وبعد أن زادت معارف الإنسان وكلف بمهام أكبر وانتشر الناس عبر الأرض وأصبحت معارفه أكثر عن ذي قبل، حينئذ فكر فى البحث عن وسيلة تساعده فى نقل المعارف وتسجيلها ولم يكن متاح له فى ذاك الوقت غير الصور والرسوم يسجل من خلالها ما يدور من حوله وينقل لأبنائه ومن بجواره ما يريد من رسائل.

     وتعتبر كتب الصور هى الشكل التالي للكتب الشفهية حيث كانت الكتابات عبارة عن صور ورسوم وخطوط تعبر عن كلمات وعبارات متعارف عليها فى العصور القديمة، مثل الرسوم والخطوط التى نجدها على جدران الكهوف والمعابد، وهذه الفن التعبيري توصل إليه الإنسان كبديل للخطاب الشفهي ولتدوين وتسجيل الكتابات وذلك منذ حوالي أربعين ألف سنة أو ما يزيد على ذلك، وكان ذلك بأن يجعل لكل لفظ شفهي صورة أو رسمة تعبر عنه وتوضحه، ودعامة هذا النوع هو الحجر، ومن أمثلة ذلك رسم عين الإنسان لتعبر عن الحزن، ورسم الشمس لتعبر عن الضوء، وغيرها من الصور والرسومات التى تعبر عن مواقف وكلمات مستخدمة ومتعارف عليها.

     وحاول الإنسان تدوين ما يشاهده فى حياته فرسم الشئ المقرب منه فنجد رسم كف الإنسان على جدران المعابد والكهوف والأحجار بصورة كبيرة تجعل من الناظر يشعر بتصوير الإنسان القديم لكف يده لأنها اقرب الأشياء الى نظره، ثم كانت رسوم الحيوانات فهى كانت الرفيق الأول للإنسان منها الشراب (اللبن) ومن جسدها الطعان (اللحم) ومن صوفها وجلدها الكساء والغطاء، فرسم الحيوانات بصورة كبيرة فى معظم الكهوف والمعابد القديمة، ومن أهم الحيوانات التى رسمها الإنسان على الأحجار قديما: (الفيل – الغزال- الأبقار – الأغنام – الخيول – الثعابين- الذئاب- الأرانب- الطيور – الأسماك) وغيرها من الحيوانات وهى تختلف بين كل منطقة وأخرى وفق ما شاهده الإنسان بكل منطقة يعيش فيها فالمصري القديم عايش الأرانب والعقارب والثعابين والجمال والخيل والأبقار فهى ثقافته التى يدونها والروماني القديم عايش الثور والفيل فهو ثقافته التى ينقلها، انظر الشكل (2):

ومن بعد ذلك رسم الإنسان القديم الأشكال الآدمية لكنها كانت على استحياء ولم تكون بالدرجة التى شاهدناها مع الحيوانات فرسم نفسه وغيره من المقربين وحالهم ومعيشتهم من الصيد والسفر والحروب، مسجلا تاريخه ومعيشته على الجدران.

      وبمصر بدأت الكتابة علي الأحجار منذ أن عرف الإنسان أساليب الكتابة، وكان ذلك العصور القديمة والقرون الأولى منذ العصـر الفرعوني، حيث بدأت الكتابة علـي الأحجار والرسم عليها والنقش عليها بأساليب وأشكال مختلفة ومتعددة فعلي سبيل المثــال في رسم ونحت للفراعنة نجد مدى حب القدماء المصريون للتعبير الصادق عن الحياة وأملهم فى المستقبل وإيمانهم بالبعث والخلود، فهــذه رسمه توضح أن المصرين القدماء اهتموا بالنحت والكتابة علي الأحجار

          ومن أهم الآثار التى تسجل تلك الحقبة من الزمن حجر رشيد، ويعتبر حجر رشيد من أنواع الأحجار التي وجدت منذ أقدم العصور، ويوجد هذا الحجر فـي المتحف البريطاني.