وسط موجات من الشد والجذب‏,‏ بدأ العام الدراسي الجديد في الجامعات‏,‏ غير أن ما صاحب تلك البدايات‏,‏ يفرض علينا في الحقيقة‏,‏ إعادة النظر في كل ما يتعلق بمنظومة التعليم الجامعي في مصر‏,

 

ان كنا جادين في العمل علي استقرار تلك المنظومة, باعتبارها المدخل الفعال لاحداث التقدم المأمول في مجتمعنا. فمن بين المطالبات ـ التي تزامنت مع بداية الدراسة ـ ضرورة انتخاب القيادات الجامعية ورفض أسلوب تعيينها, كما كان يحدث من قبل, والتباطؤ والمماحكات التي ابدتها بعض تلك القيادات المعنية لاجهاض هذا المطلب, والمطالبات أيضا بتحسين أجور أو دخول أعضاء هيئات التدريس, بمن فيهم المعيدون والمدرسون المساعدون أو الهيئة المعاونة ـ كما يسمونهم الآن ـ والمطالبة بزيادة مخصصات الانفاق علي البحث العلمي, والتي تدنت إلي حد غير معقول في بلادنا, ومطالبة الهيئة المعاونة نفسها بتعديل مسماها, ومن ثم اضافتهم ـ بشكل قانوني كأعضاء في هيئات التدريس, من بين كل ذلك ظهر اتجاه عام قوي يدعو إلي سرعة تحقيق تلك المطالبات, بعد موجات متتالية من التسويف والتأجيل والارجاء, مما أدي في النهاية, إلي مناداة البعض في الجامعات, بالإضراب عن العمل, حتي تتحقق هذه الأهداف المؤجلة منذ أزمان بعيدة!!
وإذا نظرنا إلي الواقع القانوني أو التشريعي الذي ينظم ما يتعلق بالجامعات المصرية, فاننا سنجد أن كل هذا ينظم من خلال القانون رقم49 لسنة1972, وهو القانون المعني بالجامعات الخاضعة لاشراف المجلس الأعلي للجامعات, والقانون رقم103 لسنة1960, وهو القانون الخاص بهيئات الأزهر, بما فيها جامعته, وغني عن البيان فإن ملاحظة سنوات اصدار القانونين معا, قد تقادمت إلي حد كبير, ومن ثم أصبح من الضروري, إعادة النظر فيما تضمناه من مواد ولوائح وأحكام, بعد كل التغيرات الاجتماعية والاقتصادية التي شهدها مجتمعنا عبر ما يقارب نصف قرن كامل من الزمان!!
في هذا السياق اعتقد أن تغيير أو تعديل هذين القانونين هو نقطة البداية المناسبة لاصلاح الخلل الحادث الآن في منظومة التعليم الجامعي بمصر, حيث يمكن أن يؤدي ذلك للتخلص من العوار المشاهد فيهما, والذي أدي بدوره لتفاقم المشكلات التي تواجه أساتذة الجامعات بكل إلحاح وعناد, ولي هنا الملاحظات الآتية التي أزعم بأولويتها في هذا الخصوص وهي علي النحو التالي:
أولا: ان يتضمن التعديل أو التغيير التشريعي, ضرورة النص علي وجوب انتخاب جميع مستويات القيادات الجامعية, ابتداء برئيس القسم, وصولا إلي رئيس الجامعة, وأن يتضمن التعديل كل الأمور التنظيمية والاجرائية اللازمة لتحقيق هذا المطلب.
ثانيا: أن يشير التعديل, إلي تحديد جداول جديدة لاجور أو رواتب أعضاء هيئات التدريس بالجامعات فليس من المعقول أو المقبول, أن يمنح كل هؤلاء أجورا أو بدلات أو مقابل اداء لاعمال تخصصية يقومون بها, مضي علي وضعها نصف قرن كامل, دون أي اعتبار للتضخم وتآكل قيمة النقود, ومن ثم انخفاض قيمتها الحقيقية وقوتها الشرائية.. أليس من الغريب والمحزن معا, ان تتخلف دخول أساتذة الجامعات في مصر, ليس بمقارنتها بمثيلاتها في بعض الكوادر الخاصة الأخري فقط, ولكن أيضا بمقارنتها بدخول العاملين في الكثير من الهيئات الحكومية أو شبه الحكومية, مثل الخارجية, والقضاء, وبعض الوزارات الأخري, وأمانة مجلس الوزراء, وغيرها الكثير, بل والعديد من المجالس القومية الأخري, التي ابتدعناها خلال السنوات القليلة الماضية!!
ثالثا: الا تخضع دخول أعضاء هيئة التدريس بالجامعات ـ بما فيها الحوافز ـ للمزاج الشخصي لأي مسئول بحيث يمكن له أن يمنح أو يمنع مثلما حدث في قصة حافز الجودة الشهير إعلاميا!! وما استتبعها من روايات وأساطير ومهازل!!
رابعا: من الضروري تعديل بنود وقيم مكافآت الأساتذة في مجال الدراسات العليا, والتي تدنت إلي مستويات تثير الحسرة والكآبة معا, فهل يعقل أن تبلغ مثلا قيمة الاشراف للأستاذ علي رسالة الماجستير والتي تستلزم وقتا لا يقل عادة عن أربع أو خمس سنوات, أو قيمة فحصها ومناقشتها, بما يوازي بالفعل الآن, ثمن شراء كيلو جرام واحد من اللحوم!! أو العديد من السلع الغذائية الأخري لعوام الناس!! وينطبق هذا أيضا علي ما يتعلق بمكافآت لجان الامتحان التأهيلي للدكتوراه, بشكل أكثر ايلاما, حيث لا تزيد قيمتها عن54 جنيها بالتمام والكمال للأستاذ الممتحن!!
خامسا: ضرورة البحث في كيفية تقنين أوضاع أعضاء الهيئة المعاونة من المعيدين والمدرسين المساعدين, بحيث يتحقق لهم الاستقرار الوظيفي الذي يرغبونه, وتوفير كافة سبل الرعاية والدعم لهم, باعتبارهم أساتذة المستقبل. هذا قليل من الكثير الذي يؤثر بالسلب علي أحوال وأداء أساتذة الجامعات, ومن ثم علي مجمل العملية التعليمية نفسها في جامعاتنا ولن يكون من المفيد لأي مسئول تنفيذي غض الطرف عن الضغوط الاجتماعية والمهنية والاقتصادية والمعيشية التي يتعرضون لها, والتي تجعل دعواي البعض للاضراب عن العمل في الجامعات وتعطيل الدراسة بها, هي الأقرب أو الأنسب للأخذ بها, لتحقيق المطالب المؤجلة منذ عقود طويلة من الزمان.. وبكل أسف!!
د.حسام بريري
أستاذ الاقتصاد الزراعي جامعة الأزهر

 

المصدر: جريدة الاهرام د.حسام بريري أستاذ الاقتصاد الزراعي جامعة الأزهر
azharagric

كلية الزراعة - جامعة الازهر

  • Currently 35/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
11 تصويتات / 569 مشاهدة
نشرت فى 13 أكتوبر 2011 بواسطة azharagric

كلية الزراعة جامعة الازهر

azharagric
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

738,718

زراعة الخضار في المنزل