أن الكادر العالى ينقسم إلى نوعين متميزين من الوظائف النوع الأول منهما الفني العالى والثانى الادارى.
الحكم كاملاً
مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادىء القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة عشرة - العدد الأول (من أول اكتوبر سنة 1969 إلى منتصف فبراير سنة 1970) - صـ 85
(14)
جلسة 28 من ديسمبر سنة 1969
برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد مختار العزبى نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذه محمد طاهر عبد الحميد وسليمان محمود جاد ومحمد فهمى طاهر ومحمد بهجت عتيبة المستشارين.
القضية رقم 920 لسنة 11 القضائية
موظف - اقدمية - كادر القانون رقم 210 لسنة 1951 بنظام موظفى الدولة - الكادر العالى ينقسم إلى نوعين متميزين من الوظائف لكل منهما أقدمية مستقلة - أثار ذلك.
أن الكادر العالى ينقسم إلى نوعين متميزين من الوظائف، النوع الأول منهما الفني العالى والثانى الادارى، ولكل من هذين النوعين اقدمية مستقلة عن أقدمية النوع الأخر، وقد حظر القانون ترقية موظف يشغل وظيفة من نوع من هذين النوعين إلى وظيفة من النوع الأخر، كما منع نقل وظيفة من فئة إلى أخرى أو من نوع إلى آخر دون أن يصدر تشريع بذلك، كما في حالة ادماج الوظائف.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث أن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أن المدعى أقام الدعوى رقم 147 لسنة 16 القضائية ضد وزارة الثقافة والارشاد بعريضة أودعها قلم كتاب محكمة القضاء الادارى في 14 من نوفمبر سنة 1961 طالبا "الحكم بالغاء القرار الصادر من السيد وزير الثقافة والارشاد رقم 109 في 25 من يولية سنة 1961 بترقية وزير/ خليل عرفى إلى الدرجة الثانية بالكادر الفني العالى والادارى فيما تضمنه من تخطى الطالب في الترقية إلى هذه الدرجة وما يترتب على ذلك من آثار وصرف الفروق. مع الزام الجهة الادارية المصاريف ومقابل اتعاب المحاماة". وقال بيانا لدعواه أنه وان كانت ديباجة القرار المطعون فيه تفيد بأن ترقية المطعون في ترقيته - السيد/ خليل عرفى - استندت إلى تظلم مقدم منه بسحب القرار الوزارى رقم 189 الصادر في 3 من يونية سنة 1959 فيما تضمنة من ترقية السيد/ نجيب محفوظ إلى الدرجة الثانية بالكادر الفنى العالى والادارى إلا أن هذا التصوير مخالف للواقع والقانون لأن مواعيد سحب القرارات الادارية هي ذات مواعيد الغائها ولم يكن من الجائز سحب القرار المشار إليه لأنه صدر في 3 من يونية سنة 1959 وميعاد السحب ينتهى في تاريخ اقصاه 29 من نوفمبر سنة 1959 وذلك بافتراض أن المطعون في ترقيته تظلم في اليوم الستين من تاريخ صدور القرار المذكور وأمتد ميعاد السحب حتى نهاية الميعاد المحدد لاقامة دعوى الالغاء. وانه لما كان القرار المطعون فيه ليس قرارا ساحبا لقرار سابق ولكنه قرار منشىء لترقية السيد/ خليل عرفى فانه يحق له طلب الغائه فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى الدرجة الثانية بالكادر الفني العالى والادارى بالأقدمية المطلقة لأنه أقدم من السيد المذكور في أقدمية الدرجة الثالثة، إذ ترجع أقدميته فيها إلى 30 من أبريل سنة 1956 بينما أقدمية زميله سالف الذكر في الدرجة ذاتها ترجع إلى عام 1957. وقد تدخل السيد/ خليل عرفى في الدرجة منضما إلى الحكومة في طلب الحكم برفض الدعوى، وقدم دفاعه ومستنداته التى تؤيد وجهة نظره. وأجابت الجهة الادارية عن الدعوى بمذكرة قالت فيها أن القرار المطعون فيه هو سحب للقرار رقم 189 لسنة 1959 الصادر بترقية السيد/ نجيب محفوظ إلى الدرجة الثانية فيما تضمنه من تخطى السيد/ خليل عرفى في الترقية إلى هذه الدرجة ومن ثم فان الطعن على القرار الساحب يكون في غير محله طالما أن القرار المسحوب قد صار حصينا بعدم الطعن فيه، ذلك أن التظلم من القرار الادارى لا يفيد منه إلا مقدمه وهو ما يمكن التعبير عنه بنسبية التظلم شأنه شأن الطعن بالالغاء القضائى الذى لا يفيد منه إلا الطاعن بحيث إذا راجعت جهة الادارة نفسها نتيجة التظلم وقامت بسحب القرار المتظلم منه جزئيا أو كليا فان هذا السحب لا يجوز الطعن فيه وحده بالالغاء لأنه تعديل لكل جزء من القرار الاصلى، فاذا كان القرار المطعون فيه يعتبر عملا مكملا لقرار سابق اعتراه نقض أو شابه عيب فان القرار السابق هو الذى يكون محلا للطعن أما ما عداه من قرارات مكملة فلا تعدو أن تكون عملا تنفيذيا لقرار سابق لا يجوز الطعن فيها حتى ولو ترتب عليها ضرر متى كان الثابت أن القرار الأصلى صدر موافقا للقانون. وانه لا محل بعد ذلك لما يدعيه المدعى من أن القرار المطعون فيه ليس قرارا ساحبا للقرار رقم 189 لسنة 1959 وانه قرار منشىء لترقية السيد/ خليل عرفى جاء بعد فوات المواعيد المقررة للسحب والتى تنتهى بانتهاء ميعاد الطعن بالغاء، إذ أن هذا القول مردود عليه بانه لا يتحتم أن يصدر القرار الادارى بالسحب في هذا الميعاد، بل يكفى لتحقيق مبدأ التقيد بميعاد الالغاء القضائى ميعادا للسحب أن تكون اجراءات السحب قد بدأت خلاله ليدخل القرار بذلك في طور من الزعزعة وعدم الاستقرار، وانه إذا كان الثابت أن السيد/ خليل عرفى قد تظلم من القرار المسحوب خلال ستين يوما من تاريخ علمه بهذا القرار فان استطالة بحث هذا التظلم لما بعد انتهاء ميعاد الطعن بالالغاء لا يغير من طبيعة قرار السحب الصادر نتيجة لهذا التظلم.
ومن حيث أنه بجلسة 20 مايو سنة 1955 قضت محكمة القضاء الادارى بارجاع أقدمية المدعى في الدرجة الثانية إلى 28 من مايو سنة 1959 تاريخ نفاذ القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار وأقامت قضاءها على أنه لم يترتب على ضم بعض ادارات من وزارة التربية والتعليم أو مصلحة السياحة أو مصلحة الفنون الملغاة ثلاثة كادرا مستقلة في الديوان العام بوزارة الثقافة والارشاد القومى، بل اندمج موظفو هذه الادارات بدرجاتهم واقدمياتهم في الكادر المدمج بالديوان الذى يفصل بين الكادر الادارى وبين الكادر الفني العالى واصبح السيد/ نجيب محفوظ يشغل الدرجة الثالثة في هذا الكادر المدمج وترجع اقدميته فيها إلى 29 من أغسطس سنة 1954 بينما ترجع أقدمية السيد خليل عرفى المطعون في ترقيته إلى 29 من أكتوبر سنة 1957 ومن ثم فان القرار الصادر بترقية السيد/ نجيب محفوظ إلى الدرجة الثانية في هذا الكادر المدمج يكون صدر سليما مطابقا للقانون ويكون القرار المطعون فيه الصادر بسحب هذا القرار جزئيا لصالح السيد/ خليل عرفي وترقية السيد المذكور بحيث يعتبر سابقا على السيد/ نجيب محفوظ قد صدر بالمخالفة للقانون على أن القرار المطعون فيه قد انطوى من جهة أخرى على تخط للمدعى في الترقية إلى الدرجة الثانية، إذ بينما ترجع أقدميته في الدرجة الثالثة إلى 30 من أبريل سنة 1956 ترجع أقدمية السيد/ خليل عرفى في هذه الدرجة إلى 29 من أبريل سنة 1957 أى أن المدعى أقدم منه ومن ثم يكون هذا القرار إذ تخطى المدعى في الترقية إلى الدرجة الثانية في الكادر الفني العالى والادارى المدمج قد أخطأ في تطبيق القانون من جهة أخرى.
ومن حيث أن الطعن يقوم على ذات الأسباب التى أوردتها الحكومة في ردها على الدعوى مضافا إليها أن الحكم المطعون يحمل معنى الغاء القرار الادارى بالسحب في هذا الميعاد، بل يكفى لتحقيق مبدأ التقيد إلى الدرجة الثانية ودمغه بعدم المشروعية مع أن الحكم ذاته قد قضى بمشروعية قرار ترقية السيد المذكور وسلامته الأمر الذى يعيب الحكم بالتناقض في التسبيب، وان هذا الحكم إذا كان قد انتهى إلى عدم مشروعية قرار ترقية السيد/ خليل عرفى الصادر في 25 من يولية سنة 1961 فيما تضمنه من ترقيته اعتبارا من 28 من مايو سنة 1959 وجعله سابقا في الأقدمية على السيد/ نجيب محفوظ فقد كان حريا به بحسب منطوقه - والحالة هذه - أن ينتهى إلى ذلك في المنطوق بدلا من القضاء بارجاع اقدمية المدعى في الدرجة الثانية إلى تاريخ ترقية السيد/ نجيب محفوظ وتكون المحكمة بذلك قد وقعت في ذات الخطأ الذى عابته على جهة الادارة وهو ترقية المدعى إلى الدرجة الثانية مع السيد/ نجيب محفوظ في حين أن هذا الأخير أقدم من المدعى ومن السيد/ خليل عرفى.
ومن حيث أن القرار المطعون فيه قد استند في سحب قرار ترقية السيد/ نجيب محفوظ إلى الدرجة الثانية فيما تضمنه من تخطى السيد/ خليل عرفى إلى هذه الدرجة إلى ميزانية وزارة الثقافة والارشاد القومى عن السنة المالية 58/ 1959 - والتى تمت ترقية السيد/ نجيب محفوظ في ظلها - كانت تنقسم بالنسبة إلى الكادر الفني العالى والادارى إلى ثلاثة أنوع من الكادرات: (الأول) وهو الكادر الفني العالى والادارى وهو الكادر المدمج الخاص بموظفى الديوان العام (والثانى) وهو الكادر الفني العالى المنقولة درجاته وموظفوه من وزارة التربية والتعليم ومصلحة السياحة (والثالث) الكادر الفني العالى والكادر الادارى الخاصان بموظفى مصلحة الفنون الملغاة وان ترقية السيد/ نجيب محفوظ الموظف بمصلحة الفنون بالدرجة الثالثة الادارية تمت على درجة ثانية بالكادر الفني العالى والادارى المدمج الخاص بالديوان العام، وذلك بالمخالفة للمادة 33 من القانون رقم 210 لسنة 1951 لأن هذه الترقية قد تمت من درجة في الكادر الادارى إلى درجة في كادر آخر.
ومن حيث أنه باستقراء أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفى الدولة يبين انه ينص في المادة الثانية منه على أن "تنقسم الوظائف الداخلة في الهيئة إلى فئتين عالية ومتوسطة، وتنقسم كل من هاتين الفئتين إلى نوعين: فني وادارى للاولى وفني وكتابى للثانية وتتضمن الميزانية بيانا لكل نوع من هذه الوظائف ولا يجوز بغير اذن من البرلمان نقل وظيفة من فئة إلى أخرى أو من نوع إلى آخر".
وتنص المادة 33 على أنه "مع مراعاة ما جاء بالمادة 41 لا تجوز ترقية موظف إلا إلى درجة خالية من نوع الوظيفة التى يشغلها فنية أو ادارية أو كتابية، وتكون الترقية إلى الدرجة التالية لدرجته مباشرة".
ومفاد ذلك أن الكادر العالى ينقسم إلى نوعين متميزين من الوظائف، النوع الأول منهما الفني العالى والثانى الادارى، ولكل من هذين النوعين اقدمية مستقلة عن أقدمية النوع الأخر، وقد حظر القانون ترقية موظف يشغل وظيفة من نوع من هذين النوعين إلى وظيفة من النوع الأخر، كما منع نقل وظيفة من فئة إلى أخرى أو من نوع إلى آخر دون أن يصدر تشريع بذلك، كما في حالة ادماج الوظائف.
ومن حيث أن ميزانية وزارة الثقافة والارشاد القومى للسنة المالية 57/ 1958، قد تضمن ادماج وظائف الكادر العالى بنوعيه إلى كادر واحد هو الكادر العالى الفني والادارى وبذلك بالنسبة للديوان العام بها، اسثتناء من حكم المادة الثانية من قانون نظام موظفى الدولة، ثم استمر الحال كذلك في ميزانية السنة المالية 58/ 1959، وفي اثناء العمل بهذه الميزانية وخلال تلك السنة تقرر ضم بعض الادارات والاقسام بوزارتى التربية والتعليم والاقتصاد والتجارة (مصلحة السياحة) إلى وزارة الثقافة والارشاد القومى، وصدر تنفيذا لذلك القرار الجمهورى رقم 1584 لسنة 1958، بفتح اعتماد أضافى في ميزانية هذه الوزارة عن ذات السنة المالية بالديوان العام وذلك نقلا من ميزانية الوزارتين المذكورتين، ولم يمس القرار الجمهورى المذكور الاوضاع القانونية المختلفة لنوع الوظائق والدرجات الواردة بميزانية هاتين الوزارتين واستمر الحال كذلك دون تعديل أو تبديل حتى نهاية السنة المالية ثم رخصت ميزائية السنة المالية التالية 59/ 1960 "لوزارة الثقافة والارشاد القومى - بعد موافقة وزير الخزانة المركزى - بتعديل توزيع درجات الباب الأول طبقا لما تقتضيه أعادة تنظيم الوظائف والكادرات في حدود الاعتمادات المدرجة بالميزانية، وذلك حسبما جاء في أسفل الصفحة رقم 583 من الميزانية المذكورة، وبناء على ذلك قامت الوزارة اعتبارا من أول يولية سنة 1959 بادماج جميع الوظائف الفنية العالية في وظائف الديوان العام في كادر موحد هو الكادر العالى الفنى والادارى ومن ثم فانه لم يكن سليما اعتبار الوظائف الفنية العالية المنقولة مدمجة في هذا الكادر الموحد خلال السنة المالية 58/ 1959 دون أن يصدر تشريع بذلك بالاستثناء من حكم المادة الثانية من قانون نظام موظفى الدولة. وهو ما ينطبق أيضا على الوظائف المنقولة من مصلحة الفنون الملغاة إلى وزارة الثقافة والارشاد القومى، اذ كان أيضا ميزانيتها وكادرات موظفيها مستقلة عن ميزانية وكادر الديوان العام خلال السنة المشار إليها.
ومن حيث أنه لما كان موظفو وزارة التربية والتعليم المنقولون بدرجاتهم إلى وزارة الثقافة والارشاد القومى الشاغلون لوظائف فنية عالية - ومنهم المدعى - يعتبرون مستقلين بدرجاتهم واقدمياتهم عن موظفى الديوان العام المنتمين للكادر المدمج العالى الفني والادارى، وكانت الدرجة الثانية محل النزاع ضمن درجات هذا الكادر المدمج فان المدعى وهو من عداد موظفى الكادر الفني العالى وهو كادر آخر مستقل ومنفصل عن كادر الديوان العام كما سلف البيان لا يكون له أصل حق في مزاحمة المرشحين للترقية إلى الدرجة المذكورة، ويكون ما ينعاه على القرار المطعون فيه في غير محله ومن ثم تكون دعواه غير قائمة على أساس سليم من القانون.
ومن حيث أن الحكم المطعون فيه اذ ذهب غير هذا المذهب يكون قد جانب الصواب واخطأ في تاويل القانون وتطبيقه، ويتعين من ثم القضاء بالغائه وبرفض الدعوى مع الزام المدعى بالمصروفات.
"فلهذه الأسباب"
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفي موضوعه بالغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى وألزمت المدعى بالمصروفات.
ساحة النقاش