موقع المستشار/ البسيونى محمود أبوعبده المحامى بالنقض والدستورية العليا نقض جنائي- مدني- مذكرات- صيغ- عقود محمول01277960502 - 01273665051

نقله من الكادر المتوسط إلى الكادر العالى - الأصل فى قانون الموظفين هو الفصل بين الكادرين المتوسط والعالى

الحكم كاملاً

مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة - العدد الثالث (من أول يونيه إلى آخر سبتمبر سنة 1958) - صـ 1741

(177)
جلسة 12 من يوليه سنة 1958

برياسة السيد/ السيد على السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة سيد على الدمراوى والسيد إبراهيم الديوانى وعلى إبراهيم بغدادى والدكتور محمود سعد الدين الشريف المستشارين.

القضية رقم 118 لسنة 4 القضائية

( أ ) موظف - نقله من الكادر المتوسط إلى الكادر العالى - الأصل فى قانون الموظفين هو الفصل بين الكادرين المتوسط والعالى - عدم استصحاب الموظف عند النقل أقدميته فى الكادر الأدنى - اعتبار النقل نقلا نوعيا بمثابة التعيين فى الكادر الأعلى - الاستثناء من هذا الأصل قد يستفاد من القانون صراحة أو ضمناً.
(ب) موظف - المادة 41 من قانون نظام موظفى الدولة - ترقية الموظف من أعلى درجة فى الكادر المتوسط أو الكتابى إلى الدرجة التالية لها فى الكادر الفنى العالى أو الإدارى - اعتبارها بمثابة تعيين فى الكادر الأعلى مع إعفاء الموظف من شرط الحصول على المؤهل العالى - لا اعتداد بأقدميته السابقة فى ترتيب أقدميته فى الكادر الأعلى.
(ج) موظف - نقله من الكادر المتوسط إلى الكادر العالى - النقل المترتب على نقل الوظيفة بدرجتها من الكادر الأدنى إلى الكادر الأعلى - استصحاب الموظف، على سبيل الاستثناء، أقدميته فى الكادر الأدنى - قد يستفاد من نصوص القانون أنه قصد إليه لاعتبارات من المصلحة العامة ولاتفاق طبيعة العمل فى الوظيفتين.
1 - إن القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفى الدولة - إذ قسم الوظائف الداخلة فى الهيئة إلى فئتين (عالية ومتوسطة) على أن تتضمن الميزانية بياناً بكل نوع من هذه الوظائف، وإذ نص على أنه لا يجوز بغير إذن من البرلمان نقل وظيفة من فئة إلى أخرى أو من نوع إلى آخر، وإذ وضع لكل فئة من هاتين الفئتين أحكاماً خاصة بها من حيث التعيين والترقية تختلف فى كل واحدة عن الأخرى - فإنه قد جعل الأصل هو الفصل بين الكادرين مما يترتب عليه أن الأقدمية فى وظائف الكادر العالى تتميز عن الأقدمية فى وظائف الكادر المتوسط حتى ولو كانت درجاتهما متماثلة؛ ومن ثم فإذا نقل موظف من الكادر الأدنى إلى مثل درجته فى الكادر الأعلى فلا يستصحب معه عند النقل أقدميته فى الكادر الأدنى، بل يعتبر فى ترتيب أقدميته بين أقرانه فى الكادر الأعلى من تاريخ نقله إلى هذا الكادر الأخير؛ لأن هذا النقل هو نقل نوعى بمثابة التعيين فى الكادر الأعلى الذى تختلف الوظائف فيه من حيث شروط التعيين والترقية والاختصاصات عن مثيلاتها فى الكادر الأدنى. ولئن كان ذلك هو الأصل، إلا أن الاستثناء منه قد يستفاد من القانون صراحة أو ضمناً لحكمة خاصة تبرر هذا الاستثناء.
2 - استثناء من قاعدة الفصل بين الكادرين المتوسط والعالى واعتبار النقل من الكادر الأدنى إلى الكادر الأعلى تعييناً جديداً، أجاز القانون ترقية الموظف من أعلى درجة فى الكادر المتوسط أو الكتابى إلى الدرجة التالية لها فى الكادر الفنى أو الكادر الإدارى بالشروط وفى الحدود الواردة بالمادة 41 من قانون نظام موظفى الدولة. وغنى عن القول أن مثل هذه الترقية لا تشترط أن يكون الموظف المنقول حاصلاً على المؤهل العالى الذى كان يجيز تعيينه ابتداء فى هذا الكادر، فترقية مثل هذا الموظف بالتطبيق لتلك المادة هى فى الواقع من الأمر بمثابة تعيين فى هذا الكادر مع إعفاء الموظف من شرط الحصول على المؤهل العالي؛ ولذا فإن ترتيب أقدمية هذا الموظف بين أقرانه فى الكادر الأعلى تتحدد على أساس الانفصال بين الكادرين، وأن أقدميته السابقة فى درجات الكادر الأدنى لا تؤثر فى ترتيب أقدميته بين أقرانه فى الكادر الأعلى، بل تتحدد فى هذا الكادر الأخير على أساس اعتباره معيناً فيه تعييناً جديداً.
3 - إذا كان النقل مترتباً على نقل الوظيفة بدرجتها من الكادر الأدنى إلى الكادر الأعلى بناء على ما رؤى لصالح العمل ولحسن سير المرفق العام أن طبيعة العملين فى الوظيفتين واحدة، فقد يستفاد من نصوص القانون ضمنا أنه قصد الاحتفاظ للموظف الذى يرى نقله إلى الكادر العالى تبعا لنقل الوظيفة بدرجتها بأقدميته فيها، ومن ذلك الحالة التى تنص عليها الفقرة الأخيرة من المادة 47 المضافة بالقانون رقم 586 لسنة 1953 التى تقضى بأنه "وفى حالة نقل بعض الدرجات من الكادر المتوسط إلى الكادر العالى بميزانية إحدى الوزارات أو المصالح، يجوز بقرار من الوزير المختص نقل الموظف شاغل الدرجة المنقولة من الكادر المتوسط إلى الكادر العالى فى نفس درجته، أو تسوية حالته على درجة متوسطة خالية من نوع درجته ومعادلة لها، وحكمة ذلك ظاهرة تقويم على أساس من العدالة والصالح العام؛ لأن نقل الوظيفة بدرجتها قد استدعته حاجة العمل والمصلحة العامة، فتم الاندماج على هذا الأساس، وبمراعاة أن الطبيعة واحدة فى العملين؛ وأنه لما كان نقل الوظيفة من الكادر المتوسط إلى الكادر الأعلى لا يستتبع حتما وبقوة القانون نقل من يقوم بعملها من أحد الكادرين إلى الآخر، فقد لا يكون الموظف صالحاً للقيام بوظيفته فى الكادر العالى سواء من حيث الكفاية أو المؤهل، فقد أجيز لكل وزير فى وزارته سلطة الترخيص فى نقل أو عدم نقل كل موظف نقلت وظيفته بدرجتها إلى الكادر الأعلى؛ ومن ثم فإن الموظف الذى تثبت صلاحيته للنقل إلى الكادر العالى فى تلك الوظيفة ينبغى ألا تتأثر أقدميته فى الدرجة المنقولة بنقله إلى الكادر العالي، ما دام قد تم ذلك تبعاً لنقل الوظيفة بدرجتها، تنظيما للأوضاع فى الوزارة أو المصلحة على الأساس المتقدم، وما دام ثبتت جدارة المنقول وأهليته للنقل الذى هو بمثابة التعيين فى هذه الوظيفة ذات الطبيعة الواحدة فى العمل. وهذا الحكم الضمنى فى تحديد الأقدمية المستفاد من الفقرة الأخيرة من المادة 47 هو حكم استثنائى خاص تقتضيه الأغراض التى استهدفها القانون بإضافة تلك الفقرة؛ يقطع فى ذلك أن المشرع يردد دائماً مثل هذا الحكم عند إعادة تنظيم الأوضاع الإدارية تنظيماً من شأنه نقل الوظائف بدرجاتها من الكادر الأدنى إلى الكادر الأعلى، كما تم ذلك بالقرار بقانون رقم 310 لسنة 1956 الذى أجاز لوزير التموين أن ينقل بقرار منه أية وظيفة من فئة إلى أخرى أو من نوع إلى آخر بميزانية الوزارة، كما أجاز له نقل الموظف شاغل الدرجة المنقولة إلى الكادر العالي، أو نقل غيره من موظفى الوزارة إلى الدرجة المنقولة إلى الكادر العالى فى نفس درجته، بشرط أن يكون حاصلاً على المؤهل اللازم للتعيين فى الكادر المنقول إليه، أو تسوية حالته على درجة خالية من نوع درجته ومعادلة لها، وأن تعتبر أقدمية الموظف فى الكادر العالى المنقول إليه من تاريخ حصوله على الدرجة المماثلة للدرجة المنقول إليها فى ذلك الكادر، وذلك بشرط أن يتفق عمل الوظيفة المنقول إليها مع عمل الوظيفة المنقول منها فى طبيعتها، وإلا اعتبرت الأقدمية فى الكادر المنقول إليه من تاريخ النقل.


إجراءات الطعن

فى 19 من يناير سنة 1958 أودع السيد رئيس هيئة مفوضى الدولة صحيفة طعن فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى (الهيئة الثالثة "أ") فى 21 من نوفمبر سنة 1957 فى الدعوى رقم 236 لسنة 11 ق المرفوعة من السيد/ محمد السعيد مرسى ضد ديوان الموظفين، والقاضى "أولاًًً، بإلغاء القرار رقم 24 لسنة 1956 فيما تضمنه من ترقية فوزى سعيد شاهين وأحمد مختار كشك إلى الدرجة الخامسة الإدارية، وألزمت المدعى عليه المصروفات. وثانياً، برفض الدعوى بالنسبة إلى الطلب الثاني، وألزمت المدعى المصروفات". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التى استند إليها فى عريضة طعنه - الحكم "بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع إلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء برفض الدعوى، وإلزام رافعها المصروفات". وقد أعلن الطعن إلى المطعون عليه فى أول مارس سنة 1958، وإلى الحكومة فى 26 من يناير سنة 1958، وعين لنظر الدعوى جلسة 22 من مارس سنة 1958، وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات، وأرجئ إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، حسبما يبين من أوراق الطعن، تتحصل فى أن المدعى أقام الدعوى رقم 236 لسنة 11 ق أمام محكمة القضاء الإدارى طالبا فى ختامها الحكم بقبول الطعن شكلا، والحكم فى الموضوع: أولا، بإلغاء قرار الديوان رقم 24 لسنة 1956 بترقية السيدين فوزى سعيد شاهين وأحمد مختار كشك إلى الدرجة الخامسة الإدارية لمخالفته للقانون. وثانيا، إلغاء القرار السلبى بتخطى الطالب فى الترقية الذى انطوى عليه القرار الإيجابى رقم 24 لسنة 1956، واعتبار الطالب مرقى إلى الدرجة الخامسة الإدارية فى 3 من فبراير سنة 1956 تاريخ نفاذ هذا القرار، مع ما يترتب على ذلك من آثار. وقال المدعى إيضاحاً لدعواه إنه عين فى وظيفة من الدرجة الثامنة الكتابية بمصلحة الضرائب فى 14 من فبراير سنة 1950، وظل بها إلى أن حصل على ليسانس الحقوق فى دور مايو سنة 1952، وتقدم لامتحان المسابقة الذى عقده ديوان الموظفين لشغل وظائف الدرجة السادسة الإدارية الخالية به، واجتاز هذا الامتحان بنجاح. وفى 30/ 7/ 1953، صدر قرار بتعيين الطالب فى وظيفة من الدرجة السادسة الإدارية بديوان الموظفين، وفى 15/ 2/ 1956 أصدر الديوان القرار رقم 24 لسنة 1956 متضمناً حركة ترقيات إلى الدرجة الخامسة الإدارية وغيرها من الدرجات، وشملت هذه الحركة ترقية السيدين فوزى سعيد شاهين وأحمد مختار كشك إلى الدرجة الخامسة الإدارية، فتظلم الطالب من ذلك فى 15/ 4/ 1956، وبنى تظلمه على أن أقدميته فى الدرجة السادسة ترجع إلى مايو سنة 1952 تاريخ حصوله على الليسانس، وأقدمية المطعون فى ترقيتهما فى الدرجة السادسة لا تخولهما التقدم عليه فى الترقية؛ لأن الأول منهما وهو السيد فوزى سعيد شاهين منقول من الدرجة السادسة الكتابية إلى الدرجة السادسة الإدارية فى 30/ 9/ 1954، والثانى السيد أحمد مختار كشك منقول إلى الدرجة السادسة أيضاً فى 3/ 2/ 1956 طبقا لأحكام الفقرة الأخيرة من المادة 47 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفى الدولة. وأقدمية كل منهما فى الدرجة السادسة الإدارية لا تبدأ إلا من تاريخ نقلهما إلى الكادر الإدارى طبقا لفتوى الجمعية العمومية للقسم الاستشارى بمجلس الدولة فى 18 من يناير سنة 1956 وفتواها فى 26 من سبتمبر سنة 1956، وقد احتكم الديوان إلى الهيئة العليا التى خصها القانون بالفتيا فى المسائل التى يستشكل الرأى فيها، فكان الأحرص به أن ينزل عند رأيها، ولكنه امتنع عن تنفيذ فتوى الجمعية العمومية. وقد أجاب ديوان الموظفين عن الدعوى بأن المدعى دخل الخدمة فى 24/ 2/ 1950 فى الدرجة الثامنة التى ظل فيها حتى 1/ 8/ 1953، وحصل على ليسانس الحقوق فى سنة مايو 1952 وحصل على الدرجة السادسة الإدارية فى 30/ 7/ 1953، وأن الديوان سار على الاحتفاظ للموظف المنقول من الكادر المتوسط إلى الكادر العالى تبعاً لنقل درجته بأقدميته السابقة فى الدرجة المنقولة، ما دامت طبيعة عملهما إدارية مما يقتضى نقل درجتيهما إلى الكادر العالى مع الاحتفاظ بأقدميتهما فى هذا الكادر من تاريخ حصولها فى الدرجة السادسة بالكادر المتوسط. أما ما يبديه الطالب من أن مقتضى تطبيق قانون المعادلات عليه إرجاع أقدميته فى الدرجة السادسة إلى تاريخ حصوله على ليسانس الحقوق فى مايو سنة 1952 فإن الجمعية العمومية للقسم الاستشارى للفتوى والتشريع أفتت بجلستها المنعقدة فى 5/ 10/ 1955 بعدم أحقيته فى هذا الطلب واعتبرته فى الدرجة السادسة الإدارية من تاريخ تعيينه فيها فى 30/ 7/ 1953. وفى 26 من نوفمبر سنة 1957 صدر الحكم المطعون فيه قاضيا "بإلغاء القرار رقم 24 لسنة 1956 فيما تضمنه من ترقية فوزى سعيد شاهين وأحمد مختار كشك إلى الدرجة الخامسة الإدارية، وألزمت المدعى عليه المصروفات. وثانياً برفض الدعوى بالنسبة إلى الطلب الثاني، وألزمت المدعى بالمصروفات". وقد بنى الحكم بالنسبة للطلب الأول على أن نقل المطعون فى ترقيتهما بالتطبيق للمادة 47 فقرة رابعة من القانون رقم 210 لسنة 1951 يعتبر نقلاً نوعياً بمثابة التعيين الجديد؛ إذ أن نظام موظفى الدولة يقوم أساسا على تقسيم وظائف الدولة الداخلة فى الهيئة إلى فئتين عالية ومتوسطة وتقسيم كل فئة إلى نوعين فنى وإدارى للكادر العالى وفنى وكتابى للكادر المتوسط، وأنه لا يصح نقل وظيفته من فئة إلى أخرى أو من نوع إلى آخر إلا بإذن البرلمان، كما أنه يشترط فى الفئتين شروط وإجراءات تختلف فى كل منهما عنها فى الأخرى اختلافا أساسيا، وأن هذا الأصل العام الذى يحظر نقل الوظائف من فئة إلى أخرى يقتضى بالتبعية عدم إمكان نقل الموظف نفسه من وظيفة تنتمى إلى أى الفئتين إلى وظيفة تتبع الأخرى إلا فى الحالات الاستثنائية التى ينص عليها القانون، وأن هذا من قبيل النقل النوعى المخالف للقواعد العامة فى قانون نظام موظفى الدولة. وأنه على هذا الأساس يعتبر الموظف المنقول من درجة فى الكادر المتوسط إلى إحدى درجات الكادر العالى معينا تعيينا جديدا. وقد طعن رئيس المفوضين فى هذا الحكم طالبا "الحكم بقبول الطعن شكلا، وفى الموضع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء برفض الدعوى، وإلزام رافعها بالمصروفات". وأسس الطعن على أن الفقرة الرابعة من المادة 47 من قانون نظام موظفى الدولة إنما وردت فى الفصل الرابع من الباب الأول الخاص بالنقل، أما التعيين فقد تناوله القانون المذكور فى الفصل الثانى من الباب الأول، وأن القانون قد حدد لكل حالة شروطها وضوابطها وإجراءاتها، بحيث إذا توافر للحالة مقومات التعيين اعتبرت كذلك، وإن توافر لها مقومات النقل فهى ليست إلا نقلاً بما يترتب عليه من آثار، وأنه على أساس هذا الفهم نجد أن القانون لم يشترط فى واقع الدعوى ما استوجب استيفاءه فى التعيين من حيث اللياقة العلمية أو الفنية أو الطبية أو غير ذلك مما يتطلب فى التعيين عادة، بل يكفى طبقاً لنص الفقرة الرابعة من المادة 47 من قانون نظام موظفى الدولة أن يصدر قرار من الوزير متضمناً نقل الموظف شاغل الدرجة المتوسطة إلى الكادر العالى تبعاً لنقل درجته إليه.
ومن حيث إنه يخلص مما تقدم أن مثار المنازعة فى الدعوى هو ما إذا كانت أقدمية المطعون فى ترقيتهم فى الدرجة السادسة الإدارية تعتبر راجعة إلى تاريخ أقدميتهما فى الدرجة السادسة الكتابية أم لا؛ ذلك أنه لو كانت الأولى لسبقا المدعى فى ترتيب الأقدمية ولما كان له وجه فى الطعن فى ترقيتهما على هذا الأساس، وإن كانت الأخرى فالعكس بالعكس.
ومن حيث إنه ولئن كان القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفى الدولة - إذ قسم الوظائف الداخلة فى الهيئة إلى فئتين عالية ومتوسطة على أن تتضمن الميزانية بيانا بكل نوع من هذه الوظائف، وإذ نص على أنه لا يجوز بغير إذن من البرلمان نقل وظيفة من فئة إلى أخرى أو من نوع إلى آخر، وإذ وضع لكل فئة من هاتين الفئتين أحكاماً خاصة بها من حيث التعيين والترقية تختلف فى كل واحدة عن الأخرى - لئن كان القانون المذكور قد جعل الأصل هو الفصل بين الكادرين مما يترتب عليه أن الأقدمية فى وظائف الكادر العالى تتميز عن الأقدمية فى وظائف الكادر المتوسط حتى ولو كانت درجاتهما متماثلة؛ ومن ثم فإذا نقل موظف من الكادر الأدنى إلى مثل درجته فى الكادر الأعلى فلا يستصحب معه عند النقل أقدميته فى الكادر الأدنى، بل يعتبر فى ترتيب أقدميته بين أقرانه فى الكادر الأعلى من تاريخ نقله إلى هذا الكادر الأخير؛ لأن هذا النقل هو نقل نوعى بمثابة التعيين فى الكادر الأعلى الذى تختلف الوظائف فيه من حيث شروط التعيين والترقية والاختصاصات عن مثيلاتها فى الكادر الأدنى - لئن كان ذلك هو الأصل إلا أن الاستثناء منه قد يستفاد من القانون صراحة أو ضمناً لحكمة خاصة تبرر هذا الاستثناء، كنص الفقرة الثانية من المادة 41 من القانون المشار إليه التى تجيز استثناء ترقية الموظف من أعلى درجة فى الكادر المتوسط أو الكتابى إلى الدرجة التالية لها فى الكادر الفنى العالى أو الكادر الإدارى بالشروط وفى الحدود المنصوص عليها فيها، وغنى عن القول أن مثل هذه الترقية لا تشترط أن يكون الموظف المنقول حاصلا على المؤهل العالى الذى كان يجيز تعيينه ابتداء فى هذا الكادر، فترقية مثل هذا الموظف بالتطبيق لتلك المادة هى فى الواقع من الأمر بمثابة تعيين فى هذا الكادر مع إعفاء الموظف من شرط الحصول على المؤهل العالي؛ ولذا فإن ترتيب أقدمية هذا الموظف بين أقرانه فى الكادر الأعلى تتحدد على أساس الانفصال بين الكادرين، وأن أقدميته السابقة فى درجات الكادر الأدنى لا تؤثر فى ترتيب أقدميته بين أقرانه فى الكادر الأعلى، بل تتحدد فى هذا الكادر الأخير على أساس اعتباره معينا فيه تعيينا جديدا. أما إذا كان النقل مترتباً على نقل الوظيفة بدرجتها من الكادر الأدنى إلى الكادر الأعلى بناء على ما رؤى لصالح العمل ولحسن سير المرفق العام أن طبيعة العملين فى الوظيفتين واحدة، فقد يستفاد من نصوص القانون ضمنا أنه قصد الاحتفاظ للموظف - الذى يرى نقله إلى الكادر العالى تبعاً لنقل الوظيفة بدرجتها - بأقدميته فيها، ومن ذلك الحالة التى تنص عليها الفقرة عليها الفقرة الأخيرة من المادة 47 المضافة بالقانون رقم 586 لسنة 1953 التى تقضى بأنه "وفى حالة نقل بعض الدرجات من الكادر المتوسط إلى الكادر العالى بميزانية إحدى الوزارات أو المصالح، يجوز بقرار من الوزير المختص نقل الموظف شاغل الدرجة المنقولة من الكادر المتوسط إلى الكادر العالى فى نفس درجته، أو تسوية حالته على درجة متوسطة خالية من نوع درجته ومعادلة لها، وحكمة ذلك ظاهرة تقوم على أساس من العدالة والصالح العام؛ لأن نقل الوظيفة بدرجتها قد استدعته حاجة العمل والمصلحة العامة، فتم الاندماج على هذا الأساس وبمراعاة أن الطبيعة واحدة فى العملين؛ ولأنه لما كان نقل الوظيفة من الكادر المتوسط إلى الكادر الأعلى لا يستتبع حتما وبقوة القانون نقل من يقوم بعملها من أحد الكادرين إلى الآخر، فقد لا يكون الموظف صالحاً للقيام بوظيفته فى الكادر العالى سواء من حيث الكفاية أو المؤهل، فقد أجيز لكل وزير فى وزارته سلطة الترخيص فى نقل أو عدم نقل كل موظف نقلت وظيفته بدرجتها إلى الكادر الأعلى، ومن ثم فإن الموظف الذى تثبت صلاحيته للنقل إلى الكادر العالى فى تلك الوظيفة ينبغى ألا تتأثر أقدميته فى الدرجة المنقولة بنقله إلى الكادر العالي، ما دام قد تم ذلك تبعا لنقل الوظيفة بدرجتها، تنظيما للأوضاع فى الوزارة أو المصلحة على الأساس المتقدم، وما دام ثبتت جدارة المنقول وأهليته للنقل الذى هو بمثابة التعيين فى هذه الوظيفة ذات الطبيعة الواحدة فى العمل. وهذا الحكم الضمنى فى تحديد الأقدمية المستفاد من الفقرة الأخيرة من المادة 47 هو حكم استثنائى خاص تقتضيه الأغراض التى استهدفها القانون بإضافة تلك الفقرة؛ يقطع فى ذلك أن المشرع يردد دائماً مثل هذا الحكم عند إعادة تنظيم الأوضاع الإدارية تنظيماً من شأنه نقل الوظائف بدرجاتها من الكادر الأدنى إلى الكادر الأعلى، كما تم ذلك بالقرار بقانون رقم310 لسنة 1956 الذى أجاز لوزير التموين أن ينقل بقرار منه أية وظيفة من فئة إلى أخرى أو من نوع إلى آخر بميزانية الوزارة، كما أجاز له نقل الموظف شاغل الدرجة المنقولة إلى الكادر العالي، أو نقل غيره من موظفى الوزارة إلى الدرجة المنقولة إلى الكادر العالى فى نفس درجته، بشرط أن يكون حاصلاً على المؤهل اللازم للتعيين فى الكادر المنقول إليه، أو تسوية حالته على درجة خالية من نوع درجته ومعادلة لها، وأن تعتبر أقدمية الموظف فى الكادر العالى المنقول إليه من تاريخ حصوله على الدرجة المماثلة للدرجة المنقول إليها فى ذلك الكادر، وذلك بشرط أن يتفق عمل الوظيفة المنقول إليها مع عمل الوظيفة المنقول منها فى طبيعتها، وإلا اعتبرت الأقدمية فى الكادر المنقول إليه من تاريخ النقل.
ومن حيث إنه قد بان للمحكمة من الأوراق أن نقل المطعون فى ترقيتهما من الكادر الكتابى إلى الكادر الإدارى قد تم، كما تبين من ديباجة القرارين الصادرين فى هذا الشأن، بالاستناد إلى القانون رقم 586 لسنة 1953 المشار إليه، أى كان نقل كل منهما نتيجة لنقل وظيفتيهما إلى الكادر الإداري، فيحتفظان، والحالة هذه، بأقدميتهما فى الدرجة السادسة الكتابية، بعد إذ ثبتت جدارتهما لنقلهما إلى الكادر الإداري، وبمراعاة أن تحديد أقدميتهما فى الدرجة السادسة الكتابية كان من تاريخ حصولهما على المؤهل العالي، وذلك بالتطبيق لقانون المعادلات الدراسية رقم 371 لسنة 1953.
ومن حيث إنه لكل ما تقدم يكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ فى تأويل القانون وتطبيقه، فيتعين إلغاؤه، والقضاء برفض الدعوى.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفى موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وألزمت المدعى بالمصروفات.

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 26 مشاهدة
نشرت فى 18 إبريل 2020 بواسطة basune1

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

5,164,351

الموقع الخاص بالاستاذ/ البسيونى محمود ابوعبده المحامى بالنقض والدستوريه العليا

basune1
المستشار/ البسيونى محمود أبوعبده المحامى بالنقض والدستورية العليا استشارات قانونية -جميع الصيغ القانونية-وصيغ العقود والمذكرات القانونية وجميع مذكرات النقض -المدنى- الجنائى-الادارى تليفون01277960502 -01273665051 العنوان المحله الكبرى 15 شارع الحنفى - الإسكندرية ميامى شارع خيرت الغندور من شارع خالد ابن الوليد »