أكدتها أحدث دراسة علمية..
متاحفنا فى خطر!

تحقيق ــ حنان المصرى 1033 طباعة المقال نموذجان لإصابة المعروضات المتحفية والأرضيات بالتلف نتيجة غياب الصيانة الدورية فى متحفى الوادى الجديد

 

 

 

المتاحف من أهم المؤسسات التى يقاس من خلالها مستوى الرقى الثقافى والحضارى للدول، لذلك فهى فى كثير من الدول جزء من الكيان الاقتصادى الذى تقوم عليه وتتطور من خلاله، ويتطلب الأمر حسن الإعداد لها وتحسين الأداء بها .. وعند الحديث عن المتاحف المصرية نجد أنها مميزة عن متاحف العالم ..فقد حباها الله بالحماية من الأخطار الطبيعية التى لم تسلم منها متاحف أخرى فى العالم، ورغم ذلك فإنها تعانى أخطارا بشرية بشكل واضح، ومنها عدم العناية الدورية والاهتمام بالمقتنيات التى من الممكن أن تتعرض لعوامل التلف والضرر.

المخاطر التى تتعرض لها المتاحف نبهت اليها دراسة علمية تضمنتها رسالة دكتوراه للباحثة هدير على عبد القادر بجامعة طنطا بعنوان «الأخطار الطبيعية والبشرية التى تهدد المتاحف المصرية ووسائل علاجها»، رصدت فيها أحوال عدد من المتاحف المصرية منها متاحف بنى سويف والوادى الجديد والأقصر والتحنيط والنوبة ورشيد والإسماعيلية والسويس ومتحف المجوهرات الملكية والمتحف القومى بالإسكندرية والمتحف المصرى فضلا عن متاحف الفن الإسلامى بالعريش وملوي، ونبهت للأخطار الطبيعية التى قد تحدث فى مصر، فبعد الاطلاع على الخرائط التى حددت أماكن البؤر الزلزالية الخطرة وطابقتها بخريطة لمواقع المتاحف على مستوى الجمهورية، توصلت إلى أن هذه الأماكن قد تحدث بها هزات زلزالية أخرى، وكانت أهم المتاحف التى سيتم بناؤها مستقبلا مثل متاحف الغردقة وشرم الشيخ التى تقع فى الشمال بالقرب من خليج العقبة والسويس أكثر عرضة لهذه الهزات الزلزالية مما يستدعى إقامة مبان مقاومة للزلازل، وفيما يتعلق بالمتاحف القائمة التى يوجد بها بؤر زلزالية بالفعل فمنها المتحف المصرى والمتحف القبطى ومتحف أسوان وهى أكثر عرضة للهزات الزلزالية مستقبلا، وهناك متاحف مهددة بالنشاط الزلزالى وبعض الهزات مثل متحف بنى سويف وسوهاج حيث تم خلال السنوات العشر الماضية اكتشاف بؤر زلزالية شرق سوهاج مما قد يؤثر على متحف سوهاج.

وتقول: الدراسات التى تتنبأ بحدوث تسونامى فى المستقبل توقعت حدوث زلزال عنيف قد يصل الى 8 ريختر يأتى من شرق اليونان، وعلى رأس المتاحف المهددة بخطر تسونامى المتحف القومى ومتحف المجوهرات الملكية، ومتاحف مكتبة الإسكندرية خاصة أنها تقع على ساحل البحر المتوسط.

مخاطر السيول

وتضيف : هناك أيضا دراسات مستقبلية تتوقع خطر الفيضانات أثبتت تعرض مدن بور سعيد ورشيد ودمياط لخطر الفيضان، مما يستدعى مواجهة الخطر على المتاحف القائمة بالفعل مثل متحف رشيد الذى يبعد نحو 200 متر عن نهر النيل، وفيما يتعلق بالمتاحف التى ستقام فى دمياط وبورسعيد، فقد أكدت الدراسات أن منسوب المياه وصل الى 17سم خلال القرن العشرين ومن المتوقع ان يصل الى 50 سم بحلول عام 2050

وتؤكد الباحثة هدير عبد القادر أن الدراسة تناولت المشكلة التى تعانيها المتاحف على مستوى الجمهورية منذ عام 2010 وهى زيادة معدلات سقوط الأمطار التى تصل إلى حد السيول، ونظرا لأن معظم أسقف المتاحف غير معزولة، وهذا بالطبع يؤدى إلى تسرب مياه الأمطار من خلالها مما يكون له الأثر السلبى على المقتنيات الأثرية مع زيادة نسبة الرطوبة ومع مرور الوقت سيؤدى إلى ضعف المبني.

وبدراسة مواقع المتاحف وأسباب تعرضها لهجمات إرهابية نجد ان موقعها مابين دور عبادة أو قسم شرطة احد اهم اسباب تعرضها للعمليات الارهابية .....أما عن الخطر البشرى الثانى فهو متمثل فى الحرائق وهو نتيجة عدم وعى بعض العاملين بالمتاحف بضرورة التخلص من المواد المشتعلة أو القابلة للاشتعال خارج المتحف وأيضا الاهمال فى تغيير الأسلاك الكهربائية البالية أولا بأول. وتعد البيئة المتحفية غير المناسبة للأثر، الخطر الثالث الذى يهدد المتاحف حيث الرطوبة والحرارة والاضاءة غير المناسبة فضلا عن الاهتزازات الناتجة عن حركة المواصلات، وهناك الملوثات من أتربة وحشرات وبكتيريا وفطريات، وهذا النوع من الأخطار أكثر شيوعا وخطورة على المقتنيات الأثرية وقد جاءت متاحف الوادى الجديد والإسماعيلية والمتحف المصرى ومتحف الاسكندرية القومى ومتحف رشيد على رأس قائمة الأكثر تعرضا لهذا الخطر ويعتبر متحفا السويس والنوبة أقل المتاحف خطرا.

الحلول العلمية

الحلول العلمية لإنقاذ المتاحف المصرية كما حددتها الباحثة من خلال الدراسة كان التأكيد بأن الموقع أحد أهم الأخطار التى تهدد متاحف المستقبل لذلك تطالب الدراسة بضرورة عمل دراسات جيولوجية وجيوفيزيقية للموقع، والتأكد من خلوه من مراكز الزلازل والموقع بالنسبة للمؤسسات الحيوية مثل دور العبادة وأقسام الشرطة والتى نطالب بإبعادها عن المتاحف مع تأمين شامل لدور العبادة الموجودة بجوار المتاحف، مثل متحف المجوهرات الملكية بالاسكندرية ومتحف ملوى المجاور له قسم شرطة ومجلس المدينة ومطرانية ملوي....كما فتوصى الدراسة بالابتعاد عن إقامة المتاحف على أطراف المدينة مثل متحف العريش ومتحف كهف روميل حتى لا تسقط فى اى صراع سياسي، أما بالنسبة للمتاحف القائمة توصى الدراسة بأن تضم عددا قليلا من المقتنيات الأثرية مع استكمال العرض بنماذج أثرية أخرى ....كما تتضمن توصيات الدراسة عدم إقامة متاحف أسفل الكبارى مثل متحف اخناتون الذى يجرى إنشاؤه حاليا بمحافظة المنيا والذى يتطلب زيادة فى الأمن والتأمين.

وتضيف الباحثة أنه بالنسبة للمتاحف التى تعانى مشكلات تسريب المياه يجب عزل الأسقف بالأساليب العلمية المناسبة خاصة متحف رشيد حيث إن أسقفه من الخشب ومع وجود المياه قد تسبب العفن وتضعف من مادة الخشب ويتفكك مع الوقت، وأيضا متحف الإسكندرية القومى لابد من استدعاء متخصصين فى المبانى لتحديد الضعف الذى حدث بالمبنى نتيجة تغلغل المياه بجدرانه كما توصى بضرورة الحفاظ على متحف المجوهرات الملكية وفحص الأسقف لرصد أى ترسيب للمياه بها ...وفيما يتعلق بمتحف رشيد توصى بضرورة الحفاظ على النسيج الموجود بالمتحف، وضبط البيئة المتحفية الموجودة بالوادى الجديد وتوفير درجات حرارة ورطوبة تتناسب مع المقتنيات حيث إن المتحف يقع فى بيئة ذات ظروف صحراوية تؤدى إلى تذبذب درجات الحرارة والرطوبة، وهذا يشكل خطرا أكبر على المقتنيات الأثرية.

مشكلات هندسية

عما تعانيه متاحف الإسكندرية من أخطار أجاب إبراهيم درويش مدير عام متاحف الإسكندرية الأسبق: بالنسبة للأخطار الطبيعية فهى قضاء وقدر، أما الأخطاء البشرية فلابد من متابعتها وحلها ومنها المعدات التى يتم استيرادها من الخارج بهدف تأمين المتاحف فهى لا تكون بالكفاءة المطلوبة، وعدم وجود الصيانة اللازمة لها، فمثلا متحف الإسكندرية القومى يعانى عددا من المشكلات منها تسريب لمياه الأمطار من خلال أجهزة التكييف وتتعاظم المشكلة بأن المبنى كان قائما بالفعل وهناك صعوبة لتعديله ولم يملك أحد من المسئولين حلها لأنها مشكلة هندسية فى المقام الأول.. وهناك أيضا مشكلة بوابة الأمن التى ظلت معطلة عشرة أشهر رغم أنها حديثة والنتيجة تفتيش الزائرين للمتحف تفتيشا ذاتيا، وكان أمرا غير مقبول منهم .. ومن المشكلات «التذاكر» التى كانت مميكنة فى بداية تشغيل المتحف وظلت معطلة لفترة طويلة رغم حداثة استيرادها مما اضطرنا إلى إصدارها يدويا.

وبالنسبة لمتحف المجوهرات فلأنه متحف مفتوح من كافة الجهات كان من السهل تهديده، ففى أثناء أحداث الفوضى بعد 25 يناير 2011 تجمع أكثر من ثلاثة آلاف شخص محاولين السطو عليه ولولا تدخل القوات المسلحة لتعرض للنهب بلا أدنى شك.

متاحف مشرفة

وتؤكد الدكتورة سلوى بكر أستاذ الآثار اليونانية والرومانية بجامعة طنطا أن متاحف مصر من «المتاحف المشرفة» على مستوى العالم وتضم أحدث التقنيات ولكن المشكلة فى قطع الغيار باهظة التكاليف لذلك فنحن نطالب باستخدام التقنيات الحديثة مصرية الصنع كى توفر لنا قطع الغيار فى حالة حدوث أي مشكلة. ومن الأخطاء البشرية أن بعض العاملين بالمتاحف ليسوا على المستوى المطلوب من الكفاءة والدراية بالأثر والأسلوب المتحفي، ولذلك لابد من إجراء اختبارات وعقد دورات لهم للوقوف على كيفية التعامل مع الأثر والزائرين.

 

رابط دائم: 

 

azazystudy

مع أطيب الأمنيات بالتوفيق الدكتورة/سلوى عزازي

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 79 مشاهدة
نشرت فى 3 ديسمبر 2018 بواسطة azazystudy

ساحة النقاش

الدكتورة/سلوى محمد أحمد عزازي

azazystudy
دكتوراة مناهج وطرق تدريس لغة عربية محاضر بالأكاديمية المهنية للمعلمين، وعضوالجمعية المصرية للمعلمين حملة الماجستير والدكتوراة »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

4,602,590