كادر سنة 1939 إنشاؤه درجة جديدة هي الدرجة التاسعة إدراجها ضمن درجات الكادر العام دون كادر الخدمة الخارجين عن هيئة العمال.
الحكم كاملاً
مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الأولى - العدد الثالث (من يونيه سنة 1956 إلى آخر سبتمبر سنة 1956) - صـ 865
(104)
جلسة 9 من يونيه سنة 1956
برئاسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة بدوي إبراهيم حمودة والإمام الإمام الخريبي وعلي إبراهيم بغدادي ومصطفى كامل إسماعيل المستشارين.
القضية رقم 193 لسنة 2 القضائية
( أ ) كادر سنة 1939 - إنشاؤه درجة جديدة هي الدرجة التاسعة - إدراجها ضمن درجات الكادر العام دون كادر الخدمة الخارجين عن هيئة العمال.
(ب) موظف - وقفه عن العمل - الأصل هو حرمانه من المرتب مدة الوقف، والاستثناء هو صرفه كله أو بعضه حسبما تقرره السلطة التأديبية - سريان هذه القاعدة أياً كان سبب الوقف وأياً كانت طبيعة الوظيفة هل هي دائمة أو مؤقتة أو خارج الهيئة أو من العمال، وإن اختلفت أوضاع التأديب وإجراءاته بسبب ذلك.
(ج) موظف - وقفه عن العمل - ليس في النصوص ما يؤدي إلى جعل قرارات الوقف كأن لم يكن إن لم يعرض حالاً على السلطة التأديبية المختصة.
1 - يبين من الاطلاع على كادر سنة 1939 أنه أنشأ درجة جديدة هي الدرجة التاسعة ونص على أن التعيين فيها في كل الأحوال يكون بصفة مؤقتة، وقد ألحق بهذا الكادر جداول تضمنت الكادر العام للموظفين ثم الكادرات الخاصة وأخيراً كادر الخدمة الخارجين عن هيئة العمال، وأدرجت الدرجة التاسعة ضمن درجات الكادر العام. وعلى مقتضى ذلك لا يعتبر المطعون لصالحه ضمن الخدمة الخارجين عن هيئة العمال أو الخدمة السايرة، وإن عودلت الدرجة التاسعة المعين عليها في أحوال خاصة بالدرجات الخارجة عن هيئة العمال، ومن ثم تسري عليه - طبقاً لما تقدم ولما ورد بالمادة السابعة من عقد استخدامه - جميع اللوائح الخاصة بالمستخدمين الجاري العمل بها أو التي سيعمل بها مستقبلاً.
2 - إن الفقرة الأخيرة من المادة الثامنة من الأمر العالي الصادر في 10 من أبريل سنة 1883 تنص على أنه "يترتب على توقيف المستخدم عن العمل حرمانه من ماهيته ما لم يقرر مجلس الإدارة غير ذلك"، فهي بذلك تقرر قاعدة عامة هي حرمان المستخدم من ماهيته طوال فترة الوقف ما لم يقرر مجلس التأديب صرفها كلها أو بعضها إليه. فالأصل هو الحرمان من المرتب عن مدة الوقف، والاستثناء هو جواز صرفه كله أو بعضه حسبما يقدره مجلس التأديب "أو الرئيس المختص إن لم تكن ثمة محاكمة تأديبية" وذلك في كل حالة بحسب ظروفها. وقد طبقت منشورات المالية هذه القاعدة في: أ - في حالة الوقف لذنب يستوجب الرفت فنصت المادة 111 من قانون المصلحة المالية على أن كل مستخدم يرتكب ذنباً يستوجب الرفت يلزم إيقافه عن أشغال وظيفته في الحال وهذا الإيقاف يعلن إليه كتابة، ويترتب على توقيف الموظف عن العمل حرمانه من ماهيته ما لم يقرر مجلس التأديب غير ذلك. ب - وفي حالة الوقف بسبب حبس المستخدم احتياطياً لجريمة من الجرائم العادية (م 134 من قانون المصلحة المالية). وقد عدلت صياغة هذه المادة بناء على قرار مجلس النظار الصادر في 25 من أبريل سنة 1912 كما يلي: "كل مستخدم يحبس احتياطياً أو تنفيذاً لحكم قضائي يجب إيقافه عن أعمال وظيفته من يوم حبسه وذلك لا يمنع الجزاءات التأديبية التي يمكن توقعيها عليه. وتكون ماهيته حقاً للحكومة في كل مدة إيقافه ما لم يتقرر عدم وجود وجه لإقامة الدعوى عليه أو تحكم المحكمة الجنائية ببراءته من التهمة التي ترتب عليه حبسه، ففي هذه الحالة يجوز صرف ماهيته إليه عن مدة إيقافه ما لم تقرر السلطة التابع لها تأديبياً خلاف ذلك"، والمقصود بعبارة "السلطة التابع لها تأديبياً" مجلس التأديب فيما يختص بالمستخدمين الداخلين في هيئة العمال، ورئيس المصلحة فيما يختص بالخدمة المؤقتين والخارجين عن الهيئة. وهنا يجب التنبيه إلى أن تعديل صياغة المادة على هذا النحو لا يعدو أن يكون من قبيل الاستطراد والإيضاح للنص الأصلي، وأنه مهما يكن من أمر في شأن هذه الصياغة مما فتح الباب للتأويل فلا يمكن أن تمس القاعدة التي قررتها الفقرة الأخيرة من المادة الثامنة من الأمر العالي الصادر في 10 من أبريل سنة 1883، تلك التي جعلت الأصل هو الحرمان من المرتب مدة الوقف باعتباره مقابل العمل وجعلت الاستثناء هو صرفه كله أو بعضه حسبما تقدره السلطة التأديبية في كل حالة بظروفها. والقول بغير ذلك قول غير صائب؛ إذ مؤداه أن مجلس الوزراء عدل في حكم قرره الأمر العالي الصادر في 10 من أبريل سنة 1883 وهو ما لا يملكه؛ إذ القاعدة التنظيمية العامة لا ينسخها إلا أداة تنظيمية عامة من نفس المرتبة أو من مرتبة أعلى. فهذا الأصل العام باق وقد رددته المادتان 95 و96 من القانون رقم 210 لسنة 1951، في شأن نظام موظفي الدولة؛ فقد استعرضت المادة الأولى حالة الوقف بقرار من وكيل الوزارة ورئيس المصلحة كل في دائرة اختصاصه، واستعرضت الثانية وقف الموظف بقوة القانون إذا حبس احتياطياً أو تنفيذاً لحكم جنائي، والحكم الموضوعي واحد في الحالين، فهو واجب التطبيق أياً كان سبب الوقف وأياً كانت أداته وأياً كانت طبيعة الوظيفة هل هي دائمة أو مؤقتة أو خارج الهيئة أو من العمال، وإن اختلفت أوضاع التأديب وإجراءاته بسبب ذلك.
3 - لا وجه للقول بأن الوقف يعتبر كأن لم يكن بحجة عدم عرض الأمر حالاً على السلطة التأديبية المختصة؛ إذ ليس في النصوص ما يرتب مثل هذا الجزاء الذي يجعل قرار الوقف وما ترتب عليه معدوماً، وغاية الأمر أنه ما دام القانون قد ناط بالسلطة التأديبية المختصة تقدير صرف مرتب الموظف عن مدة الوقف كله أو عدم صرفه، فإنه يتعين الرجوع إلى هذه السلطة لتقرير ما تراه، ويعتبر المركز القانوني في هذا الشأن معلقاً حتى يصدر قرارها فيه.
إجراءات الطعن
في 7 من فبراير سنة 1956 أودع رئيس هيئة مفوضي الدولة طعناً في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (الهيئة الرابعة "أ" الدائرة الثانية) بجلسة 12 من ديسمبر سنة 1955 في الدعوى رقم 2686 سنة 8 ق المرفوعة من وزارة المواصلات ضد سيد قناوي عبد ربه، القاضي: "بإلغاء قرار اللجنة القضائية المطعون فيه، وإلزام المدعى عليه بالمصروفات"، وطلب رئيس هيئة المفوضين للأسباب التي استند إليها في صحيفة الطعن "الحكم بقبول هذا الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وتأييده قرار اللجنة القضائية باستحقاق المتظلم لماهيته عن مدة الوقف، وإلزام الوزارة بالمصروفات". وقد أعلن الطعن للحكومة في 19 من فبراير سنة 1956 وإلى المطعون لصالحه في 22 من فبراير سنة 1956 وعين لنظر الدعوى جلسة 21 من أبريل سنة 1956، وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات على الوجه المبين بمحضر الجلسة، ثم أرجأت النطق بالحكم لجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل، حسبما يبين من الأوراق، في أن المطعون لصالحه قدم تظلماً إلى اللجنة القضائية لوزارة المواصلات قيد برقم 5827 سنة 1 ق طالباً تقرير أحقيته في صرف مرتبه عن مدة وقفه عن العمل، وقال بياناً لذلك إنه في 18 من سبتمبر سنة 1949 وقف عن عمله لاتهامه في اختلاس طرد وقد حكم ابتدائياً في 24 من ديسمبر سنة 1950 ببراءته وتأيد الحكم استئنافياً في 27 من فبراير سنة 1951، ومن ثم فهو يستحق صرف مرتبه عن مدة الوقف. وقد قضت اللجنة القضائية في 28 من سبتمبر سنة 1953 "باستحقاق المتظلم لماهيته عن مدة الوقف" واستندت في ذلك إلى أن: "حكماًًًًً صدر ببراءة المتظلم من التهمة المسندة إليه والتي أوقف عن العمل بسببها، وقد أصبح هذا الحكم نهائياً وأعيد المتظلم إلى عمله" وأنه "لم يتبين من دفاع المصلحة أن المتظلم أوجد بفعله شبهات قوية لإدانته تقتضي إيقافه عن العمل".
وقد طعنت الحكومة في قرار اللجنة القضائية سالف الذكر بعريضة أودعت سكرتارية محكمة القضاء الإداري في 16 من يناير سنة 1954 طالبة إلغاء القرار المشار إليه مع إلزام المدعى عليه بالمصروفات. وبجلسة 12 من ديسمبر سنة 1955 قضت المحكمة "بإلغاء قرار اللجنة القضائية المطعون فيه، وبإلزام المدعى عليه بالمصروفات"، وأقامت المحكمة قضائها على أن "الأصل حرمان المستخدم من ماهيته عن مدة الإيقاف لأن الماهية هي مقابل العمل والموظف الموقوف لا يقوم بأي عمل وذلك كله ما لم تقرر السلطة التأديبية التابع لها المستخدم غير ذلك" وأن "السلطة التأديبية المختصة لم تصدر قراراً بمنح المدعى عليه ماهيته عن مدة الإيقاف فلا يجوز صرفها له".
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن مثار النزاع هو استحقاق أو عدم استحقاق المدعي مرتبه عن مدة وقفه من أول سبتمبر سنة 1949 إلى 20 من أبريل سنة 1951 وأن الفصل في ذلك يستلزم أولاً: الوقوف على مركزه القانوني وقتذاك في مجال الوظيفة، وثانياً: التعرف على القاعدة القانونية الواجبة التطبيق على حالته في فترة الوقف. وتذكر الحكومة أنه عند وقفه في أول سبتمبر سنة 1949 كان من موظفي الدرجة التاسعة وكان هؤلاء يعتبرون خارج الهيئة على مقتضى كادر سنة 1939 - وبالرجوع إلى هذا الكادر يبين أنه أنشئت به في الكادر العام درجة تاسعة وهي أدنى الدرجات ويكون التعيين فيها دائماً بصفة مؤقتة، وفي 4 من سبتمبر سنة 1943 صدر كتاب دوري من وزارة المالية جاء به أن مجلس الوزراء وافق بجلسته المنعقدة في 4 من أغسطس سنة 1943 على جواز ترقية مستخدمي الدرجة التاسعة (غير الحائزين للمؤهلات الدراسية القانونية) إلى الدرجة الثامنة الكتابية بشروط معينة منها وما نص عليه في البند الخامس وقد جرى نصه بما يأتي "الدرجة المعادلة للدرجة التاسعة هي الدرجة التي تكون متوسط ربطها في سلك الخدمة الخارجين عن هيئة العمال موازياً لمتوسط ربط تلك الدرجة أي 500 م و4 ج شهرياً"، ثم صدر قرار من مجلس الوزراء في 15 من أكتوبر سنة 1950 بالموافقة على اعتبار المدد التي قضيت في وظائف من الدرجة الثانية وما فوقها في سلك المستخدمين الخارجين عن الهيئة كأنها مدد قضيت بالدرجة التاسعة. ومؤدى ما تقدم أن الدرجة التاسعة وإن كانت مقابلة لبعض درجات الخدمة السايرة أو اعتبرت امتداداً لها فإنها لم تخرج مع ذلك عن كونها إحدى درجات الكادر العام، ومن ثم تعتبر الوظائف المقررة لها هذه الدرجة من الوظائف الداخلة في الهيئة، بيد أن المؤكد أيضاً حسبما جاء بكادر سنة 1939 أن التعيين في هذه الدرجة يكون دائماً بصفة مؤقتة، ومن هنا يتساوى شاغلوها مع المستخدمين الخارجين عن هيئة العمال من حيث أنهم لا يحالون إلى مجلس تأديب - مادة 114 من قانون المصلحة المالية - إذا كان هذا هو مركز المطعون لصالحه القانوني عند وقفه عن العمل فما هي القاعدة التي تطبق عليه في شأن مرتبه عن مدة وقفه؟.
تنص تعليمات المالية رقم 18 الصادرة في أول يوليه سنة 1913، فيما يتعلق بمرتب العمال المؤقتين عن مدة الوقف، على أن: "العامل المؤقت أو الخارج عن الهيئة المتهم بجرم موجب للرفت يصير إيقافه مؤقتاً عن العمل في كل حالة" وأنه "إذا اتضح بعد التحقيق أن العامل المؤقت أو الخارج عن هيئة العمال برئ، تصرف له ماهيته عن كل مدة الإيقاف المؤقت، وإذا ثبتت إدانته يرفت من تاريخ الإيقاف المؤقت. والترخيص بصرف ماهية العامل المشار إليه عن مدة الإيقاف المؤقت يصدر من رئيس المصلحة التابع لها العامل"، وبتطبيق هذه القاعدة على المطعون لصالحه باعتباره من العمال المؤقتين يكون مستحقاً لماهيته عن كل مدة الوقف" والترخيص بصرف هذه الماهية المتجمدة يلزم به رئيس المصلحة التابع لها العامل المؤقت نفاذاً للقاعدة القانونية المشار إليها. وإذا كانت الإدارة قد جرت على معاملة موظفي الدرجة التاسعة - في هذه الخصوصية - معاملة الخدمة السايرة، فإنه يسري عليهم ما يسري على هؤلاء الخدم من أحكام في شأن الوقف، وتكون القاعدة القانونية سالفة الذكر هي أيضاً الواجبة التطبيق. ومن جهة أخرى إذا قيل بأن موظفي الدرجة التاسعة وقتذاك، من الموظفين الذين يسري عليهم أحكام التأديب الخاصة بموظفي الدولة الداخلين في الهيئة، فإن المادة الثانية من دكريتو 10 من أبريل سنة 1883 تقضي بوجوب عرض أمر وقف الموظف على مجلس التأديب، الأمر الذي لم يتبع مع المطعون لصالحه، ومن ثم يكون قرار الوقف معدوماً وليس له الأثر الخاص بالحرمان من المرتب، ويكون المطعون لصالحه مستحقاً لمرتبه عن مدة الوقف.
ومن حيث إنه يبين من استظهار حالة المطعون لصالحه من واقع ملف خدمته أنه التحق بخدمة مصلحة البريد في 12 من أكتوبر سنة 1942 درجة رابعة بمرتب قدره جنيهان، وفي أول يوليه سنة 1944 رقى إلى الدرجة الثالثة/ الثانية المخفضة ثم منح الدرجة التاسعة الشخصية بالتطبيق لقواعد الإنصاف لأنه حاصل على الشهادة الابتدائية، وفي أول يونيه سنة 1948 عين في الدرجة التاسعة وحرر معه عقد نص في المادة السادسة منه على جواز فصله في أي وقت بدون إعلان سابق في حالة سوء السلوك الشديد، ونص في المادة السابعة منه على أن يخضع من جميع الوجوه الأخرى - بدون الإخلال بأحكام المادة الثامنة - لأحكام اللوائح الخاصة بالمستخدمين الجاري العمل بها أو التي سيعمل بها في الحكومة المصرية....... ونصت المادة الثامنة على أن لكل من الطرفين إبطال هذا العقد في أي وقت بمقتضى إعلان يرسل كتابة قبل ذلك بمدة شهر.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على كادر سنة 1939 - الذي عين المطعون لصالحه في ظله - أنه أنشأ درجة جديدة هي الدرجة التاسعة ونص على أن التعيين فيها في كل الأحوال يكون بصفة مؤقتة، وقد ألحق بهذا الكادر جداول تضمنت الكادر العام للموظفين ثم الكادرات الخاصة وأخيراً كادر الخدمة الخارجين عن هيئة العمال، وأدرجت الدرجة التاسعة ضمن درجات الكادر العام. وعلى مقتضى ذلك لا يعتبر المطعون لصالحه ضمن الخدمة الخارجين عن هيئة العمال أو الخدمة السايرة، وإن عودلت الدرجة التاسعة المعين عليها في أحوال خاصة بالدرجات الخارجة عن هيئة العمال، ومن ثم تسري عليه - طبقاً لما تقدم ولما ورد بالمادة السابعة من عقد استخدامه - جميع اللوائح الخاصة بالمستخدمين الجاري العمل بها أو التي سيعمل بها مستقبلاً.
ومن حيث إن الفقرة الأخيرة من المادة الثامنة من الأمر العالي الصادر في 10 من أبريل سنة 1883 تنص على أنه "يترتب على توقيف المستخدم عن العمل حرمانه من ماهيته ما لم يقرر مجلس الإدارة غير ذلك"، فهي بذلك تقرر قاعدة عامة هي حرمان المستخدم من ماهيته طوال فترة الوقف ما لم يقرر مجلس التأديب صرفها كلها أو بعضها إليه. فالأصل هو الحرمان من المرتب عن مدة الوقف والاستثناء هو جواز صرفه كله أو بعضه حسبما يقدره مجلس التأديب "أو الرئيس المختص إن لم تكن ثمة محاكمة تأديبية" وذلك في كل حالة بحسب ظروفها. وقد طبقت منشورات المالية هذه القاعدة:
1 - في حالة الوقف لذنب يستوجب الرفت فنصت المادة 111 من قانون المصلحة المالية على أن كل مستخدم يرتكب ذنباً يستوجب الرفت يلزم إيقافه عن أشغال وظيفته في الحال وهذا الإيقاف يعلن إليه كتابه، ويترتب على توقيف الموظف عن العمل حرمانه من ماهيته ما لم يقرر مجلس التأديب غير ذلك.
2 - وفي حالة الوقف بسبب حبس المستخدم احتياطياً لجريمة من الجرائم العادية (م 134 من قانون المصلحة المالية). وقد عدلت صياغة هذه المادة بناء على قرار مجلس النظار الصادر في 25 من أبريل سنة 1912 كما يلي: "كل مستخدم يحبس حبساً احتياطياً أو تنفيذاً لحكم قضائي يجب إيقافه عن أعمال وظيفته من يوم حبسه، وذلك لا يمنع الجزاءات التأديبية التي يمكن توقعيها عليه. وتكون ماهيته حقاً للحكومة في كل مدة إيقافه ما لم يتقرر عدم وجود وجه لإقامة الدعوى عليه أو تحكم المحكمة الجنائية ببراءته من التهمة التي ترتب عليه حبسه، ففي هذه الحالة يجوز صرف ماهيته عن مدة إيقافه ما لم تقرر السلطة التابع لها تأديبياً خلاف ذلك" والمقصود بعبارة "السلطة التابع لها تأديبياً"، مجلس التأديب فيما يختص بالمستخدمين الداخلين في هيئة العمال، ورئيس المصلحة فيما يختص بالخدمة المؤقتين والخارجين عن الهيئة. وهنا يجب التنبيه إلى أن تعديل صياغة تلك المادة على هذا النحو لا يعدو أن يكون من قبيل الاستطراد والإيضاح للنص الأصلي، وأنه مهما يكن من أمر في شأن هذه الصياغة مما فتح الباب للتأويل - بمثل ما ذهبت إليه هيئة المفوضين - فلا يمكن أن تمس القاعدة التي قررتها الفقرة الأخيرة من المادة الثامنة من الأمر العالي الصادر في 10 من أبريل سنة 1883، تلك التي جعلت الأصل هو الحرمان من المرتب مدة الوقف باعتباره مقابل العمل، وجعلت الاستثناء هو صرفه كله أو بعضه حسبما تقرره السلطة التأديبية في كل حالة بظروفها، والقول بغير ذلك قول غير صائب؛ إذ مؤداه أن مجلس الوزراء عدل في حكم قرره الأمر العالي الصادر في 10 من أبريل سنة 1883 على ما سبق البيان وهو ما لا يملكه؛ إذ القاعدة التنظيمية العامة لا ينسخها إلا أداة تنظيمية عامة من نفس المرتبة أو من مرتبة أعلى. هذا الأصل الذي رددته المادتان 90 و96 من القانون رقم 210 لسنة 1951، في شأن نظام موظفي الدولة؛ فقد استعرضت المادة الأولى حالة وقف الموظف بقرار من وكيل الوزارة ورئيس المصلحة كل في دائرة اختصاصه، واستعرضت الثانية وقف الموظف بقوة القانون إذا حبس احتياطياً أو تنفيذاً لحكم جنائي، والحكم الموضوعي واحد في الحالين، فهو واجب التطبيق أياً كان سبب الوقف وأياً كانت أداته وأياً كانت طبيعة الوظيفة هل هي دائمة أو مؤقتة أو خارج الهيئة أو من العمال، وأن اختلفت أوضاع التأديب وإجراءاته بسبب ذلك.
ومن حيث إنه على أثر اتهام المطعون لصالحه باختلاس الطرد رقم 262 وارتكابه تزويراً في محرر رسمي، وقف المذكور عن العمل اعتباراً من 18 من سبتمبر سنة 1949، ولما قضى من المحكمة المختصة ابتدائياً ببراءته ثم تأيد الحكم استئنافياً في 27 من فبراير سنة 1951 أعيد إلى عمله اعتباراً من 21 من أبريل سنة 1951، ومن ثم يترتب على وقفه حرمانه من مرتبه مدة وقفه بالتطبيق لحكم المادة 111 من قانون المصلحة المالية المشار إليه، إلا إذا رأت السلطة التأديبية غير ذلك.
ومن حيث إنه لا وجه للقول بأن الوقف يعتبر كأن لم يكن بحجة عدم عرض الأمر حالاً على السلطة التأديبية المختصة؛ إذ ليس في النصوص ما يرتب مثل هذا الجزاء الذي يجعل قرار الوقف وما ترتب عليه معدوماً، وغاية الأمر أنه ما دام القانون قد ناط بالسلطة التأديبية المختصة تقدير مرتب الموظف عن مدة الوقف كله أو عدم صرفه فإنه يتعين الرجوع إلى هذه السلطة لتقرير ما تراه، ويعتبر المركز القانوني في هذا الشأن معلقاً حتى يصدر قرارها فيه.
ومن حيث إنه لذلك يكون الطعن على غير أساس سليم من القانون، ويتعين من أجل ذلك رفضه.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً.
ساحة النقاش