العبث سيد الموقف. ذلك باختصار هو الوصف الأمثل لندوة' البحث والابتكار كمحركين للتنمية الاقتصادية' والتي نظمها وفد الاتحاد الأوروبي بالقاهرة منذ يومين.
المشاركون بالندوة من ممثلي السفارات الأوروبية والأكاديميين والمعنيين بسياسات البحث العلمي والصناعة جاءوا كي يناقشوا سبل تحويل مخرجات البحث العلمي لمنتجات تسهم في التنمية الاقتصادية. وقد بدا واضحا أن الوفود الأجنبية أكثر حرصا علي المشاركة مقارنة بالمسئولين المصريين. بعد سرد مطول عن ملايين اليوروهات التي أنفقت لبناء القدرات ومحاولة ربط الصناعة بالبحث العلمي دون أن تظهر شركة واحدة كنتاج لهذا الجهد والإنفاق السخي, لاحت أولي مواقف الفنتازيا حين أكدت مسئولة برنامج البحوث والابتكار التابع لوزارة البحث العلمي أن ميزانية البحث العلمي قد تضاعفت, علما أن القاصي والداني يعرف ماذا حدث بالمليار جنيه المخصصة للبحث العلمي من ميزانية العام الماضي. ثم أضافت المسئولة أن هناك إستراتيجية للبحث العلمي لكنها غير مصرح لها التحدث عنها أو عرضها. لم تكن الإجابة مقنعة, فطالب أحد ممثلي منظمة اليونسكو بالإفصاح عن الإستراتيجية لأنها في نهاية الأمر ليست سرا عسكريا. بعد دقائق من الشد والجذب, هدأت الأمور حين قالت د.هبة جابر مسؤولة البحوث بوفد الاتحاد الأوروبي إنه يمكن الاضطلاع علي الإستراتيجية علي الإنترنت. ظلت حالة السخرية المريرة تلوح بين الحين والآخر كلما ذكر أحد الخبراء الأوروبيين كلمة' الإستراتيجية' وأنها' بالتأكيد موجودة' ويمكن البناء عليها لتقدير احتياجات مصر العلمية للمرحلة المقبلة. سأل الأهرام عن القوانين واللوائح المعرقلة لدمج البحث العلمي بالصناعة, فتناوبت القامات المصرية التي تعتلي المنصة الميكروفون تسرد نفس الكلام الذي ذكر بالسؤال دون تحديد للمواد القانونية أو الآليات التي يجب أن تتخذ لتوفير بيئة أفضل للتعاون بين البحث العلمي والصناعة. المحزن, أنه منذ عام2008 لم يتم تحديث محاور إستراتيجية البحث العلمي أو الأولويات البحثية لتقييم ما أنفقته الدولة والجهات المانحة وما نحتاجه للسنوات القادمة وهو أمر يلام عليه الوزراء المتعاقبون عن تلك الفترة بمن فيهم د.نادية زخاري والتي تقدم الآن النصح والإرشاد للوزير الحالي وتلاحق الصحفيين قضائيا عما نشروه خلال إدارتها للوزارة, وتسبب- علي حسب زعمها في عريضة الدعوي-' في إقصائها من استكمال مهمتها في وزارة البحث العلمي' وكأن القيادة السياسية تعتمد فقط علي ما يكتب بالصحف دون بحث أو تقييم لإنجازات الوزراء وكفاءتهم المهنية. أخيرا يظل السؤال موجها إلي د.جورج ستينو ود.عصام حجي هل لنا أن نعرف رؤيتكما لاستراتيجية البحث العلمي خاصة وأن وفد الاتحاد الأوروبي سيعقد ندوة أخري يوم28 أكتوبر بالقرية الذكية عن البحث العلمية وحقوق الملكية الفكرية ونتمني ألا تتكرر تلك المأساة السابقة؟ أعلنوا عن رؤيتكما حتي لا تموت الأفكار حبيسة الأدراج.
رابط دائم:1
ساحة النقاش