104-لا يشترط لاعتبار الشخص حائزا لمادة مخدرة أن يكون محرزا ماديا للمادة المضبوطة، بل يكفي لاعتباره كذلك أن يكون سلطانه مبسوطا عليها ولو لم تكن في حيازته المادية أو كان المحرز للمخدر شخصا آخر نائبا عنه.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
العدد الأول - السنة 10 - صـ 72
جلسة 26 من يناير سنة 1959
برياسة السيد مصطفى فاضل وكيل المحكمة، وبحضور السادة: محمود محمد مجاهد، وأحمد زكي كامل، والسيد أحمد عفيفي، وعادل يونس المستشارين.
(19)
الطعن رقم 1759 لسنة 28 القضائية
(أ) حكم. ما لا يعيبه في نطاق التدليل.
جواز افتراض المحكمة حصول الواقعة على صورها المحتملة. وإثباتها إدانة المتهم على أي صورة منها.
(ب) مواد مخدرة. جرائم غير المصرح لهم بالإتجار فيها. عناصر الواقعة الإجرامية. حيازة المخدر. ماهيتها.
(ج) استدلال. سلطة مأموري الضبط القضائي عند توافر التلبس بالجريمة تفتيش المتهم. المادة 34 أ. ج.
(د, هـ, و) تحقيق. تفتيش. شروطه الموضوعية. توافر شرط السبب. مثال.
صحة إذن النيابة بتفتيش سيارة معينة بذاتها ومن يوجد بها من أشخاص.
تنفيذ إذن التفتيش.
وجوب أن يكون المأذون بتفتيشه مسمى باسمه أو أن يكون في حالة تلبس بالجريمة قبل تنفيذ الإذن. غير لازم.
اشتراط أن يكون من أجرى التفتيش غير من تولى التحقيق المتصل بالجريمة موضوع الإذن. عدم لزومه:
تنفيذ الإذن يستلزم الحد من الحرية بالقدر اللازم لإجراء التفتيش.
1 - لا تثريب على المحكمة في أن تفترض حصول الواقعة على صورها المحتملة، وأن تثبت مع ذلك إدانة المتهم عنها على أي صورة من الصور التي افترضتها.
2 - لا يشترط لاعتبار الشخص حائزا لمادة مخدرة أن يكون محرزا ماديا للمادة المضبوطة، بل يكفي لاعتباره كذلك أن يكون سلطانه مبسوطا عليها ولو لم تكن في حيازته المادية أو كان المحرز للمخدر شخصا آخر نائبا عنه، فليس يعيب الحكم أن يعتبر المتهمين جميعا حائزين ومحرزين للمواد المخدرة المضبوطة مع المتهم الأول ما دام أنه قد استخلص من الأدلة السائغة التي أوردها أن المتهمين جميعا قد اتفقت كلمتهم على تهريب المواد المذكورة بالسيارة التي أعدوها لهذا الغرض.
3 - إذا كان ما أورده الحكم يفيد أن الطاعن ضالع في الجريمة التي شاهدها البوليس في حالة تلبس عند ما ضبط لدى المتهم الأول المواد المخدرة المضبوطة وتحقيق لديه اتصاله بتلك الجريمة فإن إجراء التفتيش يكون صحيحا وكذلك ما لازمه من قبض.
4 - إذا كانت النيابة العامة قد أمرت بتفتيش السيارة المعينة بذاتها ومن يوجد بها من أشخاص على أساس مظنة مقارفتهم معا الجريمة التي أذن بالتفتيش من أجلها، فإن الإذن الصادر بالتفتيش بناء على ذلك يكون صحيحا وبالتالي يكون التفتيش الواقع بناء عليه على الطاعن ومن كان برفقته من المتهمين صحيحا أيضا دون حاجة إلى أن يكون المأذون بتفتيشه مسمى باسمه أو أن يكون في حالة تلبس بالجريمة قبل تنفيذ الإذن وحصول التفتيش.
5 - صدور الإذن بتفتيش المتهم يقتضي لتنفيذه الحد من حريته بالقدر اللازم لإجراء التفتيش ولو لم يتضمن الإذن أمرا صريحا بالقبض لما بين الإجرائين من تلازم.
6 - لا يستلزم القانون ندب غير الضابط الذي أجرى التفتيش للقيام بتحقيق يتصل بالجريمة التي أذن بالتفتيش من أجلها.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم: الأول حاز وأحرز مواد مخدرة والثاني والثالث حازا جواهر مخدرة حشيشا في غير الأحوال المصرح بها قانونا وطلبت إلى غرفة الاتهام إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم بالمواد 1/ 2 و33/ 1 - 2 و35 من المرسوم بقانون رقم 351 سنة 1952 والجدول (أ) المرفق به. فقررت بذلك. ومحكمة جنايات الزقازيق قضت حضوريا عملا بمواد الاتهام بمعاقبة كل من المتهمين بالأشغال الشاقة المؤبدة وتغريم كل منهم ثلاثة آلاف جنيه ومصادرة المواد المخدرة المضبوطة.
فطعن المحكوم عليهم الثلاثة في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.
المحكمة
1 - عن طعن الطاعن الثاني محمد أحمد علي الشهير بحسين:
وحيث إن مبنى الوجه الأول من الطعن المقدم من الطاعن الثاني هو أن الحكم المطعون فيه شابه قصور في الأسباب إذ دان الطاعن بجريمة إحراز مواد مخدرة وحيازتها دون أن يضبط معه شئ منها فقد أجمع الشهود على أن الطاعن الأول هو الذي كان يحرز الحشيش المضبوط ولم يذكر أيهم أن الطاعن هو المالك أو الحائز له وخلا الحكم من التدليل على توافر نية التملك والاختصاص لدى الطاعن.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله "إنه بتاريخ 9/ 11/ 1954 تقدم السيد نخله مرقص الجميل معاون مباحث مركز بلبيس إلى السيد وكيل النيابة ببلبيس بطلب مقدم إليه من المخبر شريف الشربيني ذكر فيه المخبر المذكور أنه علم من تحرياته الدقيقة أن سيارة أجرة اعتادت الحضور إلى عزبة محمد صالح الكبرى لشراء مخدرات ونقلها إلى القاهرة وأن هذه السيارة موجودة وقت تقديم الطلب بحاجز بلبيس ورقمها 18152 أجرة مصر فتقدم معاون البوليس بدوره بهذا الطلب إلى السيد وكيل النيابة الساعة 10 من مساء اليوم نفسه للحصول على إذن بالتفتيش فندب وكيل النيابة معاون البوليس لسؤال المخبر وتحقيق ما جاء بطلبه وبعد أن تم ذلك رأى بحق أن تحريات رجال المباحث فيها ما يكفي لصدور الإذن بتفتيش السيارة ومن يوجد بها من أشخاص وذلك لضبط ما قد يوجد بها من مواد مخدرة أو ممنوعات أخرى على أن يكون التفتيش لمرة واحدة وفي ظرف أربع وعشرين ساعة من وقت صدور الإذن في الساعة الحادية عشرة ونصف مساء - وتنفيذا لهذا الإذن انتقل معاون البوليس ومعه قوة من المخبرين إلى حيث تقف السيارة بطريق موصل إلى الصحراء وأفرغ المعاون الهواء من أحد عجلاتها الكاوتشوك الخلفية ليعطلها عن الحركة حتى يتم التفتيش والقبض على المتهمين ولما لم تجد القوة عند وصولها أحدا بجوار السيارة كمنت في زراعة الذرة القائمة على جانبي الطريق في مواجهة السيارة حتى حضر المتهمون معا وركبوا فيها فهاجمتهم القوة ولما قام المعاون بتفتيش هذه العصابة عثر بجيب بالطو المتهم الأول الأيسر وكذلك بجيب صديريه الأيسر على أربعة أكياس من الحشيش وحافظة نقود من الجلد بها بعض الأوراق المالية والنقود" وبعد أن أورد الحكم على ثبوت الواقعة في حق المتهمين أدلة مستمدة من شهادة شهود الإثبات ومن اعتراف المتهم الأول لمعاون البوليس على نفسه وعلى بقية المتهمين ومن إقرار المتهم الأخير للمعاون بحضوره مع المتهم الثاني (الطاعن الثاني) من القاهرة وتركهما للسيارة في مكان غير معمور ثم توجها مع هذا المتهم إلى داخل جبل بلبيس ومقابلته لاثنين من الأعراب وحضور المتهمين الثالث (الطاعن الثالث) والرابع لهما بعد ذلك ثم عودتهم جميعا إلى مكان السيارة حيث حاصرتهم القوة وألقت القبض عليهم ومن تقرير المعمل الكيماوي بمصلحة الطب الشرعي بأن المادة المضبوطة عبارة عن مخدر الحشيش انتهى إلى استخلاص إحراز المتهمين جميعا للمخدر وحيازته واتفاق كلمتهم على القيام بتهريبه والحصول عليه بالسبل التي اسلف بيانها، لما كان ذلك وكان ما استظهره الحكم سائغا تتوافر به الحيازة والإحراز في حق الطاعن ومن معه من المتهمين كما هما معرفان في القانون فإن ما ينعاه الطاعن ينحل إلى جدل موضوعي لا شأن لمحكمة النقض به.@
وحيث إن مبنى الوجه الثاني من الطعن هو أن الحكم المطعون فيه قد أنطوى على خطأ في الإسناد إذ استند في إدانة الطاعن على اعتراف المتهم الأول لمعاون البوليس على نفسه وعلى بقية المتهمين دون أن يبين موضع هذا الاعتراف - وخصوصا وأن معاون البوليس شهد أمام المحكمة بأن المتهم المذكور أنكر.
وحيث إن الحكم أورد على لسان معاون البوليس أنه لما سأل المتهم الأول عن المخدرات التي ضبطها معه اعترف له بإحرازها وبأن المتهمين الثاني والثالث (الطاعنين الثاني والثالث) قد أحضراه من القاهرة بسيارة المتهم الرابع "الغائب" للحصول على هذه المخدرات، لما كان ذلك وكان للمحكمة أن تأخذ من أدلة الدعوى بما تطمئن إليه وتطرح ما عداه ولها أن تأخذ بأقوال الشهود في أية مرحلة من مراحل التحقيق أو المحاكمة دون أن تبين العلة في ذلك ودون أن تلتزم بتحديد موضع الدليل من أوراق الدعوى ما دام له أصل فيها وما دام الطاعن لا ينازع في صحة نسبة هذه الأقوال إليهم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الوجه يكون غير سديد.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن المقدم من الطاعن الثاني على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.
2 - عن طعن الطاعن الثالث جبر موسى جاد:
من حيث إن مبنى الوجهين الأول والثاني من الطعن المقدم من الطاعن الثالث هو أن الحكم المطعون فيه شابه قصور في استظهار القصد الجنائي الخاص في جريمة حيازة المخدرات والاستدلال على ركن التملك والاختصاص اللذين يميزان الحيازة عن الإحراز المادي نفسه كما أنطوى الحكم على تنافر وتناقض حين اعتبر الطاعن محرزا وحائزا للمخدر في الوقت نفسه مما يعيب الحكم.
وحيث إن هذين الوجهين مردودان بما سبق بيانه في الرد على الوجه الأول من أسباب طعن الطاعن الثاني وليس يعيب الحكم أن يعتبر المتهمين جميعا حائزين ومحرزين للمواد المخدرة المضبوطة مع المتهم الأول ما دام أنه قد استخلص من الأدلة السائغة التي أوردها أن المتهمين جميعا قد اتفقت كلمتهم على تهريب المواد المذكورة بالسيارة التي أعدوها لهذا الغرض، إذ لا يشترط لاعتبار الشخص حائزا لمادة مخدرة أن يكون محرزا ماديا للمادة المضبوطة بل يكفي لاعتباره كذلك أن يكون سلطانه مبسوطا عليها ولو لم تكن في حيازته المادية أو كان المحرز للمخدر شخصا آخر نائبا عنه - لما كان ذلك وكان استخلاص المحكمة لصورة الواقعة التي ارتسمت في وجدانها متفقا مع حكم العقل والمنطق ومردودا إلى أصله في الأوراق ويتحقق به الإحراز والحيازة فإن مجادلة الطاعن في ذلك لا يكون لها محل.
وحيث إن مبنى باقي أوجه الطعن هو أن الحكم المطعون فيه قد انطوى على بطلان في الإجراءات وقصور وتخاذل في الأسباب ذلك أن الإذن الصادر من النيابة بالتفتيش قد اقتصر على تفتيش السيارة ومن يتواجد بها للبحث عن مخدرات دون القبض على المتهمين وإعمالا لهذا الإذن فإنه كان من المتعين عدم القبض على الطاعن لعدم العثور معه على مواد مخدرة وبذلك يكون القبض عليه في هذه الحال دون أن يبدو منه أي مظهر خارجي ينبئ بذاته عن ارتكابه جريمة ما قد وقع باطلا وكذلك ما تلاه من إجراءات كما أن التحريات التي بنى عليها إذن التفتيش لم يقم بها رجل الضبط القضائي بنفسه بل ناط بها أحد المخبرين الذي تلقاها بدوره من مجهول وخلا الحكم من الإشارة إلى ما استخلصه من العناصر التي كانت مطروحة على المحقق عند استصدار إذن التفتيش حتى تعمل محكمة النقض رقابتها عند الاقتضاء وجاء ندب النيابة لرجل الضبط القضائي الذي عهدت إليه بالتفتيش لسؤال المخبر عن معلوماته مجافيا للضمانات التي يتطلبها القانون في الندب إذ كان من المتعين على النيابة أن تكمل هذه المهمة إلى غيره من رجال الضبط القضائي حتى لا يكون المأمور المندوب خصما وحكما في الوقت ذاته مما يبطل الإجراءات، هذا إلى أن الحكم قصر في الرد على ما دفع به الطاعن ببطلان القبض والتفتيش لوقوعه خارج السيارة على خلاف إذن التفتيش الذي اقتصر على تفتيش السيارة ومن بداخلها وجاء رد الحكم على ذلك غير سائغ وتردد بين القول بحصول التفتيش قبل دخول السيارة والقول بحصوله بعد دخولها مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من واقعة الدعوى أن النيابة قدرت بحق مبلغ جدية البلاغ المقدم إليها عن وقوع الجريمة المراد استصدار إذن التفتيش من أجلها والدلائل على اتصال المراد تفتيشهم بهذه الجريمة وأقرت محكمة الموضوع النيابة العامة على ما رأته، لما كان ذلك وكانت محكمة الموضوع هى الرقيبة على قيام المسوغات التي تراها النيابة العامة مبررة لإصدار إذنها في التفتيش فإذا ما هى أيدت النيابة فيما رأته من ذلك فلا تقبل المجادلة في هذا الأمر أمام محكمة النقض وكانت النيابة العامة قد أمرت بتفتيش السيارة المعينة بذاتها ومن يوجد بها من أشخاص على أساس مظنة مقارفتهم معا الجريمة التي أذن بالتفتيش من أجلها فإن الإذن الصادر بالتفتيش بناء على ذلك يكون صحيحا وبالتالي يكون التفتيش الواقع بناء عليه على الطاعن ومن كان برفقته من المتهمين صحيحا أيضا دون حاجة إلى أن يكون المأذون بتفتيشه مسمى باسمه أو أن يكون في حالة تلبس بالجريمة قبل تنفيذ الإذن وحصول التفتيش، وكان صدور الإذن بتفتيش المتهم يقتضي لتنفيذه الحد من حريته بالقدر اللازم لإجراء التفتيش ولو لم يتضمن الإذن أمرا صريحا بالقبض لما بين الإجرائين من تلازم، وكان ما أورده الحكم يفيد أن الطاعن ضالع في الجريمة التي شاهدها معاون البوليس في حالة تلبس عندما ضبط لدى المتهم الأول المواد المخدرة المضبوطة وتحقق لديه اتصاله بتلك الجريمة فإن إجراء التفتيش يكون صحيحا وكذلك ما لازمه من قبض، وكان القانون لا يستلزم ندب غير الضابط الذي أجرى التفتيش للقيام بتحقيق متصل بالجريمة التي أذن بالتفتيش من أجلها فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن لا يكون سديدا، ولما كان الحكم قد رد على الدفع ببطلان التفتيش لوقوعه خارج السيارة المأذون بتفتيشها بما محصله أن المحكمة اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات في التحقيقات من أن المتهمين ركبوا السيارة بالفعل وأن القوة أحاطت بهم ثم أخرجهم المعاون من السيارة وفتشهم الواحد تلو الآخر حتى عثر على المخدر بملابس المتهم الأول وأنه سواء تم التفتيش داخل السيارة أو خارجها فإنه لا يجدي المتهمين القول بأن الإذن قاصر على تفتيش السيارة ومن يوجد بها لأن أحدا منهم لم يدع بأن هذه السيارة كانت معدة لأن يستقلها غيرهم وكان هذا الرد سائغا في تفنيد هذا الدفاع ولا تثريب على المحكمة أن تفترض حصول الواقعة على صورها المحتملة وأن تثبت مع ذلك إدانة المتهم في هذه الواقعة متى كان الحكم صريحا في التدليل على مسئولية المتهم عنها على أي صورة من الصور التي افترضتها، لما كان ما تقدم فإن الطعن لا يكون له محل.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.
ساحة النقاش