في كثير من الأحيان يضن الزوج علي زوجته بالكلمة الحلوة والمشاعر الدافئة, ناسيا أو متناسيا وقعهما الطيب علي المرأة. والسؤال: هل أغفلت الشريعة الإسلامية السمحاء الجانب النفسي في التعامل بين الزوجين؟ وما هي سنة رسولنا الكريم في معاملة زوجاته؟
وردا علي ما سبق يقول د. طه أبو كريشة عضو مجمع البحوث الإسلامية: يذكر القرآن الكريم الزواج باعتباره آية من آيات الله في الكون فيقول تعالي:ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة. إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون. وفي هذه الآية الكريمة تأكيد علي أن السكون النفسي والمودة والرحمة بين الزوجين هي مقومات الحياة الزوجية, وهذه المقومات كلها نفسية وليست مادية ولا معني للحياة الزوجية إذا تجردت من تلك المعاني وأصبحت مجرد أجساد متقاربة وأرواح متباعدة, بل إن القرآن والسنة يحثان الزوج علي حس الخلق مع الزوجة واحتمال الأذي منها فقال تعالي:وعاشروهن بالمعروف, وقال:والصاحب بالجنب. وذكر بعض العلماء في تفسير الآية الكريمة أن المقصود منها هو المرأة, وليس من حسن الخلق معها كف الأذي عنها فقط بل الحلم عند غضبها اقتداء برسول الله صلي الله عليه وسلم فقد كان يقول لعائشة رضي الله عنها:إني لأعرف غضبك من رضاك, قالت: وكيف تعرفه؟ قال:إذا رضيت قلت:لا ورب محمد, وإذا غضبت قلت: لا ورب إبراهيم, قالت: صدقت إنما أهجر اسمك. وكانت سيرته مع زوجاته مثالا للرقة والحنان فكانت إذا شربت إحداهن من الإناء أخذه فوضع فمه موضع فمها وشرب, وكان يتكئ في حجر عائشة ويقرأ القرآن, وكان يسرب إليها بنات الأنصار يلعبن معها, وكانت إذا هويت شيئا لا محظور فيه أعطاها إياه ووافقها عليه. وكان صلي الله عليه وسلم يبادل زوجاته الحب والإخلاص, ويعاملهن علي هذا الأساس, وحينما سأله عمرو بن العاص: من أحب الناس إليك؟ قال: عائشة, ولم يكن ذلك ليخجله أن يسمعه الناس وينقلوه عنه في كل زمان ومكان, بل إنه كان يحتفظ بحبه وإخلاصه لزوجاته ولو بعد أمد طويل, فحينما حاولت عائشة استكشاف مكانة خديجة عنده بعد وفاتها لم يسعه إلا أن يذكرها بخير وبر قائلا: آمنت بي إذ كفر بي الناس, وصدقتني إذ كذبني الناس, وواستني بمالها إذ حرمني الناس, ورزقني الله عز وجل منها بولد. وفي هذا درس عملي بليغ للأزواج الذين ينسون تضحيات زوجاتهم أو ينكرونها
وهو بعد كل هذا يحذر من تضييع الأهل, أو التقصير في القيام باحيتاجاتهن ومطالبهن فيقول: كفي بالمرء إثما أن يضيع من يعول.ومن مبادئ الإسلام السامية أنه اعتبر النساء شقائق الرجال, ومن هذا المنطلق وصفت عائشة أحوال النبي في بيته بأنه كان يعمل بيده, كما يعمل أحدكم في بيته, يخدم أهله, ويخيط ثوبه, ويحلب شاته, ويخدم نفسه, كما كان دائم البشر, سهل الخلق, لين الجانب, يتغافل عما لا يشتهي, ولا يتكلم في غير حاجة. وطالما كان يوصي بالنساء خيرا ويقول: لا يفرك- لا يبغض- مؤمن مؤمنة, إن كره منها خلقا رضي منها آخر, وقد نقل عنه أنه ما ضرب امرأة قط. وفي مجمل صفاته وحسن عشرته مع زوجاته وإكرامه لهن يصدق قوله ز س..
ساحة النقاش