسطس سنة 1953 صدر قرار ديوان الموظفين بنقل السيد/ نجيب محمود عزب وكيل النائب العام من الدرجة الثانية إلى الدرجة الرابعة الإدارية بالديوان مع منحه مرتباً قدره خمسة وثلاثون جنيهاً بداية مربوط هذه الدرجة، وذلك اعتباراً من أول أكتوبر سنة 1953 تاريخ استلامه العمل، واعتبرت أقدميته في هذه الدرجة من 15 من إبريل سنة 1953، وفي 30 من إبريل سنة 1955 رقي السيد/ نجيب محمود عزب إلى الدرجة الثالثة الإدارية بالقرار رقم 75 الصادر في 11 من مايو سنة 1955، وما أن علم المدعي بالقرار الأخير حتى بادر بالتظلم منه على أساس أن نقل المطعون عليه إلى الدرجة الرابعة الإدارية واعتبار أقدميته في هذه الدرجة من 15 من إبريل سنة 1953 لا يستند إلى أساس من القانون، وأن قرار الترقية إلى الدرجة الثالثة بالأقدمية المطلقة تأسيساً على الوضع سالف الذكر جاء بدوره مخالفاً للقانون، وبجلسة 5 من ديسمبر سنة 1957 قررت المحكمة قبول السيد نجيب محمود عزب خصماً ثالثاً في الدعوى منضماً إلى الحكومة في طلب رفضها، ودفع ديوان الموظفين والخصم الثالث بعدم قبول الدعوى لانتفاء صفة المدعي في رفع الدعوى ولعدم جواز النظر في قرار النقل، وأخيراً لانقضاء مواعيد الطعن فيه.
وبجلسة 10 من يوليه سنة 1958 قضت المحكمة برفض الدفع بعدم قبول الدعوى وبقبولها، وفي الموضوع برفضها وإلزام المدعي بالمصروفات. وأسست قضاءها في الدفوع على ما هو مبين بأسباب حكمها وهو سليم في منحاه، كما أن الخصوم لم يجادلوا فيه في الطعن، وبنت قضاءها في الموضوع مستهلة ذلك بما كان سيؤول إليه الوضع لو أن المطعون فيه وضع في الدرجة الخامسة بقولها: "أنه تطبيقاً لنص المادة 47 من القانون رقم 210 لسنة 1951 كان المتعين على الجهة الإدارية حين رغبت في نقل المطعون عليه أن تلتزم حكمه، وإذا كان الثابت أن وظيفة وكيل نيابة من الدرجة الثانية التي كان يشغلها المطعون عليه محدد لها بالجدول الملحق بقانون استقلال القضاء راتباً من 360 جنيهاً إلى 480 جنيهاً ، بعلاوة 36 جنيهاً كل سنتين، وأن الدرجة الخامسة حسب الجدول الملحق بقانون موظفي الدولة ذات مرتب من 300 جنيه إلى 420 جنيهاً بعلاوة 24 إلى أن يصل المرتب 372 جنيهاً ثم 36 جنيهاً كل سنتين لغاية نهاية المربوط، ومفاد هذا أن نقل المطعون عليه إلى الدرجة الخامسة يكون نقلاً إلى وظيفة درجتها أقل ما دام لا يصل مرتبه فيها إلا إلى 420 جنيهاً، بينما كان يرتفع مرتبه في الوظيفة المنقول فيها إلى 480 جنيهاً، فضلاً عن أن ديوان الموظفين قد التزم في معادلة وظيفة المطعون عليه بالدرجة الرابعة الإدارية ما اضطرد عليه العرف الإداري عند النقل من كادر خاص إلى الكادر العام، كنقل وكلاء النائب العام وزملائهم من مجلس الدولة ومدرسي الجامعات إلى الوزارات المختلفة، وقد يدعم هذا الحكم صدور قرار مجلس الوزراء في عام 1949 بالنسبة لمعادلة الصاغ في البوليس والجيش بالدرجة الرابعة وقراري مجلس الوزراء في 6 من مايو سنة 1953، وفي 16 من مارس سنة 1955 فيما يختص بإعانة الغلاء المستحقة لهؤلاء، وإذا كان العرف هو القاعدة القانونية الواجبة التطبيق عند عدم وجود النص المكتوب، فقد تعين على جهة الإدارة إتباعه في مجال التطبيق الفردي متى قامت أركان العرف وتحققت أسباب تطبيقه ودواعيه، وترتيباً على ذلك فإن قرار نقل المطعون عليه يكون قد صدر صحيحاً مستنداً إلى التطبيق السليم للقانون.
ومن حيث إن طعن المدعي على قرار ترقية المطعون عليه إلى الدرجة الثالثة يستند إلى بطلان قرار نقله إلى الدرجة الرابعة منذ تعيينه في وظيفة وكيل نيابة من الدرجة الثانية، وإذ كشفت المحكمة عن صحة قرار النقل المذكور سواء في تحديده الدرجة الرابعة أو في أقدمية المطعون عليه فيها من تاريخ تعيينه في وظيفة وكيل نيابة من الدرجة الثانية المعادلة للدرجة الرابعة الإدارية في الكادر العام، فقد انهار الأساس الذي أقام المدعي طعنه عليه في قرار الترقية محل الدعوى.
ومن حيث إن مبنى الطعن أنه وفقاً للمادة 25 من القانون رقم 210 لسنة 1951 "تعتبر الأقدمية في الدرجة من تاريخ التعيين فيها......" ووفقاً لجدول الدرجات والمرتبات المرافق للقانون سالف الذكر تبدأ الدرجة الرابعة من 420 جنيهاً إلى 540 جنيهاً بعلاوة 42 جنيهاً كل سنتين، وإذ كان الثابت أن السيد/ نجيب محمود عزب لم يكن مرتبه يبلغ بداية مربوط الدرجة الرابعة عند نقله من وظيفة وكيل نيابة درجة ثانية إلى ديوان الموظفين، فإن أقدميته في هذه الدرجة لا تحتسب إلا من تاريخ تعيينه فيها اعتباراً من 18 أغسطس سنة 1953، وبالتالي فإنه عند صدور القرار المطعون فيه رقم 75 الصادر في 11 من مايو سنة 1955 لم يكن المطعون عليه مستوفياً لشرط المدة الواجب توافره لإمكان النظر في ترقيته إلى الدرجة الثالثة، ويكون هذا القرار قد صدر مخالفاً للقانون.
ومن حيث إنه يبين من كل ما تقدم أن مثار النزاع هو ما إذا كانت درجة وكيل النيابة من الدرجة الثانية، وهي من درجات الجدول الملحق بقانون استقلال القضاء تعتبر في كافة مزاياها الوظيفية معادلة للدرجة الخامسة الفنية أو الإدارية في الكادر الفني العالي والإداري في جدول الدرجات والمرتبات الملحق بقانون موظفي الدولة رقم 210 لسنة 1951، أم أنها في عموم المزايا الوظيفية تعتبر معادلة للدرجة الرابعة في الكادر المذكور.
ومن حيث إنه يجب التنبيه بادئ ذي بدء أن المعادلة بين درجات الكادرات الخاصة كالجدول الملحق بقانون استقلال القضاء أو مجلس الدولة، وبين درجات الكادر العام لا ينبغي أن تقوم على المعايير المالية وحدها، وبوجه خاص، إذ لوحظ أن بدايات الدرجات المالية ونهاياتها تفترق في الكادر الواحد عن الآخر، وفي مواعيد العلاوات الدورية ومقاديرها فبينما درجة وكيل النيابة من الدرجة الثانية كانت وقت صدور قرار النقل محل النزاع بدايتها 360 جنيهاً ونهايتها 480 جنيهاً بعلاوة 36 جنيهاً كل سنتين، فإن الدرجة الخامسة في الكادر الفني العالي والإداري ببدايتها 300 جنيه ونهايتها 420 جنيهاً بعلاوة 24 جنيهاً كل سنتين إلى أن يصل المرتب 372 جنيهاً، ثم 36 جنيهاً كل سنتين لغاية نهاية الدرجة، هذا إلى أن الترقية من الدرجة الخامسة إلى الدرجة الرابعة، كانت مقيدة ببقاء الموظف ثلاث سنوات، سواء أكانت الترقية بالأقدمية أم بالاختيار، بينما الترقية في الكادر القضائي غير مقيدة بأي مدة، وظاهر من ذلك اختلاف الوضعين تماماً عند الموازنة بين هاتين الدرجتين، بحيث لا يمكن القول بأن درجة وكيل النيابة من الدرجة الثانية في عموم مزاياها تعادل الدرجة الخامسة في الكادر الفني العالي والإداري، بل هي بلا مراء أعلى منها، ويكون وضع وكيل النيابة من الدرجة الثانية في الدرجة الخامسة هو تنزيل له حتماً، مما يخالف المادة 47 من القانون رقم 210 لسنة 1951. أما الدرجة الرابعة الإدارية فلئن كانت بدايتها 420 جنيهاً ونهايتها 540 جنيهاً وعلاوتها 42 جنيهاً كل سنتين أي بما يجاوز حدود درجة وكيل النيابة من الدرجة الثانية في هذا الخصوص إلا أنه يجب ألا يغرب عن البال أن الترقية من هذه الدرجة مقيدة بوجوب البقاء ثلاث سنوات سواء أكانت الترقية بالاختيار أم بالأقدمية، بينما هي مطلقة بغير قيد زمني في الكادر القضائي، هذا إلى جانب المزايا الوظيفية الأخرى والضمانات التي يتميز بها رجال القضاء والنيابة طبقاً لقانون استقلال القضاء سواء من ناحية فرصة الترقية مستقبلاً في الوظائف القضائية في الكادر الخاص باعتبار أن النيابة والقضاء صنوان في هذا الكادر، أو من ناحية ميزات المعاش والمكافأة أو عدم القابلية للعزل مستقبلاً ، إذا ما انتقل وكيل النيابة إلى وظائف القضاء واستوفى الشرائط القانونية في هذا الشأن أو من حيث ضمانات التحقيق والمحاكمة أو غير ذلك من المزايا الخاصة التي يتميز بها رجال القضاء بحكم وظائفهم، فيكون ما جرى عليه ديوان الموظفين في الموازنة بين درجات رجال القضاء والنيابة وغيرهم من الكادرات الخاصة، وبين درجات الكادر العام الملحق بقانون موظفي الدولة من مراعاة المزايا الوظيفية الخاصة في الكادرات الخاصة سليم لا غبار عليه، وما انتهى إليه في المعادلة بين درجة وكيل النيابة من الدرجة الثانية بدرجتها في الكادر الخاص، وبين الدرجة الرابعة في الكادر العام، واعتبار أقدمية وكيل النيابة من الدرجة الثانية المنقول إلى الدرجة الرابعة في الكادر العام من يوم تعيينه في وظيفته الأولى. كل ذلك سليم لا غبار عليه كذلك، ويكون الحكم والحالة هذه قد أصاب الحق في النتيجة التي انتهى إليها، ومن ثم يتعين رفض الطعن.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً.
ساحة النقاش