اُخالفكم الرأي
(مشاكلنا بين لا ونعم)
بقلم بشير بن علي
لا للرئيس،لا لسلطة الفساد،لا للوحدة،لا للحراك،لا للعنف والفوضى،لا للمظاهرات والمتظاهرين، لا للقمع وكبت الحريات،لا لشباب الساحات،لا للمعارضة، لا ثم لا ،وألف لا بعدها لكل من يخالفني الرأي.
من أبسط الأشياء أن تلغي الآخرين أو تتهمهم أو تعتبر وجودهم زياده على هذا الكون.و الأبسط منه ان تلغي عقلك قبل إلغاء هؤلاء مجتمعين. الكثير من الناس داخل الوطن وخارجه كرهوا قاعده اذا لم تكن معي فأنت ضدي ورموا بها المعارضة وبدورها رمت بها السلطة. واليوم يتقاذفها المتظاهرون في ساحات الوطن.
أليس من حقي وحق كل مواطن بسيط،كان دكتورا أو فلاحا، صحفيا او سياسيا،رجلا أو امراة.أن يعبر عن رأيه مثله مثل كل الاحرار الذين يعيشون بين جنبات هذه الارض.أليس من أبسط الحقوق أن نختلف في الرأي وفي التوجه وفي النظرة للأشياء؟ أليس من حقنا أن نفكر ونتكلم ونكتب ما نشعر به؟وأن نمتلك وجهه نظر شخصية حول ما يجري من حولنا اليوم وغداً وفي الماضي السحيق؟
لماذا غدى الشباب وهم أمل التغيير وصناع الغد الجميل يحملون نفس معيار السلطة فكل ما ليس معهم فهو ضدهم! ولماذا يهاجمون من اختلفوا معهم في الرأي؟ بل لماذا الإنتقاص من جهود الآخرين وأدوارهم؟ تبدو المشكلة أننا وسلطتنا سواء، شربنا من نفس الكأس وامتلكتنا نفس النظرة الدونيه للآخرين،ولم نعد نقبل بالآخر إلا إذا توافق معنا في كل شيء.وقديما قالوا كيفما تكونوا يُـول عليكم.
وبالمقابل كل إنسان رهينه بما كسبته يداه وإدركه عقله،وعبرت عنه جوارحه(( فالناس قادرون على ضبط حياتهم وتوجيه سلوكهم،وهم ليسوا عبيداً للظروف المحيطة،وهم مسئولون امام ذواتهم ولا يحق لهم ان يلوموا إلا انفسهم)) هذا ما قاله عالم النفس الارشادي روجرز رائد الحركة الانسانية في علم النفس عندما تحدث عن الارادة الجمعية وسيطرتها على الارادة الفردية.
نحن نقول نعم للتغير وإصلاح الأوضاع،نعم لوطن خال من الفساد ورجالاته،نعم لوطن يمتلىء بالايمان والحكمة والامان،نعم لإسقاط النظام إذا ظل يحمي الفساد ويكابر في غيه ويغلق أُذنيه ويرفض الرحيل،نعم ليمن واحد وموحد، نعم لفيدرالية واسعة الصلاحيات في جنوب الوطن بديلا عن الانقسام والتيه في معادلات سياسية عقيمة.نعم لنظام سياسي مفتوح تصان فيه كرامة اليمنيين،نعم للقبيلة سنداً للدولة وحصنا للمواطن،نعم لمعارضة جديدة وجادة تحمل هموم ومصالح الوطن أولا،نعم للولاء لهذه الربوع،نعم للإرتهان والعمالة للفقراء والمساكين.وسواءاً اختلفنا أو اتفقنا في السياسات والغايات والتوجهات والاجراءات سنظل يمنيين بقلوب يمنية واليمن تتسع لنا جميعا.
بالمقابل يجب احترام كل من يرفع صوته وعقيرته وقلمه للمحافظة على النظام السياسي القائم ،ولكل القائلين نعم للرئيس واحترامه،نعم للاستقرار والأمن والأمان.فهم يمنيون منهم من يحافظ على مصلحته الشخصية ومنهم من يرضى بالظلم في سبيل الاستقرار ومنهم متأول لطاعة ولي الأمر ومنهم البسيط الخائف من التغيير ومن الغد.وأيا كانت مشاربهم وتوجهاتهم وأهدافهم، فدمائهم يمنية كدمائنا وحبهم واجب علينا والحفاظ عليهم وعلى كل مواطن واجبنا نحن من ننادي بالتغيير وإصلاح الأوضاع بإعتبارنا نحمل نظرة أوسع وأشمل واكثر عمقا.وإلا صرنا في الجهل إخوة متماثلين.
علينا اليوم أن ندرك بأنه لا توجد مشكله أبديه، فكل مشاكل الأمس واليوم ستحل غداً،لكن بعض المشاكل تترك أثراً غائرا في ضمائرنا وإدراكنا.لنغدو من دون أن نشعر اشبه بمن كنا نوجه لهم اللوم على معاملتهم لنا سابقا.
ورحم الله زمانا كنا فيه اهل للفكر،وكانت رحمتنا تنبع من الاختلاف، الذي كنا نعتبره أهم روافد العقل البشري.وقدمنا للعالم أغنى كنوز الفكر والعلوم على مدار ألف عام متتالية.لكننا حينها كنا أساتذه الحوار وكنا نُعلم الناس كيف تعترض وكيف تُعارض وتنتقد.
الثلاثاء 8 مارس 2011